الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين رب العالمين. لا اله الا هو الرحيم. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه. ومن اتبع سنته واختفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فالله عز وجل قال في محكم كتابه يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا والاساءة واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام. ان الله كان عليكم رقيبا. فامر الله تعالى بتقواه وبين ان مبدأ الخليقة كان من نفس واحدة وهي نفس ابينا ادم عليه السلام الذي خلقه الله بيده ثم نشأ منه زوجه حواء ثم خلق منهما وبث منهما خلقا كثيرا. الذي خلقكم لنفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء فاتقوا الله الذي تساءلون به والارحام. وان الله عز وجل بين في محكم كتابه كل ما يصلح به حال الناس في امر معاشهم وفي امر معادهم. بين الله تعالى ذلك تفصيلا كما قال جل في علاه ما فرطنا في الكتاب من شيء. وكما قال سبحانه وبحمده تبيانا لكل شيء فبين الله ما يحتاج اليه الخلق مما تصلح به دنياهم واما تصلح به اخراهم وكان مما بينه جل في علاه وجلاه وبين ووضح ما يتعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة فقد تفضل الله تعالى على بني ادم بان خلق لهم من انفسهم ازواجا وجعلوا ذلك من اياته وجعل بينهما مودة ورحمة وجعلهما سكنا وجعل احدهما لباسا للاخر يستره ويواريه ويقوم بشأنه ويحفظه. فاقام تلك العلاقة بين الرجل والمرأة على نحو من الفة والانسجام والتوافق والتقارب ما يحقق مصالح عدة منها بقاء الجنس واستمرار بني ادم ولله في ذلك حكم. وقد بين شرعنا كيف يكون الارتباط بين الرجل والمرأة؟ كما بين بالتفصيل. كيف يتم الانفصال والفراق. جاء ذلك على وجه من بيان والتفصيل في عديدة من كلام ربنا جل في علاه سبحانه وبحمده. ومنه ما جاء في سورة البقرة. فان الله من احكام الارتباط والفراق النكاح والطلاق ما بينه في سورة البقرة سورة لاحكام كثيرة تصلح بها دنيا الناس واخراهم. وخص الطلاق بصورة افتتحها بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدة بهن واحصن عدة واتقوا الله ربكم الى اخر ما ذكر الله عز وجل في سورة الطلاق من الاحكام المتعلقة بالطلاق فالارتباط بين الزوجين له من الاحكام ما ينبغي ان يراعى ويعتنى به. كما ان الفراق بين الزوجين له احكام. ينبغي ان تراعى وحدود ينبغي ان تحفظ. فانه ليس منها العدل ولا من الشرع ان يكون الارتباط خبط عشواء كما يكون الفراق على اي نحو وقع دون مراعاة لحدود الله وشعائره. بل ان الشريعة عظمت ذلك غاية التعظيم منه غاية التحذير ونهت عنه عن اهماله وعن عدم اقامته على الوجه المشروع في ايات كثيرة ومما ذكره الله تعالى في هذا الشأن ما اخبر به جل في علاه في سورة الطلاق والامام البخاري رحمه الله نقل شيئا من ما يتصل بذلك في هذه العلاقة بين الزوجين ابتداء بذكر ما يصلح به وصل بين الرجل والمرأة. وكيف يكون الاتصال بينهما؟ بتفصيل بين واضح ثم انتقل البحث والبيان الى احكام الطلاق بالتفصيل. فنقرأ ما جاء في ايات سورة البقرة من هذا الشأن ثم نقف على ما يسر الله تعالى من تعليق على ما ذكره الامام البخاري رحمه الله بسم الله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنوا ولا امة مؤمنة مشركة ولو احجبت حتى ولو اعجبهم والله مفعول ويبين آياته ويسألونك عن ولا تقربوا الله ان الله يحب التوابين المتطهرين نساء واتقوا الله وبشر المؤمنين هذه الايات الكريمات هي مبدأ ما ذكره الله تعالى في سورة البقرة مما يتصل باحكام هذا العقد وهو عقد النكاح. وما يحله وهو الطلاق قال الله جل وعلا ولا تنكحوا المشركات. فنهى الله تعالى المؤمنين عن نكاح المشركات. والمشركات عند الاطلاق يصدق على كل من لم يؤمن بالله ورسوله. فيشمل الوثنيات وهن اللواتي يعبدن الاصنام او غير ذلك من المعبودات ويشمل اهل الكتاب ايضا فان اهل الكتاب اذا اطلق الشرك شملهم كما ان واذا اطلق الكفر عم اهل الكتاب وغيرهم. يقول جل وعلا في سورة البينة لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين. منفكين حتى تأتيهم البينة. فجمعهما في في بمسمى واحد وهو الكفر لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين. حتى تأتيهم البينة التي تدل على صدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فالشرك والكفر اسمان عندما ينفرد كل واحد منهما يشمل الاخر. واذا اجتمعا صار الكفر اعم من الشرك. صار الكفر اعم من الشرك. لان الشرك صورة منصور الكفر واما الكفر فيكون بالشرك ويكون بجحود اصل من اصول الايمان كانكار الملائكة انكار اليوم الاخر انكار القدر وما اشبه ذلك مما يقع بسبب الانسان في الكفر فالكفر دائرة اوسع من الشرك فقوله جل وعلا ولا تنكحوا المشركات على هذا الاطلاق يشمل كل كافرة. فقوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنن اي حتى يسلمن. ويدخلن في الاسلام الايمان هنا المراد به الاسلام وهو نطق الشهادتين. وقد اخرج الله تعالى نساء اهل الكتاب من هذا العموم بقوله اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم اذا اتيتموهن اجورهن. الاية فان الله تعالى احل نساء اهل الكتاب لاهل الايمان. شريطة ان يكن محصنات اي عفيفات عن الزنا غير متورطات في البغاء. فان كنا زوان او كن بغايا فانه لا يحل للمسلم ان ينكحها مهما كانت. سواء كانت مشركة او كانت من اهل الكتاب ان كانت مشركة فانه فانها ولو كانت عفيفة لا يحل نكاحها لعموم قوله ولا تنكح مشركات اذا قول ولا تنكح المشركات عام في الاصل يشمل نساء الوثنيين والملحدين الذين لا يؤمنون برب واهل الكتاب الذي اخرج نساء اهل الكتاب من هذا العموم اية في سورة المائدة وهي قوله والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم اذا اتيتموهن اجورهن احل الله تعالى المحصنات من اهل الكتاب واهل الكتاب المراد بهم اليهود والنصارى. على ان نكاح هذا الصنف من الناس مما كرهه جماعة من اهل العلم. فكان ابن عمر ينهى عنه ويقول اي شرك اعظم من انها تقول عيسى ربها فعد ذلك من الشرك الذي يمنع نكاحها. وكأنه رضي الله تعالى عنه رأى ان الاية في صنف من اهل الكتاب الذين لا يؤلهون عيسى ويدعون انه رب العالمين او انه ثالث ثلاثة وعلى كل حال جماهير علماء الامة بل حكي الاجماع على جواز نكاح الكتابية الا ان هذا مقيد بقيد وهو الا يكون في ذلك فتنة للانسان او ظياع لاولاده وهذا يغيب ويغفل عنه كثير من الناس تجد لا سيما من يعيش في بلاد الغرب او يعيش في بلاد فيها كفار من اهل الكتاب لا يبالي يتزوج ولا يبالي بعقبه ثم يقع ان يفترق هو واياها فيكون الولد لها الحضانة في تلك البلاد او بحكم النظام او ما الى ذلك من الوقائع التي تجعل الحق في ذلك للام ولا يراعى فيه ان الابناء يتبعون دين ابيهم. فاذا كان كذلك فينبغي ان يحذر الانسان من الزواج من الكتابية لان هذا سيفضي الى ان يكون اولاده على دينها وفي هذا خطر عظيم فكلام الفقهاء فيما يتصل بنكاح الكتابية هو محمول على ما اذا كان الانسان يأمن وعلى نفسه الفتنة ويأمن على عقبه من ان يلحقوا باهل الكفر. اما اذا كان لا يعمل ذلك فينبغي ان يتجافى عن هذا وان يبعد نفسه. قال تعالى ولك تنكح المشركات حتى يؤمنوا. ثم قال جل وعلا ولا امة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبكم. ولا امة الامة هي الجارية. الرقيق. خير من مشركة اي ولو كانت حرة ولو اعجبتكم يعني ولو كانت على صفات واحوال تجلبكم وتميل بكم اليها. فان وصف الايمان اذا وضع في كفة ووظع بقية الصفات في كفة رجح وسط الايمان. ولهذا فيما رواه الشيخان عن حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تنكح المرأة لاربع لمالها ولنسبها او لحسبها ولجمالها ولدينها ثم قال صلى الله عليه وسلم فاظفر ذات الدين تربت يداك يعني ان لم تفز بذات الدين صاحبة الاستقامة القيام بشرع الله فقد تربت يداك وتربت يداك معناها خلت من الكسب وخسرت ولم تربح. هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم تربت يداك وهو اعلان ان من لم يفز بذات الدين فلو فاز ببقية الصفات الا انه خاسر خاسر في والمآل والمستقبل. لان ذات الدين تحفظه في في نفسها وماله وولده تقوم على تربية اولاده على احسن ما يكون. فينفعه هذا في دنياه وفي اخراه. اما غير ذات الدين فمهما كانت جمالا ومهما كانت نسبا او حسبا ومهما كانت اه مالا في كل صفاته هي في الحقيقة صفات غير اصل في استقامة الحياة الزوجية. اما الدين فهو في استقامة في استقامة الحياة الزوجية. فانها تحفظك تصلح حالك وتقوم على شأنك وولدك ولذلك قال فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله اثنى الله عليهن بحفظ ازواجهن في الغيبة بما وليس فقط الحفظ حفظ انفسهم بل حفظه في نفسه وفي ماله وفي ولده وفي كل شأنه. وهذا مكسب عظيم لا يوازيه وهذا من معاني قوله جل وعلا ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ثم عاد الخطاب الى اهل الايمان قال ولا تنكحوا المشركين. اي لا تزوجوا المشركين والمشركون هنا المراد بهم صنفان من الناس الوثنيون والملحدون الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر او يعبدون مع الله غيره واهل الكتاب. فقوله ولا تنكحوا المشركين يشمل المشركين بعبادة غير الله ويدخل فيهم اهل الكتاب من اليهود والنصارى. فالاجماع منعقد لا خلاف العلماء انه لا يجوز لرجل ان يزوج موليته كتابيا وهذا مما خالف في حكم الرجال فيما يتعلق النكاح حكم حكم الرجال حكم النساء في هذا الباب انه يجوز للرجل ان يتزوج المرأة الكتابية على نحو ما تقدم بيانه وايضاحه ولا يجوز للمرأة ان زوج رجلا كافرا سواء كان مشركا او كان كتابيا. والدليل على هذا قوله تعالى تنكح المشركين حتى يؤمنوا. والمشركون هنا هم الوثنيون والملحدون وكل من لم يؤمن عز وجل ولم يؤمن برسوله سواء كان وثنيا او ملحدا او كان كتابيا. فلا لمسلم ان يزوج موليته يهوديا ولا نصرانيا. لا يقاس حل زواج الرجل المسلم بالمرأة الكتابية زواج الكتابي على المرأة المسلمة والسبب في هذا ما هو؟ السبب في هذا ان ان تأثر المرأة بزوجها اقوى من تأثر الرجل بامرأته. فان المرأة منقادة ثم هي وهي تابعة في الغالب. ولذلك كان النهي غير مخصوص في قول ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ثم قال جل وعلا والعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم. فمهما اعجبك في المشرك الصفات والخصال والخلال العبد المؤمن خير من المشرك ولا مقارنة ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الصفات التي تطلب في الزوج اذا تقدم للمرأة اذا اتاكم من دينه وامانته فزوجوه. دينه امانته. ولا يكون مرضي الدين والامانة الا من كان على الكتاب والسنة قائما بما فرض الله منتهيا عما نهى الله تعالى عنه. والمشرك و الكتابي غير غير مرضي الدين. غير مرضي الدين فلذلك لا يزوج. فهذا مصداق قول الله تعالى والعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم. وقد قال الله تعالى وان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله في الحث على تزويج الفقير اذا كان مستقيما في دينه. وقائما بحق الله عز وجل ثم قال جل وعلا اولئك يدعون الى النار. هذا بيان الحكمة من النهي لماذا نهى الله تعالى عن نكاح المشركات وعن النكاح المشركين لماذا؟ قال اولئك اي الذين نهيناكم عن حصول النكاح بينكم وبينهم. اولئك يدعون الى النار اي يزينون طريق النار هم يدعون الى النار بشركهم وكفرهم حتى لو لم يتكلموا حتى لو لم يدعوا غيرهم بقولهم كفر بالله شرك بالله عز وجل في حد ذاته هو دعوة الى النار اولئك يدعون الى النار ثم بين الله تعالى امرا عظيما في ما يدعو اليه قال والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه. والله يدعو اي لما شرع لكم هذا فنهاكم عن عن نكاح المشركين ونهى ان الرجال عن نكاح المشركات هو في هذا يدعوكم الى الجنة. يدعوكم الى ما يوصلكم اليها فالدعاء الى الجنة يقتضي تمهيد الطريق للوصول اليه وليس من الطريق الموصل الى الجنة ان يسلك الانسان المسالك المبعدة له عن طريقها بمصاحبة اهل النار. واي صحبة اعظم من صحبة الزوج او الزوجة هي صحبة لا تقارنها صحبة لمعاشرة الانسان وقربه ودوام اختلاطه واطلاعه على خصائصه واسراره فلا شك ان هذا من المقاربة العظيمة التي يخشى فيها على صاحبها ان يكون متأثرا بسوء او شر. فعلل الله تعالى هذا النهي بان هؤلاء الى النار والله انما نهى عن هذا لانه يدعونا جل في علاه الى الجنة. دار السلام والمغفرة التي يتقي بها الانسان النار. فذكر الله تعالى انه يدعو الى الجنة وهي دار النعيم الكامل. التي اعد الله تعالى فيها لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وذكر المغفرة لان المغفرة هي التي تقي النار واذا بلغك الله الجنة ووقاك النار فقد فزت فوزا عظيما. قال الله تعالى فمن زحزح عن النار وادخل الجنة ايش؟ فقد فاز هذا اعظم فوز نسأل الله ان يجعلنا واياكم من الفائزين. الفوز العظيم ان ينقلك الله تعالى ان يسلمك الله من النار ويدخلك الجنة. ولذلك ذكر الله تعالى في علة هذا الحكم هذا الامر حتى ان التناكح بين مختلف الديانة من المشركين والكفار من موجبات الهلاك مما يقارب فيه الانسان مواقعة المغاضب التي توقعه وتورده في المهالك. قال الله تعالى اولئك يدعون الى النار والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه اي بامره وقضائه جل وعلا ثم قال ويبين اياته للناس لعلهم يتذكرون. من رحمته بعباده انه يبين اياته. والبيان هنا يشتمل على امور. من البيان التعريف بالاحكام من بيان ايات الله وضوح احكام الشريعة. من بيان ايات الله حكمها وغاياتها واسرارها فان بيان حكم الله وبيان حكمته مما تنشرح له وتقبل عليه النفوس وتتحمس له الارواح. ولذلك في هذه السورة ذكر الله حكما علته ذكر حكما وذكر حكمته ذكر حكما وذكر السر الذي من اجله شرع هذا الحكم وهذا من بيان اياته جل في علاه. قال جل وعلا ويبين اياته للناس لعلهم اي رجاء ان يتذكروا فيعتبروا لعلهم يتذكرون يتذكرون ما ينفعهم وما يضرهم فيقبلون على ما ينفع ويتركون ما يضر. بعد هذا ذكر الله تعالى مسألة سألها اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وتولى الله جل وعلا الاجابة عنها. فقال ويسألونك عن المحيض وهذا مما يفصل فيه احكام النكاح. قال ويسألونك عن المحيض فجاء الجواب مختصرا. قل هو اذى المقصود به الحيض وهو دم طبيعي يخرج مع المرأة او يخرج من المرأة في ايام معدودة على صفة معدودة وهو دم جبلة. كتبه الله تعالى على بنات ادم كما قال قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو مختلف عن سائر ما يمكن ان يكون مع المرأة من دماء من نفاس او استحاضة او ما الى ذلك في صفته وسببه فهو دم يرخيه الرحم دم جبلة يأتي في ايام معدودة على نحو هو المخصوص تعرفه المرأة. قال الله تعالى قل هو اذى. فلم يعرفه الله عز وجل باكثر مما بينه في هنا هو اذى. وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في تعريفه لدم الحيض قال داو اسود يعرف هكذا عرفه النبي صلى الله عليه وسلم في بعض احاديثه صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد ذلك قال في بيان الاحكام المترتبة على الحيض تعتزل النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن. فاعتزلوا النساء اي اجتنبوهن اجتناب هنا المقصود به اجتناب الاستمتاع في موضع الحيض. وليس الاجتناب الكلي الذي يقتضي المخالطة وعدم المعايشة وعدم المباشرة فان هذا ليس مرادا ويبين ذلك فعله صلوات الله وسلامه عليه فانه كان يقرأ القرآن ورأسه في حجر عائشة وهي حائض. يقرأ القرآن ورأسه صلى الله عليه وسلم في رأسه عائشة اي نائم على حجرها رضي الله تعالى عنها وهي حائض. فلم يكن الاعتزال تأمر به هنا الاعتزال الكلي الذي كانت تفعله اليهود من انهم يخرجون المرأة من البيوت اذا حاضت بل المقصود الاعتدال هنا ما بينه الله تعالى في قوله فاعتزلوا النساء في المحيض ليس المقصود في المحيض اي في مدته انما في موضعه اي في موضع الحيض وهو الفرج ولذلك كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأمر ازواجه اذا ارادهن فيما يريد الرجل امرأته بالاتزار فيباشرهن. وهذا يدل على ان الاعتزال المقصود به لتجنب اتيان المرأة في موضع الحيض. اما بقية المعاشرة من حديث خالط اوجه اخرى للاستمتاع كل ذلك لم لم يمنعه الله عز وجل فلا يدخل في قوله النساء في المحيض فان الاعتزال بينه بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وقد جاء في صحيح الامام مسلم من حديث انه قال صلى الله عليه وسلم اصنعوا كل شيء الا النكاح يعني الا الجماع في موضع الحيض. قال الله تعالى ولا تقربوهن حتى هذا المنع ما امده؟ ما مدته؟ قال حتى يطهرن. ومعنى يطهرن ان ان ينقطع عنهن الاذى الذي قال فيه تعالى قل هو اذى. حتى يطهر اي ينقطع هذا الاذى. ثم فاذا تطهرنا اي فاذا اغتسلنا ولم يقل جل وعلا حتى يطهرن فاذا طهرن انما قال فاذا تطهرن دل هذا على انه لا يجوز للرجل ان يستمتع بزوجته في موضع الحيض ولم تتطهر بعد محيضها بل لا بد من الاغتسال المعهود الذي بينته السنة فيما يتعلق الغسل من الحيض قبل ان تعتزلهن في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فاذا تطهرن فاتوهن من حيث امركم الله اي من حيث شرع لكم فالامر هنا المقصود التشريع وليس الامر امر الايجاب. ثم قال تعالى ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. ان الله يحب التوابين اي يحب الذين يكثرون من التوبة. وذكر التوبة هنا في هذا السؤال لان الانسان عرضة لمواقعة المعاصي عرضة لمخالفة الاوامر فكل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم