ما دام قلبه مطمئن به فلا يظره وهذا من رحمة الله عز وجل فاتقوا الله ما استطعتم ما امرتكم به من امر فاتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا قوله رحمه الله او اكراه او اكراه وخوف هلاك هذا بيان لمعنى الاكراه قال فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع تخلف العمل ظاهرا يعني انه لا يترجم عما في قلبه لا شك ان عمل الموقن لن يكون كعمل من دونه في مراتب الايمان ولهذا يقول رحمه الله واليقين قلب الايمان ولبه. ثم قال وكل عمل لا يزيد الايمان وكل علم وعمل لا يزيد بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد فقال ابن القيم رحمه الله تعالى قال في كتابه الفوائد قال قاعدة الايمان له ظاهر وباطن. وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته فلا ينفع ظاهر لا باطن له. وان حقن به الدماء وعصم به المال والذرية ولا يجزئ باطن لا ظاهر له الا اذا تعذر بعجز او اكراه وخوف هلاك فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوه من الايمان ونقصه دليل نقصه وقوته دليل قوته. فالايمان قلب الاسلام ولبه. واليقين قلب الايمان ولبه. وكل علم وعمل لا يزيد الايمان واليقين قوة فمدقول. وكل ايمان لا يبعث على العمل فمدخول. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. هذه القاعدة من كلام المؤلف في غاية الاهمية هي مما يتعلق ببيان حقيقة الايمان وهي قضية حصل فيها التباس واشتباه على طوائف عدة من اهل القبلة وفيها طرفان ووسط طرفان من يجعل الايمان اه مجرد المعرفة و يجعل الايمان فيما يتصل اقرأ على القلب وتصديقه دون دخول شيء من العمل ويقابلهم من يجعل الايمان والعمل شيئا واحدا فاذا نقص العمل زال الايمان بالكلية وهم المرجئة في جانب والخوارج في جانب اخر فالخوارج يكفرون بالكبائر والمرجئة يقول لا يظر مع الايمان معصية فيخرجون الاعمال عن مسمى الايمان يقول المؤلف رحمه الله الايمان له ظاهر وباطن وهو معنى ما ذكره السلف في تعريف الايمان حيث قالوا الايمان قول وعمل قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح وهذا معنى قوله ظاهر وباطن فالظاهر هو قول اللسان وعمل الجوارح والباطن هو قول القلب وعمل القلب قول القلب اخلاصه وتصديقه و عمله المحبة والخوف والرجاء والتوكل وسائر ما يكون من اعمال القلوب ولا يتحقق الايمان الا باجتماع هذا كله ومن ابرز الادلة على هذه القاعدة الكبرى من قواعد الدين وهي معرفة حقيقة الايمان ما جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وهذا قول اللسان المبين لعقد القلب وادناها اماطة الاذى عن الطريق وهذا عمل بالجوارح والحياء شعبة من الايمان والحياء عمل قلبي وبه يعلم ان الايمان قول وعمل كما ذكر الائمة و سلف الامة وما ضل من ظل الا في في مسائل الايمان الا من عدم ادراك هذه الحقيقة وهذا الجمع الذي دلت عليه النصوص وذكر العمل مع الايمان في مواضع من الكتاب وايات القرآن لا ينفي هذه الحقيقة فان الله يعطي في الايمان يعطف العمل على الايمان وهو من باب عطف البعض على الكل وانما ينص عليه لتبيين ان الايمان يستلزم العمل. ان الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمة مال ود فالعمل قرين الايمان الايمان اقرار القلب وتصديقه و وهو يستلزم امرين اذعان للاحكام وقبول للاخبار ولهذا التعريف الجامع للايمان انه الاقرار المستلزم للاذعان والقبول المستلزم للاذعان عمل وهو انقياد للاحكام بقبولها والعمل بها و قبول للاخبار وهو جري على ما دلت عليه من المعاني بالاقرار بها وتصديقها يقول الايمان له ظاهر وباطن. يقول في بيان ظاهره قال وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح كما تقدم وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته وهو قوله وعمله لما تبين معنى الايمان وبين حقيقة الايمان التي ظل فيها من ظل قال فلا ينفع ظاهر لا باطن له وهو ايمان من المنافقين ظاهر لا باطن له ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم فهؤلاء ظهر منهم ما عصم دماءهم واموالهم لكن خلت قلوبهم من حقيقته فلا ينفعهم ذلك بل هم في الدرك الاسفل من النار كما قال الله تعالى ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار. في الدنيا تجري عليهم احكام الاسلام تعصم دماءهم واموالهم. اما في الاخرة فان الله تعالى مطلع على مكنون الظمائر وخفي السرائر يوم تبلى السرائر فتظهر مكنونات الظمائر فالسر عنده علانية يوم تبيض وجوه وتسود وجوه بيضاضها واسودادها انما هو بما اكنته من الايمان والتصديق وصالح العمل من المحبة والخوف والرجاء وغير ذلك من اعمال القلوب فقوله فلا ينفع ظاهر لا باطن له وان حقن به الدماء وعصى وان حقن به الدماء وعصم به المال والذرية قال ولا يجزئ باطن لا ظاهر له لا يجزئ يعني لا يكفي ولا يغني باطن لا ظاهر له يعني لا ثمرة له في القول وفي الاعمال لكن لما شف فارق قال لا ينفع ظاهر ولكن فيما يتعلق بالعكس ان يكون الباطن فيه ايمان قال لا يجزئ يعني لا يكفي فمن توهم ان ايمان القلب دون العمل ينجيه فهو واهم لانه لا يجزئ ولا يكفي ولا يغني ايمان في القلب لا يترجم في العمل لكن من رحمة الله انه عفا عما لا يقدر عليه الانسان. ولذلك قال الا اذا تعذر تعذر اظهار الباطن يعني وجد ما يمنع من اظهار ما في القلب من ايمان فهنا لا يؤاخذ به الانسان كما قال الله تعالى من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان هذا اكره فمنع من اظهار الايمان والتوحيد والاسلام لكن قلبه يقول قلبه مطمئن بالايمان مطمئن يعني قد قر فيه الايمان من الشيء هو النازل. فالايمان قد نزل قلبه واستقر فيه لكن حيل بينهم وبين اظهار ذلك اما بوعيد او عقاب او عذاب او غير ذلك مما يندرج في الاكراه الذي يعذر به الانسان من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن منشرح بالكفر صدره فهذا عنده باطن هل اجزاه او اغناه؟ نعم متى لما تعذر عليه اظهار الايمان ولذلك قال ولا يجزئ باطن لا ظاهر له الا اذا تعذر اوجه التعذر قال بعجز ما يقدر يظهر ايمانه لا يستطيع اظهار الايمان او اكراه او اكراه اكراه يعني اجبار على عدم الاظهار. طبعا المقصود لا ظاهر له العمل كله سواء كان قوليا او عمليا فكل ما عجز الانسان عن اظهاره من العمل ظاهرا مع عدم المانع ما في ما يمنع دليل على فساد الباطل. فالذي تقوله صل قل الايمان في القلب وهو ليس ثمة ما يمنعه من ان يصلي يقال له صح الامام في القلب ولو كان في قلبك ايمان لما تخلفت عن ما امرك به الله من الصلاة لكن ما ما في قلبك ايمان يحملك على الصلاة فهذه الدعوة التي يدعيها بعض الناس من ان الايمان في القلب حق اريد به باطل وهو ليس حجة له بل هو حجة عليه وهذه قاعدة نفيسة كل من استدل بحق على باطل كان رد الباطل الذي استدل عليه بالحق الذي استدل به على باطله وهذا من يعني قوة هذا الدين عظيم حجته انه من يأتي مستدلا على باطل بحق لو وعى وابصر لرأى ابطال باطله بالحق الذي استدل به. فهذا الذي يقول الايمان بالقلب وانا ما اصلي. الايمان بالقلب وهو يشرب الخمر الايمان بالقلب وهو يزني الايمان بالقلب وهو مسرف يقال له يا اخي اتق الله ما ندم يقول الايمان في القلب ما عليك الايمان في القلب الايمان ها هنا التقوى ها هنا استدل بقول النبي التقوى ها نعم صح التقوى ها هنا لكن لما خلا ما ها هنا من التقوى والايمان تعطل العمل فلم يظهر له اثر نسأل الله ان يحسن العاقبة. قال فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع يعني الذي يمنعه من عجز او اكراه وخوف هلاك دليل على فساد الباطل وخلوه من الايمان ونقصه اي نقص العمل الظاهر دليل نقصه وقوته قوة العمل الظاهر دليل قوته دليل قوته وهذا لا ينتقض بالنفاق لانه نحن نتكلم عن الظواهر في الدنيا اما الله فهو يعلم السر واخفى لكن فيما يتعلق بدلائل الظواهر او ما تجري عليه احكام الدنيا فهي على ما ظهر من الاعمال. قال فالايمان قلب الاسلام. الايمان قلب الاسلام قلبه يعني باطنه هذا معناه قول الايمان قلب الاسلام ولبه حقيقته فالايمان عمل الباطن والاسلام عمل الظاهر. يدل لهذا حديث حديث ابن عمر عن عمر في مجيء جبريل وسؤاله عن الاسلام والايمان والاحسان قال الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت قال صدقت. قال عجبنا له يسأله ويصدقه. قال ما الايمان قال الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره انظر في هذا هذين الجوابين الاسلام هو عمل الظاهر والايمان هو عمل الباطن عمل القلب وهذا ما اشار اليه في قوله فالايمان قلب الاسلام ولبه اذ الصلاة والحج والصوم والزكاة بلا ايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله لا قيمة له لا ينفعه بل هو عمل المنافقين. قال واليقين قلب الايمان ولبه. هذي مراتب. اليقين اعلى درجات الايمان وهو ان يصدق الانسان تصديقا لا يتخلله لا يتخلله ريب اعلى مراتب العلم اليقين الان ما لون هذا الكتاب احمر هذا علم ولا لا العلم بلون الكتاب انه احمر معرفتنا الكتاب علم مرتبة هذا العلم بالنسبة لمن يشاهد الان اللي يدرك الالوان يقين لانه ما في الا احمر يقين بمعنى انه لا يقبل النقاش تمام هذا اعلى درجات العلم وهو اليقين الذي لا يتخلله ريب لكن لو انزلت هذا الكتاب وقلت لكم ثمة كتاب ليس بابيض ولا اسود وجبت هالالوان كلها وتركت الاحمر فمعه لون الكتاب اجاب مدرك للالوان قال احمر علمه ايش درجة علمه هل هي يقين؟ ولا في احتمال انه يصير مموه بين هالالوان هل هو في درجة العلم كما لو قلت لكم ما لون هذا الكتاب احمر يقين هذا يقين لانك تبصره فهو قد بلغ في العلم غايته ومنتهى. ما فوق العلم بهذا شيء اذا اليقين هو اعلى درجات الايمان. الايمان ان تؤمن بالله وملائكته لكن الناس يتفاوتون في قدر ايمانهم بهذه الاصول ليسوا على درجة واحدة في الايمان. ولذلك تتفاوت قلوبهم في الصلاح وتتفاوت اعمالهم في الصلاح بناء على ما في قلوبهم من اليقين وكلما يزداد الانسان يقينا بما يجب الايمان به ازداد صلاحا في عمله اللي يوقن ان ثمة قيامة وانه سيقف بين يدي بين يدي الله فرق يوقن بان يعلم او يؤمن يؤمن لمن درجاته يؤمن انه فيه قيام اما لكنه تشغله اشياء وتذهله اشياء ويضعف يقينه. لكن الذي يوقن يقين تام كما لو يبصر الشيء واليقين قوة فمدخول. هذه قاعدة في غاية الاهمية تحكم بها على كل ما تأتي وتذر من العلم والعمل. كل علم تتعلمه وكل عمل تعمله لا تزداد به ايمانا ويقينا ويقوى به ايمانك ويقينك فتأمله فهو مدخول وهو مدخول اما من جهة النية والقصد واما من جهة نوع العلم انه ما هو مفيد ما هو نافع واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم اني اسألك علما نافعا وقال اعوذ بك من علم لا ينفع لانه مو بكل علم يزداد يقين ويزداد به ايمان فاذا كانما تشتغل به من علم او ما تشتغل بهم العمل لا يزيد ايمانك ويقينك قوة فتأمله راجع مدخول اما من جهة القصد فثمة ظعف في القصد والارادة والنية واما من جهة موضوع العلم ونوعه فتحتاج الى مراجعة وكل ايمان لا يبعث على العمل فمدخول كل ايمان لا يحمل انسان على صالح الاعمال فهو مدخول يحتاج الى مراجعة وتصحيح حتى ينتج الصالح من العمل اسأل الله ان يرزقنا واياكم اليقين وان يسلك بنا سبيل الصالحين ويوفقنا الى ما يحب ويرضى من الاعمال نعم قال رحمه الله قاعدة التوكل على الله نوعان احدهما توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية او دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية والثاني التوكل عليه في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الايمان واليقين والجهاد والدعوة اليه وبين النوعين من الفضل ما لا يحصيه الا الله طيب هذان النوعان من التوكل بالنظر الى متعلق التوكل موضوع التوكل في ايش توكلت متعلق التوكل وموضوعه من الناس من يتوكل على الله عز وجل في رزقه وكسبه ورزق اولاده وقوت بدنه وهذا عمل صالح لكن هذا العمل يشترك فيه كل الخلق فلا يميز بين يعني التمايز فيه بين الناس بين الخلق هو بقدر حضوره في اذهانهم. قد يكون الحيوان اعظم توكلا من الانسان لذلك قال لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا فارغة البطون جائعة وتعود بطانا وتروح بطانا ترجع وقد شبعت وامتلأت بطونها خماص جمع خميس فارغ البطن جائع وبطانجة من بطين مليء البطن شبعان فالطير صار قدوة في التوكل ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء في صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة يدخل الجنة اقوام افئدتهم كافئدة الطير رواه مسلم. افئدتهم كافئدة الطير قالوا في التوكل فهذا التوكل حتى عند الحيوان بل الحيوان قد يكون اعظم توكلا من الانسان في هذا الامر تجد الانسان يعني عنده يعني ضعف وخوف ووجل من من من رزقه لكن الحيوان ما عنده هذا يطلع وما من دابة في الارض الا على الله رزقها لكن الانسان قد يغيب عنه هذا فتجده ينتهب الرزق نهبا فهذا النوع الاول من التوكل وهو التوكل في المطالب الدنيوية. من المأكل والمشرب والمسكن والنوع الثاني من التوكل توكل يتعلق بالدين والاستقامة والصلاح وهذا النوع الثاني اه نتكلم عنه ان شاء الله غدا في الدرس القادم والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد