اولئك في ضلال مبين. فوصف اهل الكتاب بالقسوة ونهانا عن التشبه بهم. قال بعض السلف لا فيكون اشد قسوة من صاحب الكتاب اذا قسى. وفي الترمذي من حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وقال تعالى الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق. ولا يكونوا كالذين اوتوا كتابا ما قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم. وقال تعالى فويل للقاسية قلوبهم الكلام بغير ذكر الله فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب. وان ابعد الناس من الله القلب القاسي. وفي البزاق عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اربعة من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الامل حرصه على الدنيا وذكره ابن الجوزي في الموضوعات من طريق ابي داود النخاعي الكذاب عن اسحاق ابن عبد الله ابن طلحة عن انس وقال بن دينار ما ضرب عبد بعقوبة اعظم من قسوة القلب. ذكره عبدالله بن احمد في الزهد. وقال حذيفة المرعشي ما اصيب احد بمصيبة اعظم من قساوة قلبه. رواه ابو نعيم. طيب. قال وقال تعالى الم يأن يعني الم يأت الوقت للذي امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقستهم قلوبهم فذكر الله تعالى حالين للقلوب. حال الخشوع وهي الحالة التي ينبغي للمؤمن ان يسعى لادراكها. وحال القسوة وهي التي وصف الله تعالى بها اهل الكتاب الذين طال عليهم الامل. ومعنى طال عليهم الامد اي انهم لم يتأثروا مع عظيم تكرار القرآن على قلوبهم وليس هذا اعتذارا فقوله فطال عليهم ليس عذرا انما هو بيان انه مع طول ترداد الكتاب عليهم وسماعهم له واخذهم له وتحملهم له لم يتأثروا به وهذا دليل على فساد قلوبهم وعلى شدة قسوتها ولذلك قال الله تعالى فطال عليهم الامد فقست قلوبهم ثم قال وقال قال فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله. وهذا فيه الوعيد لمن قسى قلبه. وان من قسى قلبه مهدد بالويل وهي كلمة عقوبة الوادي في جهنم وقيل كلمة عقوبة وعذاب في الدنيا وفي الاخرة وهذا هو الصحيح انها كلمة عذاب تكون لمن اضيفت اليه او ذكرت له في الدنيا والاخرة وفويل القاسية قلوبهم للقاسية قلوبهم من ذكر الله من قيل في تفسيرها انها بمعنى عن فويل للقاسية قلوبهم عن ذكر الله يعني التي تجانب القلوب الخالية من ذكر الله هي قلوب قاسية. فذكر العقوبة وذكر سببها وهو عدم ذكر الله تعالى ان قوله تعالى فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ان ذكر الله تعالى قد يكون سببا لقسوة القلب لكنه في قلوب رديئة القلوب التي لا تقبل على هذا الكتاب تعظيما. اهتداء فانه من اقبل على القرآن طالبا الهدى لابد ان يهديه الله جل وعلا. فالله تعالى لا يخلف الميعاد. والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا. لكن الذي يرد القرآن يتتبع فيه الزلات او الموهومة التي في ظنه وفي رأيه الفاسد فانه يحال بينه وبينها. ولذلك قال الله تعالى افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها او هذا القفل عن فهمه وتدبره والاتعاظ به والتأثر به والاخذ بما فيه من الحكم والاحكام. قال الله تعالى فوصف اهل الكتاب بالقسوة ونهاهم عن التشبه بهم في قوله تعالى ولا تكونوا اوتوا ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم. قال بعض السلف لا كونوا اشد قسوة من صاحب الكتاب يعني صاحب العلم اذا قسى نعوذ بالله من الخسران. العلم حقيقته انه نور يدخل القلوب وينير الافئدة والصدور. ولذلك قال الله تعالى في اثر القرآن على القلوب بل هو ايات بينات في صدور من في صدور الذين اوتوا العلم. القرآن قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث عمران الله يرفع بهذا الكتاب اقواما. ويضع به اخرين من الناس من يأخذ بالقرآن ويكون القرآن سببا لسفوله ونزوله. وهم الذين اشار اليهم ما في الصحيحين من حديث ابن مالك الاشعري القرآن حجة لك او عليك فان من حجة القرآن ان العبد ان يأخذ به ولا يعمل به ولا يتأثر به. فقوله لا يكون اشد قسوة من صاحب الكتاب اذا قسى. لماذا؟ لانه قد اخذ الهداية وتيسرت له اسباب سلوك الصراط المستقيم ثم اعرض عنها. ولذلك اقبح مثل ذكره الله تعالى في كتابه انما هو في حق الذين اوتوا العلم ولم يعملوا به. قال الله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا. هذا مثل قبيح. واقبح واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا. فانسلخ منها يعني ما تأثر. الايات مقتضاها ان تلين وتخضع وتخشع وتقبل على الله تعالى لكن هذا انسلخ منها اي انه لم ينتفع منها بالكلية كما لو تسلخ الجلد من من لحم الشاة او من الشاة حيث لا يبقى منه شيء فيها يقول الله تعالى في حال هذا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغوي. هذا مثل لقاء الانسان عنده كتاب عنده بصيرة عنده هداية لكنه لم يعمل بها. والله تعالى قد مايز بين من اتاه النور فعمي عنه وبين من لم يؤتى النور من الاصل. لا شك ان ان من اوتي النور وابصر المه بفقد النور اعظم والحجة عليه اكبر. ولذلك تجد ان الانسان البسيط الذي يمكث سنوات تصير ثم يعاني من العمى وعدم البصر اعظم من ذاك الذي ولد اعمى. الذي ولد اعمى يمشي وخلاص تعود هكذا. لكن الذي بصيرا ثم يفقد البصر تصيبه حالة من من الاختلال في حياته وفي سيره وفي فقده لشيء كان يعرفه ما لا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم من ابتليته باحدى حبيبتيه احدى عينيه فصبر فله الجنة. ما يمكن هذا الامر سهل. انما هذا لامر عظيم لا يحتمل في الغالب الا لمن روض نفسه على الصبر. القلوب يا اخواني تحتاج الى الى ان تلين بالقرآن ونحن طلبة علم اقرأ كلام الله تعالى ونسمع كلام النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يجب علينا ان ننظر في اثر هذا في قلوبنا. ننظر نبحث عن اثر قول الله وقول رسوله. يا اخي اذا الحجر الله تعالى يقول لرأيته خاشعا متصدعا. اين هذا الخشوع والتصدع في قلبك وانت تتلو كلام الله وتقرأ كتابه في ليل وفي نهار وتردد الايات البينات وتسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتقرأ سيرته وتسمع اخبار الصالحين الابرار ما في شك اذا لم يؤثر فهناك خلل لا بد لن تبحث عنه لابد ان تتلمس ما هو العائق المانع من وجود الاثر في قلبك. والا فان العلم اذا لم يكن حجة لك فهو حجة عليك. فاذا فلم تستفد منه خيرا فعلى ما تشقي نفسك وتحمل حجج الله تعالى على ظهرك ينبغي لنا ان ننظر الى هذا الامر بهذا الاعتبار وهذا الوزن حتى ننتفع مما نتعلم. يقول وفي الترمذي من حديث ابن عمر قال قال صلى الله عليه وسلم لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة. وهذا المقصود به الكلام الذي لا ثمرة فيه. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ضابطا وقانونا يضبط به الانسان لسانه ويحكم به كلامه وهو ما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه انه قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. الكلام ينقسم الى ثلاثة اقسام اما ان يكون خيرا فتكلم واجتهد في الاستكثار منه فان الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يعلو بها ويرفعه الله تعالى بها في الجنات ما لا يحتسب. والقسم الثاني كلام قبيح صن لسانك عنه واتقه واحذره فانه قد قال النبي صلى الله عليه وسلم وان الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في ابعد ما بين المشرق والمغرب. ثم القسم الثالث الذي ليس خيرا ولا شرا وهذا ينبغي لك ان تحفظ لسانك عنه. لان النبي صلى الله عليه قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. فما امرنا بالكلام الا في الخير وامرنا بالصمت عن المحرم وعن الذي لا يوصف بانه خير. ثم قال صلى الله عليه وسلم فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب. ولو لم يكن من سوءات الذي ليس بحرام وليس ليس بشر وليس بخير الا انه يثمر