بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان نبينا محمد عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم واهتدى. اما بعد فهذا بعون الله وتوفيقه مجلسنا التاسع في شرح جمع الجوامع للامام تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى. وقد بدأنا في مجلسنا المنصرم الكتاب من كتب هذا المتن وهو الحديث عن الكتاب ودلالات الالفاظ. وانتهينا في ذلك المجلس مما يتعلق بالمسائل التي ساقت المصنف رحمه الله فيما يخص دليل القرآن وهو الكتاب الكريم. وذكر تعريفه ومسائله المتعلقة به وهذا اوان الشروع في تتمة الكتاب الاول وهي تتمة طويلة اتى فيها المصنف رحمه الله بهذا الباب الكبير وهو دلالات الالفاظ. وجعلها مندرجة تحت اول كتاب من كتب المتن ومع اول دليل من ادلة الشريعة لوجه واعتبار مضى ذكره في ذلك المجلس. ينطلق المصنف رحمه الله تعالى في هذا التقسيم ابتداء الى دلالات الالفاظ والحديث عن تنويعها واقسامها. وقبل البدء لا بد ان نقول ان هذا الباب الكبير من ابواب علم الاصول الذي يتناول فيه العلماء دلالة اللفظ وما يشتمل عليه من معنى هو من اجل الوصول الى ثمرة هذا العلم الكبير وهو استنباط الاحكام. استنباط الاحكام يا اخوة في شريعة الاسلام توقفوا على خطوتين اثنتين. الخطوة الاولى ان تعرف الدليل الذي يجوز لك شرعا وتعبدك الله به ان تأخذ منه حكم الله. والخطوة الثانية ان تفهم هذا الدليل كما اراد الله. فهذا دين منضبط وشريعة محكمة والله عز وجل جعل الطرق التي يصل فيها العبد الى ما يريده ربه الى الحكم الذي كلفه الله تعالى به منحصرا في هذه المسالك في القرآن في السنة في الاجماع في القياس على اتفاق في هذه مع اختلاف في الادلة اذا هذه بوابات هذه الادلة هذه المواضع هذه الملاجم هذه الاماكن التي يرتادها الفقيه المسلم والمجتهد والناظر الباحث عن حكم الله يطرق هذه الابواب لانه لن يجد حكم الله الا من خلالها فلا يمكن ان يجد حكم الله في باب غير هذه الابواب لان الله عز وجل جعل شريعته المتضمنة حكمه لعباده في هذه فاذا اتى هذه الابواب كانت الخطوة التالية ان يعرف كيف يتعامل مع هذه الابواب. فاذا جاء لباب القرآن واذا جاء باب السنة فانه يقف مع نصوص والفاظ تحمل في جوفها الكثير والكثير من المعاني. لانها ارقى ما وجع اجعل الله في لغة العرب على لسان انسان ما فيها من المعاني والحكم والاسرار وكثير من المقاصد التي يشتمل عليها هذا اللفظ العربي الجليل في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. من اجل ذلك كانت ابواب الاصول كما تقدم منحصرة في هذين الجانبين في الادلة وفي الدلالات. في الادلة كما قلت لك يبينون لك هذه البوابات هذه المداخل ماذا يعني ان القرآن دليل والسنة دليل والاجماع والقياس والمختلف فيه كذلك مثل قول الصحابي وشرع من قبلنا والمصالح وقسم تقسيما اخر سيأتي بعد قليل فاتى عليه من اكثر من جهة. فالمنطوق وهو القسم الاول من دلالة اللفظي ودلالة اللفظ في محل النطق قال رحمه الله ينقسم الى قسمين نص وظاهر نص ان والاستحسان وما الى ذلك. في ذلك الجزء يعلمونك كيف تطرق هذا الباب كيف تأتي اليه. كيف تجد الاجماع دليلا قياس دليل والسنة دليلا. كيف تجعل قول الصحابي دليلا كيف تجعل شرع من قبلنا دليلا يفهمونك معناه ويعطوك تقسيمه ان كان وانواعه ومراتبه ان كان والمتفق عليه والمختلفة فيه ان كان كل ذلك هو شطر علم الاصول. والشطر الاخر تعلقوا باكبر دليلين في شريعة الاسلام وهما القرآن والسنة. ويهتمون جدا الى حد العناية بادق التفاصيل. فيما يتعلق بكيفية التعامل مع هذه الالفاظ العربية في كتاب الله وفي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ومن هنا جاءت تلك المباحث الواسعة الكبيرة في علم الاصول فيما سمي بدلالات الالفاظ. وهو الحديث عنه كيف افهم الامر؟ كيف افهم النهي ما صيغ التي تأتي في القرآن وفي السنة ما هو العام وكيف اتعامل معه؟ ما هو الخاص؟ وما دلالته؟ ما معنى مطلق؟ وكيف يصنع مع المقيد وكذلك تقول في البيان والمجمل كيف نفعل في ناسخ ومنسوخ هذه ابواب متعددة واسعة. وهي حقيقة الميدان الذي يبحر فيه الاصوليون من اجل الامساك بزمام الكتاب والسنة. هذا الكتاب بين ايدينا لم ينقص ولم يزد لكن الفقه كل الفقه هو كيف تفهم هذا القرآن؟ كيف تعلم ماذا يريد الله في تلك الاية وهذا النص وتلك السورة كيف تجمع الاية مع الاية؟ ما هو المنهج العلمي الصحيح؟ كل ذلك تحريا الى الوصول الى مراد الله. ماذا يريد الله منا لما انزل هذا الوحي على نبيه عليه الصلاة والسلام وكذلك اقاويل المصطفى صلى الله عليه وسلم لما كان خاطبوا اصحابه تارة في المسجد ومر في المقبرة ومرة في عيادة مريظ ومرة في غزوة ومرة في عمرة ومرة في حج كان يخاطبهم في خطبة جمعة او في غيرها. نصوص حفظتها اذان الصحابة رووها نقلوها دونت في دواوين الاسلام فنقلت الينا فنحن نقف ايضا على الفاظ نبوية معصومة وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. فصار هذا الهم الاصولي الكبير كيف افهم هذا النص الشرعي في الكتاب وفي السنة؟ فجعلت هذه الابواب هي كالقوانين. تعلم المتفقه والمجتهد والناظر في الدليل والباحث عن الحكم في الكتاب والسنة تعلمه كيف يتعامل. الامر له عدة صيغ له الفاظ وكل لفظ له دلالة ثم الامر ذاته يختلف من سياق الى سياق فتارة يكون جازما في الوجوب. وتارة يؤثر عليه بعض السياق في نقل دلالته من الى غيره هذا فقه دقيق وعناية بالغة. دعني اقول ان الاصوليين لما اعتنوا رحمهم الله في هذا الباب الكبير وافردوا له المساحات الواسعة من كتب الاصول كان جل اهتمامهم. النظر الى هذا النص الشرعي بكل تعظيم وتقديس واجلال ومحاولة التعامل مع هذا النص بكل سبيل ممكن. فينظرون الى دلالة هذا النص ثم جمعه مع دلالات النصوص الاخر وكيف يجمع بينها وكيف يكون الموقف عند الاختلاف او ظاهر التعارض الذي يبدو بينها؟ ثم كيف افهم هذا المراد الذي الذي جاءني في النص ثم اتعامل مع السياق مع الكلمة في الجملة مع الجملة في السياق بل حتى مع الحرف كيف افهمه ولما يناقشون بكل دقة وتفاصيل. ما دلالة الواو العاطفة من حيث الترتيب او عدم الترتيب؟ ما دلالة وثم وما الفرق بين كل واحدة واخرى؟ وهل الباء في قوله وامسحوا برؤوسكم هي للتبعير او للالصاق؟ وما الذي يترتب على ادم هذه الدقة ليس ترفا علميا بل هو غاية التعظيم لنصوص الشريعة. وان يكون كل لفظ في كتاب لا هو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحمل دلالة. ودور نهى والبحث عنها هو فهمها وادراكها. واكثر العباد توفيقا اكثرهم اصابة لمراد الله من كلامه. وهذا باب يتفاوت فيه اهل العلم بقدر ما يحكمون هذه الابواب من العلم وبقدر ما يفتح الله عليهم من الفهم في كلامه وفي كلام رسوله عليه الصلاة والسلام. ومن هنا نشأت اجتهادات الفقهاء وكانت تلك التفاوتات فكان النص الواحد والدليل الواحد يحمل اكثر من فهم واكثر من معنى تفاوتوا فيه فانطلقت تلك الافهام المجتهدة المستضيئة بنور التوفيق الالهي. فجعلت تحث الخطى في تقليب النصوص وفهمها والتقلب في معانيها وصارت هذه المذاهب المنسوبة الى الائمة الكبار رحمة الله عليهم اجمعين. نحن في ابواب علم الاصول نتعلم. ندرس هذا ونحن نخطو الخطوات الاولى نحو الفهم لهذه الابواب. اذا هذه مفاتيح نتعلمها. هذه قواعد نفهمها. ثم نحاول ان نفهم شيئا من تطبيقاتها من معانيها كيف كان لها الاثر في ذلك الباب او في ذلك الباب الاخر. من اجل ذلك يبتدأ بهذا المدخل المهم ما ذكره المصنفون وهو تقسيم هذه الالفاظ. ويجعلونها منقسمة الى اقسام لان كل قسم له ضيقة في التعامل معه فقالوا لك مثلا الدلالات تنقسم الى منطوق ومفهوم. الدلالات تنقسم الى صريح وغير صريح الدلالات تنقسم الى واضح وخفي. الدلالات تنقسم الى ما هو مشتمل على اللفظ بتمام المعنى او بجزئه او بلازمه. هذه التقسيمات من اكثر من جهة ليس مجرد تفنن كما قلت في النظر الى اللفظ. ومحاولة افراغ الجهد العلمي لا لا هو محاولة لان يكون كل لفظ في الكتاب وفي السنة له وضعه من العناية الكبيرة والفهم الكامل والادراك لما اراد الله فيؤمنون ان كل لفظ في الاية له دلالة وله معنى يستفاد من منطوقه ومن مفهومه من امامه من خلفه ومن فوقه ومن تحته لان الله يقول كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. فما ظنك بالحكيم اذا تكلم؟ ما ظنك بالخبير اذا خاطب عباده؟ واذا انزل وحيه فانت تتعامل مع لفظ صحيح هو كلام عربي ويفهمه العربي الا انه ليس ككلام البشر. وله من الحفاوة والعناية الواجبة في قلوب المسلمين عموما واهل العلم خصوصا ما يحملهم على هذه العناية البالغة بدلالات الالفاظ. فتجد عنايتهم الكبيرة في هذا الباب مبنية على هذا الاصل الكبير. ابتدأ المصنف رحمه الله بالتقسيم في هذه الدلالات وانطلق رحمه الله كما صنع الاصوليون فعادة في هذه الابواب. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا وللسامعين قال المنطوق والمفهوم المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق او في محل النطق وهو نص ان افاد معنى لا يحتمل غيره كزيد ظاهر ان احتمل مرجوحا كالاسد. طيب هذا تقسيم اول. قال رحمه الله المنطوق والمفهوم. اذا نحن نقول اللفظ واقصد باللفظ الكلام الذي يأتي في الايات وفي الاحاديث. اللفظ الوارد في النصوص الشرعية يمكن ان نقسمه ها هنا تقسيما اوليا الى قسمين منطوق ومفهوم. واتى رحمه الله على كل قسم فبين ما يشتمل عليه المنطوق كما قال هنا ما دل عليه اللفظ في محل النطق. فلما قال ذلك فهمنا عكسه هو المفهوم وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق. ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق لما يقول عليه الصلاة والسلام في سائمة الغنم الزكاة او في الغنم السائمة الزكاة. فذكر ان الغنم السائمة يجب في زكاة ومعنى السائمة التي تسوم وترعى. العلف الذي ينبته الله تعالى بالمطر. هذا هو المنطوق ان الغنم فاذا كانت ترعى وهي سائمة فان الزكاة فيها واجبة بشروطها التي بينتها النصوص الاخرى. وفهمنا هذا وفهمنا ان الغنم ان لم تكن سائمة. بل كان صاحبها يعلفها يشتري لها العلف ويتكلف لها ذلك فانه لا زكاة فيها. المعنى الاول والفهم الاول منطوق. والفهم الثاني ليس منطوقا. يعني ما جاء حقوقا في اللفظ فيسمون ما دل عليه اللفظ في محل النطق يعني ما اشتمل عليه اللفظ المنطوق من الحكم يسمى دلالة المنطوق وما دل عليه اللفظ بالفهم منا لا من النطق يسمى دلالة المفهوم. قال رحمه الله المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق. اذا سينقسم اللفظ في دلالته بحسب موظعه من اللفظ في هذا الى قسمين منطوق ومفهوم. المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق. والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في للنطق نحن نقول ما دل عليه اللفظ اذا اللفظ دل لكن من غير النطق بل بالفهم فنقول دلالتان ثم كل من الدلالتين ستنقسم الى اقسام. دلالة المفهوم كما سيأتي بعد قليل تنقسم الى مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة ولها تفصيلها الاتي بعد قليل. وابتدأ رحمه الله بتقسيم المنطوق وهو القسم الاول فقسمه الى ثلاثة اقسام قال رحمه الله تعالى وهو نص ان افاد معنى لا يحتمل غيره كزيد ظاهر ان احتمل مرجوحا كالاسف فاد معنى لا يحتمل غيره كزيد ظاهر ان احتمل مرجوحا كالاسد. واحسب ان هذا المعنى قد تقدم معكم غير ما مر اللفظ اذا دل على معنى واضح صريح غير محتمل لمعنى اخر فيسمى هذا عندهم دلالة النص وهو الواضح تمام الوضوح الذي لا يرتاب فيه من يفهمه. ولا يتردد في معناه بل لا يحتمل اللفظ اصلا معنى اخر اخر ويضربون لهذا امثلة بالاعداد الواضحة الصريحة مثل قوله تعالى في هدي التمتع فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج سبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة. ما اختلف احد من الفقهاء في هذا المعنى وان بدل عن هدي التمتع صيام عشرة ايام فالدلالة هنا ان الواجب في هدي التمتع لمن لم يقدر عليه صيام عشرة ايام. هذا الفهم هو من دلالة النص. لم قلنا نص لانه احتمل لانه دل على على معنى لا يحتمل غيره. قال كزيد يريد رحمه الله ان اسماء الاعلام هي من دلالات النص. فاذا جاء اللفظ وهو زيد ويدل على شخص بعينه مسمى بهذا الاسم ان تشتبه بعمر ولا باسامة ولا بحمزة. لان اللفظ هنا دل على معين واضح لا يرتاب الذهن في فهمه. قال رحمه الله ان احتمل مرجوحا كالاسد. يعني يسمى تسمى الدلالة دلالة ظاهر اذا اكتمل اللفظ معنى مرجوحا. اذا له معنى متبادر وظاهر وراجح. لكنه يحتمل معنى اخر اقل وزنا واظعف اثرا وهو معنى مرجوح. لكن وجود هذا المعنى الثاني في اللفظ مع كونه انزله عن درجة النص. الى درجة الظاهر. النص لا يحتمل معنى اخر. الظاهر يحتمل معنى اخر وان كان مرجوحا قال كالاسد فان الاسد وهو لفظ يدل على معنى يتبادر الى الاذهان وينطبع في النفوس منذ ان تقول كلمة اسد ويطلق على الحيوان المفترس المعروف للصغير والكبير. لكنه يحتمل معنى اخر ويطبق احيانا في الكلام في السياق ويطلق ويراد به الرجل الشجاع. فاذا شبه بالاسد اريد القوة والشجاعة اريد به القوة والشجاعة. فيقال اسد او يقال جاء الاسد او اقبل الاسد. وانت تجلس في مجلس فيه وجوه القوم. وتكلموا عن قوة شجاعة وجرأة او كان موقف خطابة ومناظرة فقلت اقبل الاسد او ظفر الاسد وانت لا تريد الا شجاعة الرجل واقدامه الذي وصفته بهذا الوصف. اذا لفظ اسد من حيث هو لفظ يحتمل اكثر من معنى الحيوان المفترس وهو الاكثر استعمالا واطلاقا وفهما وتبادرا الى الاذهان فهو معنى ظاهر. سميناه ظاهرا لانه يحتمل معنى اخر وان كان مرجوحا وهو على الرجل الشجاع فرق بين زيد وهو لفظ يدل على رجل بعينه وبين اسد وهو لفظ يدل على معنى ظاهر ومعنى اخر مرجوح فهذا التقسيم الاولي لدلالة منطوق وهو تقسيمه الى نص وظاهر