لكانت سببيته من غيره لا منه فليس له من نفسه قوة فليس له من نفسه قوة يفعل بها فانه لا حول ولا قوة الا بالله فهو الذي بيده الحول كله والقوة كلها فلا ينبغي ان يرجى ولا فلا ينبغي ان يرجى ولا يخاف غيره وهذا برهان قطعي على ان تعلق الرجاء والخوف بغيره باطل فانه لو فرض ان ذلك سبب مستقل وحده بالتأثير بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فقال ابن قيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد قاعدة ليس في الوجود الممكن سبب واحد مستقل بالتأثير بل لا يؤثر سبب البتة الا بانضمام سبب اخر اليه وانتفاء مانع يمنع تأثيره هذا في الاسباب المشهودة بالعيان وفي الاسباب الغائبة والاسباب المعنوية فتأثير الشمس في الحيوان والنبات فانه موقوف على اسباب اخرى من وجود محل قابل واسباب اخرى تنضم الى ذلك السبب وكذلك حصول الولد موقوف على عدة اسباب على عدة اسباب غير وطئ الفحل وكذلك جميع الاسباب مع مسبباتها فكل ما يخاف ويرجى من المخلوقات فاعلى غاياته ان يكون جزء سبب غير مستقل بالتأثير ولا يستقل بالتأثير وحده دون توقف تأثيره على غيره الا الله الواحد القهار فالحول والقوة التي يرجى لاجلهما المخلوق ويخاف انما هما لله وبيده في الحقيقة فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوة بل خوف المخلوق ورجائه احد اسباب الحرمان ونزول ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه فانه على فانه على قدر خوفك من غير الله يسلط يسلط عليك وعلى قدر رجائك لغيره يكون الحرمان وهذا حال الخلق اجمعه وان ذهب عن اكثرهم علما وحالا فما شاء الله كان ولا بد وما لم يشأ لم يكن ولو اتفقت عليه الخليقة الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذه القاعدة من اهم ما يحتاجه الانسان في تحقيق صدق التوكل على الله عز وجل والاعتماد عليه بجلب ما يحب دفع ما يكره وذلك ان التوكل على الله عز وجل هو ركون القلب اليه سبحانه وبحمده في حصول المطلوب ودفع المكروه لما كان الله تعالى قد جعل لكل شيء سببا فكل شيء له مقدمة قدر الله تعالى ذلك فيما جرى به نظام الكون وفيما جرت به سنة الله في الخلق انصرفت قمة كثير من الناس الى التعلق بالاسباب و النظر اليها وغفلوا عن حقيقة هذه الاسباب من حيث تأثيرها وحصول المقصود وحصول المقصود بها فتعلقت قلوب بعض الناس الاسباب وظنوا انها تستقل في حصول المطالب ولهذا ركنوا اليها وبهذا خرجوا عن دائرة المتوكلين وعن التوكل الذي هو من خصال المؤمنين المؤلف رحمه الله في هذا المقطع من كلامي في هذه القاعدة بين حقيقة الاسباب وانه ليس في الدنيا سبب يستقل بحصول النتيجة بل لابد ان ينضاف الى السبب اسباب اخرى بها تدرك المطالب ثم هذه الاسباب لا تستقل مع اجتماعها في حصول المطلوب الا بما يأذن الله تعالى به فقد يأذن الله تعالى بحصول النتيجة باجتماع الاسباب وقد تؤخذ الاسباب ولا يترتب عليها نتيجة وبالتالي اذا كان الامر كذلك ان الاسباب لا تؤثر بذاتها وان الاسباب مهما عظمت فان فانها تفتقر الى غيرها كان تعلق القلب بها خوفا ورجاء من ضعف التوكل واليقين وانما ينبغي على المؤمن ان يعلق قلبه بمن له الامر جل في علاه الذي اذا اراد شيئا انما امره ان يقول له كن فيكون وليس هذا مفيدا تعطيل الاسباب فان الله تعالى امر باخذ الاسباب في كتابه وفعل ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته لكنه مع ذلك امر بتعليق القلب به سبحانه وتعالى وامر بتفويض الامر اليه والا يركن الانسان الى الاسباب مهما عظمت فانه لا حول ولا فانه لا حول ولا قوة الا بالله لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع ولا يكون شيء الا بما شاء فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن والخلائق كلهم لو اجتمعوا على ان يبلغ الانسان شيئا لم يقضه الله تعالى له ما استطاعوا ولو اجتمعوا على ان يمنعوه شيئا قظى الله ان يكون له ما استطاعوا واذا كان كذلك فان القلب لم يتعلق بسوى من بيده مقاليد الحكم من بيده مقاليد السماوات والارض من احاط بكل شيء علما وهو على كل شيء قدير فيما يؤمل وفيما يرجو وفيما يخاف ويحذر وبه يعلم سمو منزلة المتوكلين وانهم يملكون قوة لا يملكها غيرهم لا يملكها انهم يملكون قوة لا يملكها غيرهم فالمتوكل اقوى خلق الله بقدر ما مع الانسان من التوكل بقدر ما يكون معه من قوة ولهذا يضعف الانسان بقدر تعلقه بالاسباب فكلما زاد تعلقه بالاسباب ضعف ودخل عليه فوات غايته ومقصوده ولهذا يقول المؤلف رحمه الله فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوة يعني من الخلق الخوف المخلوق ورجائه انتبه لهذا الكلام المهم بل خوف المخلوق ورجائه احد احد اسباب الحرمان ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه فانه على قدر خوفك من غير الله يسلط عليك وعلى قدر رجائك اي طمعك لغيره يكون الحرمان وهذا حال الخلق اجمعه واذا وان ذهب عن اكثرهم علما وحالا فما يعني وان وان ذهب عن اكثرهم انهم على هذه الحال من تعلق بالخلق خوفا ورجاء فما شاء الله كان ولابد وما لم يشأ لم يكن ولو اتفقت عليه الخليقة وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما نعم قال رحمه الله فصل فاما اعداؤه فينجيهم من من كرب الدنيا وشدائدها فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون واما اولياؤه فينجيهم به من من يقول اول كلام عندي التوحيد مفزع اعدائه واوليائه طب عندك هذي الجملة؟ لا لا عندنا بس من كلام المؤلف من كلام المحقق التوحيد مفزع الخليقة وحصنها لا عندنا التوحيد مفسح اعدائه واوليائه ثم قال فاما اعداؤه اي نعم قال رحمه الله التوحيد قال رحمه الله التوحيد مفزع اعدائه مفزع اعدائه واوليائه فاما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها. فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. فلما نجاهم الى برئ اذا هم يشركون واما اولياؤه فينجيهم من كربات الدنيا والاخرة وشدائدهما. ولذلك فزع اليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات وفزع اليه اتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا وما اعد لهم في الاخرة ولما فزع اليه فرعون عند معاينة الهلاك وادراك الغرق لم ينفعه لان الايمان عند المعاينة لا يقبل هذه سنة الله في عباده فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب الا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يلقي في الكرب العظام الا الشرك ولا ينجي او ولا ينجي منها الا التوحيد فهو مفزع الخليقة وملجأها وحصنها وغياثها وبالله التوفيق بعد ان ذكر التوكل وهو صدق الاعتماد على الله عز وجل في جلب كل خير ودفع كل شر عطف الحديث على افراد الله بالعبادة وهذا ما دار عليه قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين اياك نعبد نفردك بالعبادة فلا نعبد سواك واياك نستعين نطلب العون منك لا نرجو سواك ولا نأمل ذلك من غيرك قال رحمه الله التوحيد مفزع اعدائه واوليائه. يعني اليه يفزع كل مكروب في نجاته وحصول غرضه ومطلوبه. لكن شتان بين الاولياء والاعداء في الخواتيم والنهايات فانه يحصل بالتوحيد من النجاة للجميع ما يشتركون في في الدنيا لكن بينهم بون شاسع فيما يتصل بي العواقب والنهايات وفيما يتعلق بالاخرة قال رحمه الله فاما اعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها كما قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم من البر اذا هم يشركون نهاية انتفاعهم بتوحيدهم وهو اخلاصهم العبادة لله هو في الدنيا. واما ما بعد ذلك مما يكون في الاخرة فانهم هالكون. واذا قال فلما نجاهم من البر اذا هم يشركون اذا هم يشركون ان يعودون الى عبادة غيره وصرف العبادة لسواه واما اولياؤه وهم الذين حققوا العبودية له في السراء والضراء والعسر واليسر والمنشط والمكره والضيق والسعة قال واما اولياؤه فينجيهم من كربات الدنيا ثم قال في بيان ما تميزوا به عن غيرهم والاخرة وشدائدها اي كربات الاخرة وشدائدها ولذلك فزع اليه يونس فنجاه الله في تلك الظلمات كما قال تعالى وذلوني اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه فنادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ففزع الى الله عز وجل بتوحيده فقول لا اله الا انت سبحانك توحيد اني كنت من الظالمين اقرار واعتراف بالذنب والتقصير قال رحمه الله وفزع اليه اتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا. وما اعد لهم في الاخرة ولما فزع اليه فرعون حيث قال امنت بالذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين لم ينتفع بهذا لانه قاله عند نزول العذاب و حصول معاينة العقوبة الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فلم يقبل الله عز وجل منه هذا التوحيد لانه توحيد توحيد بعد المعاينة اي معاينة ما اخبرت به الرسل ولهذا المشركون يوم القيامة لا ينفعهم ايمانهم ولو ترى اذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم ربنا ابصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا انا موقنون لا ينفعهم ذلك لانه صار الغيب شهادة و ما اخبر به عيانا فلم ينتفعوا بذلك. قال فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد يقول ولذلك كان دعاء الكرب وهو ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم عند الشدة والبلا لا اله الا الله العظيم الحليم لا اله الا الله رب العرش العظيم لا اله الا الله رب السماوات ورب الارض ورب العرش الكريم هذا في الصحيحين من حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب هذه الكلمات وهو المشهور بدعاء الكرب ويقول رحمه الله ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد. ما فيه سؤال ولا طلب ولا ولا حاجة انما فيه توحيد الله عز وجل توحيد الله سبحانه وبحمده. قال قيد ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب الا فرج الله كربه بالتوحيد يقول فلا يلقي في الكرب العظام الا الشرك ولا ينجي منها الا التوحيد فهو مفزع الخليقة اي مؤمنهم وكافرهم وملجأها وحصنها و غياثها وبالله التوفيق نعم قال رحمه الله فائدة اللذة تابعة للمحبة تقوى بقوتها وتضعف بضعفها فكلما كانت الرغبة في المحبوب والشوق اليه اقوى كانت اللذة بالوصول اليه اتم والمحبة والشوق تابعان لمعرفته والعلم به فكلما كان العلم به اتم كانت محبته اكمل فاذا رجع كمال النعيم في الاخرة وكمال اللذة الى العلم والحب فمن كان بالله واسمائه وصفاته ودينه اعرف كان له احب وكانت لذته بالوصول اليه ومجاورته والنظر الى وجهه وسماع كلامه اتم وكل لذة ونعيم وسرور وبهجة بالاضافة الى ذلك كقطرة في بحر فكيف يؤثر من له عقل فكيف يؤثر من له عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة بالالام على لذة عظيمة دائمة ابد اباء وكمال العبد بحسب هاتين القوتين العلم والحب وافضل العلم العلم بالله واعلى الحب الحب له. واكمل اللذة بحسبهما والله المستعان هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله هذه الفائدة دائرة على بيان ما يحصل به الحياة الطيبة للانسان في دنياه وفي اخراه وعبر عنها باللذة لان للايمان طعما لا يجده الانسان الا بكمال العلم وبكمال المحبة قال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايه؟ الايمان وقال صلى الله عليه وسلم ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا قال رحمه الله اللذة تابعة للمحبة اللذة اي استطعام الانسان لشيء وابتهاجه به وسروره به تابع للمحبة هذه اللذة تقوى بقوة المحبة وتضعف بضعفها فكلما كانت الرغبة في المحبوب والشوق اليه اقوى كانت اللذة بالوصول اليه اتم ولا شك في هذا والمحبة والشوق تابع لمعرفته والعلم به اذا اللذة هي الثمرة طريق تفاوتها ما يقوم في قلب العبد من المحبة المحبة ثمرة العلم فمبدأ كل فضل وخير في الدنيا والاخرة هو العلم عنه تنتج محبة الله عز وجل ومحبة ما ينفع الانسان وبه يدرك اللذة. ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما ويحب الرجل لا يحبه الا لله. وان يكره ان يقذف في النار بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يلقى في النار وهذا كله ثمرة تمام العلم المثمر للمحبة فتنتج عنه هذه الخيرات التي اشار اليها الحديث فكلما كان العلم بالله اتم كانت محبته اكمل بلا شك ولهذا طريق تحصيل حب الله عز وجل ان يعلم العبد ما لربه من الكمالات من الاسماء والصفات وجميل الافعال وماله من الاحسان الخاص والعام كل ذلك موجب لمحبته سبحانه وبحمده فاذا رجع كمال النعيم في الاخرة وكمال اللذة الى العلم والحب فمن كان يؤمن بالله واسمائه وصفاته ودينه اعرف كان له احب فمن كان اي بالله وبالاسماء والصفات اعرف كان له احب وكانت لذته بالوصول اليه ومجاورته والنظر الى وجهه وسماع كلام مئة ولهذا كان اعظم لذات اهل الاخرة النظر الى وجهه الكريم واعظم ما في الدنيا الشوق الى لقائه اعظم ما في الدنيا الشوق الى لقاء الله عز وجل واعظم ما في الاخرة النظر الى وجهه ولهذا جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم في دعائي حيث قال في سؤاله لربه واسألك لذة النظر الى وجهك والشوق الى الى لقائك في غير ظراء مظرة ولا فتنة مظلة فسؤال لذة النظر الى وجهه هذا لانه المنتهى والمآل والشوق الى لقائه لانه هو الطريق الذي يوصل به الى ذلك النعيم فبقدر ما مع الانسان من الشوق الى لقاء ربه يدرك من لذة النظر الى وجهه. اسأل الله ان يرزقنا واياكم لذة النظر الى وجهه. والشوق الى لقائه في غير مضرة ولا فتنة مظلة نقف على هذا ونكمل يوم غد ان شاء الله. التفسير بعد الصلاة باذن الله