الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين. نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. الادب الثامن قال ويستحب استتاره اي ان يستتر بان لا يبدو شيء من عورته ولا يرى شيء من بدنه وهو على حاجته فالاستتار هنا يشمل ستر العورة ويشمل ستر الشخص نفسه. قوله رحمه الله يستحب استتاره اي ان ان يتوارى بحيث لا يرى وهو على حاجته. وليس المقصود بالاستتار هنا ان يستر عورته لان ذلك واجب وليس مستحبا. فالاستتار هنا هو الا يرى وهو على حاجته. لان حال يطلب فيها الستر وهي مما يتنزه الانسان وذوي المروءات ان يروا وهم عليها. والدليل لهذا ما اشار اليه بقوله في حديث ابي هريرة من اتى الغائط فليستتر قوله صلى الله عليه وسلم فليستتر يشمل العورة وجوبا اي فليستر عورته عن ان يراه احد ويشمل ان لا يراه احد وهو على هذه الحال وان لم يرى عورته. وهذا على وجه الاستحباب وهو الذي اراده المصنف رحمه الله بقوله ويستحب ستاره اي عن نظر الناظرين ورؤيتهم. وهذا الحديث الذي استدل به المؤلف رحمه الله فيه رجل مجهول ولذلك ضعفه جماعة من اهل العلم فقال الحافظ بن حجر في تلخيص الحبيب قال مداره على ابي سعيد الحبراني وفيه اختلاف والراوي عنه حصين قال بعد ذلك وارتياده لبوله موضع الاخوان. اجتياده اي طلبه هذا الادب هذا هو الادب التاسع من اداب قضاء الحاجة ومستحباتها ارتياده اي طلبه لبوله موضعا رخوا اي عند التبول يطلب مكانا رخوا قال بتثريث في الراء اخوا رخوا رخوا. واما المعنى قال لينا هشا لينا هشا. وعلة ذلك لاجل ان لا عليه البول هذا العلة في هذا الادب. قال لحديث اذا بلى احدكم فليرتد لبوله رواه احمد وغيره والحديث في اسناده مقال ففيه رجل مجهول وقد ضعفه النووي رحمه الله قال وفي التبصرة ويقصد مكانا علوا اي عند قضاء الحاجة اي مكانا مرتفعا. قال ولعله لينحدر عنه يعني لعل وجه هذا الاستحباب لينحذر عنه يعني لان لاجل ان يكون البول اذا جرى يجري بعيدا عنه فان لم اذ ما كان الاخوا اذا لم يتيسر له الموضع الذي يأمن فيه من ترادي بوله الصق ذكره اي في موضع قضاء الحاجة ليأمن بذلك من رشاش البول. وهذا الذي ذكره لا دليل عليه بل الذي ينبغي ان يجري على اعتياده ويتوقع رشاش البول ما استطاع الى ذلك سبيلا. واما ما ذكر من ان يلصق ذكره بالارظ فهذا قد لا يتيسر وليس من السنن والاداب لكن يمكن ان يستدله بمعنى الحديث يعني لو قال قائل من اين اتى بهذا الاستحباب اذا لم يجد مكانا رخوا يقال ان هذا لاجل تحقيق المعنى الذي من اجله قال صلى الله عليه وسلم اذا بال احدكم فليرتدي لبوله. فان ذلك غرضه وغايته تلقي ارتداد البول. وعلى كل حال يفعل كل ما يكون سببا لتوقي رشاش البول وعوده اليه. قال رحمه الله ويستحب مسحه بيده هذا هو الادب العاشر الذي ذكره المصنف رحمه الله من اداب قضاء الحاجة يستحب مسحه اي ان يمسح بيده اليسرى اذا فرغ من بوله من اصل ذكره اي من حلقة دبره. فيضع اصبعه الوسطى تحت الذكر والابهام فوقه ويمر بهما الى رأسه اي رأس الذكر. ثلاثا اي يكرر هذا ثلاث مرات. والعلة في هذا قال لئلا يبقى من البول فيه شيء يعني في مجراه وهذا الاستحباب لا وجه له ولا دليل عليه بل هو من الافعال التي تورث الوسواس كما انها من الافعال التي تسبب الظرر للانسان فان تكرار هذا الفعل يرخي مجرى البول فيكون سببا للتقطير التنقيط قال في الادب الحادي عشر ويستحب نتره ثلاثا. ايستحب نتره بالمثناة ثلاثا اي نثر ذكره ثلاثا والنتر هو شد عضلة الذكر هذا معنى النثر النتر هو شد عضلة الذكر لاجل ان يخرج ما بقي في مجرى البول ولهذا قال ليستخرج بقية البول منه اي من ذكره. واستدل له بقوله لحديث اذا بال احدكم فلينثر اقرأوا ثلاثا رواه احمد وغيره. وهذا الحديث من رواية يزداد وهو احد رواة الحديث ظعيف وكذلك الراوي عنه ظعيف و لهذا عامة اهل العلم على ان هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتالي النكر ليس مستحبا وليس له اصل في هدي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم قال المصنف رحمه الله في الادب الثاني عشر وتحوله من موضعه ليستنجي في غيره ان خاف تلوثا باستنجائه في مكانه لان لا يتنجس. قالوا يستحب تحوله اي انتقاله بعد فراغهما قضاء حاجته من البول او من الغائب يتحول من موضعه موضع قضاء الحاجة ليستنجي اي ليقطع اثر الخارج سواء بالماء او بالحجارة ونحوها. وقيد هذا الاستحباب فيما اذا خاف تلوثا. فان كان لا يخاف تلوثا فانه لا يستحب او الانتقال من موظعه. ولقائل ان يقول اين الدليل على هذا الاستحباب؟ فالاستحباب حكم شرعي يحتاج الى اصل. فالجواب ان الاستحباب في مثل هذه السياقات هو ما ذهب اليه الفقهاء رحمهم الله من استحباب كل ما يحقق المعنى الشرعي الذي دلت عليه الادلة. فالمعنى الشرعي الذي دلت عليه الادلة هو توقي البول واغلظ منه الغائط فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر كما في الصحيحين من حديث ابن عباس في خبره عن الرجلين صحب القبرين انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير قال اما احدهما فكان لا يستتر من البول وفي رواية لا يستنزه من البول والاستتارة والاستنزاه هو طلب الوقاية من ان يصيب الانسان شيء من البول والخارج من السبيلين. فلما كان المطلوب هو هذا المعنى جعلوا كل ما يحققه مستحبا ولو لم يرد بخصوصه دليل يخصه قال رحمه الله لان لا يتنجس الثالث عشر من اداب قضاء الحاجة قال ويبدأ ذكر وبكر بقبل اي بتطهير قبل وتنجيته لئلا تتلوث يده اذا بدأ بالدبر وتخير ثيب اي ان الثيب يستوي ففي حقها البداءة تنجية القبل والدبر. وهذا دليله وما تقدم من ان المطلوب هو الاستنزاه والاستتار من قال بقول ما حقق ذلك فانه مستحب مطلوب وبهذا يكون قد فرغ المؤلف رحمه الله من ذكر الاداب والمستحبات في قضاء الحاجة. بعد ذلك انتقل الى القسم الثاني وهو المكروهات. يقول رحمه الله ويكره دخوله هذا فروع في ذكر ما يتصل بالقسم الثاني من الاقسام التي ذكرها في باب الاستنجاء. وهو ما يكره عند قضاء الحاجة. وابتدأ بما يكره عند الدخول. فقال ويكره دخوله بشيء فيه ذكر الله. قال يكره دخوله اي دخول الخلاء ونحوه يعني وموضع قضاء الحاجة في غير البنيان بشيء فيه ذكر الله تعالى بشيء يعني باي شيء سواء كان ذلك في اوراق او في لباس سواء كان ذلك في اه خاتم او نحوه. قال غير مصحف في حرم اي احرم دخول الخلاء بالمصحف وظاهر قوله انه لا فرق بين ان يكون المصحف ظاهرا او في كمه ونحو ذلك. قال رحمه الله الا لحاجة اي تزول الكراهة للحاجة وهذا جاري على القاعدة في ان المكروهات تبيحها الحاجات فاذا احتاج ان يدخل شيئا فيه ذكر الله فلا حرج عليه للحاجة. قال لا دراهم ونحوها اي لا يكره ادخال فاهم ولو لم يكن حاجة وذلك لان في توقي ادخالها الخلاء مشقة على الناس وظررا بتلف اموالهم وضياعها وقوله رحمه الله وحرز والحرز هو ما يكتب لحفظ صاحبه ولذلك سمي حرزا سواء كان ذلك مما يكتب فيه ايات من ذكر الله عز وجل من القرآن الحكيم او كان مما يكتب فيه ادعية وتعويذات يقصد بها الوقاية من الشر من العين او السحر او الحسد. وهل يؤخذ من هذا جواز الحروز وجواز تعليقها على البدن؟ الجواب لا يستفاد هذا من مثل هذا السياق. فان الفقهاء رحمهم الله يذكرون الاحكام المتعلقة بامر ما دون نظر الى حكم الاصل بل هم يتكلمون عن في مثل هذا السياق يتكلم عن دخول الخلاء وليس عن حكم الحرص هل يجوز او لا يجوز؟ وذلك ان الحرز اختلف فيه العلماء رحمهم الله بل احيانا قد يذكرون حكم امر محرم ثم يذكرون ما يترتب عليه. فيقولون فلو شرب الخمر وقتل هذا لا يعني ان شرب الخمر جائز وانما هو بيان الحكم المترتب على هذا الفعل في هذه الحال. فلا يلزم من ذكر شيء من الاعمال التي اتفق على تحريمها او اختلف فيها ان ذكرها وبيان ما يترتب عليها او ما يتعلق بها من حكم يفيد حكم ذلك الفعل جوازا او تحريما اباحة او منعا. قال ويجعل فص خاتم احتاج للدخول به بباطنك يمنى اي اذا دخل بشيء فيه ذكر الله مما يلبس كالخاتم فانه ان احتاج للدخول به لخشية ظياعه يجعل فصه وهو موضع كتب ذكر الله عز وجل اذا كان قد كتب فيه ذكر الله بباطن كف يمنى دليل هذا ما جاء في حديث انس رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا دخل الخلاء وضع خاتمه وهذا الحديث ظعفه عامة المحققين من المحدثين وهو كما ذكروا ظعيف الاسناد لكن المعنى الذي تظمنه عليه عامة اهل العلم وهو طلب التخلي عن ما فيه ذكر الله عند دخول الخلاء والعلة في صيانة ما فيه ذكر الله من الامتهان. فهذا الحديث وان كان ضعيفا وفي اسناده مقال الا ان المذاهب الفقهية الاربعة وغيرها على انه يكره الدخول بشيء فيه ذكر الله تعالى. ومما يدل على كراهية ذلك ما جاء اصحاب السنن من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه ان رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه السلام صلوات الله وسلامه عليه حتى فرغ فرد عليه السلام وقال اني كرهت ان اذكر الله الا على طهارة. والحديث عند اصحاب السنن وجه الاستدلال به صحة ما ذكروا هنا من كراهية دخول الدخول بشيء فيه ذكر الله الا لحاجة قالوا اذا كان ذكر الله تعالى انسان يصان عن الخلاء فعما كتب عليه اسمه جل وعلا اولى. قال رحمه الله ويكره رفع ثوبه قبل دنوه اي قربه من الارض بلا حاجة في رفع شيئا فشيئا ولعله يجب ان كان ثم من ينظره قاله في مبدع هذا هو ثاني ما ذكره المصنف رحمه الله من المكروهات التي ينبغي توقيها وهو اكمال رفع ثوبه قبل دنوه يكره ان يستكمل رفع ثوبه قبل دنوه من الارض. قال ويكره تكامل في بعض النسخ استكمال رفع ثوبه قبل دنوه اي قربه من الارض وقوله بلا حاجة يعني دون ان يكون هناك ما يدعو الى ذلك ولم يذكر دليل الكراهة الا ان دليل الكراهة معلوم من ان الواجب حفظ العورات وسترها وفي رفع ثوبه قبل دنوه كشف لعورته التي امر بصيانتها وسترها. كما سيأتي في ما يذكره المؤلف رحمه الله. والرواية الثانية انه يحرم استكمال رفع ثوبه قبل دنوه من الارض. لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بهز ابن حكيم عن ابيه عن جده لما سأله عن العورة قال عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال ان استطعت الا يرينها احد فافعل. فقال يا رسول الله فاذا كان احدنا خاليا قال فالله احق ان يستحيا منه من الناس. ولكن الاقرب والله تعالى اعلم الرواية الاولى التي قررها المؤلف وهي المذهب انه يكره ولا يحرم وجزم بها ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة وقوله فيرفع شيئا فشيئا يعني يتدرج بالرفع قال ولعله يجب اشارة الى انه اذا كان هناك من ينظر الستر واجب لما تقدم من وجوب ستر العورات كبدل عليه الحديث. قال رحمه الله ويكره كلامه فيه ولو برد سلام. هذا ثالث ما ذكره المصنف من المكروهات وهو الكلام في الخلاء والكلام هنا المقصود به مطلق الكلام سواء كان في امر دنيا او في مصالح الانسان على وجه العموم او في لغو الكلام وما يكون لا مصلحة فيه. كله داخل فيما ذكر من كراهية الكلام في الخلاء قال ويكره كلامه فيه اي في الخلاء. قال ولو برد سلام يعني ولو وجد موجب للكلام. هذا مقصوده بما ذكر من امثلة ولو برد سلام وان عطس حمد بقلبه يعني دون ان يصدر منه لفظ فيكتفي بحمد القلب وبه يعلم انه لا فرق في ذلك في الكلام المكروه بين ان يكون مخافته او يكون جهرا وكذلك اجابة واذن فانه يكره ان يجيب بلسانه ولذلك المذهب قال قالوا يجيب بقلبه لا بلفظه وهذا هو الصحيح من المذهب والرواية الثانية عن الامام احمد انه لا يكره كل ما كان من الاذكار التي لها سبب. والذي يظهر والله تعالى اعلم انه ينبغي صون الانسان عن قول شيء من الكلام الا ما دعت اليه حاجة ماسة او ضرورة كتحذير ضرير غافلة عن هلكه ولذلك قال ويجب عليه تحذير ضرير وغافل عن الهلكة. والموجب لهذا ان النبي صلى الله عليه وسلم سلم عليه رجل فلم يرد عليه السلام حتى قضى حاجته وهذا دليل على ان الكلام مكروه ولو وجد سببه ولكن ما له سبب من القول فانه يشرع ان يقضيه بعد فراغه من الحاجة. ولذلك رد عليه السلام بعد ان قضى حاجته صلى الله عليه وسلم وتيمم. فقوله يكره كلامه فيه ولو برد سلام بيان انه يكره سواء وجد موجب للكلام او لم يوجد قال وجزم صاحب النظم بتحريم القراءة في الحش اي في مكان قضاء الحاجة. القراءة هي قراءة القرآن وسطحه لان هوى له حكم القرار وهو متجه على حاجته. قوله رحمه الله وهو متجه على حاجته اي متجه القول بالتحريم وهو على حاجته يعني القراءة لها علان في الحج وهو على غير حاجته وفي الحش وهو على حاجته ومثله اذا كان في غير كنيف فانه يحرم ان يقرأ القرآن وهو على حاجة ولو لم يكن في حش بان كان في صحراء ثم قال رحمه الله ويكره بول في شق ونحوه. هذا رابع ما ذكره من المكروهات وهو البول في الشق ونحوه اي من مما يكون في الارض من الفتوق والشقوق. قال يكره بول في شق بفتح الشين ونحوه اي وما يشبهه او كسرب وهو فتق في الارض. قال ما ما يتخذه الوحش والدبيب بيتا في الارض. وذلك لما من الظرر بالبول في هذه المواضع. قال ويكره ايضا بوله في اناء بلا حاجة لما فيه من تنجيس الاناء ومستحب من غير مقيد او مبلط يعني ويكره ايضا البول في مكان استحمام وهو جريان الماء الحار غير مقير او مبلل لانها غير المقير او المبلغ لا يجري فيه البول في مجرى يبعد عن الانسان بل يبقى عالقا بموضع تحمامه قال رحمه الله ومس فرجه هذا خامس ما ذكره من المكروهات. وقوله رحمه الله ومس فرجه يشمل القبل والدبر او فرج زوجته بيمينه. وهذا حكم يشمل حال قضاء الحاجة وفي غير حال قضاء الحاجة. وهذا لان اليمين لا تكون الا فيما يكون من المستحبات والفظائل وتصان عن المستكبرات والقبائح لكن الحكم هنا عام بحال قضاء الحاجة وغيرها. ولهذا قال ويكره استنجاؤه واستجماره بهما. فانه اذا استلجأ واستجبر بهما كان هذا مباشرة لموضع الخارج ومباشرة للنجاسة واثرها. الا انه يتأكد فيما يتعلق هذا الادب السابق والادب الخامس مسوا قول ومس فرجه او فرج زوجته ونحوه بيمينه قلنا هذا يشمل حال قظاء حاجة وفي غير قضاء الحاجة. فالنهي عن مس الفرج في كل الاحوال. لحديث لا يمسكن احدكم ذكره بيمينه. قال ولا مسح من الخلاء بيمينه فشمل النهي الحالين والادب السادس ويكره استنجاؤه واستجماره بها استنجاؤه اي استعمال الماء في ازالة اثر الخارج واستجمار واستجمار استعمال الحجارة ونحوها في اثر الخارج بيمينه لحديث لا يمسكن احدكم ذكره بيمينه وهو يبول ويتمسح من الخلاء بيمينه. متفق عليه. قال واستقبال النيرين. لان نقف على هذا والله تعالى على علم وصلى الله وسلم على نبينا محمد