في احد فقال شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن. فصيام امة الاسلام في هذا الشهر هو شكر على هذا الانعام. شكر على هذا الفضل. شكر لله عز وجل على هذه المنة الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم له الحمد ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد. له الحمد على احسانه وعظيم انعامه وجزيل فضله فنعم الله عز وجل تترى لا يحيط العباد بها احصاءا ولا يطيقون لها شكرا وما قدروا الله حق قدره فاحمدوه حق حمده. لا احصي ثناء عليه على نفسي واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه خليل في رجله من خلقه. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته وارتفع اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان الله جل في علاه فرض الصوم في محكم كتابه فقال جل في علاه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم ترتقون. وهذا الفضل مر بمراحل فان الله عز وجل فرض الصوم على نبيه صلوات الله وسلامه عليه. اول ما فرغ بعد هجرته صلى الله عليه وسلم. في السنة الثانية من الهجرة. لم يفره صلى الله عليه وسلم في مكة. بل كان الصوم في مكة نفلا وتطوعا غير مفروض. وانما كان فرض الصوم لما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر الى المدينة. بقي النبي صلى الله عليه وسلم العام الاول دون هذا الفرض. وفي السنة الثانية من الهجرة فرض الصيام على اهل الاسلام بقوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ثم ذكر الله عز وجل هذا الفرض من حيث عدد فقال اياما معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر. وعن الذين يطيقونهم فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له ثم جاء بيان الوقت الذي فيه هذه الايام المعدودات فقال جل وعلا شهر رمظان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. فمن شهد منكم الشهر فليصمه. فكان هذا الفرض الذي فرضه الله تعالى على هذه الامة في هذا الشهر وهذا الشهر اصطفاه الله تعالى من بين الشهور لحكمة. وهي ما قدم الله تعالى به فرض الصوم على كل وهي انزال هذا النور المبين. والقرآن العظيم والكتاب المبين. على سيد المرسلين في شهر رمضان فلما كان هذا الشهر محل هذا الاصطفاء القدري. حيث جعله الله تعالى محلا لنزول القرآن عطف عليه جل في علاه اختصاصا شرعيا. وهو صومه وهذا مضطرب. في كثير من الخصائص والوقائع القدرية يرافقها تخصيصات احكام وفرائض شرعية. فرمضان انزل الله فيه القرآن وكان لشكر هذه النعمة ان فرض الله تعالى صياما وجعل صيامه في منزلة عظيمة فمدعامة وركن من اركان الاسلام بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وكذلك في الجمعة فانه يوم عظيم. خصه الله باحداث قدرية عظمى. فيه خلق ادم وفي ادخل الجنة وفيه اخرج منها خصه الله بانه سيد الايام وشرع فيه افضل صلوات فقال يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة بيوم الجمعة فاسعوا. الى ذكر الله وذروا البر ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون. فكان انزال القرآن في هذا الشهر المبارك موجبا لهذه الفضائل العظيمة التي خص الله تعالى هذا الشهر بها. فهو شهر من صامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من من ذنبه. ثم يكمل الفضل ويتعاظم فمن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وليلة القدر هي الليلة التي انزل الله تعالى فيها هذا النور المبين وهذا القرآن العظيم. يقول الله تعالى انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا مرسلين ويقول جل في علاه انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام. هي بطلع الفجر. هذا بيان الهي. لوقت انزال القرآن وانه في هذه الليلة. ولذلك كان من قام هذه الليلة التي هي ليلة الفضل والمن والعطاء والهبات والرحمات والنفحات من قام هذه الليلة غفر له ما تقدم من ذنبه. والعمل فيها على وزن عظيم. ومنزلة كبرى عند رب العالمين فمن قامها كان حظا لسيئاته ومن عمل فيها صالحا كان كاجر من عمل في ما يزيد على الف شهر لقوله تعالى ليلة القدر خير من الف شهر يعني اخير وافضل من الف شهر وذلك فضل الله وعطاؤه ومنه وكرمه على اهل هذه الشريعة المباركة نحمد الله على ان جعلنا من اهلها ونسأل الله ان يحيينا مسلمين وان يتوفانا مؤمنين ان يلحقنا بالصالحين. نقرأ ما ذكره مسلم رحمه الله. من الاحاديث حول قوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. باب قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين منهم قال حدث قال حدثنا يحيى عن بيت الله قال عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان عاشوراء يصوم اهل الجاهلية فلما نزل مرض ومن قال من شاء صامه ومن جاء فليصمه. قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا الينا تعيس عن عائشة رضي الله عنها قالت كان عاشوراء صوم قبل رمضان فلما نزل رمضان قال قال عن إبراهيم عن عبد الله قال دخل عليه الأشهد وهو يطعن فقال اليوم عاشوراء فقال ان ينزل رمضان فلما نزل رمضان قال حدثني هشام وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه. فلما المدينة صاموا ثم امر بصيامه فلما نزل رمضان كان رمضان فريضا فترك عاشوراء. فكان من شاء صامه قال المصنف رحمه الله باب قوله يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. اي فرض عليكم الصيام كما فرض الله تعالى على من سبق من الامم. والحكمة من هذا الفرض هو تحقيق التقوى. كما كتب على الذين من قبلكم اي ما كتب على الذين من قبلكم رجاء ان تتقوا. وقوله لعلكم تتقون. اي تتقون الله جل وعلا وقيل لعلكم تتقون كل ما يمكن ان يكون شرا وفسادا لصيامكم ولذلك قال لعلكم تتقون الاكل والشرب والجماع. فعدوا المفطرات فقيل هذا وهذا والذي يظهر والله تعالى اعلم ان المقصود بقوله لعلكم تتقون اي لاجل ان يحصل منكم التقوى ولم يذكر الله جل وعلا في هذه الاية ما الذي يتقى فيشمل كل ما يتقى لعلكم تتقون الله ولعلكم تتقون ما منعتم منه ولعلكم تتقون كل ما يكون سببا لان القاعدة انه اذا لم يذكر المعمول فان ذلك من دلائل العموم. اذا لم يذكر معمول فعل فان ذلك من دلائل العموم ليشمل كل ما يتقى فالصوم يحصل به زيادة التقوى الله عز وجل والصوم به يتقي الانسان النار فالصوم جنة والصوم به يتقي سيء الاخلاق ورديء الاعمال والصوم به يتقي ما منع منه الصائم من مأكل ومشرب وجماع وشهوة كما جاء في الحديث الالهي فيما رواه البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة يقول الله عز وجل يدع طعامه شرابه وشهوته من اجلي. فكل هذا مما يتقى في الصيام. والصوم فيما ذكر المصنف رحمه الله من احاديث ما يشير الى ان ثمة صياما ثمة صياما قبل صيام رمضان. كانت الامة تعرفه. وهو صيام عاشوراء بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم قبل الهجرة كما اخبرت عائشة من انه يوم تصوم الجاهلية كانت تصومه قريش في الجاهلية فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم. وقد اختلف العلماء رحمهم الله في صيام عاشوراء اكان فرضا؟ ام كان ندبا مستحبا؟ قبل فرض رمضان ثم اختلفوا ما حكمه بعد ان فرض الله تعالى صيام رمظان؟ فذهب طائفة من اهل العلم الى ان صيام عاشوراء كان فرضا قبل ان يفرض الله عز وجل على الامة صيام رمضان واستدلوا لذلك بان النبي صلى الله عليه وسلم صامه وامر بصيامه كما في حديث عائشة وكذلك استدلوا بان النبي صلى الله عليه وسلم بعث مناديا ينادي في قرى الانصار ان من اصبح منكم صائما فليتم صومه. ومن اصبح مفطرا فليمسك فاستدلوا بمثل هذه الاحاديث الدالة على تأكد الصيام وان النبي امر به. والى هذا ذهب جمع من اهل العلم ومنهم الحنفية فرأوا ان صوم عاشوراء كان فرضا قبل صيام رمضان وخالفهم في ذلك غيرهم فذهبت الشافعية وجمع من اهل العلم الى ان ياما عاشوراء لم يكن فرضا بل كان صيام عاشوراء ندبا مؤكدا حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم واكد فانه لما جاء ووجد اليهود يصومونه سألهم عن ذلك سألهم عن ذلك فقالوا هذا يوم صالح نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وقومه فصامه موسى ونحن نصومه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم انا احق بموسى منكم انا احق بموسى منكم فصامه صلى الله عليه وسلم وامر بصيامه. فدل ذلك على ان النبي صلى الله عليه وسلم صام هذا اليوم لما علم سببا صيامه وهو انه يوم نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وقومه. وامر بصيامه شكرا لله عز وجل. فلم يعلم بسبب الصوم في نفس اليوم ولذلك بعث في قرى الانصار من ينادي ان اليوم عاشوراء وبعد ان من اصبح كن صائما فليتم صومه. ومن اصبح مفطرا فليمسك. فلم يتبين فضل ذلك اليوم ومزيته ومنزلته الا لما رأى اليهود يصومونه. فالامر على وجه التأكيد لا على وجه الحجاب ولهذا القول الراجح فيما يتعلق بصيام عاشوراء انه لم يكن فرضا بل كان ندبا ولو كان فرضا لبين بيانا يحصل به العلم. وانما صامه النبي صلى الله عليه وسلم شكرا لله عز وجل على ما انعم به من نصر موسى وقومه على فرعون وقومه والوجوب يحتاج الى ما هو اكثر واوضح من مجرد الامر الذي قد يحمل على الوجوب وقد يحمل على الندب وتأكيد الفعل. واما صوم رمضان فانه تأكد بالايات البينات الواضحات في فرضه وايجابه في قوله يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم وهذه فيها فرض صوم ولو كان ثمة صوم مفروض قبل هذا قال الله عز وجل كما فرضنا عليكم صياما عاشوراء. لكن الامة لم يكن لها عهد بصيام مفروض. ولذلك ارجع الله عز وجل التنظيم في فرض الصوم لا الى صوم معلوم مفروض عندهم بل الى صوم الامم ثقة وانه كان مفروضا على الامم السابقة. فقال يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ولو كان صوم عاشوراء مفروضا لكان الاولى ان ينظر بصيام مم سابقة او بصيام معهود في فانتهكوا الحرام واهدروا الحلال وتركوا الفرائض والشرائع عبدالله ابن عمر رضي الله تعالى عنه كان عاشوراء يصومه اهل الجاهلية المقصود بالجاهلية هنا المشركون الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم وابوا ان ينقادوا لشريعته هذه الشريعة ايهما اولى بالتنظيم؟ صيام مم سابقة ام صيام معهود ومعروف في هذه الامة بالتأكيد ان الصيام المعهود المعروف في هذه الامة اولى بالتنظير. فيكون القول يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب عليكم في صيام عاشوراء او نحو ذلك مما يبين فيه الله عز وجل نظيرا لما فرض الله تعالى على هذه الامة. وهذا القول هو الاقرب الى الصواب وهو وان عاشوراء لم يكن مفروضا. ما جاء من الاحاديث التي فيها الامر وتأكيد والتي فيها تأكيد الامر. يحمل على ان ذلك ترغيب وتأكيد لفضيلة الصوم وهو تمهيد لما سيفرضه الله تعالى على الامة من صيام ايام معدودات لكنه لم يكن فرضا ولا واجب. وعلى كل حال هذا خلاف يشبه ان يكون بالنسبة لنا لا ثمرة له. لماذا؟ لان الاجماع يشبه ان تكون منعقدا على ان صوم عاشوراء بعد فرض رمضان ليس بواجب. وقلت يشبه ان يكون اجماعا لان ثمة من اهل العلم من ذهب الى ان صوم عاشوراء بقي وجوبه في الامة لكن هذا القول لا قائل به وهو قول منقرض قال به بعض السلف والادلة شاهدة على عدم صحته. ولهذا تواطأت كلمات العلماء على ان صوم عاشوراء ليس واجبا وان الصوم المفروض الواجب هو صوم رمضان. يدل لهذا ما جاء في الصحيح من حديث طلحة بن عبيدالله في الرجل الذي جاء ثائر الرأس يقول نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يعني له صوت وهمهمة لكن ما يدروا وش يقول ما استبان الصحابة ماذا يقول؟ فجاء فاذا هو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلوات المفروضات فاخبره بخمس صلوات مكتوبات قال هل علي غيرها؟ قال لا الا ان تطوع. ثم سأله عن الصوم. قال شهر رمضان قال هل علي غيره؟ قال لا الا ان تطوع. فدل ذلك على ان على ان الامة ليس عليها صيام واجب سوى صيام رمضان. وهو الذي جاءت به الادلة في الكتاب والسنة واجمع عليه علماء الامة. اما الاحاديث التي ساقها المصنف رحمه الله فقد ذكر قال مثل رحمه الله اربعة احاديث. الحديث الاول ساقه باسناده من حديث نافع عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال كان عاشوراء يصومه اهل الجاهلية اي اهل مكة والجاهلية اسم لفترة زمنية. لكن هذه الفترة اتسمت بوصفين الوصف الاول عدم العلم والوصف الثاني عدم العمل بالعلم. فان عدم العلم كما ان عدم العمل بالعلم جاهلية. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم خصلتان في امتي من امر الجاهلية لا يتركونهن الطعن في الانساب والاستسقاء قابل نجوم. فذكر النبي صلى الله عليه وسلم انها من خصال الجاهلية مع انه بينها وهي باقية في الامة والسبب في هذا ان من يطعن في النسب او يستسقي بالنجم ليس عن جهل انما قد يكون عن ترك العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وترك العلم الام ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي ذر لما عير رجلا بامه ماذا قال له قال انك امرؤ فيك ايش؟ فيك جاهلية مع انه مسلم. فمن الذي كان في ابي ذر حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقولة كان فيه عدم عمل بالعلم وليس عدم علم لانه ولو ما كان يعلم ما له لم يلم. الشريعة انما تثبت بعد العلم والتكاليف تثبت. بعد العلم فاذا علم الانسان ولم يعمل كان فيه خصلة بالخصال الجاهلية. يدل لذلك ايضا قول الله تعالى انما التوبة على الله للذين يعملون السوء ايش؟ بجهالة كيف بجهالة لو كانوا جاهلين بمعنى انهم لا يعلمون ما عوقبوا لان الاحكام تتبع ايش؟ العلم الذي لا يعلم ان هذا محرم الذي لا يدري ان الربا حرام ويأكل ربا لا يعلم ان الرشوة حرام ويأكل رشوة هذا لا اثم عليه لانه جاهل والشريعة تثبت الاحكام بعد العلم. قال الله تعالى وما كنا معذبين ايش؟ حتى نبعث رسولا. فالاحكام انما تتبع العلم والشرائع تتبع العلم. والمؤاخذة تتبع العلم فكيف يكون وجه الاية ومعناها انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من كيف توجه هذه الاية؟ المقصود بجهالة هنا عدم العمل بالعلم الذي لا يعمل بعلمه فهو جاهل فقوله انما التوبة على الله الذين يعملون السوء بجهالة اي بترك ما علموه من الحلال والحرام هؤلاء اهل جاهلية لماذا؟ لانه تبين لهم العلم تبين لهم الهدى قامت عليهم الحجة لكنهم ابوا ان ينقادوا للنبي صلوات الله وسلامه عليه. هذا معنى قوله رضي الله تعالى عنه كان عاشوراء اي كان يوم عاشوراء يصوم اهل الجاهلية وعاشوراء يقصد به الليلة العاشرة يقصد به الليلة العاشرة فهو وصف لليلة. ولذلك يقال يوم عاشوراء. والمقصود بعاشوراء الليلة فهو لليلة لا لليوم. فلما نزل رمظان اي نزل فرضه وايجابه على الامة قال من شاء صاده ومن شاء لم يصمه. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به في مكة لم ينقل ولا في حديث واحد ان النبي صلى الله عليه وسلم ندب اصحابه الى صيام عاشوراء في مكة كلام ابن عمر رضي الله تعالى عنه اختصار ومقصوده ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء في الجاهلية كما عليه الاحاديث الاخرى ولما جاء المدينة ووجدهم يصومونه لاجل ما ذكروه من ان الله نصر فيه موسى على فرعون وقومه صامه صلى الله عليه وسلم لهذا السبب واكد صيامه بان امر به وحث عليه ودعا اصحابه الى صيامه. فقوله رضي الله تعالى عنه فلما نزل رمظان عن شرع الله تعالى فرض الصيام في شهر رمضان قال النبي صلى الله عليه وسلم من شاء صامه ومن شاء لم يصمه يعني تركه بالخيار وهو وهو قبل ذلك كان في الخيار كان في الخيار اما في مكة فلا شك انه كان بالخيار لانه لم قال ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بالصيام. واما في المدينة فقد تقدم ان امر النبي صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء لم يكن على وجه الفرض والالزام انما كان على وجه الندب والتأكيد والحث والترغيب اما الحديث اما الحديث الثاني الحديث هذا فيه فوائد من فوائده ان الجاهليين كان لهم اعمال صالحة كان عندهم اعمال صالحة وان كانت قليلة وما كان عندهم من اعمال صالحة كانت من بقايا الشرائع في الامم السابقة وسبب صوم اهل الجاهلية في يوم عاشوراء ذكر ذلك جماعة من اهل العلم انهم يعظمون هذا اليوم ويكسون فيه الكعبة. ويصومونه ولعل هذا من بقايا ابراهيم عليه السلام وملة ابراهيم التي بقيت في قريش. وفي اهل الجاهلية. هذا هو سبب الصوم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوافقهم عليه وفيه من الفوائد ان كل من لم يعمل بالحق والهدى فانه موصوف بالجاهلية كل من لم يعمل بالحق والهدى فله نصيب من الجاهلية يزيد او ينقص. وفيه من الفوائد انه لما نزل رمظان وفرض الله تعالى رمظان لم يبقى صيام مفروظ سواه كما دلت على ذلك الاحاديث وفيه من الفوائد ان صيام النفل يخير فيه الانسان بين ان يصوم وبين ان يترك ولا يعاب من؟ ترك ويثنى على من فعل. ولذلك قال فمن شاء صام ومن شاء لم يصمه. اما الحديث الذي ساقه المصنف رحمه الله فهو حديث عائشة وقد ساقه بالحديث الزهري عن عروة ابن الزبير رضي الله تعالى عنه عن عائشة انه انها قالت كان عاشوراء يصام قبل رمضان يصام قبل رمضان ولم تبين رضي الله تعالى عنها صفة صومه هل هو على وجه الوجوه؟ او على وجه الندم خبرها مطابق للواقع لان النبي صلى الله عليه وسلم صام عاشوراء في السنة الثانية في اول السنة الثانية لان النبي قدم المدينة متى؟ قدم المدينة في اي الاشهر في شهر ربيع ربيع الاول ثم السماء. استمر بقية السنة في المدينة. فلما جاء المحرم من السنة الثانية للهجرة وجدهم يصومون فامر بالصوم وندب اليه ثم في تلك السنة نفسها فرض الله تعالى صيام رمضان لان صيام رمضان فرض في السنة الثانية بالهجرة. والاتفاق منعقد لا خلاف بين العلماء على ان النبي صلى الله عليه وسلم صام تسع رمضانات. صام النبي صلى الله عليه وسلم بالاتفاق تسعة رمضانات رمضان السنة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة من الهجرة والسابعة من الهجرة الثامنة والتاسعة والعاشرة. هذه تسع رمضانات صامها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومات صلى الله عليه وسلم في ربيع صلى الله عليه واله وسلم ولم يدرك رمضان العاشر. ولذلك صام رمضانات صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقولها رضي الله تعالى عنه عنها فمن اه كان عاشوراء يصام قبل رمضان فلما نزل رمظان قال عن النبي صلى الله عليه وسلم من شاء صام ومن شاء افطر مطابق لما تقدم في كلام عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه من انه بعد ان نزل رمظان لم يكن الامر في صيام عاشوراء على النحو والاول من التأكيد والحث والامر والمناداة في القرى من اصبح صائما فليتم صوما ومن مفطرا فليمسك. اما الحديث الثالث فما رواه البخاري باسناده من طريق ابراهيم عن علقمة عن عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. قال دخل عليه الاشعث. الاشعث من التابعين دخل على عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وهو يطعن يعني وهو يأكل. فقال الاشعث عبدالله بن ابن مسعود اليوم عاشوراء او اليوم عاشوراء هذا اليوم عاشوراء او اليوم عاشوراء اي اليوم العاشر من من محرم فقال عبدالله بن مسعود يعني كان يقول كيف تأكل؟ واليوم عاشوراء وهو يوم يندب صيامه وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صومه قال عبد الله بن مسعود مسعود رضي الله تعالى عنه كان يصام قبل ان ينزل رمظان كان يصاب على وجه التأكيد والامر والترغيب والحث. فلما نزل رمظان ترك اي ترك التأكيد. قال بعظ اهل العلم بل ترك الوجوب فقد كان واجبا وصار مستحبا لكن هذا في اشكال لان الاستحباب لم يزل باقيا في في صيام عاشوراء فالذي ترك هو تأكيد صومه. اما استحباب صومه والندب اليه فقد استمر ولم ينقطع. بل في السنة العاشرة قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ان اليهود يصومون العاشر فقال صلى الله عليه وسلم لئن عشت الى قابل ايش؟ لاصومن التاسع. فدل ذلك على استمرار صيامه. وانه لم يقطع صيامه صلى الله عليه وسلم بعد فرض رمضان وانما قطع الحث والندب والترغيب والتأكيد لصومه. اما فعله فانه لازم صومه حتى هم ان يصوم معه التاسع في العام القادم. فقال لئن عشت الى قابل لاصومن التاسع مما يؤكد هذا المعنى ما جاء في صحيح الامام مسلم من حديث ابي قتادة ان عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر فقال لا صام من صام الدهر لم يصم ولم يفطر. لا صام ولا افطر. فقال صوم يوم وافطار يومين. فقال من يطيق ذلك؟ ثم سأله عن صيام يوم وافطار يوم فقال ذاك صيام داوود ثم قال صلى الله عليه وسلم صيام ثلاثة ايام من كل شهر ورمضان الى رمضان صيام الدهر يعني يعدل في الاجر والثواب صيام الدهر صيام السنة الدهر المقصود السلام يعدل صيام السنة. ثم قال صلى الله عليه وسلم ثم قال وصوم يوم عرفة فاحتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده. وصيام يوم عاشوراء احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله. وهذا يدل على ان ثوابه باق. وان فضيلته لم تزل ولم ترتفع فقول عبد الله رضي الله تعالى عنه هنا فيما اخبر به الاشعث قال كان يصاب قبل ان ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك اي ترك تأكيده الترغيب الشديد فيه. ولعل ابن مسعود رضي الله تعالى عنه فهم من تركه انه ترك بالكلية واستغناء بالفريضة عنه. ولذلك قال فادنوا فقل يعني حث الاسعد ورغبه في الاكل فقال له فاذن فقل. هذا الحديث فيه من الفوائد ان التابعين لديهم من العلم والحرص لديهم من الحرص الاهتمام بالعمل الصالح ما جعلهم ينبهون الصحابة في بعض المسائل فالاشعب يذكر فضل الصوم عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وفيه ان طالب العلم اذا استشكل من شيخه او ممن هو اعلى منه منزلة فعلا او مسألة فليتلطف في السؤال لانه لما رآه يطعن ما سكت انما قال اليوم عاشوراء. فلعل عبد الله بن مسعود غافل لعله ساهي لعله ترك الصوم لسبب فاورد عليه هذا الايراد. لما رآه يطعن في يوم عاشوراء قال له اليوم عاشوراء فجاء البيان بن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. وفيه من الفوائد ان اراد الانسان على العالم مثل هذا ينبغي ان يقابل برحابة صدر. وان يبين للانسان ما اشكل عليه من من الفعل فعبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه لم يأنف من هذا التنبيه بل بين للاشعب ما الذي اوجب الا يصوم؟ ما سبب عدم صومه؟ انه يرى ان عاشوراء قد نسخ صيامه وترك بعد فرض رمضان. وفيه ان ما نقله الصحابة في شأن ينبغي ان ينظر الى مجموعه ولا يكتفى خبر واحد منهم. لان مجموعه يبين لنا الامر ويجلي لنا الحال ويبين سنة سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه. ولهذا لم نفهم عبد الله بن مسعود الا باجتماع بقية الاثار والاحاديث الواردة عن الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم في شأن صيام كثر وفيه من الفوائد حرص الصحابة رضي الله تعالى عنهم على بيان ما يرونه القول والفعل فانه لما اورد عليه ما اورد بين له ثم قال له ادنو فكل ولا ندري هل اكل الاشعث او لكن الذي بلغنا من الخبر انه بلغه هذا الشيء. وفيه من الفوائد ان فضيلة صيام عاشوراء كانت مشهورة عند التابعين. لان الاشعث لم يزد على ان قال اليوم عاشوراء وهو انما يسند هذا الى معروف ومعهود ومشهور وهو ما اشتهره من فضيلة في هذا اليوم هذه بعض الفوائد التي يمكن ان تؤخذ من من الحديث الثالث الذي المصنف وهو حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه اما الحديث الرابع فهو ايضا لعائشة رضي الله تعالى العناء ساقه باسناده من طريق هشام ابن عروة عن ابيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان يوم عاشوراء تصومه قريش كالجاهلية هذا تفسير ايضاح ومزيد بيان وتصديق لحديث من؟ حديث عبد الله بن عمر المتقدم. يقول كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه يعني معه. فلما قدم المدينة يعني بعد الهجرة صامه صلى الله عليه وسلم. لما اخبر بسبب صومه من اليهود. قال وامر بصيامه اي اكد صومه نادى في الانصار بان يصاب فلما نزل رمظان كان رمظان الفريظة لما نزل رمظان كان رمظان فريضة اي التي استغنى بها عن تأكيد صيام غيره وعلى القول بانه كان فرضا التي استغنى بها عن الامر بصيام عاشوراء. قال ترك عاشوراء فكان من شاء صامه ومن شاء لم يصمه. هذا الحديث فيه من الفوائد ان اهل الجاهلية كما تقدم قد يكون عندهم اعمال صالحة لكن تلك الاعمال الصالحة لا ترفع عنهم وصف الجاهلية لانهم عارضوا فيما هو اعظم من مفردة في عمل صالح. فكانت معارضة للنبي صلى الله عليه وسلم فيما هو اكثر. واعظم من عمل صالح وهو صيام يوم عاشوراء لماذا عارضوا النبي صلى الله عليه وسلم؟ قريش بماذا عارضت النبي صلى الله عليه وسلم؟ ايش كان موضوع الخصومة والخلاف بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش. التوحيد. في القرآن. ماذا قالوا في سورة صاد؟ اجعل الهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب. وانطلق الملأ منهم قال امشوا واصبروا على الهتكم. يعني اصبروا على شرككم تطع محمد فكانوا يتواصون بالشرك. والشرك اعظم الظلم. ما يمكن ان ينفع معه عمل ولذلك يقول الله جل وعلا وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. لهذا لو يأتي الانسان بامثال جبال حسنات وصالحات ثم يأتي وهو بالله مشرك فانه سيلقى الله وهو عليه غضبان وكل هذا يذهب هباء منثورا. لا تقل كيف يذهب هباء منثورا؟ يذهب هباء منثورا. لان اصل قبول العمل لم يوجد. ما الاصل في قبول العمل؟ التوحيد. الاخلاص. لا اله الا الله افراد الله بالعبادة هذا هو مفتاح القبول. هذا هو الذي يفتح باب الجنة. فاذا لم هذه الحقيقة حقيقة الاخلاص. قائمة في القلب فلا ينفع العمل مهما كان حسنا جيدا مدخلا لا ينفعه. لهذا جاء في السنن والمسند من حديث ابي امام الباهي ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا رجل مسلم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل فيقول الرجل قاتل يبتغي الاجر وايش؟ والذكر. يبغى اجر يريد اجر من الله. وايضا مع الاجر يبي الناس يقولوا ما شاء الله هذا شجاع هذا مقدام هذا فارس هذا بطل يبي شوية ملح ماله يحصله اذا جاهد بهاتين النيتين. يريد الاجر والذكر. ما له؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم ايش الجواب؟ لا شيء له. ما في شيء. وهذا معنى قوله صلى الله وسلم فيما رواه مسلم من حديث ابي هريرة يقول الله عز وجل انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه معي غيري ايش؟ تركته وصرت هذا هو يعني اذا انت عملت عمل تريد الله وتريد مع الله منفعة اخرى مدح مصلحة دنيوية يكلك الله عز وجل الى ما نويت. الله لا يريد هذا العمل. الله غني عنك وعن عملك تركته وشركه تركته يعني لم اقبله. ولم اثب عليه ولا موقع ولا وقع موقع قبول بل هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لا شيء له وكما قال الله عز وجل وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا كرر الرجل السؤال في كل مرة يقول لا شيء له. الرجل يقاتل يبتغي الاجر والذكر. لا شيء له. في الاخير قال صلى الله عليه وسلم انما يتفكر وهن العمل ما كان خالصا وابتغي به وجهه. الخالص هو النقي من الشوائب. وطلب الدنيا بالعمل وابتغي بوجهه اي قصد الله به دون ما سواه. فاحرص على ان تكون اعمالك كذلك فانه تعبد وكد وعناء ان تعمل الصالحات وان تكد بدنك في الطاعات لذلك مدح الخلق مدح الخلق ما ينفع ولا يبقى الذي ينفع ويبقى ويرفع هو ان تبتغي ما عند الله. وثق تماما انه عندما تصدق في ابتغاء الله سيأتيك كل ما تريد بعد ذلك فمن قصد الله جاء الله له بكل شيء. الله عز وجل يقول ان الذين امنوا وعملوا الصالحات ايش نجعل لهم الرحمن ودا. هاي محبة في قلوب الناس. والناس اذا احبوك اثروا عليك خيرا. فاخلص عمل لله وسيأتيك كل الخيرات التي تؤملها في الدنيا وفي الاخرة. لكن اذا قصدت بعملك غير الله لن تدرك ما عند الله وما عند الناس لا خير فيه. سرعان ما يتقلب وسرعان ما يتغير وسرعان ما يتبدل. وسرعان ما يتحول فالناس ليسوا على وجه واحد لم يسلم منهم الله جل في علاه فقد اذوه. والمقصود بالسلامة هنا هو السلام جل في علاه لكن المقصود انهم اذوا الله عز وجل واعتدوا عليه سبحانه وبحمده تكذيبه ونسبة الولد له وشتمه جل في علاه. وكذلك لم يسلم منهم المرسلون. صلوات الله وسلامه عليهم المقصود ان الجاهلية كان عندهم اعمال صالحة لكن لم تغني شيئا لما كانت على غير التوحيد. عبد الله بن جدعان رجل من اعيان وسادة قريش. وكان رجلا مختلفا عن سائر من معه من وجهاء قريش فكان لا يظلم وكان يغيث وكان يعين المظلوم وله سجايا حميدة وهو صاحب حلف الفضول الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لو دعيت اليه في الاسلام لاجبت وكان حلفا تعاهد فيه هو ومن بعد على ان ينصروا المظلوم وان يردوا الحق الى اهله. هذا الرجل على ما هو عليه منه احسان في حق الخلق. سألت عائشة رضي الله تعالى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله ابن جدعان وما كان ايرفعوا ذلك يوم القيامة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم لا انه لم يقل يوما من الدهر اغفر لي خطيئتي يوم الدين. يعني ما كان يؤمن بالبعث. ما كان يؤمن بالنشور. وهذا خلل في اصل الايمان فلذلك لم ينفعه ما كان يعمله من الصالحات. المقصود ان ان الجاهلية فيها ايجابيات من نواحي لكن لا تنفع تلك الصالحات لما كان الاصل منخربا وانهم لم يوحدوا الله عز وجل لم يفردوهم بالعبادة لم يؤمنوا بانه لا اله الا الله هذه بعض الفوائد المتصلة بهذا الحديث