وقوله صلى الله عليه وسلم لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد حتى يضع رب عزتي فيها رجلا وفي رواية عليها قدمه. فينزوي بعضها الى بعض. فتقول قط قط. متفق عليهم في هذا الحديث اضافة القدم والرجل لله تعالى وهي صفة خبرية يثبتها اهل السنة والجماعة على الوجه اللائق بالله تعالى. وقد ظل في هذه الصفات فريقان من الناس المعطلة والممثلة فغلط في هذا الحديث المعطلة الذين اولوا قوله قدمه بنوع من الخلق كما قالوا الذي لنتقدم في علمه انهم اهل النار حتى قالوا في قوله رجله كما يقال رجل من جرادم. وغلط من وجوه فان النبي صلى الله عليه وسلم قال حتى يضع ولم يقل حتى يلقي. كما قال في قوله لا يزال يلقى فيها الثاني ان قوله قدمه لا يفهم منه هذا لا حقيقة ولا مجازا كما تدل عليه الاضافة الثالث ان اولئك المؤخرين ان كانوا من اصاغر المعذبين فلا الانزواءها واكتفائها بهم. فان ذلك انما يكون بامر عظيم. وان كانوا من اكابر المجرمين فهم في الدرك الاسفل وفي اول المعذبين لا في اواخرهم. الرابع ان قوله فينزوي بعضها الى دليل على انها تنظم على من فيها فتضيق بهم من غير ان يلقى فيها شيء. الخامس ان قوله لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع فيها قدمه؟ جعل الوضع الغاية التي اليها ينتهي الالقاء ويكون عندها الانزواء. فيقتضي ذلك ان تكون الغاية اعظم مما قبلها ليس في قول المعطلة معنى للفظ قدمه الا وقد اشترك فيه الاول والاخر. والاول احق به من الاخرة وقد يغلط في الحديث قوم اخرون ممثلة او غيرهم. فيتوهمون ان قدم الرب جهنم وقد توهم ذلك على اهل الاثبات قوم من المعطلة حتى قالوا كيف يدخل بعض الرب نار والله تعالى يقول لو كان هؤلاء الهة ما وردوها. وهذا جهل ممن توهمه او نقله عن اهل السنة والحديث. فان الحديث حتى يضع رب العزة عليها وفي رواية فيها فينزوي بعضها الى بعض وتقول قط قط وعزتك. فدل ذلك على انها تضايقت على من كان فيها فامتلأت بهم ما اقسم على نفسه انه ليملأنها من الجنة والناس اجمعين. فكيف تمتلئ بشيء غير ذلك من خالق او مخلوق. وانما المعنى انه توضع القدم المضاف الى الرب تعالى. فتنزوي وتضيق بمن في والواحد من الخلق والواحد من الخلق. قد يركض متحركا من الاجسام اسكن او ساكنا فيتحرك ويركض جبلا فيتفجر منه ماء. كما قال الله تعالى اركض هذا مغتسل بارد وشراب. وقد يضع يده على المريض فيبرأ وعلى الغضبان فيرضى وقول جهنم هل من مزيد على سبيل الطلب؟ اي هل من زيادة تزاد فيا؟ والمزيد ما يزيده الله فيها من الجن والانس. وقولها قط قط اي حسبي حسبي. هذا هذا الحديث الشريف الذي يخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن كثافة من يرد النار نعوذ بالله من الخذلان ونسأل الله السلامة من النار. يقول صلى الله عليه وسلم لا تزال جهنم يلقى فيها لا تزال جهنم يلقى فيها اي من اهلها الذين استحقوا دخولها وهي تقول هل من مزيد؟ اي هل من داخل زيادة على من فيها حتى يظع الرب حتى يظع حتى يظع رب العزة فيها رجله وفي رواية عليها قدما فاذا كان كذلك قال صلى الله عليه وسلم فينزوي بعضها الى بعض فتقول قط قط. هذا الحديث خبر عن حال من احوال يوم القيامة واحوال يوم القيامة لا تدركها العقول. لانها من الامور الغيبية التي لا يمكن لاحد ان يستوعبها بذهنه لا فيما يتعلق بالخبر عما يكون عليه حال الخلق ولا في ما يتعلق بالخبر عن فعل الخالق جل في علاه اما فعل الخلق فان الله تعالى اخبر في كتابه عن انه يحشر يحشر المجرمون يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما صلبة وقد جاء في الحديث ان اناسا سألوا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالوا له يا رسول الله كيف يحشرهم على وجوههم كيف يحشرهم على وجوههم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم الذي امشاهم على اقدامهم قادر على ان يمشيهم على وجوههم فقطع صلى الله عليه وسلم كل توهم يمكن ان يرد على النص بان احوال يوم القيامة حال خارجة عما الفه الناس في الدنيا وما اعتادوه وما جرى عليها وما جرى عليه حالهم فان احوالهم يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار. فذاك يوم مختلف عن هذا اليوم ليس له نظير ولا له مثيل فيما يدركه الناس من حال الدنيا ذلك خبر الله تعالى عن نفسه هو خبر عن غيب لا يمكن ان تدركه عقولهم لانهم لا يدركون من تلك الاخبار الا معانيها دون صورها وكيفياتها. ولهذا عقد اهل السنة والجماعة فيما يتعلق بالخبر عن الله انهم يثبتون ما اثبته الله تعالى لنفسه من غير تكييف ومن غير تمثيل يعني من غير تصوير ولا تشبيه يمثلون فيه قبر الله تعالى الذي اخبر به عن نفسه بما يدركونه من حال الخلق فالخبر عن وضع الله تعالى جل في علاه رجله وقدمه على النار او في النار فينزوي بعضها على بعض هو مما يجب على الانسان ان يعتقده دون ان يتوهم في ذلك كيفية فالله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فكما ان استواءه مجهول فكذلك نزوله مجهول وكذلك وضعه قدمه جل في علاه مجهول. وليعلم ان اهل السنة والجماعة استدلوا هذا الحديث او اخذوا من هذا الحديث اثبات صفة القدم لله عز وجل. وليس فيها هذا تمثيل فنحن نخبر نثبت ان لله عينا وان له يدا سبحانه وبحمده ولا يتطرق الى قلوبنا شيء من التمثيل فليس كمثله شيء سبحانه وبحمده. لكننا نؤمن بما دلت عليه النصوص. ولا ندخل في تلك النصوص بتأويل او تحريف او غير ذلك مما يفعله من يفعله ممن امتلأت قلوبهم تمثيلا وتكييفا ففروا من ذلك الى الى التحريف والتعطيل فيجب على المؤمن اذا سمع مثل هذه النصوص ان يؤمن بها وان يقر بما اخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مستصحبا هذه القواعد التي دل عليها الكتاب والسنة ان الله ليس كمثله شيء وانه سبحانه السميع البصير نعم. وقوله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى يا ادم فيقول لبيك في نادي بصوت ان الله يأمرك ان تخرج من ذريتك بعثا الى النار. متفق عليه. وقوله صلى الله وعليه وسلم ما منكم من احد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان. اي مفسر في هذين الحديثين اثبات ان الله تعالى متكلم بصوت كما جاءت به الاحاديث الصحاح. وانه انه يتولى كلام عباده يوم القيامة. وظاهر حديث تكليم الله لعباده يوم القيامة عموم تكليمه لكل احد حتى الكفار. وقد اكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بنفي الترجمان بنفي الترجمان تأكيدا وتحقيقا للتكليم الله. وانه لا واسطة فيه. والقرآن والحديث يدل على ان الله يكلمهم تكليم توبيخ وتقريع وتبكيت. لا تكليم تقريب وتكريم ورحمة وان كان من العلماء من انكر تكليمهم جملة. وقد وردت احاديث صحاح وحسان تصرح بان جميع الناس ذكورهم واناثهم مشتركون في تكليم الله لهم. وقد تقدم البحث في صفة الكلام وسيأتي مزيد ان شاء الله. هذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابي سعيد رضي الله تعالى عنه فيه الخبر عن قول الله عز وجل لادم يوم القيامة. يقول الله تعالى يا ادم فيقول لبيك وسعديك اي اجيبك اجابة تلو الاجابة واطلب منك الاسعاد تلو الاسعاد. في نادي بصوت اي الله عز وجل ان الله يأمرك ان تخرج من ذريتك بعثا الى النار. ان الله يأمرك ان تخرج من ذريتك بعثا الى النار اي من مستحقون للنار وهم اهل الكفر والعصيان. نعوذ بالله من الخذلان والشاهد من هذا الحديث اثبات تكليم الله تعالى لادم واثبات ان كلامه جل في علاه حقيقة وانه صوت كما تقدم في الايات الدالة على نداء الله عز وجل عباده وندائه لبعضهم كندائه سبحانه وبحمده موسى حيث ناداه الله عز وجل كما قال وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا واما الحديث الاخر فيه اثبات وتكريم الله عز وجل يوم القيامة لكل احد من البشر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد الا وسيكلمه ربه اي سيتكلم معه الله جل وعلا ليس بينه وبينه ترجمان يعني ليس بينك وبين الله تعالى من يترجم ومن يفسر وهذا الكلام على نحوين كلام اكرام ورحمة وتقريب. نسأل الله ان نكون من اهله. وكلام توبيخ وتقريع واقامة بحجة واعذار وكلاهما ثابت للرب جل في علاه فان الله عز وجل يلقى الكافر يوم القيامة فيقول المربعك الم اسودك الم ازوجك في عدد عليه من نعمائه سبحانه وبحمده ما لا يقول معه العبد الا نعم. بلى يا رب. بلى يا رب. فيقول جل وعلا اكنت تظن انك ملاقي؟ يعني هل كنت تعتقد انك ستلقاني وتجازى على عملك؟ فيقول الكافر لا يا رب لا يا رب لا كنت لم اكن اعتقد انني القاك لتكذيبه باليوم الاخر. فيقول الله عز وجل اليوم كما نسيتني. اليوم انساك اي اتركك. فالنسيان هنا بمعنى الترك. اليوم انساك كما نسيتني اي كما تركت خبري وما جاءت به رسلي كما قال الله تعالى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى فالله تعالى يكلم عباده يوم القيامة وما من احد الا وسيكلمه الله تعالى ليس بينه وبينه ترجمان. واما ما جاء من الاحاديث والايات التي فيها نفي كلام الله عز وجل لبعض خلقه فذاك على وجه الاهانة لهم وهو اما ان يكون في حال من احوال يوم القيامة واما ان يكون الكلام المنفي كلام البر والرحمة والتقريب. كقوله تعالى لا ولا يكلمهم الله ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم. فقول ولا لا يكلمهم النفي هنا لكلام الرحمة والتقريب والاحسان. ويمكن ان يقال ان نفي الكلام هو في بعظ الاحوال وليس في كل احوال يوم القيامة لان يوم القيامة يوم طويل فيه احوال واهوال وهذه الاحوال ليست متفقة في كل ذلك اليوم بل تختلف من حال الى حال ومن حين الى حين في ذلك اليوم العظيم. نسأل الله عز وجل ان يعيننا عليه وان يجعلنا ممن يقدم عليه امنا يوم الفزع اكبر نعم وقوله صلى الله عليه وسلم في رقية المريض ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك امرك في السماء والارض كما رحمتك في السماء. اجعل رحمتك في الارض. اغفر لنا حبوبنا وخطايانا. انت الطيبين انزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ. حديث حسن رواه ابو داوود وغيره وقوله صلى الله عليه وسلم الا تأمنوني وانا امين من في السماء. حديث صحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم والعرش فوق الماء. والله فوق العرش وهو يعلم ما انتم عليه. حديث حسن رواه ابو ابو داوود وغيره. وقوله صلى الله عليه وسلم للجارية اين الله؟ قالت في السماء. قال من انا قالت انت رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم اعتقها فانها مؤمنة. رواه مسلم. في هذه الاحاديث اثبات علو الله تعالى وفوقيته على جميع الخلق. وقد تواترت بذلك الاحاديث. وفي حديث للجارية دليل على انها لو لم تؤمن بان الله في السماء كما قال كما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لم تكن مؤمنة. فانها عندما اجابت النبي صلى الله عليه وسلم في السماء. انما ارادت في العلو وقد تقدم الكلام على هذا؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رقية المريض وهو حديث في المسند والسنن من حديث ابي الدرداء ربنا الله الذي في السماء. السماء هنا المقصود بها العلو. فالله هو العلي الاعلى جل في علاه سبحانه وبحمده تقدست اسمك اي تنزه عظم اسمك والاسم هنا؟ ليس اسما بعينه بل جميع اسمائه مقدسة. سبحانه وبحمده كما قال سبحانه ولله اسماء الحسنى امرك في السماء والارض. اي حكمك في السماء والارض. فالامر هنا هو الامر الكوني الشامل لكل ما يكون في السماء والارض. كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك بالارض. اي كما انك رحمت اهل السماء اتصفت بهذه الرحمة التي هي جل في علاه فاجعل رحمة من رحمتك في الارض. فقوله كما رحمتك في السماء اجعل تعال رحمتك في الارض اي انزل من رحمتك على عباده على عبادك في الارض ما تغريهم به عمن سواك. وتوصل اليهم كل بر وتدفع عنهم كل شر. اغفر لنا حوبنا وخطايانا اغفر لنا اي تجاوز عنا واصفح عن كبير ذنوبنا وصغيرها فالحب هو الذنب الكبير العظيم. والخطايا هي مخالفات بترك الواجبات او فعل المحرمات. انت رب الطيبين اي الذي توصل اليهم كل ما يحبون من الخير. فالربوبية هنا ربوبية خاصة تقتضي الانعام والاكرام والربوبية نوعان ربوبية عامة شاملة لكل الخلق. الحمد لله رب العالمين. وربوبية خاصة وهي لعباده الصالحين واوليائه المتقين. وهي ما يتفضل به عليهم من الوان النعم والالطاف. ومنه قول صلى الله عليه وسلم في هذه الرقية انت رب الطيبين. ثم قال انزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع او هذا الوجع. الوجع الى المرض. والوجع المرير. فيبرأ اي فيطيب ويشفى والشهد منه قوله صلى الله عليه وسلم ربنا الذي في السماء تقدس اسمك تقدس اسمك قوله في السماء اي في العلو. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي سعيد وهو في الصحيحين الا تأمنوني وانا امين من في يعني الله عز وجل وقوله في السماء اي الله الله في العلو جل في علاه ثم ذكر حديث العرش قال والعرش فوق الماء والله فوق العرش وهو يعلم ما انتم عليه سبحانه وبحمده وقوله للجارية اين الله سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارية اين الله فقالت بفطرتها وما علمته من هدايات الشريعة في السماء اي في العلو. قال من انا؟ قالت رسول الله. فقال اعتقها فان مؤمنة فاثبت لها الايمان بصواب جوابها عن اين الله وعن من انا؟ فقالت الله في السماء وقالت انت رسول الله وهذه الاحاديث كلها دالة على اثبات صفة العلو لله عز وجل. وهي صفة ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع والعقل والفطرة فقد اجتمع على اثبات هذه الصفة جميع انواع الادلة