الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد يقول المصنف رحمه الله والقبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران بين المصنف رحمه الله في هذه الجملة التي هي صلة ما تقدم مما يتعلق الايمان اليوم الاخر ما يتعلق باول منازل الاخرة اول منازل الاخرة القبر والقبر هو مدفن الموتى الله تعالى جعل القبور مبدأ الجزاء الاخروي وفيها الحياة البرزخية و قوله رحمه الله والقبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران بيان اح لحال الناس في القبور وانهم معذبون ومنعمون بدأ بالتنعيم فقال والقبر روضة من رياض الجنة. الروضة اسم ما كثر ماؤه وحسنت خضرته واتسع فالمكان الواسع كثير الماء حسن الخضرة يسمى روضة وهذا هو حقيقة القبور بالنسبة لاهل الايمان والطاعة والاحسان القبر روضة من رياض الجنة اذا مات الانسان ودفن فانه ان كان مؤمنا يرى مقعده من من الجنة ويكون قبره بذلك روضة من رياض الجنة لما فيه من السعة والخضرة واما ان كان كافرا فقبره حفرة من حفر النيران لانه يفتح له باب الى النار ويرى مقعده من النار فيكون قبره حفرة من حفر النار لما فيه من رؤية النار والعذاب والعرض على النار كما قال تعالى النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب فمعنى كون القبر روضة من رياض الجنة انه يجري على ساكنه من نعيم الجنة وروحها وسعتها وجمالها وبهائها ما يجعل القبر ويصيره روضة من رياض الجنة ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بالعزب الطويل في وصف احوال الناس في الاحتضار وما بعده في نادي مناد من السماء ان صدق عبدي بعد الاختبار وسؤال الملكين ان صدق عبدي فافرشوا له فافرشوا له من الجنة والبسوه من الجنة وافتحوا له بابا الى الجنة تأتيه من روحها وطيبها ويفسح له مد بصره. بهذا يكون القبر روضة من رياض الجنة يقابل هذا حال اهل الكفر والشرك واهل العذاب فانهم اذا او الى قبورهم جاءهم نظير ما جاء اهل الايمان حيث انه يفرش له من النار ويفتح له ويأتيه من من من سمومها وحرها ويضيق عليه قبره فيكون قبره حفرة من حفر النيران وهذا يبين ما تصير اليه احوال المقبورين من نعيم وعذاب فاهل الايمان ينعمون بما ذكر الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فارواحهم في جوف طير خضر تسرح في الجنة فتكون قبورهم روضة من رياض الجنة اهل الايمان جاء فيهم ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في المسند والسنن ان نسمة المؤمن اي روحه طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله تعالى الى جسده يوم يبعثه وانظر الى الفرق بين المجاهد الشهيد وبين المؤمن فان المؤمن روحه في فان المؤمن روحه طير في الجنة يعلق في شجرها حتى يرجعه الله تعالى اليه يوم يبعثون. اما الشهيد الذي قتل في سبيل الله ترواحهم في جوف طير ليست طيرا انما فيه جوف طير وهذا اكرام فهي محمولة ومكرمة ومصونة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ارواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش. هناك تعلق في شجر الجنة وهذه لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي الى تلك القناديل التي هي معلقة في العرش يقابل هذا ارواح المشركين فهي في سجين وفي عذاب اليم وفي حديث البراء الطويل الذي تقدم ذكره فينادي مناد من السماء ان كذب عبدي فافرشوا له من النار والبسوها من النار وافتحوا له بابا الى النار كما تقدم في اهل النعيم ويأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه حتى تختلف فيه اضلاعه. وهذا الاختلاف يختلف عن الظمة التي تكون لكل مقبور. هذا هذه تلك ضمة كما يجده الانسان عند الولادة من الالم فيبكي وهذه ظمة الحياة البرزخية التي تكون لكل مقبور لكن التي يحصل في بها اختلاف الاضلاع التي ذكرها في حديث المرأة بالعازف فتلك ضمة عذاب ولذلك هي متى تكون؟ تكون بعد سؤال منكر ولكن والضمة الاولى التي تكون لكل مقبور التي جاء فيها قوله لو سلم منها ان القبر ضمة لو سلب منها احد لسلم منها سعد ابن معاذ على القول بصحة الحديث حديث في اسناده مقال فالمقصود بالضمة تلك الضمة التي تكون لكل مقبور وعلى كل حال خبر الكتاب والسنة يؤيد ما ذكره المصنف رحمه الله من ان القبور روضة من رياض الجنة وحفرة من حفر النيران ولا يفهم من كون القبر روظة من رياظ الجنة او انه حفرة من حفر النيران ان يكون القبر قطعة من الجنة او جزءا منها الجنة في السماء وكذا القبور قبور المشركين ليست قطعة من النار فان المقصود بذلك انه يلقى فيها من عذاب السموم وعذاب النار ما يصير القبر حفرة من حفر النار وكذلك اهل الايمان يلقون من النعيم ما يسيروا القبور روضة من رياض الجنة اه ثم قال المصنف بعد هذا بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين وجميع قال الامام الطحاوي رحمه الله تعالى ونؤمن بالبعث وجزاء الاعمال يوم القيامة والعرض والحساب وقراءة الكتاب والثواب والعقاب والصراط والميزان والجنة والنار مخلوقة لا تثنيان ابدا ولا تبيدان. وان الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق. وخلق لهما اهلا فمن شاء منهم الى الجنة فظلا منه ومن شاء منهم الى النار عدلا منه وكل يعمل لما قد فرض له وصائر الى ما خلق له والخير والشر مقدران على العباد قل رحمه الله ونؤمن بالبعث اي ان اهل السنة والجماعة يقرون بما جاءت به النصوص في كتاب الله تعالى وسنة رسوله من ان الناس يبعثون من قبورهم والبعث هو الاحياء بعد الموت وهذا اصل من اصول الايمان وهو الايمان باليوم الاخر وهو من اكبر الاصول واكثرها ذكرا في القرآن الكريم هو قرين الايمان بالله عز وجل فكثيرا ما يذكر الله تعالى مع الايمان به الايمان باليوم الاخر يقول تعالى يؤمنون بالله واليوم الاخر وماذا عليهم لو امنوا بالله واليوم الاخر الذين ينفقوا فالذي فالذي ينفق ماله رياء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الاخر الايات في هذا كثيرة التي فيها القرن بين الايمان به والايمان باليوم الاخر والايمان باليوم الاخر متفق عليه بين الرسالات وهو معلوم بالاضطرار من دين الاسلام وقد اقام الله تعالى عليه الشواهد والادلة القرآن مليء الادلة الدالة على البعث بعد الموت وقد اقسم الله تعالى على بعث الارواح والابدان ورد الناس بعد مماتهم في مواضع عديدة في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم قال جل وعلا في سورة سبأ وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي امر الله تعالى رسوله بان يقسم امر رسوله بان يقسم بان الساعة اتية قل بلى وربي لتأتينكم وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم وقال جل وعلا في سورة التغابن زعم الذين كفروا الا يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن قال تعالى في الموضع الثالث وهو في سورة يونس ويستنبأونك حق هو قل اي وربي حق هو البعث الله تعالى امر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يقسم على هذا الامر في ثلاثة مواضع وما ذاك الا تأكده وتحققه واقناعه هؤلاء المكذبين به واما السنة النصوص اكثر من ان يحاط بها في بيان الايمان بهذا الاصل وقد سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الايمان فقال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره وفي بعض الروايات قال والبعث بعد الموت وهذا هو الايمان باليوم الاخر والمصنف رحمه الله دعكي ذكر هذا مع ظهوره وجلائه الامام بالبعث تقريرا لما جاء من اصول الايمان ورد على اهل الانحراف والزيغ والضلال فان المحرفين من الفلاسفة المنتسبين الى الاسلام يقولون ان البعث ليس بعثا للاجساد بل هو بعث للارواح فقط واما بعث الاجساد فليس كائنا ولا واقعا وما اخبرت به الرسل من بعث الاجساد انما هو تخييل ولذلك يسميهم العلماء اهل التخييل لانهم يصفون الانبياء بانهم يتخيلون خيلو للناس بعثا للابدان وخروجا من القبور ومحاسبة على الاعمال وذاك ليس بصحيح انما هو بعث الارواح هكذا قالوا كذبوا زورا وبهتانا من ابرز من قال بذلك ابن سينا ومن سار في طريقه من المتفلسفة المنتسبين للاسلام فانكروا البعث الذي اخبرت به الرسل وهو عود الارواح الى الابدان وقيام الناس لرب الارض والسماء جل في علاه و رد عليهم علماء الامة وبينوا ضلالهم وكذبهم بالايات البينة الدالة على ان الاموات يبعثون يوم القيامة فتقام الارواح فتقام فتعاد الابدان فتعاد الارواح الى الابدان ويقوم الناس لرب العالمين كما قال تعالى يوم يقوم الناس لرب العالمين وقيامهم هنا قيام ابدانهم بعد عود ارواحهم وقوله رحمه الله وجزاء الاعمال يوم القيامة اي يؤمن اهل السنة والجماعة ويقرون بان الله تعالى يثيب الناس يوم القيامة على اعمالهم صالحها وسيئها فالجزاء هو ما جعله الله تعالى ثوابا على العمل مقابلا له سواء كان حسنا او قبيحا فالثواب هو ما رتبه الله تعالى من العطاء ومن العقاب هذا الجزاء ما رتبه الله تعالى من العطاء لاهل الايمان والعقاب لاهل العصيان والكفر في الاخرة مقابل الاعمال يثيب الله تعالى يوم القيامة اهل الاحسان بالاحسان واهل الاساءة بما اقتضاه عملهم ان اجرى عليهم عدله جل وعلا. قال تعالى من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي الذين عملوا السيئات الا ما كانوا يعملون وقال تعالى انما تجزون ما كنتم تعملون. وقال تعالى يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا. وما عملت من سوء تود لو ان بينها وبينه امدا بعيدا وقال تعالى ولله ما في السماوات وما في الارض ليجزي الذين اساؤوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى والايات في هذا اكثر من ان تحصر التي فيها خبر الله تعالى عن مجازاة الناس على اعمالهم قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما رواه مسلم من حديث ابي ذر في الحديث الالهي يقول الله تعالى يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياه فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه والجزاء يشمل كل ما يكون من عمل صغير او كبير ظاهر او باطن فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرعا يراه. وقوله رحمه الله يوم القيامة هذا بيان لظرف الجزاء وانه في يوم الدين يوم يقوم الناس لرب العالمين وسميت وسمي ذاك اليوم بيوم القيامة لان الله يقيم فيه الناس كما قال تعالى يوم يقوم الناس لرب العالمين ولانه اليوم الذي يقيم الله تعالى فيه الاشهاد كما قال تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد الاشهاد اي الشهود الذين يشهدون على الخلق باعمالهم وقال وسمي ايضا يوم القيامة لان الله تعالى يقيم فيه العدل كما قال تعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فهذه الاسباب سمي من سمي لاجلها هذا اليوم بانه يوم القيامة يوم يوم يقيم الله تعالى الناس يقيموا العدل يقيم الاشهاد سبحانه وبحمده قال والعرب اي ونؤمن بالعرض والعرض المقصود به هنا العرض على الله جل وعلا وهو قيام الخلق بين يديه سبحانه وبحمده للحساب والمجازات على العمل ويدخل فيه عرض الخلق على من شاء ان يعرضهم الله تعالى عليه يوم القيامة فقد ذكر الله تعالى عرض العرض عليه في مواضع عديدة فقال يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية وقال تعالى وعرضوا على ربك صفا وقال جل وعلا ومن اظلم من افترى على الله كذبا اولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين وهذه الاية تدل على ان العرض على الله وعلى الاشهاد حيث قال ويقول الاشهاد الذين يعرض عليهم هؤلاء الذين شهدوا عليهم فالخلق كلهم يعرضون على رب العالمين جل وعلا وعلى من شاء ان يعرضهم عليه سبحانه وبحمده. وهذا عام لكل الخلق وهناك عرض خاص وهو عرظه جل وعلا العمل على عبده المؤمن فانه قد جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حوسب عذب قالت عائشة يا رسول الله اولم يقل الله جل وعلا فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال انما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك فهذا الخبر منه صلى الله عليه وسلم يدل على انه عرظ خاص مختلف وهو ان الله تعالى يدني المؤمن يوم القيامة هذا العرض خاص باهل الايمان يدني المؤمن يوم القيامة فيظع عليه كنفه ويستره جل في علاه فيقول اتعرف ذنب كذا؟ اتعرف ذنب كذا؟ اتعرف ذنب كذا فيقرره بذنوبه فيقول نعم يا رب حتى اذا ظن انه قد هلك قال له سترتها عليك في الدنيا وانا اغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته. هذا العرض عرض خاص وهو فيما بين العبد وربه جل وعلا. واما الكافر والمنافق فيقول اشهد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين كما دلت عليه الاية التي فيها قوله تعالى ومن اظلم من افترى على الله كذبا اولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم الا لعنة الله على الظالمين ثم قال المصنف رحمه الله هو الحساب ان يؤمنوا اهل السنة والجماعة بالحساب والحساب هو عد الحسنات والسيئات فاصل الحساب العد والاحصاء ويطلق الحساب ويراد به الحساب الذي هو العد والحساب الذي هو العرض فيكون على هذا المعنى العد والعرض هذا من باب عطف العام على الخاص لان الحساب مظمن في العرض واذا قلنا العرض غير الحساب فيكون الحساب هنا عدوا الحسنات والسيئات والله تعالى قد ذكر الحساب في قول في في كتابه قال تعالى فاما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب فسوف يحاسب حسابا يسيرا وقد وصف نفسه بانه جل وعلا والله سريع الحساب لا كأنه يقضي بين عباده جل وعلا في اسرع ما في اسرع ما يكون وهذا الحساب نوعان حساب الموازنة بين الحسنات والسيئات الموازنة بين الحسنات والسيئات ثم اجراء الحكم بعد ذلك ان رجحت الحسنات كان من اهل الجنة وان رجحت السيئات كان من اهل النار وان تساوتا استحق العقوبة بما ترجح به حسناته على سيئاته الا ان يغفر الله تعالى اذا هذا المعنى الاول للحساب ومن الحساب ما يكون عرظا كما تقدم في قوله تعالى فاما من اوتي فاما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وهو العرض للسيئات دون مؤاخذة عليها هذا كله لاهل الايمان اذا حساب اهل الايمان نوعان عد للحسنات والسيئات والنوع الثاني عرظ السيئات على العبد وتقريره بها دون مؤاخذته عليها فالله تعالى يعفو عنه واما حساب اهل الكفر فحساب اهل الكفر ليس فيه عد للحسنات والسيئات لانه اصلا الكفار لا حسنة لهم فتعد الله تعالى يقول وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا انما حساب الكفار تقريرهم بما اجرموا وبما صنعوا يقولوا النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى يلقى العبد الكافر يوم القيامة فيقول له افظننت انك ملاقي فيقول لا فيقول اليوم انساك كما نسيتني نسوا الله فانساهم انفسهم وقوله رحمه الله وقراءة الكتاب هذا بعد الحساب يؤمن على السنة والجماعة بان الناس يوم القيامة يأخذون كتاب اعمالهم ويقرؤونها والقراءة هنا هي قراءة سجل للعمل الذي دون فيه ما صدر عن الانسان من قول او عمل ظاهر او باطن قال الله تعالى وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم وعليك حسيبا ثم قد ذكر الله تعالى القراءة ايضا في موضع اخر في قوله فاما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابي وهذا لا يكون الا بعد ان يقرأه العبد فالقراءة ينقسم فيها الناس الى قسمين سعداء واشقياء السعداء هم الذين يرون ما يسرهم في كتبهم والاشقياء هم الذين يستحيون من كتبهم حتى يقول احدهم يا ليتني لم اوت كتابية ولم ادري ما حسابية. يا ليتها كانت القاضية ما اغنى عني ما لي هلك عني سلطانيه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه الى اخر الايات التي فيها عذابه وسوء عقابه قال رحمه الله والثواب والعقاب ان يؤمن اهل السنة والجماعة بالثواب والعقاب وهذا بعد ما تقدم من احوال التي تكون يوم القيامة ينتهي الامر بالناس الى ما ذكر الله تعالى فريق في الجنة وفريق في السعير فاهل الجنة هم اهل الثواب واهل السعير هم اهل العقاب والثواب والعقاب هو جزاء الاعمال فيؤمن اهل السنة والجماعة بمجازاة العاملين على اعمالهم يوم القيامة ثوابا لاهل الاحسان وعقابا لاهل العصيان كما قال تعالى ليجزي الله كل نفس ما كسبت ان الله سريع الحساب وقد قال الله تعالى ليجزي الذين اساؤوا بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى وقد قال الله تعالى اليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا انه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب اليم بما كانوا يكفرون فهذا هو الثواب وذاك هو العقاب. وقد قال الله تعالى فاما الذين ساعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوبة وذكر ذلك قبل ذلك حال اهل الشقاء قالوا هم الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير شهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد في سورة هود. بعد ذلك قال والصراط اي نؤمن بالصراط والصراط هو جسر مضروب على ظهر جهنم نسأل الله السلامة منها يعبر عليه الناس يوم القيامة وقد دل على ذلك الكتاب والسنة واجمع عليه سلف الامة. اما الكتاب ففي قوله تعالى وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضية ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا فسره اهل العلم بانه ورود جهنم ورب المرور على الصراط ذكر ذلك غير واحد من اهل العلم قال ابو جعفر الطبري رحمه الله وورودها هو ما تظافرت به الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرورهم على المنسوب على متن جهنم هذا دليله من القرآن اما السنة فقد جاء ذلك في الصحيحين في خبر ابي سعيد رضي الله عنه قال ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم قال الصحابة يا رسول الله وما الجسر قال مدحضة المزلة عليه خطاطيف وكلاليب مدحضة مزلة هذا وصف للجسر وهو الصراط عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء اي فيها التواء تكون بنجد يقال لها السعدان وقال ابو سعيد رضي الله عنه بعد ذلك بلغني ان الجسر ادق من الشعر واحد من السيف وقد جاء ذكر هذين الوصفين فيما رواه الطبراني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال يوضع الصراط على سواء جهنم ثم قال مثل حد السيف المرهف مدحضة مذلة الجماعة ما ذكر ما ذكر في حديث ابي سعيد ما ذكره اه مرفوعا وما ذكره بلاغا حيث قال في ما رفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم قال مدحضة مذلة ثم قال وبلغني ان ان الجسر ادق من الشعر واحد من السيف وهذان الوصفان آآ فيهما آآ قد يهم منهم قد يتوهم منهما يتوهب بينهما التعارض. فالمدحضة المذلة بيان انه واسع حيث انه وصفه بالصراط والصراط نعال بمعنى مفعول كالفراش بمعنى المفروش وهو الطريق المتسع ثم لما قال ان الجسر ادق من الشعر واحد من السيف فهذا يدل على على دقته وحدته ووظيقه والجمع بينهما متيسر فيقال ان اتساعه وضيقه يختلف باختلاف احوال الناس كما ان الناس يختلفون في عبورهم الجسر فكذلك هم يختلفون في ضيقه وسعته فالناس في عبور الجنس على مراتب منهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كاجاويد الخيل. ومنهم من يمر كاجاويد اه الركاب او كركاب الابل ومنهم من يعدو عدوى ومنهم من يمشي مشيا ومنهم من يحبو حبوا ومنهم من تختطفه هذا مجمل ما جاء في وصف احوال الناس في المرور على الصراط نقف على هذا ونستكمل ان شاء الله في الدرس القادم والله تعالى اعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد