الحمد لله رب العالمين نحمده حق حمده له الحمد كله واخره واشهد ان لا اله الا الله الاولين والاخرين. رب العالمين لا اله الا هو الرحمن الرحيم. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته. واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد سنقف على شيء من هدي النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الليل من خلال ما ذكره المصنف رحمه الله في هذا الباب يقول المصنف بسم الله اما ان الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولجميعنا وللحاضرين. قال الامام البخاري يرحموا الله تعالى باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ونومه وما نسخ من قيام الليل قال الله تعالى يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا. او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا انا سنلقي عليك قولهم ثقيلا ان ناشئة الليل هي اشد وطأ امه واقوم قيلا. ان لك في النهار سبحا طويلا وقوله عز وجل علم ان تحصوا فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من قرآن علم ان سيكون منكم مرضى اخرون يضربون في الارض من فضل الله واخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر ومن واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا وما قدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله. هو خيرا واجل اعظم اجرا. قال ابن عباس رضي الله عنهما نشأ قام بالحبشية من قال مواطئة للقرآن اشد موافقة لسمعه وبصره وقلبه باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل من نومه وما نسخ من قيام الليل هذا الباب ذكر فيه المصنف رحمه الله ما كان عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم لانه كان صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصلي الليل بعد نوم. واستدل لذلك بقول الله تعالى يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا. والمزمل هو من التحف بثوب وتزمل به هكذا قال بعض اهل العلم في بيان معنى المزمر وقال اخرون بل مزمل هنا المراد به المتحمل حملا ثقيلا وهو ما اليه في قوله انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. المزمل هو صاحب الحمل الثقيل هكذا قال بعض اهل العلم في تفسير الاية والنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من كل الليل صلى كما جاء فيما رواه مسلم في صحيح من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم من كل الليل صلى من اوله واوسطه واخره. وقد جاء ايضا نظيره من حديث انس بن مالك وقد ذكره مصنف ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى من اول الليل واوسطه واخره فيقول ما ذكره من القيام بالليل من نومه هو صورة من صور قيام صلى الله عليه وسلم. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي اول الليل وينام ثم يصلي اخر الليل بعد قيام بل كان صلى الله عليه وسلم كما جاء عن عبد الله ابن عباس نام اول الليل في المقام فصلى ثم رجع فنام في المقام فصلى فكان بين صلاته نوم صلوات الله وسلامه عليه فصل القيام ولم يصله كله في صلاة واحدة والمقصود ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يصلي من اول الليل واوسطه واخره والاية وردت على حال كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة اول ما امره الله تعالى بالقيام فسورة المزمل مكية بالاتفاق. وان كان العلماء قد اختلفوا في وقت نزولها. فقال جماعة من اهل العلم انها نزلت من اوائل ما نزل على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. بعد اقرأ وقال اخرون بل نزلت بعد ذلك مدة فان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر بتبليغ الرسالة بعد ثلاث سنين من بعثته صلى الله عليه وسلم فقد نبئ باقرأ صلى الله عليه وسلم وارسل بمدثر يا ايها المدثر قم فانذر ربك فكبر وثيابك فطهر ثم انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر بقيام الليل بعد ذلك ليستعين بقيام الليل على يلقاه من قومه عندما صدع بالدعوة ودعا الناس الى الهدى لان السورة ذكرت شيئا من من بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفار. وهذا لم يكن في اول الدعوة انما كان بعد جهره بها صلى الله عليه لو سلموا دعوة قومه فان الله جل في علاه امر رسوله صلى الله عليه وسلم بتبليغ الرسالة والندامة من اول ما ارسل لكنه لم يجهر بالدعوة الا بعد بعد مغيث وعلى كل حال سواء قيل انها نزلت بعد المدثر قريبة منها او نزلت بعد مدة من الزمن نثبت ثلاث سنوات امر الله رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه السورة بقيام الليل يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا. اي قم مصليا هذا المقصود بقيام الليل. وهذا الذي فهمه صلى الله عليه وسلم من الامر بقيام الليل ان يقوم لله مصليا. وقوله الا قليلا اي الا شيئا يسيرا من الليل تستعين به على ما يحتاجه بدنك من الراحة وما تحتاجه من السكن الذي تتقوى به على ما كلفت به من تبليغ الدعوة والقيام بمصالح دينك ودنياك. قم الليل الا قليلا نصفه هذا بيان للقليل او انقص منه قليلا اي قم نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه انزل على النصف ثم بعد ان بين الوقت وهو ان يقوم اكثر الليل واكثروا الليل يتحقق بالنصف فما زاد. امره جل وعلا بصفة القيام فقال ورتل القرآن ترتيلا. يعني اكثر من قراءة القرآن. في قيامك. فان المقصود من هذا القيام هو تلاوة القرآن. واذا قال ورتل القرآن والترتيل هو القراءة المترسلة التي فيها حركة اللسان مع وعي القلب وفهمه. وهذه اعلى مراتب القراءة قراءة المتدبرين الذين يتدبرون ما يقرؤون فليست القراءة قراءة هم ولا نثق ولا حذر بل قراءة ترسل وتدبر ووقوف مع الايات ولذلك قال ورتل القرآن ترتيلا اي واقرأه على مهل لتعي معناه وتدرك مدلولاته وتفهم ما فيه. هذا معنى قوله القرآن ترتيلا. ليس الترتيل تجويد القراءة. والتغني بالقرآن بل التأمل والنظر وحسن التفكر لان الترتيب والتغني المقصود منه الوقوف على معاني القرآن تدبر لما فيه من العبر والعظات وبه يدرك الانسان فوز الدنيا ونجاة الاخرة فان تدبر مفتاح ادراك بركات القرآن. يقول الله تعالى في محكم التنزيل كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته. هذه الغاية هو الغرض من انزال القرآن. ثم قال جل وعلا ليتدبروا اياته بعد ذكر بركته للاشارة الى ان بركة القرآن تدرك بتدبره. فالتدبر مفتاح فهم القرآن. والنظر في معانيه. وادراك بركاته والحصول على هداياته التي ذكرها الله تعالى في قوله ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم يقول جل في علاه لرسوله انا سنلقي عليك قولا ثقيلا اي سنلقي عليك قولا يثقل عليك. ولا سبيل للقيام بهذا الثقل الذي في القرآن الا بالاستعاذة بالله عز وجل على القيام ولذلك من قام الليل فتح له من حفظ القرآن وفهمه ودلالاته والعمل بما فيه ما لا يفتح لغيره. فطريق الفتح بهذا كتاب انما هو بتدبر اياته. القيام به. قال جل وعلا ان ناشئة الليل ناشئة الليل يعني قيام الليل. هذا المقصود الاية الناشئة هي اللحظات والاناء والمقصود به قيام تلك اللحظات والاناة ولذلك قال ابو عبد الله الامام البخاري فيما نقله عن ابن عباس في قوله نشأ قام بالليل فقوله ان ناشئة الليل اي قيام الليل في اناءه ان ناشئة الليل هي اشد وطاب واقوم قيلا اشد وطئا يعني اقرب لحصول ما يتكلم به الانسان مع ما في قلبه. فيكون ما ينطق به موافقا لقلبه. وبذلك يدرك تأثير القرآن لان القرآن لا يؤثر الا اذا وعاه القلب وتحرك به تأملا تدبرا وفكرا ونظرا. ولذلك لما جاء رجل الى عبد الله ابن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه كما في البخاري قال يا ابا عبد الرحمن قرأت المفصل في ركعة والمفصل اختلفوا في تحديده واكثروا العلماء على انهم ايقاف الى سورة الناس. من سورة قاف الى سورة الناس. قال هل تهذي الشعر اني لاعلم الاقران التي كان يقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم او النظائر التي كان يقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم. يعني