وان لم تذهب فالاقرار بعموم حكمة الله فيما يقضيه ويقدره كاف في تقي بنفس المؤمن وبراءة ذمته مما يجب ان يعتقده في ربه سبحانه وبحمده نعم قال رحمه الله فصل لا يكرم العبد نفسه بمثل اهانتها ولا يعزها بمثل ذلها ولا يريحها بمثل تعبها كما قيل ساتعب نفسي او اصادف راحة فان هوان النفس في كرم النفس ولا يشبعها بمثل جوعها بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد فقال ابن قيم الجوزية رحمه الله قال في كتابه الفوائد لما سلم لادم اصل العبودية لم يقدح فيه الذنب ابن ادم لو لقيتني بتراب الارض خطايا ثم لقيتني لا لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة لما علم السيد ان ذنب عبده لم يكن قصدا لمخالفته ولا قدحا في حكمته علمه كيف يعتذر اليه فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه العبد لا يريد بمعصيته مخالفة سيده ولا الجرأة على محارمه ولكن غلبات الطبع وتزيين النفس والشيطان وقهر الهوى والثقة بالعفو ورجاء المغفرة والثقة بالعفو ورجاء المغفرة هذا من جانب العبد واما من جانب الربوبية فجريان الحكم واظهار عز الربوبية وذل العبودية وكمال الاحتياج وظهور اثار الاسماء الحسنى كالعفو والغفور والتواب والحليم لمن جاء تائبا نادما والمنتقم والعدل وذي البطش الشديد لمن اصر ولزم المعرة فهو سبحانه يريد ان يري عبده تفرده بالكمال ونقص العبد وحاجته اليه ويشهده كمال قدرته وعزته وكمال مغفرته وعفوه ورحمته وكمال بره وستره وحلمه وتجاوزه وصفحه. وان رحمته به احسان اليه. لا معاوضة وانه ان لم يتغمده برحمته وفضله فهو هالك لا محالة فلله كم في تقدير الذنب من حكمة وكم فيه مع تحقيق التوبة للعبد من مصلحة ورحمة التوبة من الذنب كشرب الدواء للعليم ورب علة كانت سبب الصحة لعل عتبك محمود عواقبه وربما صحت الاجساد بالعلل لولا تقدير الذنب هلك ابن ادم من العجب ذنب يذل به ذنب يذل به احب اليه من طاعة يدل بها عليه شمعة النصر انما تنزل في شمعدان الانكسار هذه المعاني التي ذكرها المؤلف رحمه الله معاني جليلة في بيان حكمة الله عز وجل فيما يجريهم من الاقضية والاقدام ما من شيء يقضيه الله عز وجل الا وله فيه حكمة وذكر المؤلف رحمه الله الجواب عن ما يمكن ان يتبادر الى الذهن من سؤال ما الحكمة في تقدير المعاصي فقال رحمه الله العبد لا يريد بمعصية مخالفة سيده ولا الجرأة على محارمه ولكن غلبة الطبع وتزين النفس والشيطان وقهر الهوى والثقة بالعفو ورجاء المغفرة هذا من جانب العبد فكلما طيبت الثوب فاحت رائحة المسكر من تحته فتباعد منك الصادقون وانحاز اليك الفاسقون يدخل عليك هذا تمثيل بديع ان ما في القلب لابد ان يظهر مهما ستره الانسان جميل الستر يعني هذه موجبات وقوع الانسان في الخطأ اقدامه على المعصية مع علمه بتحريم الله عز وجل لها واما من جانب الربوبية فجريان الحكم واظهار عز الربوبية الى اخر ما ذكر سبحانه وبحمده سبحانه الى الى اخر ما ذكر من حكمه سبحانه وتعالى بما يقدره من الاقبية والاقدار ومنها المعصية فليس ثمة شيء فليس ثمة شيء الا ولله فيه حكمة. لكن هذه الحكمة لا تظهر لكل احد قد يراها الانسان ويبصرها فيفتح الله تعالى له من المعرفة والعلم ما ينشرح به صدره وقد تخفى عليه فيبقى في عمى. لا يرى ذلك السر ولا يعرف تلك الحكمة لكن الموفق من هؤلاء هو من اقر بحكمة الله في كل ما يقضيه ويقدر وما تشاؤون الا ان يشاء الله. ان الله ان الله كان عليما حكيمة فكل ما يجري في قضائه له فيه حكمة كل حكم قدري وكل حكم كوني لله في حكمة لكن لا يلزم ان تظهر هذه الحكمة فان ظهرت كانت نورا على نور ولا يؤمنها بمثل خوفها ولا يؤنسها بمثل وحشتها من كل ما سوى فاطرها وبارئها ولا يحييها بمثل اماتتها. كما قيل موت النفوس حياتها من شاء ان يحيا يمت طيب هذا الكلام الذي ذكره رحمه الله ليس المقصود به الاهانة والذل للخلق انما اهانتها امنها على طاعة الله عز وجل وكسر علوها وارتفاعها وتشوفها الى ما لا تستحقه من العلو في الارض وكذلك فيما يتعلق بالذل المقصود بالذل لله عز وجل وكذلك بقية المعاني التي ذكرها فانها لا تعالى لا تطيب النفس الا بترويضها وتزكيتها والتزكية تحتاج الى معالجة تحتاج الى جهد وبذل حتى يصل الانسان الى ما يؤمن من صلاح نفسه قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها قد افلح من تزكى فينبغي للمؤمن ان يجد في مثل هذه المعاني التي ذكر ليدرك بذلك راحة نفسه فلا تبلغ الغايات الا على جسر المشقات لا تبلغ الغايات الا على جسر من المشقات والعناء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره اي بما تكرهه النفوس ويشق عليها من فعل الواجب وترك المحرم الذي يتنافى مع الطبع يعيقه تزيين النفس والهوى والشيطان نعم شراب الهواء قال شراب الهوى حلو ولكنه يورث الشرق وقال من تذكر خنق الفخ هان عليه هجران الحبة واضح؟ صحيح شراب الهواء حلو حفت النار بالشهوات فهي حلوة تشتاق اليها النفوس لكنه يرث الشرق واذا شرق لم ينعم بما شرب بل سيخرج ما شرب مع الاذى الذي حصل فيجتمع عليه عدم ادراك المقصود من الشرب مع الاذى الذي حصل له بالشرق وقال من تذكر خنق الفخ اي من تذكر امساك الفخ له وهو ما يوضع للصيد هان عليه هجران الحبة يعني الطعم الذي جعل في الفخ ليغريه بالقدوم وهكذا المعاصي. الشيطان نزينها ويضعها فيه فخاخ اذا اقبل على الانسان امسكت به فان استسلم للفخ تمكن منه حتى لا يكاد ينفك من كيد الشيطان وسلطانه عليه كما قال تعالى استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله لكن ان افاق وتاب ورجع تخلص من الفخ وسلم من شره ولجأ من امساكه فينبغي للمؤمن ان يكثر التوبة وان يلزمها فكل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون. نعم قال يا معرقلا في شرك الهوى جمزة عزم وقد خرقت الشبكة وقال لابد من نفوذ القدر فاجنح للسلب لله ملك السماوات والارض واستقرض منك حبة فبخلت بها وخلق سبعة ابحر واحب منك دمعة فقحطت عينك بها اطلاق البصر ينكش في القلب صورة المنظور والقلب كعبة والمعبود لا يرضى بمزاحمة الاصنام لذات وهذا معنى قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم واحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم. يعني اطيب لقلوبهم اطلاق البصر يؤثر على القلب بلا شك اذ ان هذه الصور التي يجيل الانسان فيها نظره ترتسم في قلبه وتزاحم ما ينبغي ان يكون القلب عليه من تمام المحبة لله عز وجل والتعظيم له جل في علاه. نعم قال لذات الدنيا كسوداء وقد غلبت عليك والحور العين يعجبن من سوء اختيارك عليهن غير ان زوبعة الهوى اذا ثارت سفت في عين البصيرة فخفيت الجادة سبحان الله تزينت الجنة الخطاب فجدوا في تحصيل المه وتعرف رب العزة الى المحبين باسمائه وصفاته فعملوا على اللقاء وانت مشغول بالجيف لا كان من لسواك منه قلبه ولك اللسان مع الوداد الكاذب المعرفة بساط لا يطأ عليه الا مقرب والمحبة نشيد لا يطرب عليه الا محب مغرم المعرفة هي المعرفة بالله عز وجل والعلم به وهو اشرف العلوم ورأسها المعرفة بساط لا يطأ عليه الا مقرب يعني ما يشتغل به الا من اراد الله تعالى تقريبه. ذلك ان العلم به يجذب القلوب اليه محبة وتعظيما ولهذا قال والمحبة وهي ثمرة المعرفة فكلما زاد علم الانسان بالله عز وجل عظمت محبته له سبحانه وبحمده والمحبة نشيد لا يطرب عليه الا محب مغرم نعم الحب غدير في صحراء ليست عليه جادة فلهذا قل وارده المحب يهرب الى العزلة والخلوة بمحبوبه والانس بذكره كهرب الحوت الى الماء والطفل الى امه واخرج من بين البيوت لعلني. احدث عنك القلب بالسر خاليا ليس للعابد مستراح الا تحت شجرة طوبى ولا للمحب قرار الا يوم المزيد اللهم اجعلنا من اهل هذه الشجرة ومن اهل هذا اليوم اما قوله ليس للعبد مستراح الا تحت شجرة طوبى يعني اذا دخل الجنة ليس له مصطلح الا ان يدخل الجنة ولهذا سئل الامام احمد متى يستريح المؤمن قال حين يضع قدمه في الجنة فلا راحة قبل ذلك نسأل الله ان يحملنا الصبر وان يعيننا على قطع المفاوز وبلوغ الغاية. قال ولا للمحب قرار الا يوم المزيد وهو يوم النظر الى وجهه الكريم سبحانه وتعالى فالمزيد هو النظر الى وجهه كما قال تعالى هم ما يشاؤون فيها يعني في الجنة ولدينا مزيد وقد فسر فيه في حديث في في قول انس وجماعة انه يوم النظر الى الله جل في علاه وهو غاية المنى وعلى وعلى النعيم الذي يتنعم به اهل الجنة غاية المنى واعلى النعيم الذي يتنعم به اهل الجنة النظر الى وجه الله الكريم قال تعالى وجوه يومئذ ناظرة الى ربها ناظرة نسأل الله ان نكون منهم نعم اشتغل به في الحياة يكفيك ما بعد الموت يا منفقا بضاعة العمر في مخالفة حبيبه والبعد منه ليس في اعدائك اضر عليك منك ما تبلغ الاعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه الهمة العلية من استعد صاحبها للقاء الحبيب وقدم التقادم بين يدي الملتقى فاستبشر عند القدوم وقدموا لانفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه. وبشر المؤمنين تالله ما عدا عليك العدو الا بعد ان تولى عنك الولي فلا تظن ان الشيطان غلب ولكن الحافظ اعرب والله المستعان هذي كلمة جيدة يقول تالله ما عدا عليك العدو الا بعد ان تولى عنك الولي يعني ما يكون من الانسان من تسلط الشيطان عليه و وقوعه في المعاصي الا بعد ان تخلى الله تعالى عنه هذا معنى قوله رحمه الله الا بعد ان تولى عنك الولي الذي هو الله جل في علاه فمن ولايته للصالحين ان يحفظهم احفظ الله يحفظك ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الالهي يقول الله عز وجل ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. وكل هذا صيانة للعبد وتوفيق صيام في منعه من الخطأ في سمعه وبصره بطش يده ونقل قدمه وكذلك تسديد وتوفيق ولهذا قال رحمه الله فلا تظن ان الشيطان غلب. يعني اذا وقعت في معصية فليس هذا من غلبة الشيطان. بل الحافظ اعرظ الله جل في علاه خلى بينك وبين عدوك فتمكن منك وليس انه غلب ولهذا افزع الى ربك جل في علاه وهب اليه واسأله الصيانة والحفظ والجأ اليه صادقا وستجد منه العون التوفيق والنصر على هذا العدو المتربص نعم قال احذر نفسك فما اصابك بلاء قط الا منها ولا تهادنها فوالله ما اكرمها من لم يهنها ولا اعزها من لم يذلها ولا جبرها من لم يكسرها ولا اراحها من لم يتعبها ولا ولا امنها من لم يخوفها ولا فرحها من لم يحزنها سبحان الله ظاهرك متجمل بلباسك. هذا تنبيه لان النفس لها تسلط على الانسان اذا اهملت لم تزكى فتكون من مصادر الشرور العظمى ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم نعوذ بك من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا النفس لها شر ولا يحميك من شر نفسك الا الله جل في علاه وذلك بان يوفقك الى تهذيبها واقامتها على الجادة واصلاحها وتزكيتها فتكون فتكون بذلك نفسا مطمئنة ونفعوا نفسا لوامة تحمل الانسان على الفضائل وتردعه عن الرذائل نعم قال سبحان الله ظاهرك متجمل بلباس التقوى وباطنك باطنة لخمر الهوى فانه عندما يتجمل الانسان بلباس التقوى ان يظهر منه خصال المتقين في قوله وعمله فان فانه ان كان طيب المعدن ظهر ذلك بطيب عمله ودوام طاعته وان كان الامر على خلاف هذا فطأ الانسان قلبه على خبث وعلى فساد فمهما زان ظاهره لابد ان تفوح رائحة باطنه. هذا في الدنيا ويرى ذلك اهل المصائب الذين يكشف الله لهم بتقواهم من احوال الناس ما يعرفون به الصادقة من غيره اما في الاخرة فالامر ظاهر يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فتبيظ الوجوه فتبيظ الوجوه بقدر ما في الباطن من سلامة وصلاح وتسود الوجوه بقدر ما في الباطن من ظلمة وفساد ولهذا ينبغي للمؤمن ان يعتني باصلاح قلبه الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله والناس في غالب اهتمامهم يعتنون بالمظاهر ويغفلون عن الحقائق والبواطن ويشتغلون بما تقع عليه انظار الناس ويغفلون عما هو محل نظر الرب جل في علاه ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسادكم وانما ينظر الى قلوبكم وفي رواية واعمالكم نعم قال يدخل عليك لص الهوى وانت في زاوية التعبد فلا يرى منك طردا له فلا يزال بك حتى يخرجك من المسجد اصدق في الطلب وقد جاءتك المعونة. الله اكبر. اصدق في الطلب وقد جاءتك المعونة كما قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فمن صدق في طلب الهدى والسعي في تحصيله يسر الله تعالى له ما يؤمل قال الله تعالى فاما من يقول تعالى والليل ليغشى والنهار اذا تجلى وما خلق الذكر والانثى الا سعيكم لشأن فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى كلها اعمال صالحة ومقدمات فسنيسره لليسرى واليسرى الاجر والثواب في الاخرة كما انه الصلاح والحياة الطيبة في الدنيا واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ولهذا من جد في طلب الهدى فتحت له ابوابه ومن حرص على خصال التقى اعين على ذلك واما من سار الهوينا فانه لن يبلغ الغاية الا بصدق الرغبة وبذل الجهد نعم. قال رجل لمعروف علمني المحبة. فقال المحبة لا تجيء بالتعليم. الله اكبر. هو الشوق مدلولا على مقتل الفتى اذا لم يعد صبا بلقيا حبيبه ليس العجب من قوله يحبونه انما العجب من قوله يحبهم ليس العجب من فقير مسكين يحب محسنا اليه. انما العجب من محسن يحب فقيرا مسكينا الله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد تفسير بعد الصلاة ان شاء الله