يقول رحمه الله بعد ذلك واعلم ان الذي ظن ان الرب سبحانه لا يسمع له او لا يستجيب له الا بواسطة تطلعه على ذلك او تسأل ذلك منه فقد ظن بالله ظن السوء فانه ان ظن انه لا يعلم او لا يسمع الا باعلام غيره له واسماعه. فذلك نفي لعلم الله وسمعه وكمال ادراكه فبذلك ذنبا. وان ظن انه يسمع ويرى ولكن يحتاج الى من يلينه ويعطفه عليهم فقد اساء الظن قد اساء الظن بافضال ربه وبره واحسانه وسعة جوده وبالجملة فاعظم الذنوب عند الله تعالى اساءة الظن به. ولهذا يتوعدهم في كتابه على اساءة الظن به اعظم وعيد كما قال الله تعالى الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا وقال تعالى عن خليله ابراهيم عليه السلام اإفكا الهة دون الله تريدون؟ فما ظنكم برب العالمين اي فما ظنكم ان يجازيكم اذا عبدتم معه غيره وظننتم انه يحتاج في الاطلاع على ضرورات عباده لمن يكون لمن تكون بابا للحوائج اليه ونحو ذلك وهذا بخلاف الملوك فانهم محتاجون الى الى الوسائط ضرورة لحاجتهم وعجزهم وضعفهم وقصور علمهم عن ادراك حوائج مضطرين فاما من لا يشغله سمع عن سمع وسبقت رحمته غضبه وكتب على نفسه الرحمة. فما تصنع الوسائط عنده فمن اتخذ واسطا بينه وبين الله تعالى فقد ظن به اقبح ظن. ومستحيل ان يشرعه لعباده بل ذلك يمتنع في العقول والفطر هذا صلة الجواب على الاسئلة المتقدمة فان مما يبين قبح الشرك عقلا ومما يبين سبب عدم مغفرته ومما يبين سبب كون الشرك مبيحا للدم والمال ان الشرك يتضمن اساءة الظن برب العالمين واساءة الظن بالله عز وجل مبعث كل فساد وشر في عمل الخلق فانه لا يمكن ان يسيء من احسن الظن بربه. ولذلك حسن الظن من حسن العبادة كما جاء في السنن عنه صلى الله عليه وسلم. فثمة ارتباط بين حسن الظن بالله وبين صلاح عبادة الانسان لربه والله عز وجل قد اوجب جزيل العطاء وكريم الاجر وافر الثواب لمن احسن الظن به الصحيح قال صلى الله عليه وسلم من حديث في في الصحيحين من حديث ابي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى انا عند ظن عبدي بي في خبر الهي ان الله تعالى يكون لك كما تظن به جل وعلا. وانه يجزيك وانه يعاملك بنظير ما يقوم في قلبك من الظن به سبحانه وبحمده. ولا شك ان من اشرك بالله عز وجل وتوجه الى غيره في استغاثته في في دعائه في تقربه انما وقع في ذلك لسوء ظنه بالله عز وجل. يقول رحمه الله واعلم ان الذي ظن ان الرب سبحانه الا يسمع له اي لا يدرك مقالته ولا يبلغه صوته او لا يستجيب يسمع لكن لا يجيب الى ما سأل وطلب الا بواسطة تطلعه على ذلك او تسأل ذلك من فقد ظن بالله ظن السوء وهو القائل جل في علاه واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. وقال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. فمن ظن السيء بالله ان تظن انه انك لن تجاب الا بواسطة بينك وبين الله عز وجل. فانه ان ظن انه لا يعلم سؤال السائلين ولا يسمع دعاء الداعين الا باعلام غيره او اسماع غيره فذاك نفي لعلم الله عز وجل الذي وسع علمه كل شيء. ووسع سمعه الاصوات ووسع جل وعلى بصره كل شيء فلا يختخى عليه خافية يعلم ما يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. قال رحمه الله نعم. قال نفي لعلم الله وسمعه وكمال ارادته وكمال ادراكه وكفى بذلك ذنبا بل فانه من سوء الظن بالله لانه لو ايقن بكمال ربه لعلم انه عليم ولا ايقن انه سميع ولجزم بانه بصير. ولا ايقن بانه لا تخفى عليه خافية. يسمع دبيب النملة السوداء على الصفاة السوداء في الظلمة في الليلة الظلماء. لا تخفى عليه جل وعلا خافية لا سمعا ولا بصر فهو السميع البصير سبحانه وبحمده وان ظن انه يسمع ويرى يعني يدرك الاصوات ويدرك المرئيات ولكن يحتاج الى من يلينه ويعطفه عليهم بالوساطة من الملائكة بوساطة الانبياء بوساطة الرسل لتحقيق المطالب فقد اساء الظن بافظال ربه وبره جل في علاه واحسانه وسعة جوده فهو الرحمن الرحيم ليس ثمة ارحم من رب العالمين. فهو جل في علاه ارحم بنا من انفسنا ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما. فمن رحمته بعباده ان يمنع ان منعك من قتل نفسك فمن كان بك ارحم من نفسك فلا تحتاج الى ان يكون بينك وبينه واسطة لادراك مطالبك وحصول ما تؤمله ليس بينك وبينه الا ان تقول يا رب الا ان تقول يا الله الا ان تنزل به حاجتك فهو الصمد جل في علاه الذي تقضى منه الحوائج. ولذلك كل من وجع جعل بينه وبين الله واسطة لادراك مطلوب فقد اساء الظن بربه اما لاعتقاد ان الله لا يسمع او ان الله لا يجيب او ان الله يحتاج الى من الى من يعطفه على عباده. وهو الرحمن الرحيم الرؤوف الكريم جل في علاه الذي له الاحسان سابقا قبل السؤال. وله جزيل العطاء لمن سأله وصدق في مناجاته سبحانه وبحمده ولذلك يقول رحمه الله فقد اساء الظن بافظال ربه وبره وسعة جوده وبالجملة فاعظم الذنوب عند الله اساءة الظن. هل اساءة الظن اعظم من الشرك؟ الجواب نعم. لان المشرك مسيء الظن بربه. فالشرك ثمرة اساءة الظن. لو احسن الظن بالله لما اشرك ولهذا يقول رحمه الله ولهذا توعدهم في كتابه على اساءة الظن اعظم وعيد. لم يأتي في القرآن عقوبة على ذنب كما جاء في عقوبة اساءة الظن بالرب جل في علاه يقول الله تعالى الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء انا عند ظن عبدي بي لك منه ما ظننته فيه. ان ظننت به خيرا واحسنت معاملته كان لك كما تحب. وان كنت على نقيض ذلك حال المفرطين المشركين العصاة المبتدعين المخالفين لامره وشرعه هؤلاء لهم منه ما ظنوه به جل في علاه وفرق بين حسن الظن والاغترار. حسن الظن ثمرة تمام العلم بالله. واما الاغترار فهو غفلة عن قدرة الله وشرعه الذي جعله طريقا للوصول اليه وادراك بره ورحمته. الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء. تحيط بهم السيئات من كل جانب. وغضب وغضب الله عليهم. هذا ثانيا ولعنهم هذا ثالثا ولعنهم واعد لهم جهنم هذا الرابع وساءت مصيرا اي ساء منقلبا ومآلا ان تكون النار دار العذاب المطلق مآلا وموئلا ومنتهى ينتهون اليه. قال رحمه الله وقال تعالى عن خليله اافكا الهة دون الله تريدون؟ اكذبا تعبدون الهة غير الله وتتوجهون اليها بالعبادة فما ظنكم برب العالمين؟ يشار الى ان ما وقعوا فيه من الشرك سببه سوء ظنهم بالله ما قدروا الله حق قدره لو قدروا الله حق قدره ما التفتوا الى سواه لو ادركوا عظمته ما توجهوا الى غيره ما عبدوا الا هو. لامتلأت قلوبهم محبة له وتعظيما واجلالا فليس في قلوبهم محبوب سواه ولا في قلوبهم معظم الا هو ولا في السنتهم دعاء ولا سؤال ولا تضرع ولا انكسار ولا طلب الا من الله جل في علاه الذي منه تقضى الحوائج لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع. يقول ابراهيم لقومه الذين عبدوا غيره غير الله عز وجل قال فما ظنكم برب العالمين اي فما ظنكم ان يجازيكم اذا عبدتم معه غيره. وظننتم انه يحتاج في الاطلاع على ظرورات عباده لمن يكون آآ بابا للحوائج اليه ونحو ذلك ولهذا اسعد الناس قلبا هم اهل التوحيد. الذين لا يعبدون غيره ولا يتوجهون اليه الا اليه سبحانه وبحمده يسعدون لانهم ينزلون حوائجهم بمالك الملك يحسنون به الظن يعلمون ما له من الكمالات جل وعلا بخلاف الذين بدون غيره فهم في حيرة وشقاء وخوف وزعوا قلوبهم على الخلق فظلوا عن الخالق جل في علاه هذا شأن الرب بخلاف شأن المخلوقين من الملوك واصحاب عطايا والهبات فانهم محتاجون الى من يعينهم. الى من يبلغهم حوائج الناس. لكن الله جل في علاه لا حاجة به الى ذلك فهو السميع البصير هو العليم القدير هو الذي لا تخفى عليه خافية هو الذي يعلم السر واخفى ومن كانت هذه صفات فانه غني عن ان يكون بينه وبين عباده وسائط تبلغه حاجاتهم وسائق ترفع اليه مطالبهم بل يسمعوا جل وعلا مناجاتهم واسئلتهم ويقضي حوائجهم فهو الصمد سبحانه وبحمده. قال وهذا بخلاف الملوك فانهم محتاجون الى الوسائط ضرورة لحاجتهم وعجزهم وضعفهم وقصور علمهم عن ادراك حوائج المضطرين فاما من لا يشغله سمع عن سمع سبحانه وبحمده من لا يشغله سمع عن سمع وسبقت رحمته غضبه غضبه وكتب على نفسه الرحمة فما تصنع الوسائط عنده لا الى وسائط فهو السميع المجيب الرحمن الرحيم الذي يعطي على القليل الكثير فمن اتخذ واسطة بينه وبين الله الله تعالى فقد ظن به اقبح الظن لجهله بعظيم قدرته بعظيم سمعه وبصره بسريع اجابته كريمة عطاياه وجليل احسانه وسعة رأفته ورحمته. قال ومستحيل ان اه يشرعه لعباده. مستحيل ان يشرع الله تعالى لعباده ان يجعلوا بينه وبينهم وسائط يمتنع في العقول والفطر. اذا الشرك تمنعه العقول تمنعه الفطرة فالقلوب مفطورة على عبادة الله وحده لا شريك له. تمنعه العقول فالعقول الصحيحة التي تعرف قدره الرب لا يمكن ان تجعل بين الرب وبين الخلق وسائره الشرائع كل الرسل من لدن نوح الى خاتمهم. محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. كانوا يدعون الناس الى اي شيء الى ان لا يدعو الا الله ولا يعبد الا الله. وان يحققوا لا اله الا الله قلبا وقولا وعملا. قال رحمه الله بعد ذلك واعلم ان الخضوع والتأله. واعلم ان الخضوع والتأله الذي يجعله العبد لتلك الوسائط قبيح في نفسه كما قررناه لا سيما اذا كان المجعول له ذلك عبدا للملك العظيم الرحيم القريب المجيب ومملوكا له كما قال تعالى ضرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما اتقناكم فانتم فانتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم انفسكم اي اذا كان احدكم يأنف ان يكون مملوكه شريكه في رزقه فكيف تجعلون لي من عبيدي شركاء فيما انا منفرد به هو الالهية التي لا تنبغي لغيري ولا تصلح لسواي. فمن زعم ذلك فما قدرني حق قدري ولا عظمني حق تعظيمي وبالجملة فما قدر الله حق قدره من عبد معه من ظن انه يوصل اليه. قال تعالى يا ايها الناس فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا. الى ان قال ما قدروا الله حق قدره ان الله لقوي عزيز. وقال تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون فما قدر القوي العزيز حق قدره من اشرك معه الضعيف الذليل هذا المقطع هو اخر ما ذكره المؤلف رحمه الله في جواب السؤال هل الشرك مما تدل العقول على بطلانه ولماذا كان الشرك موجبا حرمان الجنة ومنع المغفرة ولماذا كان موجبا قتال اصحابه الذين صدوا عن سبيل الله فاباح دماءهم واموالهم كان الجواب على ذلك بما تقدم ثم قال واعلم ان الخضوع والتأله الذي يجعله العبد لتلك الوساطة الخضوع يعني الذل ولابد في كل لا بد لكل سائل من ان يكون قد تطرق الى نفسه شيء من الذل ولهذا كانت كان الاصل في المسألة النهي في الشريعة. الاصل في المسألة عموما ان الشريعة نهت عنها اما نهي تحريم واما نهي ولهذا بايع النبي صلى الله عليه وسلم جملة من اصحابه على الا يسألوا الناس شيئا مطلقا حتى ان احدهم كان يسقط صوته من على راحلته وهو عليها فلا يسأل احدا ان يرفعه اليه بل ينزل. لماذا؟ لان الاصل في السؤال الكراهة الاصل في سؤال الخلق الكراهة لما فيه من الذل فاذا كان السؤال في امر عظيم كان الذل بقدر ما في هذا السؤال من العظمة وشدة الحاجة والفاقة. قال واعلم ان الخضوع او التأله الذي يجعله العبد لتلك الوسائط قبيح في نفسه. لا سيما اذا كان المجعول له ذلك عبدا للملك العظيم الرحيم القريب المجيب الذي يقول واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فان التوجه الى غيره في هذه الحال نوع من الذل الذي ينبغي للعبد ان ينزه قلبه عنه لانه لا يصلح الا لله عز وجل. فاذا صرفه للخلق كان ذلك تسوية للخالق المخلوقين وهو الشرك لذلك قال جل وعلا ضرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء هل لكم من الرقيق الذين تملكونهم تبيعونهم وتشترونهم من شركاء فيما رزقناكم يشاركونكم في املاككم فانتم فيه سواء ودع الرقيق قد لا يكون معلوما حاله الان الخدم الذين يخدمونك. هل ترضى ان يشاركونك في املاكك؟ وانت قد استخدمت وهم احرار هل ترضى ان ان يشاركوك في املاكهم فتكون انت انت وهم على حد سواء تخافهم كخيفتك نفسك؟ الجواب لا. فاذا كان كذلك فلماذا تسوي غير الله بالله وهو جل وعلا المنزه عن ان يكون له شريك. قال وبالجملة ما قدروا الله حق ما قدر الله حق قدره. من عبد معه من ظن انه يوصل اليه اي الحوائج والمطالب وهذا اشارة الى ان كل ما وقع الناس فيه من الشرك سببه سوء الظن بالله وعدم قدر الله حق قدره جل في علاه ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له هذا من اعظم امر واهل بيته وهذا قول الغلاة في ال البيت ثم قال ولا قدر الله حق قدره من زعم انه لا يحيي الموتى ولا يبعث من في القبور كقول الدهرية. كل هذه المقالات هي امثلة لما امثال القرآن فقد امر الله تعالى الناس جميعا بالاستماع له لعظيم المنفعة فيه ولبيان ان عبدا ضعيف لا قدرة له على شيء الا بالله وامكانه واقداره جل في علاه. ما قدروا الله حق قدره. ان الله لقوي عزيز. فاذا كان عظيم القدر على هذا النحو الا فانه لا يتوجه الى سواه. بل تنزل الحاجات به جل في علاه. وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون نزه نفسه عما وقع فيه هؤلاء من الشرك فما قدر فما قدر القوي العزيز حق قدره من اشرك معه الظعيف الذليل فحقه سبحانه وبحمده ان يفرد بالعبادة والا يتوجه الى غيره وسواه ثم قال رحمه الله واعلم انك اذا تأملت جميع طوائف الضلال والبدع وجدت اصل ضلالهم راجعا الى شيئين احدهما ظنهم بالله ظن السوء تاني انهم لم يقدروا الرب حق قدره فلم يقدره حق قدره من ظن انه لم يرسل رسولا ولا انزل كتابا بل ترك كالخلق سودا وخلقهم عبثا. ولا قدره حق قدره من نفى عموم قدرته وتعلقها بافعال عباده من طاعتهم ومعاصيهم واخرجها عن خلقه وقدرته ولا قدره حق ولا قدره حق قدره اضداد هؤلاء الذين قالوا انه يعاقب عبده على ما لم يفعله بل على فعله هو سبحانه واذا استحال في العقول ان يجبر السيد عبده على فعل ثم يعاقبه عليه فكيف يصدر هذا من اعدل العادلين؟ وقول هؤلاء شر من اشباه المجوس القدرية الاذلين. ولا قدره حق قدره من نفى رحمته ومحبته ورضاه وغضبه وحكمته مطلقا وحقيقة فعله. ولم يجعل له فعلا اختياريا بل افعاله مفعولات منفصلة عنه. ولا قدره حق قدره من جعل له صاحبة وولدا او جعله يحل في مخلوقاته او جعله عين هذا الوجود. ولا قدره حق قدره من قال انه رفع اعداء رسوله واهل بيته وجعل فيهم الملك ووضع اولياء رسوله واهل بيته. وهذا يتضمن غاية القدر الرب تعالى الله عن قول الرافضة وهذا مشتق من قول اليهود والنصارى في رب العالمين انه ارسل ملكا ظالما فادعى النبوة وكذب على الله ومكث زمنا طويلا امرني بكذا ونهاني عن كذا ويستبيح دماء انبياء الله واحبابه. والرب تعالى يظهره ويؤيده ويقيم الادلة والمعجزات على صدقه ويقبل بقلوب الخلق واجسادهم اليه. ويقيم دولته على الظهور والزيادة. ويذل اعداءه اكثر من ثمانمائة عام. فوازن بين قول هؤلاء وقول اخوانهم من الرافضة تجد القولين سواء ولا قدره حق قدره من زعم انه لا يحيي الموتى ولا يبعث من في القبور ليبين لعباده الذين كانوا فيه يختلفون وليعلم الذين كفروا هم كانوا كاذبين. هذه الكلمات التي ذكرها رحمه الله في بيان اصل ثم تمثيل بين فيه اصلا ثم مثل له بامثلة. الاصل ان جميع طوائف الظلال والبدع كل من انحرف عن الصراط المستقيم وخرج عن هدي سيد المرسلين وتورط في الوان المحدثات في الاقوال او الاعتقادات او الاعمال على شتى انواع الانحراف والضلال في الطوائف والفرق المنتسبة للاسلام كل هؤلاء وقعوا فيما وقعوا فيه من الضلال لواحد من امرين لسبب من سببين احدهما ظنهم بالله ظن السوء. الثاني انهم لم يقدروا الله حق قدره. قد ينفرد سبب وقد بانحراف وقد يكون الانحراف ناشئا عن السببين انما كل الانحرافات التي وقع فيها من وقع هي ناتجة اما عن سوء ظن بالله واما عن عدم قدر له حق قدره واما عن مجموعهما. وقد مثل المؤلف رحمه الله لهذه القاعدة واه هذا التقرير بجملة من الامثلة. فقال رحمه الله في تقريره لهذا الاصل. قال ولا قدر الله حق قدره. قال رحمه الله فلم يقدره حق قدره. من ظن انه لم يرسل رسولا ولا انزل كتابا بل ترك الخلق سدا وخلقهم عبثا كما قالت المشركون كما قال المشركون الذين كذبوا الرسل ولقد الله حق قدره من نفى عموم قدرته وتعلقها بافعال عباده كقول القدرية ولا قدر الله حق قدره اصداد هؤلاء الذين قالوا انه يعاقب عبده على ما لم يفعل. وهم الجبرية ولا قدر ولا قدر الله حق قدره من نفى رحمته ومحبته ورضاه اي صفات الاختيارية التي اتصف بها جل في علاه قال ولا قدر الله حق قدره من جعل له صاحبة وولدا وهذا قول النصارى ولا قدر الله حق قدره من قال انه رفع اعداء رسوله واعداء اهل بيته وجعل فيهم الملك ووضع اولياء رسوله من ان كل انحراف يقع فيه الناس ناشئ عن اما اساءة ظن بالله واما عدم قدر له حق قدره جل في علاه. اخر ما ذكر في جوابه على هذه الاسئلة قال وبالجملة وبالجملة فهذا باب واسع والمقصود ان كل من عبد مع الله غيره فانه عبد شيطانا. قال تعالى الم اعهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان فما عبد احد احدا من بني ادم كائنا من كان الا وقد وقعت عبادته للشيطان. فيستمتع العابد بالمعبود في حصول غرض ويستمتع المعبود بالعابد في تعظيمه له واشراكه مع الله تعالى وذلك غاية رضا الشيطان ولهذا قال تعالى ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس اي من اغوائهم واضلالهم قال وقال اولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا اجلنا الذي اجلت لنا. قال ومثواكم خالدين فيها الا ما شاء الله. ان ربك حكيم عليم. فكل من عبد غير الله عز وجل اتجه الى سواه فانما عبد هواه والشيطان وذلك ان الشيطان اعظم الدعاة الى الكفر والشرك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه خلقت عبادي حنفاء يعني على على التوحيد فاجتالتهم الشياطين اي فصرفتهم الشياطين عن التوحيد الى انواع وصور من الشرك. فكل من عبد غير الله تعالى فقد عبد الشيطان؟ الم اعهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان؟ فالشيطان هو المعبود في كل تلك السور التي يعبد فيها غير الله عز وجل. بعد ذلك يقول فهذه فهذه اشارة لطيفة الى السر الذي لاجله كان الشرك اكبر الكبائر عند الله وانه لا يغفر بغير التوبة منه. وانه موجب للخلود في العذاب العظيم. وانه ليس تحريمه وقبحه بمجرد النهي عنه فقط بل يستحيل على الله سبحانه وتعالى ان يشرع عبادة اله غيره. كما يستحيل عليه ما يناقض اوصاف كماله جلاله. هذا جواب مسدد مفصل مبرهن بالادلة من الكتاب والسنة ومن الادلة العقلية الدالة على ما اذ تقدم من وجوب افراد الله تعالى بالعبادة وبيان عظيم خطورة الشرك بصوره وان الواجب على العبد ان ان حق الله تعالى لا يشركه فيه غيره. فلا يشبه المخلوق بالخالق لا يرظى بان يعبد غير غير الله ولا يرظى بان يجعل احدا في منزلة الله عز وجل او ينازعه ما له من الخصائص سبحانه وبحمده في اسمائه وصفاته وافعاله وما يجب له سبحانه وبحمده. وهو جواب عن هذه الاسئلة الثلاثة وبه يكون قد بلغ هذا الكتاب اه منتصفه وبقي نصفه نجعله ان شاء الله تعالى لقراءتنا في الشهر القادم باذن الله تعالى اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقني واياكم العلم النافع والعمل الصالح وان يسلك بنا سبيل الهدى والرشاد ان تحقيق لا اله الا الله في قلوبنا ان يعمرها بمحبة الله وتعظيمه. نعوذ به ان نشرك به ونحن نعلم ونستغفره لما لا نعلم ونسأله جل وعلا ان يبلغنا مراضيه وان يجعلنا في عباده الصالحين واوليائه المتقين وان يصرف عنا كل سوء وشر صلى الله وسلم على نبينا محمد