واذا صح وسلم انعكس هذا على سائر البدن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله وهذا ما تضمنته هذه الاية من معان فيما يتعلق الحياة التي امر الله تعالى المؤمنين بالاستجابة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها تطرق المؤلف رحمه الله الى وصف الوحي بانه روح ونور بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فقال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد قال قاعدة جليلة قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون فتضمنت هذه الاية امورا احدها ان الحياة احدها ان الحياة النافعة انما تحصل بالاستجابة لله ورسوله. فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له. وان كانت له حياة مشتركة بينه وبين ارذل الحيوانات فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا فهؤلاء هم الاحياء وان ماتوا وغيرهم اموات وان كانوا احياء الابدان. ولهذا كان اكمل الناس حياة اكملهم استجابة لدعوة الرسول الله عليه وسلم فان كل ما دعا اليه ففيه الحياة. فمن فاته جزء جزء منه فاته جزء من الحياة. وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول صلى الله عليه وسلم قال مجاهد لما يحييكم يعني للحق. وقال قتادة هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والاخرة وقال السدي هو الاسلام احياهم به بعد موتهم بالكفر. وقال ابن اسحاق وعروة ابن الزبير واللفظ له لما يعني للحرب التي اعزكم الله بها بعد الذل. وقواكم بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم وكل هذه عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرسول ظاهرا وباطنا. قال الواحدي والاكثرون على معنى قوله لما يحييكم هو الجهاد. وهو قول ابن اسحاق واختيار اكثر اهل العلم اهل المعاني وقال الفراء اذا دعاكم الى احياء امركم بجهاد عدوكم. يريد انما يقوى المؤمنون بالحرب والجهاد. فلو تركوا الجهاد ضعف امرهم واجترأ عليهم عدوهم. قلت الجهاد من اعظم ما يحييهم به في الدنيا وفي البرزخ وفي الاخرة اما في الدنيا فان قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد. واما في البرزخ فقد قال تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل لله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. واما في الاخرة فان حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها اعظم من حظ غيرهم. ولهذا قال ابن قتيبة لما يحييكم يعني الشهادة. وقال بعض المفسرين لما يحييكم يعني الجنة فانها دار الحيوان وفيها الحياة الدائمة الطيبة حكاه ابو علي الجرجاني. والاية والاية تتناول هذا كله فان الايمان والاسلام والقرآن والجهاد تحيى تحيي تحيي القلوب فان الايمان والاسلام والقرآن والجهاد تحيي القلوب تحيي القلوب تحكم تحيي القلوب الحياة الطيبة وكمال الحياة في الجنة. والرسول داع الى الايمان والى الجنة. فهو داع الى الحياة في الدنيا والاخرة والانسان مضطر الى نوعين من الحياة. حياة بدنه التي بها يدرك النافع والضار. ويؤثر ما ينفعه على ما يضره. ومتى نقصت فيه هذه الحياة ناله من الالم والضعف بحسب ذلك. ولذلك كانت حياة المريض والمحزون وصاحب الهم والغم الخوف والفقر والذل دون حياة من هو معافى من ذلك وحياة قلبه وروحه التي بها يميز بين الحق والباطل والغي والرشاد والهوى والضلال والهدى والضلال فيختار الحق على ضده. فتفيد هذه الحياة قوة التمييز بين النافع الضار بين النافع والضار في العلوم والاعمال وتفيد قوة الايمان والارادة والحب للحق وقوة البغض والكراهة للباطل. فشعوره وتمييزه وحبه ونفرته بحسب نصيبه من هذه الحياة. كما ان البدن الحي يكون شعوره واحساسه بالنافع والمؤلم اتم. ويكون ميله الى النافع ونفرته عن المؤلم اعظم فهذا بحسب حياة البدن وذاك بحسب حياة القلب. فاذا بطلت حياته بطل تمييزه. وان كان له نوع تمييز لم يكن فيه قوة يؤثر بها النافع على الضار. وكما ان الانسان لا حياة له حتى ينفخ فيه الملك الذي هو رسول الله من روحه فيصير حيا بذلك النفخ. وكان قبل ذلك