الحمد لله رب العالمين احمده حمدا يوجب عطاءه ويفتح ابواب زواله لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته وارتفع اثره باحسان الى يوم الدين. اما فالله جل وعلا انزل هذا القرآن العظيم شفاء لما في الصدور كما قال سبحانه يا ايها الناس قد جائتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون فاخبر الله تعالى في هاتين الايتين عن عظيم ما من به على البشرية من انزال القرآن العظيم. وان لم تأتي الا بما فيه صلاح الناس في معاشهم ومعادهم ولا يمكن يقينا ان يمنع الله تعالى الناس شيئا فيه مصلحة فان الله عز وجل غني عن ان يمنع الناس ما فيه مصالحهم. بل الله جل هذا القرآن يدرك به الناس صلاح قلوبهم واستقامة احوالهم وشفاء صدورهم ورحمة ربهم التي بها يصل اليهم كل خير في الدنيا والاخرة. في الدنيا بطمأنينة القلوب وصلاحها واستقامتها وانتفاء المنغصات التي تكدرها وفي الاخرة في الجنة التي اعدها الله تعالى لعباده الصالحين. واعد لهم فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فمن اقبل على هذا الكتاب الذي اخبر الله تعالى عن فضائله وخيراته وما يناله الانسان به ادرك سعادة الدارين ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. والقرآن العظيم شفاء لما في الصدور في اصله وذلك انه يجلو عن القلوب كل ما ينغصها وكل ما يصرفها عن طمأنينتها وسعادتها. قال الله تعالى الا بذكر الله تطمئن القلوب فلذلك جدير بالمؤمن ان يداوي امراظ قلبه بكتاب ربه تلاوة وتدبرا وفهما اتعاظا وامتثالا وعملا فان ذلك يجلب له كل خير في الدنيا والاخرة. كما ان القرآن يستشفى به من امراض الابدان لكن ذلك على وجه التبع. والا فالاصل ان القرآن شفاء لما في الصدور. وقد قال الله تعالى من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. وذلك شامل لشفاء القلوب اساسا واصلا وابتداء وشفاء الابدان تبعا لذلك فان كلام الله تعالى له من التأثير ما وصف رب العالمين في قوله لو نزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون. فاذا كان هذا تأثير القرآن على جبل صلد فكيف بتأثيره على قلوب تعيه؟ وتؤمن به وتنفعل لما فيه من والعبر لا شك ان تأثيره اكبر. وقد قال الله تعالى في بيان اثر القرآن ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى. بل لله الامر جميعا. اي لو كان ثمة شيء لو كان هناك شيء يقرأ فيحصل من قراءته. هذا الذي ذكر من تسيير الجبال بنقلها من اماكنها وتقطيع الارض ومخاطبة الاموات لما كان الا هذا القرآن. وهذا يبين عظيم تأثيره. وانه كبير اثر على كل ما بلغه ووصله. كيف لا وهو كلام رب العالمين جل في علاه سبحانه وبحمده لذلك جدير بالمؤمن ان يطلب شفاء قلبه وشفاء ادوائه من هذا القرآن العظيم فانه لا عدل له ولا نظير. في التأثير والاصلاح. وبقدر استمساك الامة اجتماعات وافرادا بهذا الكتاب بقدر ما تنال من خير الدنيا والاخرة وتخرج وتخرج به من ظلمات الدنيا الى انوارها ومن ظلمات الاخرة الى ظياعها. فجدير بنا ان نقبل على القرآن وان وان نتخذه شفاء اول ما يكون لقلوبنا. بتطهير قلوبنا من الشرك. وهو تسوية غير الله بالله في اي شعر من الشؤون؟ والثاني بتطهير قلوبنا من النفاق. فانه من اعظم ما يفسد القلوب ثالث تطهير قلبنا من الافات والمعاصي. القلبية كالكبر والعجب والرياء والحقد والحسد والغل وما الى ذلك من افات القلوب. فاذا تطهر القلب من هذه الافات كان قلبا سليما. واذا حصل المؤمن قلبا سليما فهنيئا له فانه قد اخذ بسبب من اعظم اسباب النجاة يوم القيامة. يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم. وسلامة القلب يوم القيامة ليس شيئا يكتسب في ذلك اليوم. بل هو شيء يمهد له ويعمل لتحصيله من هذه اللحظة من هذه الدنيا لذلك قال يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم اتى اي جاء وقد استصحب معه قلبا سليما من الشرك سليما من النفاق سليما من الافات والمعاصي والسيئات. لذلك ينجو وهذه هي المرتبة الاولى هذا اداء اقل ما يكون ان يكون القلب سليما. فكيف اذا كان القلب عامرا بمحبة الله عز وجل؟ كيف حال المرء اذا رجع يوم القيامة وقلبه مملوء بتعظيم الله واجلاله. كيف يكون حال العبد اذا وفد على قلبه على ربه جل وعلا بقلب صالح لا شك ان انه سيدرك من سعادات الاخرة وفوزها وسبقها ما لا يدركه غيره اذا كانت السلامة من الشرك والنفاق والافات والمعاصي والسيئات توجب الامن في ذلك اليوم فكيف بالقلوب السابقة الى محبة الله القلوب السابقة الى رضوانه القلوب السابقة الى ما امر به الرقى والتمائم على ما ذكر المؤلف رحمه الله من الاحاديث النبوية والاثار عن سلف الامة فيما يتصل بهذين وهما بابان ما احوج الناس الى فقه النصوص فيهما ذلك ان الرقية باب عظيم جل في علاه لا شك انه سيكون من اولئك الذين قال الله تعالى فيهم والسابقون السابقون. اولئك يتقربون نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجعلنا منهم وان يعيننا على السبق اليه بقلوبنا واعمالنا وسائر احوالنا وان يجعل ذلك مما نسر به اذا لقيناه. نستعين الله عز وجل بالقراءة في شيء يتعلق بصلاح القلوب وصلاح الاعمال والابدان وهو ما ذكره الامام محمد بن الوهاب رحمه الله في باب الرقى والتمائم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى باب ما جاء في الرقى والتمائم في الصحيح عن ابي بشير الانصاري رضي الله عنه انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره فارسل رسولا. فارسل رسولا الا يبقين في رقبة بعير من وتر او قلادة الا قطعت. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الرقى والتمائم والتولة شرك رواه احمد وابو داوود وعن عبد الله ابن عكيم رضي الله عنه مرفوعا من تعلق شيئا وكل اليه رواه احمد احمد والترمذي التمائم شيء يعلق على الاولاد عن العين لكن اذا كان من القرآن ترخص في بعضهم وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهي عنه منهم ابن مسعود رضي الله عنه والرقاهية التي تسمى العزائم وخص منه الدليل ما خلى من الشرك. فقد رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحمى. والتولة شيء يضعونه يزعمون انه يحبب المرء الى زوجها والرجل الى امرأته. وروى الامام احمد عن ويفع رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رويفع لعل الحياة ستطول بك فاخبر الناس فمن عقد لحيته او تقلد وترى. او استنجى برجيع دابة او عظم فإن محمدا صلى الله عليه وسلم بريء منه. وعن سعيد ابن جبير قال من قطع تميمة من انسان كان كعدل رقبة رواه وكيع وله عن ابراهيم قال كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن. باب ما جاء في الرقى والتمائم. الرقى والتمائم شيئان يستعملهما الناس في امرين الامر الاول في دفع البلاء والوقاية منه. والامر الثاني في كشف البلاء وازالته ورفعه هذا ما يقصده الناس من الرقى والتمائم. اما الدفع والوقاية واما الرفع والكشف والازالة. ولذلك جاء المؤلف رحمه الله بجملة من الاحاديث التي تبين شأن الرقى والتمائم وما جاء في هذا الامرين عن نبينا صلى الله عليه وسلم. الرقى والتمائم هي من الاسباب التي تدرك بها بعض المطالب. لكن الاسباب نوعان اسباب مشروعة جاء الشرع باقرارها والندب اليها. واسباب محظورة. منعها الله ورسوله ولذلك ليس كل سبب يؤتي نتيجة يؤملها الانسان يكون والسبب صحيحا في ادراك المطلوب. فان النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل يعمل بالطب عن الخمر يجعلها في ادويته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا انها داء وليست بدواء. انها داء وليست بدواء. وقد درج عمل كثير من الاطباء في ذلك الزمان والى يومنا هذا ان يطبب الناس بشيء من الخمور وذلك لبعض ما فيها من المنافع التي تدرك بها بعض المصالح فان الله عز وجل لما ذكر سؤال الناس عن الخمر والميسر قال يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع الناس ومن المنافع ما يمكن ان يكون من حصول بعض المطالب كالشفاء من بعض الاسقار كنا ما في الخمور من الظرر وعظيم الاثر المفسد للقلوب والاعمال والعقول الاموال كانت الشريعة مانعة له لان اثم الخمر ومفاسده اعظم من مصالحه. وهذا يبين انه ليس كل ما يدرك به الانسان نتيجة يدل على انه طريق صحيح لحصول تلك النتيجة بل لابد في السبب ان يكون مأذونا به شرعا. ان يكون مما لا محظور فيه ان يكون خير اكثر من ضره ان تكون مصلحته اربع واعلى من مفسدته. فان كان ان كانت المفسدة مساوية للمصلحة او كانت المفسدة اعلى من المصلحة فان الشريعة الحاكمين رب العالمين ارحم الراحمين تمنع ذلك لما في ذلك من الظرر على بني ادم. والشريعة قال سخر لبني ادم ما في السماوات وما في الارض. جميعا منه سخر ذلك لمصلحة بني ادم. اتظنون ان الذي سخر ما في السماوات وما في الارض لبني ادم يمنعهم شيئا فيه مصالحهم ومنافعهم؟ الجواب لا يمكن ذلك. ولكن هذا وهم يقع فيه بعظ الناس ويظن ان الله يمكن ان يمنع شيئا فيه مصلحة للناس وهذا محال لمن ادرك احكام الشريعة وحكمها واسرارها. فليس في الشريعة ما يمنع ما فيه مصلحة. بل الشريعة دائرة على جلب المصالح ودفع المضار ولكن تقدير المصلحة والمفسدة قد فيها الفهم ويزل فيها الذهن ويقع فيها الانسان في الخطر والخطأ. فيظن ما فيه ظرر ان فيه مصلحة. ويظن ان الخير في الشر واظن ان المنافع في في المضار لذلك ينبغي ان يتأمل الانسان كلما نهى الله تعالى عنه ليس فيه مصلحة بالاطلاق بل هو مضرة على الناس ليس فقط في اخراهم بل في عاجل ايامهم وحياتهم ومعاشهم. فهو مفسدة في الدنيا وفي الاخرة. اذا كان الامر على هذا النحو انه لابد في الاسباب ان تكون اسبابا صحيحة ولا يكفي في صحة السبب ان يكون الانسان يدرك النتيجة من المقدمة. يعني لا يكفي في تصحيح امر او فعل انه اتى بنتيجة. فان النتيجة ليست كافية في تصحيح ارأيتم فقيرا ليس عنده مال؟ اراد ان يغتني ويكف نفسه عن الحاجة الى ناس بدأ يسرق من اموال الناس حتى حصل من المال ما تحصل له به الكفاية. حصل نتيجة او لم يحصل حصل ما يؤمن بسبب من الاسباب لكن هل هذا السبب صحيح؟ الجواب لا. كونه ادرك غنا يغنيه عن الناس بهذا الطريق لا يعني ان ذلك الطريق صحيح بل هو طريق فاسد. وان اتى نتيجة فليس كل ما اتى بالنتائج والمطالب يكون صحيحا. وهنا يبطل احتجاج كثير من الناس بطرق منحرفة واساليب مبتدعة طرائق منهي عنها على انها تؤدي الى النتائج. فتجد بعض الناس على سبيل المثال ممن فتنوا بالقبور يقولون قبر فلان من الصالحين مجرب. يعني انه اذا ذهبت اليه ودعوت الله عنده او تقربت الله عنده بشيء من القربات نلت ما تؤمل. فيكون هذا دليلا على صحة المجيء الى القبر الى قبر هذا الصالح لادراك ما تؤمن وما تطلب. فيقال هذا هذه مقدمة غلط ونتيجة ليست بصحيح فليس كل ما اتى بنتيجة تؤملها يكون صحيحا وسليما ومأذونا به شرعا. هذا من الاصل انه لا يجوز الاستدلال على صحة الفعل والسبب بحصول النتيجة والمقصود. بل لابد من النظر في السبب هل هو صحيح بميزان الشرع؟ وعلى وفق ما جاء به الادلة من الكتاب والسنة او لا؟ فان كانت الادلة دالة على صحة الفعل فعند ذلك يكون الطريق صحيحا مقبولا والا فانه مردود. الرقى والتمائم طريقان من الطرق التي يسلكها الناس في مطالبهم من دفع البلاء والمرض والشر او رفعه اذا نزل بهم ولما كانت الرقى والتمائم منها ما هو مأذون فيه. ومنها ما هو ممنوع كان ذلك على نحو ما ذكره المؤلف من عدم البيان لحكمها. حيث قال باب ما جاء في الرقى والتمائم باب ما جاء في الرقى والتمائم اي من الاثار والاحاديث التي التي يتبين بها حكم هذه الاشياء وساق في جملة من الاحاديث. اولا ما هي الرقى؟ وما هي التمائم؟ عرفها المؤلف رحمه الله في كلامه. لكن في مقدمة الحديث نقول الرقى رقية والرقية هي كلمات يتكلم بها الانسان يرجو بها دفع بلاء او رفعه. واما التمائم فالتمائم جمع تميمة والتميمة فعيلة بمعنى مفعلة. اي متممة تمائم هي ما يقصد به ما يقصد به الانسان تتميم نقص. في شأنه اما تتميم عافية او تتميم صحة او تتميم شفاء او ما الى ذلك مما يقصد يقصده الناس من التمائم وبينهما فرق اذ ان الرقى جاءت فيها النصوص على نحوين يعني جاءت النصوص فيها على صورة مأذون فيها وهذه السورة الاولى وسورة ممنوعة. اما التمائم فانه لم يأتي فيها هذا التفصيل في النصوص فلم يأتي في التمائم نص نبوي يأذن بها ونص نبوي ينهى عنها بل كل ما جاء من النصوص في شأن التمائم جاء على نحو من المنع والنهي. فيما يتصل بالرقى وهي ما يقرأ وما يتلى من الكلمات التي يقصد بها رفع البلاء او دفعه هي نوعان واما التمائم فانها في غالب النصوص جاءت على نحو واحد. نطلع بعد هذا التعريف الموجز من ابواب الزلل في حياة كثير من الناس. فان الانسان لا يسلم. من مرض ينزل به او افة تحيط به او شر يخافه في طلب الوقاية منه. في سلك بعض الناس لادراك هذا مسالك منحرفة وطرق وطرقا مخالفة للشرع تحصيل دفع البلاء او فاول ما ذكر الامام رحمه الله حديث ابي بشير الانصاري رضي الله تعالى عنه قال في الصحيح يعني في البخاري ومسلم عن ابي بشير الانصاري رضي الله تعالى عنه انه كان مع رسول الله صلى الله الله عليه وسلم في بعض اسفاره اي في بعض ما كان فيه مسافرا صلى الله عليه وسلم ولتعلم ان اسفار النبي صلى الله عليه وسلم في مجملها لا تخلو من نوعين اما سفر حج او عمرة واما سفر جهاد وفي سبيل الله. فاسفار النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج عنها شيء من هذين النوعين كل اسفاره اسفار طاعة والسفر منه ما هو سفر طاعة ومنه ما هو سفر مباح ومنه ما هو سفر محرم سفر الطاعة والسفر امتثال امر الله تعالى في شأن من الشهور. وسفر سفر المعصية هو السفر الى ما حرم الله تعالى اما مكانا واما عملا واما زمانا والثالث من الانواع السفر المباح وهو ما يدرك به الانسان مصالحه. كما قال الله تعالى علم الله ان سيكون منكم مرضى واخرون يضربون في الارض يبتغون من فظل الله يعني في التجارة. وهذا من السفر المباح. فقوله رحمه الله في بعظ اسفاره اسفاره كلها صلوات الله وسلامه عليه اسهال طاعة وعبادة. اما في جهاد واما في حج او عمرة كان مع يقول كنا يقول ابو بشير رضي الله تعالى عنه انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره رسولا اي ارسل النبي صلى الله عليه وسلم رسولا ارسل رجلا برسالة الى اصحابه المرافقين له او من كان حوله من الناس الا يبقىن في رقبة بعير سادة الا يبقىن في رقبة بعير بعير قلادة قال من وتر وثم قال او وهذه للشك او التنويع في كلام بعض اهل العلم او قلادة الا فقوله قوله في رسالته صلى الله عليه وسلم الا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر او قلادة الا قطعت بيان لتحريم ما كان شائعا عند العرب من تعليق قلائد على رقاب البهائم. لحمايتها من العين ودفع الشر عنها او لرفع ما نزل بها من الضر والمرض. وهذا الفعل لا زال في الناس الى يومنا هذا فتجد في مراكب الناس ووسائل النقل التي يستعملونها من التعليقات سواء كان ذلك في مقدمتها او في جوانبها او في بعض اجزائها ما يقصدون به دفعا الضر عن هذه المراكب او كشف ما نزل بها من الاضرار. فكون الحديث في شأن صورة من صور التعليق لا يعني هذا قصر الحكم عليه. وان ما عداه من الصور المشابهة له والموافقة له في المعنى لا تدخل بل كل السور الموافقة لهذا لهذه الصورة والتي في معناها تأخذ الحكم نفسه. فاذا كان الانسان علق شيئا من غير القلائد كان يعلق سلسلة او يضع عينا او يضع يدا كما يضع بعض الناس في معلقاتهم على مراكبهم لوقاية الشر او دفعه كل ذلك في المعنى واحد. فلا فرق في هذا بين الصورة التي جاء بها النص وغيرها مما يوافقه في المعنى. فان الشريعة جاءت لمعاني وجاءت الاحكام فيها معللة بعلل وغايات. والحكم يدور مع علته. فمتى وجدت العلة في غير الصورة التي ذكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه لا يسوغ لاحد ان يقول هذا لم يرد في قوله ولا في كلامه صلى الله عليه وسلم بل هو وارد بمعناه والحكم يدور مع العلة وجودا وعدما. فالنبي صلى الله عليه وسلم ارسل رسولا الا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر او قلادة الا قطعت والقطع هنا اما انه ارسل به الرسول فكان من مهمته ووظيفته ازالة ما في رقاب البهائم من هذه المعلقات واما ان يكون القطع من فعل اصحاب تلك البهائم اي هم مأمورون ما ارسل به هذا الرجل من الرسالة ان يقطعوها بانفسهم. وسواء كان هذا او ذاك المؤدى واحد وهو هو ازالة هذه الصورة والنهي عنها وانها مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم واهتم له وذلك عقائد الناس من هذه المعلقات التي يعلقونها على مراكبهم وعلى متاعهم ليحفظون به ليحفظون تلك الاشياء تلك المراكب وتلك الاعيان من العين او من الامراض او من الافات التي يخشون ان تنزل بهم. قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الرواية قلادة من وتر ليس قصرا على هذا النمط وهذه الصورة ولذلك جاء التنويع بقوله او قلادة سواء كانت من وتر او من غيره فكل المعلقات التي يقصد بها دفع الشر او رفعه دفع او رفعه فانها داخلة فيما اخبر به الرجل في قوله الذي ارسل به هذا الرسول لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر او قلادة الا قطعت