وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها. ثم ذكر ما يجب على المرأة من الحجاب وما يجوز ابداؤه من الزينة وبقية الاحكام المتعلقة بذلك والمقصود ان الله تعالى امر بالحجاب صيانة للمرأة ومنعا للفتنة فلذلك ذكر المصنف رحمه الله هنا ما يتصل بطواف النساء مع الرجال وما جاء فيه عن سلف الامة الاخيار قال رحمه الله الحمد لله رب العالمين احمده حق حمده له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه. واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين رب العالمين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله. صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان النبي صلوات الله وسلامه عليه بين المناسك بيانا واضحا جليا بين اعمال الحج على نحو لا يلتبس وامر صلوات الله وسلامه عليه امر اصحابه بان يأخذوا عنه سنته وان يتلقوا عنه اعمال نسكهم ليكون ذلك على وفق ما امر الله جل وعلا فهو المبين لما امر الله تعالى به في كتابه في قوله ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا فكان يقول كما في الصحيح من حديث جابر لتأخذوا مناسككم لعلي لا القاكم بعد عامي هذا. وكان يقول صلوات الله وسلامه عليه خذوا عني مناسككم لعلي لا القاكم بعد عامي هذا وكان يقف في مجامع الناس يبين لهم ما اشكل عليهم من احكام نسكهم فحري بالمؤمن الذي يقبل على هذه العبادة الجليلة وعلى هذا الركن العظيم من اركان الاسلام ان يعتني بمعرفة هدي سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه وان يعرف ماذا صنع وكيف عمل ليكون له اسوة حسنة كما امر الله تعالى بذلك في قوله لقد لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وانه لا يتحقق ذلك الا بمعرفة هديه بمعرفة سنته بالوقوف على اقواله واعماله وما كان من حاله صلوات الله وسلامه عليه. وانما ذلك يكون بقراءة ومطالعة ما ذكره اصحابه. مما نقله عنه اهل العلم في دواوير السنة ونحن نقرأ في صحيح الامام البخاري في كتاب الحج ونقف على بعض جوانب هديه صلوات الله والسلام عليه في حجه وكيف كان عمله في هذه العبادة الجليلة في هذه العبادة الجليلة وفي هذا الركن العظيم كنا قد وقفنا على قوله رحمه الله باب طواف النساء مع الرجال اي ما جاء في شأن طواف الرجال مع النساء النساء مع الرجال ومعلوم بادئ بادئ ذي بدء ان الشريعة جاءت بفصل الرجال عن النساء لما في التقائهما من الفتنة قال الله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا لشيخنا واجعله مباركا اينما كان. واجعل مجلسنا هذا مباركا يا رب العالمين. قال الامام البخاري رحمه الله باب طواف النساء مع الرجال. وساق باسناده عن عطاء قال اذ منعه من نساء طواف مع الرجال. قال كيف يمنعه النار قد طاف نسائه النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال قلت وبعد الحجاب انصبن الحجاب؟ قال اي نعم لقد ادركتم بعد الحجاب. قلت كيف يخالطون الرجال قال ما كنا نخالطنا الرجال كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم فقالت امرأة انطلقي نستلم يا ام المؤمنين. قالت انطلقي عنك وابت يخرجن متنكرات في الليل فيطوفن مع رجال ولكنهن كن اذا دخلن البيت قمنا حتى يدخلن مخرج الرجال. وكنت انسي عائشة انا عبيد بن عمير وهي مجاورة في قلت وما حجابها؟ قال ان في قبة تركية لها وما بيننا وبينها غير ذلك. ورأيت علينا ذراعا موردة. وساق باسناده عن امج سنوات النبي صلى الله عليه وسلم قال شكوت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اني اشتكيه قال صلى الله عليه وسلم طوفي من وراء الناس وانت راكبة. وطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي الى جنب البيت وهو يقرأ قول الله وكتاب مسكور ساق في هذا الباب حديثين او خبرين الاول ما ساقه من طريق ابن جريج وهو عبدالملك عن عطاء ابن ابي رباح وهو من التابعين الاجلة الذين لهم تخصص في فهم المناسك حتى انه قيل انه اعلم اهل مكة بالمناسك قال عبد الملك ابن جريج فيما يخبر عن عطاء اذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال. ابن هشام كان واليا على مكة قيل هو ابراهيم وقيل هو محمد منع الطواف طواف النساء مع الرجال لما في ذلك من الفتنة فقال ابن جريج كيف يمنعهن؟ وقيل قال عطاء لابن هشام كيف تمنعهن اي كيف تحول بينهن وبين الطواف وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال اي وقد حصل ان نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهن اشد النساء احتياطا في الحجاب وفي البعد عن الرجال والنهي عنهم مع الرجال قلت القائل ابن جريج ابعد الحجاب او قبل؟ يعني هذا الذي جرى من طواف ازواج النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال كان قبل نزول اية الحجاب او بعد ذلك واية الحجاب هي قول الله تعالى واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب وكانت في السنة الخامسة وقيل في السنة الثالثة من هجرة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال عطاء ايل عمري اي نعم واقسم على ذلك فكلمة لعمري تفهم القسم وان كانت ليست بلفظه لان الفاظ القسم تكون مبدوءة بالباء او الواو او التاء والله وبالله وتالله لكن عمري كلمة تستعملها العرب في الاشارة الى وهي ليست قسما ومعناها وبقاء الله. اي يقسم ببقاء الله ودوامه فهو الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء سبحانه وبحمده لقد ادركته بعد الحجاب القاء العطاء لقد ادركت طواف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحجاب وهو تابعي فلا يخبر بذلك عما كان في زمن التنزيل وفي زمن الوحي انما يخبر عما شهده من حال زوجات النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى عطاء عن عائشة ومنه ما نقله هنا عنها رضي الله تعالى عنها قال لقد شهدته ان لقد ادركته بعد الحجاب قلت كيف يخالطنا الرجال؟ فقال عطاء لم يكن يخالطنا الرجال لم يكن زوجاتهن صلى الله عليه وسلم يخالطنا الرجال في الطواف بل كن متميزات عن الرجال. فليس لاحد ان يستشهد بالطواف زوجات النبي صلى الله وسلم مع الرجال بانهن لم يكن يخالطن الرجال والمعية هي المصاحبة والمقارنة ولا يلزم منها الاجتماع ولا يلزم منها المخالطة انما هي مقارنة وموافقة الان تقول فلان معنا في المسجد الحرام وهو في الطواف ونحن هنا في هذه الحلقة او انت في الطواف وهو في السعي فالمعية لا يلزم منها المقارنة لا يلزم منها المخالطة انما تطلق على مطلق المقارنة تصدق على مطلق المقارنة والموافقة. ولو لم يكن في ذلك مخالطة. فكنا الله تعالى عنهن لا يخالطن الرجال اي يتحاشين رضي الله تعالى عنهن ان يقتربن ممن لا يحل لهن من الرجال وساق ذلك فقال في بيان كيف لم كيف ان زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخالطن الرجال؟ قال كان عائشة رضي الله تعالى عنها تطوف حجرة وفي نسخة حجزة من الرجال اي في حجرة اي في ما يحجرها ويمنعها من مخالطة الرجال اما باحاطة محارمها او بغير ذلك من ما تحتجر به وتحتجز به عنان تخالط الرجال الاجانب قال قالت عائشة رضي الله تعالى عنها تطوف حجرة مع الرجال اي في صيانة عن ان تخالطهم رضي الله تعالى عنها قالت لا قال لا تخالطهم ثم بين توقي زوجات النبي من مخالطة الرجال فقالت امرأة اي ممن كان مع عائشة رضي الله تعالى عنها في طوافها. انطلقي نستلم. انطلقي نستلم الحجر اي نمسحه ونقبله لان ذلك من سنن الطواف استلام الحجر من سنن الطواف كما تقدم لكن ام المؤمنين رضي الله تعالى عنها قالت لها انطلقي عنك اي اذهبي انت وابت اي وآآ رفضت ان توافقها في الذهاب الى استلام الحجر بما يفضي اليه ذلك من مخالطة الرجال وزوال الحجرة التي تمنعها من الرجال قال يخرجن ثم ثم عاد الى وصف حال النساء في طوافهن زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده قال يخرجن اي النساء متنكرات بالليل يخرجن متنكرات اي مستترات لا يعرف لا يعرفن من اي لا لا يعرفهن احد من شدة تحفظهن باستتارهن. وهذا يدل على انهن كن على حال من الستر لو رآهن من يعرفهن لم يتبين منهن. لانهن متنكرات ومعلوم ان التنكر هو اخفاء شخص نفسه بان يظهر على خلاف ما هو معروف به متنكرات بليل فجمعن في الستر امرين التنكر وهو اخفاء الشخصية وبالليل وذاك ظلام يستر من آآ من فيه لان الليل ستر وغطاء. ولا تقل ثمة اضواء ليس في ذلك الزمان في بيوتهم مصابيح. فكيف في الشوارع وفي المسجد الحرام؟ فليس ثمة ما يعرفن به وانما ذكر الليل لبيان انهن كن على حرص في الاستتار ان يجمعنا الستر البدني والستر الزماني. الستر البدني بما يلبسنه مما به وستر الزماني بان كان طوافهن ليلا فلا يعرفهن احد. قال فيطفن مع الرجال وهنا يتبين ان نتوافهن مع الرجال في هذه الحال لا تأثير فيه لانهن متنكرات مستترات بستر الليل محتجزات بعيدات عن الرجال قال ولكنهن كن اذا دخلن البيت اي اذا دخلن للطواف قمنا اي وقفنا وهذا نوع من التجمع والترتيب. قمنا حتى يدخلن واخرج الرجال. اي يخرج الرجال من الطواف بالبيت ويدخل فيه النساء للطواف هكذا كان الترتيب في طريقة طواف النساء زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وما نقل عنهم التابعون في صفة الطواف. قال وكنت اتي عائشة القائل عطاء ابن ابي رباح. رحمه الله وهو من التابعين وكنت اتي عائشة انا وعبيد ابن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير اي نازلة في جوف ثبير جبل عظيم في مكة وهو يطلق على خمسة على خمسة جبال في مكة كلها تسمى ثبيرا قلت وما حجابها؟ يعني وما وما الذي كانت تستتر به عن اعين الناس؟ في مكان مجاورتها ونزولها. قال هي في قبة تركية اي خيمة القبة هي الخيمة تركيا عرفت بذلك الزمان بهذا الاسم لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك. ورأيت عليها درعا موردا اي ثوبا ساترا لونه مورد اي فيه هذا اللون هذا الشاهد من هذا الاثر الذي قص فيه ابن جريج قص فيه عطاء ما كان من حال عائشة رضي الله تعالى قال عنها بيان تحفظ الصحابة والستار زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف. وان المرأة يجب عليها ان تتوقى مخالطة الرجال اي اي الاقتراب منهم والاختلاط بهم في طوافها وان كانت تشاركهم في الفعل. وفي يومنا هذا هذا هذه الكثافة للرجال والنساء في قصد البيت الحرام تستوجب ان يعتني الانسان من رجل بتوقي النساء والبعد عنهن. فتجتنب المرأة الرجال والرجال النساء. وفي زمن الساعات ثمة من يقف من العاملين في المسجد الحرام ممن يفصل الرجال عن النساء. فيكون مكان طواف النساء في جهة ومكان طواف الرجال اقرب الى البيت في جهة اخرى. وهذا يحقق نوعا من الفصل الذي ذكره عطاء في صفة طواف عائشة رضي الله تعالى عنها. لكن في حال هذا الاكتظاظ والازدحام الشديد يعسر هذا الفصل ولذلك تكون المسؤولية في ذلك على لنفسه ان يتحرى الاوقات التي لا زحام فيها. وان تتحرى المرأة البعد عن الرجال ما استطاعت الى ذلك سبيلا. فان مقاربة الرجل للمرأة فتنة على الرجل وفتنة على المرأة. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في حديث اسامة ما تركت بعدي فتنة على الرجال من النساء وهذا شيء ينبغي ان يعرف ويعلم ويؤخذ في الحسبان ليكون ذلك وسيلة لتوقي ما يمكن ان يكون من الفساد المترتب من الاختلاط. وفي الحديث الثاني حديث ام سلمة رضي الله تعالى عنها وهي النبي صلوات الله وسلامه عليه قالت رضي الله تعالى عنها شكوت الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اني شاكيا اي اي قلت للنبي صلى الله عليه وسلم واخبرته بضعفي ومرضي وذلك في حجة الوداع وكانها تعتذر عن الطواف او تطلب رخصة فيه. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم طوفي من وراء الناس. اي طوفي وانت بعيدة عن الناس فقولها فقوله من وراء الناس اي من جهة بعيدة عن الناس لا تخالطينهم فيها وهذا لتوقي مخالطة الرجال والبعد عنهم وايضا قال وانت راكبة اي وانت على بعير. فاذن النبي صلى الله عليه وسلم ان تطوف وهي راكبة لمعالجة ما شكته من المرض. فكان ان طافت رضي الله تعالى عنها من وراء الناس كما اخبرت فقالت فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي الى جنب طيب يصلي صلاة الفجر الى جنب البيت اي قريبا منه وهو يقرأ والطور وكتاب مسطور اي يقرأ في صلاة الفجر سورة صلوات الله وسلامه عليه وذلك في فجر اليوم الرابع عشر من ذي الحجة وبعده غادر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه الى المدينة وبذلك انتهى ما كان من اعمال حجه صلوات الله وسلامه عليه هذا الحديث فيه من الفوائد شكاية المرأة لزوجها حيث ان ان ام سلمة شكت مرضها لزوجها وهذه الشكوى ليست مما يندرج في الجزع او عدم الصبر على اقضية الله واقداره. فان الشكوى التي لها مصلحة ويترتب عليها فائدة لا حرج فيها. وانما الشكوى مذمومة ومنافية للصبر اذا كانت على وجه الجزع وعلى وجه شكاية الله الى خلقه. واما اذا كانت لبيان الواقع لمعرفة ما الذي يترتب عليه؟ وكيف يتعامل معه الانسان؟ فان هذا ليس مما يدخل في الشكوى المذمومة انما الشكوى المذمومة هي ما كان يشتكي فيه الانسان ربه ويتجزع من قضائه وقدره كأن الله فعل به ما لا يستحق وليعلم المؤمن ان كل ما يجري عليه من الله واقداره فلله فيه حكمة ليس في ذلك ظلم له فتعالى الله عنان يظلم الناس شيئا كما قال تعالى وما ربك بظلام للعبيد وفيه من الفوائد ان ان المريض يطوف وان المرض لا يمنع من طواف الوداع الا ان يكون مرضا يعجز معه الانسان عن الطواف قائما عن الطواف راكبا او محمولا. اما اذا كان يتمكن من الطواف راكبا او محمولا فانه يجب عليه ان يطوف ولا له ان يترك الطواف لقول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم طوفي من وراء الناس وانت راكبة. وفيه ما بينه المصنف رحمه الله من صفتي طوافي المرأة مع الرجال وانها تتباعد عنهم ما استطاعت الى ذلك سبيلا. كما فعلت ام سلمة في في وصية النبي صلى الله عليه وسلم وكما فعلت عائشة رضي الله تعالى عنها. وفي انه يجوز ان تشتغل المرأة بعبادة الطواف وقت صلاة الناس لانها ليست من اهل الجماعات. اما من كان من اهل الجماعات فيجب عليه ان يصلي مع الجماعة اذا اقيمت الصلاة وهو لم لكن من ليس من اهل الجماعات كالنساء فانه لهن ان يشتغلن بالطواف وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الفرظ قريبا من البيت وذلك انه كلما اقترب الانسان من البيت كان اعظم اجرا في طوافه وكذلك في استقباله للبيت. وفي اه صلاته فيه فانه اقرب للقبلة امر بقصدها والتوجه اليها. وفي سنية قراءة سورة الطور في صلاة الفجر هذي بعض الفوائد المتعلقة بهذا الحديث نعم. وساق في اسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده الى انسان او بشيء غير ذلك. وقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال صلى الله عليه وسلم خذه في يدك. باب الكلام في الطواف. الطواف عبادة اثنى الله تعالى على اهلها بان امر خليله ابراهيم ان يهيئ البيت للطائفين. قال الله تعالى وعهدنا الى ابراهيم الى ان طهر بيتي لمن لمن؟ للطائفين اول من ذكر من المتعبدين في البيت الحرام الطائفي والسبب في هذا شرف هذه العبادة وانها عبادة لا تكون الا في الكعبة. فليس في الدنيا طواف بشيء الا الطواف بهذه الكعبة المشرفة. سواء كان فذلك فرضا في حج او في عمرة او كان ذلك طوافا متقربا به على وجه الاستحباب وهذا الطواف عبادة ينبغي للمؤمن ان يكون فيها على احسن ما يكون طهارة وستارة وحضور قلب وان يشتغل فيها بذكر الله. فان المقصود بالطواف ليس المرور على هذا المكان فحسب بل التعبد لله في هذا المكان وذكر الله عز وجل. فقد جاء في المسند والسنن من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها انها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم انما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لاقامة ذكر الله فالمقصود من الطواف هو اقامة ذكر الله جل وعلا بتعظيم ما عظمه وهذه وهذا الطواف يشارك فيه المؤمن الصالحين من عباد الله من رسله واولياءه وعباده الذين طافوا على هذا البيت المعظم. ويستحضر هذا المعنى وقد جاء عن عبد الله ابن عباس انه قال ان الطواف بالبيت صلاة. الطواف بالبيت صلاة. ولكن الله احل لكم فيه الكلام. وهذا الاثر ورد مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفا على ابن عباس. والصواب انه لا يصح مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم فليس من قوله صلوات الله وسلامه عليه بل هو من قول ابن عباس وقوله الطواف بالبيت صلاة اي انه موضع عبادة وطاعة فالصلاة تطلق على الدعاء والذكر والتعظيم والتمجيد لله عز وجل. ولا يعني هذا ان الطواف يأخذ احكام الصلاة. وذلك ان الصلاة يجب فيها استقبال القبلة والطواف لا يكون فيه استقبال للقبلة بل سيكون القبلة على يسار الطائف والصلاة لا حركة فيها ولا مشي والتوافد ثمة حركة ومشي. وبالتالي يعلم ان قوله قول ابن ان قول ابن عباس الطواف بالبيت صلاة لا يقصد به وافق في كل الاحكام بل المقصود الموافقة في المعنى العام. فالصلاة ذكر ودعاء وكذلك الطواف ذكر ودعاء وقولوا الا انه ابيح لك الا انه ابيح لكم فيه الكلام المقصود بالكلام هنا اي مخاطبة الانسان لغيره. فانه لا بأس ان يخاطب فالانسان غيره بما تقتضيه الحاجة في طوافه خلافا للصلاة فان الصلاة امر الله تعالى فيها بالقنوط والقنوت هو الصمت والسكوت عن كلام الناس قال الله جل الا وقوموا لله قانتين. فنهى الله تعالى المؤمنين عن الكلام في الصلاة. فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه عن الكلام في صلاتهم لما نزلت هذه الاية فالكلام المأذون فيه بالطواف هو ما تقتضيه الحاجة ولذلك ترجم له المؤلف لقوله باب الكلام في الطواف اي انه لا يمتنع منه لكن هل معنى هذا ان يتحول الطواف موضعا حكايات والسواليف والاخبار والقصص والنكات وما الى ذلك الجواب لا. الطواف محل عبادة ينبغي ان يشتغل فيه الانسان بذكر الله عز وجل لكن ان اقتضت حاجة اودعت مصلحة فان الكلام او او تكلم بكلام يسير فانه يباح ذلك وقد ساق باسناده من طريق طاووس عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم مرة وهو يطوف بالكعبة. قد يكون هذا في طواف قدومه. وقد يكون هذا في طواف الحج. وقد يكون هذا في طواف الوداع يحتمل كل هذا والمقصود انه في طواف صلوات الله وسلامه عليه من اطوفته التي طاف والاطوفة التي طافها ثلاثة انواع طواف مسنون وطواف ركن وطواف واجب فيحتمل ان يكون هذا الذي قاله في طواف سنة وهو طواف القدوم او في طواف الركن وهو طواف الزيارة وطواف الافاضة او طواف وهو طواف الوداع الحكم المذكور في هذا الحديث لا فرق فيه بين طواف طواف السنة وطواف الواجب وطواف الركن مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة بانسان ربط يده الى انسان بسير او خير اي مر صلوات الله وسلامه عليه وهو في طوافه برجل قد ربط يده بانسان بسير او خيط وهذا الرب جاء في سببه ان الرجل جاء في سببه ما في ما رواه احمد من طريق عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان ان رجلين طافا مقترنين مقترنين يعني قد قرنا انفسهما برباط يربطهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا؟ فقال انا قد نذرنا ان نطوف مقترنيه ان نحج مقترنين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا انما النذر ما ابتغي به وجه الله. يعني ليس هذا قربى. انما النذر ما يتقرب به الى الله فامر بقطعه بقطع السير والرباط الذي كان بينهما. وقيل ان الجاهليين كانوا يتقربون الى الله عز وجل بالطواف مقترنين. ولذلك لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل قد ربط انسانا اخر بسير او بخير او بشيء غير ذلك قطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده قطعه تغييرا لهذا المنكر وتحويلا لهذه الصورة الممنوعة في الشرع. قال ثم قال خذه بيده خذه بيده اي بيده وهذا يشعر بان الرباط الذي كان بين هذين الرجلين ليس عباديا انما كان لمصلحة. وذلك انه اراد ان يقود صاحبه او الا عنه صاحبه فنهاه عن الرباط الذي قد يترتب عليه مفسدة والذي لا يفعل عادة الا في البهائم واما في مصاحبة الانسان فلا يكون بربط فلا يكون ذلك بربط بخيط. انما يكون ذلك بان يقوده بيده. ولذلك قال صلى الله عليه ولذلك قطعه النبي صلى الله عليه وسلم تغييرا لهذه الصورة التي لا تليق او الصورة المحرمة ثم قال اوجد طريقا اخر لكفاية الناس فيما يحتاجون من الاقتران فقال قده بيده اي امسكه بيده هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده قرب النبي صلى الله عليه وسلم من الناس. فلم يكن بينه وبينهم حاجز ولم يكن صلى الله عليه وسلم يمتنع من من قربهم منه بل كان يكره ان يضرب الناس بين يديه وان يصرفوا عنه. ولذلك لما كثروا عليه طاف راكبا ليبعد عن اذيتهم ولانه تعثر سيره باجتماعهم عليه وفيه من الفوائد ان من رأى منكرا في طوافه فانه يغيره بيده. وبلسانه ان اقتضت الحاجة فذاك فعله صلوات الله وسلامه عليه وهو محل ولاية. وصاحب اسوة واقتداء به صلوات الله وسلامه عليه ولذلك غير المنكر بيده لكن هذا فيما يتعلق بحياة الناس اليوم ووضعهم ينبغي الا يبادر الى التغيير باليد الا من كان له سلطة وولاية. اما من كان من سائر الناس فان التغيير باليد قد يترتب عليه مفسدة لذلك ينبغي ان يوجه بلسانه والا يغير وان يكون التغيير باليد بقناعة من صاحب من الموجه المأمور. وفيه من الفوائد كلام النبي صلى الله عليه وسلم في طوافه وان الطواف لا يمنع الكلام وهذا هو الشاهد في سياق هذا الحديث في الباب باب الكلام في الطواف. وفيه من الفوائد انه اذا منع اذا منع الشارع شيئا او منع الشارع امرا تدعو اليه الحاجة فان فانه يبين الممنوع يذكر الطريق المأذون يبين ما منع ويقدم البديل المباح. فان النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن ان يقود ان يربطه بسيل لكن وجهه الى ما يحصل به المقصود فقال خذه بيدك اي امسك امسكه بيدك الى ما تريد ان توصله اليه والشاهد انه يجوز الكلام في الطواف. ثم اعلم ان الطواف محل للذكر ويبحث الفقهاء هنا ما الذي يقوله الانسان في الذكر من الذكر في طوافه؟ المشروع في الطواف الذكر على وجه الاطلاق والذكر يشمل التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وسائر ما يمجد به رب العالمين ويشمل الدعاء وقد جاء ذلك منقولا عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يقول بين الركنين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار و اختلف العلماء رحمهم الله في قراءة القرآن. هل يقرأ القرآن في الطواف اولى. وخلافهم فيه على ثلاثة اقوال منهم من قال او على اربعة اقوال منهم من قال يكره تكره قراءة القرآن في الطواف ونقل ذلك عن الامام مالك رحمه الله ومنهم من قال قراءة القرآن خلاف الاولى ونقل عن جماعة من التابعين. وهو قول ابي حنيفة ومنهم من قال تباح قراءة القرآن وهو قول اخر عن الامام مالك ومنهم من قال تستحب القراءة قراءة القرآن في الطواف وهذا قول جمهور العلماء لكن من اهل العلم من كره القراءة بالجهر لما في ذلك من التشويش على الناس وهذا قول صحيح لان الجهر بالقرآن مما نهي عنه. الا ان يكون مما لا يتأذى به الناس كقراءة الامام او قراءة المعلم او ما اشبه ذلك والا في الاصل الا يجهر بالقرآن لما يحصل به من التأذي. واقرب الاقوال ان قراءة القرآن في الطواف من لكن الافضل ان يشغل ذلك بذكر الله وان خلطه بشيء من تلاوة القرآن فهو عمل صالح واما ما جاء من الكراهة او انه خلاف الاولى او انه محدث فذاك بناء على انه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ذلك شيء اي لم ينقل عنه انه قرأ القرآن في طوافه ولكن موظوع الاذكار فيه سعة لا سيما وان النبي قد بين ان مقصود الطواف الذكر ومن اشرف الذكر تلاوة القرآن