القسوة لكان كافيا في البعد عنه. وان ابعد الناس من الله القلب وذلك ان القلب القاسي لا ينفعل لذكر الله تعالى ولا يتأثر باياته فتمر عليه الايات سماعا فلا تؤثر وتمر به الايات مرعد ونظرا فلا تؤثر فيه. وتمر به العبر في نفسه فلا تؤثر فيه. ومثل هذا لا قيمة لها لانه قد فقد اللذة بالاتصال بالله تعالى. الاتصال بالله تعالى نعيم ولذلك كانت لذة الايمان كما في الصحيحين من حديث انس بن مالك رضي الله الله عنه تدور على تحقيق الصلة بالله تعالى محبة وودا فقال صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان. لو تأملت هالثلاثة الامور كلها لوجدت انها تدور على محبة الله تعالى. ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. وان يحب الرجل لا يحبه الا لله. الخصلة الثانية تعود الى الخصلة الاولى وهي حب الله تعالى وحب رسوله. والثالثة ان يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يلقى في النار وهذا يعود ايضا الى عظيم محبة الله تعالى ما يمكن احد يقدم الدخول في النار على شيء الا اذا كان ما يحمله على الدخول في النار امرا يحبه الله تعالى ان يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يعود في النار. قال وفي مسند البزار عن انس عن صلى الله عليه وسلم قال اربعة من الشقاء جمود العين وقسوة القلب وطول الامل والحرص على الدنيا وهذه كلها من الشقاء ومنها قسوة القلب؟ والحقيقة ان قسوة القلب هي المصدر لجمود العين. فمن قسى قلبه لم يلد لذكر الله تعالى ولم تدمع عينه. من قسى قلبه طال تعلقه في الدنيا وامله. من قسى قلبه حرص على الدنيا وتعلق بها. وهذه الاحاديث في اسانيدها بعض المقال الضعف لكن في هذا المقام جرى ابن رجب رحمه الله على التجوز في الاستدلال بمثل هذه الاحاديث التي لا بأس بما فيها من المعاني الصحيحة وان كانت ليست بمستقيمة. قال وذكره ابن الجوزي في الموضوعات من طريق ابي داوود النخعي الكذاب عن اسحاق ابن عبد الله ابن ابي طلحة عن انس بن مالك رضي الله عنه وهو قد ذكر انه في المسند وانه قد ذكره ابن ابن الجوزي من طريق اخرى. قال رحمه الله وقال ما لك بن دينار ما ضرب عبد بعقوبة اعظم من قسوة القلب. صحيح. قال رحمه الله ذكره عبدالله بن احمد في الزهد فقسوة القلب هي فقدان الخير كما تقدم وقال حذيفة المرعشي ما اصيب احد بمصيبة اعظم من قسوة قلبه ولكن يا اخواني المشكلة في قسوة القلب ان من مات قلبه وقسى لا يشعر بعظيم خسارته ولكنه لا يتنبه الى ذلك الا بعد فقد الامر وذهاب امكان وذلك بما يزينه الشيطان ويمليه له من الاستمرار في هذه الطريق المنحرفة. ويطلب لشفاء ما في قلبه من قسوة لان القلب اذا بعد عن الله تعالى ليس قلبا مطمئنا. ولا مرتاحا لانه لا طمأنينة ولا ارتياح الا بذكر الله تعالى ومحبته والانجذاب اليه. الا بذكر الله تطمئن القلوب. من لم يكن ذاكرا لله تعالى يقسو قلبه هذا هذا مظهر ونتيجة. لكن هذه القسوة هل هي متحملة للناس يختلفون الناس في تحمله فمن الناس من يشتغل بالمسكنات. فتجده يطلب متع الدنيا ومرحها ولهوها والمعاصي لينسى هذه القسوة ويغطي هذه القسوة التي علت قلبه ويعينه الشيطان فينسيه ذكر الله كما قال الله جل وعلا استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر واولئك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون. لكنه في شقاء. ولذلك قال الحسن البصري في بيان سوء حال هؤلاء وعظيم وحسن حال من يقابلهم قال وان هملجت بهم البراذين وفعلوا ما فعلوه يأبى الله تعالى الا ان لمن عصاه والذل هو ما يبدو في القلب من اثر ما يبدو في الوجه من اثر ما في القلب من السوء. واما السعادة فقد قال رحمه الله انا لفي سعادة لو علم بها الملوك وابناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف يكفي في ذلك قول الله تعالى ان الابرار لفي نعيم. وهذا في دنياهم وفي برزخهم وفي اخراهم وان الفجار لفي جحيم وهذا في دنياهم وفي برزخهم وفي اخراهم