الله له سببا لكن الاسباب لا تأتي نتائجها ولا توصل الى ثمارها الا بمشيئة الله فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وعلى هذا اذا اخذت سببا لامر من الامور الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين. لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله. صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان الله عز وجل اجرى هذا الكون على السنن وهذه السنن لا تختل ولا تنخرط. بل ان الله جل وعلا من بديع اتقانه لخلقه ان جعل تلك السنن جارية في كل شئ خلقه. لا يخرج عنها شيء مما خلقه الله تعالى. واما اجراه الله تعالى في شأن الخلق انه جعل لكل شيء سببا. فما من شيء في الدنيا الاخرة الا وله سبب. فمن ادرك ذلك السبب وعرفه واخذ به حصل ما يرتب على ذلك السبب من النتائج. والله تعالى يخلق ما يشاء ويختار فجدير بالمؤمن ان يدرك انه ما من شيء في الدنيا والاخرة الا له سبب وهذه الاسباب لا تعمل الا بمشيئة الله تعالى وارادته. فلو شاء الله لما انتجت ما رتب عليها ولو شاء الله لكان ما يؤمنه الانسان حاصلا من دون سبب لكن الجاري في الناس هو ان الاشياء تجري باسبابها. فالنار تحرق لكن لما شاء الله تعالى الا تحرق قال لها كوني بردا وسلاما على ابراهيم. وما من شيء الا على هذا النحو. فان الاسباب لا تثمر نتائجها ولا تأتي ثمارها الا ان يشاء الله جل وعلا. و بهذه النظرة التي تجمع بين النصوص وتدرك ما اجرى الله وتعالى عليه الكون يخرج الانسان من انواع من الضلالات في شأن الاسباب. فمن الناس من يعطل الاسباب ويلغيها كان شيئا يكون بلا سبب. وهذا خلاف ما اجرى الله تعالى عليه نظام الكون فان الاسباب تأتي بنتائجها بمشيئة الله تعالى وارادته فما شاءك وما لم يشأ لم يكن. ومن الناس من يغلو في الاسباب ويبالغ في التعلم بها حتى يغفل عن مسببها. ويكون في هذا التفات الى الادوات والالات عن من يجريها وعمن جعل الثمار مرتبة عليها وهذا لا يختلف عن الاول في انحرافه في شأن الاسباب. والعدل والميزان القسط والطريق قوية في شأن الاسباب ان يثبت العبد ما جعله الله تعالى سببا للاشياء لكنه لا قلبه الا بمسبب الاسباب. فالاسباب ادوات ومقدمات ان شاء الله تعالى جاءت بنتائج اي جهة وان شاء الله تعالى عطل عطل تلك الاسباب عن نتائجها. فبهذا الاعتداء وهذا التوازن والجمع بين اثبات السبب وعدم الركون اليه يسلم القلب من انحرافين في الاسباب انحراف اولئك الذين يعطلون الاسباب ويلغونها واولئك الذين غفلوا عن المسبب وتعلقوا بالاسباب. وكلاهما انحراف في ايمان العبد ونقص في توحيده او عقله. لذلك الطريق القوي هو ان تثبت الاسباب. وان تعتقد انه ما من شيء الا وقد جعل سواء كان في امر دينك او في امر دنياك سواء كان في امر حاظر او في امر سواء كان في امر الاولى او الاخرى تعتقد ان ذلك انما هو امتثال لامر الله في اخذ الاسباب وان الله عز وجل يبلغك ما تؤمن من تلك الاسباب اذا شاء جل في علاه والقضية فيما يتعلق بالاسباب قضية كبرى لان انواعا من الانحرافات في الاعتقاد والضلالات في العقائد تورط فيها كثير من الناس بسبب غفلتهم عن هذه القضية اليسيرة القضية سهلة الميسرة التي دل عليها الكتاب والسنة انه ما من شيء الا وله سبب لكن الاسباب ان شاء الله اتت بثمارها وان شاء عطلها وان الواجب على المؤمن الا يعلق قلبه بالسبب بل يعلق قلبه بمسبب الاسباب. من اذا شاء كان ومن اذا لم يشأ لم يكن. فما شاء كان وما لم يشأ الم يكن كما قال جل في علاه وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما. بهذا تنقطع كل الانحرافات فيما يتعلق بشأن الاسباب وتزول كل الضلالات المتعلقة هذا الاصل وبين يدينا جملة من الاحاديث جملة من الايات والاحاديث تتصل بما يجب ان ان يعتقده المؤمن في الاسباب وبعضها تبرز انواعا من الانحرافات التي يقع فيها الناس في شأن الاسباب. فنستمع الى ذلك عليه بما يفتح الله عز وجل رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء او دفعه. وقول الله تعالى قل افرأيتم مما تدعون من دون الله. ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات ضره عن عمران بن حصين رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا بيده حلقة من صبر. فقال ما هذه؟ قال من الواهلة قال انزعها فانها الا تزيدك الا وهنا. فانك لو مت وهي عليك ما افلحت ابدا رواه احمد بسند لا بأس به. وله عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه مرفوعا من تعلق تميمة فلا اتم الله له. ومن تعلق ودعة فلا ودعو الله له وفي لفظ من تعلق تميمة فقد اشرك. وعن حذيفة وعنه انه رأى رجلا في يده خيط من الحمى. فقطعه وتلا قوله تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الباب باب من الشرك. لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء او الشرك هو تسوية غير الله بالله. الشرك مداره على ان تسوي غير الله تعالى بالله يدل على ذلك ايتان في كتاب الله عز وجل الاولى قول الله عز وجل الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور. ثم الذين كفروا بربهم ايش اي يسوون غير الله بالله. فجعل الله عز وجل تسوية غيره به كفرا حيث قال اما الذين كفروا بربهم يعدلون. وفي وفيما ذكره الله تعالى وقصه من حال اهل الشرك الكفر عندما يصيرون الى النار وما يصيبهم من الحسرة والندامة ما ذكره في قوله تالله هذا من ما قصه الله من قول الكفار في النار تالله ان كنا لفي ضلال مبين. لماذا اذ نسويكم برب العالمين. اي ان نسويكم يا من كنا نعبدهم في الدنيا برب العالمين. فكل من سوى غير الله بالله فقد وقع في الشرك. كل من سوى غير الله بالله فانه في ضلال مبين. لا فرق في ذلك بين ان تسوي بالله ملكا ان تجعل غير الله من الملائكة او الانبياء او الرسل او الصالحين او الاشجار او الاحجار في منزلة الله ولا فرق في ذلك بين ان تسويهم بالله في كل شيء او في شيء من خصائص رب العالمين. حتى لا يقال انه لا يوجد احد يجعل غير الله في منزلة الله من كل وجه. الا المجوس الذين يجعلون غير الله كاله في الخلق والايجاب. لكن سائر اهل الشرك فان غير الله كاله في منزلة الله يسوون غير الله بالله في خصائص ولو كانت في جوانب من من خصائص رب العالمين. فكل من سوى غير الله بالله ولو في امر واحد او في شأن واحد فقد وقع في الشرك الذي يحبط العمل والذي يمنع المغفرة والذي يهلك به الانسان. اسألكم من الذي يأتي بالنفع الله من الذي يدفع الضر؟ من؟ الله جل في علاه. كلنا نوقن ونؤمن انه لا مانع علم اعطى ولا معطي لما منع جل في علاه. وانه لا يأتي بالمنافع والحسنات الا الله. ولا يدفع السيئات والمكروهات والمصائب والمضار الا الله. وهذا مقرر في كتاب الله عز وجل. في ايات كثيرة انه لا يجلب نفعا ولا يدفع ضرا الا رب العالمين. اذا كان الامر كذلك عندما يأتي من يعتقد ان غير الله يمكن ان يجلب نفعا كجلب الله او يدفع ضرا كالضر الذي يدفعه الله عز وجل استقلالا عن الله واما بان يجعله سببا وهو ليس كذلك. فكلا هذين الاعتقادين من الشرك لانه سوى غير الله بالله. وهذا معنى قول المؤلف رحمه الله في هذه الترجمة باب من الشرك. لبس الحلقة والخيط ونحوهما. يعني مما يلبسه الناس. سواء في ايديهم او في اعناقهم او في محمولاتهم كان يعلقه في بيته او في سيارته او في مكان عمله كل من علق شيئا سواء في نفسه او في شيء يتصل به لاجل رفع البلاء او دفعه فانه اعتقد ان هذا الشيء يجلب نفعا او يدفع ضرا. وبالتالي يكون وقد سوى غير الله بالله سوى هذه المعلقات بالله في جلب النفع وفي دفع الضر. ومن سوى غير بالله في جلب النفع ودفع الضر قد وقع في الشرك الذي يحبط العمل. ولهذا قوله الله باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لا تنحصر هذه القضية بهذين بهاتين الصورتين لبس الحلقة وهي ما يتحلق به الانسان في يده او في اصابعه او في غيره مما آآ يتحلق به الانسان لبس الحلقة والخير ونحوهما يعني ما شابههما. ومما يشابههما في في حياة الناس اليوم اساور الطاقة التي يلبسها بعض الناس تنشيط بدنه وتنظيم الدورة الدموية وما اشبه ذلك مما يقال انه ينتج عن لبس هذه الحلقة او هذه الاساور التي تسمى اساور الطاقة. فالقضية ليست محصورة بصورة انما هي بفكرة متى ما وجدت الفكرة باي صورة كانت سواء كانت هذه الصورة في حلقة او كانت في خير او كانت في اسبرة للطاقة او ما اشبه ذلك مما يجد في حياة الناس كله يندرج فيما جاءت به النصوص من النهي عن التعلق بغير الله. فقوله رحمه الله باب من الشرك لبس الحلقة والخير ونحوهما لرفع البلاء اي ازالة البلاء بعد نزوله او دفعه اي الوقاية منه قبل الحصول لان الذين يلبسون هذه الملبوسات يقصدون بها واحدا من امرين. الامر الاول رفع ضر نزل بهم. رفع ضر كشف ضر نزل به. الامر الثاني الوقاية وهو توقي ضر يخافونه او يخشونه. فكلا مما يندرج في ما ذكر المصنف رحمه الله من انه من الشرك. وقوله رحمه الله باب من الشرك الشرك يحتمل ان يكون شركا اكبر ويحتمل ان يكون شركا اصغر. وما الفارق بين الشرك الاكبر والشرك الاصغر؟ الشرك الاكبر يحبط العمل وصاحبه مهدد بقول الله عز وجل انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار. هذا في حق الشرك الاكبر بالاتفاق. اما الشرك الاصغر فان صاحبه على خطر ان يقع في الاكبر الذي ذكر الله تعالى عقوبة اهله. كما ان صاحبه على خطر في ان يمنع من المغفرة فقوله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. يشمل الشرك يشمل الشرك الاكبر وكذلك الشرك الاصغر في قول جماعة من اهل العلم فان الشرك الاصغر لا يغفره الله عز وجل بل يعاقب به صاحبه ويؤاخذ به وانما يغفر الله عز وجل للعبد ما كان من الذنوب والخطايا هنا الشرك بنوعين الشرك الاصغر والشرك الاكبر. ما يتعلق بالعقيدة اعتقاد ان غير الله يجلب النفع لذاته هذه عقيدة توقع صاحبها في الشرك بالله عز وجل في شرك الربوبية لماذا؟ لانه اعتقد ان غير الله يخلق وان غير الله يجلب النفع ويدفع الضر استقلالا عن الله وهذا خلل عظيم في الاعتقاد. ولو كان هذا في جزئية او في قضية آآ من قضايا حياتهم لا يلزم ان يكون هذا في كل شهر اذا اعتقد ان ما يلبسه يجلب النفع بذاته هذا الشيء بذاته يجلب نفعا وبذاته يدفع ضرا فقد وقع في الشريعة الشرك الاكبر وهذا يندرج في ما ذكره المصنف رحمه الله باب من الشرك لبس الحلقة والخيط الشرك هنا الشرك الاكبر وقد يكون شركا اصغر وهذا فيما اذا اعتقد ان شيئا يصلح ان ان يكون سببا لكن لا يدل على ذلك لا شرع ولا عادة وطبيعة. فاذا اعتقد في شيء انه سبب وليس بسبب يعني هو لا يقول انه يجلب النفع بذاته انما يجلب النفع على كونه سببا فيقال اذا كان هذا السبب لم يدل عليه كتاب ولا سنة ولا شرع ولم يثبت انه سبب في العرف والطبيعة والتجربة فان اثبات انه سبب من الشرك الاصغر. فقومي رحمه الله باب من الشرك لبس الحلقة والخير ونحوهما لدفع البلاء او رفعه يشمل النوعين يشمل الشرك الان قد يكون شركا اصغر وقد يكون شركا اكبر. المؤلف رحمه الله ذكر في هذا الباب اية وجملة من وحديثين واثرا. اما الاية فهي ما ذكره الله تعالى في سوء سورة الزمر يقول الله جل وعلا ولئن سألتهم هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولئن سألتهم من خلق والارض ليقولن الله هذا يقر به كل البشر وهو ما يتعلق بتوحيد الربوبية لا يخالف فيه الا الشذاذ من بني ادم. ولم يذكر ولم يذكر الله عز وجل في كتابه عن احد خالف في ذلك الا فرعون الذي قال انا ربكم الاعلى. واما وهذا وهذه دعوة كاذبة. منه يعلم انه فيها كاذب. ولذلك قال الله تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم. ظلما وعلوا. فما من احد من البشر الا ويوقن ان الله خالق كل شيء. ولهذا لن يناقش النبي صلى الله عليه وسلم قومه فيمن خلق السماوات والارض. انما جعل ذلك مقدمة لما بعده وهو ما يتعلق بتوحيد الالهية والا يعبد الا الله. ولان سألتهم من خلق السماوات والارض الجواب ليقولن الله اي سيقرون بان الخالق هو الله. بعد ذلك جاء السؤال جاء السؤال المرتب على هذه مقدمة قل اي يا محمد لهؤلاء الذين يقولون ان الله هو خالق السماوات والارض ولا خالق سواه ولا رب غيره جل ولا رب غيره جل في علاه قل افرأيته. اي اخبروني افرأيتم معناها اخبروني قل افرأيتم ما تدعون من دون الله اي ما تتوجهون اليهم بطلب المنفعة ودفع المضرة بالدعاء والعبادة بالسؤال والتعبد. افرأيتم ما تدعون من دون الله دعاء يشمل صورتين. اما التقرب بالعبادات والطاعات واما السؤال والطلب فكلاهما يسمى دعاء كلاهما يسمى دعاء الذي يصلي الذي يزكي الذي هذا يدعو لكنه يدعو بعمله لانه يصلي يسأل الله الجنة ويتوقى بذلك النار الذي يصوم الذي يحج الذي يحصي يبر والديه الذي يصل جيرانه وارحامه وما الى ذلك من عبادات هو يعبد الله عز وجل هو يدعوه وهذا دعاء العبادة. الذي يسأل يقول يا ربي اعطني كذا يا ربي ادفع عني الشر الفلاني. يا ربي اذهب لي كذا هذا يدعو ايضا دعاء مسألة فقوله تعالى قل افرأيتم ما تدعون من دون الله يشمل نوعية دعاء دعاء العبادة ودعاء المسألة يقول افرأيتم ما تدعون من دون الله؟ ان ارادني الله بضر هل هن كاشفات ضره؟ يعني ان ارادني الله عز وجل ما اكره مما يحصل لي به ضرر. هل هن كاشفات ضره؟ هل هن رافعات هذا الضر هل هن مزيلات؟ هذا الضرر الذي ارادني الله تعالى به او ارادني برحمة اي منفعة ومصلحة هو احسان هل هن ممسكات رحمته؟ هل يستطيعون ان يمنعوا رحمة الله تعالى من ان تنالني تنزل بي اذا اراد الله تعالى ان يرحمني يقول الله جل وعلا بعد ان جاء السؤال الجواب لم يذكره لانه واظح وجلي انما انتقل الى الجواب بما يدرك الانسان به كل ما يؤمله ويتوقى به كل ما يخافه ويضره. قل حسبي الله