يعرف ما كان يقرن بينه النبي صلى الله عليه وسلم من السور. لتقاربها وتكامل معناها مثل قراءة سبح والغاشية في الجمعة والعيد ومثل قراءة قاف والقمر في العيد. ومثل قراءة الجمعة والمنافقون في صلاة الجمعة. هذا المقصود بالنظائر يعني السور التي كان يقرن بينها النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يشير الى ان التالي من كتاب الله ينبغي ان يتدبر ما يقرأ وليس يقرأ القرآن هدا متتابعا دون وقوف عند معانيه وتدبر اياته. وهذا مما يحرم الانسان خيرا عظيما ان يمر على الايات تلو الايات ولا يجد لها اثرا في قلبه. ولا يقيم بها سلوكا ولا يصلح بها عملا فيفوته بذلك خير كثير. يقول الله جل وعلا بعدما امر بقيامه وبين بقيام له في صلاة الليل قال ان لك في النهار سبحا طويلا اي فرصة ووقتا طويلا لقضاء لا تحتاج الى قظائه من الحوائج والاعمال. ثم قال وقوله علم ان لم تحصوه فتاب عليكم اشارة الى ان الامر الذي امر الله تعالى به في قول قم الليل الا قليلا لم يدم بل رفع الله تعالى ذلك بنسخ وجوب قيام الليل ولذلك قال وما نسخ من قيام الليل يعني والذي نسخ من قيام الليل فان الله عز وجل رحم هذه الامة بالتخفيف عنها فان القيام كان فرضا اول ما انزل الله تعالى على رسوله يا ايها المسلمون قم الليل الا قليلا نصفه او ينقصه منه قليل او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا. كان فرضا قال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الامة معه. واختلفوا في مدة الفرض على الامة فقيل ثمانية اشهر حتى نزل التخفيف وقيل سنة كما جاء في الصحيح من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ان الله انزل اول سورة المزمل ثم امسك اخرها عاما اخرها قوله تعالى ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك. والله يقدر الليل والنهار. علم ان لم تحصوه. اي لم تحصى ايش لم تحصوا الليل الذي امرتم به وهو قيام اكثر الليل او نصفه او دونه. علم ان تحصوه فتاب عليكم. معنى قوله فتاب عليكم اي خفف عنكم. هكذا قال جماعة من اهل العلم وقال اخر تاب عليكم اي تجاوز عما كان من التقصير في القيام. والذي يظهر الله تعالى اعلم ان الذي حصلت التوبة هو العفو والتجاوز التوبة تأتي بمعنى العفو دون ان يكون ثمة ذنب فتطلق التوبة على المسامحة والعفو ولو لم يكن كلمة ذنب. فقول فتاب عليكم اي خفف عنكم خص لكم علم ان لم تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن. بعد ان كان ذلك لازما على النحو الذي امر الله تعالى نصفه في قول نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا جاء تخفيف في قوله فاقرأوا ما تيسر من القرآن اي ما يسر الله من القرآن علم ان سيكون منكم مرضى فلا يستطيعون القيام واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله اي يشتغلون بالتجارة ونحوها واخرون يقاتلون في سبيل الله ان يجاهدون فاقرأوا ما تيسر منه من القرآن واقيموا الصلاة واتوا الزكاة ثم قال جل وعلا اطلب الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير اي من اي عمل سواء كان قياما صلاة صدقة اه زكاة واجبة وما تقدموا لانفس من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا. هو خيرا مما عمل واعظم اجرا مما تخيلته فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فخفف الله تعالى عن هذه الامة بعد سنة فرفع وجوب قيام الليل وكان الصحابة يقومون مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى ان بعضهم ورمت قدماه من القيام. رضي الله تعالى عنهم واختلف العلماء هل هذا التخفيف بالنسل كان في حق الامة والنبي صلى الله عليه وسلم ام فقط في حق الامة دون النبي صلى الله عليه وسلم على قولين ولن يظهر الله تعالى عالما انه تخفيف عام لكن النبي صلى الله عليه وسلم ادام القيام فكان اذا عمل عملا احب ان يثبته صلى الله عليه وعلى والسلام ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يقيم الليل ولما قيل له اتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر الا فلا كونوا عبدا شكورا فدل ذلك على انه ليس واجبا ولا فرضا وانما فعله طاعة لله وتقربا اليه وشكرا شكرا على احسانه وانعامه. نعم عبد العزيز ابن عبد الله قال حدثني محمد ابن جعفر عن حميد انه سمع انس رضي الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الشهر حتى نظن ان لا يصوم منه ويصوم حتى نظن ان لا يقدر منه شيئا وكان لا تشاء ان تراه من الليل مصليا الا رأيته ولا نائما الا رأيته هذا حديث في بيان ما خفف الله تعالى به عن رسوله صلى الله عليه وسلم من انه لم يكن صلى الله عليه وسلم يديم الصلاة الليل كله. بل كان يصلي من الليل وينام صلى الله عليه وعلى اله ولذلك قال انس رضي الله تعالى عنه فيما ساقه المصنف باسناده من حديث حميد انه سمع انس بن مالك رضي الله على ان يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن ان لا يصوم منه يعني يديم الفطر حتى يظن الظال الناظر لهديه وعمله انه لا يصوم منه شيئا. ويفطر حتى ان نقول لا يصوم اي يديم الفطر حتى يظن الظن انه ليس من عهده ان يصومه صلى الله عليه وسلم ولا من عمله ان يصوم. واما بخصوص القيام قال وكان لا تشاء ان تراه من الليل مصليا الا رأيته يعني ما ترمقه ولا تنظر اليه في حال في حاله صلى الله عليه وسلم الا رأيته قائما ولا تشاء تراه نائما الا رأيته هذا يدل على انه يأخذ قصة من الراحة قد يرى الرائي ان انه لا يطيع شيئا من الليل صلى الله عليه وسلم. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان في العشر الاخير من رمضان على حل مختلف عن هذه الحال. فكان يحيي ليلة ويوقظ اهله. ويجد ما يجتهد صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلا تراه الا في تلاوة او عبادة او قربة وهذا من استغلال الزمان كان يفعل ذلك في بعض الاحيان حتى في غير رمضان. فقد جاء انه صلى الله عليه وسلم صلى حذيفة كما في صحيح الامام مسلم فقرأ الفاتحة فقرأ البقرة يقول حذيفة افتتح البقرة فقلت يقرأ الى فمضى فقلت يركع بها يعني يكمل بقرة ويركع فافتتح النساء فقلت يركع فافتتح ال عمران فقلت يركع بها فقرأ صلى الله عليه وسلم في ركعة واحدة البقرة والنساء وال عمران وهذا يصدق عليه ما ذكره زيد ابن خالد الجهني في بوصمه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لارمقن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل يقول فنظرت اليه صلى الله عليه وسلم فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم قام فصلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين. هكذا يكرر ذلك للمبالغة في التوصيف او لنقل الصورة التي كان عليها صلى الله عليه وسلم في قيامه. وانه كان قياما طويلة طويلتين طويلتين طويلتين ثم كان صلى الله عليه وسلم يصلي بعدهما ركعتين دونهما الى ان كبر ثلاثة عشر الى ان كمل ثلاثة عشرة ركعة صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهذا لم ينقل انه في رمضان بل هذا في مجمل صلاته التي وصفها اصحابه في صلاة الليل صلى الله عليه وسلم ويكفي ثمان طول قيامه ما المغيرة ابن شعبة وعائشة وهي اعلم الناس بوتر النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى ترم قدماه. حتى تتفطر قدماه اي تتشقق من طول القيام وهي من اعلم الناس بوتر النبي صلى الله عليه وسلم. حتى ان ابن عباس رضي الله تعالى عنه جاءه سعد بن هشام ابن عامر يسأله عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل. قال الا ادلك على اعلم الناس بصلاة النبي وسلم من الليل قال بلى قال عائشة ام المؤمنين سلها ثم اخبرني ماذا تقول فذهب اليها هشام فسألها عنه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل والمقصود ان عائشة وسطت طول قيامه على هذا النحو كانه تتشقق قدماه صلى الله عليه وسلم من طول القيام. وهذا لشدة عنايته بهذه العبادة. وقد قال الله عز وجل في وصف اوليائه وعباده عباد الرحمن قال وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا. واذا خاطبهم الجاهلون ايش؟ قالوا سلاما. هذا بيان لوصف عبادة الرحمن في معاملة الخلق بدأ به لان من كان في معاملة الخلق على طيب فهو على في معاملة الخلق على اطيب من لا يشكر الناس لا يشكر الله كما جاء في المسند من حديث ابي واو باسناد جيد. لذلك اول ما ذكر من صفات عباد الرحمن ذكر حالهم مع الناس وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا ما في غرور ولا كبر ولا علو على الخلق واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. ثاني صفة من من صفاتهم والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما. ففي وصلتهم بالله على هذا النحو من الخضوع يبيتون لكن كيف يبيتون؟ كيف يمضون ليلهم؟ سجدا وقياما افمن قائل اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه. هذا هذه حالهم في الطاعة والاحسان انهم كما قال رب العالمين وكانوا قليلا من الليل ما يهجعون. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على هذه الحال لانه امام عباد الرحمن. ولانه امام المتقين وانه سيد الاولين والاخرين لو كان عبدا شكورا صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قيامه صلى الله عليه وسلم كان على هذا النحو اعلم ان هذا القيام الطويل لم يكن فقط عاناه مشقة بل كانوا يجدون من اللذة والبهجة والطمأنينة والنفحات ما يجعلهم يتشوقون لهذا القيام كما قال ربنا جل في علاه في وصف المتقين الابرار قال تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوف وطبعا نسأل الله ان نكون منهم. وهؤلاء تتجافى اي تبعد جنوبهم. لماذا تبعد جنوبهم كما يقول الحسن؟ قال لشيء وجدوه في الصلاة وهي لذة المناجاة. لذة مناجاة رب العالمين جل في علاه. ومن ذاق هذه اللذة هجر لذيذ النوم. وقال طيب الفراش لان ما يجده في مناجاة الله عز وجل والتلذذ بذكره و حلاوة الايمان بالافتقار اليه يفوق ما يدركه بلذة النوم. فيطير فيطير قل لهم من اعينهم ولذلك من السلف من يقول يعني كلام قد نستغربه نحن لانه ما رأيت من سمع يقول لولا الليل لما احببت البقاء في الدنيا. لولا الليل ما احببت البقاء في الدنيا. ثابت المناني صاحب انس مالك من التابعين يقول اللهم يقول في دعائي اللهم ان كنت اعطيت احدا الصلاة في قبره فاعطني الصلاة في قبره لما يجد من اللذة في الصلاة والسكن في الصلاة انشراح القلب في الصلاة يقول يا الله يا رب ان كنت نعمت احد ان ترزقه ان يصلي في قبره فارزقني الصلاة في قبري. ونحن الان بعض الناس الصلاة عليه مثل الجبل حمل. لانه ما بما فيها من ذكر الله عز وجل لم يتلذذ بما فيها من خشوع لم يتلذذ بما فيها من روح ونفحات يفيد الله تعالى بها على اولياءه وعباده. اقبل بقلبك على الله في صلاتك تجد سكنا وطمأنينة وبهجة وسرورا يصدق عليها عند ذلك ارحنا بها يا بلال. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبلال اذا امر ارحنا بها يا بلال وفي المسند من حديث حذيفة كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا حزبه امر فزع الى الصلاة لانها سكن وطمأنة هذه هي الصلاة التي يقوم هؤلاء ليلا طويلا بين يدي الله عز وجل. لا يعني ان ما فيه مشقة فيه لولا المشقة ساد الناس كلهم والجود يفقر. والاقدام قتال. لكن هذه المشقة تعقب لذة يعني النبي صلى الله عليه وسلم تتفطر قدماه وترم ساقاه ونقل عن انس انه كان يقوم حتى كرم ساقاه رضي الله تعالى عنه ومع هذا كانوا يجدون لذة العلم. ما فيه تباين بين اللذة تعب ولذلك الصائم وهو صائم قد يكون في يوم صائف له فرحتان فرحة عند فطره هذي فرحة وطاعة فالعبادات تعقب ملذات مسرات لكن بقدر ما تحقق فيها من الاخلاص والمتابعة تدرك ما فيها من بهجة وسرور ولذة. نسأل الله ان يفيض علينا من جوده وان يرزقنا صدق والتعبد له وان يعيننا على طاعته وان يسلك بنا السبيل وان يجعلنا من حزبه واوليائه وان يصلح احوالنا واحوال المسلمين وان يعيننا على الطاعة والاحسان وان يحفظ هذه البلاد من كل سوء وشر وان يوفق ولاتها الى ما فيه الخير وان يجمع كلمتنا على الحق والهدى وان يصلح احوال المسلمين وان ينجي المستضعفين منهم وان يدفع عنا كل سوء وشر