مسألة الاستحسان قال به ابو حنيفة وانكره الباقون وفسر بدليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته ورد بانه ان تحقق فمعتبر وبعدول عن قياس طيب هذا من اشهر الادلة التي تساق في في صنف الادلة المختلف فيها. دليل الاستحسان وهو كما ترى استفعال من الحسن الاستحسان استفعال من الحسن. يعني عد الشيء حسنا او طلب حسن الشيء. استحسن الشيء يعني رآه رآه حسنا فيقول استحسنت كذا وهكذا في الادلة يقال له استحسان اذا كان في نظر الدليل اذا كان الدليل في نظر الفقيه والمجتهد حسنا. من الذي يحسنه المجتهد ان كان الذي يحسنه المجتهد دليلا فهو الدليل وليس استحسان المجتهد واضح فان قلت لا هو يقصد شيئا اخر فما الذي يستحسنه المجتهد ان كان يستحسن رأيه المجرد فهل رأي البشر ولو كان عالما او فقيها او مجتهدا هل رأي انسان في الشريعة يعد دينا يؤخذ منه الحلال والحرام من هنا وقف العلماء في بيان معنى الاستحسان. والمسألة قديمة طويلة الذيل لان اماما كالشافعي رحمه الله وهو واظع لبنة علم الاصول له رسالة اسماها ابطال الاستحسان ناهيك عما اورده في ثنايا كتاب الرسالة وهو يرد ويدفع ويبطل ما يسميه الاستحسان. اذا فمنذ زمن الشافعي رحمه الله فان مصطلحا باسم الاستحسان قد بدأ تداوله وتعامل به بعض الفقهاء فكان من من بعض الائمة انكار ورفض وعدم قبول لاستعماله حجة ومصدرا لاستنباط الاحكام. يقال له الاستحسان ومنذ ذلك الزمن ما زالت كتب الاصول تريد دليل الاستحسان بين مؤيد ومعارض وقبل ذلك مختلف في تعريفه لبيان اما ما يفسر به الاستحسان بانه دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يستطيع التعبير عنه فليس هذا مما يدخل في الخلاف وليس مما يدخل في الخلاف ان يقول استحسنت كذا لدليل من القرآن. او استحسنته لدليل من السنة او استحسنته بقياس او استحسنته لمصلحة لانه لو كان كذلك سيكون الدليل هو مبنى هذا الاستحسان ان كان نصا او اجماعا او مصلحة او ضرورة ونحو ذلك يا اخوة اريد ان انبه الى ان بعض كتب الاصول تقول الاستحسان نوعان استحسان دليل واستحسان غيره. فيقولون استحسان نص واستحسان قياس واستحسان اجماع واستحسان مصلحة واستحسان ضرورة. وكل هذا ليس له من الاستحسان الا اسمه واما حقيقته فهو ما ربط به هذا الاستحسان اذا اين موضع الخلاف الذي ينسب فيه الى الحنفية الاستدلال به يعني عده دليلا يستنبطون منه الاحكام. ويخالفهم فيه غيرهم ويجعلونه سببا للخلاف في بناء الاحكام عليه باختصار كما سيأتي بعد قليل في كلام المصنف الاستحسان الذي يقول به بعض الحنفية ويرفضه غيرهم هو استحسان القياس وذلك ان مبنى الاستحسان في الحقيقة هو العدول بالمسألة عن نظائرها لدليل هو اقوى في نظر المستحسن في نظر الفقيه فلما تكون نظائر المسألة تدل على انها من العقود الجائزة لكن يبدو له دليل يوجب العدول بهذه المسألة عن نظائرها فلا يقول باباحتها بل يقول بالمنع او العكس الاستحسان الذي يؤول الى القياس يعود الى مسألة مرت بكم قريبا في قوادح القياس وهو ما يسمى بالنقض ان توجد علة القياس ولا يوجد حكمه هذا قادح والحنفية عندما استعملوا استحسان القياس استثنوا صورة من الصور توجد فيها العلة ثم لا يعطونها الحكم فان قيل لهم هذا ناقض وقادح قالوا لا هذا تخصيص للعلة بمعنى ان العلة عوملت معاملة اللفظ العام. فاجري عمومها ودخلت الافراد فيها. فاذا جاؤوا لصورة لا دون اعطاءها حكم العلة يستثنونها فيقولون هي مخصصة من القياس وتخصيص العلة والجمهور يرفضون ذلك وان تمارس شيئا بهذا النحو وتسميه تخصيصا هو نقض للعلة. فاما ان يدل على ان العلة باطلة لان القياس لم اضطرد واما يكون هذا الاستثناء باطلا لا يصح. هذا هو محل الخلاف حقيقة. كما ابانه عدد من الاصوليين. ودعك مما يخوض فيه كثيرا في استحسان القياس والمصلحة والنص والاجماع فكل ذلك مما لا خلاف فيه. اقرأ الاستحسان الاستحسان قال به ابو حنيفة وانكره الباقون وفسر بدليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته ورد بانه ان تحقق فمعتبر هذا التفسير للاستحسان ليس هو المقصود وان تداوله بعض الاصوليين فلا احد يقول به دليل ينقدح في نفس المجتهد تقصر عنه عبارته. قال المصنف فرد يعني هذا التفسير بانه ان تحقق يعني ان كان المنقدح في نفس المجتهد دليلا محققا فهذا معتبر وان كان مجرد تصورا وخيالا فهذا لا عبرة به ولا تبنى عليه الاحكام. نعم ورد بانه ان تحقق فمعتبر وبعدول عن قياس اقوى. يعني وفسر الاستحسان في تفسير اخر بعدول عن قياس اقوى. نعم ولا خلاف فيه. نعم اذا كان العدول عن القياس الى قياس اقوى منه فلا خلاف فيه لان العبرة بالدليل الاقوى فاذا ترددت المسألة بين قياسين واعطيت الحكم للاقوى فهذا لا خلاف فيه. نعم او عن الدليل الى العادة. يعني هذا تفسير ثالث العدول عن الدليل الى العادة. ما المقصود بالعادة العادة يعني ان يكون العدول بالمسألة عن دليلها الى مصلحة اعتاد الناس فعلا في هذا الزمان فيقال في مثل هذا المعنى والتفسير اه ويضربون له مثلا ما ما اشتهر عنهم في ذاك الزمن الخلاف وفي دخول الحمام. وهو المستحم الساخن الذي يدخل للاغتسال فيه فانه تدفع فيه اجرة دون مقابل تحديد المدة او الماء المستعمل مما هو عوض تلك الاجرة واستحسنوا جوازه مع ان القاعدة المضطردة في البيوع تقول بالمنع لانه اذا جهل احد العوظين لم يصح البيع ومن شروط صحته العلم بالمعقود والمعقود عليه. فاذا كان المعقود عليه وهو المنفعة في دخول الحمام منفعة مجهولة القدر مجهولة المدة فان ذلك يفضي الى الجهالة. واجيزت في الجعالة ولم توجز في الاجارة فاذا كان كذلك في مقتضى القواعد لا يصح فنحن عدلنا بالمسألة هذه عن الدليل الذي يقول بعدم جوازها الى المصلحة هي هنا المراد بالعادة فقلنا بجوازها. نعم ورد بانه ان ثبت انها حق فقد قام دليلها والا ردت نعم اذا كانت العادة المقصودة ثبت الدليل على مشروعية جنسها او مثلها فهي مقبولة وان كانت عادة تصادم الدليل او مصلحة ملغاة فلا عبرة بها فان تحقق استحسان مختلف فيه فمن قال به فقد شرع. نعم. فان تحقق استحسان مختلف فيه. يعني اذا وجد استحسان لا يتفق عليه الفقهاء والاصوليون ان تحقق استحسان مختلف فيه. يعني ان يعدل بالمسألة عن دليلها المعتبر. الى دليل ليس واحدا مما ذكر قال فهو المختلف فيه فمن قال به فقد شرع. ما معنى شرع يعني اثبت شرعا من تلقاء نفسه ليس من شريعة الله هذه الجملة تنسب الى الامام الشافعي رحمه الله من كلامه واول من اوردها الغزالي في المستصفى وعمه تناقلها جل الاصوليين من بعده. ولا تثبت هذه العبارة بلفظها من كلام الشافعي رحمه الله مع انها مشهورة جدا ومتداولة من استحسن فقد شرع والموجود في كلام الشافعي رحمه الله الادق من هذا والاصو منه انه قال انما الاستحسان تلذذ هذا الثابت من لفظه كما اورده رحمه الله في كتاب ابطال الاستحسان اه المقصود انهم يجعلون في غاية بطلان الاستدلال بالاستحسان انه تشريع بغير ما شرع الله. نعم اما استحسان الشافعي التحليف على المصحف وانحط في الكتابة ونحوهما فليس منه اما استحسان الشافعي التحليف على المصحف والحط في الكتابة ونحوهما فليس منه. هذا السطر الاخير يحاول ان يجيب به الشافعية عن اشكال كيف يرفض الامام الشافعي دليل الاستحسان بل ويشنع عليه وعلى القائل به ويصنف رسالة مستقلة لابطال الاستحسان ويورد مواضع في الرسالة يبطل فيها دليل الاستحسان. كيف نجمع بين هذا الموقف الرافض بدليل الاستحسان وبين تصريحه رحمه الله بانه يستحسن بعض المسائل في الفقه في مواضع متناثرة مذكورة في كتاب الام ويجدها الشافعية في عدد من جمله وعباراته رحمه الله وذلك موجود في غير ما مسألة. يقول مثلا الشافعي رحمه الله استحسنوا الا تنقص المتعة عن ثلاثين درهما هذا اذا طلق الرجل زوجته والله يقول فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا قال استحسن الا تنقص المتعة عن ثلاثين درهما قال في المكاتبة اذا كاتب السيد عبده قال استحسن ان يترك للمكاتب شيئا او ان يترك للمكاتب شيء وقال ايضا رحمه الله في الاستحسان استحسن الا تقطع يمنى سارق اخرج يده اليسرى فقطعت الى عدد من المواضع استعمل فيها الشافعي رحمه الله لفظ الاستحسان ولذلك قال المصنف اما استحسان الشافعي التحليف على المصحف يعني تحريف القاضي المدعي والمدعى عليه كما قال عليه الصلاة والسلام البينة على المدعي واليمين على من انكر هل يجوز للقاضي ان يستعمل المصحف في تحريف المدعى عليه لاقامة اليمين قال الشافعي استحسن التحليف على المصحف السؤال هو ما الذي قصده الشافعي من الاستحسان في هذه المواضع وهي متعددة اوردها في مجموعة من ابواب الفقه في كتاب الام الجواب واحد من شيئين اما انه اراد الاستحسان اللغوي الذي لا علاقة له بالمعنى الاصطلاحي هنا والمقصود انه يعده حسنا بمعنى انه غير معارض لشيء من نصوص الشريعة يعني تصرف كما رأيت في الامثلة ان يترك للمكاتب شيء الا تنقص المتعة عن ثلاثين درهما وكذلك فيما قال في التحريف على المصحف ليست عبادات ولا عقودا منصوصا عليها وبالتالي فاستحسان الفقيه رأيه هنا في هذه المسائل هو اعمال لشيء مما اوكل الى العرف مثل المكاتبة ومثل المتعة واما ان يوكل الى شيء مما يعزى الى المصالح كتحليف القاضي المدعى عليه على المصحف. هذه مصالح مرسلة فيعزى فيها الى ما يراه الناس ويعتبرون به فيأتي فقيه فيقول استحسن كذا هذا احد المحتملين والمحتمل الاخر ان يريد الشافعي رحمه الله بالاستحسان في تلك المواضع وامثالها المعنى الذي هو العدول بالمسألة عن دليل لدليل اخر اقوى. ليس مما هو داخل في ترك القياس مع قيام علته فيه الذي قال به الحنفية. وعندئذ عدنا الى المسائل التي لا يختلف فيها الاصوليون. فيما يسمونه الاستحسان بدليل استحسان بنص باثر بقياس باجماع بمصلحة ونحو ذلك هذا الذي يذكره الشافعية تفسيرا لموقف الامام الشافعي ليس فيه وحده رحمه الله. بل كذلك يذكر الحنابلة عن احمد رحمه الله انه يقول بالاستحسان في بعض المواضع وانهم يرون ذلك عنه ويرى شيخ الاسلام ان المقصود في كلام او غيره من الاستحسان المقبول حتى لو وقع في القياس فانما يكون تخصيصا للعلة بفارق مؤثر. وقد مر بكم ان العلة اذا استثني البعض صورها اما لفقدان شرط او لعدم قيام مقتضي او لوجود مانع فان انها ليست العلة المكتملة. اما اذا اكتملت العلة بقيام المقتضي واستكمال الشروط وانتفاء الموانع ثم خصت منها سورة هذا قادح في العلة بلا خلاف هذه النقطة الظيقة هي محل الخلاف ما يسمى بدليل الاستحسان فان بعض الحنفية يرى ان العلة اذا توفر مقتضاها واستكملت شروطها وانتفت موانعها يجيزون تخصيص بعض صورها التي توفرت فيها العلة الكاملة ويسمون ذلك تخصيصا للعلة ويجعلونه فيما يسمى بالاستحسان. ويأبى ذلك جمهور الاصوليين ويعتبرونه نقظا للعلة واستثناء تلك الصورة من القياس اما قدح في الدليل واما ابطال للصورة المستثناة لا محالة. فاما ان تدعي صحة القياس ثم تستثني صورة بلا مخصص معتبر هذا الذي يرفضونه ويعتبرونه ممارسة لشيء ليس في عداد الادلة المعتبرة. كذلك ما لك رحمه الله فانه ايضا ثبت عنه في بعض العبارات التي ينقلها اصولي المالكية مثل قوله الاستحسان تسعة اعشار العلم وكذلك قال اصبغ ابن الفرج الاستحسان في العلم يكون اغلب من القياس. وقال بعض البصريين من المالكية بمشروعية بدليل الاستحسان هذا كله يعود الى احد المحملين الذين ذكرتهما فيما حمل عليه كلام الشافعي في الاستحسان رحم الله الجميع