الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فيقول الشيخ ابو محمد الحسن البربهاني رحمه الله في كتابه شرح السنة في مقدمته بعد فراغه من الافتتاحية قال اعلموا ان الاسلام هو السنة والسنة هي الاسلام ولا يقوم احدهما الا بالاخر هذا بيان لما تولى شرحه وشرع في بيانه وايظاحه وكشفه فمراده بالسنة الاسلام والمقصود بالاسلام هنا عقائده واصوله التي يبنى عليها وذلك ان السنة تذكر اعتبارات مختلفة فتذكر السنة باعتبار ما جاء به النبي صلى الله عليه صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق على وجه الاجمال والعموم مما يشمل مسائل الاعتقاد ومسائل العمل وتطلق السنة ويراد بها ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد ولذلك سمى جماعات من اهل العلم ما كتبوه في شأن العقائد بالسنة لانها مستقاة من السنة وعنها صادرة ولانها التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الفرقة الناجية المنصورة حيث قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما جاء في المسند والسنن من حديث ابي هريرة افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق هذه وستفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة وقد جاء في رواية ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفرقة الناشئة فقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم هي ما انا عليه اليوم واصحابي وفي رواية قال من كان على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي وهذا يدل على ان السنة مستقاة من منهجه وما كان عليه صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد والعمل ولكن لما كان الظلال والانحراف اغلبه ومبدأه العقائد ثم يتبعه الاعمال سميت العقائد وما كتب فيها سنة وتطلق السنة ويراد بها ما يقال ما جاء بيانا للقرآن ففي المعينين السابقين السنة هي ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن وبيانه واما هذا المعنى الاخير الثالث فالسنة اخص من القرآن فهي بيانه وايظاحه وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع وقد جاء فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي وهذا وان كان قد تكلم على اسناده جماعات من اهل العلم الا انه من حيث صحة مضمونة واتفاق العلماء على مدلوله يغني عن النظر في الاسناد كما قال ابن عبدالبر رحمه الله فلشهرته وقبوله اغنى ذلك عن النظر في اسناده فقوله رحمه الله هنا اعلموا ان الاسلام هو السنة اي ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق في الكتاب المبين وفي بيانه فان الله تعالى اوكل بيان القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم لذلك قال المؤلف رحمه الله في بيان الجماعة التي يجب لزوم طريقها و عدم مفارقتها قال والاساس الذي تبنى عليه الجماعة وهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورحمهم اجمعين وهم اهل السنة ولعلهم يتفكرون ولذلك قال الاسلام هو السنة والسنة هي الاسلام فهما قرينان بل هما شيئان مترادفان فجعل السنة رديفة الاسلام لانها ما كان عليه صلى الله عليه وسلم اصحابه وهو الاسلام الذي جاء به صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولذلك قال لا تقوم احداهما الا بالاخر لا يقوم الاسلام الا بالسنة ولا تقوم السنة الا بالاسلام والغرظ من هذا هو بيان ان ما يشرحه ويبينه قوى الاسلام الذي لا يقبل الله تعالى دينا سواه كما قال تعالى ان الدين عند الله الاسلام. وكما قال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ثم شرع المؤلف رحمه الله في ذكر بعض ما تتحقق به السنة ولا تتم الا به وبدا باصل من الاصول الجامعة التي يتحقق بها لزوم السنة وهو لزوم الجماعة فقال فمن السنة لزوم الجماعة ولهذا وصفت هذه الفرقة الناجية بانها الجماعة لان هؤلاء مجتمعون على الحق قائمون بما امر الله تعالى به من الائتلاف والاجتماع مجانبون لما نهى عنه من الفرقة والاختلاف ولهذا قال رحمه الله فمن السنة لزوم الجماعة والجماعة هم المجتمعون الذين ما فرقوا دينهم وكانوا شيعا بل هم مؤتلفون على الكتاب وعلى السنة ومجتمعون على العمل بما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبهذا يقوم الدين كما قال الله عز وجل شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك ووصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ايش ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه لم يوضع على عقول الرجال وارائهم اي لم يكن للعقل مدخل في هذا التشريع والا لاضطرب واختلف اضطرابا عظيما واختلافا كبيرا. كما قال تعالى ولو كان من عند غير الله فلا قيام للدين الا بالاجتماع ولا قيام للدين مع الفرقة وهذا شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما شرعه الله تعالى لاولي العزم من الرسل وسائر المرسلين ولذلك قال رحمه الله فمن السنة لزوم الجماعة ولزومها بلزوم ما يجب ان تجتمع عليه من كتاب الله وسنة رسوله ولهذا قال فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه وكان ضالا مضلا بل رغب عن الجماعة اي فارقها وشاقها فانه خرج عما وجب عليه من الاسلام والسنة قال الله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ورسله جهنم وساءت بصيرة فدل ذلك على ما ذكر المؤلف رحمه الله من ان الخروج عن الجماعة هو خروج عن الاسلام الذي امر المؤمنون بلزومه المحافظة عليه والقيام به ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم مفارقة الجماعة من موجبات ومبيحات سفك الدم فقال صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث كما في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وذكر في ذلك التارك لدينه المفارق للجماعة وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة مفارقة الجماعة وان من فارق الجماعة فانه مات ميتة جاهلية ومعنى ما الجاهلية اي لم يمت على ما يجب ان يموت عليه من الاسلام الذي به الى الجو والاحاديث والنصوص في وجوب لزوم الجماعة وخطورة مفارقة الجماعة اكثروا من ان تحصى قوله رحمه الله والاساس الذي تبنى عليه الجماعة لما ذكر ان من الاصول التي ينبغي ان يعتصم بها وان يحافظ عليها لزوم الجماعة بين من ذلك ما يحتاج الى بيان فقال والاساس الذي تبنى عليه الجماعة وهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وآآ ورحمهم عندكم ها ورحمهم اجمعين بين الجماعة الذي الذين يجب لزوم طريقهم المحافظة على سبيلهم وجعل الخروج عن ذلك خروجا عن عن الاسلام والدين وهم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ذكر الفرقة الناجية حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وصفها انه قال هم من كان على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي وهذا بيان لما ذكره المؤلف رحمه الله من وجوب لزوم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه اصحابه وان الخروج عن ذلك موجب للهلكة وهذا الحديث ببيان الفرقة الناجية المنصورة رواه الامام الترمذي رواه الامام الترمذي من حديث عبد الله بن عمر حيث سئل النبي صلى الله عليه وسلم من هي يا رسول الله؟ فقال من؟ ما انا عليه واصحابي والجماعة فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل وابتدع وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفرق واختلافها بين صلى الله عليه وسلم الفرقة الناجية بقوله من كان على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي فدل ذلك على ان الخروج عن ذلك هو خروج عن السنة والجماعة خروج عن السنة وعلى الجماعة ولهذا كان اهل السنة والجماعة قائمين بلزوم ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وبالسير على ما كان عليه اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في فهم الكتاب والعمل بالسنة وعدوا كل خروج عن ذلك مزلة قدم ومظلة فهم وموقعا في الردى ولهذا قال رحمه الله فمن لم يأخذ عنهم اي في ما يتعلق بامور الديانة فقد ظل وابتدع ظل اي ذهب عن الطريق المستقيم وابتدع يعني واحدث ما يوقعه في الفساد والضلال وقد قال وكل بدعة ضلالة والظلالة واهلها في النار كما جاء في الصحيح من حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبه اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي. هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاته وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي رواية وكل ظلالة في النار وقوله رحمه الله وقال عمر ابن الخطاب هذا تشهاد لصحة ما قدم من ان السلامة في لزوم الجماعة والسير على ما كان عليه الصحابة وسلف الامة. قال وقال عمر بن الخطاب لا عذر احد لا عذر لاحد في ظلالة ركبها حسبها هدى لا عذر لاحد في ظلالة ركبها اي تورط فيها لوجدوا فيه اختلافا كثيرا لكن من رحمة الله انه لا مدخل فيه لاحد لا في عقائده ولا في شرائعه انما هو وحي اوحاه الله تعالى الى رسله كما قال جل وعلا ان هو الا تلبس بها هسيبها هدى ايظا انها هي الهدى الذي ينجو به من الضلالات ولا في هدى تركه حسبه ضلالا يعني ليس لاحد عذر في ان يترك الهدى الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لكونه يظن ان ذلك ضلالة فقد بينت الامور وثبتت الحجة وانقطع العذر وهذا الكلام من الايه؟ من عمر رضي الله تعالى عنه في ثبوته عنه نظر فهو من نقل الاوزاعي عنه وبينهما انقطاع وقيل هو من كلام عمر ابن عبد وقيل هو من كلام عمر ابن عبد العزيز وعلى كل حال ما ذكره لا اشكال فيه من حيث المعنى فانه نفى العذر بمن تورط في ظلالة يحسبها هدى او في من ترك هدى يحسبهم ضلالة بحال وهي ما اذا تبين تبينت الامور وثبتت الحجة وانقطع العذر وهذا في زمن الصحابة لا سيما في الصدر الاول في زمن آآ الخلفاء الراشدين بين ظاهر لكن بعد ذلك جرى من الالتباس والاشتباه ما قد يعذر به صاحبه عندما يركب ضلالة يحسبها هدى او يتورط او يترك او آآ عندما يترك هدى يحسبه ضلالة وهذه مرتبطة بمسألة من مسائل العلم وهي مسألة العذر بالجهل وهي من المسائل الكبار والصواب فيها ان العذر بالجهل معتبر شرعا بشرط ان يكون ممن يصلح منه الجهل او ممن يمكن ان يجهل مثل ذلك اما من كان جهله ناشئا عن تقصير في العلم الذي يجب تعلمه فانه عند ذلك لا يعذر بجهله لانه من فعله وبكسب يده قال رحمه الله وذلك ان السنة والجماعة قد احكم امر الدين كله احكم اي اتقن امر الدين كله ولا شك في ذلك فان الله تعالى قد انزل هذا الكتاب الحكيم وهو محكم في تشريعه محكم في عقائده محكم في كل ما جاء به. قال الله تعالى كتاب احكمت اياته اي اتقنت ثم فصلت من لدن حكيم خبير فهو محكم في الاجمال ومحكم في التفصيل ولهذا ما ذكره المؤلف من احكام السنة والجماعة لامر الدين ظاهر بين قال رحمه الله وتبين للناس فعلى الناس الاتباع اي وقد تبين ذلك للناس وهذا يؤكد المعنى السابق من ان انتفاء العذر في ترك الهدى لكونه يحسبه ضلالة او في التورط في الضلالة لكونه يحسبها هدى انما هو في حال تبين الحق وظهوره وهذا يتفاوت زمانا ومكانا وحالا ولهذا ما ذكره رحمه الله محمول على هذا الوجه ثم قال رحمه الله اعلم رحمك الله ان الدين انما جاء من قبل الله تعالى لم يوضع على عقول الرجال وارائهم وهذا تقرير لاصل ينبغي ان يستصحب في مسائل الاعتقاد فان الاعتقاد هو يقين القلب وجزمه بما جاء به الخبر وما جاء به الخبر كثير من فيما يتعلق بالايمان مما لا يمكن للعقل ادراكه ادراكا تاما لان العقل يقصر عن ادراك تلك المغيبات التي جاء الخبر بها في الكتاب والسنة مما يتعلق بالايمان بالله او الايمان بالملائكة او الايمان اليوم الاخر او الايمان بالقدر ونحو ذلك فقصور العقل عن ادراك تفاصيل وحقائق وكن ما يتصل بهذه الاصول لا يسوغ له الاعراض عن الايمان بها والاقرار والجزم بصحة ما جاء في شأن ذلك في الكتاب والسنة ولهذا قرر المؤلف رحمه الله في اوائل تصنيفه منزلة العقل من الوحي العقل فيما يتعلق بالوحي تابع مهمته التدبر والتفهم وليس قاضيا ولا حاكما ولا ميزانا لقبول ورد ما جاء به الوحي كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ليت شعري باي عقل يوزن الكتاب والسنة العقول مهما بلغت قوة وقدرة فانها تعجز عن ان تكون حاكمة على النصوص قبولا وردا بل مهمة العقل هو النظر في النص تفهما وتدبرا ووعيا ليتحقق بذلك الايمان به. فان عجز العقل عن ادراك النص ادراكا كاملا وجب عليه ان يؤمن بما جاء به النص على مراد الله في القرآن وبما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم على مراد رسول الله دون دون رد ولا اعتراض ولا اعراب وهذا الذي يحقق الاسلام الذي هو الاستسلام والانقياد والقبول والاذعان هذا ما يتصل بي ما ذكره المؤلف رحمه الله في قوله واعلم رحمك الله ان الدين انما جاء من قبل الله تبارك وتعالى فهو وحي من لدن حكيم خبير عليم حكيم جل في علاه وحي يوحى قال رحمه الله وعلمه عند الله وعند رسوله فاذا كان كذلك هذا الدين علمه عند الله وعند رسوله فانه لا يتلقى شيء من العقائد ولا شيء من الاحكام الا ما جاء عن الله وعن رسوله نقف على هذا ونكمل ان شاء الله تعالى الدرس القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد