ذكر المصنف رحمه الله في هذا الباب اية وحديثا اما الاية فهي قول الله عز وجل وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهبا هذه الاية الكريمة ذكر الله جل وعلا فيها ما قصته الجن من حالها وحال الانس وذلك في سورة الجن التي ذكر الله تعالى فيها جملة مما تكلمت به الجن عندما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من جملة ما تكلمت به خبرها عن حال بعض الناس وانه كان رجال من الانس رجال من الانس اي بعض الانس وذكر الرجال على وجه الغالب والا يقع هذا من الرجال ومن النساء وانه كان رجال من الانس يعودون برجال من الجن اي يحتمون ويلتجئون الى رجال من الجن في وقاية الشرور وتحصين المأمول وفي التوقي لما يخافون ويحذرون. فماذا كانت النتيجة؟ قال الله جل وعلا فيما قصه من حال اولئك فزادوه هم رهقا فزادوهم هذه الاية في قوله فزادوه مراهقة فيها ثلاثة اوجه من التفسير الرهر هو الاثم وغشيان المعاصي. اي فزاد انسوا الجن رهقا اي اثما. كيف ذلك؟ لما اعتصم الانس بالجن طغت الجن واستكبرت وعصت فزادوا فزاد الانس الجن رهقا. هذا المعنى الاول ان الانس باستعاذتهم جن كان ذلك من موجبات وقوعهم في المعاصي والطغيان وغشيان المحارم الكفر بالله عز وجل. الوجه الثاني في معنى الاية فزادوهم رهقا اي زادوهم عناء وخوفا وهنا يكون الفاعل فزادوهم اي زاد الجن والانس رهقا. زاد زاد زاد زاد الجن والانس خوفا هم ما استعاذوا بالجن الا خوفا منهم وذلك ان العرب كانت اذا نزلت وادي من الاودية قالوا نعوذ سيدي هذا الوالي الوادي من سفهاء قومه نعوذ بسيدي هذا الوادي من سفهاء قومه. فكان هذا هذه الاستعاذة بهذا المخلوق موجبة لتسلط الجن على الانس. فزادوهم خوفا زادوهم رهبا. زادوهم رهقا هذا هو المعنى الثاني من المعاني التي قيلت في الاية. المعنى الثالث من المعاني وهو لا يخرج عن المعنيين السابقين زادوهم كفرا رهقا الرهق هو الكفر. فالرهق فسر بالاثم وفسر بالخوف والفرق وفسر بالكفر اي فزادوهم كفرا اي زاد الانس الجن كفرا وهذا يرجع الى المعنى الاول والمعنى الثاني فزاد الجن الانس كفرا طلب التقرب اليهم وغير ذلك مما يجعلونه اسبابا لوقايتهم من سفهاء قومهم ووقايتهم من شر الجن. والمقصود ان كل فمن توجه الى غير الله فانه لا يدرك الا خبالا. لا يدرك الا هلاكا لا يدرك الا فسادا وشرا وهذا معنى قوله جل وعلا وانه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فكانت النتيجة فزادوهم رهباء لم لم يدركوا ما امنوا كما قال الشاعر وان علقت بالخلق اطماع نفسه اي ان علقت اطماع نفسك بالخلق تباعد ما يرجو وطال عناؤه. فينبغي للمؤمن الا يعلق قلبه بالخلق مهما كانوا قوة ومهما كانوا قدرة ومهما كانوا جاهد بل لا يعلق قلبه الا بالله الذي تكون به الاسباب والذي تكون به الاشياء والذي انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون سبحانه وبحمده. وكلما خلص القلب من التعلقات بغير الله قوي وصلب ولم ينله ولم يصبه الا انشراحا وبهجة وسرور وطمأنينة هذا في فيما يتعلق بحاله وفيما يتعلق بما يصيبه قل لن يصيبنا ها الا ما كتب الله لنا لن من المصائب ومن النوازل الا ما قدره الله تعالى لك. الحديث الاخر الذي ذكره المصنف رحمه الله حديث خولة حكيم رضي الله تعالى عنها قالت وقد اخرجه الامام مسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نزل منزلا اي من نزل مكانا في سفر او اقامة. وحمله بعض اهل العلم على المنزل في السفر. واخرون قالوا ان يشمل المنزل في السفر وفي الحظر وهذا الاقرب الى الصواب لعموم قوله منزلا فانه نكر في سياق الشرط فتعم اي منزل ينزله الانسان في سفره او حضره. فاذا نزل منزلا جديدا اذا نزل منزلا آآ يتوسل بها العبد اليه سبحانه وبحمده ثم ذكر المستعاذ منه وهو من شر ما خلق. من شر ما خلق. اي من شر كل ذي شر من خلقك من شر ما خلق اي من شر كل ذي شر من خلقك لحاجة من الحوائج اذا نزل منزلا في اه طريق عارض اذا نزل منزلا في قضاء حاجة في دائرة من سواء يشمل كل المنازل التي ينزلها حتى قال شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله اذا ركب السيارة فقد نزل منزلا فاذا قال فهذا الذكر نال ذلك الفضل. من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. لم يضر لا يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك من نزل منزلا الان ذكرنا ان العلماء في المنزل لهم كم قول لهم قولان القول الاول انه ان المنازل المقصود بها هنا المنازل في السفر اذا نزل منزلا في سفره لراحة للتزود لشراء متاع هذا المعنى الاول. ان المنزل هنا المراد به منزل في السفر. والمعنى الثاني ان المنزل هنا يشمل كل مكان ينزله الانسان في سفره وفي اقامته ولو كان ذلك في ركوب دابته. فاذا ركب طيارة وقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم لن يضره شيء حتى يرتحل عن هذا المنزل. وهذا العموم يرجى ان يكون هو المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم من نزل منزلا لدلالة اللفظ عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم فقال وهنا الشاهد فقال اعوذ بكلمات الله التامات اي احكم واعتصم والتجئ واتوسل الى الله عز وجل بكلماته التامات. فالباء هنا للتوسل الاعتصام بكلماته التامة وكلماته جل في علاه هي صفة من صفات وذلك ان كلامه صفة من صفاته فالاعتصام بكلماته اعتصام به جل في علاه. اعتصام بامره سبحانه وبحمده اعتصام بتدبيره. والكلمات هنا المقصود بها كلماته الكونية التي قال الله جل وعلا فيها انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. هذه الكلمات هي المقصودة في قوله بكلمات الله التامات. لان الكلمات الله تنقسم الى قسمين كلمات كونية وهي التي يدبر الله تعالى بها امر الكون وكلمات شرعية وهي التي بين فيها وما طلبه من عباده. القرآن كلام كوني او كلام شرعي كلام شرعي لان الله بين فيه دينه. واما الكلام الكوني فهو ما يحصل به تدبير الكون. انما امره اذا اراد ان يقول له كن فيكون. فالاستعاذة هنا بقوله اعوذ بكلمات الله التامات باي النوعين من الكلام؟ قال بعظ اهل العلم كلمات الكونية والشرعية وقال اخرون بل ذلك بالكلمات الكونية وهذا اقرب الى الصواب. يدل لهذا ما في الذكر الاخر اعوذ بكلمات الله التامات التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر. وهذه لا تصدق الا على الكلمات الكونية لان الكلمات الشرعية يلتزمها الفاجر او يتجاوزها ها اسألكم يتجاوزها فوصف الكلمات بالتي لا يتجاوزهن بر ولا فاجر يدل على ان المقصود بالكلمات المستعاذ هي كلمات الله الكونية ليست الشرعية لان الشرعية يتجاوزها الفاجر ولا يلتزمها الا البر. والحديث يقول اعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن اي لا يتعداهن ولا يخرج عنهن بر اي طائع ولا فاجر اي عاص هذي في كلمات الله الكونية التي يجري بها تدبير الكون انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وقوله اي التي لا نقص فيها وهذا وصف يسميه العلماء يسميه العلماء وصفا كاشفا وهو الوصف الذي لا حاجة اليه من جهة انه لا يضيف اضافة لكنه يبين كمالا في الموصوف يثبت واقعا وليس قيدا اضافيا. فكل كلمات الله تامة. ليس بكلام الله نقص ليس كمثله شيء جل وعلا وهو السميع البصير. سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام للمسجد الاقصى سبح اسم ربك الاعلى يسبح له ما في السماوات وما في الارض. كل هذا يثبت الكمال لان التسبيح هو تنزيه الله عن النقص التسبيح تنزيه الله جل وعلا عن النقص وعن العيب وعن ان يماثله الخلق هذا معنى التسبيح اذا قلت سبحان ربي الاعلى اي يقدسك ربي وانزهك وامجدك عن ان يكون في شأنك نقص او ان يكون في امرك عيب او ان يكون لك مثيل من خلقك ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. هذا معنى قولنا في سجودنا وركوعنا سبحان ربي العظيم سبحان ربي الاعلى. فلذلك ليس بكلامه سبحانه وبحمده نقص وانما وصفها بالتامات هو كشف للواقع فكلماته تامة كما قال جل وعلا وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. صدقا في الاخبار وعدلا في الاحكام سواء كانت الاحكام شرعية او كانت الاحكام جزائية او كانت الاحكام كونية فلا ظلما عنده جل في علاه يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما. اعوذ بكلمات الله التامات هذا المستعاذ به وهو الله جل في علاه. فالاستعاذة بكلماته الاستعاذة بصفة من صفاته وهنا قد يتبادر للانسان من حيث الفهم انه استعاذة فقط من شر الخلق المحيطين بك او الذين تراهم لكن الحديث يعم شر كل ذي شر تراه او لا تراه حولك او بعيد عنك بل حتى يتضمن الاستعاذة بالله من شر نفسك من شر ما خلق انت الست من خلق الله؟ بلى فانت تستعيذ بالله من شر نفسك والاستعاذة بالله من شر النفس جاءت في السنة فمن الاقوال المعروفة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من ايش شرور انفسنا وسيئات اعمالنا فالنفس لها شر داخل هذا الشر مستعاذ بالله منه في قوله من شر ما خلق فانت تستعيذ الله عز وجل من شر كل من شر حتى من شر نفسك وهذا ايضا في قوله تعالى قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق. غالبا ما يأتي في ذهننا هذا المعنى. غالبا نفهم ان هو الخارج عنا ولا يتبادر الى اذهاننا ان نستعيذ بالله عز وجل حتى من شر انفسنا حتى من شرور انفسنا فقوله صلوات الله وسلامه عليه اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق يشمل شر كل ذي شر من الخلق كل ذي شر تستعيذ بالله من شره. حاظر او غائب من نفسك او من غيرك قريب او بعيد انس او جن. حيوان او تستعيذ بالله من شر كل ذي شر قال النبي صلى الله عليه وسلم في عاقبة وثمرة هذا الكلام المبارك وهذه الاستعاذة المباركة قال لم يضره شيء لن يضره شيء. اي لا يصل اليه ضرر بالكلية. وقوله شيء يشمل كل شيء كل شيء بلا استثناء سواء كان ظررا حسيا او ضررا معنويا حتى ضيق الصدر يدفعه الله تعالى عنك. اذا قلت هذا القول وذكرت هذا فيدفع الله تعالى عنك كل ما تكره بهذه الكلمات اذا صدرت من قلب صادق مؤمن بصدق وعد من لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه. لم يضره شيء بالكلية مدة هذا الوعد وهو ظمان عدم الاذى قال حتى يرتحل من مكانه اي حتى عن هذا المكان الى غيره وهذا يعني ان الانسان ينبغي له ان يحرص على مثل هذا الذكر في كل منازله التي ينزلها. فان الوقاية المضمونة لمن قال هذا القول مؤقتة ومؤمدة بامد ووقت وهو مدة نزولك فاذا ارتحلت فاحرص على الاعتصام بالله عز وجل والاستعاذة به جل في علاه. وبهذا يكون الانسان على انتباه دائم انه كلما نزل منزلا قال هذا القول. الان كثير من الناس يأتون الى منازل غير منازلهم في الحج والعمرة كشأن العمار والزوار فينزلون فنادق. ينبغي اول ما ينزل الانسان اي مكان ينزله يبادر الى ان يقول اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ما يضرك يا اخي انت تدرك بل ينفعك ويجري عليك الاجر باتباع السنة والاجر بالوقاية يعني من قال هذا القول ادرك فظيلتين الفظيلة الاولى الاجر والثواب باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وادرك ما رتب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك من الاجور والفوائد والمنافع وهو انه لم يضره شيء حتى يرتحل. فينبغي ان يحرص على هذا في كل منازله وخلاصة هذا الباب انه ينبغي ان يعلق القلب العبد قلبه برب الارباب وكلما علق قلبه بالله سعد واطمئن وانشرح قلبه وادرك ما يرجو وامن مما يخاف اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقني واياكم صدق عبادته. وان يجعلني واياكم من حزبه واوليائه. وان يعيننا على طاعته في والعلن اللهم اعنا على طاعتك واصرف عنا معصيتك. ربنا اعنا ولا تعن علينا ربنا انصرنا على من بغى علينا ربنا اثرنا ولا تؤثر علينا ربنا اجعلنا لك ذاكرين شاكرين راغبين راهبين اواهين مريبين. اللهم تقبل توبتنا وثبت حجتنا واغفر زلتنا واقل ربنا وسل السخائم من قلوبنا. اللهم وفق ولاة امر هذه البلاد الى ما تحب وترضى احفظ هذه البلاد من كل شيء وشر وسائر بلاد المسلمين