وبه يتبين ان الرحمة من صفاته جل في علاه وان له فيها المثل الاعلى فهو ارحم الراحمين. وينبغي ان هذا المعنى الذي اشار اليه اهل العلم من ان قوله جل وعلا الثواب والعقاب ومنهم من قال ما ثم الا ارادة قديمة او ما يشبهها. فاول جميع الصفات الفعلية بذلك. هذه الايات الكريمات فيها اثبات هذه الصفات التي تضمنتها من الغضب واللعن الحمد لله حمدا الشاكرين احمده له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد نقرأ ما يسر الله تعالى من الايات التي ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب العقيدة الواسطية في تقرير صفات الرحمن وبيان ما له من الكمالات جل في علاه وبيان ما جرى عليه عاقبوا اهل السنة والجماعة من اثبات ما اثبته الله لنفسه من الاسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل فنسأل الله عز وجل ان يبارك في الوقت وان يعين على ما فيه الرشد وان يرزقني واياكم العلم النافع والعمل الصالح وان يسددنا في الاقوال والاعمال في السر والاعلان وفي نهاية المجلس ان شاء الله تعالى نجيب على ما يسر الله تعالى من الاسئلة. فمن كان عنده سؤال فليكتبه بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى على آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال المؤلف وفقه الله في بشرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. وقول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وقوله وسعت كل شيء رحمة وعلما وقوله وكان بالمؤمنين رحيم وقوله ورحمتي وسعت كل شيء وقوله كتب على نفسه الرحمة وقوله وهو الغفور الرحيم. وقوله فالله خير حافظا. وهو ارحم الراحمين. في هذه الايات الشريفة اثبات رحمة الله تعالى وانه الرحمن الرحيم. الذي يرحم العباد بمشيئته و وقدرتهم وهذا امر بين واضح. اتفق عليه السلف والائمة. وجرى عليه اهل السنة والجماعة ورحمة الله سبحانه اسم جامع لكل خير. وله فيها الكمال المطلق. وقد جاء بصيغة التفضيل فالله هو ارحم الراحمين. واحكم الحاكمين. واعلم العالمين. فهو اكبر واعلم العالمين. فهو اكبر في كل صفة من صفاته. كما هو اكبر في جميع صفاته وذاته وافعاله وقد ضل في هذه الصفة اهل البدع والضلالة من الجهمية ونحوهم. فهم يجحدون حقيقة كونه الرحمن او انه يرحم. لان الرحمة رقة تكون في الرحم. وهي ضعف وخور في الطبيعة وتألم على المرحوم وهو نقص. فالرحمة رقة تلحق المخلوق. ثمان انهم فسروا الرحمة بالارادة القديمة او صفة اخرى قديمة. وهذا تحريف للكلم عن مواضع فانكروا هذه الصفة العظيمة من صفات الله تعالى. واما الفرق بين هذين الاسمين الكريمين الرحمن الرحيم فهو ان الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه. والرحيم والرحيم على تعلقها بالمرحوم. فكان الاول للوصف والثاني للفعل. فالاول دال على ان رحمة صفته. والثاني دال على انه يرحم خلقه. واذا اردت فهم هذا فتأمل قوله وكان بالمؤمنين رحيما. وقوله انه بهم رؤوف رحيم. ولم يجيء قط رحمن بهم فعلم ان الرحمن هو الموصوف بالرحمن. والرحيم هو الراحم برحمته. فان اسم يقع تارة على الصفة التي هي مسمى المصدر. ويقع تارة على متعلقها الذي هو ويقع تارة على متعلقها الذي هو مسمى المفعول كلفظ الخلق الرحمة والامر والقدرة ونحو ذلك من الفاظ الصفات التي يسمونها في اصطلاح النحاة مصادر ومن لغة العرب ان لفظ المصدر يعبر به عن المفعول كثيرا. كما يقولون درهم ضرب الامير ومنه قوله تعالى هذا خلق الله اي مخلوقه. كذلك لفظ الرحمة يراد بها صفة الله يدل عليها اسمه الرحمن الرحيم. ويراد بها ما يرحم به عباده. وفائدة الجمع بين الصف الرحمن الرحيم. الانباء عن رحمة عاجلة واجلة