من جملة الاموات. وكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتى ينفخ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من الروح الذي القي اليه. قال تعالى ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء من عباده. وقال تعالى يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده. وقال تعالى وكذلك اوحينا اليك من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا. فاخبر ان وحيه روح ونور فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرسول الملكي والرسول البشري. فمن اصابه نفخ الرسول الملكي ونفخ الرسول البشري حصلت له الحياتان ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرسول حصلت له احدى الحياتين وفاتته الاخرى. قال تعالى اومن كان ميتا حييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها. فجمع له بين النور والحياة كما جمع لمن اعرض عن كتابه بين الموت والظلمة. قال ابن عباس وجميع المفسرين كان كافرا ضالا فهديناه وقوله وجعلنا له نورا يمشي به في الناس يتضمن اموره. طيب الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذه الاية الكريمة في سورة الانفال يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه وانه اليه تحشرون ذكر المؤلف رحمه الله انها تتضمن ثلاثة امور وبدأ باولها وهو بيان الحياة التي امر الله تعالى اهل الايمان ان يستجيبوا لله وللرسول اذا دعاهم لها بين رحمه الله جملة من اقوال المفسرين في معنى قوله تعالى لما يحييكم فذكر في تفسير ذلك انه الحق يعني للحق كما قال مجاهد قيل الاسلام و قيل الجهاد في سبيل الله و كل هذا يدور على تفسير متوافق في المعنى وان اختلفا في اللفظ فان المقصود بذلك استجيبوا لكل ما يدعوكم اليه صلى الله عليه وسلم وهو اجمع ما يكون في قول السدي هو الاسلام احياهم به بعد موتهم للكفر والاسلام يشمل كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ورأس ذلك توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والعلم به جل في علاه وكذلك يشمل شرائع الاسلام من اركانه وفرائضه و سائر شرائعه التي دعا اليها فكلها داخلة في ما امر الله تعالى به من الاستجابة للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الاية اما قول من فسره بالحق والقرآن او الجهاد فهذه تفاسير موافقة وبعضها يكون من باب التفسير بالمثال وتطرق في ثنايا حديثه عن الاية في قوله تعالى لما يحييكم عن انواع الحياة التي يحيا بها الناس وهي وهي نوعان حياة ابدان وحياة ارواح وقلوب الاية شاملة للامرين فالاسلام تحيا به القلوب وهذا الاصل وتحيا به الابدان بما جاء من شرائع الاسلام في المحافظة على البدن من الافات ومن ذلك قوله تعالى ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما ومنه قوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة و ما شرعه مما تحفظ به النفوس من الشرائع والاحكام فهذا كله حياة للابدان ومنه القصاص في الجنايات والجراحات كل هذا مما تحيا به الابدان وتحيا به الارواح وهذا هو الاصل والقلوب وذلك بما جاء من النور الهدى فيه واذا حيا القلب صح وسلم قال فاخبر انه وحيه وان وحيه روح ونور فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرسول الملكي فمن اصابه نفخ الرسول الملكي ونفخ الرسول البشري حرصت له الحياتان نفخ الرسول الملكي به حياة الابدان يؤمر باربع كلمات عند نفخ الروح فيه و نفخ الرسول البشري هذا تقريب والمقصود به ما جاء به من الهدى ودين الحق قال رحمه الله في التعليق على قوله وجعلنا له نورا يمشي به في الناس يتضمن امورا قال رحمه الله قال تعالى اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها فجمع بين النور والحياة كما جمع لمن اعرض عن كتابه بين الموت والظلمة. قال ابن عباس وجميع المفسرين كان كافرا ضالا فهديناه وقوله وجعلنا له نورا يمشي به في الناس يتضمن امورا احدها انه يمشي في الناس بالنور وهم في الظلمة. فمثله مثلهم كمثل قوم اظلم عليهم الليل فضلوا ولم يهتدوا للطريق. واخر معه نور يمشي به في الطريق يراها ويرى ما يحذوه ما يحذوه فيها وثانيها انه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهم الى النور. وثالثهم وثالثها انه يمشي بنوره يوم القيامة على الصراط اذا بقي اهل الشرك اذا بقي اهل الشرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم طيب هذه المعاني الثلاثة لبيان قوله يمشي به في الناس يمشي به في الناس ان يسيروا به بين الناس فيه هنا ظرفية وذكر له عدة معاني قال انه يمشي في الناس بالنور وهم في ظلمة فمثل فمثله مثل كمثل قوم اضل اظلم عليهم الليل فظلوا ولم يهتدوا للطريق واخر معه نور يمشي به في الطريق ويراه ويرى ما يحذوه ما يحذروه فيها هذا المعنى الاول هو وهو النور الذي عند المؤمن بايمانه وتقواه يميز به بين الحق والباطل كما قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا. فالفرقان نور يلقيه الله في قلبه يميز به بين الحق والباطل والهدى والضلال قال وثانية اي ثاني المعاني انه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجته لحاجة من النور وهذا بدعوتهم وبيان الحق لهم واجابة حاجاتهم من مسائلهم. فهذا نور يهتدون به. الثالث انه يمشي بنوره يوم القيامة على الصراط اذا بقي اهل الشرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم وهذه المعاني كلها صادقة على النور الذي ذكره الله تعالى في قوله وجعلنا له نورا يمشي به في الناس. فهو مهتد في نفسه بهذا النور وهاد لغيره بهذا النور وناج يوم القيامة بهذا النور فتتظمن الهداية في ذاته والهداية لغيره بدلالة على الخير والهدى والهداية يوم القيامة وهذا اعظمها وهو ثمرة الهدايتين الاولتين هداية في نفسه وهداية الخلق ودعوتهم قال وقوله قال وقوله واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه المشهور في الاية انه يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الايمان ويحول بين اهل طاعته وبين معصيته وبين اهل لمعصيته وبين طاعته. وهذا قول ابن عباس وجمهور المفسرين. وفي الاية قول اخر المعنى انه سبحانه قريب من لا تخفى عليه خافية فهو بينه وبين قلبه. ذكره الواحدي عن قتادة وكأن هذا انسب بالسياق. لان استجابة لان الاستجابة اصلها بالقلب. فلا تنفع الاستجابة بالبدن دون القلب. فان الله الله سبحانه فان الله سبحانه بين العبد وبين قلبه. فيعلم هل استجاب له قلبه؟ وهل اضمر ذلك واضمر خلافه؟ وعلى القول الاول فوجه بمناسبة انكم ان تثاقلتم عن الاستجابة وابطئتم عنها فلا تأمنوا ان يحول الله بينكم وبين قلوبكم. فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانته فيكون كقوله ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. وقوله فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم قوله فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ففي الاية تحذير عن ترك الاستجابة بالقلب وان استجاب بالجوارح. وفي الاية سر اخر وهو انه جمع لهم بين الشرع المعنى في قوله تعالى واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه ذكر فيه معنيين المعنى الاول ان الله تعالى يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الايمان يعني العبد لا يملك من شأن قلبه شيئا فقد يتقلب قلبه والمقلب له الله كما جاء في الحديث اللهم صرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك وكما في الحديث الاخر القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبهما كيف يقلبها كيف شاء يقلبها كيف شاء ان يصرفها فيحول بين المرء و الهدى لما علمه من فساده ويوفق من شاء الى الهدى لما علمه من قبوله والله تعالى اعلم حيث يجعل رسالته هذا المعنى الاول واما المعنى الثاني وهو الذي مال اليه ابن القيم رحمه الله في هذا الموضع حيث قال وفي الا يأتي قول اخر ان المعنى انه سبحانه قريب من قلبه. اي من قلب العبد لا يخفى عليه خافية فهو بينه وبين قلبه ومعنى هذا انه يعلم مكنون فؤاده وما اخفته سريرته وما دار في نفسه من نية وقصد وارادة وعمل يكون هذا تحذيرا له ان تكون الاستجابة في الظاهر دون الباطن وحث على الاستجابة الحقيقية التي ينقاد فيها القلب فان انقياد القلب واستجابته هي الاصل المطلوب وهي التي يحصل بها النجاة والفوز وهي مناط الفلاح والبدن تابع ولهذا لو استجاب البدن مع تخلف القلب ما نفعت هذه الاجابة. لكن لو استجاب القلب وتخلف البدن لعذر فانه لا اثم عليه ولا حرج ولهذا رجح المؤلف رحمه الله هذا المعنى لبيان اهمية الاستجابة بالقلب والاقبال على الله تعالى به. قال وعلى القول ثم بين ما يترتب على القولين قال قال وفي الاية سر اخر. نعم. قال وعلى القول الاول فوجه المناسبة انكم ان تثاقلتم عن الاستجابة وابطئتم عنها فلا تأمن ان يحول الله بينكم وبين قلوبكم وهذا تحذير لكل مؤمن ان يتباطأ عن الاستجابة بل الواجب المبادرة الواجب المبادرة لان الانسان لا يملك تصريف قلبه ولا آآ ما يجري عليه من تحول فالقلب شديد التقلب والتحول وقد يكون متهيأ لامر وينقلب بلحظة الى غيره لاسيما مع كثرة الفتن والصوارف عن الحق والهدى لان التحولات كبرى كما اشار اليه قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح من حديث ابي هريرة بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم. يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا يصبح ويمسي يصبح على حال ويمسي على اخر ويمسي كهفا ويصبح مؤمنا هذه التحولات السريعة هي مما يحذره المؤمن على نفسه فان القلوب بيد الله يصرفها كيف شاء وهو جل وعلا اعلم بمواضع الهدى ومحال التقوى فينبغي ان لا يتأخر الانسان وان يبادر الى كل صالحة سنحت له فانه بذلك يظهر صدق الرغبة فيما عند الله عز وجل ويبادر الى ما امره الله تعالى به من المسارعة والمسابقة اليه. نعم. قال وعلى وفي الاية قال وفي الاية سر اخر وهو انه جمع لهم بين الشرع والامر به وهو الاستجابة وبين القدر والايمان به. فهي كقوله لمن شاء منكم ان يستقيم. وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين وقوله فمن شاء ذكره وما يذكرون الا ان يشاء الله والله اعلم وجه ذلك قوله تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم هذا الشرع والامر حيث امرهم بذلك واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه هذا هو القدر وان ذلك لا يكون الا بقدره جل في علاه فلا تستقيم القلوب ولا تصلح الا بامره فيلجأ المؤمن الى الله عز وجل ويفزع اليه في تحقيق ما يؤمل من صلاح قلبه واستقامة فؤاده اللهم اهدنا فيمن هديت نعم قال رحمه الله فائدة جليلة. قوله تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم. وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون. وقوله عز وجل فان كرهتموهن فعسى ان شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. فالاية الاولى في الجهاد الذي هو كمال القوة الغضبية. والثانية في النكاح الذي هو كمال القوة الشهوانية. فالعبد يكره مواجهة عدوه بقوته الغضبية خشية على نفسه منه. وهذا المكروه خير له في معاشه ومعاده ويحب الموادعة والمتركة. وهذا المحبوب شر له في معاشه ومعاده. وكذلك يكره المرأة وكذلك يكره المرأة لوصف من اوصافها وله في امساكها خير كثير لا يعرفه. ويحب المرأة لوصف من اوصافها وله في امساكها شر كثير لا يعرفه. فالانسان كما وصفه به خالقه ظلوم جهول. فلا ينبغي ان يجعل المعيار على ما يضره وينفعه ميله وحبه ونفرته وبغضه. بل المعيار على ذلك ما اختاره الله له بامره ونهيه. هذي من انفس القواعد في الشرع وفي القدر في الشرع اجعل ما تحب وما تكره تبعا لما جاءت به الشريعة فانما جاءت به الشريعة امرا وحثا هو الخير ولو ثقلت ولو ثقل على النفوس وما نهت عنه فهو الشر ولو احبته النفوس فالمعيار الذي به نجاة العبد في دنياه واخراه وبه يفزء يفوز بسعادة الدارين هو ان يجعل هواه تبعا لما جاء به صلى الله عليه وسلم فلا يتم ايمان احد الا ان يكون هواه تبعا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث. وان كان في اسناده مقال. لكن معناه صحيح وكذلك في القدر فان الانسان ينبغي له ان يسلم لله عز وجل في اقداره واقضيته ويعلم ان ما اجرأه من قضاء وقدر ولو كان مكروها فانه خير له ان صبر وكذلك فيما اجراه عليه من اقضية واقداره من المحبوبات هو خير له ان شكر اما ان لم يشكر فانه لا يزداد به الا شرا كما انه في المكروه اذا لم يصبر لم يزدد بذلك الا اثما ولهذا قال فلا ينبغي ان يجعل المعيار على ما يظره وينفعه ميله ان لا تجعل ميزان وقياس ما يضر ما ينفع هو ميلك وحبك ونفرتك وبغضك فتظن ان ما تحبه وتميل اليه نافع لا يظر وما تبغظه وتنفر منه مكروه يضر بل المعيار على ذلك ما اختاره الله بامره ونهيه والايتان كما اشار المؤلف رحمهما الله رحمه الله تتعلق بامرين بالقوة الغضبية و القوة الشهوانية وقد هذبهما الله تعالى بان جعلهما مقيدين بالشرع جعلهما مقيدين بالشرع فمن قيد غضبه بالشرع وشهوته بالشرع كان سالما من شؤم الغضب واظراره وشروره وسالما من الشهوة مفاسدها ثورتها والشيطان يدخل على الانسان من ثلاثة مداخل متى ظفر بها نال من الانسان المدخل الاول الغضب والمدخل الثاني الشهوة والمدخل الثالث في الغفلة هذي ثلاثة مداخل متى ما غفل الانسان عنها تطرق اليه الشيطان الشهوة والغضب والغفلة فليكن على دوام وعي يسلم من الغفلة حضور ليسلم من الغفلة دوام ذكر ليسلم من الغفلة وليكن على احكاما لغضبه حتى لا يقع في شؤمه ومخاطره كما قال النبي في وصيته للرجل لا تغضب وليحذر من الشهوة فان اتباعها يلقي الانسان في شر عظيم فان النفوس لا تشتهي الا ما يضرها في الغالب حتى ما ينفعها اذا زادت فيه كان ذلك مفسدا لها نعم فانفع الاشياء قال رحمه الله فانفع الاشياء له على الاطلاق طاعة ربه بظاهره وباطنه. واضر الاشياء عليه على الاطلاق مع خيته بظاهره وباطنه. فاذا قام بطاعته وعبوديته مخلصا له. فكل ما يجري عليه مما يكرهه تكون خيرا له. واذا تخلى عن طاعته وعبوديته فكل ما هو فيه من محبوب هو شر له فمن صحت له معرفة ربه والفقه في اسمائه وصفاته علم يقينا ان المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها دروب من المصالح والمنافع التي لا يحصيها علمه ولا فكره. بل مصلحة العبد فيما يكره منها فيما يحب. فعامة مصالح النفوس في مكروهاتها. كما ان عامة مضارها واسباب هلكتها في محبوبات فانظر الى غارس جنة من الجنات. خبير بالفلاحة غرس جنة وتعاهدها بالسقي والاصلاح. حتى اثمرت اشجارها. فاقبل عليها يفصل اوصالها ويقطع اغصانها علمه انها لو خليت على حالها لم تطب ثمرتها فيطعمها ويطعمها من شجرة طيبة الثمرة. حتى اذا التحمت بها واتحدت واعطت ثمرتها اقبل اقبل يقلمها ويقطع الاغصانها الضعيفة التي تذهب قوتها ويذيقها الم القطع والحديد لمصلحتها وكمالها. لتقل لتصلح ثمرتها ان تكون بحضرة الملوك. ثم لا يدعها ودواعي طبعها من الشرب كل وقت. بل يعطشها وقتا ويسقيها وقت ولا يترك الماء عليها دائما. وان كان ذلك انضرى وان كان ذلك انضر لورقها واسرع لنباتها. ثم يعمد الى تلك الزينة التي زينت بها من الاوراق. فيلقي عنها كثيرا منها لان تلك الزينة تحول بين ثمرتها وبين كمال نضجها واستوائها. كما في شجر العنب ونحوه. فهو يقطع اعضائها بالحديد ويلقي عنها كثيرا من زينتها وذلك عين مصلحتها. فلو انها ذات تمييز وادراك كالحيوان لتوهمت ان ذلك افساد لها واضرار بها. وانما هو عين مصلحتها. وكذلك الاب الشقيق وكذلك الاب الشفيق على ولده العالم بمصلحته. اذا رأى مصلحته في اخراج الدم الفاسد عنه وضع جلده وقطع عروقه واذاقه الالم الشديد. وان رأى شفاءه في قطع عضو من اعضائه ابانه عنه. كل ذلك به وشفقة عليه. وان رأى مصلحته في ان يمسك عنه العطاء. لم يعطه ولم يوسع عليه. لعلمه ان ذلك اكبر الاسباب الى الى فساده وهلاكه. وكذلك يمنعه كثيرا من شهواته حمية له ومصلحة لا بخلا عليه. فاحكم وارحم الراحمين واعلم العالمين. الذي هو ارحم بعباده منهم بانفسهم ومن ابائهم وامهاتهم. اذا بهم ما يكرهون كان خيرا لهم من الا ينزله بهم. نظرا منه لهم واحسانا اليهم ولطفا بهم. ولو مكنوا من الاختيار لانفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علما وارادة وعملا. لكنه سبحانه تولى تدبير امورهم بموجب علمه وحكمته ورحمته احب ام كرهوا فعرف ذلك الموقنون باسمائه وصفاته فلم يتهموه في شيء من احكامه وخفي ذلك على الجهال به وباسمائه وصفاته نازعوه تدبيره وقدحوا في حكمته ولم ينقادوا لحكمه وعارضوا حكمه بعقولهم الفاسدة وارائهم الباطلة اساتهم الجائرة فلا لربهم عرفوا ولا لمصالحهم حصلوا. والله الموفق قال ومتى ظفر العبد بهذه المعرفة سكن في الدنيا قبل الاخرة في جنة لا يشبه نعيمها الا نعيم جنة الاخرة. فانه لا يزال راضيا عن ربه والرضا جنة الدنيا ومستراح العارفين. فانه طيب النفس بما يجري. عليها من المقادير التي هي فعين اختيار الله له وطمأن وطمأنينتها الى احكامه الدينية. وهذا هو الرضا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا. وما ذاق طعم الايمان من لم يحصل له ذلك وهذا الرضا هو بحسب معرفته بعدل الله وحكمته ورحمته وحسن اختياره. فكلما كان اعرف كان به ارضا فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة. لا يخرج عن ذلك البتة كما قال صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور اللهم اني عبدك ابن عبدك ابن امتك ناصيتي بيدك ماض في في حكمك عدل في قضاؤك. اسألك اسألك بكل لاسم هو لك سميت به نفسك او انزلته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل ان القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي. ما قالها احد قط الا اذهب الله همه وغمه وابدله مكانه فرجا قالوا افلا نتعلمهن يا رسول الله؟ قال بلى ينبغي لمن يسمعهن ان يتعلمهن. والمقصود قوله عدل كن في قضاؤك وهذا يتناول كل قضاء يقضيه على عبده من عقوبة او الم وسبب ذلك. فهو الذي قضى بالسبب وقضى المسبب وهو عدل في هذا القضاء وهذا القضاء خير للمؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء الا كان خيرا له وليس ذلك الا للمؤمن قال قلت فسألت شيخنا هل يدخل في ذلك قضاء الذنب؟ فقال نعم بشرطه. فاجمل في لفظة في لفظه بشرط ما يترتب على الذنب من الاثار المحبوبة لله من التوبة والانكسار والندم والخضوع والذل والبكاء وغير ذلك وخلاصة الامر ان كل ما يكره الانسان من قضاء الله وقدره ينبغي ان يقابله بالصبر واعلى منه مرتبة للرضا والرضا لا يكون الا عن تمام العلم بالله عز وجل فكلما تم علم العبد بالله عز وجل برحمته واحسانه وحكمته وقدرته وغناه وغير ذلك من اسمائه وصفاته كلما ايقن العبد بذلك وتم علمه به وجد في نفسه طمأنينة وسكينة وانشراحا ورضا بما يقدره الله تعالى والرضا لا يعني الا يدفع الانسان القدر المكروه بطلب القدر المحبوب كما قال عمر رضي الله تعالى عنه لابي عبيدة لما قال له في رجوعه عن الشام بسبب ما بلغه من نزول الطاعون قال افرارا من قدر الله يا امير المؤمنين قال نفر من قدر الله الى قدر الله فالانسان يرظى بقظاء الله ويعلم ان قظاء الله له خير وان فيه حكمة ورحمة ومصلحة ولا يعني هذا ان يستسلم لهذا القدر بان لا يدفعها فمثلا اذا نزل به مرض حمد الله ورضي بما انزله به من مرض لكن لا يعني الا يطلب العلاج اذا فقد شيئا يمكنه تداركه خسر في تجارة فاته ما امر من من امور مصالحه التي يمكن ان يدركها لا ينبغي له ان آآ يقابل ذلك بالجزع والضجر بل بالصبر والرضا وهو اعلى وهذا لا ينافي ان يطلب تحصيل ما فاته من طرق شرعها الله عز وجل واذن بها اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقني واياكم العلم النافع العمل الصالح. اخر ما ذكر فيما يتعلق بالذنب هل يدخل في هذا؟ انه الذنب يقدره الله وتعالى ويكون خيرا للانسان قال فيما سأله فيما سأل عنه شيخ الاسلام؟ قال نعم بشرطه. والمقصود بشرطه اذا عقب الذنب توبة واوبة وندما واقبالا على الله واصلاحا للعمل فانه يكون بذلك من الخير الذي يكرهه العبد لكن يرتب الله تعالى عليه من الخيرات ما يكون خيرا للانسان. ومثال ذلك ما جرى لادم حيث اكل من الشجرة فخرج من الجنة. قال الله تعالى فعصى ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى فبلغ بالتوبة والاهتداء مرتبة لم يكن قد بلغها قبل معصيته وصلى الله وسلم على نبينا محمد والله تعالى اعلم