ونهى عن التفرق امر الله سبحانه وتعالى بالاجتماع في الدين والاجتماع في الدين لا يمكن ولا يتحقق الاعتصام بالكتاب الحكيم والاخذ بسنة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم. والسير على صراط هو الذي امر النبي صلى الله عليه وسلم به اصحابه ووعظهم به وامر به الامة ان تسمع وان تطيع ولو تأمر عليهم من يحتقرونه ولذلك قال ولو كان عبدا حبشيا قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى الاصل الثاني امر الله بالاجتماع ونهى عن التفرق فيه فبين الله هذا بيانا شافيا تفهمه العوام. ونهانا ان نكون كالذين واختلفوا قبلنا فهلكوا. وذكر انه امر المسلمين بالاجتماع في الدين ونهاهم عن التفرق فيه ويزيده وضوحا ما وردت به السنة من العجب العجاب في ذلك. ثم صار الامر الى ان الافتراق في اصول الدين وفروعه هو العلم والفقه في الدين. وصار الامر من الاجتماع في الدين لا يقوله الا زنديق او ومجنون يقول الشيخ الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الاصل الثاني اي من الاصول التي دل عليه القرآن وجاءت بها السنة على وجه الاستفاضة. قال امر الله بالاجتماع. او امر الله بالاجتماع الصحابة والتابعين من خير القبور. هذه الامور الثلاثة بها يحصل الاجتماع في الدين ومن غيرها لا يمكن ان يحصل اجتماع بل غيرها هو الفرقة التي نهى عنها الله سبحانه وتعالى وحذر منها رسوله صلى الله عليه وسلم. امر الله عز وجل بالاجتماع في الدين في ايات كثيرة كما انه نهى عن الفرقة في ايات كثيرة. فمن الاجتماع في الدين قول الله تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذين من قبله شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليه وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا دين ولا تتفرقوا فيه هذا هو الذي شرعه الله عز وجل لهذه الامة كما انه امر به من تقدم من الرسل وامره الرسل امر للامم ان الله عز وجل امر الرسل وامر اممهم باقامة الدين. ان اقيموا الدين ولا تتفرطوا فيه واقامة الدين لا تتحقق الا بالاخذ بالكتاب الحكيم وسنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم. فالواجب على الامة ان اذا ارادت الاجتماع ان تنبذ ما عدا هذين الوحيين كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما اجمع عليه السلف لان ما اجمع عليه سلف الامة لابد ان يكون له دليل من الكتاب او السنة. وقد قال الله جل وعلا في بيان ذلك قال واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وحبله هو شرعه الذي اوحاه الى رسوله صلى الله عليه وسلم فالامر بالاجتماع ليس مجرد الاتفاق على اي وجه كان. كما يدعو اليه بعض من قل نصيبه من العلم فيقول الواجب على الامة ان تجتمع مذاهبها على اختلافها. وعلى تناحرها هذا هو الواجب. نحن هذا الواجب لكن مع امرك بالاجتماع لابد ان تبين طريق الاجتماع وهو ما بينه الله في كتابه. اما ان تطلق الدعوة الى الاجتماع دون بيان الطريق الموصل للاجتماع فهذا لا يحقق مبسوط لان الله لما امر بالاجتماع لم يأمر به مطلقا بل امر به واضحا فقال واعتصموا بحبل الله جميعا ولا وقالوا ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه. واقامته لا تكون الا بالاخذ من مصادره الاصيلة. الكتاب والسنة فامر الله بالاجتماع والنهي عن التفرق هذا مما دل عليه الكتاب والسنة دلالة واضحة ولذلك قال المؤلف رحمه الله فبين الله هذا بيانا شافيا تفهمه العامة. يعني لا يختلط ولا يحتاج الى عميق نظر تأمل حتى يتوصل الانسان الى هذه النتيجة. بل هي واضحة بينة لكل من احسن قراءة الكتاب او سمع القرآن فان الله سبحانه وتعالى امر بذلك امرا واحدا. واما النهي عن الفرقة فان النهي عن الفرقة كثير. ومن ذلك قوله ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتكم البينة. ثم قال رحمه الله ونهانا ان نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا نهانا كما سمعتم في الاية ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وقولوا ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منه في شيء والايات التي تحذر من التفرق في الدين كثيرة جدا. واعلم ان التفرق في الدين له اسباب كثيرة لكن الذي يجمع هذه الاسباب على اختلافها وتنوعها هو الاعراض عن الكتاب والسنة. وهدي السلف الصالح فبقدر ما يحصل عند الناس من الاعراب عن هذه الامور بقدر ما يكون بينهم من الفرقة والاختلاف. لان الناس اذا اعرضوا عن الكتاب والسنة الى ماذا يرجعون الى اهوائهم الى ارائهم الى اذواقهم الى ما يشتهون الى ما يحبون. وهل هذا مما يتفق فيه الناس لا هذا مما يختلف فيه الناس اختلافا عظيما اختلاف الناس في ارائهم واقوالهم وعقولهم وما يحبون اشد واعظم من اختلافهم في الوانهم واجناسهم والسنته. الان لو اردنا ان نحصي ما يتكلم به الناس من لسان. يعني لو اردنا ان نحصي اللغات هل نستطيع كثيرة جدا متنوعة حتى اللغة الواحدة يتفرع عنها لغات عديدة اختلاف الناس في ارائهم وعقولهم اشد من اختلافهم في لغاتهم اشد من اختلافهم في السنتهم اشد من اختلافهم في الوانهم ولذلك المرجع الذي يجتمع عليه الناس ولا يختلفون فيه ولا يختلفون عليه هو الكتاب والسنة. ولذلك من دعا اليهما فهو الداعي الى الاجتماع. ومن دعا الى غيرهما فهو الداعي الى الفرقة اذا عرفنا الجامع لاسباب الفرقة والجامع لاسباب الاجتماع. فاعظم اسباب الفرقة البغي والبغي هو مجاوزة الحد ويقابله العلم. فان العلم من اعظم اسباب الاجتماع لانه كلما كثر علم الانسان ورسخ كلما كان داعيا الى الاجتماع ونبذ الفرقة ومن البغي الذي يسبب الفرقة والاختلاف الحسد. والكبر الحسد هو كراهية ما انعم الله به على الغير. ولو لم يتمنى زواله كل من كره ما انعم الله به على غيره في او دنيا فهو حاسد. سواء تمنى ان تزول النعمة او لم يتمنى ذلك. انتبه الى هذا لان بعض الناس يظن ان الحسد هو تمني زوال النعمة عن الغيب وهذا تعريف قاصر للحسد الحسد هو ان ان يكره الانسان ما من الله به على غيره. من النعم الدينية او النعم الدنيوية والكبر هو سبب من اسباب الفرقة ايضا. والاختلاف لان الكبر يحمل الانسان على رد الحق لانه يأنف ويستعلي ان يأخذ الحق من غيره. يقول انا اخذ الحق من هذا. هذا ما الذي تميز به علي؟ انا احسن منه في كذا اما في مال او في شاه او في منصب او في نسب او في لون. ويرد الحق بسبب كبره. فيقع تقع الفرقة. قال وذكر انه وامر المسلمين بالاجتماع في دينهم ونهاهم عن التفرق فيه. ويزيده وضوحا اي هذا الاصل ما وردت به السنة من العجاب في ذلك ما هو العجب العجاب؟ ان الامة ستفترق الى ثلاث وسبعين فرقة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم افترقت اليهود على احدى وسبعين وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ولذلك يجب على المؤمن ان يحرص ان يكون من هذه الواحدة التي بشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجاة. وما هي صفتها صفتها جاءت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه قال في رواية الترمذي لما سئل عن الفرقة الناجية قال هم من كان على ما انا عليه واصحابه. وفي رواية اخرى قال هي الجماعة. والجماعة هم المجتمعون على كتاب الله وسنة رسوله. قال ثم صار الامر الى ان الافتراق في اصول الدين اصول الدين اي مسائل الاعتقاد وفروعه اي مسائل الفقه هو العلم والفقه في الدين. وهذا لا اشكال. اصبح الامر على خلاف ما امر الله به فاصبح الناس يدعون الى فرق والى مذاهب ويعدون ان الدعوة الى هذه الفرق والى هذه المذاهب والى هذه الاحزاب هو الموصل الى ما دعت به الرسل. والرسل لم تدعو الى مذهب معين انما دعت لعبادة رب العالمين. ودعت الى صراط مستقيم الى كلمة سواء وهي ان ان يخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له. وان يطيعوا الله عز وجل فيما امر ان يتركوا ما نهى عنه وزجر. ثم قال وصار الامر بالاجتماع في الدين لا يقوله الا زنديق او مجرور اي صار من يأمر الناس بالاقبال على الكتاب والسنة ونبذ الاقوال المخالفة. مهما كانت مصادرها سواء كانت في الاعتقاد او في الفقه اذا دعاهم الى الاخذ بالكتاب والسنة والاعراض عن ما خالف ذلك وصفوه بالزندقة او بالجنون. والزندقة ما هي؟ الزنديق في كلام السلف هو المنافق فقوله الا زنديق اي الا منافق. او مجنون اي فاقد العقل والزنديق هو فاسد الدين والمجنون فاقد العقل فيصفونه باحد هذين الوصفين وهما نظير ما يصف به ما وصف به الجاهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم والامر كما قال الله جل وعلا اتواصوا به بل هم قوم طاغون. اي ان هذه المقولة سببها الطغيان والخروج عن الصراط المستقيم. اذا الواجب على كل مؤمن ان يسعى الى الاجتماع وان يأمر به وان يحث عليه. لكن ما هو الاجتماع الذي دعت النصوص الى الاخذ به؟ هو ما في قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميع والحبل هو الشرع. الحبل في هذه الاية حبل الله هو شرعه المتين. الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستقى من الكتاب والسنة والاجماع. ثم قال رحمه الله في الاصل الثالث حبشية. فبين الله له هذا بيانا شائعا كافيا بوجوه من انواع البيان شرعا وقدرا ثم صار هذا الاصل لا يعرف عند اكثر من يدعي العلم فكيف العمل به هذا الاصل الثالث تابع للاصل الذي قبله ولذلك قال المؤلف رحمه الله ان من تمام الاجتماع يعني الذي امر الله به السمع طاعة لمن تأمر علينا اي لمن ولي امرنا والسمع هو القبول والطاعة هي الانقياد والامتثال. وهما مقرونان في كثير من المواضع. قال الله جل وعلا في كتابه في اخر سورة البقرة ربنا سمعنا واطعنا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقولوا سمعنا وعصينا قولوا سمعنا واطعنا. فاستماع المراد به القبول والطاعة المراد بها الامتثال والعمل. فالواجب على الامة لتحقيق الاجتماع ان تسمع وان تطيع لمن ولي امرها. ولذلك قال رحمه الله لمن تأمر علينا ولو كان عبدا حبشيا. وهذا لا سيما في ذلك الوقت الذي يكون مثل هذا في غاية الدنو عند اهل ذلك العصر. لان العبد الحبشي الغالب ان يستعمل وان يؤمر لا ان يترأس ويأمر فلما امرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا دل على انه يجب عليهم ان يمتثلوا امر من ولاه الله امرهم يكون حالهم مع امرائهم ومن ولاهم الله عليهم ان يكونوا بين سمع وطاعة. يسمعون ويطيعون قوله ولو كان عبدا حبشيا هذا من حيث اللون والجنس. اي والاصل. اما من حيث الحال فقد قال يعني من حيث من تولى من حيث حال من تولى فهل يلزم ان يكون على طاعة وبر؟ الجواب لا. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح من رأى من اميره ما سواء فيما يتعلق به او فيما يتعلق بغيره. من رأى من اميره ما يكره فليصبر عليه. فامر النبي الله عليه وسلم بان يصبر عليه ثم بعد هذا الامر جاء الوعيد قال فان من فارق الجماعة مات الجاهلية اي مات على غير الطريقة السلفية. على غير الطريقة النبوية. ثم قال الشيخ رحمه هذا هذا مما يتعلق بحال بحاله من حيث الاستقامة ولذلك كان من عقيدة اهل السنة والجماعة السمع والطاعة والجهاد والصلاة والحج خلف الامراء كانوا كانوا او فجارا وبهذا تستقيم احوال الناس ولا استقامة لاحوال الناس الا بهذا. فانه اذا كره الانسان من اميره شيئا الواجب عليه ان يصبر. ولذلك لما اخبر النبي صلى الله الله عليه وسلم بانه ستكون بعده اثرة. اخبر بذلك اصحابه ثم سألوه فما الواجب؟ قال ادوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم. وهذا معناه ان يصبروا. ثم قال المؤلف رحمه الله في بيان هذا الاصل فبين الله له هذا هذا بيانا شائعا كافيا بوجوه من انواع البيان شرعا وقدرا من الشرع قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. وقول النبي صلى الله عليه وسلم على المسلم السمع والطاعة. في منشطه اكرهه وفي عسره ويسره. والاحاديث والادلة في هذا كثيرة. واما قوله وقدرا اي بين الله هذا الامر قدرا. فما من فئة خالفت هذا الامر الا ودب فيها الخلافة وقعت في الفرقة والنزاع والقتال. واكبر شاهد ما وقع في خلافته عثمان رظي الله عنه فانهم لما خرجوا عليه وقع السيف في الامة ووقع القتال والخلاف المعروف المشهور. وهذه هي الحال في كل من سعى في مخالفة ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم من الاجتماع على من ولاه الله امر الامة ثم قال ثم صار هذا الاصل لا يعرف عند اكثر من يدعي العلم فكيف العمل به؟ وهذا واقع. ولذلك تجد ان كثيرا من ممن يخالف طريق اهل السنة والجماعة لا يذكرون هذا الاصل. فليس من اصولهم السمع والطاعة لولاة الامر. بل اصولهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المنكر الذي يعني الخروج عن الائمة ومنابذتهم ومقاتلتهم. وهذا مشهور عند الخوارج والمعتزلة وغيرهم من الفرق الضالة