الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد تقدم الحديث على وجوب استقبال القبلة في الصلاة وان الصلاة لا تصح الا باستقبال القبلة هذا هو الاصل واستثني من ذلك عدة حالات جاء استثناؤها بكتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما يتعلق الصلاة في السفر صلاة النافلة ومن ذلك ما يتعلق بصلاة النافلة في السفر فانها جاءت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان اذا سافر صلى صلى الله عليه وسلم على راحلته حيث توجهت به وهذا الحكم يشمل جميع النوافل سواء كانت نافلة مطلقة كان يصلي ركعتين لله دون سبب او نافلة مقيدة الراتبة راتبة الفجر او صلاة الضحى او صلاة الليل او غير ذلك من الصلوات التي لها مشروعية تخصها من النوافل وهو ما كان من النوافل مقيدا هذه الرخصة فيما يتعلق بصلاة السفر اختلف العلماء رحمهم الله في حد السفر الذي يبيح ذلك هل هو السفر الطويل ام يشمل كل سفر ولو كان قصيرا والفارق بين السفر الطويل والسفر القصير عند اهل العلم ان السفر الطويل ضابطه هو الذي تقصر فيه الصلاة واما السفر القصير فهو السفر الذي يخرج فيه الانسان عن مكان اقامته لكن دون المسافة التي تقصر فيها الصلاة على القول تقدير آآ السفر بمسافة ذهب جمهور العلماء الى جواز صلاة النافلة على الراحلة حيثما توجهت ولو كان السفر قصيرا هذا ما ذهب اليه ابو حنيفة والشافعي واحمد وذهب الامام مالك رحمه الله الى ان الرخصة انما هي في السفر الطويل فان المنقول من صلاته على الراحلة صلاة الله وسلامه عليه في سفر طويل كسفره من مكة الى المدينة وسفره الى خيبر وهذه اسفار طويلة ليست بقصيرة وعلى كل حال الذي يظهر والله تعالى اعلم ان انه لا فرق بين السفر الطويل والقصير بالرخصة ومن فرق يحتاج الى دليل فان الذين نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاته على الراحلة في السفر نافلة لم يقيدوا ذلك باستفار قصيرة ثمان من المسائل المتصلة بهذا حكم صلاة النافلة الى غير القبلة راكبا في الحضر يعني في غير السفر ذهب جمهور العلماء الى ان الرخصة جاءت في السفر فتتقيد بما جاءت به وما عداه يعود الى الاصل الذي فيه وجوب استقبال القبلة كما قال جل وعلا فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرا هذا ما عليه جماهير العلماء وذهب بعض اهل العلم الى انه يجوز صلاة النافلة في الحضر راكبا الى غير القبلة لاتفاق ذلك في المعنى مع صلاتها في السفر وذلك ان المقصود التخفيف على المكلف وان يشتغل بالطاعة والاحسان والا يقيد نفسه النزول والانقطاع لاجل التنفل بل يتنفل وهو في حاجته وفي مسيره والذي يظهر والله تعالى اعلم ان ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن محفوظا اي لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم انه صلى نافلة في الحذر على راحلته. لم ينقل ذلك عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذ المنقول عنه ان ذلك في السفر وغالب حال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في تنقلاتهم في الحضر ان يتنقلوا مشاة وان كان ورد انه ركب صلى الله عليه وسلم في جملة من الحوادث لكن هذا ليس هو الاصل في تنقلاتهم لصغر المكان ودنوه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يخرج كل يوم سبت من مسجده ضحى الى قباء ماشيا مع ان قباء فيه نوع من البعد وقد يحتاج فيه الذاهب الى ركوب ومع ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب اليه ماشيا. فغالب التنقلات في زمنه كانت السير على الاقدام في حال الحظر بخلاف حال السفر فكانوا يستعملون الرواحل والمركوبات مما يسر الله تعالى اليوم تنقلات الناس في الحظر غالبها حتى للقريب من الجهات بالمراكب. هذا غالب حال كثير من الناس في هذا الزمان سواء كانت المراكب مراكب خاصة او مراكب عامة من وسائل النقل العام ويمضي الناس في هذه المركوبات وقتا طويلا نظير ما يمضونه في ركوبهم بل قد يكون اطول من ركوبهم في بعض اسفارهم. لا سيما في مجموع تنقلاتهم اليومية. فمن الناس من يمضي ساعات في تنقلاته عبر وسائل النقل ليصل الى مكان عمله. ثم في عوده الى محل اقامته ونزله وقد يكون السير قليلا لكن حركة المسير بطيئة تستوجب مضي وقت غير قصير حال الركوب فالذي يظهر والله تعالى اعلم ان النافلة في الحضر تجوز ركوبا ولو كانت الى غير القبلة وبهذا قال جماعة من اهل العلم عملا بالمعنى الذي شرع من اجله صلاة النافلة ركوبا في حال السفر وعليه فانه اذا كان الانسان في تنقلاته في داخل البلد له ان يصلي نافلة الى غير القبلة وكما ذكرت هذا قال به جماعة من اهل العلم وهو خلاف ما عليه جمهور العلماء رحمهم الله فيما يتعلق بالفريضة الفريضة لا يجوز صلاتها ركوبا الا ان كان يستطيع ان يستقبل القبلة ويأتي باركان الصلاة على نحو ما امر من الركوع والسجود اما اذا كان لا يتمكن من هذا في حال ركوبه بان لا يتمكن من الركوع او السجود او لا يتمكن من استقبال القبلة فانه لا يجوز له ان يصلي النافلة في حال الركوب لا في الحظر ولا في السفر وفيما اذا كان في سفر او حتى في حضر واضطر للصلاة الراحلة خشية خروج الوقت ففي هذه الحال يكون ذلك على وجه الاضطرار وفعل المستطاع من الاعمال. وليس ذلك رخصة على وجه الاطلاق عند عند التمكن من فعل الصلاة على الوجه المأمور به. فمثلا لو ان انسانا ركب طائرة وكان وصوله الى الجهة التي سيصل اليها بعد خروج وقت الصلاة التي حضرت ففي هذه الحال يجوز له ان يجب عليه ان يصلي في الطائرة حسب استطاعته. ولو كانت الى غير القبلة ولو كان من غير ركوع وسجود فان ذلك مندرج في قول الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. وفي قوله جل وعلا لا يكلف الله نفسا الا ماتاها. وهنا انبه الى ان كثيرا من المسافرين الذين يركبون الطائرات تمضي عليهم الاوقات تلو الاوقات وهم في اماكنهم جالسون لا يؤدون ما فرض الله تعالى عليهم من الصلاة. وانا اعجب لهذا لهذه الحال فالانسان في حالة طيران في غاية الافتقار الى الله عز وجل والضرورة فالذي يمسك هذه الطائرة من السقوط هو الله جل في علاه وهذه فاقة توجب الرجوع الى الله عز وجل والحرص على اداء حقه ومن اعظم حقوقه التي فرضها على عباده الصلاة فهي ثاني ركن من اركان الاسلام وهي القرينة للتوحيد وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا زكاة وذلك دين القيمة. غريب من المفتقر الضعيف الذي تحيط به الضرورات والاخطار كيف يغفل عن اداء حق الله عز وجل فواجب على المؤمن ان يتنبه وان ينبه الى انه اذا كان في الطائرة فيجب عليه ان يصلي الصلاة في وقتها اذا كانت لا تجمع الى ما بعدها وخشي خروج الوقت فانه يجب عليه ان يصلي الصلاة كما امر الله عز وجل. ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. يقول ما في مكان اصلي فاتقوا الله ما استطعتم ما في طهارة فاتقوا الله ما استطعتم. ما في قبلة فاتقوا الله ما استطعتم. كل ما تعجز عنه يسقط عنك. والرقيب في ذلك عليك هو الله جل في علاه. فان كنت تستطيع الوضوء فلا تفرط فيه. ان كنت تستطيع القيام فلا تفرط فيه. ان كنت تستطيع استقبال القبلة فلا لانك ان فرطت وانت مستطع فكما لو لم تصلي. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل ارجع فصلي فانك لم تصلي. فكل من اخل بما يجب عليه في صلاته فان صلاته مردودة عليه لا يقبلها الله عز وجل. لذلك جدير بالمؤمن ان يحرر ما يستطيعه مما يعجز عنه فما لا يستطيع يتركه تخفيفا ورحمة من الله عز وجل. وما يستطيع يجب عليه الا يفرط به. هذا ما يتصل بالصلاة بصلاة المكتوبات في المركوبات سواء كانت المركوبات طائرة او كانت المركوبات في محل نزول ومن امثلة ذلك ما يفعله بعض المتنقلين للاعمال الذين يرفض قادة سيارات ان يتوقفوا في النقل العام على سبيل المثال يرفض القائد ان يتوقف ففي هذه الحال اذا حصل وادركتك صلاة ولو كنت في حضر فالواجب عليك ان تصلي الصلاة لوقتها ولا تؤخرها حتى يخرج الوقت وتصلي حسب حالك من كل ما يتعلق باركان الصلاة وواجباتها وشرائطها لعموم قول الله عز وجل فاتقوا الله ما استطعتم ولما جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم والدين ولله الحمد يسر كلفك الله ما تطيق فلا تترك ما تطيق لكونك قد عجزت عن بعظه بل افعل ما تستطيع ودع ما لا تستطيع فالله عز وجل لن يسألك عما لا تستطيعه لانه انما كلفك المستطاع من العمل حديث عامر رضي الله تعالى عنه اخبر بان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حيث توجهت به راحلته صلى الله عليه وعلى اله اي حيث سارت من غير ان يكون في ذلك تحديد اتجاه سواء كان ذلك في اه اتجاهي القبلة او كان ذلك عن يمينها او كان ذلك عن يسارها او كانت القبلة خلف السائر كما ثبت عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما اخبر به عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان اه يصلي في مرجعه من مكة الى المدينة على راحلته حيث توجهت به صلى الله عليه وعلى اله وسلم كل هذا فيما يتعلق النافلة دون الفريضة فان الفريضة قال فيها رضي الله تعالى عنه قال فيها عامر مبينا حال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولم يكن يصنعه في المكتوبة اي لم يكن يصنع هذا العمل في المكتوبة وانما هو في الفريضة. وما جاء من حديث ان النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم صلى على راحلته مطر فكانت السماء من فوقهم والبلة من تحتهم فامر المؤذن فاذن واقام ثم تقدم فصلى باصحابه حديث في اسناده مقال وعلى القول بثبوته هو محمول على حال الاضطرار هو محمول على حال الاضطرار وهو انهم لم يتمكنوا من النزول. لان السماء من فوقهم والبلة اي والماء قد ملأ الارض من تحتهم فلم يتمكنوا من النزول فصلى على راحلته. على ان هذا الحديث في اسناده مقال على ما ذكره المحققون من محدثين حديث ابي حديث انس رضي الله تعالى عنه وهو ما ذكره المؤلف صلة لحديث عامر في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته حديث اخرجه ابو داوود عن انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه وهو من طريق ربعي بن عبدالله بن الجارد قال حدثنا عمرو بن ابي الحجاج عن اه عن عن الجارود ابن ابي صبرة عن انس بن مالك رضي الله تعالى عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر فاراد ان يتطوع ان يتنفل وهو وعلى راحلته استقبل بناقته القبلة. اي وجه راحلته التي هو عليها الى جهة الكعبة فكبر. وهذه التكبيرة ايش تكبيرة الاحرام ثم صلى اي صلى بقية صلاته حيث كان وجهه حيث كان وجه ركابه يعني لم يتحرى صلوات الله وسلامه عليه ان يبقى بقية الصلاة الى جهة الكعبة انما كان ذلك في افتتاح افتتاح صلاته. وقد قال عنه الحافظ قال الحافظ عن هذا الحديث ان اسناده حسن وهو قد ظعفه جماعة من اهل العلم وذلك انه من رواية ربع بن عبدالله بن الجاروت وقد تكلم في حفظه رحمه الله. وعلى كل حال حسن الحديث الحافظ ابن حجر كما حسنه آآ الحافظ النووي وصححه ابن الملقب و الحديث على القول بثبوته فانه يحمل على الاستحباب لانه فعل لا على الوجوب فليس واجبا الصلاة على الراحلة ان يستقبل الانسان كعبة اولا ذلك ان الصلاة متحدة الاجزاء فاذا جاز الركوع والسجود وسائر اعمال الصلاة الى غير القبلة فكذلك تكبيرة الاحرام ويحمل ما جاء في حديث انس رضي الله تعالى عنه على الاستحباب على القول بثبوت الحديث كما ذهب اليه من ذكرت من اهل العلم ولو انه لم يفعل ذلك كما هو ظاهر حديث عامر بن ربيعة وحديث عبد الله بن عمر وحديث جابر فانهم لم يذكروا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقبل القبلة في افتتاح صلاته كان ذلك جائزا لا حرج فيه فيقال يستحب ان تفتتح الصلاة الى جهة القبلة على قول على ثبوت على القول بثبوت حديث انس ولكن ان ذلك ليس على وجه الوجوب اذ ان الرخصة ثابتة في سائر الصلاة فكذلك في اولها لانها في المعنى واحد لا فرق بين اول الصلاة واخرها في مشروعية الاستقبال استقبال القبلة. هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله من الحديث المتصل بهذا الشرط وهو شرط استقبال القبلة في الصلاة وخلاصة ما يتعلق باستقبال القبلة ان يقال ان استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة لا تصح الصلاة الا به. هذا هو الاصل لا فرق في ذلك بين صلاة مفروضة وصلاة مكتوبة. لكن جاء الترخيص في احوال. جاء الترخيص في حال الخوف كما قال الله جل وعلا فان خفتم فرجالا او ركبانا جاء الترخيص في حال العجز لقول الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. جاء الترخيص في حال النافلة في السفر وذلك لما جاء في الاخبار من حديث عامر بن ربيعة وحديث عبد الله بن عمر وحديث جابر وحديث انس رضي الله تعالى عن وما عدا هذا فهو باق على الاصل الا ما ذكرت من مسائل خلافية فيما يتعلق بالنافلة في الفرق بين في الحاق في الحظر بالنافلة في السفر فهذه من مسائل الخلاف ثم بعد ذلك ذكر المؤلف رحمه الله الاحاديث المتعلقة وجوب الصلاة في مكان طاهر وهذا ما سنتكلم عنه ان شاء الله تعالى مغرب يوم غد