الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول المصنف رحمه الله وهو مستغن عن العرش وما دونه ذلك ان المؤلف رحمه الله ذكر في ما تقدم مسائل تتعلق بالقدر ثم ذكر العرش قال والعرش والكرسي حق والعرش هو سرير الملك لاجل هذا ذكر مصنف رحمه هذه الجملة لدفع التوهم الذي يمكن ان تتصوره العقول او ان يرد على الاذهان او ان يوسوس به شيطان من ان الله تعالى مفتقر العرش فقال وهو مستغن اي اي الله جل وعلا مستغن عن العرش اي في غنى عن العرش ليس به جل وعلا حاجة الى شيء من خلقه وخص العرش بالذكر لان العرش موضع الاستواء او لان العشر لان العرش اضيف اليه الاستواء قص العرش بالذكر لان العرش اضيف اليه الاستواء في ايات عديدة يقول الله تعالى في كتابه الرحمن على العرش استوى وهذا الاستواء اصطفاء واختيار ليس عن حاجة ولا عن افتقار. بل الله جل وعلا غني عن العرش وما دونه من الخلق بل هو غني عن كل احد وانما استواؤه على العرش تخصيص واصطفاء وربك يخلق ما يشاء ويختار والاستواء ثبت بالكتاب والسنة واجمع عليه علماء الامة وهو علو خاص ثابت لرب العالمين على العرش على وجه الخصوص وقد دارت كلمة العلماء في تفسير معنى الاستواء على اربع كلمات او اربع عبارات جمعها ابن القيم في نظمه في النونية قال ولهم عبارات عليه اربع قد حصلت للفارس الطعان اي جمعت حصلت من كلام العلماء وهي استقر هذا الاول. وقد علا هذا الثاني وكذلك ارتفع الذي ما فيه من نكران هذا الثالث ثم قال وكذلك قد صعد الذي هو رابع هذا المعنى الرابع من معاني الاستواء التي دار عليها كلام الائمة ولهم عليه ولهم عبارات عليه اربع قد حصلت الفارس الطعاني وهي استوى وهي استقر وقد علا وكذلك ارتفع الذي ما فيه من نكران يعني اتفقوا على هذا المعنى وكذلك قد صعد الذي هو رابع اي رابع المعاني هذه المعاني الاربع ذكرها العلماء رحمهم الله في معنى الاستواء و لما ذكر المصنف رحمه الله استغناء الله تعالى عن العرش ذكر ما دونه من الخلق فقال وهو مستغن عن العرش وما دونه من سائر خلق الله جل وعلا فهو الغني اعلى جل في علاه ليس به حاجة الى احد من خلقه. بعد ذلك قال محيط بكل شيء وفوقه محيط بكل شيء اي ان الله تعالى قد احاط بكل مخلوقاته فليس شيء من المخلوقات الا والله محيط به قدرة وسلطانا وعلما وعزة وتصريفا وحكما فليس شيء من الخلق الا والله محيط به جل في علاه. قال في محكم كتابه الا انه بكل شيء محيط وقال جل وعلا وكان الله بكل شيء محيطا وهذه الاحاطة التي ذكرها الله تعالى في هذه الايات احاطة عامة بكل خلقه لا يخرج عنها شيء من خلق الله جل وعلا وذكرت الاحاطة خاصة ببعض الخلق اما الاحاطة العامة التي ذكرت في في الايات السابقة فهي احاطته بالمخلوقات فالمخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته لا يخفى عليها لا يخفى عليه شيء من شأنها وهو المتصرف المدبر لها جل وعلا هذا معنى الاحاطة العامة ان جميع المخلوقات تحت قهره وفي امره وفي قبضته وفي علمه وتدبيرها اليه جل في علاه فهو المتصرف فيها كيف شاء ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن سبحانه وبحمده. اما الاحاطة الخاصة فقد جاءت في نحو قوله جل وعلا والله محيط بالكافرين فهذه احاطة خاصة الكفار وقال ان الله بما يعملون محيط هناك احاطة بالاشخاص بالكافرين هنا احاطة بالاعمال ان الله بما يعملون محيط ثم قال والله من ورائهم محيط بهم احيانا واعمالا وهذا وهذه الاحاطة الاحاطة الخاصة تفيد ما افادته الاحاطة العامة من انهم في ملكه وتحت تصرفه لا يخفى عليه شيء من شؤونهم فهي تفيد ما تفيده الاحاطة العامة لكنها افادت معنى خاصا وهو تهديدهم على وجه الخصوص هذا واحد قدرته عليهم هذا اثنين انهم لا يعجزونه هذا ثلاثة انه مهما عظم عنادهم واستكبارهم واعراضهم فانهم لن يظروا الله شيئا ولن يفلتوا منه جل في علاه كل هذه المعاني افادتها هذه الاحاطة الخاصة فهو محيط بكل شيء وقد ذكر الاحاطة على وجه الخصوص فافادت هذه المعاني التي ذكرت. قال رحمه الله وفوقه اي هو فوق كل شيء سبحانه وبحمده فاللهم تعالى مستعل على كل شيء له العلو المطلق فهو العلي الاعلى الكبير المتعال سبحانه وبحمده ولذلك كان فوق كل شيء وهذه العلو فطرت عليه النفوس واجمعت عليه الامم توافق عليه الادلة من الكتاب والسنة والاجماع والعقل ولذلك كان العلم بعلو الله اضطراريا فكل احد يقول يا الله يا رب يجد في قلبه ظرورة لطلب العلو. لا يلتفت يمنة ولا يسرة ولا سفل. انما لا يطلب الله الا في العلو هو العلي الاعلى سبحانه وبحمده وقد ذكر الله تعالى علوه في مواضع عديدة من كتابه سبح اسم ربك الاعلى وهو العلي العظيم امنتم من في السماء بل رفعه الله اليه اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه قل نزله رح القدس من ربك بالحق فالايات في اثبات علوه جل وعلا كثيرة وكذلك الاحاديث فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الا تأمنوني وانا امين من في السماء وقال الجارية لما سألتها سألها من انا؟ قالت انت رسول الله قال لها اين الله؟ قالت في السماء قال اعتقها فانها مؤمنة وعلى هذا تتابع علماء الاسلام من الصحابة ومن بعدهم على اثبات العلو لله تعالى والعلو الثابت لله هو العلو المطلق بكل اوجهه ليس خاصا بعلو قدر او علو شرف او علو مكانه بل يشمل علو القدر والشرف والمكانة والقهر والذات وهذا الاخير علو الذات ينكره الذين عطلوا الله عن هذه الصفة وقالوا انه ليس انه ليس له علو في ذاته وهذا غلط ومعارضة للكتاب والسنة وما دلت عليه الفطرة ولذلك ثبوت علو الله عز وجل من اظهر ما يكون من الصفات قال رحمه الله وقد اعجز عن الاحاطة خلقه بعد ان ذكر ما تقدم من صفات الرب الكريم العظيم الجليل الحميد المجيد سبحانه وبحمده ذكر ان الخلق كلهم انسهم وجنهم وملائكتهم وسائر ما خلقه الله يعجزون عن ان يحيطوا به جل في علاه لعظمته وجلاله سبحانه وبحمده ولذلك قال وقد اعجز عن الاحاطة خلقه يعني لا يستطيع خلقه ولو اجتمعوا انسهم وجنهم وملائكتهم وسائر من خلق الله لا يستطيعون ان يحيطوا به فالله جل وعلا لم يمكن خلقه من الاحاطة به بل قال ولا يحيطون به علما ويقول ولا يحيطون بشيء من علمه فنبى الاحاطة التامة به وبجميع صفاته ولا فالاحاطة بصفة من صفاته وهي علمه جل وعلا قال ولا يحيطون بشيء من علمه فلا يستطيع الاحاطة بشيء من علمه الا ما اطلعهم عليه واظهره لهم واما ما عدا ذلك فلا يمكن ان يعلمه الخلق عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول فانه يسلكه من بين يديه ومن خلفه رصد هذا الاظهار الخاص ليعلم ان قد ابلغوا رسالات ربهم واحاط بما لديهم واحصا كل شيء عددا سبحانه وبحمده جل في علاه كما انه نفى ان تحيط به الابصار حتى يوم القيامة عندما ينظر اليه المؤمنون ويراه اهل التقوى والصلاح فانهم عاجزون عن الاحاطة به جل في علاه لا يحيطون به ولذلك يقول لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار فلا يدركونه اي لا يستطيعون الاحاطة به اذا نظروا اليه وهذا شيء مدرك حتى في المخلوقات عندما ترى شيئا جنة كبيرة واسعة تراها من بعد وتعجبك نظرتها وخظارها وبهاؤها لا لا تستطيع ان تحيط بها يعجز الانسان عن الاحاطة بالمخلوق. انظر الى القمر ليلة البدر اتستطيع ان تحيط به وتدرك دقائقه وتفاصيله لا تدرك فقط بهاء اجماليا فاذا كان هذا في المخلوق لا يدرك بهاؤه على وجه محيط فكيف بالخالق الذي جل في علاه له البهاء المطلق الذي يعجز الخلق عن ادراكه وهذا معنى قوله لا تدركوا الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير. فاعجز الخلق عن الاحاطة العلمية والاحاطة البصرية يوم القيامة ثم قال رحمه الله ونقول ان الله اتخذ ابراهيم خليلا. هذا مقطع جديد يتصل بالايمان بي الانبياء وبالكتب وايضا بالملائكة سيذكرهم قال رحمه الله نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين قال الامام الطحاوي رحمه الله تعالى ونقول ان الله اتخذ ابراهيم خليلا وكلم موسى تكليما ايمانا وتصديقا وتسليما ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين. ونشهد انهم على الحق المبين ونسمي اهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين وله بكل ما قاله واخبر مصدقين ولا نخوض في الله ولا نماري في دين الله ولا نجادل في القرآن ونشهد انه كلام رب العالمين نزل به الروح الامين. فعلمه سيد سيد المرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم. وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين. ولا نقول بخلقه وما نخالف جماعة المسلمين يقول المصنف رحمه الله بهذا المقطع من هذه العقيدة المباركة العقيدة الطحاوية اه ونقول ان الله اتخذ ابراهيم خليلا. نقول اي نعتقد ونؤمن وندين الله عز وجل بان الله اتخذ ابراهيم خليله. منين من القرآن. الله تعالى يقول في محكم كتابه واتخذ الله ابراهيم خليلا فنؤمن بما اخبر الله تعالى به في كتابه مما خص به بعظ انبيائه ومنهم ابراهيم عليه السلام فقد خصه الله تعالى بهذه الخاصية وهذا الاصطفاء وربك يخلق ما يشاء ويختار فاتخذه خليلا اتخاذ الله تعالى ابراهيم خليلا ثابت بالقرآن والسنة اما القرآن فالاية التي ذكرتها قبل قليل وهي قوله تعالى واتخذ الله ابراهيم خليلا. واما السنة فقد جاء في الصحيحين ان الناس اذا جاءوا الى نوح عليه السلام يضربون الشفاعة قال لهم ائتوا ابراهيم الذي اتخذه الله خليلا. وفي رواية لمسلم من طريق حذيفة ان نوحا قال اذهبوا الى ابني ابراهيم خليل الله هكذا قال اذهبوا الى ابن ابراهيم خليل الله في صحيح الامام مسلم من حديث جندب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اني ابرأ الى الله ان يكون لي منكم قليل فان الله اتخذ اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا فما معنى ان الله اتخذ ابراهيم خليلا معنى قوله جل وعلا واتخذ الله ابراهيم خليلا اي سيره وجعله محبوبا بقول كثير من المفسرين فخليل فعيل بمعنى مفعول اي محبوب لكن هذا الحب هو في اعلى درجاته وفي نهاية مقاماته فالخلة اعلى درجات المحبة وعلى القول الاخر بان خليل تعيل بمعنى فاعل يكون المعنى اي ان الله سير ابراهيم واتخذه وجعله محبا له قد بلغ حب ابراهيم لله عز وجل الغاية والمنتهى وكلا المعنيين صحيح فان الله تعالى يحبك كما تحبه كما قال جل في علاه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فمحبة الله لك بقدر محبتك له جل في علاه المعنيان في الاية في قوله تعالى واتخذ الله ابراهيم خليلا اي بلغ ابراهيم في محبة الله الغاية والمنتهى مما يقدر عليه البشر فجازاه الله بان بلغه درجة الخلة فاحبه حبا عظيما فاصطفاه خليلا. واتخذه خليلا سميت هذه المرتبة مرتبة الخلة بهذا الاسم وهي اعلى مراتب المحبة هي درجة الكمال في المحبة ونهايتها سميت بهذا الاسم لان المحبة تخللت جميع القلب فلم تبق فيه شيئا ولم يبقى فيه لغيره مكان فلا مزاحم في المحبة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم اني ابرأ الى الله ان يكون لي منكم خليل اي محبوب احبه فان فان الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا ولهذا قال الشاعر قد تخللت مسلك الروح مني ولذا سمي الخليل خليله فالمحبة تبلغ المنتهى والغاية وفي هذا اثبات محبة الله تعالى لعباده ومحبتهم له وهذا مما دلت عليه النصوص واثبته اهل الاسلام وانكره الجهمية الذين قالوا ان الله لا يحب ولا يحب فنفوا المحبة من الطرفين وقالوا ان الله لا يحبه احد وهو لا يحب احدا. سبحان الله. وكذبوا النصوص الدالة على محبة الله لعباده ومحبتهم له وحرفوها بانواع من التحريفات. الله تعالى يقول في كتابه ان الله يحب المتقين. ان الله يحب المحسنين. ان الله يحب التوابين ويحب متطهرين. ثم يأتي هؤلاء المتفلسفة ويقولون الله لا يحب المتقين ولا يحب المحسنين ولا يحب التوابين ولا يحب المتطهرين فيردون كلام رب العالمين بتأويلات فارغة. ويقولون ان المحبة لا تكون الا بين متناسبين. هذه شبهتهم وباطلهم انه المحبة لا تكون الا بين متناسبين ولا مناسبة بين الخالق والمخلوق وهذا كذب وزور بل اعظم المناسبات ما كان بين الخالق والمخلوق فهو الذي خلقك ورزقك ومن كل خير امدك الا يستحق ان يحب وقول انه لابد من مناسبة هذا ظلال مبين اليس الانسان يحب شيئا من الجمادات؟ الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في احد جبل نحبه ويحبنا؟ الا يحب الانسان مكان اقامته وبلده كان نشأته ومحله بلى وهل هناك مناسب بين الجماد وبين الحي هناك مناسبة الاشتراك في في سبب المحبة وجود سبب المحبة فلا يلزم المماثلة لا يلزم ان يكون المحبوب مثل المحب حتى يقال ان هناك مناسبة وقد اثبت الله حبه واثبت حبه حب اوليائه له ومحبته لهم في قوله يحبهم ويحبونه. وقد قال الله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله والايات في هذا والنصوص كثيرة ثم قال رحمه الله وكلم الله موسى تكليما المصنف ذكر هذه القضية باية من القرآن وهي اثبات ما خص الله به موسى من الكلام موسى عليه السلام خصه الله بالتكليم ولذلك قال وكلم الله موسى تكليم هذه من اسطح الايات واعظمها دلالة على اثبات صفة الكلام لله جل وعلا الاية نص في اثبات هذه الصفة لله عز وجل وقد احسن المؤلف لما ذكر صفة الكلام ان ذكر ذلك بالدليل فقال وكلم الله موسى تكريما و وجه قوة هذه الاية ان الله تعالى اثبت هذه الصفة له بالمصدر الذي ينفي ارادة المجاز ويفيد تحقيق النسبة وقد دل على صفة الكلام كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وادل عليها الاجماع والعقل فكل الادلة متظافرة على اثبات صفة الكلام لله عز وجل وان موسى عليه السلام قد خصه الله ب شيء زائد في هذه الصفة على سائر الخلق اذا صفة الكلام ثابتة لله في الكتاب والسنة والاجماع والعقل وقد قال الله تعالى اكان الناس عجبا ان اوحينا الى رجل منهم وقالوا ما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شيء فكان حجة الكفار كما تقدم في ابطال الرسالات ان الله لا يكلم البشر ولهذا قال قائلهم ان هذا الا قول البشر وقد توعده الله تعالى بسقر كما تقال ايه. كما تقدم فقال جل وعلا ساصليه سقر. وما ادراك ما سقر لا تبقي ولا لواحة للبشر فالادلة ثابتة في اثبات صفة الكلام وعلى توافرها الا ان الظلال في هذه الصفة عظيم فقد اختلف المتكلمون باثبات هذه الصفة فمنهم من اثبت ان الله تعالى متكلم حقيقة لكن كلامه مخلوق كما تقوله الجهمية والمعتزلة. ومنهم من اثبت انه يتكلم كلاما بغير مشيئة ولا ارادة. وان كلامه قائم بذاته وممن قال ان الكلام له خمسة معان ان عبر عنه بالعربية كان قرآنا والعبر عنه بالعبرانية كان توراة وهذا من الضلال الذي ردته النصوص فالكلام الذي يتكلم الله تعالى به كلام يليق بذاته يسمعه الناس ويفهمونه ويدركونه وعنه صدر كل شيء في الكون خلقا وشرعا وكل ما في الكون من الخلق وبكلامه انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وكل شرع شرعه الله تعالى لعباده فهو بكلامه و قوله جل وعلا وكلم الله موسى تكليما اثبات هذه الخاصية لموسى عليه السلام والذي اختص به موسى من هذه الصفة امران الامر الاول ان الله تعالى ابتدأ الوحي اليه بالتكليم بخلاف سائر المرسلين هذه الخاصية الاولى التي خص بها موسى ولذلك يقال موسى كليم الله لان الله ابتدأ الرسالة اليه بالتكليم فلم فلم يجعل بينه وبين موسى واسطة انما ناداه الله تعالى كما قال ونادى وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا والذي حصل لموسى هو النداء والنجاة بافتتاح وابتداء الرسالة اذا الامر الاول ان الله خصه بتكليمه مباشرة دون واسطة والثاني ان الله ناداه وناجاه وهذا مما ميز الله تعالى به موسى عليه السلام دون سائر النبيين. ولذلك قال الله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعدي اوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان واتينا داوود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ثم قال ورسل مقسوم عليك وكلم الله موسى تكليما خصه من دون سائل النبيين بذكره منفردا وتأكيد الكلام الجميع اشتركوا في الوحي لكنه خص بان الله تعالى كلمه تكريما واتضح وجه الخصوصية من ان الله ابتدأه بالوحي مباشرة وان ما له من صفة الكلام اعظم مما لغيره فقد ناداه وناجاه جل في علاه قال بعد ذلك ونؤمن بالملائكة اي مما نعتقده مما اعتقده اهل الاسلام ويدين به اهل السنة والجماعة ما ذكره الله تعالى في شأن الملائكة والملائكة صلوات الله وسلامه عليهم خلق من خلق الله تعالى خصهم الله تعالى بخصائص عظيمة فقد خلقهم الله لعبادته و جعلهم ممن اخلص للعبادة فهم كما قال تعالى لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون لا يحصي عددهم الا الله عز وجل منهم من سماه الله تعالى ولم يسمي امما كثيرة منهم فعباد الله من الملائكة خلق عظيم لا يحصيه الا الله. يكفي ان تعرف ما في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم ليلة عرج به الى سماء رفع اليه البيت المعمور. كما قال صلى الله عليه وسلم فرفع الي البيت المعمور فسألت جبريل وهو من اشرف الملائكة فقال هذا البيت المعمور واستمع الى الخبر بعده. قال يصلي فيه كل يوم سبعون الف ملك سبعون الف ملك اذا خرجوا لم يعودوا الى اخر ما عليهم كل يوم يدخل هذا البيت سبعون الف ملك يصلون لله يعظمونه ثم ينصرفون ولا يعودون. هذا عدد عظيم وكبير يدل على عدد خلق الله عز وجل ممن سخرهم الله تعالى طاعته وعبادته وتنفيذ ما شاء من من امره وقد جاء في السنن من حديث ابي ذر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اطت السماء وحق لها ان تئطت يعني سمع لها صوت كصوت الرحل اذا ركب عليه آآ الراكب اطت هو صوت العقيد صوت الرحل اذا حمل وركب عليه حطت السماء وحق لها ان تئط ليس ما فيها موضع اربع اصابع الا وملك واضع جبهته لله ساجدا. الله اكبر ولهذا ينبغي ان يفرح العبد ان ينظمه الله في سلك اوليائه. شرف ومنحة ومنة ان يجعلك الله من عباده. فعباد الله سواك كثر غني عنك وعن عبادتك جل في علاه. فمن فضله عليك ان ينظمك في سلك اوليائه اما الايمان بالملائكة فقد دل عليه الكتاب والسنة واجماع سلف الامة كما تقدم منه قول الله تعالى آآ في آآ محكم كتاب ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب كتاب والنبيين وكذلك قوله جل وعلا آآ امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله. واما السنة في حديث عبد الله بن عمر عن عمر في قصة جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الامام عن الامام قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. والقدر خيره وشره. نستكمل ان شاء الله الدرس القادم والله تعالى اعلم