ابراهيم فتحولت بامر الله من ان تكون محرقة مؤذية الى ان تكون بردا وسلاما على ابراهيم يبين لك ان التعلق الذي يجب ان يكون القلب عليه وان يعمر الانسان فؤاده به الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حمدا يرضيه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله. صفيه وخليله خيرته من خلقه. بعثه الله هدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا. بلغ الرسالة. وادى الامانة ونصح الامة حتى تركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان الله عز وجل تكفل لمن توكل عليه وصدق في الاقبال عليه ان يكفيه ما اهمه. وان يبلغه ما ذلك وعده والله لا يخلف الميعاد. وقد قال جل في علاه ومن يتوكل على الله فهو حسبه اي من صدق في الاعتماد على الله عز وجل في جلب ما يؤمل وفي وقاية ما يحذر فانه كافيه ربه. فقوله جل وعلا ومن يتوكل على الله فهو حسبه. اي الله جل وعلا كافيه. فهو يكفيه جل وعلا كلما يؤمله تحصيلا وكل ما يحذره دفعا ووقاية وقد اقام الله جل وعلا لذلك شواهد فيما ذكره في كتابه فان ابراهيم عليه السلام لما ضاق به قومه لدعوته اياهم الى عبادة الله وحده لا شريك له هموا به اوقدوا نارا والقوها فيه. فقال عليه الصلاة والسلام عندما القي في النار حسبي الله ونعم الوكيل اي الله كافيني وهو وكيلي في كل امر اهمني في جلبه لما يحب ودفعه لما يكره. فوقاه الله عز وجل تلك المكيدة. وانقلبت اية تدل على صدق ما يدعو اليه. حيث انها تحولت من نار محرقة الى ان صارت بردا وسلاما كما قال الله تعالى وقلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم. وكذلك في سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما قصه الله تعالى من شأن اجتماع الناس عليه. لما خوف بذلك بعد غزوة احد التي اصيب فيها واصحابه فقتل منهم سبعون واعظم من ذلك شج رأسه و الحاضر القادر لا يؤثر على توحيده بل هو من جملة اخذ الاسباب وهذا نظير الاستعانة التي امر الله تعالى ان يفرد بها جل في علاه في قوله تعالى اياك نعبد ايش؟ واياك كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وادبه وجنته صلى الله عليه وسلم. لما انقضت تلك الوقعة قال الناس للنبي صلى الله عليه وسلم ان الناس قد جمعوا لكم فما كان منهم صلى الله عليه وسلم ومن اصحابه الا ان زادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. يقول الله جل وعلا في عاقبة هذا التفويض والتوكل والاعتماد على الله عز وجل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء هذا هو كفاية الله تعالى لعبده عندما يصدق في الاقبال عليه. فان العبد اذا صدق في الاعتماد على الله عز وجل واصلح ما بينه وبين ربه وفوض امره لخالقه وقطع تعلقه بكل سبب سواه كان ذلك فمن اعظم موجبات ادراك ما يؤمل ويحب. ومن اعظم اسباب الوقاية مما يخاف ويحذر ولذلك ليس مثل التوكل على الله عز وجل شيئا في ادراك المطالب وتحصيل المطلوبات. وكلما قلها توكل الانسان والتفت الى الاسباب تعلقا او الى الخلق طلبا كان ذلك مدعاة الى بعد مطلوبه وتباعد ما يؤمل ويرجو فان الخلق ليس في يديهم شيء انما الامر لله جل وعلا. وما يكون من الخلق من عطاء او منع من اعادة او تسلط من منح او قبل كل ذلك انما هو بمشيئة الله عز وجل. وهم اسباب نواصيهم بيد الله عز وجل لا يفعلون الا ما يشاء ولا يخرجون عن تقديره ولا عن ارادته. ولهذا الحكيم البصير. العاقل الرشيد هو من علق قلبه بالله عز وجل فان من علق قلبه بالله وصدق في توكله عليه وقطع علقه خلق كان ذلك مكسبا له قوة لا يجدها بغير التوكل. اذا انقطعت اطماع عبد عن للوراء اذا انقطعت اطماع عبد عن الورى. وعلق بالرب الكريم رجاءه فاصبح حرا عزة وقناعة على وجهه انواره وضياؤه. هذه حال من علق قلبه فانه اذا علق قلبه