الثاني مما ينبغي ان يتنبه اليه في شأن الاشياء التي ثبت انها مباركة ان تطلب البركة منها او ان يتبرك بها على النحو الذي جاءت الشريعة به. دون احداث ودون خروج عن ما جاءت به الشريعة. فلا يعتقد في شيء مما جعله الله تعالى مباركا انه تحصل بركته على نحو غير الذي شرع وغير الذي جاءت به الشريعة. فبركة الحجر الاسود والركن اليماني هي بمسحه واستلامه فانه يحط الخطايا اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم واختفاء لاثاره. اما ان ان يتبرك به في الاستشفاء من الامراض وفي قضاء الحاجات واشبه ذلك فانه يخرج بذلك عن الصراط المستقيم وعن ما كان عليه عمل سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه. ثم انه يجب ان يعتقد انه لا يثبت في شيء انه مبارك الا بدليل لا يثبت في شيء انه مبارك الا بنص وليس باقتراب ولا تجربة فيما يتعلق بالمخلوقات انما البركة من الله عز وجل فيقتصر فيه اثباتها للاشياء بما دل عليه الكتاب والسنة. ذكر الامام رحمه الله في هذا الباب اية وحديثا الاية الاولى او النص الاول الذي ذكره ما ذكره الله تعالى في سورة النجم افرأيتم اللات والعزى ومن اتى الثالثة الاخرى الكم الذكر ولو الانثى تلك اذا قسمة هذه الايات جاءت بعد ما ذكر الله عز وجل من ايات باهرات ودلائل صادقات على صدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من الايات العظيمة في معراجه صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى ثم ذكر ما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم شيئا مما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في معراجه وما شاهده من الايات الباهرة الدالة على عظمة الله عز وجل وقدرته وعلى الهيته انه لا اله غيره وانه لا يطلب النفع الا منه. ولا يستدفع الضر الا به جل في علاه. قال بعد هذا كله افرأيتم. يعني اذا علمتم ما تقدم من عظيم الاء الله وجليل شأنه وكبير اياته وعظيم قدرته سبحانه وبحمده اخبروا افرأيتم اي اخبروني افرأيتم اللات والعزى ومن اتى الثالثة الاخرى اهي تقدر على ما يقدر عليه الله جل وعلا اتبلغ في العظمة والشأن والمنزلة عظمة الله عز وجل الذي اجرى لنبيه صلى الله وسلم تلك الايات العظيمة الباهرة الدالة على عظيم قدرته وجليل قدره سبحانه وبحمده وبالتأكيد ان ذلك لا يمكن وحتى المشركون لا يعتقدون ان تلك المعبودات تصل الى ما يصل اليه الله جل وعلا من قدر لكنهم سووا غيره به زعما باطلا وظنا بالله عز وجل ظن استووا ان غيره يكون كهو سبحانه وبحمده. فلذلك قال الله تعالى في هذه الايات افرأيتم اللات والعزى الثالثة الاخرى الكم الذكر ولو الانثى؟ والسبب انهم اعتقدوا ان هذه اناث هذه المعبودات اناث فنسبوها الى الله عز وجل وقوله جل وعلا افرأيتم اللات اللات صنم معظم عند ثقيف قال ذلك جماعة من المفسرين واصل التسمية ان رجلا كان يلت السويق على حصى يلت السويق اي يعده ويطحنه ويهيئه للاكل للمارة والمنتفعين على حصى فمات ذلك الرجل فاتخذوا ذلك الحصى ذلك كالحجر الذي ولدت عليه السويق معبودا من دون الله. ولذلك سمي الله وهي الهة كانت تعبدها العرب زمن النبي صلى الله عليه وسلم. والعزى شجرة كانت تعبد من دون الله. كان العرب يأتون اليها يطلبون منها البركة وقضاء الحاجات. ونيل الطلبات وفك البلايا والمصيبات. وهي شجرة عظمتها قريش وكانت شجرة قريبة من عرفة. كما ذكر بعض اهل التفسير وهي الشجرة التي قال فيها ابو سفيان يوم احد عندما نال المشركون من صلى الله عليه وسلم واصحابه ما نالوا قال ابو سفيان العزى لنا ولا عزى لكم. يقصد بذلك هذا الصنم الذي يعبد من دون الله فاعتزى به وعظم حالهم به ان لهم العزى ولا لاهل الاسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم الا تجيبوه؟ فقال عمر رضي الله تعالى عنه مجيبا له الله اعز واجل سبحانه وبحمده نعم الله اعز الله اعز واجل من كل ما عبد من دونه سبحانه وبحمده فرد على ابي سفيان مقالته التي تفاخر فيها بالهته ما كان يعبد من دون الله بان الله عز بان الله سبحانه وبحمده اعز واجل. المقصود ان العز شجرة كانت تطلب منها البركة كانت يعتزى بها ويفتخر بها وتعبد من دون الله وكأنه يقول انما انتصرنا عليكم بالعزى ولذلك رد عليه رضي الله تعالى عنه لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم الا تجيبوه؟ قال الله اعز واجل بالجاهلية شبهه بما طلبه قوم موسى من موسى عليه السلام. عندما قالوا له اجعل لنا الها كما لهم الهة. قال انكم قوم تجهلون. ثم قال صلى الله عليه وسلم لتركبن سنن من كان قبلكم. اي لتجري ليجرين ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين. ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. وتلك الايام نداولها بين الناس فما نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه كان كفارة لهم. وكان علوا في منزلتهم. وكان اظهارا افتقارهم الى ربهم جل في علاه. ولذلك لما قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ماذا قالوا؟ زادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. اي الله كافينا من كل ما اهمنا ومن كل ما تهددنا. اما ثالث المذكورات من الالهة التي كانت تعبد قال افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى. ومنات يعظمه اهل المدينة. واصله مشتق من المنان وهذا من الالحاد باسماء الله عز وجل. فان اذا اشتقت من العزيز والمنان وهو مناذ اشتقت من المنان وهذا من صور الالحاد في اسماء الله عز وجل. ان يشتق للالهة من دونه اسماء من اسمائه سبحانه وبحمده. وقوله ومن اتى الثالثة الاخرى قيل خصت مناه هذا تنبيها الى علو شأنها عند من كانوا يعبدونها من دون الله. وقيل عكس ذلك. قيل انما قيل الثالثة الاخرى لانها نازلة في المرتبة والمكانة عن عن الصنمين الاخرين المعبودين من دون الله. وهذا يدل على ما تقدم من ان طلب البركة من شجر او حجر او غير ذلك مما خلقه الله عز وجل على نحو لم يشرعه الله عز وجل يوقع العبد في الشرك الاكبر او في طريقه هو الشرك الاصغر يوقعه في الشرك الاكبر بان يصرف له العبادة من دون الله كما كان يفعل الجاهليون او ان يعتقده سببا بنيل البركة وهو ليس كذلك فيوقعه ذلك في الشرك الاصغر. وقد يقول قائل اين هذا في زمن الناس اليوم؟ الناس اليوم ليس عندهم عزى ولا لات ولا منات ولا عندهم هذه الاسماء الحكمة والعبرة ليست بالاسماء انما بالمعاني وهذه موجودة في حياة الناس. فان فانني شهدت بعيني في دول تعتبر في القمة تقدما من يأتون الى اماكن يعلقون فيها معلقات لقضاء الحاجات ونيل المطلوبات والتأليف بين الازواج انواع من الانحرافات التي هي نوع من الشرك الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه. ولذلك لا تظن ايها الموفق ان ما ذكره الله تعالى من صور الشرك صور انتهت وبادت ولا وجود لها في حياة الناس. وانها لا تتناسب معها هذا التطور الذي يعيشه الناس والانفجار المعلوماتي والثورة المعلوماتية التي يعيشونها. مهما بلغ الناس من تقدم في شأن الدنيا فلا يعني هذا ان يكونوا قد سلموا من الانحراف في عقائدهم من الانحراف في معرفتهم بالله لان المعرفة بالله لا تبنى على العقول انما تبنى على الوحي الذي جاء به سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه فان العلم بالله لا يكون من طريق العقل مستقلا بل العقل يتعرف على الله ويعرف حقه جل في علاه على وجه الاجمال لكن ذلك تفصيلا لا يكون هدايته الا بالوحي المبين. ولذلك كان من رحمة الله بعباده ان لم انه لم يكل اليهم معرفته سبحانه وبحمده بانفسهم بل بعث اليهم الرسل اليه به معرفين واليه سبحانه وبحمده فالناس مضطرون ضرورة كبرى الى كل ما جاء به الرسول صلوات الله وسلامه عليه ليعرفوا ما لله من كمالات هذا التقدم هذا هذه الحضارة التي ملأت الدنيا لا تعني ان اصحابها سلموا من الانحرافات في عقائدهم. قال الله تعالى يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة غافلون مهما بلغ الناس في التقدم في شؤون معاشر قد تجد من يصنع ادق الصنائع اذا خرج من مصنعه ذهب الى شيء يعبده من دون الله اما حجر او شجر او حيوان او او صالح يزعم انه يقذف الحاجات وهذا للانفصال والانفكاك بين ما يتعلق بعمارة الدنيا وبينما يتعلق بعمارة الاخرة فينبغي ان يعلم ان هذه الصور التي وجدت في الامم السابقة لم تزل موجودة في الناس الى يومنا هذا ومن تأمل وعرف وخبر احوال الناس رأى ذلك كثيرا في حياة القريب والبعيد. فينبغي للمؤمن ان يتوقف ما كان عليه اهل الشر واهل الشرك واهل الانحراف بالاعتقاد والعمل حتى يسلم من ان يتورط في شيء يكون سببا لهلاكي في دينه ودنياه. ثم ذكر المصنف رحمه الله قصة جرت زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما قصه ابو واقد الليثي رضي الله تعالى عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى حنين وهذا في السنة الثامنة من الهجرة. خرج النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة. وكان فتحها في رمضان من السنة الثامنة للهجرة بقي فيها صلى الله عليه وسلم الى ان انقضى رمضان ثم خرج صلى الله عليه وسلم الى اهل الطائف يدعوهم الى الله ويأمرهم بتوحيده وينهاهم عن الشرك. خرج معه اصحابه رضي الله تعالى عنه عنهم وكان معه جمع المسلمة الفتح يعني الذين اسلموا في عام في عام الفتح فكانوا على شرك وكانوا على كفر لكنهم اسلموا وخرجوا يقاتلون معه صلوات الله وسلامه عليه. خرج هو ومن معه من اصحابه يقول ابو واقد رضي الله تعالى ونحن حدثاء عهد بكفر. وهذا اعتذار منه. رضي الله تعالى عنه عما جرى من طلب سيأتي ذكره في الخبر الذي يقصه رضي الله تعالى عنه. حدثاء عهد بكفر اي عهدهم قريب الكفر عهدهم ليس ببعيد عما كان في الجاهلية من عبادة غير الله تعالى. قال وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينطون بها اسلحتهم للمشركين الذين لم يسلموا بالنبي لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخلوا في الاسلام سدرة اي شجرة من سدر هذه الشجرة يعكفون عندها اي يلازمونها بالبقاء عندها طلبا للبركة وطلبا لقضاء حاجات وطلبا لنيل المرغوبات والامن من المرغوبات يقول ينوطون بها اسلحتهم اي يعلقون بها اسلحتهم لتبارك لهم اسلحتهم وتقوي قتالهم وتعطيهم قوة ينتصرون بها على خصومهم هذا اعتقاد في هذه الشجرة وهي سدرة كان الصحابة يعرفونها. قالوا لها ذات الواط هذه الشجرة السدرة تسمى ذات انواط فمررنا بسدرة الصحابة مروا بسدرة غير السدرة التي يعلق بها المشركون اسلحتهم فقلنا يا رسول الله اجعلنا ذات انواط كما لهم ذات انوار. اي اجعل هذه الشجرة مباركة بدعاء الله وسؤالها ان تكون مباركة فتكون لنا شجرة مباركة ونعلق بها اسلحتنا كما يعلق المشركون اسلحتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله اكبر. والتكبير يكون في مواطن الاندهاش. ومواطن التعظيم يشرع التكبير في مواطن الاندهاش وفي مواطن التعظيم وفي المواطن التي تعلو في النفس وتسمو وقد يصيبها شيء من الزهو يذكر التكبير ولهذا كان من هديه صلى الله عليه وسلم انه اذا علا في سفره شرفا كبر. لان العلو قد يصاحبه علو في النفس فيكسر ذلك العلو الذي في النفس بتذكر ان الله اكبر. وفي النزول كان يسبح صلى الله عليه وسلم لانك عندما تنزل تعظم الله تعالى عن كل نقص يمكن ان يتوهم او ان يعتقد فيه جل في علاه. فهو المنزه هو السبوح القدوس سبحانه وبحمده المقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا له اجعل لنا ذات انواط كما لهم ذات انواط قال الله اكبر تعظيما لله عما طلبوا واجلالا له ثم قال صلى الله عليه وسلم انها السنن. اي هذا الذي فعلتموه هو ما اجرى الله تعالى عليه حال الناس من انه يشابه بعضهم بعضا. ويجري بعضهم على طريق بعض. ولذلك قال انها السنن اي انها النظم والقوانين التي اجرى الله تعالى عليها حال البشر. من ان بعضهم يشاكل بعضا. وبعضهم يشابه بعضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم قلتم والذي نفسي بيده هذا بيان للسنة التي اشار اليها في قوله انها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى اجعل لنا الها كما لهم الهة. قال لهم انكم قوم تجهلون هذا جرى لبني اسرائيل مع موسى عليه السلام عندما خرجوا من مصر وقد اضناهم واتعبهم ما كانوا يلقونه من فرعون وقومه فلما خرجوا وعايدوا من ايات الله عز وجل الدالة على عظمته وعلى صدق ما جاء به موسى من البينات طلبوا من من موسى عليه السلام ان يجعل لهم الهة اي معبودا يتوجهون اليه ويقصدون كما للمشركين الهة يعبدونها. فقال لهم موسى عليه السلام انكم قوم تجهلون اي انهم قوم لم تعلموا حق الله عز وجل على الوجه الذي يليق به ويستحقه سبحانه وبحمده ولذا قال انكم قوم تجهلون وكل من صرف العبادة لغير الله مهما بلغ في المعرفة والاتقان في امر الدنيا فانه لا يخرج عن قوله تعالى انكم قوم تجهلون ولذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم هذا الطلب من الصحابة الذين كان عهدهم قريبا فيكم ما جرى في الامم السابقة من اعمال ومن انحرافات ومن ضلالات هذا معنى قوله صلى الله عليه لتركبن سنن من كان قبلكم. اي سيجري فيكم ما جرى في الامم السابقة من انواع الانحرافات واستذلال الشيطان. ذلك الشيطان قاعد الناس يصدهم عن سبيل الله يأمرهم بالسوء والشر ويحثهم على الفساد والانحراف كما قال الله تعالى في بيان العهد الذي اخذه على نفسه عندما قال لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين. فهذا الذي قعد للناس هذا المقعد بين ايديهم ومن وعن ايمانهم وعن شمائلهم يصدهم عن سبيل الله هذا الذي تعهد وتكفل بهذا العمل هو الذي يلقي هذه الشبه وهذه الافكار المنحرفة فلذلك تتشابه في بني ادم وقوله صلى الله عليه وسلم لتركبن سنن من كان قبلكم قال صلى الله عليه وسلم في حديث اخر في اه بيان اتباع هذه الامة للامم السابقة لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. والمقصود انه ما من انحراف ولا ضلالة في الامم السابقة الا وسيقع في هذه الامة ما هو شبيه بها وما هو نظير لها. ويدل لذلك حديث معاوية رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله الله عليه وسلم قال افترقت اليهود افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة. كلها في النار الا واحدة. فانظر الى العدد العدد في هذه اما من حيث التفرق والاختلاف على نحو ما في الامم السابقة عددا. لانها ستركب ما ركبته الامم السابقة الانحرافات وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم لتركبن سنن من كان قبلكم اي اعمالهم وطرائقهم وهديهم في الاعتقاد وفي العمل لان ما ذكره هنا في هذه القصة هو مما يتعلق بالاعتقاد. هذا الحديث رواه الترمذي وصححه وهو كما قال رحمه الله حديث ثابت عنه صلى الله عليه وسلم. صحيح وفيه جملة من الفوائد فيه ان من كان قريبا بالكفر قد لا يتخلى عن كل ما كان يعتقد بالجاهلية من حيث لا يشعر فقد يبقى في نفسه رواسب من الضلال والانحراف يحتاج معه الى زيادة علم وبصيرة حتى يتخلص من كل اعمال الجاهلية. ولهذا الصحابي رضي الله تعالى عنه اعتذر عن طلبهم اه اه هذا الطلب ان يجعل لهم ذات انواط شجرة يعلقون بها اسلحتهم كما يفعل المشركون. قال ونحن حدثاء عهد بكفر. وفيه ان النفوس تطلب المشاكلة والمشابهة. ولذلك كانوا رضي الله تعالى عنهم طلب بعضهم واقترح بعضهم ان يكون له شجرة كما للمشركين شجرة يعلقون بها اسلحتهم وفيه ان اعتقاد البركة في شيء لم يجعله الله مباركا. وطلب البركة من ذلك الشيء على نحو غير مشروع هو من اتخاذ الهة اي من جعله الهة من دون الله لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم في جواب طلبهم الله اكبر انها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى. اجعل لنا الها كما لهم الهة قال انكم تجهلون وهذا فيه بيان ايضا ان هذا الطلب هو من الجهل فلا يصدر عن علم ومعرفة انما يصدر على الجهل والجهل هنا هو الجهل بالله. لان كل من سوى غير الله بالله فقد جهل قدر كما قال تعالى وما قدروا الله حق قدره. وكما قال جل وعلا في خطاب الناس والمشركين على وجه الخصوص ما لكم لا ترجون لله وقارا اي ما لكم لا تعظمونه حق تعظيمه ولا تجلونه حق اجلاله وكل نقص في اجلال كل نقص في تعظيم الله هو ناشئ عن الجهل بالله. فان القلب اذا امتلأ علما بالله لم يملك الا ان يعظمه اذا امتلأ القلب معرفة بالله ادراكا لقدره جل في علاه كان ذلك حاملا له على تعظيمه تمام التعظيم وتمام المحبة. واذا كمل في قلب العبد تمام تعظيم الله وتمام محبته جل في علاه كان ذلك من دواعي بلوغه المقصود في عبوديته لله عز وجل بان يحقق له العبادة وحده لا شريك له لذلك من المهم ان يعرف العبد ان كل نقص في اجلال الله ينعكس على عقيدته او على عمله كل نقص في العلم بالله عز وجل لابد ان يؤدي الى نوع من النقص في الاعتقاد او في العمل قد يظهر ذلك للانسان قد يغفى عنه ولذلك ينبغي للمؤمن ان يستحضر عظمة الله عز وجل والله سبحانه وبحمده قد اقام دلائل عظمته في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفيما يشاهده الانسان من الايات في الافاق وفي الانفس الدالة على بديع صنعه وعظيم قدره جل وعلا لكن كما قال الله عز وجل انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. وكما قال جل في علاه وكاين من اية في السماوات والارض يمرون عليها اي يمرون منها ويشاهدونها ويبصرونها لكنه لا ينتفعون بها ولذلك قال وهم عنها معرضون لا ينتفعون بها في تعظيم الله واقامة محبته في قلوبهم. بل يفوتهم من تعظيم الله ومحبته شيء كثير. لذلك ينبغي للمؤمن ان يفتش في قلبه محبة الله وتعظيمه من خلال معرفته بالله فبقدر معرفتك بالله وعلمك به تنال من محبته وتعظيمه. هذا الحديث يدل على ان كل من اعتقد في شيء انه مبارك وليس مباركا فانه قد وقع في باب من ابواب الضلال والانحراف. وانه اذا طلب البركة من غير الله عز وجل او من شيء لم يجعله الله تعالى مباركا. او من شيء على نحو لم يشرع فانه قد شابه بذلك من تقدم من امم الكفر في ما هم فيه من شرك وكفر ولذلك ينبغي للمؤمن ان يقتصر في طلب البركة من الاشياء على نحو ما جاءت به الشريعة. لا يزيد في ذلك ولا يخرج عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث لطف النبي صلى الله عليه وسلم ورأفته بأصحابه. حيث انهم لما طلبوا منه هذا الطلب عظم الله اولا فقال الله اكبر. وهذا تنبيه الى خطأ وخطورة ما وقعوا فيه من طلب. ثم قوم قائدهم التي دعتهم الى هذا الطلب فقال انها سنن قلت والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى اجعل لنا الها كما لهم الهة. هذا بعض ما في هذا الحديث من من فوائد وخلاصة ما يتعلق بالتبرج. لا تعتقد في شيء انه مبارك الا ان يكون قد دل على ذلك كتاب او سنة. اذا اعتقدت بشيء انه مبارك يجب ان تعتقد انه فعله جل وعلا وبمنحه وهبته فليس شيء مبارك الا بمباركة الله عز وجل فالبركة كلها من الله جل وعلا الثالث انه اذا ثبت ان شيئا مباركا بالكتاب والسنة فان ما فيه من البركة انما هي من الله عز وليست من قبله ولا من ذاته بل هي من الله جل وعلا الذي يهبها ويمنحها من يشاء. الرابع مما يتعلق موضوع التبرك يجب ان يعلم انه اذا ثبت في شيء انه مبارك لا تطلب بركته الا على النحو المشروع ولا يقترح في ذلك شيء ولا يقترح في ذلك شيء خارج عما جاءت به الشريعة لان ذلك من يوقع الانسان في حبائل الشيطان ويخرج به عن الصراط المستقيم. هذه مهمات هذا الموضوع وهو موضوع التبرك. اسأل الله عز وجل ان يرزقنا البركة في العلم والعمل. وان يوفقنا الى السداد في السر والعلن. وان يحفظ قلوب من الزيغ والانحراف وان يعمرها بتوحيده ومحبته وان يعيذنا واياكم من نزغات الشياطين وان يعيذنا من تزيينه وتسخيره