وخاصة وعامة هذه الايات الكريمات فيها ذكر اسمين من اسماء الله عز وجل هما من الاسماء العظمى التي ذكرها الله تعالى في اول كل سورة من كتابه في البسملة التي هي اول سورة هي اول اية في جميع سور القرآن عدا سورة براءة. بسم الله الرحمن الرحيم فهذه البسملة الجارية على السنة اهل الايمان تظمنت ذكر ثلاثة اسماء من اسماء الله عز وجل الله الرحمن الرحيم مجموع هذه الايات يثبت معنى هذين الاسمين الكريمين الرحمن الرحيم فان هذين الاسمين دالين على ان الله تعالى موصوف بالرحمة فالرحمن الرحيم كلاهما دال على رحمة الله عز وجل ورحمته سبحانه وبحمده رحمة عامة وسعت كل شيء كما قال تعالى ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فالرحمة كالعلم وسع كل شيء اي لا يخلو منه شيء من الاشياء كما ان العلم لا يخلو منه شيء من من الاشياء فعلم الله احاط بكل شيء فكذلك رحمته سبحانه وبحمده وسعت كل شيء فقرن الله تعالى العلم بالرحمة في بيان عظيم السعة. فقال جل وعلا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فرحمته وسعت كل شيء سبحانه وبحمده وقد قال جل وعلا ورحمتي وسعت كل شيء وهذا خبر مؤكد لسعة رحمة الله تعالى. والرحمة اوجبها الله تعالى على نفسه كما قال تعالى كتب على نفسه كتب ربكم على نفسه الرحمة. فالله عز وجل اوجب على نفسه الرحمة وهو جل وعلا الغفور الرحيم. وهو سبحانه وتعالى ارحم الراحمين وهو جل في علاه له الكمال المطلق في كل ما يصف به نفسه سبحانه وتعالى فصفة الرحمة صفة ثابتة لله عز وجل دل عليها هذان الاسمان امن بذلك اهل الاسلام لدلالة القرآن ومجيء البرهان من سنة خير الانام صلوات الله وسلامه عليه وكذلك اجمع على اثباتها علماء الامة ويثبتونها لله عز وجل على النحو الذي يليق به. جل في علاه. ليس بذلك تحريف. ولا تعطيل ولا ولا تمثيل لكن طائفة من المبتدعة حادوا عن الصراط المستقيم فمثلوا ما لله ما لله عز وجل بما للخلق. فقالوا ان الرحمة رقة وهذا ينافي ما يستحقه الله عز وجل من الكمال فعطلوا هذه الصفة لما مثلوها بصفات الخلق فقالوا ان مقتضى كوني الرحمة رقة لا يناسب ان ان تضاف الى الله عز وجل تعطلوها وفسروها بالارادة. ففسروا وهو ارحم الراحمين وهو وكان بالمؤمنين رحيما وما الى ذلك بالارادة القديمة. وهذا تحريف للكلمة عن موضع مواضعه بين التمثيل والتعطيل مثلوا ثم عطلوا وسلم من ذلك اهل السنة والجماعة ومن سار على ما كان عليه قرون الامة المفضلة فاثبتوا هذه المعاني هذه الاسماء وما دلت عليه من معاني لله عز وجل فقالوا هو الرحمن الرحيم جل في علاه وهو سبحانه وبحمده المتصل بالرحمة ورحمته وسعت كل شيء والرحمة تقتضي وصول الخير لكل انسان او لكل من شاء الله تعالى ان يوصل اليه رحمته سبحانه وبحمده. فرحمة الله اسم جامع لكل خير يحصل به جلب الخيرات فبرحمته ندرك كل خير وبرحمته يندفع عنا كل سوء وشر فبرحمته يبلغ الانسان سعادة الدنيا وفوز الاخرة وبرحمته يتوقى شرور ما في الدنيا من شرور وما في الاخرة من اهوال واكدار واضرار. ولذلك لما كانت الجنة دار النعيم الكامل قد حازت النصيب الاعلى من رحمة الله عز وجل سماها الله تعالى رحمة حيث ان الله عز وجل قال في كتابه فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات فسيدخلهم ربهم في رحمته اي في جنته يدخلهم في جنته فالرحمة هي الجنة. وقد قال الله عز وجل في حديث في الحديث الذي في الصحيح في اختصام الجنة والنار الجنة انت رحمتي ارحم بك من اشاء من عبادي فالجنة رحمة الله وسميت بذلك لكونها قد حازت النصيب الاوفى من رحمة الله تعالى بعباده واوليائه واصفيائه من عباده الصالحين بهذا يتبين عظيم الوصف الثابت لله عز وجل من هذا الاسم فان الله عز وجل له الرحمة ولعظيم رحمته كان له من هذا الوصف عدة اسماء كان له من هذا الوصف عدة اسماء فالرحمن يدل على الرحمة والرحيم يدل على الرحمة والرؤوف ايضا يدل على الرحمة لان الرأفة هي غاية الرحمة ومنتهاها. وكل هذه اسماء ثابتة الله عز وجل ذكر اهل العلم الفرق بين الرحمن والرحيم هل بينهما فرق؟ ام هما اسمان دالان على معنى واحد فيكونان على وجه من الترادف المتطابق؟ الجواب ان الرحمن الرحيم بينهما فروق فهما دالان على على اصل المعنى فالرحمن هو الرحيم وكلاهما دالان على الله وكلاهما دالان على عظيم وصف به من الرحمة لكن الفرق الرحمن دال على الصفة القائمة بالرب جل في علاه فهي فالرحمن متعلق بذاته. فهو الموصوف بالرحمة على وجه الكمال. والرحيم متعلقة بعباده فهي فعله الذي يفعله جل وعلا بعباده ولذلك كان الرحمن مما يتعلق بالذات والرحيم مما يتعلق بالافعال ولسائل ان يسأل اذا كانت الرحمة صفة الله عز وجل فلماذا سمى الله تعالى بها بعض خلقه فقال في الجنة وهي خلق الله تعالى انت رحمتي ارحم بك من اشاء من عبادي وسمي المطر رحمة كما قال تعالى فانظر الى اثار رحمة الله كيف يحي الله الارض بعد موتها فالجواب على هذا ان الرحمة تطلق ويراد بها الوصف القائم بالله عز وجل وتطلق ويراد بها مفعول ذلك واثر ذلك وهو ما ظهر فيه رحمة الله عز وجل من مخلوقاته سبحانه وبحمده. فالمطر رحمة لانه يرحم الله تعالى به عباده ولكن هذا اطلاق للاسم على المفعول الناتج عن رحمة الله عز وجل. وله نظير بين في الخلق فالخلق صفة الله عز وجل فهو الخلاق العليم جل في علاه الله خالق كل شيء والخلق اسم لبعض يطلق على ما خلقه الله عز وجل على مفعوله فيكون هذا من باب اطلاق الصفة او المصدر على الصفة التي بها الله عز وجل وعلى اثر ذلك مما يكون في الخلق في الاية وهو ارحم الراحمين اثبات كمال اتصافه. سبحانه وبحمده بالرحمة وهو جل وعلا موصوف بالكمال في كل ما يتصف به سبحانه وبحمده. فكما انه الاعلى وصفا في ذاته. فكذلك هو الاعلى وصفا في كل صفاته وليس بذلك اشكال ولا مساواة بينه وبين خلقه بل له المثل الاعلى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير سبحانه وبحمده هذا ما يتصل بهذه الايات التي دلت على هذه الصفة العظيمة من صفات الله عز وجل نعم. وقول الله تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه. في هذه الآية الكريمة اثبات صفة وهي من الصفات الفعلية التي اثبتها اهل السنة والجماعة لله تعالى. فانها من صفات الكمال واضدادها صفات نقص. وقد انكر هذه الصفة من ينكر ثبوت الصفة الفعلية ديارية لله تعالى من الكلابية والاشعرية ونحوهم قوله جل وعلا رضي الله عنهم ورضوا عنه هذا في بيان جزاء الله عز وجل اولياءه وعباده الصالحين ان الله تعالى يحل عليهم رضاه فاذا احل عليهم رضا فازوا ونالوا كما لا السعادة في الدنيا وفي الاخرة ومن عظيم ما يجازون به ان تمتلئ قلوبهم رضا عن الله عز وجل. لما يعاينونه ويشاهدونه من عظيم احسانه وكبير لطفه ورحمته وبره وعطائه وافري هباته جل في علاه فلكمال احسانه ولكمال عطاءه ولكمال هباته يرضى عنه عباده جل في علاه في ذلك اليوم وقد جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن اهل الجنة وانهم اذا دخلوا الجنة نادى مناد يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ينجزكموه اي ان يعطيكموه يعطيكم هذا الجزاء. قالوا الم ويدخلنا الجنة الم يبيض وجوهنا؟ الم ينجنا من النار يعني فماذا بعد ذلك؟ وقد نالوا هذه العطايا والهبات العظيمة يكشف الحجاب فيرونه جل في علاه فلا يكون شيء اعظم عندهم من النظر الى وجهه سبحانه وبحمده فيكون هذا غاية الرضا وبه يحل عليهم تمام رضاه جل في علاه. فيحل فيقول الله تعالى لهم رضيت عنكم او اليوم ارضى عنكم في حل عليهم رضاه جل في علاه فلا يغضب بعده ابدا وهذا من كمال فضله واحسانه عليهم جل في علاه. وهذا ما من معاني قوله رضي الله عنهم ورضوا عنه. والله لا يرضى الا لمن والله لا يرضى الا عن من كان عبدا تقيا طائعا رضيا ولذلك ينبغي للانسان اذا اراد رضا الله ان يرضي الله جل في علاه فرضا الله سبحانه وبحمده عن العبد ثمرة عمل العبد في ربه جل في علاه وهذه الاية الكريمة دالة على هذه الصفة على اثبات صفة الرضا لله عز وجل. والرضا صفة فعلية والفرق بين الصف الفعلية والصفات الذاتية ان الصفات الفعلية صفات يتصف الله تعالى بها متى شاء فهي صفات تتعلق بالمشيئة والاختيار. واما الصفات الفعلية اما الصفات الذاتية فهي الصفات التي لا يزال الله جل وعلا متصفا بها ابدا وازلا كالحياة والقيومية والعلم والسمع والبصر والارادة ونحو ذلك من الصفات التي لا زال جل وعلا لم يزل جل وعلا متصفا بها في الازل والابد من الصفات التي اتصف الله تعالى بها ازلا وابدا سبحانه وبحمده لكن الرضا ليس مما يتصل به جل وعلا في كل حين وفي كل حال ومع كل احد. بل الله عز وجل يرضى عن عباد ولا يرضى عن غيرهم كما قال تعالى ان الله لا يرضى لعباده الكفر. فنفى الرضا جل في علاه فدل ذلك على ان الرضا ليس وصفا لازما لله عز وجل بل هو من الصفات الاختيارية الفعلية التي متى شاءت تصف الله تعالى بها ومتى شاء لم يتصل بها سبحانه وبحمده وهي من صفات الكمال ضد ذلك عدم الاتصاف به من صفات النقص فلذلك يثبت اهل السنة والجماعة ما اثبته الله تعالى لنفسه من هذه الصفة العظيمة الجليلة. ولا يأولون ذلك بارادة الجزاء او ارادة الاثابة او ارادة الاكرام او نحو ذلك فان هذا نوع من التحريف للكلم عن الذي يفضي الى التعطيل الجزئي وهذا مما نجى الله تعالى اهل السنة والجماعة منه فليس في عقدهم تعطيل اذ يثبتون ما اثبته الله لنفسه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل نعم وقول الله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله الله عليه والاعلى وقوله ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه وقوله فلما اسفونا انتقمنا منهم وقوله ولكن كره الله انبعاثهم وقوله كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون. وقوله ان الذي كفروا ينادون لمقت الله اكبر من مقتكم انفسكم. في هذه الآيات الكريمات في اثبات صفة الغضب والسخط والاسف والكره والمقت. وهي من صفات الفعل التي يثبتها اهل السنة الجماعة لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه. والغضب المثبت له جل وعلا لا نقص فيه من الوجوه فان الغضب على من يستحق الغضب عليه من القادر على عقوبته صفة كمال ارسلوا الصلوات الله عليهم اجمعين. انما جاءوا باثبات هذا الاصل. وهو ان الله يحب بعض الامور ويرضاها ويسخط بعض الامور ويمقتها. وان اعمال العباد ترضيه تارة وتسخط اخرى كما في الايات المتقدمة وغيرها. اما معنى الاسف فقد فسر بالغضب. قال ابن عباس اغضبونا. وقال ابن قتيبة الاسف الغضب يقال اسفت اسفا اي غضبت. وهذه الايات دالة على ان الفعل حادث بعد ان لم يكن فان الجزاء لا يكون قبل العمل. والقرآن صريح بان اعمالهم كانت سببا لذلك. كقول الله تعالى فلما اسفنا انتقمنا منهم وقوله بانهم اتبعوا ما اسخط الله وكرهوا رضوانه فاحبط اعمالهم. وقوله قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وامثال ذلك. وقد انكر هذه الصفات من ينكر قيام اما الافعال بالله تعالى فقالوا هذه كلها امور مخلوقة بائنة عنه ترجع الى والكره ومن الغضب والكره والسخط والمقت وكلها معان متقاربة. فهذه الايات تضمنت اثبات غضب الله عز وجل وسخطه واسفه وهو بمعنى الغضب ومقته وهو شدة الغضب وغايته كرهة سبحانه وبحمده كل هذه المعاني من صفات الفعل الثابتة لله عز وجل فان ما اثبته الله لنفسه وجب اثباته على الوجه اللاائق به سبحانه وبحمده. يقول الله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه. فقوله جل وعلا وغضب الله عليه اي ان الله عز وجل يغضب عليه على هذا الذي فعل هذا الجرم وهو قتل المؤمن متعمدا بغير حق يدل هذا على اثبات صفة الغضب لله عز وجل. والغضب الذي يتصف به جل في علاه صفة كمال. اذ انه يغضب سبحانه وبحمده على من يستحق الغضب وليس غضبا في غير محله بل هو غضب في محله اللائق به. الدال على الكمال في صفات الرحمن جل في علاه كذلك قوله تعالى ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله. اي ما اغضبه جل في علاه. وكرهوا رضوانه. فكان ذلك تعليلا وبيانا لسبب العقوبة التي نالوها. وكذلك قوله فلما اسفونا انتقمنا منهم اسفونا الاسف فسره ابن عباس بالغضب وكذلك فسره ابن قتيبة بالغضب فالمعنى المقصود بالاسف هو غضبه جل وعلا على هؤلاء الذين انتقم منهم سبحانه وبحمده فغضبه يثمر عقوبته فاذا غضب الله عز وجل كان ذلك موجبا لعقوبته واخذه بالعذاب لمن اغضبه سبحانه وبحمده قوله تعالى ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم اي لم يحب الله جل وعلا من هؤلاء الطاعة لكونها غير صادرة عن ايمان ويقين وصلاح واستقامة فثبطهم اقعدهم الله تعالى عن الطاعة. فلم ييسرها الهم كما قال جل وعلا فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره اسرع فتيسير العبد للطاعة هو من توفيق الله تعالى له واعانته لعلمه سبحانه وبحمده بتأهله صلاحيته لكونه من عباده المتقين وكذلك من عصى وادبر فان الله يخلي بينه وبين نفسه ولا يبلغه جل وعلا الخير لكونه انحرف عنه بقلبه كما قال تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم فالله اعلم بالمهتدين وهو اعلم بمن اهتدى وهو جل وعلا اعلم حيث يجعل رسالته سبحانه وبحمده وكذلك قوله سبحانه كبر مقتا اي عظم غضبا وكرها عند الله ان تقولوا ما لا تعلمون. اي اي عظمت عظم كرهه جل وعلا وغضبه على من اشتغل بالقول دون العمل بل من كان قوله على خلاف فعله لذلك قد كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون اي ان تقولوا بالسنتكم ما لا تحققونه في قلوبكم وما لا تفعلونه بجوارحكم وابدانكم كل هذه الصفات كما تقدم في صفة الرضا من الصفات الفعلية التي يثبتها اهل السنة والجماعة لله عز وجل على على الوجه اللائق به فكل ما اخبر الله بهم عن نفسه كل ما اخبر الله تعالى به عن نفسه من الصفات يجب على المؤمن ان يوقن بذلك لكن ان يستحضر في يقينه ان ذلك الثابت لله على وجه الله مثيل له. لا نظير له فيه فليس كمثله شيء وهو السميع البصير لم يكن له كفوا احد هل تعلم له سميا فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. فالله لا مثيل له سبحانه وبحمده في كل ما اخبر به عن نفسه من اسمائه وصفاته جل في علاه تيقن المؤمن هذا الامر ان الله لا مثيل له ولا نظير زال عن عقله ان يكون ما اخبر الله تعالى به عن نفسه مثل ما ان يكون ما اخبر الله تعالى به عن نفسه مثلما يعقل في حال الناس. فان حال فان حال الخلق والناس لا يرقى الى ان يكون نظيرا لما لله عز وجل فالله ليس كمثله شيء سبحانه وبحمده فاحجب عن عقلك وفكرك ونظرك ان تجعل ما اخبر الله تعالى به عن عن نفسه مثلما اخبر به مثل ما اخبرها به عن خلقه او مثل ما تعرفه من حال الخلق فلا تسوية بين الخالق والمخلوق سبحانه بحمده