بالله ادرك ما يؤمن. وانقلب ما هو بعيد قريب وما هو متباعد متقارب ذاك فضله جل في علاه لاوليائه الذين ملأوا قلوبهم ثقة به وتوكلا عليه ويتحرر من كل تعلق بسوى الله. والقلب اذا تحرر من التعلق بغير الله. قوي وصلب واصبح حرا عزة وقناعة على على وجهه انواره وضياؤه. واما القلب المعلق بالخلق فانه لا يدرك ما يؤمل بل يتباعد غاية التباعد ما يؤمنه ذلك ان الخلق ليس في يديهم ولذلك قال الشاعر وان علقت بالخلق اطماع قلبه او اطماع نفسه تباعد ما يرجو وطال عناؤه فلا ترجوا الا الله في الخطب وحده. ولو صح في خل الصفاء صفاؤه. لا ترجوا الا الله في الخطب فيما ينزل بك من النوائب لا ترجوا الا الله علق قلبك بالله عز وجل. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لعبدالله بن عباس تلك الوصية النورانية التي فيها من خير الدنيا والاخرة ما يجمع لك سعادة الدار طيب فان عبد الله ابن عباس اوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بجملة وصايا كان منها ان قال واذا استعنت استعن بالله ثم لتأكيد هذا المعنى وانه لا معين الا الله. ولا يدرك الانسان شيئا الا بالله وان الخلق ليس في يديهم شيء ولا يدرك الانسان بالاعتماد عليهم والالتفات اليهم شيء. واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك. ولو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك ما ضروك. ولذلك ينبغي ان تنقطع العلق عن الخلق. هذا ليس تعطيلا للاسباب. فان الاسباب لا بد منها. لكن هذا لتعلق القلب بالخلق وبالاسباب وشتان بين الامرين فانت تفعل السبب وتعلق قلبك بالله عز وجل. تأخذ بالاسباب وقلبك معلق برب الارباب ومسبب الاسباب الذي انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيقول وشتان بين هذا وذاك الذي فعل وقلبه ملتفت الى السبب غافل عن الله عز وجل. فان ذلك يضعف به التوكل. والاسباب لا تأتي نتائج الا اذا شاء الله عز وجل. بل لو شاء الله عز وجل لقلب السبب الى نقيض نتيجته في المعتاد الطبيعة كما جرى ابراهيم عليه السلام لما القي في النار قال الله جل وعلا كوني بردا وسلاما على هو التعلق بالله لا بسواه وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد. واذا حقق العبد ذلك كان هذا لكل بعيد ومقربا لكل متباعد مدركا يدرك به الانسان خير الدنيا والاخرة ومنه الدعاء بكل انواعه فانه لا يدعى الا الله ولا يسأل الا هو جل في علاه. كما قال الله سبحانه وبحمده ان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. وكذلك قال ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. فالسؤال والطلب لا الا من الله جل وعلا. فاذا افردت الله بالسؤال والطلب كان ذلك مؤذنا لحصول مطلوبك وادراك مأمولك والفوز بما ترغب والله جل وعلا على كل شيء قدير وهو سبحانه وبحمده الغني الحميد ومن الدعاء الاستعاذة فالاستعاذة وهي طلب الوقاية مما يخاف طلب الحماية مما يكره الانسان تكون الا بالله عز وجل فان الاستعاذة لا تكون الا بالله لا بسواه جل في علاه. فمن استعاذ بغيره تباعد لا يرجو لم يدرك بذلك امنا ولا طمأنينة ولا سلامة ولا حماية ولا صونا بل انه يصاب بضعف في القلب واذا ضعف القلب ارعبه كل شيء ولذلك كان اهل الشرك اعظم الناس خوفا سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما اشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. فكل من وزع قلبه الخلق تعلقا بهم ورجاء للنفع منهم فانما يدرك الرعب والخوف ولا يدرك الامن الا بكمال التوحيد لله عز وجل وصدق الاعتماد عليه. الله جل وعلا يقول الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اي لم يلبسوا ولم يخلطوا ايمانهم بشرك وتوجهوا الى غير الله واعتماد على غير الله وتوكل على غير الله وعبادة لغير الله. ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. فمن لمن اراد سعادة الدنيا وفوز الاخرة ان يعلق قلبه بالله ولهذا لا تجد اقوى ولا اسعد ولا ولا اطيب ولا اكمل حياة من الموحدين الذين علقوا قلوبهم بالله عز وجل ولم يلتفتوا الى سواه. فان من علق قلبه بالخلق تباعد ما يرجو وطال بعد مطلوبه وطال عناؤه وتعبه في الركض وراء ما يؤمن ولن يدرك خيرا بل سيلقى شر وهلاكا في الدارين نسأل الله السلامة والعافية. نقرأ ما يسر الله عز وجل مما ذكره المؤلف رحمه الله آآ الايات والاحاديث في باب الاستعاذة بالله عز وجل والاستغاثة وآآ نعلق على ما يسر الله عز وجل نسأل الله البصيرة في والعمل بالتنزيل بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا امين اللهم محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله من الشرك الاستعاذة بغير الله. وقوله تعالى عن قولة بنت حكيم رضي الله عنا قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من منزلا فطال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. لم يضر شيء حتى يرتجل من منزله قريب. رواه مسلم. يقول رحمه الله باب من الشرك الاستعاذة بغير الله. الشرك هو تسوية غير الله بالله. هذا تعريف الشرك ولا يلتبس على احد وهذا التعريف ليس مخترعا ولا مبتدعا بل هو مستفاد من قول الله عز وجل في محكم كتابه. في ايتين من القرآن الحكيم. يقول الله جل وعلا عن المشركين اذا ادخلوا نار الجحيم نسأل الله السلامة منها تالله ان كنا لفي ضلال مبين. ليش ليش كانوا في ظلال مبين؟ اذ نسويكم برب العالمين. فالشرك هو تسوية غير الله بالله. ولو كان في شيء من اشياء لو كان في التوكل لو كان في السؤال والطلب لو كان في اه الاستغاثة لو كان في الاستعاذة لو كان في صرف نوع من العبادة كل من سوى غير الله بالله فانه وقع في الشرك. والناس فيه على مراتب ودرجات. ليسوا على درجة واحدة واما الاية الاخرى فهي ما افتتح الله تعالى به سورة الانعام في قوله الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. اي يسوون. يسوون به غيره جل في علاه وهذه سورة ذكر الله تعالى فيها من اقامة الحجة على التوحيد وبيان بطلان الشرك ما يجب على المؤمن ان يقف عنده ويعتبر بما فيه فانها سورة عظيمة في تقرير دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان بين وبين قومه بل ما كان فالذي اذا نزلت به كارثة قال اعوذ بك يا فلان من الصالحين او من المقبورين فهذا وقع في الشرك سواء كان المستعاذ به حيا غائبا لا يعلم او كان ميتا بين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وبين اقوامهم من الخصومة في عبادة الله وحده. فان الرسل جاءوا جميعا نوح عليه السلام الى خاتمهم محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه يدعون الناس الى عبادة الله وحده كلهم جاؤوا يدعون الخلق الى لا اله الا الله الى الا يعبدوا الا الله فان لا اله الا الله معناها لا معبود حق الا الله والى هذا دعت الرسل كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وهذا معنى قوله ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون لا اله الا انا فاعبدون يفسرها ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. فهذه هي دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وما خرج عن هذا فهو شرك سواء كان الشرك في القول او كان الشرك في العمل او كان الشرك في القلب او كان الشرك في في السر او كان الشرك في العلن كل ذلك اذا خرج عن تحقيق العبودية لله فهو شرك يوجب للانسان هلاك لا تظنوا ايها الاخوة ان عقوبات المعاصي واعظمها الشرك مقصورة على الاخرة بل يدرك الانسان من عقوبة الدنيا بمخالفة امر الله ما صدق عليه قوله جل وعلا ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ونحشره يوم القيامة اعمى الله الجزاءين الجزاء المعجل والجزاء المؤجل الجزاء المعجل بما يكون من الظيق والظنك والكدر وسوء الحال والجزاء المؤجل العقوبة في الاخرة كذلك الطاعة يدرك بها الانسان خيرين خير الدنيا والاخرة وهذا من رحمة الله عز وجل. من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن. ايش جزاؤه فلنحيينه حياة طيبة هذا جزاء مؤجل او معجل مؤجل او معجل جزاء معجل الان يدركه حياة طيبة وفي الاخرة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. فيدرك بذلك جزائين. وهذا من رحمة الله بعباده. ان يذيقهم ثمرة الطاعة في الدنيا ليشجعهم على الاستزادة والاقبال. ويذيقهم شؤم المعصية في الدنيا لينكفوا يرتدع كما قال جل وعلا ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوه. لماذا؟ لعلهم اي لعلهم يكفون عن العصيان ومخالفة امر الله عز وجل الشرك هو تسوية غير الله بالله في كل امر من الامور التي لا تكون الا لله جل في علاه ومنه طلب وهو الاستعاذة والعون هو الالتجاء والاحتماء والاعتصام يدور معنى الاستعاذة على هذه المعاني فاذا قلت اعوذ بالله اي احتمي به والتجأ اليه واعتصم به و اطلب الصون والوقاية منه. هذا معنى اعوذ بالله اي احتمي التجأ اعتصم. وما الى ذلك من المعاني والمترادفات التي تدل على هذا المعنى. الاستعاذة لا تكون الا بالله عز وجل. لا تكون لغيره هي عبادة والله عز وجل امر بها في محكم كتابه. فقال تعالى قل اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس وقل ربي اعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ان يحضرون. ويقول جل وعلا واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله فالله عز وجل امر بالاستعاذة وغالب ما تأتي الاستعاذة في القرآن العظيم مقرونة باسمه الاعظم الله في غالب مواردها وتأتي ايضا مقرونة بالربوبية قل اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس وتأتي في واتت في موضع واحد مقرونة باسمه الرحمن جل في علاه. والاستعاذة حقه سبحانه وبحمده وهي نوع من الدعاء. لانك بالاستعاذة تطلب من الله الملجأ تطلب من الله الحماية تطلب من الله الوقاية تطلب من الله العصمة من السوء والشر والاستعانة هذا عبادة لا تكون الا بالله عز وجل. وهذا الذي جعل المؤلف رحمه الله يقول باب من الشرك الاستعاذة بغير الله. اي من مما يوقع الانسان في الشرك ويورطه في عبادة غير الله ان استعيذ بغيره جل في علاه وهل هذا في كل شيء؟ الجواب الاصل فيما يتعلق بتعلق القلب وميله خصامه ولجائع الا يكون الا لله. فالعمل القلبي وهو طلب العصمة والحماية لا يكون الا من الله وعلا في كل شيء وفي كل شأن. ولذلك اذا التجأ الانسان واعتصم بغير الله ووثق بغيره ثقة لا تكون الا بالله فانه عند ذلك يكون قد وقع في نقص في توحيده وخلل في ايمانه اذ انه اعتصم بغير الله واستعاذ بسواه جل في علاه. لكن اذا كانت استعاذته في امر يقدر عليه الانسان وفي امر يمكن يمكن للمخلوق ان يفعلها دون ان يركن بقلبه. انما فعله على وجه السبب. وعلى وجه اخذ ما امر الله تعالى به من فانه لا حرج فيه ولا يكون في ذلك قد وقع بشيء من الشرك لان قلبه معلق بالله وما استعاذ به من المخلوق ولا اي لا نستعين بسواك لكن معلوم ان الانسان يستعين بغيره من الخلق فيما يقدرون عليه لكن قلبه معلق بالله لا يتعلق بالخلق. فاذا استعنت فاستعن بالله. لكن هذا لا يعني الا تأخذ سببا يمكن ان تحصل على عون وتدرك منه مطلوبا فانه ينبغي ان يفرق بين ميل القلب وتعلقه فلا يميل القلب الى غير الله ولا يتعلق بسواه ولا يعتمد الا عليه جل في علاه. واما الاسباب فان كان ذلك في مقدور الخلق فليس كهذا مما ينافي التوحيد ولا يناقضه بل ان النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر فتنة الدجال اعاذنا الله واياكم نطلب من فتنة الدجال روى الامام مسلم في صحيحه من حديث زيد ابن ارقى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير مع اصحابه فقال تعوذوا بالله من الفتن قالوا نعوذ بالله قال تعوذوا بالله من الفتن قالوا نعوذ بالله من الفتن. قال تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قالوا قال صلى الله عليه وسلم لاصحابه تعوذوا بالله من فتنة الدجال. قالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال تعودوا ايها الاخوة من فتنة الدجال تعوذوا بالله من فتنة الدجال فان الله عز وجل امركم باتباع نبيه وقد امركم رسوله صلى الله وسلم بذلك فنسأل الله ان يعيذنا واياكم من فتنة الدجال المقصود ان الاستعاذة وهو طلب العود بالله عز وجل طلب الحماية من الله جل وعلا اذا كانت في امر لا يقدر عليه الا الله فلا تصرف الى سواه. فلا يتعلق القلب ولا القول بغيره. فاذا استعاذ الانسان ميت فانه استعاذ بمن لا يدرك به مطلوبا. وبهذا يكون قد وقع في الشرك. اذا استعاذ ابن لا يعلم حاله ولا يدرك حاجته ولو كان قادرا عليها فقد وقع في الاستعاذة الشركية. اذا استعاذ بحي غائب او حاظر لا يقدر على مطلوبه مما لا يقدر عليه الا الله عز وجل فقد وقع في الشرك. اما اذا استعاذ بمخلوق فيما يقدر عليه. وعلق قلبه بالله فهذا لم يقع في شيء من الشرك ولم يخالف ما امر الله تعالى من عبادته وحده لا شريك له. هذا ما يتصل بمراتب الاستعاذة وما يعرف بها ما يكون من الاستعاذة شرك وما يكون من الاستعاذة لا يخالف التوحيد ولا يوقع في الشرك اذا استعاذ الانسان بمخلوق فيما لا يقدر عليه الا الله فقد وقع في الشرك. كان يسأل المخلوق مغفرة الذنوب او يسأل المخلوق هداية القلوب او يستعيذ به من شر الشيطان فهذا لا يقدر عليه المخلوق. انما يقدر عليه رب الخلق جل في علاه. فاذا قال للمقبور او دعا نبيا او ملكا او رسولا او صالحا او انسا او جنا او شجرا او حجرا قال اعذني من شر الشيطان فانه وقع في الشرك لانه لا يقي شر الشيطان الا الله. واما ينزغنك من الشيطان نزغ. ماذا تصنع؟ فاستعذ بالله احتم به اعتصم به التجأ اليه فاذا التجأت الى غيره فقد وقعت في الشرك فمن سأل غير الله شيئا لا يقدر عليه الا الله فقد وقع في الشرك اذا سأل غير الله ما يقدر عليه المخلوق. سأل المخلوق ما يقدر عليه. وكان حاضرا فهذا ليس من الشرك لكن في هذه الحال ينبغي ان يعلق قلبه بالله وان يعلم انه لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع فاخذ السبب لا يعني ان يميل الانسان بقلبه الى غير ربه. بل قلبه معلق بالله فلا يأتي بالحسنات النعم الا هو كما لا يدفع السيئات النقم والمصائب الا هو. جل في علاه. وهذا اذا تعلق به القلب واخذ بالسبب كمل المطلوب من التوكل على رب الارباب جل في علاه. هذه هي الحال الثانية ان يسأل المخلوق ما يقدر عليه وكان حاضرا فلا بأس بذلك ويعلق قلبه بالله ويعلم انه لن يأتيه الا ما قسم له الله عز وجل به تتم الامور لا تتم بسواه جل في علاه. الحال الثالثة ان يسأل المخلوق الغائب الذي لا يعلم عنه ولو كان يقدر فهذا من الشرك لانه سوى غير الله بالله اذ انه ما فيه احد يستعين بغائب الا ويعتقد انه يعلم حاله وهذا الاعتقاد كفر بالله عز وجل لانه لا يعلم الغيب الا الله قل لا يعلم في السماوات والارض الغيب الا الله وما يشعرون ايان يبعثون لا يقدر هذا وذاك سواء في المعنى ولهذا هذه الصورة من الشرك اذا استعاذ بمخلوق غائب ولو في ولو كان لا يعلم ولو كان فيما يقدر عليه فانه من الشرك لانه سواه بالله. الصورة الرابعة ان يستعيذ بميت فهذا لا يجوز وهو من الشرك الاكبر المخرج عن الملة فواجب على المؤمن ان يتحرى هذه الاحوال وان يتجنب كل ما يوقعه في الشرك