قال واخر بلا منتهى فهو الاخر الذي ليس بعده شيء فكل شيء اليه صائر وكل شيء قد احاط به جل في علاه فليس بعده شيء زمانا سبحانه وبحمده وهذه الاحاطة بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين اجمعين قال المصنف رحمه الله والكلام والخصومة والجدال والمراء والمراء محدث يقدح الشك في القلب. وان اصاب صاحبه صاحبه الحق والسنة واعلم رحمك الله ان الكلام في الرب محدث وهو بدعة وضلالة. ولا يتكلم في الرب الا بما وصف به نفسه في القرآن. وما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه. وهو جل ثناؤه واحد ليس كمثل اللي هي شيء وهو السميع البصير. ربنا اول بلا متى واخر بلا منتهى؟ يعلم السر واخفى وعلى عرشه مستوى وعلمه بكل مكان لا يخلو من علمه مكان ولا يقول في صفات الرب كيف ولما مم عندنا ولا يقول ولا يقول في صفات الرب كيف ولما الا شاك في الله والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره ليس بمخلوق لان القرآن من الله وما كان من الله فليس بمخلوق. وهكذا قال مالك بن انس واحمد بن حنبل والفقهاء قبلهما وبعدهما والمراء فيه كفر والايمان بالرؤية يوم طيب الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد اه في هذا المقطع يقول المصنف رحمه الله والكلام والخصومة والجدال والمراء محدث يقدح الشك في القلب هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله بين فيه ما يجب استحضاره فيما يتعلق بالكلام في مسائل اصول الدين كذلك الخصومة والجدال والمراء فان الشريعة ذمة الجدال من حيث اصل الا ما تدعو الحاجة اليه مما يحقق مصلحة ولذلك قال الله تعالى وجادلهم بالتي هي احسن قد نهى الله جل وعلا عن جدال اهل الكتاب فقال جل وعلا ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن فجعل النهي ابتداء عن الجدال واستثنى صورة منه وهو الجدال بالتي هي احسن ثم عاد ليبين ان هذا ليس في حق كل احد انما في حق من يطلب الحق وينشده. ولذلك قال تعالى الا الذين ظلموا منهم يعني فلا تجادلوهم ولا آآ تبحث معهم لانه لا فائدة من مناقشتهم ومن مجادلتهم سواء كان ذلك بالتي هي احسن او بغيرها وقد تعبد الله تعالى اهل الايمان في الحج بترك الجدال فقال فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فدل ذلك على ان الجدال مذموم وانه مما ينهى عنه و مما ينبغي للمؤمن ان يتجنبه في العبادة وذلك هو الاصل الا ان تدعو الى الجدال مصلحة او يتحقق به منفعة فعند ذلك يجوز الجدال وينبغي ان يراعى فيه ان يكون بالتي هي احسن وقد جاءت في السنة احاديث تحذر من الجدال الذي لا فائدة منه والذي لا تراعى فيه المقاصد الشرعية والاداب المرعية ففي السنن من حديث ابي امامة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ضل قوم بعد هدى ما ضل قوم بعد هدى الا اوتوا الجد الا اوتوا الجدل ثم قرأ قول الله تعالى ما ضربوه لك الا جدلا بل هم قوم خصمون اي اصحاب مجادلة والمعنى ما كان ظلالهم وما كان وقوعهم في الكفر والعناد والمشاقة الا بسبب الجدال وهو الخصومة بالباطل و قد جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان ابغض الرجال الى الله الالد الخصم الالد شديد العداوة الخصم كثير الخصومة وقد قال صلى الله عليه وسلم في الندب الى ترك الجدال انا زعيم ببيت ب ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا او وان كان محقا ولهذا المصنف رحمه الله يقول بعد ان ذكر ان الكلام والخصومة والجدال والوراء محدث يقدح الشك في القلب قال وان اصاب صاحبه الحق والسنة فينبغي تجنبه الا ما تدعو الضرورة اليه وهذا على وجه الاجمال مع مراعاة الاداب ففي مسائل الاعتقاد من باب اولى لان الخصومة والجدال فيها لا يوصل الى حق ولا يوصل الى هدى انما المطلوب في مسائل الاصول والاعتقاد المطلوب الاقرار والتسليم بما دلت عليه النصوص دون خوض في خصومات وكلام وجدال ومراء فان ذلك يوقع في الضلالة لكن هذا لا يعني الا يرد اهل الحق على المشبهين من اصحاب الضلالات فشتان بين بيان ضلال الضال وانحراف المنحرف وزيغ الزائغ وبين الاشتغال بالكلام والخصومات والمراء والجدال. بينهما فرق النهي عن الكلام والخصومة والجدال والمراء ليس نهيا عن ابانة الحق وتوضيحه بل النبي صلى الله عليه وسلم جادل الكفار بالتي هي احسن وبين لهم الحق بيانا واضحا جليا بالادلة والبراهين لاقامة الهدى والدلالة على طريق التقوى فشتان بين هذا وذاك قال رحمه الله اعلم ان اذا المنهي عنه من الخصومات في مسائل الاعتقاد هو ما يفضي الى الشك وما يفضي الى الارتياب واما ما يحقق الحق ويرد الباطل فانه مما تدعو الضرورة اليه فاذا دعت الظرورة اليه فان هذا من اقامة الحق ولكن اذا كان الانسان يمكن ان يقيم الحق دون ذلك فهذا افظل واحسن ولهذا قال وان اصاب صاحبه الحق والسنة لكن اذا لم يكن سبيل لاصابة الحق والسنة واظهار الحق والسنة الا بالجدال فهو لا يراعي ما ذكره الله تعالى ولا تجادل الكتاب الا بالتي ايه احسن؟ قال رحمه الله اعلم رحمك الله ان الكلام بالرب محدث المقصود الكلام الخارج عن ما جاءت به النصوص هذا المقصود بالكلام فالكلام المذموم هو الكلام الذي يخرج عما قاله الله تعالى في كتابه او قاله رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته. اما ما جاء في الكتاب والسنة فان لزومه الاخذ به من التعريف بالرب الذي يزداد به الايمان ويصبح به اليقين ويعرف به العبد رب العالمين وهو اصل العلوم واسها فان اصل العلوم واساسها واعظمها شرفا واكبرها نفعا العلم بالله عز وجل ولهذا قول والكلام في الرب اي على طريقة اهل الكلام من الخروج عن الصراط المستقيم في التعريف برب العالمين واما الحديث عن صفات الرب بما جاء في الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الامة فهذا من العلم به الذي هو اشرف انواع العلم قال رحمه الله وهو بدعة وضلالة لانه خروج عما جاء في الكتاب والسنة من الاقتصار على البيان المستند الى العلم المستند الى الفصاحة المستند الى النصح فان كلام الله عن علم وهو في غاية البيان والوضوح والله جل وعلا قد نصح لعباده ببيان ما ما يطيقون معرفته مما يحتاجون اليه في معرفة الله عز وجل وتحقيق العبودية له وكذلك رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فهو اعلم الخلق بربه فكلامه عن الله صادر عن علم وهو انصح الخلق للخلق وهو افصح الخلق بيانا وايظاحا ولذلك كان الاقتصار على كلام الله وكلام رسوله في التعريف بالله هو الطريق الاوثق والطريق الاسلم وقد قال الامام احمد بما يتعلق باسماء الله وصفاته قال لا يتجاوز القرآن والحديث اي لا يتعدى في معرفة الله عز وجل ما جاء في القرآن وما جاء في السنة النبوية فانهما مشكاتان يعرفان بالله على وجه لا لبس فيه ولا غبش. قال ولا يتكلم في الرب الا بما وصف به نفسه في القرآن لا تكلم وهذا استدراك بما قد يتوهم من كلام الاول ان الكلام هنا في كل ما يتعلق بالله على اي صفة كان. انما الكلام المحدث والبدعة والظلالة وما خرج عن القرآن والسنة ولذلك قال ولا يتكلم في الرب الا بما وصف به نفسه في القرآن وما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه وهو جل ثناؤه واحد بدأ الان بذكر بعض ما جاء في القرآن والسنة من صفات رب العالمين وبدأ بوحدانيته سبحانه وبحمده الدال على انفراده بكل كمال سبحانه ولذلك قال وهو جل وهو جل ثناؤه اي عظم تمجيده وتقديسه وذكر محامده وصفاته واحد انما الهكم اله واحد قل هو الله احد فالايات في اثبات احدية الله تعالى ووحدانيته سبحانه وبحمده اكثر من ان تحصر قد قال المصنف رحمه الله بالاستدلال لوحدانية الله اي انفراده بصفات الكمال ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فربنا اول بلا متى؟ هذا مزيد تفصيلي لماذا جاء بالاية؟ لماذا لم يأتي بقوله قل هو الله احد او بقوله انما الهكم اله واحد وما الى ذلك من الايات التي فيها اثبات احدية له ووحدانيته؟ الجواب ان المقصود انه بين معنى الواحد باية اخرى. فلو جاء بالايات التي فيها انه واحد لما اتضح المعنى كما يتضح بذكر ما ذكر من الاية في قوله ليس كمثله شيء فمن معاني وحدانيته سبحانه وتعالى واحديته انه لا نظير له ولا مثل. ولهذا في سورة الاخلاص يقول الله تعالى قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ثم قال ولم يكن له كفوا احد. اول اخر السورة تصديق لاولها فاول السورة اثبات احديته واخرها اثبات انه لا ند له ولا نظير ولا مثيل سبحانه وبحمده ولا كفؤ ولا سمي فهو المنفرد بصفات الكمال الذي ليس كمثله شيء سبحانه وبحمده الاتيان بهذه الاية من بديع تصنيف المؤلف وحسن بيانه حيث بين معنى الواحد المتعلق بدراسة المتعلق بموضوع الكتاب وانه واحد اي ليس كمثله شيء لا في اسمائه ولا في صفاته ولا في افعاله ولا فيما يجب له سبحانه وبحمده. وبهذا ينتظم انواع التوحيد فليس كمثله شيء في الاسماء والصفات وليس كمثله شيء في افعاله وربوبيته وليس كمثله شيء فيما يجب له من التوحيد. لا اله الا هو لا يستحق العبادة سواه سبحانه وبحمده بعد هذا ذكر جملة من صفات الرب سبحانه وبحمده الدالة على كماله فقال ربنا اول بلا متاع. اول اي سابق لكل شيء فهو الاول الذي ليس قبله شيء. كما جاء ذلك فيما جاء به الخبر في صحيح في صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم انت الاول فليس قبلك شيء وانت الاخر فليس بعدك شيء وهذا ما جاء به القرآن في قوله هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم فالاول والاخر قرينان يثبتان الاحاطة الزمنية يثبتان الاحاطة الزمنية فهو اول ليس قبله شيء لم يسبقه شيء جل وعلا. وهو اخر ليس بعده شيء سبحانه وبحمده وهذه الاولية لا يتطرق اليها متى؟ ولذلك قال ربنا اول بلا متاع اي بدون تحديد فهو سابق لكل سبحانه وبحمده الاول الذي ليس قبله شيء كان الله ولم يكن شيء قبله. كما جاء في حديث عمران بن الحسين رضي الله تعالى عنه الزمانية تقتضي الكمال ولا يتحقق الكمال في هذا الا المعنيين اي بانضمام هذين الاثنين الى بعض الاول الذي ليس قبله شيء والاخر الذي ليس بعده شيء ثم قال رحمه الله يعلم السر واخفى يعلم السر واخفى اي احاط بعلم كل شيء والاتيان بذكر احاطة علمه جل وعلا بكل شيء تمهيد لذكر الاستواء وهو ايضا جري على ما جاء في القرآن فان الله تعالى قال هو الاول والاخر والظاهر والباطن ايش وهو بكل شيء عليم. فذكر العلم بعد ذكر نوعي الاحاطة الاحاطة الزمنية والاحاطة بكل شيء بالعلو الدون فهو محيط بكل شيء ليس دونه شيء جل وعلا وليس فوقه شيء سبحانه وبحمده فذكر علمه السر اخفى لانه محيط بكل شيء سبحانه وبحمده وقوله السر اي ما لا يظهر سواء كان من الاقوال او من الاعمال وسواء كان من اعمال الجوارح او من اعمال القلوب قوله اخفى يعني وما هو اخفى من السر وقد ذكر الله تعالى ذلك في قوله وان تجهر بالقول فانه يعلم السر واخفى يعني وما هو اخفى من السر والذي هو اخفى من السر ما ما يجول في الخواطر والقلوب من الافكار والهمم والعزائم والايرادات والمقاصد هذي اقفى من السر لان السر هو كتمان الشيء ولكن هذا الكتمان قد يظهر للانسان نفسه او لغيره لكن ما هو اخفى من السر هو ما لا يظهر بالكلية لاحد ولا يعلمه الا الله جل في علاه يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ما تخفيه الصدور من المقاصد نيات والايرادات والعزائم وسائر ما يكون في الصدر من اعمال قال رحمه الله وعلى عرشه استوى هذا ذكر الاستواء والاستواء ذكره الله تعالى في كتابه الحكيم في سبعة مواضع قال الله تعالى ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش وقال تعالى الرحمن على العرش استوى والايات في هذا محفوظة معلومة في مواضع عدة بلغت سبعة مواضع في القرآن الحكيم. يذكر الله تعالى استواءه والاستواء هو العلو والارتفاع وهذا الاستواء هو علو خاص قص الله تعالى به العرش دون سائر المخلوقات ولذلك لا يضاف استواءه الا الى العرش كما جاء في القرآن وان كان سبحانه وبحمده عال على كل شيء فهو العلي الاعلى سبحانه لكن الاستواء علو خاص اخص من مطلق العلو الثابت له سبحانه وتعالى في مثل قوله سبح اسم ربك الاعلى وفي قوله وهو العلي العظيم وفي قوله وهو القاهر فوق عباده. وفي قوله امنتم من في السماء وما الى ذلك من النصوص الثابتة الدالة على علوه سبحانه وبحمده على خلقه لكن الاستواء اخص من ذلك فهو علو خاص بالعرش ولذلك اظافه الله الى العرش فقال الرحمن على العرش استوى والعرش هو اعظم المخلوقات حجما فليس ثمة في المخلوقات ما هو اعظم منه وقد خصه الله تعالى بهذه الخاصية والاستواء من الصفات الفعلية لان الله تعالى استوى على العرش بعد خلقه فلم يكن مستويا عليه قبل ذلك وان كان هو العلي الاعلى على الخلق على وجه عموم والدوام لكنه سبحانه وبحمده استوى على العرش استواء خاصا قال بعد بكر الاستواء قال وعلمه بكل مكان لا يخلو من علمه مكان هذا اشارة الى ان استوائه على العرش سبحانه وبحمده لا يمنع علمه بما يكون من عباده وما يكون من الخلق وقد ذكر الله تعالى ذلك في سورة الحديد فقال سبحانه وتعالى هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش قال بعد ذلك يعلم ما يلج في الارض اي ما يدخل فيها وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها يعني وما يصعد وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير قوله وهو معكم اينما كنتم اي بعلمه جل وعلا ولهذا عامة علماء الامة من سلفها ومن سار على طريقهم يفسرون المعية في هذه الاية بمعية العلم والاية دالة على هذا بوضوح فان الله تعالى بعد ذكره استواءه على العرش ذكر سعة علمه واحاطة علمه بكل شيء يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ثم يقول وهو لكم اينما كنتم ويؤكد معنى هذه المعية بانها معية العلم فيقول جل وعلا والله بما تعملون بصير اي مطلع لا يخفى عليه شيء من احوال عباده وما يكون من شأنهم وقد قال الله جل وعلا في بيان سعة علمه وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين وهذا بيان سعة العلم واحاطته وتوثيقه حيث قال في كتاب مبين اي في مكتوب وهذا المكتوب ليس خفيا بل هو مبين واضح جلي يدرك به ما يكون من وقائع الاحداث ونوازلها واحوالها فقوله رحمه الله وعلى عرشه استوى وعلمه بكل مكان هذا ليس تأويلا مذموما انما هذا فيه اثبات علمه اثبات علمه جل في علاه بكل بكل ما يكون من شأن خلقه نكمل ان شاء الله في الدرس القادم وصلى الله وسلم على نبينا محمد يا رب