اعظم اجرا وارفع منزلة من المصلي الذي هو اقل ذكرا لله عز وجل. وهلم جر في كل العبادات وقد جاء في هذا حديث في اسناده مقال من حديث معاذ ابن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحمد لله حمد الشاكرين احمده حق حمده هو المحمود بكل لسانه. وعلى كل حال فنحمده جل في علاه حمدا يليق بجلاله ويوافي نعمه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبد الله ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واكتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فنقرأ ما يسر الله عز وجل من ايات الذكر الحكيم. ثم نتطرق الى ما يسر الله من بيانها وفق ما ذكره الامام الحافظ البخاري رحمه الله في صحيحه اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الناس واستغفروا الله. ان الله غفور رحيم فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله بذكركم ابدا فمن الناس من يقول ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة الله اكبر وقنا عذاب النار والله سميع يقول الله جل وعلا في سياق ايات الحج بعد ان امر عباده بحفظ نسكهم مما يقدح فيه. وامرهم بالتزود بفظله واذن لهم قصد شيء من مكاسب الدنيا بعملهم ومجيئهم الى في قوله جل وعلا ليس عليكم جناح ان تبتؤوا فضلا من ربكم. يقول الله تعالى فاذا افضتم من عرفات. اي اذا دفعتم من عرفات خارجين منها الى المزدلفة. فاذكروا الله عند المشعل الحرام هو اسم للمزدلفة المشعر الحرام هو المزدلفة وسميت مزدلفة بالمشعر الحرام لان عرفة مشعر حلال. اي ان عرفة في الحل كانت عرفة ولم تزل خارج حدود الحرم ولذلك قال الله تعالى فاذا افظت من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام اي اذكروه في في اول موضع تنزلون فيه في داخل الحرم وهو المزدلفة وسميت بهذا لانه يقترب بها الانسان الى الحرم وسميت جمعا ايضا لان الناس يجتمعون فيها. وكلها اسماء لموضع واحد فالمشعر الحرام وجمع ومزدلفة او المزدلفة كلها اسم لموضع واحد قال فيه الله عز وجل فاذكروا الله عند المشعل الحرام. ثم قال واذكروه كما هداكم. وان كنتم من قبل لمن الضالين. انظر الى عظيم منزلة الذكر. في العبادات لا سيما في هذه الفريضة وهذه الشعيرة وهي الحج. فان الله عز وجل اكثر فيها من الامر بذكره. وذلك ان الحج غايته وغرضه هو تعظيم الله جل وعلا بتعظيم ما عظمه سبحانه وبحمده. ولذلك امر الله تعالى المعتمر بكثرة ذكره جل في علاه. فهنا يقول الله جل وعلا فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر ثم قال واذكروه اعاد الامر بالذكر مرة ثانية في نفس الموضع تأكيدا لاهميته و تأكيدا لاستحضاره. وليعلم المؤمن انه في جميع العبادات انما تعلو منزلتك ترتفع درجتك ويكثر اجرك بقدر ما معك من ذكر ربك. هذا مضطرب في كل العبادات هذا الصائم الذاكر خير من الصائم الذي لا يذكر. المجاهد الذاكر خير من المجاهد الذي لا يذكر المتصدق الذاكر خير من المتصدق غير الذاكر. المصلي الاكثر ذكرا لله عز وجل اي الصيام افضل؟ قال اكثرهم ذكرا. ثم سئل عن الصلاة. قال اكثرهم ذكرا. ثم سئل عن الحج؟ قال اكثرهم ذكرا ثم سئل عن الجهاد قال اكثرهم ذكرا. وفي كل عبادة وشريعة يسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم اي افضل؟ قال اكثرهم ذكرا ومنه اخذ العلماء ان كل عبادة يشتغل بها الانسان فانه يعظم اجره ويزداد فظله ويكبر خير الذي يناله من هذه العبادة كلما ازداد لله ذكرا. فاعمروا قلوبكم بذكر مولاكم ايها المؤمنون اعمروا قلوبكم والسنتكم وجوارحكم بذكره سبحانه وبحمده. فذكر الله يكون بالقلب. تعظيما له واجلالا ومحبة واعتبارا واتعاظا بالايات التي اقامها في السماء والارض وكاين من اية في السماوات وفي الارظ يمرون عليها وهم عنها معرضون. حتى الاعمى الذي لا يبصر وفي انفسكم افلا تبصرون. فيستطيع ان يلحق ان يرى من ويحس بايات الله عز وجل الدالة على عظمته المقيمة لمحبته وتعظيمه في قلوب العباد ما ينبغي الا يغفل عنه. ثم اذا امتلأ القلب ذكرا لله عز وجل اشتغل اللسان والبدن بذكر ربه جل في علاه. ولهذا اشرف منازل الذكر على الانفراد ذكر القلب. وعلى الاجتماع ان يكون الانسان ذاكرا بقلبه وبلسانه وبجوارحه. فالصوم فالصائم الذاكر خير عند الله واعظم اجرا من الصائم الغافل الذي لا يذكر القائم الذاكر اعظم عند الله اجرا من القائم الذي يغفل ويسهو وتأخذه الدنيا يمنة ويسرح افكارا وهواجس ووساوس في صلاته المقصود ان الله عز وجل لما امر المؤمنين بذكره بعد الافاضة من عرفة قال فاذكروا الله عند المشعر الحرام ثم قال واذكروه تأكيدا لمعنى الذكر واهميته ووجوب العناية به كما هداكم. اي على ما هداكم. وقيل اي مثلما احسن اليكم بهذه بهدايته لكم. فان شكر نعمة الهداية هي بذكره جل في علاه يقول الله جل وعلا في هذه الاية فاذكر الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبل لمن الضالين. هذا تنبيه في غاية الاهمية. ان يستشعر الانسان عظيم منة ربه عليه به هدايته. يا اخواني لو لم يمن الله عليكم بالهداية ما اهتديتم. لو لم يشرح الله صدوركم للطاعة ما كانت منكم طاعة لو لم يمن الله عز وجل بانارة افئدتكم وتشجيعكم وتنشيطكم على العمل الصالح ما كان عمل صالح. بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان. يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم. فاحذر غاية وكن في غاية الانتباه ان يدب الى قلبك شيء من الاعجاب بعملك فانه الماحقة التي تذهب بالعمل وتحبطه ولا يدرك الانسان مع الاعجاب بنفسه او او بعمله خيرا وعلاج اعجاب بالعمل ان تستحضر في كل ثانية وفي كل لحظة نعمة الله عليك بالهداية والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا. استحضر هذه المنة وهذه النعمة فالله عز واذكروا اشكروا واقوموا بحقه واثنوا عليه بما هو اهله كما هداكم. وان كنتم من قبله لمن الظالمين يا عبادي كلكم ضال الا من ايش؟ الا من هديته فاستهد فاستهدوني اهدكم. لذلك من الضروري ونحن نشتغل بالعبادات والطاعات والوان القربات الا يغتر الانسان. هذه الطاعة لو لم ييسرها الله الله عز وجل لك ما تيسر لك. هذه الطاعة لو لم يوفقك الله تعالى اليها ما قمت بها فقل اللهم لك الحمد ان يسرت للصيام ولك الحمد ان وفقتني للقيام. ولك الحمد ان اعنتني على صالح الاعمال. احمد الله. فانه الذي تفضل عليك لذلك الذي تفضل عليك بذلك هو ايضا الذي يتفضل عليك بقبولها فلولا قبول الله عز وجل لكانت الاعمال لا قيمة لها. فكم من عامل لا يجني من عمله شيئا لانه لم يقبله الله جل وعلا. والله طيب لا يقبل الا طيبا. فطيبوا اعمالكم وطيبوا قلوبكم. وطيبوا احوالكم. حتى تكونوا من المقبولين فالمحروم من صام وقام وعطش وتعب ثم بعد ذلك لم يقبل منه عمله لانه لم يقبل من الكريم المنان. والله عز وجل انما يتقبل من المتقين جل في علاه كما قال انما فيتقبل الله من المتقين فكن من المتقين في عملك تكن طيبا. واذا كنت كذلك فابشر بقبول رب كريم منان سبحانه وبحمده يقبل على عباده اضعاف ما يقبلون عليه. فمن تقرب الى الله شبرا تقرب الله اليه ذراعا يعني ضعفين ومن اتاه يمشي اتاه هرولة وقبلها ومن تقرب اليه ذراعا تقرب اليه باعا ظعفين. ومن اتاه يمشي اتاه هرولة جل في علاه. فهو يسرع سبحانه وبحمده الى عباده لطفه واحسانه وعظيم منه وكريم جزاحه لاوليائه نسأل الله ان نكون منهم. واذكروه كما هداكم وان كنتم من من قبله لا من الضالين. نعم والله يا اخواني لولا منة الله علينا لما كنا في هذا المكان لولا منة الله علينا ما صلينا لولا منة الله علينا ما زكينا لولا نعمة الله علينا ما صمنا لولا نعمة الله علينا ما قرأنا القرآن فلا تعجب بشيء من الاعمال. الان في نهاية المطاف من شهر رمضان العادة ان يبدأ الانسان يحسب ماذا صنع؟ كم ختمة؟ ماذا كم ليلة قام؟ كيف قيامه؟ كم فعل من صالح؟ كم تصدق؟ لا تستهتر شيئا فالله جل في علاه حقه اعظم. واستمع الى هذا في الاية التي تليها. وهذه تربية للمؤمن انه مهما عظم جهدك وعملك في طاعة ربك فانك لن تبلغ حقه ولن توفيه قدره. استمع على هذه الايات يقول الله جل وعلا ثم افيضوا من حيث افاض الناس واستغفروا الله استغفروا الله. الله عز وجل يذكر قوما اشتغلوا بوقفة عرفة. وما فيها من ذكر تركوا بلدانهم واوطانهم واموالهم واهليهم رغبة فيما عند الله. تجردوا من كل الدنيا محرمين له جل في علاه ذكروه في عرفة وذكروه في مزدلفة وذكروه في اعمال كثيرة ومواقف عديدة ثم فيقول لهم جل في علاه بعد ذلك ثم افيضوا من حيث افاض الناس واستغفروا الله يأمرهم باستغفاره. ايطلبوا منه المغفرة؟ وهذا تأديب للنفوس التي قد تتضخم عندها الاعمال وترى لنفسها كبير المقام. فقد صلت وصامت وحجت وفعلت وفعلت. اربح على نفسك استغفر غير الله فمهما عملت فحق الله اعظم. لا تتبخر اعمالك في عينك. فحق الله جل وعلى كبير ولهذا من المأمورون بالاستغفار هنا؟ من هم؟ هل هم المذنبون العاصون؟ لا. انهم المحسنون الطائعون الذاكرون الملبون هم المأمورون بالاستغفار بان حق الله جل وعلا على عباده عظيم. فلا تمنن تستكثر كما قال الله تعالى الا لرسوله ولا تمنن تستكثر قال الحسن اي لا تستعظم عملك فتتركه. لا تمن على الله بعملك فتتركه وتظن انك قدمت شيئا كبيرا في حق ربك وحق والله اعظم من كل ما يقدمه العباد هذا حري بنا ان ان نخشى العجب. وان نخشى رؤية العمل وان نعرف ان الله هو الذي من علينا بهذا الفضل وهو المستحق ان يشكر على ما انعم من صالح الاعمال. وهو المستحق وان يشكر اذا قبلها. فلولاه جل في علاه لما كانت اعمالنا مجزئة ولولا رحمته لما استحقنا بها شيئا من فضله انما هو فضله وكرمه واحسانه. نقرأ ما ذكر الامام البخاري رحمه الله في بيان معنى قول الله عز وجل وافيضوا من حيث وافاضل ناس؟ نعم قال حدثنا محمد ابن حازم قال حدثنا هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت قريش في المزدلفة وكانوا يسمون الانثى وكان سائر العربات. فلما جاء الاسلام امره نبينا صلى الله عليه وسلم ان يأتي عظمات ثم يقف بها ثم يفيض منها. فذلك قوله تعالى ثم على دين الله جل وعلا قال في محكم كتابه ليس عليكم جناح ان تبدأوا فضلا من ربكم فاذا افضتم من عرفات فاذكر الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم. وان كنتم من قبل الى من الضالين. ثم قال ثم افيضوا من حيث امام الناس ثم هنا مقتضى السياق اذا كانت لترتيب الافعال ان يكون هذا هذه الافاضة من مزدلفة الى منى لانهم افاضوا من عرفة الى المشعل الحرام ثم افيضوا من حيث افاض الناس. لكن جمهور المفسرين على خلاف هذا وان ثم هنا ليست لترتيب الحدوث بل هي لترتيب الذكر. والاخبار وليست لترتيب الوقائع زمانا وحدوثا ان قوله تعالى ثم افيضوا من حيث افاض الناس سبب نزولها ما اخرجه البخاري رضي الله رحمه الله من من طريق هشام ابن عروة باسناده من طريق هشام ابن عروة عن عن ابيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كانت قريش وهم اهل الحرم. وسدنة البيت. والقائمون عليه. ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كانت قريش ومن دان دينها يعني ومن تعبد بطريقتها في التعبد ذلك ان قريشا وجماعة من العرب كان لهم طريقة في اعمال الحج تخالف غيرهم من العرب قال يقفون كانت قريش ومن دان دينها اي من سلك مسلكها وعمل بعملها يقفون المزدلفة اي انهم في الحج لا يذهبون الى عرفة. لا يذهبون الى عرفة بل يقفون في المزدلفة. فيخرجون مع الناس الى الحج لكن اذا جاءوا الى مزدلفة وقفوا بها. وما ظى الناس الى عرفة. والسبب في هذا ان كانوا يقولون لا نعظم شيئا خارج الحرم. وعرفات بالاجماع انها خارج حدود العرب الحرم فمما زينه الشيطان لهؤلاء انهم امتنعوا عن الخروج الى عرفة وبقوا في المزدلفة لله وانهم لا يعظمون شيئا في خارج الحرم وهم بهذا عاصونا لله عز وجل مخالفون لما عليه ابراهيم عليه السلام الذي سن قصد البيت الحرام ودعا الناس الى المجيء اليه. قل عائشة رضي الله تعالى قال عنها قال يقفون قالت يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس. اي متشددون فالحمس مأخوذة من الحماسة والشدة والتحمس في العمل فكانت قريش لشدة تعظيم البيت ل شدة صيانتها له وتفعل من الافعال ما بهذا الشأن سموا عند العرب بالحمص. لحقهم بعض العرب من القبائل المحيطة بهم كثقيف. وبعض خزاعة وما الى ذلك القبائل المجاورة لاهل مكة. وكان سائر العرب يعني بقيتهم وكان سائر العرب يقفون بعرفات ان يقفون بعرفة في يوم عرفة ولا يمتنعوا ولا يمتنعون من الخروج عن الحرم اتباعا لما بقي من سنة إبراهيم عليه الصلاة والسلام. فلما جاء الاسلام لما جاء الاسلام امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يأتي عرفات وذلك في قوله تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم فاذا افضتم من فذكر الله تعالى عرفات في مناسك الحج بل الحج عرفة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وجاء النص على هذا الامر بقوله جل وعلا ثم افيضوا من حيث افاض الناس ولذلك يقول امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يأتي عرفات ثم يقف بها كسائر الناس ثم يفيض منها ان ينصرف من عرفة متجها الى المزدلفة الى الى المشعل الحرام فذلك قوله تعالى ثم افيضوا من حيث افاض الناس اذا قوله تعالى به ثم افيضوا المكان المفاض منه هو عرفة على هذا التفسير وهو تفسير جماهير اهل العلم والمراد بقوله من حيث افاض الناس اي بقية الناس من سائر العرب فلا وجه لاختصاص قريش ومن معها بهذا الذي خصت به نفسها من انها لا تخرج خارج حدود الحرم بل امر بتعظيم شعائره ومن تعظيم شعائره ان يلتزم المؤمن شرحا شرعه جل في علاه ومن ذلك ان يأتي عرفة كما امر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم