الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد بعد ان ذكر الله تعالى ما ذكر من شأن بني اسرائيل وفي خبر امر موسى عليه السلام اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولقد اتينا موسى الكتاب من بعده بالرسل. واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس افكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا. فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئس ما اشتروا به انفسهم ان يكفروا بما انزل الله بغيا ان يكفروا بما انزل الله بغيا ان ينزل الله من فضله ان ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين قال ابن جزير رحمه الله تعالى في كتابه التسهيل لعلوم التنزيل قوله وقفينا من بعده بالرسل اي جئنا من بعد بالرسل وهو مأخوذ من القفا اي جاء بالثاني في قفا الاول وقوله البينات المعجزات من احياء الموتى وغير ذلك وقوله بروح القدس جبريل. وقيل الانجيل وقيل الاسم الذي كان يحيي به الموتى والاول ارجح لقوله قل نزله على رح القدس قل نزله رح القدس ولقوله صلى الله عليه وسلم لحسانا اللهم ايده بروح القدس بني اسرائيل لذبح البقرة قال تعالى ولقد اتينا موسى الكتاب وهذا مما امتن الله تعالى به على بني اسرائيل ان اتى موسى الكتاب والكتاب المقصود به التوراة وهو اعظم الكتب المنزلة على الانبياء بعد القرآن قال قوله غلف جمع اغلف اي عليها غلاف وهو الغشاء فلا تفقه وقوله بل لعنهم الله رد عليهم وبيان ان عدم فهمهم بسبب كفرهم وقوله فقليلا اي ايمانا قليلا يؤمنون. وما زائدة اعظم الكتب المنزلة على الانبياء بعد القرآن هو التوراة ولذلك يقرنه الله تعالى بالقرآن كثيرة و خصه الله تعالى بميزة ان كتبه لي موسى بيده سبحانه وبحمده قال تعالى وقفينا من بعده الظمير يعود الى موسى قفينا اي اتبعنا من بعد موسى بالرسل اي بالمرسلين وذلك ان بني اسرائيل فيهم رسل كثيرون وكانت تحكمهم الانبياء فاذا مات نبي جاء اخر ولذلك كثرت الانبياء في بني اسرائيل وهو مما امتن الله تعالى به عليهم حيث جعل فيهم الكتاب والنبوة والمقصود بالنبوة اي كثرة الانبياء فيهم واتينا عيسى ابن مريم البينات يقول مصنف رحمه الله وقفينا من بعده بالرسل اي جئنا من بعده بالرسل وهو مأخوذ من القفا يعني قوله قفينا اي جاء بالثاني في قفا الاول وهذا يدل على تتابعهم و انه لا يغيب رسول الا ويأتي بعده اخر وقوله تعالى واتينا عيسى ابن مريم البينات قال في تعريف البينات المعجزات من احياء الموتى وغير ذلك وجه تخصيص المفسر البينات بالمعجزات انه قال بعد ذكر البينات وايدناه بروح القدس وروح القدس معه الايات الشرعية وهو الانجيل الذي انزله الله تعالى على عيسى عليه السلام والذي يظهر والله تعالى اعلم ان البينات المذكورة في الاية تشمل كل ما يبين الحق ويظهره من الايات الكونية الخلقية ومن الايات الشرعية الدينية فكل ذلك يدخل في البينات والعطف في قوله وايدناه بروح القدس اما ان يكون ذلك تخصيص نوعا من البينات فيكون من باب ذكر الخاص بعد العام فيكون عطفا للخاص على العام واما ان يكون التأييد هنا ليس داخلا في البينات بل هو شيء اخر. وهو ما امد الله تعالى به عيسى عليه السلام من التمكين والظهور على اعدائه الذين ارادوا به سوءا وشرا بالقتل وقوله بروح القدس ذكر في ذلك جملة من التفاسير قال جبريل وهذا الذي رجحه وهو الذي عليه اكثر المفسرين وقيل الانجيل فيكون هذا من الايات الشرعية سوى تقدم قبل قليل وقيل الاسم الذي كان يحيي به الموتى والذي يظهر والله تعالى اعلم ان ان روح القدس هو جبريل عليه السلام وجبريل جاءه بالانجيل وامده بما امده الله تعالى به من الايات والبينات وقوله والاول ارجح اي ان المراد بروح القدس جبريل وذكر لذلك شاهدين ما الكتاب؟ قوله تعالى في خطاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم قل نزله روح القدس من ربك بالحق يعني القرآن وروح القدس وجبريل الذي كان ينزل بالقرآن على سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه الوجه الثاني لترجيح ان المراد بروح القدس جبريل قوله صلى الله عليه وسلم لحسان اللهم ايده بروح القدس وذلك سؤال الله ان يسدد مقالة حسان بالملائكة وبجبريل منهم على وجه الخصوص وقوله تقتلون هذا في بيان ما قابل به بنو اسرائيل تلك المنح والمنن المتتابع عليهم قال فكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم اي بما لا تحب وتشتهي استكبرتم اي طلبتم الكبر والعلو والمقصود تكبرتم الاستكبار هنا بمعنى التكبر والعلو على الانبياء وبعد ان ذكر ما قام في قلوبهم من طلب العلو على الخلق والتعالي على الحق ذكر اثر ذلك وثمرته فقال كفريق كذبتم وفريقا تقتلون فقوله ففريقا كذبتم هذا ثمرة ما ذكر من استكبارهم وتعاليهم على الخلق وطلبهم العلو في الارض فان طلب العلو في الارض يثمر الفساد فيها قال رحمه الله تقتلون فريقا منكم نعم قوله تقتلون جاء مضارعا مبالغة لانه اريد استحضاره في النفوس اولى انهم حاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم لولا ان الله عصمه قوله قوله رحمه الله تقتلون جاء فعلا جاء مضارعا مبالغة يعني هذا حصل منه في السابق وانما ذكره بصيغة المضارع الذي يفيد الحال والاستمرار ليستحظر اولئك ليستحظر اولئك قبيح صنيعهم وانهم ملزمون له فهم على هذه السجية والعمل ولو جاءهم من جاءهم من الرسل والثاني او لانهم حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم فكان امتدادا لقبيح صنيعهم السابق قال تعالى افكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم. تشتهي وتحب تكبرتم ففريقا كذبتم اي لم تقبلوا خبره وما جاء به من الهدايات وفريقا تقتلون يعني زاد الجرم على مجرد التكذيب الى الاعتداء بالقتل وذلك انهم قتلوا جملة من الانبياء ظلما وعدوانا ويجوز ان تكون القلة بمعنى العدم او على اصلها لان من دخل منهم في الاسلام قليل او لانهم امنوا ببعض رسل وكفروا ببعض قوله تعالى وقالوا قلوبنا غلف هذا في بيان قبيح اعتذارهم عن قبول ما جاءت به الرسل من الهدايات اعتذروا عن ذلك بان قلوبهم غلف قالوا قلوبنا غلف وقوله غلف قال المفسر جمع اغلف اي عليها غلاف وهو الغشاء فلا تفقه فلا يصل اليها الحق ولا ترى الهدى ولا تنتفع بما جاءت به الرسل وقوله بل لعنهم بل حرف استدراك ويمكن ان يقال انه حرف انتقال والاظهر في هذا السياق انه استدراك على ما زعموه بابطاله وبيان السبب الذي منعه من قبول الهدايات بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون من لعنهم اي ابعدهم وهذا الابعاد لسبب منهم ولذلك قال لعنهم بكفرهم. فالبال السببية فابعدهم الله عن طريق الهداية وحال بينهم وبين الهدى لما كان في قلوبهم من الكفر كما قال تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم بل لعنهم الله بكفرهم قال بعد ذلك فقليلا ما يؤمنون قال رحمه الله في قوله قليلا عدة اوجه قال فقليلا اي ايمانا قليلا يؤمنون فالقليل هنا هو ايش هو الايمان ذاته اي ان ايمانهم قليل وما زائدة للتوكيد والوجه الثاني قال ويجوز ان تكون القلة بمعنى العدم اي انهم لم يؤمنوا بالكلية فتطلق القلة على العدم وهذا مستعمل في لسان العرب او على اصلها يعني الغاء الذي دل عليه اصل المعنى من وجود الشيء لكن على وجه غيري كثير قال او على اصلها لان من لان من دخل منهم في الاسلام قليل وهذا يتعلق بايش بعدد من امن الاول يتعلق بالايمان ذاته قليل ايمانهم قليل يعني ضعيف والثاني ان المؤمن منهم اي ان من امن منه القليل والثالث قال او لانهم امنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض وهذا يرجع الى اي المعنيين الاول او الثاني الى الايمان او الى عدد المؤمنين الى الايمان الى الايمان لانهم امنوا ببعض وكفروا بعض تم؟ يلا امنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض ايه لكنه هذا ليس حكما نهائيا انما هو هذا واقعهم افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فاثبت لهم ايمانا بالبعض وكفرا بالاخر. والمحصلة انهم غير مؤمنين لانه من كفر بشيء من الهدى فكما لو لم يؤمن بشيء منه نعم كتب اه اه نعم كتاب من عند الله في قوله ولما جاءهم ولما جاءهم لما شرطية او حينية اي حين جاءهم وهي مظمنة معنى الشر كتاب من عند الله اي وحي منه مكتوب وهو ما انزله عليهم من الكتب مصدق لما معه نعم قرأت هذا لقوله كتاب من عند الله هو القرآن وقوله مصدق تقدم ان له ثلاثة معان وقوله يستفتحون اي يستنصرون على المشركين اذا قاتلوهم قالوا اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في اخر الزمان ويقولون لاعدائهم من المشركين قد اضل قد اظل زمان نبي يخرج فنقتلكم معه قتل عاد وارم وقيل يستفتحون اي يعرفون الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم فالسين على هذا للمبالغة كالسين في استعجب واستسخر وعلى الاول للطلب طيب قوله لما جاءهم كتاب من عند الله فسر الكتاب بالقرآن لما جاءهم كتاب من عند الله اي منه وحيا فهو الذي تكلم به وانزله جل في علاه. مصدق لما معهم اصدق اللي ما معهم اشار الى انه قد تقدم له ثلاث معاني وهي استذكارا مصدق لما معهم اي انه مطابق لما اخبرت به الرسل من مجيء رسول في اخر الزمان والاخر انه شهد لما اخبرت به الرسل بالصدق تصدقت ما في كتب امم السابقة و الوجه الثاني الثالث انه مصدق لصحة رسالتي وكتب من جاء من الرسل السابقين ذكرها رحمه الله بقوله وتصديق القرآن للتوراة وغيرها وتصديق محمد للانبياء المتقدمين له ثلاثة معان احدها انهم اخبروا به اي ببعثته صلى الله عليه وسلم الثاني انه اخبر انهم انبياء وشهد لهم بالنبوة الثالث انه وافقهم بما جاءت به كتبهم من التوحيد و تعظيم الله وعبادته وحده لا شريك له. هذا معنى قوله مصدق لما معهم قال وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا نقف على هذا قوله وكانوا حالية اي والحال انه كانوا على هذا العمل من الاستفتاح. قوله يستفتحون اي يستنصرون على المشركين. اذا قاتلوهم قالوا اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في اخر الزمان ويقولون لاعدائهم من المشركين قد اظل زمان نبي يخرج فنقتلكم معه قتل عاد وارم. فقوله وكانوا اي الحال انهم كانوا يستنصرون على المشركين بالنبي الذي سيأتي في اخر الزمان اي يطلبون النصر عليهم بنبي يخرج في اخر الزمان يقاتل هؤلاء المشركين وينتصر عليهم هذا المعنى الاول في قوله يستفتحون وقيل وقيل يستفتحون اي يعرفون الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم فالسين على هذا للمبالغة كالسين استعجب واستسخر وعلى الاول للطلب عن اول الطلب يستنصرون و اما على الوجه الثاني هي مبالغة في الفتح فقوله يستفتحون اي يعرفون الناس بالنبي فالسين على هذا للمبالغة يتفتحون اصلها فزيدت السين آآ للمبالغة او يفتحون قال وعلى الاول للطلب والمقصود انهم على حالين اما انهم يطلبون النصر على مشركين ومن عاداهم بالنبي الذي اخبرت به كتبهم او انهم يخبرون الناس بانه سيأتي نبي ويكون شأنه كذا وكذا مما جاءت به الاخبار في كتبهم نعم فلما جاءهم قوله فلما جاءهم ما عرفوا القرآن والاسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم قال المبرد كفروا يقول فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به الان عندنا شرطان الشرط الاول ولما جاءهم كتاب من عند الله. نعم ولم يذكر له جوابا بل اتى بشرط اخر فقال فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به واضح كفروا به هي جواب الشرط فهل هي جواب للشرط الاول او للثاني يقول ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم كفروا به هذا الشرط الاول والشرط الثاني فلما فلما جاءهم ما عرفوا اي من صدق الرسول وما اخبروا به كفروا به فالان يقول في كفروا به قال المبرد كفروا جواب لي لما الاولى والثانية يعني جواب للشرطين واعيدت الثانية قال المبرد كفروا جواب لما الاولى والثانية واعيدت الثانية لطول الكلام ولقصد التأكيد هذا القول قال به المبرد وجماعة لكنه خلاف ما عليه غالب اهل النحو اذ ان كل شرط يحتاج الى جواب فلكم جواب واحد جوابا لشرطين لا يكون جواب واحد جوابا لشرطين فلا يصح ان يقول كفروا به جواب للشرطين المتقدمين. اما للاول واما للثاني طيب وقال الزجاج وقال الزجاج كفروا جواب لم الثانية وحذف جواب الاولى للاستغناء عنه بذلك. يعني علم جواب الاول من الشرط الثاني وجوابه نعم وقال وهذا الذي عليه اكثر اهل اللغة نعم وقال الفراء وقال الفراء جواب لم الاولى فلما وجواب الثانية كفروا فيكون الشرط الثاني وجوابه جواب للاول نعم والمعنى واضح المعنى على كل هذه الاقوال واضح ليس فيه التباس وانما هي اوجه في النحو نعم. وقال على الكافرين اي عليهم يعني اليهود ووضع الظاهر قوله فلعنة الله على الكافرين بلعناه اي الابعاد والطرد وهذا اما خبر واما دعاء لا عليهم والاغلب ذكر اذا كان من الله فهو خبر عنهم واذا كان تعليقا على ما جرى منهم فهو دعاء عليهم قوله عن قوله على الكافرين اي عليهم يعني اليهود ووضع الظاهر موضع مضمر ليدل ان اللعنة بسبب كفرهم واضح يعني لم يقل فلعنة الله عليهم انما قال فلعنة الله على الكافرين يدل ان اللعنة بسبب كفرهم هذا واحد. الفائدة الثانية التسجيل عليهم بالحكم وانهم كفار لما كذبوا الرسل ولم يؤمنوا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. نعم واللام قال واللام للعهد. وين اللام الكافرين الكافرين الالف واللام للعهد للعهد ايش الذكر وهم من تقدم او يقول قال واللام للعهد او للجنس فيدخل الجنس لجنس الكفار هؤلاء وغيرهم نعم فيدخلون فيها مع غيرهم من الكفار. نعم نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد