اما ما قبل الولادة فانه لا حكم له. بل هو دم فساد. وهذا القول اقرب. ولذلك حصل التناقض حيث اثبتوا له حكم دم النفاس ولم يحتسبوه من مدة النفاس. قال رحمه الله قوله واقله اي اقل الحيض يوم وليلة. لقوله الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. يقول المصنف رحمه الله باب الحي هذا اخر الابواب التي ذكرها المؤلف ويذكرها الفقهاء في كتاب الطهارة ويذكرها ايضا يتصل به لان اه احكامه تتصل الطهارة من جهة فيما يتعلق بطهارة حائط بعد انقضاء حيضها وايضا تتعلق الصلاة وان كان الحيض له عدة اتصالات بابواب مختلفة اي بمناسبة ذكر احكام في ابواب مختلفة ويذكر في الصوم ويذكر في باب النكاح ونحو ذلك الا ان الصق الابواب به كتاب الصلاة ولذلك جعل من جملة مسائل باب الطهارة. يقول رحمه الله اصله السيلان من قولهم حاض الوادي اذا سأل. هذا بيان اصل هذه الكلمة من جهة اللغة. فالحيض مأخوذ من السيلان من جهة المعنى من ولامحاض الوادي اذا سال. واما تعريفه في الشرع اي المقصود به في كلام الله وكلام رسوله بينه بقوله وهو وشرعا دم طبيعة وجبلة. يخرج من قعر الرحم في اوقات معلومة خلقه الله للحكمة غذاء الولد وتربية هذا التعريف فيه بسط فذكر حقيقة الحيض وذكر حكمة وجوده والعادة في ان يقتصر على على بيان المحدود دون ذكر الحكمة الا ان يقال ان قوله خلقه الله ليس مما يتصل بالتعريف انما هو بيان الحكمة من خلقه فيكون التعريف دم طبيعة وجبلة يخرج من قعر الرحم في اوقات معلومة. وقوله رحمه الله وهو شرعا اي في دم طبيعة وجبلة اي انه اسم لدم طبع الله النساء عليه فهو يخرج طبيعة مثل خروج المني والبول وغير ذلك من الامور التي تخرج من الانسان. وقوله وجبلة الى ان الواو هنا عطف تفسير وبيان. وقيل بل جبلة معنى زائد على الطبيعة. فالطبيعة المقصود به ما يكون من خارج الطبيعية في الانسان. واما الجبلة فهي السجية والخلقة. وذلك ان الله جبل بنات ادم على خروج كما في الصحيحين من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ان هذا امر كتبه الله على بنات ادم اي قدره الله تعالى على النساء وبهذا القيد ذو طبيعة وجبلة خرج دم الاستحاضة ودبوا الفساد فانه دم ينتفي فيه وصف الطبيعة والجبلة انما يخرج لعارض لا طبيعة ولا جبلة. وقوله رحمه الله يخرج من قعر الرحم في اوقات معلومة اي ان دم الحيض يخرج من عمق الرحم. الذي هو بيت منبت الولد ووعاؤه. والمؤلف رحمه الله ذكر موضع خروج الحيض لتمييزه عن الاستحاضة فان الاستحاضة دم يسيل من العاذل وهو عرق فمه الذي يسيل منه في ادنى الرحم وليس في قعره. فقوله يخرج من قعر الرحم هذا ليس وصفا كاشفا بل هو وصف يقيد المقصود بالدم الخارج من الرحم ويميزه عن دم الاستحاضة. وقوله في اوقات معلومة اي في اوقات جرت بها العادة والمقصود بالمعلومة اي عند النساء. وهذا من حيث ابتداء خروجه ومن حيث انقضاء او خروجه اي السن الذي يبتدئ به الحيض والسن الذي ينتهي به الحيض. وايضا من حيث الايام التي يخرج فيها قوله في اوقات معلومة يقصد به كل ما يتصل بالحيض من التوقيتات سواء كانت في ابتدائه او في انتهائه او في ايامه. وقوله رحمه الله خلقه الله ولحكمة غذاء الولد وتربيته هذا بيان الحكمة من خروج هذا الدم. فالحكمة من خلق الله لهذا الذنب ان المرأة اذا حملت انصرف الدم باذن الله الى الولد ولذلك لا تحيض المرأة الحامل. فاذا وضعت قلبه الله تعالى بحكمته لبنا يتغذى به الرظيع. ولذلك اقل ان تحيض المرضع فاذا خلت عنه عن الحمل وعن الرضاعة بقي الدم لا مصرف له فيستقر في مكان ثم يخرج في الغالب من كل شهر عدة ايام. ستة او سبعة وقد يزيد وقد ينقص وقد يطول شهره ويقصر حسب ما لعلي رضي الله عنه اي ان دم الحيض لا يكون اقل من يوم وليلة. فاذا رأت دما وانقطع لدون يوم وليلة فهو دم فساد ليس له حكم دم الحيض. فان كانت تركت الصلاة ركبه الله تعالى في طباع النساء. هذا المقصود بقوله رحمه الله لحكمة غذاء الولد وتربيته وقوله لا حيض قبل تسع سنين هذا شروع في بيان ما يتعلق بالحيض من اوقات وقد اشار اليه في قوله في اوقات معلومة هذا اول ما ذكره المؤلف مما يتعلق بالاوقات المعلومة للحي وهو اول وقت حصول الحيض عند المرأة وبدأ بذكره لانه اول الاوقات المتعلقة بالحيض. فاول وقت حصوله تمام تسع سنين ولذلك قال لا حيض قبل تسع سنين اي انه لا يكون حيض قبل تمام تسع سنين فان وجد دم قبل ذلك فدم فساد. ليس دم حيض. وهل يقال انه دم استحاضة؟ قال جماعة من اهل العلم لا يوصف بانه استحاضة لان الاستحاضة لا تكون الا على اثر حيض فما يكون من دم قبل تمام تسع سنين هو دمه فسعادة وليس دم حيض ولا استحاضة. واما حجة هذا التحديد فهو الوجود. اي دليله وجودي. فان العادة جارية انه لا يوجد حيض قبل تسع سنين. وما كان الحد فيه معتبرا ولم يكن في الشرع محددا. كان الرجوع في حده الى فما وجد من العادات الجارية فالعادة محكمة ولم يوجد في جار العادة حدوث الحيض لاقل من تسع سنين. والمؤلف رحمه الله اشار الى هذا بقوله فان رأى الدما بدون ذلك فليس بحيض. لانه لم يثبت في الوجود. فذكر ان المستند في هذا التقدير والتحديد هو الوجود. وبعدها اي بعد تسع سنين انصلح فحيض يعني انصلح من حيث الصفة. فان انه يكون حيضا فقيد كونه حيضا بالصلاح. وايد ما ذكره من ان المرجع في ذلك الى العادة بما نقل الشافعي قال الشافعي رأيت جدة لها احدى وعشرون سنة فنقل عن الشافعي ما تعرف به العادة في اقل وهو قوله رأيت جدة لها احدى وعشرين سنة. كيف ذلك؟ اذا اسقطت من عمري هذه المرأة التي قال فيها رأيت جدة لها احدى وعشرين سنة اذا اسقطت مدة الحملين وهو في الغالب عام ونصف وقسمت الباقي بينها وبين ابنتها على اثنين يعني كانت كل واحدة منهما قد حملت بدون عشر سنين. وما دون عشر سنين هو تمام التسع. وقد صرح رحمه الله تحديد التسع للحيض فقال في الام واعجل من سمعت به من النساء نساء تهامة يحضن لتسع سنين يعني لتمام تسع سنين. وانا احمد رواية انه لا حيض قبل ثنتي عشر سنة وقيل انه لا احد لاقل سن الحيض. فالامام احمد عنه روايتان وثمة قول بانه لا حد لاقل سن الحيض وهؤلاء احتجوا بان اسم الحيض الذي علق الله تعالى به احكاما متعددة في الكتاب وكذلك في السنة جاء من غير تقدير لاوله زمانا. واما الاحتجاج بالوجود فان الوجود يتفاوت تفاوتا كثيرا. وهذا يجعله وحجة ضعيفة في التحديد الا انه مما يعبد تحديد سن اقل الحيض بتسع سنين ما نقل عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت اذا بلغت المرأة تسع سنين فهي امرأة. وقريب منه ما نقل عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اتى على الجارية تسع سنين فهي امرأة. هذا ظعيف الاسناد في اسناده نوع جهاد كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية لكنه لم يكن حجة لوحده وانما مع قول الصحابي مع ما جرى به حال غالب النساء. هذا مجموع ما ذكر من الادلة في قول المؤلف رحمه الله لا حيض قبل تسع سنين قوله رحمه الله ولا حيظ بعد خمسين سنة لقول عائشة اذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ذكره احمد ولا فرق بين نساء العرب وغيرهن هذا بيان لوقت انقطاع الحيض وهو ثاني ما ذكره المؤلف مما يتعلق بالاوقات المعلومة للحيض وهو وقت انقطاعه. زمن انقطاعه. ومن حيث الاصل لا خلاف في المذهب ان الحيض له غاية ينتهي اليها وينقطع فيها. هذا في المذهب لا خلاف فيه. وان كانوا قد اختلفوا في الزمن الذي ينتهي فيه الحيض وينقطع. فلا خلاف في ان للحيض بغاية ينقطع اذا بلغتها المرأة. لم تحظ بعدها. ويكون ما تراه من الدم بعد ذلك دم فساد. لان الله تعالى قال واللائي يئسن من المحيض فاثبت اياسا من المحيض ولو امكن ان الحيض لا ينقطع ابدا لم ييأسن ابدا. ولانه جرت العادة ان من كبر سنها انقطع دمها. فاذا وجد شيء خلاف هذا الاصل فان هدم فساد كالصغيرة. وقد ذكر رحمه الله ان السن الذي ينقطع به الحيض عن المرأة اذا بلغته تمام خمسين عاما فما تراه المرأة بعد ذلك من الدم فهو دم فساد واحتج لذلك ما جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها اذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ظاهره انه عام في جميع النساء ولذلك قال المصنف لا فرق بين نساء العرب وغيرهن. والحجة لاستواهن في جميع الاحكام. والتفريط لابد فيه من دليل. والرواية الثانية عن الامام احمد ان اكثر الحيض ستون سنة. لان ما قبل ذلك قد وجد فيه حيض معتاد بنقل النساء وليس ثمة تحديد في الشرع فيرجع فيه الى العادات. وعنه قول ثالث ان عاود الدم بعد الخمسين وتكرر فهو حيض والا فلا. وقيل ان الياس يختلف باختلاف النساء. اه فلسنا فيه على حد واحد. والمراد اية ان اياس كل امرأة من نفاسها لان اليأس ضد الرجاء فاذا كانت المرأة قد ايست من الحيض ولم ترجع فهي ايسة. وان كانت دون الخمسين فلا حد لاكثره. وهذا ما ذهب اليه الشيخ ابن تيمية رحمه الله وهو مذهب ما لك والشافعي. انه لا حد لاكثر الحيض. قوله رحمه الله ولا حيض مع حمل. قال احمد انما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم. فان رأى دما فهو دم فساد. لا تترك العبادة له ولا يمنع زوجها من وطئها. ويستحب ان تغتسل بعد انقطاعه. الا ان تراه قبل ولادتها بيوم او ثلاثة مع امارة فنفاس ولا تنقص به مدته هذا بيان ان ما تراه الحامل من الدم ليس حيضا. اذ الحامل لا تحيض. وحجة ذلك ما نقله عن الامام احمد من ان النساء يعرفن الحمل بانقطاع الدم واستدل له ايضا بما رواه احمد وابو داوود من حديث ابي سعيد مرفوعا في سبي اوطاس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض. فدل على انه لا يجتمع الحمل مع الحيض. وعن احمد ان الحامل تحيض هذا الرواية الثانية عن احمد رحمه الله والحجة في ذلك قوله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض. فعلق الحيض على مجرد وجود الاذى فمتى وجد الاذى ثبت حكمه ولو كانت المرأة حاملا. وقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها اذا رأت الحبل الدم فلتمسك عن الصلاة فانه حيض. فعائشة رضي الله تعالى عنها ترى ان الحامل تحيض وقد صحها الامام احمد ونقل عنها ان الحامل لا تحيض لكن الامام احمد رجح رواية اثبات الحيض في الحمل عن عائشة رضي الله تعالى عنها عنها. اما ما ذكر من ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحيض دليلا على براءة الرحم من الحمل في الاستبراء فاجيب عنه بان النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل انقطاع الحلف دليلا قطعيا على براءة الرحم من الحمل فانه لو كان دليلا قطعيا لما تخلف عنه مدلوله ولكانت اول مدة الحمل من حين انقطاع الحي بل اول المدة من حين الوطء يعني حساب مدة الحمل ليس من حين انقطاع الحيض انما من حين الوطء فلو حاضت بعده عدة حيل حسب مدة الحمل من الوطء. واذا قالوا لو وطئها ثم جاءت بولد لاكثر من ستة اشهر من حين لا من حين انقطاع الحيض فكان الحساب من ايش؟ من الوطء لا من انقطاع الحيض لحقه النسب اتفاقا فعلم بهذا ان لانقطاع الحيض عن المرأة زمن الحمل اغلبي وليس لازما قطعيا. قوله رحمه الله فان رأى دما فهو دم فسادا. رأت الحامل دما فهدم وفساد. ثم ذكر ما ترتب على هذا الدم قال لا تتركوا له العبادة ولا يمنع زوجها من وطئها. فلا يثبت له احكام دم الحيض التي سيأتي بيانها وذكر منها هذين الحكمين انه لا لا تترك العبادة لاجله ولا يمنع زوجها من وطئها قال ويستحب ان تغتسل بعد انقطاعه. وهذا لاجل الخروج من الخلاف. ولازالة ما يمكن ان يعلق في القلب من الشك. وهو على وجه الاستحباب لا على وجه الوجوب وقوله الا ان تراه قبل ولادتها اي الا ان ترى الحامل الدم قبل ولادتها بيومين او مع امارة اي مع امارة الولادة من طلق والم ونحو ذلك. في هذا يكون الدم نفاسا فن ان يأخذوا حكم النفاس مما سيأتي بيانه ولا تنقص به مدته اي مدة النفاس وهي اربعون على المذهب لا يبتدأ حساب المدة من خروج هذا الدم السابق للولادة بيومين او ثلاثة بل بالوظع مدة تحسب بالوظع كما سيأتي. والقول الثاني ان هذا الدم دم فساد. لان دم النفاس هو ما يخرج مع الولادة وبعد تقضيها ولا يلزمها اغتسال له. لان اقل مدة دم الحيض ان يستمر معها يوم وليلة. فاذا كان من ذلك فهو دم فساد وتقدم قبل قليل في دم الفساد انه لا تترك له العبادة ولا يمنع زوجها من وطئها ويستحب ان تغتسل بعد انقطاعه. واستدل المؤلف رحمه الله لما ذكر من ان اقل مدة الحيض يوم وليلة بما ورد عن علي رضي الله تعالى عنه فقال لقول علي والظاهر والله اعلم انه اراد بذلك ما نقل عن علي من انه حصول ثلاث حيض في شهر واحد. كما سيأتي فيما نقله المؤلف رحمه الله. وليس ثمة قول صرح فيه علي ان اقل الحيض يوم وليلة. واما وجه كون ثلاث حيض تدل على في شهر تدل على ان اقل الحيض يوم وليلة فذلك انه اذا كان تكرر الحيض مع المرأة ثلاث مرات في الشهر فيكون يوم وليلة. ثم تطهر وقل مدة الطهر ثلاثة عشر يوم. ثم تحين في كن كمل لها خمسة عشر يوما ثم تطهر واقل الطهر كم؟ ثلاثة عشر يوم ثم تحيض يوم فيكون هذا قد حصل به ثلاث حيض في شهر واحد. وقد ذكر هذا البخاري تعليقا عن علي رضي الله تعالى عنه انه قضى في امرأة ان جاءت ببينة من بطانة اهلها ممن يرضى دينه انها حاضت ثلاث حيض في شهر واحد صدقت وبهذا يتبين ان دليل ما ذكره المؤلف من ان اقل الحيض يوم وليلة هو العرف والعادة والوجود فانه اذا ورد الشرع مطلقا من غير تحديد وليس ثمة حج في اللغة ولا في الشريعة فان ارجع الى العادة في التحديد كما تقدم. وقد وجد حيظ معتاد في يوم وليلة. وقيل انه لا حد لاقل الحيض فان اسم الحيض علق الله به احكاما متعددة ولم يقدر لاقله زمنا والاصل فيه انه مبني على الموجود من طبائع النساء على حسب عاداتهن والنساء مختلفات في وجوده على حسب اختلاف البلدان واختلاف واختلاف الاسنان واختلاف الطباع. بل المرأة الواحدة يختلف ذلك عليها بحسب متغيرات ومؤثرات تحيط بها من حرارة وبرودة واختلاف الزمان والحال من كبر وصغر وبالتالي اذا كان كذلك فان المصير الى الوجود في تحديد اقل الحيض حجة ضعيفة لان الوجود يتفاوت تفاوتا كثيرا ولهذا ذهب الامام مالك رحمه الله الى انه لا حد لاقله واختاره جماعة من الفقهاء فقهاء الحنابلة وقوله رحمه الله واكثره اي اكثر الحيض خمسة عشر يوما بلياليها لقول عطاء رأيت من تحيض خمسة عشر يوما اي ان دمح الحيض لا يتجاوز خمسة عشر يوما. فاذا رأت المرأة دما جاوز خمسة عشر يوما فهو فساد ليس له حكم دم الحيض. هذا ما قرره المؤلف واحتج له بقول عطاء. وقد استدل بعضهم لهذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في نقصان دين المرأة تقعد احداهن شطر عمرها لا تصوم ولا تصلي. قال فالمراد بذلك تركها للصلاة زمن الحيض. والحيض والطهر يجتمعان في الشهر عادة. فالمراد شطر كل شهر للحيض وذلك خمسة عشر يوما. فهذا يدل على ان النصف هو منتهى نقصان دينهم. اذ لو كان اكثر من ذلك لذكره في معرض بيان نقص دينهم. الا ان هذه الرواية لا تصح وقد طعن فيها المحدثون. وبهذا يكون الاعتماد في ذلك على ما حكم من حيض بعظ النساء خاصة. وان اكثره خمسة عشر يوما بلياليها وعنه الامام احمد ان اكثره سبعة عشر يوما وهذا كسابقه اي انه لم يأتي به نص صريح والاول احتج له بما تقدم من حجج وهو الغالب في احوال النساء. قوله وغالبه اي غالب الحيض ست ليال بايامها او وسبع ليال بايامها اي ان غالب مدة الحيض عند النساء ستة ايام او سبعة وهذا بالاتفاق لا خلاف بين العلماء فيه ودليله ما في قصة حملة بنت جحش وهي احدى المستحبات زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم تحيظي في علم الله ستا او سبعا. قوله رحمه الله واقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما واحتج احمد بما روي عن علي ان امرأة جاءته وقد طلقها زوجها فزعمت انها حاضت في شهرين ثلاث حيض فقال تعلي لشريح قل فيها. فقال شريحين جاءت ببينة من بطانة اهلها. ممن يرجى دينه وامانته فشهدت بذلك والا فهي كاذبة. قال علي رضي الله تعالى عنه قالون اي جيد بالرومية. اي ان اقل مدة الطهر بين الحيضتين اي مدة انقطاع الداء ام ثلاثة عشر يوما واحتج بما نقل عن علي رضي الله تعالى عنه ووجه الاحتجاج بهذا ان هذا لا يقوله علي رضي الله تعالى عنه الا توقيفا ولانه قول صحابي انتشر ولم يعلم خلافه فكان حجة في ان اقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما. وعن احمد ان قل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوما وهو قول الجمهور من حنفية والمالكية والشافعية واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم في نقصان دين المرأة تقعد احداهما هن شطر الدهر لها تصوم ولا تصلي. والشطر النصف. وهذا يدل على ان اقل الطهر خمسة عشر يوما. اذ لو كان اقل من ذلك لذكره لانه الغاية في نقصان الدين. وقد تقدم بيان ضعف هذه الرواية وانه لا يحتج بها. وعن احمد رحمه الله رواية انه لا حد لاقل الطهر بين الحيضتين. وهذا القول اقرب الى الصواب. لان المرجع في ذلك الى الوجود والعادة وان الاصل فيما تراه المرأة من الدم انه حي. فاذا جاء فيما دون ذلك فالاصل انه حيض ليقوم الدليل على انه ليس بحيض. وقوله رحمه الله ولا حد لاكثره. اي اكثر الطهر بين الحيضتين. لانه قد وجد من لا تحيض اصلا لكن غالبه بقية الشهر. وهذا بالاجماع. لا خلاف بين اهل العلم في انه لا احد تري الطهر بين الحيبتين والحجة لهذا ان التحديد من الشرع ولم يرد به نص ووجود من لا تحيض اصلا مشاهد وبالتالي لا حدا لاكثر الطهر بين الحيضتين وغالب الطهر اي السلامة من الحيض في الشهر ثلاثة وعشرون يوما واربعة وعشرون يوما هذا الغالب على اختلاف احواله قال الانسان ثلاثة وعشرون او اربعة وعشرون بناء على ان الغالب ان في كل شهر حيضا وطهرا. فالشهر يجمع الحيض والطهر فغالب الحيض ستة ايام او سبعة وبقية الشهر طهر وهو ثلاثة وعشرون يوما او اربعة وعشرون يوما ثم قال المؤلف رحمه الله بعد ما مضى من بيان الاوقات المعلومة المتصلة بالحيض قال والطهر زمن الحيض بخلوص النقاء بالا تتغير معه قطنة احتشت بها. اي ان المرأة لو انقطع عنها دم الحيض في ايامه المعتادة وطهرت اثناءه بان حصل لها النقاء الخالص من الدم وذلك بالا تتغير قطنة احتشت بها فانها تكون طاهرا حينئذ. فمن كانت عادتها مثلا ستا او سبعا وطهرت ثلاثة ايام واغتسلت فانها تكون طاهرا ولا يكره وطؤها. لان الله تعالى وصف الحيض بكونه اذى فاذا انقطع الاذى واغتسلت فقد زال. واذا زال الاذى زال حكمه. ثم بعد ذلك انتقل المؤلف رحمه الله بعد ذكر ما يتصل بالاوقات المعلومة في الحيض الى ما يترتب على الحيض من الاحكام الفقهية سواء كان مما يتعلق بالطهارة او يتعلق بغيرها. فقال وتقضي الحائض الصوم لا الصلاة اجماعا. وهذه مجموعة مسائل بدأها بذكر الصلاة واتبعها بذكر جملة من المسائل المتصلة بالاحكام. احكام الحائض. نقف على هذا يا شيخ. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد