الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على البشير النذير السراج المنير نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد قرر المؤلف رحمه الله قاعدة فيما يتعلق الاثار التي تبلغ الانسان ويقصر عنها ادراكه وفهمه قال وكل ما سمعت من الاثار مما لم يبلغها عقلك فعليك بالتسليم والتصديق والتفويض والرضا لا تفسر شيئا من هذه بهواك فان الايمان بهذا واجب فمن فسر شيئا من هذا بهواه او رده فهو جهمي وقد تكلمنا على هذه القاعدة وبينا مقصوده رحمه الله في ما قرر واما ما ذكره من الشواهد وقد ذكر جملة من احاديث الصفات التي قد يقصر عنها ذهن بعض الناس اخبار التي جاءت عن صفات الله عز وجل الواجب فيها ان يقر بها الانسان على نحو ما وردت من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل فاعتقد ان الله ليس كمثله شيء وانه سميع بصير جل في علاه فما لم يدركه من هذه المعاني التي دلت عليها النصوص فانه يجب عليه ان يؤمن بها على مراد الله وعلى مراد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مثل ذلك بجملة من الامثلة الامثلة محل نقاش لكن هي مما قد يشتبه على بعض الناس وقد لا يبلغها عقله ففي هذه الحال تجري على ما ذكر وهي للتمثيل وليست للحصر ولا للاستيعاب ولا انها مشكلة عند كل احد. او انه لم يبلغها عقل كل احد فان هذا مما تتفاوت فيه الاذهان وتختلف فيه المدارك وانما مثل لانها قد تكون مثل بهذه الاثار لانها قد تكون موطن اشكال عند بعض الناس يقول رحمه الله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قلوب العباد بين اصبعين من اصابع الرحمن هذا الحديث آآ ساقه المؤلف رحمه الله بمعناه وهو في صحيح الامام مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان قلوب بني ادم كلها بين اصبعين من اصابع الرحمن كقلب واحد ثم بين قال يصرفه حيث شاء سبحانه وبحمده و موضع الذي قد يقصر عنه ذهن بعض الناس اثبات الاصابع لله عز وجل وهذا مما نثبته كما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ولا يلزم من هذا تكييف ولا تمثيل ولا يصوغ ان يحرف اللفظ فيفضي ذلك الى تعطيل ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه بل نؤمن بذلك ونوقن بما اخبر الله تعالى به عن نفسه او اخبر به عنه رسوله دون الولوج في تحريف ولا في تعطيل ولا في تكييف ولا في تمثيل وبالتالي يسلم المؤمن من مزلات الاقدام ومظلات الافهام في هذا الباب فنثبت لله ما اثبته لنفسه على حين ما جاء به الكتاب او ما جاء به الخبر عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ومثله قوله ان الله ينزل تبارك وتعالى الى السماء الدنيا كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه و غيره وذلك كل ليلة ثم قال وينزل يوم عرفة كما في دنوه جل وعلا وسيأتي له ذكر في كلام المؤلف قال ويوم القيامة اي وينزل يوم القيامة وقد جاء الخبر بنزول الله تعالى يوم القيامة في بعض الاثار واللفظ الذي جاء في القرآن عن ذلك هو مجيء الله عز وجل وجاء ربك والملك صفا صفا والاتيان كقوله تعالى هل ينظرون الا ان تأتيهم الملائكة او يأتي ربك او يأتي بعض ايات ربك وكما قال تعالى هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة فالمقصود ان لفظ النزول فيما يتعلق بيوم القيامة جاء في بعض الاثار والذي في القرآن هو الاتيان والمجيء. فنثبت ما اثبته الله لنفسه ولا يلزم على هذا كل ما يمكن ان يتوهمه اولئك من اللوازم الباطلة وكذلك قوله ان جهنم لا تزال يطرح فيها حتى يضع عليها قدمه جل ثناؤه فاننا نؤمن بذلك ولا يلزم من هذا ما يمكن ان يتوهمه اولئك من لوازم باطلة فالله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. نثبت الى ها القدم ونثبت ما جاء به الخبر. دون ولوج في ذلك بتمثيل او تكييف ولا تورط في تحريف او تعطيل. قال وقوله ان مشيت ان مشيت الي هرولت اليك وهذا ما جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة انا عند ظن عبدي بي في الحديث الالهي وفي اخره قال صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى وان تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا وان تقرب الي ذراعا تقربت منه باعا وان اتاني يمشي اتيته هرولة وهذا نؤمن به على النحو الذي جاء به الخبر ولا نلج في ذلك مكيف بكيف ولا ممثلين ب تحديد صورة لهذا الذي جاء به الخبر ولا محرفين ولا معطلين ومثله ايضا ان الله خلق ادم على صورته وهذا الحديث في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه والمقصود بسورته ما جاء بيانه في بعض الروايات الاخرى ان الله خلق ادم على صورة الرحمن والمقصود بسورة الرحمن انه خلقه جل في علاه على صورة شاءها سبحانه وبحمده لا يلزم من ذلك المماثلة بين العبد وربه فسورة الرحمن هنا المقصود بها السورة التي صورها جل في علاه وذلك ان الله تعالى خلق للعباد وجوها وله وجه وخلق للعباد اعينا وله عين لكن ما لله ليس كمال المخلوق بالمطلق اذ انه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وبعض اهل العلم قال ان اضافة الصورة هنا هو من باب اضافة التشريف كما قال الله تعالى يصوركم في الارحام كيف يشاء فهو الذي يصور جل وعلا العبد فالارحام كيف شاف الاظافة اليه اظافة تشريف ولا تقتضي تمثيلا يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك وعلى كل حال يجب امضاء النص على ما دل عليه ما دام انه نص ثابت لا يلزم عليه معنى باطل ويستحيل ان يكون نصا ثابتا صحيحا ويلزم عليه لازما باطل بل اللوازم الباطلة انما هي انما هي من قبل الاذهان والافهام والخيالات الفاسدة. قال رحمه الله وقول النبي صلى الله عليه وسلم اني رأيت ربي في احسن صورة. اثبات الصورة له جل في علاه هذا ما ذكره من الامثلة وكل ما هو نظير ما ذكر يجري فيه ما قرر من انه يجب على المؤمن التسليم والتصديق والتفويض والرضا والا يدخل في ذلك بتفسير بهواه ولا رد لما ظاق عنه فهمه بل ما لم ما لم يدركه وقصر عنه فهمه يثبته على مراد الله وعلى مراد رسوله. ثم قال رحمه الله ثم قال رحمه الله ومن زعم انه يرى ربه في دار الدنيا فهو كافر بالله والفكرة في الله تبارك وتعالى بدعة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكروا بالخلق ولا تفكروا في الله فان الفكرة في الرب تقدح الشك في القلب. طيب قال رحمه الله من زعم انه يرى ربه في في دار الدنيا فهو كافر بالله. من زعم لمن ادعى انه يرى ربه اي يرى الله عز وجل في دار الدنيا فهو كافر بالله. لماذا لانه مكذب لما جاء به الخبر في القرآن والسنة واجمع عليه سلف الامة فان الاجماع منعقد على ان احدا من الخلق لا يرى ربه بالدنيا بعينه قال الله عز وجل لموسى عليه السلام لما طلب ان يراه لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني وجاء في السنة ان النبي صلى الله عليه وسلم سأله ابو ذر هل رأيت ربك؟ قال نور انا اراه وجاء في صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة ان حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره جل في علاه فليس في في مقدور الخلق ان يروا وجاء في الصحيح من حديث ابن عمر واعلموا ان احدا منكم لن يرى ربه حتى يموت كل هذه النصوص تدل على انه لا يرى احد الله عز وجل في اليقظة بعينه في الدنيا. اما النبي صلى الله عليه وسلم فقد اختلف العلماء في هل رأى ربه لا والذي عليه جماهير العلماء من الصحابة ومن بعدهم انه لم ير ربه بعينه التي في رأسه وما نقل عن ابن عباس والامام احمد من اطلاق رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليست صريحة في انها رؤية عيب انما هي رؤية قلب كما جاء في صحيح الامام مسلم من حديث ابن عباس قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه بفؤاده مرتين بقلبه رؤية الفؤاد تختلف عن رؤية القلب واما رؤية المنام فقد رآه صلى الله عليه وسلم كما دل عليه حديث معاذ رأيت ربي في احسن صورة وهذا حاصل له صلى الله عليه وسلم ثابت عنه واما غير النبي صلى الله عليه وسلم هل يرى ربه في المنام الذي عليه جماهير العلماء انه لا يراه احد في المنام وهذا هو الاقرب الى الصواب والله تعالى اعلم. وقد نقل عن جماعة من اهل العلم انه يمكن ان يرى في المنام وانه يراه حسب ايمانه لكن ما هناك ما يمكن ان يعتمد عليه بهذا لا سيما وان النصوص آآ عامة في نفي الرؤيا مطلقا واعلموا ان احدا منكم لن يرى ربه حتى يموت والمقصود بالموت هو لا الموت الذي تفارق فيه الروح البدن فقولوا رحمه الله من زعم انه آآ رأى ربه في دار الدنيا يعني يقظة ليخرج ما تقدم من الكلام عن خلاف العلماء في مسألة رؤية المنام فهو كافر بالله ثم قال رحمه الله والفكرة في الله تبارك وتعالى بدعة الفكرة في الله اي التفكر في ذاته على نحو طلب كيفية صفاته الفكرة في الله بدعة اي التفكر الذي يطلب فيه الانسان ادراك حقائق وكن وكيفيات ما اخبر الله تعالى به عن نفسه لماذا لانه خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ولان الله اخبر انه لا يعلم حقائق ذلك غيره جل في علاه كما قال تعالى وما يعلم تأويله الا الله يعني ما يعلم حقيقة ما اخبر الله تعالى به من المغيبات ومنه خبره عن نفسه وعن اسمائه وصفاته الا الله جل في علاه واما التفكر الذي يفيد العلم به من التفكر في عظمة اسمائه وصفاته وافعاله وخلقه وحكمه فهذا مما يؤجر عليه الانسان وهو من ذكر الرحمن الذي يثاب عليه الانسان فلذلك قوله رحمه الله والفكرة في في الله تبارك وتعالى بدعة يعني فيما يتعلق ذاته وصفاته في طلب كنهها وكيفياتها لهذا ساق الحديث لقول النبي صلى الله عليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم تفكروا في الخلق في بعض الروايات الاء الله ولا تفكروا في الله اي في ذاته وهذا الحديث لا يصح مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو موقوف وقد جاء من عدة طرق قال السخاوي ومعناه صحيح وهو على النحو الذي ذكرت في ان التفكر المنهي عنه في قوله يتفكر في ذات الله او في الله التفكر الذي يفضي الى الشك والريب وهو ما اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم حديث ابي هريرة لا يزال الناس يسألونكم من خلق هذا من خلق هذا حتى يقولوا حتى يقولوا من خلق الله وقد جرى هذا لابي هريرة رضي الله تعالى عنه فسأله عربي عن ذلك وسأله اثنان اخران عن ذلك فاخبر بهذا الحديث وان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له ذلك فمثل هذه الافكار هي التي تدخل فيما جاء النهي عنه من التفكر في الله فالله لا يحيط الخلق به سبحانه وبحمده فالتفكير في ذاته وكونها وحقائق اسمائه وصفاته يقصر عنها العقل العقل يقصر عن ادراك ما هو من المخلوقات فكيف بالخالق جل وعلا؟ الروح التي هي ملازمة للانسان بها يحيا فالانسان مركب من روح وبدن قال تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا فلا سبيلا الى معرفة حقيقة الروح كيف هي وكيف تقبض وكيف تبصر؟ وكيف تتصل آآ البدن وكيف تفارقه في النوم وتذهب وتجيء وما صلتها في البدن واي موقع تتصل به اكثر كل هذه اشياء خفية لا يحيط بها الانسان هذا في روحه التي بين جنبيه فكيف يطمح العقل ان يدرك حقيقة الرب جل وعلا ولهذا ايه صادوا الباب واغلاقه فيما يتعلق بالحقائق الكن والكيفيات فيما يتعلق باسمائه وصفاته وذاته هو المسلك الرشيد فانه لا يسأل في شيء من امر الله عز وجل وشأنه بكيف بل يقابل ذلك بالايمان والتسليم ويفهم على وفق ما دلت عليه اللغة عرف اهل اللسان دون ان يصور ذلك بصورة او ان يكون لذلك مثال بتكييف ونحوه قال رحمه الله فان الفكرة في الرب اتقدح الشك في القلب على النحو الذي ذكرناه لكن الفكرة في الاء الله وفي خلقه وفي اسمائه وصفاته وفي افعاله وده لا وما فيها من جلال وجمال وبهاء ودلالة على عظمة الله ومجده سبحان وبحمده كل هذا مما يزيد الايمان واذا كلفت الله تعالى الانظار الى ذلك وذكر اسماءه وصفاته وبحمده ليتقرب الناس الى الله بمعرفتها قال ولله الاسماء الحسنى وله الاسماء الحسنى ولا يعرف حسنها الا بادراك معانيها ولله المثل الاعلى اي الصفة العليا وله المثل الاعلى فهو لا يعرف ذلك الا بادراك معانيها فينبغي التنبه الى مقصود المؤلف رحمه الله في هذا قال رحمه الله قال رحمه الله واعلم ان الهوام والسباع والدواب كلها نحو الذر والذباب والنمل كلها مأمورة لا يعملون شيئا الا باذن الله تبارك وتعالى والايمان بان الله تبارك وتعالى قد علم ما كان من اول الدهر وما لم يكن مما هو كائن احصاه الله وعده وعند ومن قال انه لا يعلم ما كان وما هو كائن فقد كفر بالله العظيم. طيب يقول رحمه الله واعلم ان الهوام والسباع الهوام جمع هامة وهي اسم للبهائم بشتى صورها وانواعها فتطلق الهوام على البهائم والسبا على البهائم والحيوان في الجملة والسباع والدواب اي كل ما يدب على الارض كلها نحو الذر والذباب والنمل هذا بسط وتمثيل لعموم كلامه لكل خلق الله عز وجل وذكرت دقائق من هذه الخلق لانها قد تند عن فهم المتكلم كلها مأمورة اي انها جارية ما يكون منها على قدر الله وحكمه الذي ينتظم كل شيء في الكون ان كل شيء خلقناه بقدر فما من شيء في الكون من حجر من جماد او حيوان ومن بهيم او عاقل الا هو بامره جل في علاه لا يخرج عن خلقه وتقديره فهو سبحانه وتعالى اللطيف الخبير الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فهو قد احاط علما بكل خلقه ولا يكون شيء من الخلق خارجا عن ذلك ولهذا يوم القيامة يحشر الله تعالى جميع الخلق قال الله جل وعلا واذا الوحوش حشرت وقال تعالى وما من دابة في السماوات وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون فكل هؤلاء يساقون الى الله فهم مأمورون وان من شيء الا يسبح بحمده هذه النصوص كلها دالة على هذا المعنى الذي ذكره المؤلف رحمه الله قال لا يعقلون شيئا الا باذن الله فهو جل وعلا الذي خلق فهدى اي دل الخلق على ما فيه مصالحهم وما فيه آآ استقامة امورهم وشؤونهم وصلاح احوالهم نقف على هذا في قوله والايمان بان الله تبارك وتعالى اذا الدرس القادم والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد