الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حمدا يرضيه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة ارجو بها النجاة من النار واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد كنا قد بلغنا في قراءتنا في كتاب صلاة التراويح من صحيح الامام البخاري رحمه الله حديث عائشة رضي الله تعالى عنها في جواب من سألها عن صلاة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فنستعين الله عز وجل على قراءة ما بقي من احاديث صلاة التراويح ثم ننتقل الى الباب الذي يليه. نعم بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين. قال الامام البخاري رحمه الله تعالى حدثنا اسماعيل قال حدثني مالك عن سعيد المقبري عن ابي سلمة ابن عبد الرحمن انه سأل عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة. يصلي اربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن. ثم يصلي طبعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا. فقلت يا رسول الله اتنام قبل ان توتر؟ قال يا عائشة اني ان عيني ان عيني تنامان ولا ينام قلبي قال كتاب فضل ليلة القدر هذا الحديث حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ساقه المصنف رحمه الله باسناده من طريق اسماعيل قال حدثنا مالك عن سعيد المقبوري عن ابي سلمة ابن عبد الرحمن انه سأل عائشة رضي الله تعالى عنها ثم ساق السؤال كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وقوله رحمه الله كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان سؤال عن الصلاة التي تختص رمظان وهي صلاة التراويح وهي صلاة القيام ولذلك اجابت رضي الله تعالى عنها بما فهمته من مضمون سؤاله اذ ان سؤاله لم يكن ان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على وجه العموم لان صلاته على وجه العموم لا تختص رمظان وانما لما قال كيف كانت صلاته رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فهمت ان انه يسأل عن الصلاة التي تختص رمظان وهي الصلاة التي ورد فيها فضيلة من قام رمظان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ولذلك اجابت فقالت ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة قولها رضي الله تعالى عنها ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة فهمت ان السؤال عن عدد الصلاة وصفتها ولذلك اجابت بالعدد والصفة فجواب عائشة رضي الله تعالى عنها على سؤال من سألها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمظان تظمنت الجواب على امرين الامر الاول عدد الركعات والامر الثاني صفة الصلاة فقالت في عدد الركعات ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة وهذا يبين ان صلاته صلى الله عليه وسلم في رمضان لم تكن مميزة عن غيره من الصلوات اذ ان صلاته من حيث العدد واحدة في رمضان وفي غيره وهي احدى عشرة ركعة وهذه من المسائل التي وقع فيها خلاف بين اهل العلم من حيث عدد ركعات صلاة القيام في رمضان اخبرت عائشة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو انه ما كان يزيد في رمظان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة وهذا هو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم في غالب صلاته وقد جاء انه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة وجاء انه يصلي اقل من ذلك لكن اعلى ما نقل عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من الصحيح من حيث عدد وساعات انه صلى ثلاث عشرة ركعة وما جاء في مصنف ابن ابي شيبة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه من ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في رمظان عشرين ركعة فهو حديث متفق على ضعفه عند اهل علم من المحققين من المحدثين وذاك لضعف جد ابن ابي شيبة فانه ضعيف فالاسناد غير مستقيم وهو مخالف لما نقل عنه صلى الله عليه وسلم ممن حفظ صلاته كابن عباس وعائشة وغيرهما من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين نقلوا عدد ركعاته في صلاة الليل صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلم يثبت عنه زيادة على ثلاثة عشرة ركعة فهذا اقصى ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم والجمع بين الروايتين رواية احدى عشرة ركعة في قولها ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على احدى عشرة ركعة الجواب ان خبر عائشة رضي الله تعالى عنها لا يتعارض مع الحديث الاخر اذ انه قد ثبت عنه انه كان يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين فمن اخبر بانه صلى ثلاث عشرة ركعة عد هاتين الركعتين الخفيفتين من جملة ما صلاه صلى الله عليه وعلى اله وسلم من صلاة الليل ومن اخبر بان عدد ركعات صلاته احدى عشرة ركعة ترك عد هاتين لانهما مخالفتان لسائر الصلاة من حيث الصفة والطول فكانت الراتبة التي بين يدي الفريضة اذ ان صلاة ركعتين خفيفتين فيه تقوية النفس وتهيئة القلب على الحضور للصلاة لذلك لم يعدها من ذكر عدد ركعات صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل واما ما يتعلق عدد الركعات فسيأتي البحث في ذلك ان شاء الله تعالى بعد استعراض ما ذكر المصنف من المسائل في الباب اذا غاية ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في صفة صلاة الليل من حيث العدد كم ثلاث عشرة ركعة هذا منتهى ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من عدد ركعات صلاة الليل ولم يكن في ذلك فرق بين رمظان ولا غيره وانما الذي تميز به صلاته في رمضان طول الصلاة في بعض الليالي وليس في كل الليالي فانه صلى الله عليه وسلم صلى في بعض ليالي العشر وهي ليالي الجد والاجتهاد التي كان صلى الله عليه وسلم يحييها صلى ثلث الليل وفي بعض وفي بعض الليالي شطر الليل وفي ليلة من الليالي صلى حتى خشي الصحابة رضي الله تعالى عنهم ان يفوتهم السحور من طول قيامه وصلاته صلى الله عليه وعلى اله وسلم فالمقصود ان العدد في صلاته كان واحدا والتفاوت في الطول والذي ميز رمظان هو طول صلاته في بعظ في بعظ ليالي الشهر قالت رضي الله تعالى عنها في صفة هذه الركعات يصلي اربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهم ثم يصلي اربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فذكرت ان هذه الركعات مقسمة على هذا النحو من حيث الفعل فكانت اربعا ثم اربعا ثم ثلاث قولها رضي الله تعالى عنها يصلي اربعا اي اربع ركعات واختلف العلماء رحمهم الله في قولها اربعا هل اربعا بتسليمة واحدة ام بتسليمتين فذهب جماهير العلماء واكثروا الشراح والى ان قولها رضي الله تعالى عنها يصلي اربعا اي اربع ركعات لكنها لم تذكر هل هي موصولة او مفصولة فلا يستفاد من قولها انها موصولة او مفصولة لان ذلك محتمل. فيحتمل انه صلاها موصولة ويحتمل انه انه صلاها مفصولة اي بسلامين يحتمل انه صلاها بسلام واحد ويحتمل انه صلاها بسلامين والذي دل عليه بقية احاديث وصف صلاته صلى الله عليه وسلم انه كان يصليها مفصولات لا متصلات فقد جاء ذلك في صحيح الامام مسلم من حديث عائشة انه كان صلى الله عليه وسلم يصلي احدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين وهذا نص في ان قولها اربعا ليس المقصود به ان تكون موصولة بل صلى اربعا وقت واحد ثم صلى اربعا في وقت اخر بغض النظر عن ما يتعلق بالفصل والوصل. فهي لم تقصد رضي الله تعالى عنها بيان وصلها او فصلها انما قصدت بيان تجزئة الصلاة وتقسيم الصلاة على هذا النحو من حيث الوقوع فهو لم يصلها متتابعة بل فصل صلى اربعا ثم صلى اربعا ثم صلى ثلاثا ومما يؤكد ان المقصود بهذا التوصيف هو وقوع هذه الاربع في وقت واحد او في زمان متقارب ثم الاربعة الاخرى في زمان متقارب ما جاء في مسند بقية بن مخلد ان عائشة رضي الله تعالى عنها ذكرت عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم انه نام صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ فصلى اربعا ثم نام ثم استيقظ وصلى اربعا ثم نام واستيقظ وصلى ثلاثا وبهذا يتبين ما ذكرناه قبل قليل وهذا الحديث وان كان في اسناده ضعف ففيه عبدالرحمن ابن اسحاق وهو ممن ظعف وقد وثقه بعضهم الا ان الامام البخاري قال لا يعتمد عليه بضبطه لا يعتمد عليه في ضبطه وقد ضعفه غير واحد من اهل العلم لكن المقصود ان في الحديث دلالة واشارة الى المعنى الذي ذهب اليه جماهير العلماء من ان قولها رضي الله تعالى عنها صلى اربعا ليس الغرض منه انه صلى اربعا متصلة انما اربعا اجتمعن في وقت واحد ثم فصل بين بينها وبين الاربع الاخرى بفاصل ثم صلى اربعا ثم فصل بينه وبين بقية صلاته بفاصل ثم صلى ثلاثا ومما يؤيد هذا المعنى ما جاء في الصحيحين من حديث عبدالله ابن عمر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله رجل عن صلاة الليل قال صلاة الليل مثنى مثنى اي يسلم من كل اثنتين اي من كل ركعتين وهذا يؤيد ما دل عليه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها المتقدم الذي فيه صفة صلاته وهي في وهو في صحيح مسلم انه كان صلى الله عليه وسلم يسلم من كل ركعتين. اذا قوله يصلي اربعا الراجح في هذا انها اربع مفصولة وليست موصولة. يصلي اربعا ركعتين ركعتين. والى هذا ذهب جماهير العلماء وذهب الامام ابو حنيفة الى انه يسن ان يصلي اربعا متصلة لهذا الحديث وقوله رحمه الله مردود عليه بما تقدم من الروايات المبينة المفسرة قول عائشة رضي الله تعالى عنها يصلي اربعا من حديثها ومن بيان النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الليل في حديث ابن عمر صلاة الليل مثنى مثنى ثم قالت بعد ان ذكرت العدد قالت فلا تسأل عن حسنهن وطولهن وهذا اشارة من منها او هذا خبر منها رضي الله تعالى عنه عنها عن صفة هذه الصلاة وانها كانت في الغاية من حيث الخشوع والطول السكينة والطمأنينة فقالت فلا تسأل عن حسنهن اطولهم فالحسن في قيامها وقعودها وحضور القلب فيها وركوعها وسجودها والطول في ذلك كذلك فجمعت حسنا وطولا حسنا في ادائها وطولا في وقتها فالحسن وصف للفعل والطول وصف للزمن فقد يصلي الانسان وقتا طويلا من غير حسن وقد يصلي بحسن في وقت قصير لكن عائشة رضي الله تعالى عنها وصفت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بوصفين بالحسن وهذا في تكميل واجباتها شروطها ومسنوناتها واركانها والطول هذا في في بيان الامتداد من حيث الزمان والوقت قالت رضي الله تعالى عنها ثم وثم تفيد التعقيب مع التراخي ولم يأتي في قولها هنا بيان ما الذي كان يشغل به وقته في الفاصل بين القسم الاول من صلاته والقسم الثاني من صلاته والذي يظهر والله تعالى اعلم ان ذلك يختلف باختلافها الزمان فكان صلى الله عليه وسلم في رمضان ينام شيئا من الليل ويصلي شيئا من الليل وعليه يحمل ما جاء في حديث في رواية بقي بن ابن مخلد بصفة صلاته انه كان يصلي ثم ينام ثم يصلي ثم ينام ثم يصلي ثلاثا واما في اخر رمضان فلم يكن صلى الله عليه وسلم يشتغل بنوم في ليل البال كان اذا دخل العشر احيا ليله وايقظ اهله وشد المئزر فكان يشتغل قراءة القرآن وسائر الوان العبادات المشروعة في ليل رمضان ولذلك لم تذكر رضي الله تعالى عنها ما كان يفعل لانه لم يسأل عن زمن في رمظان بل عن رمظان كله وهذا يختلف باختلاف اوله عن اخره فطوت الحديث عما كان يفعل وبينت انه كان صلوات الله وسلامه عليه يفصل وهذا الفصل سيأتي في الفوائد آآ اشارة الى بعض مصالحي وفوائدي. قال ثم يصلي اربعا هذه هي الاربعة الثانية وفيها من الكلام ما في الاربعة الاولى من حيث الوصل والفصل وانها منفصلة وليست متصلة كررت رضي الله تعالى عنها الوصف الذي سبق في الاربع الاولى فقالت فلا تسأل عن حسنهن وطولهن اي فذاك امر قد بلغ الغاية عندما تقول لا تسأل يعني انه امر يتجاوز السؤال فهو شيء لا يحيط به جواب وقد بلغ الغاية والمنتهى في الكمال الوصف. فلا تسأل عن حسنهن وطولهن قال ثم اصلي ثلاثا ثم يصلي ثلاثة اي ثلاث ركعات وذلك تمام وتره صلى الله عليه وعلى اله وسلم فان الوتر لا يتحقق الا في عدد فردي اقله واحد واما اكثره ما كان ينتهي اليه وتره صلى الله عليه وسلم اما ثلاث عشرة ركعة واما احدى عشرة ركعة فقوله ثم يصلي ثلاثا اي ثلاث ركعات والكلام في الوصل والفصل هناك الكلام في ما تقدم من قوله يصلي اربعا وقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه الثلاث هل هي متصلة او منفصلة والذي يظهر من سائر وصف صلاته انهى منفصلة ولكن يجوز الوصل وقد وردت السنة بالوصل وهذا شيء يختلف عن الاربع فانه لم يرد انه صلى اربعا متصلة ولهذا الوتر له صور اما ان يصلي ركعة واحدة وهذا الذي جاء به وصفه عائشة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يسلم يصلي احدى عشرة ركعة يسلم من كل اثنتين او من كل ركعتين ومعناها انه يختم ذلك بركعة منفردة وهو الذي جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه في قوله صلاة الليل مثنى مثنى مثنى مثنى فاذا خشي احدكم الصبح فليوتر بواحدة وكذلك في صحيح الامام مسلم من حديث عبدالله بن عمر انه قال الوتر ركعة واحدة من اخر الليل ركعة واحدة من اخر الليل وقد جاء في السنن والمسند باسناد لا بأس به من حديث ابي ايوب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الوتر حق فمن احب ان يوتر بخمس فليوتر. ومن احب ان يوتر بثلاث فليوتر. ومن احب ان يوتر بواحدة فليوتر فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث صور للوتر وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم انه صلى تسعا بسلام واحد وسبعا بسلام واحد وخمسا بسلام واحد وكل هذه وتر وقد اختلف العلماء رحمهم الله فيما اذا فصل فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم واحدة هل هل الوتر هو الواحدة الاخيرة ام الوتر يطلق على كل صلاته ولو كانت منفصلة من اهل العلم من قال ان الوتر هو الركعة الاخيرة ومنهم من قال بل الركعة المنفردة ولو لم تتصل توتر ما كان قد تقدم من صلاته سواء وصل او فصل وبهذا قال اسحاق ابن روهوية رحمه الله