الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. يقول مصنف رحمه الله والسابع اكل اللحم خاصة من الجزور اي الابل. فلا ينقض بقية اجزائها الى اخر فقال هذا هو الناقض السابع من نواقض الوضوء وهو اكل لحم الابل. فقوله رحمه الله اكل اللحم خاصة اي دون سائل الاجزاء الجزور والجزور هو البعير وهو اسم للبعير ذكرا كان او انثى. الا ان اللفظ مؤنثة فتقول هذه الجزور وان اردت ذكرا. ولذلك قال المصنف رحمه الله اي الابل فلحم الابل ينقض الوضوء دون سائر الاجزاء ولهذا قال فلا ينقض بقية اجزائها اي اجزاء الجزور كالكبد وسائل اجزاء البعير هذا هو المذهب وعليه اكثر الاصحاب قال وشرب لبنها ومرق لحمها اي كل ذلك لا ينقض. واما اللحم فانه ينقض ولا فرق في ذلك بين ان يكون نيئا او مطبوخا ولذلك قال وسواء اكان نيئا اي اللحم لم يعالج بالطبخ او كان مطبوخا. واما الدليل فقد قال المؤلف رحمه الله قال احمد فيه حديثان صحيح ان حديث البراء وجابر ابن سمرة حديث جابر ابن سمرة في صحيح الامام مسلم ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال ااتوضأ من لحوم الغنم؟ فقال ان شئت فتوضأ وان شئت فلا تتوضأ. قال اتوضأ من لحوم الابل؟ قال نعم فتوضأ من لحوم الابل. ففرق النبي صلى الله عليه وسلم في الجواب بين لحم الابل وبين لحم الغنم فجعل الوضوء في لحم الابل دون لحم الغنم. وفي حديث البراء بن عازب ايضا سئل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الوضوء من لحم الابل فقال توضأوا منها. وهذا هو عمدة من؟ ذهب الى وجوب الوضوء من لحم الابل. واما الجمهور فقد ذهبوا الى انه لا يجب الوضوء من لحم الابل. بل الوضوء من لحم الابل مستحب وليس واجبا. والذي صرف دلالة الوجوب عن هذه الاحاديث جاء في الصحيحين من حديث جابر ابن عبد الله رضي الله تعالى عنه. انه قال كان اخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار. وهذا يشمل لحم الابل وغيره قالوا ما في هذا الحديث عن الاستحباب وما يؤيد هذا فيما يظهر والله تعالى اعلم ان هذين الحديثين جاء التفريق فيهما بين الابل ولحم الغنم جوابا على سؤال ولو كان الامر يتعلق بتقرير نقض الوضوء بلحم الابل لكان مبتدأ لا حاجة فيه الى سؤال سائل. والله تعالى اعلم. فالاقرب من القولين هو ان الوضوء من لحم الابل محمول على الاستحباب. قد حمل بعض اهل العلم الامر في هذين الحديثين بالوضوء من لحم الابل على انه الوضوء وهو غسل اليدين لكن هذا خلاف ما جرى عليه استعمال الشارع فالاصل ان يقال الوضوء هنا المراد به الوضوء الشرعي ولكنه ليس على وجه الوجوب انما هو على وجه الاستحباب. ثم قال الصنف رحمه الله والثامن المشار اليه بقوله كل ما اوجب غسلا اسلام وانتقال مليء ونحوهما اوجب الوضوء الا الموت. فيوجب الغسل دون الوضوء. هذا بيان ثامن ما ينقض الوضوء وهو كل موجبات الغسل. وسيأتي بذكر موجبات الغسل في باب الغسل يعني كل ما اوجب غسلا فانه يوجب وضوءا الا انه استثنى الموت. ومثل ما يوجب الغسل كاسلام وانتقال مني ونحوهما من موجبات وصل كالتقاء الختانين ونحو ذلك وقوله الا الموت اي فلا يوجب وضوءا. لان النبي صلى الله عليه وسلم امر بغسل الميت دون قضيته فدل ذلك على عدم وجوب الوضوء. الا ان الوضوء مندوب في غسل الميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم ابدأوا بما يمنها ومواضع الوضوء منها في حديث ام عطية لما امرهم بما يكون في غسل ابنته صلى الله عليه وعلى اله وسلم لكن ذلك على وجه الاستحباب لا على وجه الوجوب. واما ما عدا الموت من موجبات الغسل فانه يوجب الوضوء. وهذا يعني انه عند الاغتسال يجب ان ينوي رفع الحدث الاصغر. مع الحدث الاكبر. والسنة ان يخص اعضاء الوضوء بوضوء لكن اذا افاض الماء ونوى رفع الحدثين حصل ما يطلب من الطهارة وقوله رحمه الله ولا نقض بغير ما مر كالقذف والكذب والغيبة ونحوها والقهقهة ولو في الصلاة مست النار غير لحم الابل. فقوله رحمه الله ولا نغضب بغير ما مر. اي مما سبق ذكره من النواقض وهي الثمانية كالقذف قوى الكذب والغيبة ونحوها. اي من المعاصي والسيئات فانه لا ينتقض الوضوء بشيء من ذلك. والقهقهة ولو في الصلاة فانها لا تنقض الوضوء وما ورد في ذلك من احاديث لا يصح. واكل بمسة النار ايضا لا ينقض الوضوء بما جاء في حديث جابر ان اخر الامرين من النبي صلى الله عليه وسلم كان ترك الوضوء مما مست النار. واستثنى المؤلف رحمه الله لحم الابل فقال غير لحم الابل لما تقدم ثم قال ولا يسن الوضوء منهما الظمير يعود لي القهقهة واكلوا يا مسة النار. بخلاف ما تقدم من القذف والكذب والغيبة وغيرها من المعاصي القولية والعملية فانه يسن الوضوء بما في ذلك من التطهير القلب والجوارح مما قارفته من سيء العمل. اما القهقهة واكل ما مست النار فانه لا يسن الوضوء منهما ومن تيقن الطهارة وشك اي تردد في الحدث او بالعكس بان تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين. اتاني مسألتان فيه بلاد الكفر يعرض القرآن الى الانتهاك والتسلط عليهم من الاعداء. لكن غير ذلك لدار حرب اي لدار ليس بين المسلمين وبين اهلها عهد والعقد قال وتوسده وتوسد كتب علم فيها قرآن اي يحفظ ما يتعلق بالشك في الطهارة. فجعل المؤلف رحمه الله المسألة مقابلة بين امرين. بين اليقين والشد ولم يذكر الظن بان الظن مندرج في الشك في هذه المسألة. فقول من تيقن الطهارة وشك سواء كان شكا مستويا الطرفين او كان ظنا غلب فيه شيئا على شيء فانه مشمول بقوله وشك اي تردد فالتردد قد يكون للاستواء وقد يكون لوجود احتمال في احد الشيئين وان كان اضعف من غيره. فقول ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على اليقين. هذه المسألة الاولى اي بناء على ما تيقنه فاذا تيقن الطهارة وشك في الحدث لم يلتفت الى الحدث لا حاجة الى اعادة الوضوء اعمالا لليقين. والعكس ان يتيقن الحدث ويشك في الطهارة. ففي هذه الحالة ان لا ينظر الى ظنه ولا الى شكه بل يحكم بانه على غير طهارة فيجب عليه الوضوء للصلاة. هذا معنى قول رحمه الله ومن تيقن الطهارة وشك اي تردد في الحدث او بالعكس اذا تيقن حدث شك في الطهارة بنى على اليقين ثم قال المصنف رحمه الله اكان في الصلاة او خارجها اي لا فرق في هذا الحكم وهو اعمال اليقين والغاء الشك بين ان يكون ذلك في الصلاة او خارجها وذهب بعض اهل العلم الى التفريق بين الصلاة وبين كونه في خارجها فقال اذا كان في الصلاة اعمل اليقين والغى الشك واما اذا كان في خارجها فلا يلغي الظن الغالب واستدلوا لذلك بانه قد جاء في الصحيح من حديث عباد ابن تميم عن عمه انه شكي للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل اليه انه يجد الشيء في فقال لا ينفتن او لا ينصرف حتى يسمع صوتا او يجد ريحا. فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانصراف حتى يجد ريحا او يسمع صوتا. وهذا الحديث وان كان واردا في الصلاة الا ان المعنى قائم في الصلاة وفي غيرها. وقد جاء التصريح بالحكم حتى في ما هو في خارج الصلاة من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه في صحيح الامام مسلم قال صلى الله عليه وسلم اذا وجد احدكم في بطنه شيئا فاشكل عليه اخرج منه شيء ام لا؟ فلا يخرجن من المسجد سواء كان في صلاة او في غيرها حتى يسمع صوتا او يجد ريحا. قال رحمه الله تساوى عنده الامران او غلب على ظنه. يعني ان الشك في قوله ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث شامل لحال الشك الذي فيه تساوي الطرفين دون ترجيح او فيه تغليب امر على امر او شيء على شيء لقوله صلى الله عليه وسلم لا ينصرف حتى يسمع صوتا او يجد ريحا متفق عليه في حديث عباد ابن تيمية عن عمه قوله رحمه الله فان تيقنهما اي تيقن الطهارة والحدث وجعل السابق منهما فهو بضد لي قبلهما ان علمها ومعنى هذا ما بينه بقوله فان كان قبلهما متطهرا فهو الان محدث وان كان محدثا فهو الان طهر لانه قد تيقن زوال تلك الحالة الى ضدها. وشك في بقاء ظدها وهو الاصل. وان لم يعلم حاله قبلهما بان شكا هل هو متطهر او محدث فان الواجب عليه ان يتطهر واذا وان لم يعلم حاله قبلهما تطهر اي وجب عليه الوضوء لانغلاق الامر عليه. قال رحمه الله ويحرم على المحدث مس المصحف. وهذا اول ما ذكره من الاحكام التي هي من اثار انتقاض الوضوء. انه يحرم على المحدث وهو من انتقض وضوءه بناقض من النواقض السابقة مس اي مباشرته باليد او غيرها من اعضاء البدن. ولذلك قال مس المصحف او بعضه حتى جلده وحواشيه بيد او غيرها بلا حائل. الحكم في هذا يشمل جميع ما يتعلق بالمصحف من موضع الكتابة وحواشيه وكذلك ما يكون من جلدته التي يحفظ بها. وسواء كان باليد او بغيرها اذا كان مباشرة بلا حائل. والاصل في هذا ما جاء في كتاب ال عمر ابن حزم حيث جاء فيه ولا يمس القرآن الا طاهر والمقصود بالطاهر المتطهر. قوله رحمه الله ولا حمله بعلاقته او في كيس اي لا يحرم حمله بعلاقته او في كيس او كم من غير مس. ولا تصفحه بكم فان هذا لا يدخل لانه لم يمس او عود ولا صغير لو ان فيه قرآن اي لا يحرم على الصغير مس المصحف من الموضع الخالي من الكتابة. ولمسة تفسير ونحوه اي ولا احرم مس تفسير ونحوه لانه ليس مصحفا فلا يدخل في العموم. قوله رحمه الله ويحرم ايضا مس مصحف بعظو متنجس وهذا من اداب المصاحف انه لا يمس المصحف بعظو متنجس فاذا كان منع من مس المصحف لاجل نجاسة المعنوية فمنعه منه لاجل النجاسة الحسية من باب اولى. قال وسفر به لدار حرب اي يحرم سفر به. لان السفر الى اذا توسده لما فيه من المتهان وكذلك فهو مس كتب علم فيها قرآن لما في مسها من امتهانها والمطلوب صيانة المصحف سواء كان ذلك بمسي داخله او مس خارجه. قال وسفر به لدار حرب قال وتوسده وتوسد كتب علم فيها قرآن هذا كله مما يحرم لما فيه من امتهان. ما لم يخف السرقة. قال ويحرم ايضا كتب القرآن بحيث يهان سواء على الجدر او غيره وكره مد الرجل اليه لما فيه من الزهد بما فيه وعدم المضي فيما انت فيه. قوله رحمه الله وكره مد رجله اليه واستدباره لما في ذلك من الاهانة. وقوله وتخطيه وتحليته بالذهب اي ويحرم تخطيه بان يرفع رجله عليه وتحليته بالذهب او الفظة هو الذي يظهر ان التحلية لا بأس بها الا يوقع في محرم من ذهب ونحوه؟ قال وتحرم تحلية كتب العلم اي لا يجوز ان يذيب الانسان ذهبا او فظة يلصقها بكتاب لاصهاره. قوله رحمه الله ويحرم على المحدث ايضا الصلاة ولو نفلا حتى صلاة الجنازة تلاوة وشكر ولا يكفر من صلى محدثا هذا بيان ثالث ما ذكره المؤلف رحمه الله من مفسدات الوضوء ولذلك يقول هنا رحمه الله ايضا الصلاة ولو نفلا حتى صلاة جنازة سوء تلاوة شكر من صلى محدثا قال ويحرم على المحدثة اذن الطواف لقوله صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت الصلاة الا ان الله اباح فيه الكلام رواه البخاري واختار شيخ الاسلام جواز الطواف على غير طهارة حتى الحائض وندم عليها للعذر كما لو كانت مع رفقة سيذهبون ويتركونها ولا تبقى ولا تستطيع البقاء بمفردها. فهذا من الاعذار المبيحة لترك بعظ بواجبات الحج والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد