حلاوة الايمان. قال ولهما اي للبخاري ومسلم عن انس رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن في ثلاث خصال ثلاث صفات ثلاث خلال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعده احمده حق حمده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان من اجل ما يتقرب به الى الله عز وجل ما يفتح الله تعالى على قلوب اوليائه من محبته سبحانه وبحمده فان محبة الله جل في علاه من اجل العبادات واعظم القربات وهي الباعث على اعمال البر والطاعة والاحسان فبقدر ما يقوم في قلب العبد من محبة الله عز وجل اقبال عليه جل في علاه يتحقق للعبد العبودية لله رب العالمين. فالعبادة عبادة الله عز وجل تقوم على كمال محبته وعلى تمام تعظيمه واجلاله فبكمال الحب وبكمال الذل والتعظيم لله عز وجل. يتحقق للعبد كمال العبودية للرب جل في علاه وبقدر ما يحصل من الخلل في هذين الامرين محبة الله عز وجل وتعظيمه يحصل النقص في عبادته سبحانه وبحمده ولهذا جدير بالمؤمن ان يعتني بهذا المقام العظيم وهذا العمل الجليل وهو حب الله في قلبه وتعظيم الله عز وجل واجلاله في قلبه فانه على قدر ما يحقق المؤمن من هذين العملين الصالحين القلبيين بقدر ما يدرك من عبودية الله عز وجل بقدر ما يدرك من تحقيق العبادة التي من اجلها خلق الله تعالى السماوات والارض وخلق الانس والجن كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. وقد قال جل وعلا الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وان الله جل في علاه اخبر عن عبادة في بيان صفاتهم انهم يحبونه وانه يحبهم جل وعلا فمحبة الله لعباده الصالحين هي ثمرة محبتهم له سبحانه وبحمده فبقدر اقبال العبد ومحبته لربه ينال من محبة الله عز وجل فاذا اخلص العبد الحب لله فلم يقم في قلبه محبة عبادية لغير الله عز وجل يكون قد اخلص التوحيد لله عز وجل و حقق ما طلب منه من عبادة الله وحده لا شريك له ويكمل ذلك بافراد الله تعالى بالتعظيم وانه ليس في قلبه اعظم منه جل في علاه ولهذا جدير بالمؤمن ان يعتني بهذا المقام فان الحب لله عز وجل هو من اعظم ما يبعث القلوب الابدان الى طاعة الرحمن جل في علاه فان طاعة الله عز وجل يحركها في قلب العبد وفي عمله كمال المحبة فمن احب شيئا سعى اليه ومن ذل لشيء لم يخرج عن طاعته ولم يتورط في معصيته فهذه المقامات الجليلة مقام الحب لله والتعظيم له يتحقق بهما كمال العبودية لله عز وجل. ولهذا اول ما ذكر الله عز وجل من الانحراف في تحقيق العبودية لله ذكر حال اولئك الذين توجهوا بالمحبة الى سواه فاحبوا غير الله عز وجل محبة العبادية صرفتهم عن كمال العبودية له جل في علاه فلهذا ينبغي للمؤمن ان يعتني بهذا المقام القلبي وهذا العمل الباطن وهو من اجل اعمال القلوب هو رأس عمل الانسان في سيره الى الله عز وجل. ان يحب الله عز وجل وان يصدق في محبته. واذا حقق كان هذا حاملا له على صلاح العمل والاجتهاد في طاعة ربه سبحانه وبحمده فيفوز بعد ذلك بمحبة الله عز وجل ومن احبه الله فاز بنعيم الدنيا فوز الاخرة وسبقها وعلو مراتبها لهذا نقرأ ان شاء الله تعالى جملة من النصوص من الايات والاحاديث في شأن وجوب افراد الله تعالى بالمحبة. وان يخلص العبد حبه لله فلا يحب سواه. وانه ما حصل خلل في هذا الاصل انعكس هذا الخلل على عبادة الانسان وتوحيده وعلى عمله وسيره الى ربه. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب عمل يقربنا الى حبه بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله باب قول الله لله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا. يحبونه هم كحب الله وقوله قل ان كان اباؤكم وابناؤكم قوله احب اليكم من الله ورسوله. عن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين ان ولهما عنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه الا لله. وان يكره ان يعود في الكفر بعد لانقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار. وفي رواية لا يجد احد حلاوة الايمان حتى الى اخره وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال من احب في الله وابغض في الله ووالا في لله واعاده في الله فانما تنال ولاية الله بذلك ولن يجد عبد طعم الايمان وان كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على امر الدنيا وذلك لا يجدي على اهله شيئا. رواه ابن جرير وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وتقطعت بهم الاسباب. قال المودة هذه النصوص من كلام الله عز وجل واحاديث سيد الورى نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وما نقله عن عبد الله ابن عباس كلها دائرة على بيان حق الله تعالى في وجوب محبته وحده لا شريك له وبينت ايضا ما يتعلق بالمحبة من اثار وما ينتج عنها من ثمار وبينت خطورة الاخلال بهذا الاصل وان الاخلال بهذا الاصل ينعكس على الايمان والتوحيد في اصله وعلى عمل الانسان وسيره الى ربه بدأ رحمه الله بذكر قوله جل وعلا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. والذين امنوا اشد حبا لا هذه الاية الكريمة ذكر الله تعالى فيها خللا وقع فيه فئة من الناس حيث انهم لم يفردوا الله جل وعلا بالعبادة بل صرفوا العبادة الى غيره بمحبة سواه سبحانه وبحمده وحب الله ايها الاخوة فطرت القلوب عليه. فان محبة الله امر فطر الله تعالى قلوب الخلق عليه كما ان هذه المحبة يوجبها ويثمرها عظيم نظر العبد الى عظيم انعام الله تعالى على الخلق فان العباد مفطورة قلوبهم على على محبة المحسن اليهم وليس احد اعظم احسانا على الخلق من خالقهم جل في علاه فاحسان الله على عباده لا ينفكون منه بكرة واصيلا ولا لحظة من لحظات اعمارهم الا وهم في فظله وانعامه واحسانه ونعمه تترى عليهم كما قال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله فمحبة الله تعالى توجبها الفطرة التي فطر الله تعالى القلوب عليها. كما يوجبها عظيم احسانه وجزيل من وكبير عطائه سبحانه وبحمده فان العباد لا ينفكون من فظل الله عليهم واحسانه اليهم جل وعلا سبحانه وبحمده. ولهذا كانت محبته حقا له لا يجوز ان يصرف الى سواه. فالمحبة العبادية التي يتعلق فيها القلب بالله عز وجل لا يجوز صرفها الى غيره وما تنصرفت هذه المحبة الى غير الله عز وجل كانت شرخا في التوحيد كانت نقضا لما امر الله تعالى به من افراده بالعبادة. فالعبادة تقوم على ركنين. لا تقوم العبادة الا على قدمين وساقين على ساق محبة الله وافراده بذلك وعلى ساق تعظيمه واجلاله وبحمده فاذا اختل لم تقم العبادة. اذا صرف العبد المحبة الى غير الله. من محبة المخلوقات والتوجه اليهم بالحب العبادي كان ذلك خللا في ايمانهم ونقصا في توحيدهم وتعثرا في تحقيق لا اله الا الله فان لا اله الا الله لا معبود حق الا الله. واصل العبادة يقوم على كمال المحبة لله عز وجل. وعلى غاية الذل له سبحانه وبحمده. فعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قضبانه. فلا تقوم العبادة الا على هذين الساقين على هذين الامرين على هاتين القاعدتين قاعدة المحبة لله وحده لا شريك له وقاعدة التعظيم والذل له جل في علاه وكان من اول ما ذكر الله عز وجل من سورة من صور التنديد به والاشراك اشراك اولئك الذين سووا غيره من كن فيه اي من وجدن فيه وحققهن وجد بهن حلاوة الايمان ادرك بهن طعم الايمان فحلاوة الايمان هي طعمه وهذا الطعم لا يذاق باللسان بل يذاق بالقلب بما يمن الله تعالى به على قلوب اوليائه في محبته يا اخواني التوحيد هو اخلاص العبادة لله هو افراد الله بالمحبة والتعظيم. هذا معنى لا اله الا الله ومتى ما صرف العبادة لغير الله فقد اشرك متى ما احب غير الله محبة لا تليق الا بالله محبة عبادية فان ذلك يوقعه في الشرك وقد قال الله جل وعلا في ذلك الحمدلله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون اي يسوون غير الله بالله يسوون غير الله بالله وهذا هو شركهم وكفرهم. لما سووا غير الله بالله جل في علاه في محبته وفي تعظيمه وفي السعي الى مرضاته كانوا بذلك مشركين وقد قال الله تعالى عن اهل النار في بيان ما يندبون به مآلهم ويتحسرون فيه على سوء اعمالهم. قال تعالى تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين هذه حالهم يوم القيامة عندما يقضى بين الناس فيصير اهل النار الى النار يندب هؤلاء حظهم وما وقعوا فيه من ظلال ويقولون مقسمين بالله تالله يعني والله ان كنا لفي ضلال مبين. ما كنا الا في ضلال بين ظاهر. ما هو الضلال الذي وقعوا فيه اذ نسويكم برب العالمين حيث سووا غير الله بالله فنقضوا لا اله الا الله فان لا اله الا الله الله تقتضي افراد الله بكل كمال بكل عبادة بكل طاعة بكل عمل قلبي او بدني مما يتعبد به الله جل وعلا ذكر الله تعالى في اول ما ذكر من صور الشرك به سبحانه وبحمده قوله جل وعلا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا من الناس يخبر الله تعالى عن جماعة من الناس سووا غير الله تعالى بالله في محبته فجعلوا لله امثالا واندادا ونظراء. احبوهم كحب الله عز وجل. هم لم يسووا غير الله تعالى بالله في الخلق فيعرفون انه لا خالق الا الله. ولم يسووا غير الله بالله في الرزق. وانما سووا غير الله في المحبة فسووا اصنامهم واوثانهم ومن من يتوجهون اليهم بالعبادة بالله عز وجل في المحبة فكانوا كمشركين. يقول الله جل وعلا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا ان ان يصيروا لله عز وجل. امثالا ونظراء يحبونهم كحب الله اي يسلبون لهم من المحبة ما لا يليق الا بالله عز وجل. ما لا يكون الا لله جل في علاه. واعلم بارك الله فيك ان المحبة تنقسم الى اقسام. فمنها ما لا يصلح الا لله عز وجل. ومنها ما يجوز ان يكون لغير سبحانه وبحمده. فالمحبة العبادية محبة الطاعة محبة الذل والخضوع. محبة بالفضل والاحسان وانه المتفضل بكل انعام عليك هذه لا تكون الا لله عز وجل. التي تقتضي تمام الخضوع له و كمال الانجذاب اليه والاقبال عليه هذه لا تكون الا لله فهي محبة عبادية. لا يسوى غير الله تعالى فيها بالله سبحانه وبحمده اما المحبة الطبيعية فهذه محبة الانسان لما جبله جل وعلا عليه من محبة الولد من الوالد من محبة المحسن من محبة المال. وما اشبه ذلك من المحاب الطبيعية. ما لم يغلو فيها الانسان ويجعلها كمحبة الله او يغلو فيها الانسان ويقدمها على محبة الله عز وجل فعند ذلك يقع الخلل. فقوله جل وعلا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا اي من الناس من يسوي غير الله بالله. هذا معنى قوله من الناس من يتخذ من دون الله اندادا. ثم بين كيف سوى هؤلاء غير الله بالله؟ قال يحبونهم كحب الله اي يحبون هؤلاء الامداد كما يحب اهل الايمان الله جل وعلا. يحبونهم تحب الله اي يحبون هؤلاء الذين عظم قدرهم في قلوبهم من الملائكة من الانبياء من الصالحين من الاولياء غلوا في محبتهم وزادوا في التعلق بهم الى هذا الحد ان عبدوهم مع الله عز وجل فسووهم بالله ولذلك ولذلك قال كحب لا اي كما يجب لله عز وجل من المحبة. فسووا غير الله عز وجل بالله سبحانه وبحمده ولذلك بعد ان اخبر عن خلل هؤلاء في في تسوية غير الله بالله في المحبة ذكر جل في علاه المقارنة موازنة بين محبة المؤمنين لله ومحبة هؤلاء لاوثانهم وشركائهم الذين احبوهم مع الله او او احبهم دون الله عز وجل. فقال تعالى والذين امنوا اشد حبا لله. الذين امنوا فاخلصوا لله العبادة. الذين امنوا فاتموا له التوحيد اعظم محبة لله من محبة اولئك لاوثانهم من احب من محبة اولئك لشركائهم وقيل في معنى الاية ان الله وازن بين محبة المؤمنين لله ومحبة الذين وقعوا في الشرك له سبحانه وبحمده فقال المؤمنون اشد حبا لله من محبة هؤلاء الذين سووا غير الله واشركوا به لله عز وجل ولا غرابة المعنيين صحيح فان محبة المؤمنين لله اعظم من محبة اولئك لاوثانهم وشركائهم كما ان محبة المؤمنين الله اعظم من محبة اولئك لله عز وجل والسبب ان المؤمنين افردوا الله بالعبادة. اخلصوا له المحبة فلم يكن في قلوبهم محبوب سوى الله. ولذلك لم يكن لم يكونوا مساوين لاولئك في محبة الله. فالمشركون لما وزعوا محبتهم الى الخلق وقعوا في هذا الانحراف والظلال يقول الله تعالى والذين امنوا اشد حبا لله. وهذا يدل على انه يجب على كل مؤمن نجاة ويريد تحقيق العبودية لله الا يسوي غير الله بالله. ان يفرد الله تعالى بالمحبة. بعد ان المؤلف رحمه الله ما ذكره الله في حق اولئك الذين اخلوا بمحبته ذكر نوعا اخر من الخلق بل في المحبة وهي ان يقدم المحبوب الطبيعي المحبوب العادي المحبوب الذي اقرته الشريعة على محبة الله في قوله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. ذكر الله عز وجل اولئك الذين ضلوا وصرفوا المحبة العبادية القلبية لغير الله فجعلوا تلك المحبة مشتركة بين الله وبين غيره فلم يحققوا لا اله الا الله. اما قوله تعالى في سورة التوبة قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها هذي كم هذه كم محبوب كم محبوب ذكر كم محبوب ذكره الله عز وجل في هذه الاية قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون ومساكن ترضونها هذه الثمانية محبوبات ذكرها الله عز وجل في هذه الاية ان كانت هذه المحبوبات احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله. فتربصوا حتى يأتي الله بامره. ان الله لا يهدي القوم الفاسقين هذه الاية الكريمة ذكر الله تعالى فيها اصول المحبوبات الطبيعية. كمحبة الوالد لولده ومحبة الولد لوالده ومحبة الاخ لاخيه. ومحبة الزوج لزوجه. ومحبة العشيرة والقبيلة ومن ينتسب اليهم الانسان. ومحبة الاموال بشتى صورها. المكتسبة ومحبة تجارات التي ينتج عنها المال ومحبة الاوطان والمساكن كل هذه المحام محاب طبيعية. قال الله تعالى وتحبون المال حبا جما. قال الله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحر. فكل هذه المحبات محبات طبيعية لا يعاب عليها الانسان بل قال النبي صلى الله عليه وسلم حبب الي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة فمحبة هؤلاء المحبوبات امر طبيعي لكن متى يقع الخلل في محبة هذه الاشياء الطبيعية؟ يقع الخلل في محبة هذه الامور الطبيعية عندما تعوق عن محبة الله عندما تقدمها على محبة الله ورسوله. عندما تؤخرك عن طاعة الله. ولذلك قال احب اليكم اي هي مقدمة في المحبة من الله ورسوله وجهاد في سبيله اي وطاعته والقيام بامره فاذا حملت محبة هؤلاء المحبوبات زاحمت محبة العبد لله عز وجل. ومحبة العبد لما يحبه. وهو محبة رسوله صلى الله عليه وسلم وحملته على ترك ما يجب من طاعة الله عز وجل بالقيام بحقه. فعند ذلك يقع الخلل في العبادة يقع الخلل في المحبة لانه قدم محبة غير الله على الله عز وجل. وبه يتبين انسان ان الواجب عليه في كل المحبوبات الطبيعية ان لا يقدمها على محبة الله ورسوله طاعته والقيام بامره. فان المحبة الطبيعية لا حرج على الانسان فيها وقد اقرها اقرتها الشريعة انما نهت الشريعة عن ان يقدم الانسان هذه المحاب على محبة الله. كما قال تعالى احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا اي انتظروا. حتى يأتي الله بامره اي حتى ينزل بكم ما يليق بكم من العقوبات لتقديمكم محبة غيره على محبته سبحانه وبحمده. فالواجب على العبد ان يقدم محبة الله ورسوله على كل محبوب وان يقدم طاعة الله تعالى ورسوله على كل احد اذا عرفنا بهذا ان الخلل في محبة لغير الله عز وجل يقع في امرين او في جانبين. الجانب الاول في ان تسوي محبة غير الله بالله فعند ذلك تقع في الخلل سواء كان المحبوب ملكا او كان المحبوب نبيا او رسولا او كان المحبوب صالحا او وليا فانه لا يجوز ان يسوى غير الله بالله في المحبة بل لا يحب محبة عبادية قلبية الا الله جل في علاه الصورة الثانية من صور الخلل في المحبة ان تحب غير الله تعالى محبة تحملك على تقديمها على محبة الله عز وجل فانت لا تسويها بالله فليست محبتها كمحبة الله في الطاعة والعبادة لكن ثمة تأخر في قدر محبة الله اذ انك تقدم محبة غيره على محبته فتجعلك هذه المحبة متأخرا عن محبة الله وعن القيام بطاعته فهنالك يقع الخلل في المحبة وهذا مؤشر ودليل على الخلل في المحبة فانه بعد ان ذكر تسوية غير الله بالله ذكر ما يتبين به ذلك ما يتبع به ذلك من تقديم هذه المحبوبات على محبة الله عز وجل. وذلك من الخروج عن الصراط المستقيم وعبادة الله جل في علاه فجدير بالمؤمن ان يتحرى اخلاص الحب لله في كل مقام وعمل وان يقدم الله ورسوله ومحبة طاعته على كل محبوب. فانه بذلك يحقق العبودية لله عز وجل وبعد ان بين ما يجب لله من المحبة افرادا وما يجب له تعالى من المحبة بان لا يقدم محبة غيره عليه ذكر وجوب محبة النبي صلى الله عليه على اله وسلم وان هذه المحبة لا تؤثر على محبة الله بل هي فرع عن محبة الله. واعلم بارك الله فيك ان كل محبوب امر الله بمحبته فمحبته فرع عن محبة الله فليست مساوية ولا منازعة لمحبة الله فنحن نحب الملائكة من حبنا لله. ونحب الرسل من حب بنا لله ونحب الاولياء والصالحين والشهداء من حبنا لله عز وجل. فكل هذه ثمار محبته فمن احب الله احب ما يحبه الله فالمحبة لها اثار وثمار ولها نتائج واثار فمن دار محبة الله وثمارها ونتائجها ان تحب ما يحبه الله عز وجل وهذه المحبة متفاوتة على حسب المنزلة من الله عز وجل. فاعظم المحبوبات مما يحب لله عز وجل محبة رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولذلك جاء حديث انس الذي قال فيه رسول صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين. هذه المحبة محبة قلبية ايمانية واجبة لسيد البرية صلوات الله وسلامه عليه. فان محبته صلى الله عليه وسلم مقدمة على محبة كل محبوب من الخلق وهي ثمرة وهي ثمرة محبة الله عز وجل. ولا غرو ولا عجب ان تكون منزلته بالمحبة كما ذكر صلى الله عليه وسلم من تقديم محبته على جميع انواع المحاب. فالمحبة التي له صلى الله عليه وسلم هي محبة اجلال وتعظيم وايمان واتباع وانقياد لامره. وقد ذكر بعض اهل العلم من لوازم هذه المحبة الانجذاب القلبي. ذكر بعض اهل العلم من لوازم محبة النبي صلى الله عليه وسلم. الانجذاب القلبي اليه صلى الله عليه وعلى اله وسلم واذا تأمل الانسان ما كان من رسولنا صلى الله عليه وسلم من الجهاد والبذل والسعي في اخراج الناس من الظلمات الى النور. وهدايتهم الى سبل السلام لم يملك الا ان يحبه صلى الله عليه وسلم وان يقدم محبته على كل محبوب من الخلق. فانه اعظم الخلق احسانا الى الخلق هو اعظم احسانا اليك من والدك ووالدتك ومن كل من له احسان عليك. فاحسان النبي صلى الله الله عليه وسلم الى الخلق احسان عظيم يوجب محبته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لكن يجب ان يعلم ان ذلك لا يسوغ بحال من الاحوال ان تسوى محبته بمحبة الله فان محبته فرع عن محبة الله اثر من محبة الله. واما محبة الله فلا نظير لها. ولا سمي لها ومن ومحبة احد من الخلق بمحبة الله عز وجل فقد وقع فيما ذمه الله وحذر منه في قوله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. والذين امنوا اشد حبا لله فجدير بالمؤمن ان يعلم ان محبة النبي صلى الله عليه وسلم اذا غلا فيها الانسان فانه يكون قد خرج بذلك عن الصراط المستقيم. الواجب محبته صلى الله عليه وسلم ولا يكمل ايمان احد الا بمحبته وان يكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين بل حتى احب من نفسه لكن دون ان يغلو في رفع محبته الى محبة الله عز وجل. ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا الحق في محبة الخلق لله عز وجل هي من ثمار محبة الله وهي مما يدرك به الانسان ويفيض به على قلوب اهل محبته من النعيم الذي تطمئن به قلوبهم وتنشرح به صدورهم وتستنير به افئدتهم هؤلاء اذا تحقق لهم هذه الخصال الثلاثة ادركوا ذلك الطعم الذي به سعادة الدنيا وفوز الاخرة. ثلاث من كن في اي من وجدنا فيه وجد بهن حلاوة الايمان فتش عنها في عملك في شأنك فانه بقدر ما تحقق من هذه الخصال الثلاث تدرك الفوز والسبق وحلاوة الايمان التي اخبر بها سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه. ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. ان يكون الله اي ان يكون ان تكون محبة الله ومحبة رسوله مقدمة على محبة كل محبوب ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما مما يحب من المحبوبات فمحبة الله على كل محبوب ومحبة رسوله مقدمة على كل محبوب من الخلق فهي تابعة وهي الوالية لمحبة الله عز لكنها فرع عنه وليست نظيرا له. هي ثمرة لمحبة الله وليست مساوية لمحبة الله. بل هي من الله فمن احب الله احب ما يحبه احب رسوله صلى الله عليه وسلم. وذكره ابتداء لانه اعلى درجات المحبة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين. ثم قال صلى الله عليه وسلم في بيان الخصلة الثانية وان يحب المرء لا يحبه الا لله وهذا ثاني الخصال التي يدرك بها الانسان حلاوة الايمان ان يكون حبه للناس ترعى عن محبته لله عز وجل في حب من يحبه الله ان يحب الرجل او ان يحب المرء لا يحبه الا لله. اي ليس ثمة سبب لمحبته ولا ولا سبب لوجود الحب بينه وبين الا الله جل في علاه. ومعنى هذا انه يحبه لكونه طائعا لله. لكونه قائما بامر الله لكونه عبدا لله عز وجل فهو ثمرة محبة الله فمن ثمار محبة الله ان تحب من يحبه الله من عباده واوليائه. اسأل الله العظيم ان يجعلني واياكم منهم اذا هذي ثاني الخصال وهي ثمرة الاولى. فمن احب الله احب ما يحبه ولذلك قال وان يحب المرء لا يحبه الا لله. اما ثالث الخصال التي يجد بهن يجد بهن الانسان حلاوة الايمان وان يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان قذفاء في النار هذي ثالث الخصال وهي بغظ ما يبغظه الله عز وجل وهذا ثمرة المحبة فان من احب شيئا احب ما يحبه. ومن احب شيئا ابغظ ما يبغظه ذلك المحبوب ولذلك انظر الى هذه الثلاثة الخصال تجدها دائرة على معنى واحد وهو حفظ الله وحب ما يحبه وبغض ما يبغضه جل في علاه. فانه لا يتم المحبة لاحد وهو يحب اعداء من يحب فان محبة الله عز وجل توجب افراده بالعبادة سبحانه وبحمده. توجب الا تحب سواه. توجب ان تحب من يحبه الله عز وجل من انبيائه ورسله واوليائه. توجب ان تبغض ما يبغضه الله ورسوله الله عليه وسلم فان ذلك من كمال محبة الله عز وجل. اما الرواية الثانية فقد قال فيها لا يجد احد حلاوة الايمان حتى يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. وحتى يحب الرجل لا يحبه الا لله. وحتى يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار. ثم بعد ذلك ذكر في بيان بعض هذه الامور بمحبة الله وان الاصل الذي تنشأ عنه كل هذه التفاصيل التي تضمنتها النصوص مرتبطة بمحبة الله ذكر اثر ابن عباس رضي الله تعالى عنه حيث اخبر ابن عباس ان من احب لاجل الله وكره لاجل الله نصر احدا لاجل الله وعاد لاجل الله فقد نال محبة الله عز وجل يقول رحمه الله من احب في الله اي من احب لاجل الله وابغض في الله اي وكره لاجل الله ووالى في الله اي ناصر احدا لاجل الله لا لعصبية ولا لنسب ولا لمصلحة انما لاجل الله نصرة لله عز وجل. وعاد في الله اي جعل عداوته منطلقة من محبة الله ولاجله وفي سبيله ليس لاجل مصلحة ولا لاجل فوات مرغوب بل لاجل الله عز وجل وحده لا شريك له. قال فانما تنال ولاية الله بذلك. اي من اراد ان يكون وليا لله فليكن على هذه الحال ولاية الله تنال بكمال محبته. ان تحب الله وحده لا شريك له. وان تحب ما يحبه الله وان تبغض ما يبغضه الله فبذلك تدرك ولاية الله فولاية الله انما تدرك بكمال محبته وتمام انجذاب القلب اليه. والا يسوى به غيره سبحانه وبحمده. وان عن كل محبوب سواه. هذا هو الذي يحقق كمال المحبة لله عز وجل. ولذلك قال ابن عباس من احب في الله وابغض في الله ولا في الله وعاد في الله فانما تنال ولاية الله بذلك. ثم قال رضي الله تعالى عنه ولن يجد عبد طعم الايمان وان كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك. اي لن ينال حلاوة الايمان حتى يكون كذلك اي حتى يكون على هذه الوصف الذي قدم به قوله من احب في الله وابغض في الله ووالى في الله وعاد في الله فانه سينال بذلك ولاية الله وان كثرت صلاته وصومه لكن كان يحب لهوى يحب لعصبية يبغض لغير الله عز وجل و لا يميز بين اولياء الله واعدائه. بل تجده يحب اعداء الله وقد يبغض اولياء الله عز وجل فانه عند ذلك وان كثرت صلاته وصومه لن ينال ولاية الله عز وجل فانما تنال ولاية الله عز وجل بكمال الاقبال عليه. وقد جاء في السنن من حديث ابي امامة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من احب في الله وابغض في الله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان. اي كمل ما يجب له من الايمان. ولذلك قال ابن عباس ولن يجد عبد طعم الايمان وان صلاته وصومه حتى يكون كذلك. ثم ذكر خلل محبة غير الله عز وجل وان كل من احب غير الله عز وجل فان تلك المحبة تنقلب يوم القيامة عداوة كما قال تعالى كما قال تعالى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا من الى من الا المتقين. فالمتقون سالمون من العداوات يوم القيامة لان حبهم لله فينالون على ذلك الحب اجرا وثوابا. اما المحبة لغير الله فقد ذكر الله عز وجل مآل اصحابها بالبغضاء التي تكون بينهم وكذلك ذكر ما يكون من تقطع الاسباب بينهم كما قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله المؤمنون اشد حبا لله ثم يوم القيامة يتبرأ اولئك المحبوبون من محبة هؤلاء الذين قدموا على الله عز وجل. ولذلك قال وتقطعت بهم الاسباب. فيتبرأ المتبوعون من التابعين. ويتمنى الاتباع ان لو تبرأوا او من المتبوعين وذلك معنى قوله تعالى وتقطعت بهم الاسباب اي انه يوم القيامة ينصرم ما يكون بينهم من المودة فما كان بينهم في الدنيا من محاب ومنافع تنقطع في ذلك اليوم. فالاسباب هي علائق وهي المحاب التي تكون بين الناس وكل تلك الاسباب تنقطع في ذلك اليوم العظيم الذي لا ينفع فيه الا ما يكون من صالح العمل واعظم عمل يتقرب به العبد الى ربه ان يخلص له المحبة وان يقبل عليه جل في علاه مخلصا له العمل هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله من النصوص والاحاديث والاثار في شأن المحبة وخلاصة ذلك انه يجب على المؤمن ان يفتش في قلبه وان يعتني باخلاص المحبة لله وحده لا شريك له. وان لا يسوي ينتهي غيره وان يحب ما يحبه الله وان يبغض ما يبغضه الله. فعند ذلك يكون قد كمل هذه العبادة وهذا العمل الجليل من اعمال القلوب الذي به صلاح الدنيا وفوز الاخرة. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا حب وحب من يحبه وان يرزقنا حب عمل يقربنا الى حبه. وان يعيننا على الطاعة والاحسان وان يصرف عنا السوء في والاعلان وان يجعلنا من اوليائه وحزبه