الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. يقول المصنف رحمه الله في كتاب الطهارة في باب المياه وان بلغ الماء قلتين تثنية قلة وهي اسم لكل ما ارتفع وعلى والمراد هنا الجرة الكبيرة من قلال هجر وهي قرية كانت قرب المدينة. وهو الكثير اصطلاحا الى اخره. بعد ان فرغ المؤلف رحمه الله الله من ذكر ما يطرأ على الماء من التغيرات واثر تلك التغيرات في طهوريته انتقل الى ذكر ضابط الماء الكثير والقليل وذكر ذلك بين يديه التغير بالنجاسة لان التغير بالنجاسة له طين من جهة اثر النجاسة في الماء قلة وكثرة. فيقول رحمه الله وان بلغ الماء قلتيه. ثم عرف القلة بقوله يسمن لكل ما ارتفع وعلا. والقلة بظم القاف والمراد هنا الجرة الكبيرة من خلال هجر وهذا وعاء معروف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وقلاله حجر كذلك كانت معروفة زمن النبي صلى الله عليه وسلم وسمي بذلك لان البعير يقلها اي يحملها. وهجر قرية كانت قرب المدينة. وليس المقصود بها جر هنا الاحساء او البحرين قال رحمه الله وهو الكثير اي اذا بلغ الماء قلتين اي قدر قلتين فانه كثير يصدق عليه وصف الكثير وقوله اصطلاحا اي في اصطلاح الشارع. ومستند ذلك ما جاء في السنن من حديث عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث. وفي لفظ لم ينجس وقد صححه ابن خزيمة وابن احب ان والحاكم وقوله رحمه الله هو الكثير استنادا الى هذا الحديث لان النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين القلتين وما دونهما فتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بينما كان قلتين فصاعدا وما دون ذلك دليل على ان هذا القدر حد يفصل بين ما تؤثر فيه النجاسة اذا وقعت وما لا تؤثر فيه فان تحديده بالقلتين يدل على ان ما دونهما ينجس ولو كان يستوي الحكم في القلتين وما دونهما لم يكن للتحديد فائدة. وقد ذكر بعض اهل العلم في جوابه عن هذا التقسيم ان الحديث ضعيف الا ان هذا الطعن غير مسلم فاكثر اهل العلم على ان الحديث حسن يحتج به ومما اعترض به على هذا التقسيم ايضا اي ان ما بلغ قلتين فهو الكثير وما دونه فهو قليل ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على ان بلوغ القلتين هو الحد الفاصل الذي يفرق فيه بين القليل والكثير وانما هو حد لما يغلب على الظن تأثره بالنجاسة اذا اصابته فان الكثرة والقلة من الاسماء الاظافية التي تتفاوت وتختلف فيرجع في معرفتها الى العرف والعرف مختلف. باختلاف الاماكن لا في وفرة الماء وقلته ثم شرع المؤلف رحمه الله في بيان قياس القلتين وما قيل في ذلك فقال وهما اي قلتان خمسمائة رطل بكسر الراء وفتحها. والرطل تسعون مثقالا. والمثقال دينار ودينار اربع غرامات وربع قال رحمه الله خمس مئة رطل بفتح الراء وفتحها عراقي تقريبا. قوله تقريبا بينه الشارح بقوله فلا يظر نقص يسير كرطل ورطلين وهما اربعمئة وستة واربعون رطلا وثلاثة اسباع رطل مصري ومئة وسبعة وسبع رطل دمشقي وتسعة وثمانون وسبعة رطل حلبي وثمانون رطلا وسبعان ونصف سبع رطل قدسي وما وافقه. فرطل العراقي تسعون مثقالا سبع القدس وثمن سبعه وسبع الحلبي وربع سبعه وسبع الدمشقي ونصف سبعه ونصف مصري وربعه سبعه كل هذه المعايير والمقاييس لا يعرفها الناس اليوم واجتهد الفقهاء رحمهم الله في تقدير القلة بمقاييس عصرهم والذي يظهر والله الا اعلم ان تلك التحديدات لا تستند الى اصل يوثق به وانما هي تقريبية. فالماء الكثير ما بلغ قلتين وقدر القلتين بالصاع ثلاثة وتسعون صاعا وثلاثة ارباع اي ثلاثة امداد. هذا ما كرهوه في شرح العمدة وهو تقدير مقارب. ثم قال رحمه الله فخالطته النجاسة بعد ان حدد الكثير انتقل الى ذكر اثر النجاسة الواقعة في الكثير. وقوله فخالطته اي مزجته بان وقعت فيه. قال فخالطته نجاسة قليلة او غير بول الادمي او عذرته المائعة والجامدة اذا ذابت فلم تغيره فطهور. هذا بيان لاثر وقوع نجاسة في الماء الكثير. ومفاد قوله رحمه الله ان الماء الكثير اذا وقعت فيه النجاسة لا يخلو من حالين. الحالة الاولى ان تغيروا النجاسة فهذا نجس وهذا محل اتفاق لا خلاف فيه. والحالة الثانية ان لا تغيره النجاسة. فهذا ينقسم الى قسمين. القسم الاول تكون النجاسة غير بول ادمي او عذرته. فهذا لا يحمل الخبث ولا تؤثر فيه النجاسة الواقعة فيه. ما دام انها لم غيره لكثرته ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث اذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث. واما اذا كانت الجلسة الواقعة فيه بول الادمي او عذيرته المائعة والجامدة اذا ذهبت فهذا ينجس مطلقا غيرته النجاسة وقع فيه او لم تغيره. وسيأتي في كلام المصنف رحمه الله وجه استثنائي بول الادمي وعذرة مسائل النجاسات في كون وقوع شيء من بول الادمي او عذرته في الماء الكثير يفضي الى النجاسة مطلقا. تغير او لم يتغير. وقوله رحمه الله فطهور اي باق على طهوريته. لقول النبي صلى الله عليه وسلم اذا بالغ الماء قلتين لم ينجسه شيء. وفي رواية لم يحمل الخبث. وهذا هذه اصل في التفريق بين المال قليل والماء الكثير الماء الذي دون القلتين والماء الذي بلغ قلتيه وزاد فان جمهور العلماء من الحنفية وبعض المالكية والشافعي والحنابلة يعتبرون تنجيس الماء بالقلة والكثرة وان لم تتغير صفاته فالماء اذا وقعت فيه نجاسة لم تغيره فان كان قليلا فهو نجس وان كان كثيرا فهو طاهر. الا انه اختلفوا في حد والكثير كما آآ تقدم في ذكر ضابط الكثرة والقلة. يقول المصنف رحمه الله قال الحاكم مسألة اثر خلوة المرأة بالماء الطهور في طهارة. قال رحمه الله ولا يرفع حدث رجل فخرج ذلك ما عدا الرجل من صغير وامرأة قال وخنسى حتى يتبين طهور يسير اي ماء طهور الشيخين وصححه الطحاوي وهذا اشارة الى ثبوته ودفعا لقول من قال بضعفه واسقاط الاحتجاج به. قال وحديث لا ينجسه شيء الا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه. اي الحكم المتقدم مستفاد من مجموع هذين الحديثين فان حديث ابي سعيد ان الماء طهور لا ينجسه شيء. وكذلك حديث ابي امامة الماء لا يجلس شيء الا ما غلب على ريحه او طعم او لونه عاما في القليل والكثير وحديث ابن عمر فرق بين القليل والكثير فقال اذا بلغ الماء قلتين او اذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث. وفي رواية لم ينجس فالجمع بينهما ان يقال ما دون القلتين اذا وقعت فيه نجاسة نقلت عن الطهورية رفع الطهوريته وثبت له حكم النجاسة. واذا بلغ قلتين فما فوق فانه يكون طاهرا اذا لم تغير النجاسة شيئا من اوصافه لونه او طعمه او رائحته. ولذلك قال المصنف رحمه الله وحديث ان الماء طهور لا ينجسه شيء وحديث لا ينجسه شيء الا ما غلب ريحه او طعمه او لونه يحملان على المقيد السابق وهو حديث ابن عمر. وقال بعض اهل العلم ان حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه لا يصلح ان ان يكون مستندا في التفريق بين القليل والكثير في اثبات النجاسة للماء الذي لم يملك قلتيه اذا وقعت فيه النجاسة ولو لم تغيره فان دلالته على التفريق بين القليل والكثير انما هي بالمفهوم. دلالة حديث ابن عمر على التفريق بين القليل والكثير في اثبات النجاسة في القليل دون الكثير فيما دون القلتين دون ما بلغ قلتين واكثر انما هو من باب دلالة المفهوم ويعارضه ما هو منطوق حديث ابي سعيد ان الماء طهور لا ينجسه شيء. وعليه فلا يقال ما ذكر المؤلف في قوله يحملان على المقيد السابق. بل يقال ان سعيد دلالته دلالة منطوق وهي مقدمة على دلالة المفهوم في قول كثير من الاصوليين. واجابوا عن هذا الاعتراض وهذه المناقشة بان قالوا ان حديث ابن سعيد الماء طهور لا ينجس شيء يدل بمنطوقه على ان الماء لا ينجسه شيء عند عدم تغير سواء كان قلتين ام لا وحديث القلتين يدل بمفهومه على ان الماء القليل ينجس وان لم يتغير فيكون هذا المفهوم مخصصا لمنطوق حديث ابي سعيد. ونوقش الاستدلال بحديث ابن عمر على التفريق بين القليل والكثير فيما اذا وقعت نجاسة في قليل ولم تغيره بان قوله لم يحمل الخبث معناه ان الماء اذا بلغ قلتين يضعف عن حمل النجاسة اي لا يقبل النجاسة فلا غير احد اوصافه وذلك لكونه يدفع الخبث عن نفسه فيكون فيه اشارة الى ان التنجيس بسبب التغير والشيء بالعدام سببه وبالتالي ما دون القلتين اذا لم يتغير يكون قد انعدم السبب الموجب للتهجيس فلا حكم التنديس بل يبقى الماء طهورا. ومما نوقش به ايضا الحديث والاستدلال به على التفريق بين القليل والكثير انه كان المقصود بالحديث ان ما دون القلتين من الماء اذا اصابته نجاسة ينجس مطلقا لكان ما بلغ القلتين اذا سوتهما نجاسة غيرت احدى صفاته لم ينجس مطلقا عملا بظاهر الحديث وعمومه وهذا مخالف للاجماع في كون ان الماء اذا بلغ واصابته نجاسة فانه لا ينجس الا بتغير احدى صفاته بالنجاسة. ونوقش بغير ذلك من المناقشات. ولهذا كان الاقرب في في هذه المسألة انه لا فرق بين قليل الماء وكثيره بينما بلغ قلتين وما لم يبلغ قلتين آآ وبهذا يتبين ان قوله يحملان على المقيد السابق محله نظر بل الماء اذا تغير بالنجاسة قليلا كان ام كثيرا فانه ينجو بس واذا لم يتغير بالنجاسة قليلا كان او كثيرا فانه لا يجوز. ويكون فائدة حديث اذا بلغ الماء قلتين لم بالخبث التنبيه الى العناية بالماء اذا كان دون القلتين حيث انه يغلب على الظن ان يتغير فيكون في ذلك لفتا للعناية بما كان بين القنتين اذا اصابته نجاسة فيحترز ويحتاط فيه اكثر من ما بلغ قلتين فان تغيره بعيد غالبا. وقوله رحمه الله وانما خصت القلتان بقلال هجر لوروده في بعض الفاظه الحديث ولانها كانت مشهورة الصفة معلومة المقدار. قال ابن جريج رأيت قلال هاجر فرأيت القلة تسع قربتين وشيئا وهذا اولى من التحديدات السابقة الارطال ونحوها. قال والقربة مائة رطل بالعراقي ان يجعل الشيء نصفا فكانت القلتين خمسمائة من العراقي. قوله رحمه الله خالطه البول والعذرة ويشق نجحه كمصانع طريق مكة فطهور. هذا ثاني ما ذكره المؤلف رحمه الله من اقسام الماء الذي وقعت فيه نجاسة لكن انها لم تسلبه الطهورية. القسم الاول اذا بلغ قلتين فخالطته نجاسة غير بول ادمي وعذرته فلم تغيره. والقسم ما خالطه البول والعذرة ولكنه بلغ مبلغا من الكثرة يشق نزحه كماء مصانع طريق مكة قال فطهور لكن قال الشارح ما لم يتغير فاذا تغير فانه ينجس وقد نقل الشارح رحمه الله قال في الشرح لا نعلم فيه خلافا اذا هذا ثاني اقسام الماء الذي اصابته نجاسة ولم تؤثر فيه لم تسلبه الطهورية. قوله رحمه الله مفهوم كلام ان ما لا يشق نزحه ينجس ببول الادمي او عذيرته المائعة او الجامدة اذا ذابت ولو بلغ قلتين وهذا مفهوم كلامه هنا وايضا فيما تقدم من الاستثناء. قال رحمه الله وهو قول اكثر المتقدمين والمتوسطين قال في المبدع ينجس على المذهب وان لم يتغير وفهم من هذا ان بول الادمي وعذرته المائعة اذا وقعت في ماء كثير للعلماء فيه قولان. القول الاول ما فهم من كلام المؤلف رحمه الله من انه ينجس. وهو قول المتقدمين والمتوسطين من الحنابلة وهو المذهب. وان لم يكن هناك تغيير ببول الادمي او عذرته للماء الذي وقع فيه. وقوله رحمه الله لحديث ابي هريرة يرفعه لا يبلن احدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه متفق عليه. استدلال هذا التخصيص الذي ذكره في شأن بول الادمي وعذيرته وهو نص في البول حيث قال لا يبولن ولم يذكر الغائط لكن ما ثبت في البول يثبت في الغائط من باب اولى لانه اغلظ واشد. وقوله رحمه الله وروى الخلال باسناده ان علي رضي الله تعالى عنه سئل عن صبي بال في بئر فامرهم بنزحه وعنه ان البول والعذرة كسائر النجاسات قبل ان الى القول الثاني نقف عند دلالة الحديث ومن اين اخذ ما ذكروا من تخصيص من ان بول الادمي اذا وقعت في ماء كثير نجسته. وجه ذلك في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البول في الماء الدائم الذي لا يجري ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الدائم جاء عاما يشمل قليله وكثيره. ويفيد ان الماء الدائم مطلقا احتملوا للنجاسة يقبلها اذ لو لم يكن البول ينجس ما اصابه ووقع فيه لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيه هكذا قالوا الا ان الاستدلال بهذا الحديث على هذا الحكم محل مناقشة وذلك ان الادلة دالة على التفريق بين القليل والكثير من الماء في تأثير ما يقع فيه من النجاسات ومن ذلك حديث ان ما بلغ قلتين من الماء لم يحمل الخبث اي لا يقبله ولا يؤثر واجيب على هذا بان الحديث مخصص لحديث القلتين كما تقدم فيما ذكروا من ان حديث ان الماء طهور لا ينجسه شيء مقيد بحديث القلتين. والذي يظهره الله تعالى اعلم ان حديث النهي عن البول في الماء الدائم اذا سلم انه يفيد تنجيس الماء الكثير فلابد من تخصيصه بدليل ما لا يمكن نزحه. فيقاس عليه ما بلغ القلتين. او يقص بخبر القلتين فان بخبر القلتين اولى من تخصيصه بالرأي والتحكم من غير دليل. ولانه اذا تساوى الحديثان وجب العدول الى القياس على سائر النجاة فلا فرق بين البول وغيره. ويقال ايضا ان نجاسة بول الادمي لا تزيد عن نجاسة بول الكلب. وهو لا ينجس ما بلغ قلتين اذا لم يتغير فبول الادمي او لا. فلا دلالة في هذا الحديث على ما ذكروا من تنجيس الماء وسلب الطهورية منه قليلا وكثيرا ببول الادمي وعذرته. واما القول الثاني فاشار اليه رحمه الله بقوله وعنه ان البول والعذرة كسائر النجاسات فلا ينجس بهما ما بلغ قلتين الا بالتغير؟ قال في التنقيح اختاره اكثر المتأخرين وهو اظهر لان نجاسة الادمي لا تزيد على جسد بول الكلب. هذا القول اسعد دليلا واقوى حجة من القول الاول. ولهذا كان هو الراجح من هذين القولين وان بول الادمي وعذرته جامدة او بائعة حكمها فيما يتعلق باثرها على الماء النجاسات وقوله رحمه الله ولا يرفع حدث رجل وخثى طهور يسير دون القلتين خلت به كخلوة نكاح امرأة مكلفة ولو كافرة بطهارة كاملة عن حدث لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ان يتوضأ الرجل بفظل طهور المرأة رواه ابو داوود غيره وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان. قال احمد في رواية ابي طالب اكثر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك وهو تعبدي. هذه المسألة دون القلتين خلت به امرأة فحكم على الماء بانه طهور لم يفقد الطهورية بالخلوة فهذا نوع من التغير تغير جزئي قاص وهو ان الماء لا يصلح في طهارة الرجل دون غيره فانه طهور يصح استعماله في رفع الحدث وازالة الخبث قال في اوصاف المال الذي اذا خلت به امرأة لا يرفع حدث الرجل قال يسير هذا القيد الاول فلو كان كثيرا لم يؤثر خلت به كخلوة نكاح هذا القيد الثاني والمقصود بخلوة النكاح ان تخلو به عن مشاهدة مميز وقيل المقصود بالخلوة هو ان تنفرد به فتتوظأ به منفردة دون مشارك لها فيه. والذي جرى عليه المؤلف وهو المذهب ان الخلوة هنا المقصود بها ان تخلو بالماء عن مشاهدة مميز. هذا القيد الثاني. القيد الثالث امرأة مكلفة ولو كافرة امرأة مكلفة ولو كافرة والمكلفة هي الحرة البالغة العاقلة. فلو خلت به صبية او امرأة غير كلفه كالمجنونة فان ذلك لا يؤثر. قوله رحمه الله ولو كافرة لو هنا اشارة الى الخلاف. وهي في كلام الفقهاء من الحنابلة وغيرهم اما اشارة للخلاف واما لدفع توهم وازالة التباس وهي هنا اشارة الى خلاف فقوله رحم الله ولو كافرا اي حتى لو كانت المرأة التي خلت بالماء كافرة فان خلوتها بالماء عن مشاهد تمنع تطهر الرجل به وعلة ذلك قالوا ان الكافر اولى بالتأثير على الماء فيما يتعلق طهوريته من المرأة المسلمة. فجعلوا خلوة الكافرة بالماء كخلوة مسلمة من باب قياس الاولى. وقوله رحمه الله لطهارة كاملة عن حدث اي ان تخلو به لاجل هذا. وهذا في المسلم او اما الكافرة فانها لا يتصور منها طهارة. قوله رحمه الله لطهارة كاملة عن حدث اي لرفع حدث. وذكر الشعر الدليل لذلك بقوله لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ان يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة رواه ابو داوود وغيره وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان. وقد استدل بهذا الحديث لما تقدم ذكره وهو من مفردات مذهب الامام احمد رحمه الله. ونوقش الاستدلال بهذا الحديث من عدة جهات. قال الاولى ان الحديث ضعيف. فقد ظعفه كثير من اهل العلم. المناقشة الثانية ان الاثار الصحاح وردت بالاباحة وعدم هي خلوة المرأة بالماء ولو كان ذلك لطهارة. ففي صحيح مسلم من حديث ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بفظل وضوء ميمونة. وقال ميمونة رضي الله تعالى عنها اغتسلت من جفنة ففظلت فيها فظلة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل فقلت اني قد اغتسلت منه فقال ان ليس عليه جنابة. وجاء عن ابن عمر انه قال ان كان الرجال والنساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتوضأون جميعا. فكل هذه الاثار تدل على انه ليس لاستعمال المرأة وخلوتها بالماء اثر في منع الرجل من التطهر بما خلت به ويمكن ان يقال انه على تقدير صحة الاحاديث الواردة في النهي في نهي الرجل عن الوضوء بفضل طهور المرأة فان لذلك محمول على الكراهة لا على التحريم والابطال. قال رحمه الله قال احمد في رواية ابي طالب اكثر اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك وهو تعبدي يعني ليس معقول المعنى. قال رحمه الله وعلم مما تقدم انه يزيل النجس مطلقا. اي ان ما اخذت به امرأة لطهارة وعلى نحو ما ذكر من القيود يزيل النجس مطلقا وانه يرفع حدث المرأة والصبي وانه لا اثر بالتراب ولا بالماء الكثير ولا بالقليل اذا كان عندها من يشاهدها او كانت صغيرة او لم تستعمله في طهارة كاملة ولا لما خلت به لطهارة خبث. وكل هذه الصور محل اتفاق بين اهل العلم وقوله رحمه الله فان لم يجد الرجل غير ما خلت به لطهارة الحدث استعمله ثم تيمم وهذا من باب الاحتياط والخروج من الخلاف في جمع بين طهارة الماء احتياطا لقول من يقول بوجوب استعمال الماء والتيمم احتياطا لقول من يقول بانه لا اصح استعمال هذا الماء لكون ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يتوضأ الرجل بفظل طهور المرأة. والصواب ما ذهب اليه الجمهور من ان خلو المرأة بالماء لا اثر له على طهورية الماء. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد