لا لكل من تعلق بغير الله عز وجل في ادراك المطلوبات او في طلب الامن من المرهوبات او في ادراك المسائل والحوائج. يقول الله جل وعلا ومن اضلوا اي لا احد اضل ذكر جملة من الايات واثرا. اما الايات فبدأها بقوله رحمه الله قال وقوله تعالى ولا تدعوا من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فان فعلت فانك اذا من الظالمين. هذه الاية تضمنت نهيا في اولها. فقال جل وعلا ولا تدعوا اي لا تطلب ولا تسأل ولا تعبد فالدعاء هنا يشمل العبادة والسؤال والطلب لا تدعو من دون الله من دون الله يعني اي والله غير الله سواء كان ملكا ذا جاه عند رب العالمين او كان رسولا او كان نبيا او كان صالحا او كان حيوانا او كان شجرا او حجرا لا تدعوا من دون الله احدا. لا تتوجه الى غيره ولذلك النهي هنا نهي عام لكل مطلوب سوى الله جل وعلا لا تدعو لا تطلب من غير الله لا تسأل من غير الله شيئا لانك تسأل ما لا ينفعك ولا يضرك. فكل ما دون الله لا يملك لك ضرا ولا نفعا فالمنافع كلها في يديه وكل ضر انما يكون بامره جل في علاه. فلذلك لما كان غير الله لا يملك نفعا ولا ضرا فمن الخطأ والزلل والضلال والانحراف ان تسأل غيره جل في علاه وهو لا يملك لك نفعا ولا ضرا ولذلك يؤكد الله جل وعلا هذا المعنى في ايات كثيرة ان سؤال غيره هو سؤال من لا يملك شيئا من لا يملك نفعا ولا ضرا. ولذلك يقول جل وعلا ولا تدعوا من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. وانما يعبد ويسأل من يملك نفعا وضرا. ارأيتم الان لو ان احدا استوقف رجلا وقال انا اشكو الما في بطني. وهذا الرجل من ممن يعمل في نظافة المكان مثلا او يعمل في الانارة او في البناء وشكى اليه الما في بطنه وطلب منه ان يصف له علاجا. اكان هذا تصرفا حكيما؟ تصرفا عاقلا؟ ام كان ذلك خبلا نوعا من الضلال والجنون لا شك ان سؤال من لا يملك ظرب من الجنون والخطأ وظياع الوقت واتعاب النفس فيما لا طائل وراءه فكيف يسأل العبد ما لا يملك له نفعا ولا ضرر. قد يقول قائل طيب الخلق عندهم اسباب يقدر انا اسأله ويقدر ان ان يبلغه ما اريد. هنا نقول اذا كان يملك فسؤالك يجب ان يكون قلبك معلقا بالله. وسؤالك انما هو من باب ذهب لادراك المطالب وشتان بين من يبذل السبب لادراك المطلوب وقلبه معلق بالله وبين من ركن قلبه وهو ما له الى الاسباب. ارأيتم العطشان يشرب الماء ليدرك بذلك ريا. هذا سبب لكن لو انه اعتقد انه سيدرك الري والشبع في الجوع وغيره من المطالب دون امر الله فانه عند ذلك يقع في عبادة غير الله لانه اعتقد في السبب انه يبلغه المطلوب. فالاسباب من الناس من تتعلق قلوبهم بالاسباب تعلقا كليا تنسون مسببها وهؤلاء وقعوا في الشرك. ومنهم من يلغي الاسباب بالكلية ويقول الاسباب هذي لا قيمة لها. وهؤلاء خالفوا الشرع عقل والطبيعة وما انزل الله عليه العادة. والعدل والميزان ان تفعل الاسباب التي تؤدي النتائج لكن قلبك معلق باسبابه. اليس من الناس من يشرب ماء ولا يروى؟ ومن يأكل ولا يشبع؟ بلى. هناك من يشرب ولا يروى ويأكل ولا يشبع. فالسبب لا يأتي بالنتيجة في كل الصور الا اذا شاء مسبب الاسباب ولهذا علق قلبك في كل امر حتى فيما يقدر عليه الخلق علق قلبك بالخالق جل في علاه ولا ترجو الا الله في كل امر دقيق او جليل فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ولهذا يقول الله جل وعلا ولا تدعوا من دون الله ما لا ينفع ولا يضرك. طيب ان فعلت ان جرى هذا فسأل الانسان احدا شيئا وهو لا ينفعه ولا وهو لا يملك له نفعا ولا ضرا. قال جل وعلا فان فعلت فدعوت غير الله فانك اذا اي في هذه الحال من الظالمين اي من المشركين. فالظلم هنا هو اعظمه واعلاه وهو الشرك بالله. دليل ذلك قول الله عز وجل في وصية لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. ان الشرك لظلم عظيم هو الظلم لانه جناية على اعظم الحقوق وهو حق الرب جل في علاه فقوله جل وعلا فان فعلت اي دعوت غير الله وتوجهت الى سواه في طلب عود او طلب غوث او طلب قضاء حوائج فان فعلت فانك اذا من الظالمين ثم لتقرير هذا المعنى ذكر الله جل وعلا حالين من حال الانسان وهي حال طلب كشف الظر وجلب الخير. قال الله جل وعلا وان يمسسك الله بضر. دقيق او جليل فلا كاشف له الا هو اذا قدر الله عليك ضرا فانك لن تتخلص منه الا باللجأ اليه. واذا كان كذلك فبمن نستغيث؟ لا نستغيث الا بمن؟ الا بالله وبمن نستعين؟ لا نستعيذ الا بالله لانه الذي الضر اذا شاء سبحانه وتعالى. فلا كاشف له الا هو. وان يردك بخير فلا راد لفضله اذا اراد بك نفعا وخيرا في دنياك واخراك فلو اجتمع الخلق كلهم على ان يحولوا بينك وبين ما اراده الله تعالى بك من الخير والنفع لم يملكوا شيئا يقينك بهذا يجعلك في غاية الاعتماد على الله والتوكل عليه وحسن التعبد له ويقطع وعلقك بالخلق مهما عظمت قدرتهم ومهما عظم جاههم فعلمك بهذا يصرف قلبك عما سوى والله فانه لا يكشف السيئات الا هو. ولا يكشف المضار الا هو. كما انه لا يجلب الحسنات الا هو جل في علاه. ولا تدرك المطالب والمنافع الا من قبله قال جل وعلا في تقرير وجوب انقطاع القلب عن ما عدا الله جل في علاه في الدعاء والطلب والاستغاثة استعاذة وان يمسسك الله بضر لا كاشف له الا هو وان يردك بخير فلا راد لفضله والاية الثانية التي تدل على وجوب افراد الله بالطلب والا يلتفت العبد لغير الله في مطالبه واماله ومخاوفه يقول المؤلف وقوله فابتغوا عند الله الرزق. ابتغوا ان اطلبوا عند الله الرزق. لا تطلبها عند غيره. وهنا قال فابتغوا عند الله. بين محل الطلب اولا قبل ان يذكره. فابتغوا عند الله الرزق ما قال فابتغوا الرزق عند الله لاجل ان يؤكد انه لا يطلب الرزق الا من الله جل وعلا. والرزق هنا كل ما يحصل لك به نفع في دينك ودنياك بما يتعلق بعمل القلب او فيما يتعلق بعمل الجوارح او فيما يتعلق بالمكاسب والمطالب. فان الرزق اسم لكل ما يسوقه والله عز وجل مما يحصل به نفع للانسان سواء كان ذلك في في في رزق القلوب في رزق القلوب او في رزق الابدان لان الرزق ينقسم الى قسمين. رزق قلوب وهو الهداية والاستقامة صلاح والسكن والطمأنينة ورزق الابدان بما تصلح به وتستقيم من المآكل والمشارب والملابس ذلك وكله لا يأتي به الى الله جل وعلا لا يطلب من سواه فابتغوا عند الله الرزق او يطلبوه منه لا ومن غيره جل في علاه. وهذا يشمل الرزق الذي يدعى ويسأل والرزق الذي يتعلق بدفع المكروهات وكشف الخطوب والنوازل والمدلهمات فيشمل قوله تعالى فابتغوا عند الله الرزق الا يستغاث الا بالله والا يدعى الا هو جل في علاه. ثم قال وقوله ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس يوم القيامة كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. هذه الاية هاتان الايتان الكريمتان تبين عظيم الضلال هو الذهاب عن الهدى الخروج عن الصراط المستقيم لا اضل ولا ابعد عن الهدى ولا ابعد عن ادراك ما يؤمل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهذا حال كل المدعوين من دون الله عز وجل فكل من يدعى من دون الله من الملائكة او من الصالحين او من الانبياء والرسل او من فضلا عن الاشياء والاحجار التي يتوجه اليها كثير من الخلق في ادراك مطلوباتهم كل اولئك لا يستجيبون لمن يدعوهم. ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون اي ما علموا ولا فطنوا ولا تنبهوا الى دعواتكم واسئلتكم واستغاثاتكم ذاتكم فهؤلاء الذين يقولون يا فلان اغثنا يا فلان انتنا يا فلان بلغنا مطالبنا يا فلان حاجاتنا وهؤلاء ليسوا في مكان بعيد او في مكان غائب هؤلاء يسمعون عبر وسائل كثيرة تنقل فيها دعواتهم ويسمع فيها زورهم وبهتانهم. هؤلاء ينطبق عليهم قول الله جل وعلا ومن اضل ممن يدعو من دون ولله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون اي لا يدركون ما تدعون ولا يسمعون ما تسألون ولو سمعوا ما استجابوا لكم ولذلك يقول الله جل وعلا وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء اي كان هؤلاء المدعوون اعداء لهم لانهم عبدوهم من دون الله فيتبرأون منهم يتبرأون من شركهم وكفرهم بالله عز وجل واذا حشر الناس كانوا له معداء وكانوا بعبادتهم اي بدعائهم فسمى دعاء هؤلاء من دون الله عبادة وكانوا كافرين. وقوله امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء فلا يكشف السوء الا الله ولا يجيب المضطر الا الله جل في علاه. فاذا كان لا يكشف السوء الا الله. ولا يجيب المضطر الا جل وعلا فان قلب المؤمن لا يتوجه الا الى الله في طلب العود والاستعاذة ولا يتوجه الا الى الله في طلب الغوث والايغاء والاستغاثة في في طلب من المكروهات فقوله امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء فلا يفعل ذلك الا هو جل في علاه فهو ممن فرد به ربنا سبحانه وبحمده. بعد ذلك كل الايات المتقدمة وهي نماذج مما ذكره الله عز وجل ليست حصرا وانما ذكر امثلة للايات الدالة على وجوب افراد الله بالعبادة على وجوب افراد الله بالدعاء على وجوب افراد الله بالاستغاثة على وجوب افراد الله بالاستعاذة كلها دالة على هذا المعنى وفي الكتاب الحكيم ايات كثر تدور في نفس المعنى وتقرر حقيقة وجوب افراد الله دعاء والاستغاثة والاستعاذة. فلا يدعى غيره ولا يستغاث بسواه ولا يستعاذ باحد غيره سبحانه وبحمده ذكر المصنف رحمه الله حديثا في موضوع الاستغاثة وهو ما رواه الطبراني باسناده انه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين فقال بعضهم اي قال بعض الصحابة لبعض قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق قوموا بنا اي لنذهب الى النبي صلى الله عليه وسلم فنطلب منه الغوث بمنع شر وضر هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم انه لا يستغاث بي انما يستغاث بالله هذا الحديث في اسناده بعض المقال كما ذكر ذلك بعض اهل العلم وقد تضمن الحديث وجوب افراد الله عز وجل بطلب الغوث في المكروه مع ان هؤلاء طلبوا امرا قد يكون في مقدور النبي صلى الله عليه وسلم توهموا انه في مقدوره صلى الله عليه وسلم لكنه اعتذر من ذلك وقال انه في هذا الامر لا يستغاث بي لا يطلب الغوث مني انما يستغاث بالله عز وجل وذلك ان هذا المنافق كان يؤذي المؤمنين كحال المنافقين الذين يؤذون الله ورسوله وقد اذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين رحمة الذين امنوا منكم هذه الاية يقرر الله تعالى فيها ان المنافقين كانوا يؤذون رسول الله ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتمكن من دفع اذاهم لانهم اظهروا الاسلام. وابطنوا خلافة. فالمنافق هو الذي يظهر الاسلام ويبطل الكفر فهؤلاء اظهر ما تعصم به دماؤهم واموالهم واعراضه فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع من قتلهم حتى ولو حصل منهم اذى هذا الاذى لم يبلغ حد فكان صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يملك ان يوقع بهم عقوبة لان ما ابطنوه في قلوبهم والحكم في الاسلام على الظواهر وما بدا للاعيان من الاعمال والمظاهر فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع من قتلهم او كف اذاهم الا بالتحذير من لشرهم وبيان خطورتهم فلما قيل له في قتل بعض المنافقين قال لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه لانه في الظاهر هذا المنافق الذي اظهر الاسلام في الظاهر انه مسلم فاذا قتله النبي صلى الله عليه وسلم دون موجب واضح ظاهر مبرر يكون بذلك عند الناس انه قتل اصحابه فكان هذا فتنة للناس لان احكام الشريعة لا تبنى على البواطن انما تبنى على الظواهر في الدنيا واما في الاخرة فيوم تبلى السرائر يختبر الناس على ما في قلوبهم من الايمان وعلى ما حوته افئدتهم من الحقائق من الايمان والكفر. لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم انه لا يستغاث بي. لانه لا يملك ان يوقف ضر المنافقين. ووجههم الى ما يستغاث به ويتعلق به في دفع المكروهات فقال انما يستغاث بالله اي يطلب الغوث والنجاة والسلامة من الله عز وجل وخلاصة الامر ان الاغاثة وهي طلب الغوث من المهلكات النازلة لا يكون في الاصل من حيث تعلق القلب الا بالله عز وجل. واما من حيث طلب الغوث من المخلوق لا يطلب الغوث من المخلوق الا فيما يقدر عليه مع تعليق القلب بالله عز وجل. فاذا استغاث الانسان بمخلوق وقد تعلق بهذا المخلوق فقد صرف العبادة لغير الله. واذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه الا الله فقد اخل لا اله الا الله ودعا غير الله فكان ذلك من موجبات هلاكه اللهم انا نسألك بانك انت الله وحدك لا شريك لك ان ترزقنا التوحيد خالصا لك. اللهم اجعلنا من اهل لا اله الا الله الذين هم اهلك وخاصتك. اللهم انا نسألك تمام الايمان بك وكمال التوحيد لك. ونعوذ بك ربنا ان نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك ربنا لما لا لما لا نعلم ونسألك الصلاح في السر والعلن وصدق الاعتقاد فيك وسلامة الايمان بك ونعوذ بك من مظلات الفتن ما ظهر منها وما بطن وصلى الله وسلم على نبينا محمد