بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا ولاهل وللمسلمين قال المؤلف رحمه الله تعالى الحديث العاشر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله طيب لا يقبل الا طيبا. وان الله تعالى امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا وكلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه وغذي بالحرام فانى يستجاب له؟ رواه مسلم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا هو الحديث العاشر حديث الاربعين النووية آآ وهو ما نقله المؤلف رحمه الله عن ابي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله طيب لا يقبل الا طيبا هذا الحديث افتتح النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر عن الله عن وصفه وفعله اما الوصف فقال ان الله تعالى طيب قبل ان نخوض في شرح معنى الحديث ومفرداته الحديث رواه الامام مسلم كما قال المصنف رحمه الله من طريق عديب ثابت عن ابي حازم عن ابي هريرة رضي الله عنه. وهو من افراد مسلم انفرد به مسلم عن البخاري وهو حديث آآ من الاحاديث التي يبنى عليها ما يتعلق بالحلال والحرام دين الاسلام. قال المصنف قال النووي رحمه الله وهذا الحديث احد الاحاديث التي هي قواعد الاسلام ومباني الاحكام ومقصوده بقواعد الاسلام في الحلال والحرام. ومباني الاحكام فيما تدور عليه الاحكام فيما يتعلق طلب الحلال وتوقي الحرام الحديث موضوعه من اهم الموضوعات لا سيما انه يتعلق بامر لاهمية قصوى في صلاح الانسان واستقامته كما سيتبين من خلال ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم مهد لي مقصود الحديث وهو ما يتعلق بطلب الحلال وتوقي الحرام الخبر عن الله صفة وفعلا وتشريعا وقال الخبر عن الله صفة ان الله تعالى طيب ومعنى ان الله تعالى طيب اي انه جل وعلا منزه عن كل عيب ونقص في ذاته وفي صفاته في اسمائه وفي افعاله وفي كل ما يجب له فلا يطلب من عباده ولا يفرض عليهم الا طيبا وفيما يتقرب به اليه فلا يقبل الا طيبا ولذلك قال لا يقبل الا طيبا. هذا ثمرة الصفة التي اخبر الله تعالى بها اخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن الله فمعنى قولي ان الله طيب اي منزه عن كل عيب ونقص في ذاته وصفاته وافعاله تشريعاته ودينه وما يتقرب به اليه الطيب هو الزكاء والسلامة والصحة فهو السلام جل في علاه ان السالم من كل عيب ونقص لا يقبل الا طيبا اي لا يقبل من عباده الاقوال وفي الاعمال وفي عبادات الابدان. عبادات الاموال الا طيبا اي الا ما سلم من النقص والعيب ونفي القبول هو نفي للرضا فقوله لا يقبل الا طيبا اي لا يرضى الا طيبا ولا يثيب الا على الطيب والطيب انما يتحقق بالتقوى لقول الله تعالى انما يتقبل الله من المتقين هذا بيان في طريق تحصيل الطيب لا يحصل الا بالتقوى ثم قال صلى الله عليه وسلم وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين هذا بيان لتشريعه وان التشريع يحقق الطيب الذي اتصف به جل وعلا والطيب الذي يريده من عباده عندما يتقربون اليه وقال ان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فسوى الله تعالى بين اهل الايمان وبين المرسلين الذين امرهم بتبليغ رسالاته وجعلهم وسطاء بينه وبين خلقه في دلالتهم عليه سوى بينهم في الخطاب فامرهم لامر واحد ليس ثمة فرق بين الرسل وبين اهل الايمان فيما امر فيما امرهم به جل وعلا ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال وقال الله تعالى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا النداء للرسل وهم الذين جعلهم الله واسطة بينه وبين الخلق لتبليغ رسالاته والدلالة عليه امرهم بامرين قلوب من الطيبات واعملوا صالحا من الطيبات المراد بالطيبات كل ما طاب من المكاسب وكل ما طاب من الاعيان فالطيب هنا في الكسب والعين الكسب بان يكون طريقه مباحا وفي العين ان يكون طيبا في ذاته في عينه وهذا يشمل كل ما احله الله فمن من الطيبات وهو باب واسع لا حد له قل لا اجد فيما اوحي الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتا او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس الخبائث وهي ضد الطيبات محدودة الطيبات باب واسع كما قال تعالى وهو الذي سخر هو وهو الذي سخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه كلوا من الطيبات هذا اذن واباحة الامر هنا للاذن والاباحة وقيل الامر هنا للوجوب اي لا تأكلوا من غير الطيب والامر واضح ان المراد الاكل على الطيب دون ماء ما عدا وقوله واعملوا صالحا. هذا ثاني ما امر الله تعالى به المرسلين والعمل الصالح وكل ما امر الله به الرسل على اختلاف شرائعهم وفي ديننا كل ما امر الله تعالى به ورسوله وهو صالح في الظاهر والباطن هذا ما امر الله به الرسل امرهم بالاكل من الطيب والعمل بالصالح وقال تعالى يا ايها الذين امنوا هذا نداء المؤمنين كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون فامر الله تعالى اهل الايمان الاكل من الطيبات وقال كلوا من طيبات ما رزقناكم هذا نظير قوله كلوا من الطيبات طيب اين واعملوا صالحا في قوله تعالى واشكروا لله الشكر هنا بمعنى العبادة كما قال تعالى وقليل من عبادي الشكور كما قال تعالى ان اشكر لي ولوالديك اعملوا آل داوود شكرا الشكر المقصود به العبادة وهو نظير قوله في اية الرسل واعملوا صالحا فلا يكون شكر الا بالعمل الصالح هنا يتبين اتفاق المؤمنين مع المرسلين في الامر بالاكل من الطيب والعمل الصالح لكن المقصود الاية او في الامر المتفق الذي اشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم هو الامر بالاكل من الطيب واما العمل الصالح فهو من ثمار ونتائج الاكل الطيب صلاح العمل. وهنا واعلم ان كل في الاكل ينعكس على العمل وكل خبث في الاكل ينعكس على العمل فاذا طاب المطعم واذا خبث المطعم فسد العمل طيب يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا كلوا من كلوا من طيبات ما رزقناكم توافق امر المؤمنين امر المرسلين في الاكل من الطيبات. بعد ذلك قال ابو هريرة رضي الله عنه ثم ذكر الرجل اي ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا الامر الرجل الرجل هنا مثال وليس رجلا معينا بذاته انما هو ظرب مثال برجل صفاته كما سيأتي وهذا من تقريب المعاني المثال والنبي صلى الله عليه وسلم قد جرى على هذا في كثير من المواضع يقرب المعاني الامثال والله قد ظرب الامثال في كتابه فقال جل وعلا وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون هذا الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مثال بين في اثر مخالفة ما امر الله به ورسوله فيما يتعلق بطيب المأكل الله امر باكل الطيبات فاذا خالف ما ما ثمرة المخالفة ضرب لذلك مثلا قال ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يطيل السفر اي انه يسافر اسفارا طويلة او انه يسافر سفرا طويلا لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم نوع هذا السفر وانما بين حال المسافر وضرورته وفاقته وعظيم حاجته فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم يسافر في جهاد المسافر في حج ويسافر لمباح او يسافر لغير ذلك من الاسفار انما ذكر سفرا وصف فيه حال المسافر. وقد قال بعض اهل العلم ان هذا السفر سفر حج او سفر جهاد وما اشبه ذلك من اسفار الطاعات والعبادات كسفر صلة الرحم وطلب العلم وما اشبه ذلك وهذا وان كان محتملا لكن لا دليل عليه ليس في الحديث ما يدل عليه انما من قال بانه سفر انه ذكر اشعث اغبر وهذا يقترن بسفر الحج. والجهاد في سبيل الله اجعلوا ذكر هذا الوصف اشعث اغبر اشير الى انه سفر عبادة وسفر طاعة لكن ما ليس ذلك اه بلازم لان الشعث والغبر يكون في سفر الحج وفي غيره من الاسفار الذي يظهر انه سفر من الاسفار التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم حال المسافر دون جنس السفر او نوع السفر اشعث اغبر هذاني وصفان لحال المسافر اشعث الشعث هو تفرق شعر الرأس وتلبده وتغيره واتساخه وهذا لما يكابده من عناء الطريق ذات اليد والحاجة وقول اغبر اي اجعله الغبار في ملبسه وبشرته اشعث وصف للرأس واغبر وصف للبدن ثم قال صلى الله عليه وسلم في حال هذا الرجل الان رجل يطيل السفر اشعث اخبر يمد يديه الى السماء يمد يديه ان يرفعهما والى السماء واضح انه رفع عالم بقدر ما يستطيع وهذا يحصل انه كلما عظمت الحاجة امتدت اليدين في الرفع ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستسقاء يرفع رفعا يرى معه بياض ابطيه لشدة اظهار شدة الحاجة والفاقة يمد يديه الى السماء والمراد بالسماء هنا العلو وذاك ان كل من دعا انما يقصد الله والله جل في علاه في السماء كما قال تعالى اامنتم من في السماء وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سأل الجاري اين الله؟ قالت في السماء قال اعتقها فانها مؤمنة الله في العلو مد اليدين الى السماء لان الله العلو سبحانه وبحمده وقوله يمد يديه الى السماء اي يرفع يديه الى العلو في السؤال والطلب والدعاء وذلك لشدة الرغبة وعظيم الفاقة وكبير الضرورة الى ما يدعو ويسأل قال صلى الله عليه وسلم يقول يا رب يا رب ذاك وصف للحال وهذا وصف للمقال مقاله يهتف الله عز وجل يدعوه النداء جاء الدعاء يا رب يا رب ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم مسألة هنا لم يذكر مسألته هل مسألته تسهيل السفر هل مسألته الدلالة في الطريق هل مسألته الانقاذ من كربة لان السفر عرضة للاخطار والكربات هل مسألته في شيء من هذه الاشياء عن مسألته في هداية قلب دلالة الى هدى لم يذكر نوع الدعاء انما ذكر انه يهتف داعيا يا رب يا رب في حاجة من حاجاته اما حاجة دينية واما حاجة دنيوية لكنها حاجة من حاجات هذا الرجل وقول يا رب يا رب يصلح في هي اصلها يا ربي يا ربي حذفت الياء تخفيفا وعوض عنها كسر يا رب يا ربي الدلالة ويصلح ان يقال يا رب الظم على القطع وجه اخر وذكر الربوبية في الدعاء لانه موجب العطاء فموجب عطاء الله لخلقه انه ربهم خالقهم ورازقهم مدبرهم والمتصرف فيهم ولذلك ادعية القرآن غالبها دائر على ذكر وصف الربوبية. ربنا هب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة رب زدني علما وما اشبه ذلك والغالب ان بعد ذكر الربوبية يأتي السؤال والطلب مباشرة بخلاف ذكر الالهية فاذا ذكرت الالهية يأتي التمجيد والتقديس اللهم اني اسألك بانك انت الله لا اله الا انت الملك الحق وما الى ذلك من مما جاء في السنة مما يكون فيه تبجيد وتقديس اما في في في الربوبية تذكر الحاجة ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء. رب زدني علما على طول بعد ذكر الربوبية تأتي المسائل هنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل يقول يا رب يا رب انتم لو عرض لكم الان صورة هذا الرجل يا جماعة الخير لو عرض لكم صورة هذا الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يقول يا رب يا رب لا ترحمونه هلا هذي حال تستوجب الرحمة هذي حال تستوجب الرحمة والله ارحم الراحمين ليس شيء ارحم من الله جل في علاه فكل رحمة في قلوب الخلق هي جزء من رحمة من رحماته سبحانه وبحمده رحماته سبحانه وبحمده بالتالي ينبغي ان يعلم ان الذي منع من اجابة هذا الذي هذا وصفه امر عظيم ما هو قال صلى الله عليه وسلم ومطعمه حرام تلك صورة من حاله والان صورة اخرى من حال هذا الرجل ومطعمه حرام الواو هنا ويقول يا رب يا رب ومطعمه حرام مطعمه اي ما يطعمه ويأكله. وقوله حرام اما حرام في ذاتك ان يشرب خمرا او يأكل ميتة او يأكل خنزيرا مطعمه حرام. هذا مطعمه حرام او ان يكون الحرام بالنظر الى طريق حصول المال حصول الطعام يكون سرق الطعام تراه بمال محرم التحريم ليس في ذات لقدم له ماء زمزم شراه بمال مسروق حرام يدخل في قوله ومشربه حرام ومطعمه حرام قول مشربه مطعمه اي مأكله سواء كان محرما لعينه او لكسبه مشربه حرام سواء كان محرما لعينه او كسبه قال وملبسه حرام اي ما يستر به بدنة سواء كان من لباس الزينة او لباس ستر العورة لان اللباس نوعان لباس ستر عورات ولباس تجمل وزينة وملبسه حرام وحرام اما في ذاته كان يلبس حريرا رجل يلبس حرير او رجل يلبس ذهب او ملبس حرام من جهة يشتره بمال محرم سرقه غصبا هو الان قد اخذه من طريقهم وصل اليه من طريق محرم ثم قال صلى الله عليه وسلم وغذي بالحرام غذي للعلماء فيه معناها المعنى الاول غذي في في الحرام اي انه نشأ على المطعم والملبس مكة والمشرب الحرام من صغره هذا معنى يعني وذي يعني من من صغره يأكل الحرام ويلبس الحرام ويشرب الحرام الحرام مصاحب له في حال صغره وفي حال كبره والمعنى الثاني غذي بالحرم يعني شبع من الحرام وهذا لا علاقة له بالصغر اي انه كان الحرام غالبا على مطعمه ومشربه وملبسه الى درجة الشبع والامتلاء من الحرام وهذا المعنى الثاني اقرب الى الصواب انه معنى قوله وغذي بالحرام اي انه شبع من الحرام وليس انه غذي وهو صغير من الحرام لان الصغير اذا اكل حراما لكسب والدي ليس عليه اثم. الاثم على والدي اما هو ليس من اهل التكليف حتى يبلغ ثم يعلم ان هذا حرام فيجب عليه ان يمتنع من حرام العين اما حرام الكشف فالاثم في هذا الكاسب الاخر فمن اخذه من طريق مباح لا اثم عليه اذا قوله غذي بالحرم معناه شابعة من الحرم بعد ان ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حال الرجل هذا الوصف قال فانى يستجاب لذلك قول فانى يستجاب لذلك كيف ان يستبعد كيف على وجه الاستبعاد يستجاب اي يعطى هذا الرجل ما سأل في قوله يا رب يا رب كيف يجاب من كانت حاله كما وصف من احاطة الحرام به مأكلا مشربان وملبسا ومغدا فهذه حال تقتضي عدم الاجابة لكن هذا لا يمنع انه لا يجاب بالكلية. قد يجيبه الله برحمته وفضله. لكن المراد هو بيان ان من كانت حاله على هذا النحو فانه يبعد ان يستجاب له ان يعطى ما سأل لكن قد يجيب الله تعالى الله يجيب الكافر كما قال امن يجيب المضطر اذا دعاه وهو كافر اعظم من اكل الحرام. الكفر اعظم من اكل الحرام لكن قد يجيبه الله تعالى لضرورته وهذا من رحمة الله عز وجل وبهذا يكون قد تم معنا الحديث. اما الفوائد ففيه فوائد عديدة نجعلها في مبدأ الدرس القادم. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد