يقول رحمه الله فالعلم النافع هو ما باشر القلب فاوقر فيه معرفة الله تعالى وعظمته وخشيته واجلاله وتعظيمه ومحبته ومتى سكنت هذه الاشياء في القلب خشع فخشعت الجوارح كلها تبعا لخشوعه وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول اني اعوذ بالله من علم لا انفع ومن قلب لا يخشع. وهذا يدل على ان العلم الذي لا يوجب الخشوع للقلب فهو علم غيرنا نافع وروي عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يسأل الله علما نافعا. وفي حديث اخر قال سلوا الله علما نافعا وتعوذوا بالله من علم لا ينفع. واما العلم الذي على اللسان فهو حجة الله على ابن ادم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن حجة لك او عليك. فاذا ذهب من العلم الباطن وبقي الظاهر على الالسنة حجة ثم يذهب هذا العلم الذي هو حجة بذهاب حملته ولا من الدين الا اسمه فيبقى القرآن في المصاحف ثم يسرى به في اخر الزمان فلا يبقى منه في المصاحف ولا افي القلوب شيء ومن هنا قسم من قسم من العلماء العلم الى باطل وظاهر. طيب. يقول رحمه الله فالعلم النافع هو ما باشر القلب فاوقر فيه اي ملأه بمعرفة الله تعالى وعظمته وخشيته واجلاله وتعظيمه ومحبته فالعلم النافع هو ما باشر القلب وليس ما قر في اللسان فقط او نطق به اللسان فقط بل لا بد وان يباشر القلب فيدخله. قال الله تعالى الله نور السماوات والارض. مثل نوره قال العلماء من اهل التفسير يصير مثل نوره في قلب عبده المؤمن مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد من المباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور نور والهدى والعلم الذي يدخل القلب مع نور الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها. نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء فالعلم النافع هو ما باشر القلب. فملأه بمعرفة الله تعالى فاوقر فيه معرفة الله تعالى. وعظمته وخشيته واجلاله وتعظيمه ومحبته وهذه المعاني تدور على المحبة والتعظيم اللذان هما ساقا العبادة فمن قام في قلبه محبة الله تعالى وتعظيمه فقد حقق له العبودية ومتى سكنت هذه الاشياء في القلب خشع اذا يكون بالاجلال والتعظيم كما ذكرنا قبل قليل. ويكون مع التعظيم المحبة ليكمل خشوعه حاله فخشعت الجوارح كلها تبعا لخشوعه. وهذا التعريف للعلم النافع فهو من التعاريف للجامعة التي ركزت على اصل العلم النافع فقال العلم النافع هو ما باشر القلب هذا هو الاصل في العلم ان يكون العلم مباشر للقلب مزكيا مطهرا منقيا لهذا القلب. فالعلم كله قول الله وقول رسوله انما جاء لتطهير القلب وتزكيته. قال الله تعالى يا ايها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر. والتطهير هنا هو تطهير الظاهر والباطن. تطهير الباطل من الشرك والفسوق والنفاق وسائل الافات. وتطهير الظاهر من الارجاس والادناس وسائر المستقذرات. يقول المؤلف رحمه الله في تعريف العلم انه ما باشر القلب وهذا احد الاقوال. وللعلماء في تعريف العلم النافع. عدة اقوال تدور على معان متقاربة فبعضهم يعرفه بحقيقته وبعضهم يعرفه بعاقبته هذا التعريف تعريف للعلم النافع بحقيقته انه ما القلب في بين موضعه ويبين ثمرته بانه يورث الاجلال والتعظيم والمحبة والتقدير لرب العالمين الذي اصبت بما ظهر لك من علم الاسلام شرفا فاطلب بما بطن من علم الاسلام محبة وزلفا. يقول ابنك امرؤ هذا يدل على عظيم فقه وهب ابن منبه ويقال وهب ابن منبه له وجهان في قراءته ابن منبه او ينتج عنه خشوع القلب واذا خشع القلب صلحت سائر الجوارح كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث زكريا عن الشعبي النعمان ابن بشير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. العلم النافع عرفه بعضهم بانه الذي يورث الخشية وهذا قريب من تعريف المؤلف لان الخشية ثمرة المحبة والتعظيم. وعرفه بعضهم فقال العلم الذي تحصل به النجاة في الدنيا والاخرة تعادوا به العباد وهذا تعريف للعلم النافع بثمرته. وانه الذي ينجي العبد من المهالك. ويسعده في دنياه واخراه وعرفه طائفة من اهل العلم فقالوا العلم النافع هو الدال على العمل الصالح واوسع من عرف العلم النافع قال العلم النافع هو المرشد للخير في امر الدين او امر الدنيا. وقد ذكر الشيخ عبدالرحمن عثمان السعدي رحمه الله في منظومة القواعد بيتين هما ضابط للعلم النافع من حيث ثمرته ومن من حيث حقيقته فقال رحمه الله اعلم هديت ان افضل المنن علم يزيل الشك عنك والدرن ويكشف الحق لذي قلوب ويوصل العبد الى المطلوب. فبين رحمه الله في هذين البيتين حقيقة العلم النافع. وبين انه اعظم ما يمن الله وتعالى على العبد. اعلم هديت ان افضل المنن افضل ما يمن الله تعالى به على العبد. علم يزيل الشك عنك تاء والدرن يزيل الشك من قلبك ودرا منه فيطهره من الشكوك والادران ويطهر ايضا البدن من الادران والاقذار ويكشف الحق لذي القلوب فيبصر. ما اخبرت به الرسل من العلوم المتعلقة بالله تعالى وباليوم الاخر. بصرا يوقن به صدق ما اخبرت به الرسل كانه يرى ما اخبرت به الرسل رأي عين يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن الاحسان قال ان تعبد الله كأنك تراه وهذي مرتبة عليا لا تكون الا من كمال العلم وتمام المعرفة. كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. وهذا ما ذكره رحمه الله في قوله ويكشف الحق لذي القلوب ثم بعد ذلك ما ثمرة هذا العلم الذي يزيل الشك والدرن ويكشف حق لذي القلوب ما ثمرته؟ ما نتيجته؟ ويوصل العبد الى المطلوب المطلوب هو تحقيق العبودية في الدنيا والفوز بالجنة في الاخرة فهدان البيتان يصلحان ضابطا للعلم النافع. هذا هو ضابط العلم النافع الذي به يبلغ العبد الخير الكثير وهو العلم الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه ان يرزقه اياه في قوله ربي زدني علما. بل هذا الذي امر الله تعالى رسوله بان يسأله في قوله قل يعني يا محمد ربي زدني علما. فالعلم المسؤول المطلوب المنشود المرغوب فيه هو العلم الذي يباشر القلوب فيثمر فيها تعظيم الله تعالى واجلاله ومحبته. ليس العلم بكثرة الرواية. وليس العلم بتشقيق الكلام وفصاحة اللسان. كم من عيي عنده من العلم بالله وبدينه ما ليس عند اصحاب الالسنة الفصيحة والبيان الجزيل لكن العلم في الحقيقة هو الخشية يقول الامام احمد يثني على معروف الكرخ كان يثني كثيرا على معروف الكرخ وهو من العباد مساك اصحاب العمل والجد في طاعة الله تعالى. وعندهم العلم ما يتعبد به ربه لكنه ليس من العلماء لم يصنف من الحفظة والنقلة للعلم والفقهاء لكنه كان عظيم الخشية لله تعالى. فكان الامام احمد يجله ويقدره ويثني عليه خيرا كبيرا فقال له بعض من حضره ان معروف قصير العلم. يعني قليل في علمه. فقال الامام احمد ان معروف وصل الى ما يطلب من اجله العلم وهو خشية الله تعالى. هذا هو الفقه الحقيقي للعلم يا اخواني. نحن نظن ان العلم هو بتشقيق البيان وكثرة الكلام هذا خطأ كما قال ابن رجب في بعض كتبه ورسائله كم من يعني لا يحسن البيان لو تقول له تعال اخطب بنا او تكلم يمكن ما يركب جملتين تركيب تليم لكن عنده من العلم بالله والمعرفة به جل وعلا ما بلغ به منزلة عليا ودرجة كبرى فينبغي لنا ان نعرف حقيقة العلم العلم ما يصلح به القلب ويزكو به الفؤاد وتستقيم به اعمال الباطن ويثمر ذلك زكاء وصلاحا لاعمال يقول المؤلف رحمه الله وفي صحيحه الامام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول اني اعوذ بالله من علم لا ينفع من قلب لا يخشع وهذا جاء في صحيح الامام مسلم من حديث ابي عثمان النهدي عن زيد ابن ارقم في دعاء ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان من اللهم اني اعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ودعوة لا يستجاب لها. ثم قال وهذا يدل على ان العلم الذي لا الخشوع للقلب فهو علم غير نافع. صحيح. العلم الذي لا يوجب الخشوع للقلب هو علم غير نافع. لان النبي صلى الله عليه وسلم ورد بين الامرين في الاستعاذة قرأنا بين العلم الذي لا ينفع والقلب الذي لا يخشع لانه لما كان غير نافع ما اثمر المطلوب وهو خشوع القلب وزكاؤه. يقول المؤلف رحمه الله وروي عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يسأل الله علما نافعا. كما جاء ذلك في مسند الامام احمد وغيره باسناد لا بأس به من حديث ام سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه كل يوم في صباح كل يوم يقول اللهم اني اسألك علما نافعا ورزقا طيبا فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه العلم النافع. وفي الحديث سلوا الله علما نافع وتعوذوا بالله من علم لا ينفع. يقول واما العلم الذي على اللسان فهو حجة الله تعالى على ابن ادم هو الحجة التي يقيمها الله تعالى عليك وعلى من يبلغه هذا العلم. وهذا يحمل بعض على ترك التعلم ويقول ما احفظ القرآن ولا اتعلم العلم حتى لا ازداد حجة وحججا علي وهذا من مداخل الشيطان. العلم اذا علمت فهو حجة عليك واذا اعرضت عنه وتركته فهو حجة عليك ولذلك يقول الله تعالى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. فتعلم العلم ولو لم يعمل به الانسان هو في الحقيقة خير لانه قد ينقله الى من يعلم وقد يحيي الله قلبه بهذا العلم فكم من علم ظن صاحبه انه لا ينفعه عاد عليه بالرشد والصلاح وهذا ما يشير اليه سفيان ابن عيينة رحمه الله حيث قال طلبنا العلم لغير الله يعني اما يتبوأ قضاء او ليصل الى مركز او الى قبول وجاه عند الناس. فابى العلم الا ان يكون لله. يعني العلم اذا وصل القلب لا بد ان يصلحه واذا صلح القلب ابصر وعلم ان ثمرة الحقيقة لهذا العلم ليس في المكاسب التي يحصلها في الدنيا ما الذي ينفعك ابعدوا لك في الطريق ووخروا عنه جاء الشيخ وذهب الشيخ او في حين انك عند الله تعالى في مقام سافل وفي منزلة الدنيا. في حين انك لو كنت في غبراء الناس اشعث اغبر مدفوع بالابواب لكنك على علم بالله تعالى تعبده حق عبادته فانت في المنزلة العليا والسبق ليس في مناصب الدنيا وزخارفها انما السبق الحقيقي الذي ينبغي ان نشمر اليه هو ما اعده والله تعالى لعباده المتقين واولياءه الصالحين جنة عرظها السماوات والارض نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجعلنا من اهلها ومن السابقين اليها. يقول رحمه الله الله واما العلم الذي على اللسان فهو حجة الله على ابن ادم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن حجة لك او عليك هو حجة لك فيما اذا تعلمت انتهوا وعملت به وهو حجة عليك في حالين. اذا علمته وتركت العمل به او اذا تركت تعلمه وبالتالي العمل به فهذا معنى حجة عليك لان بعض الناس يقول لا تعلمنا الحكم لا تخبرني بالدليل حتى لا تقوم الحجة عليه الحجة قائمة عليك بترك ايش بترك التعلم فقوله وحج عليك في حالين اذا تعلمته ولم تعمل به واذا تركت تعلمه مع امكان التعلم وهذه مسألة مهمة تفيدك في نصح من يتذرع بمثل هذه الاحاديث التي يخطئ في فهمها فيخطئ العمل نتيجة خطأ الفهم. يقول رحمه الله فاذا ذهب من الناس العلم الباطن بقي الظاهر ذهب منهم علم القلوب بقيت ظاهر على الالسنة حجة ثم يذهب هذا العلم الذي هو حجة بذهاب حملته ولا يبقى من الدين الا اسمه فيبقى القرآن في المصاحف ثم يسرى به في اخر الزمان يعني يمر عليه في اخر الزمان في ليلة فلا يبقى منه في المصاحف ولا في القلوب منه شيء نعوذ بالله ان ندرك ذاك الزمان. ومن هنا قسم من قسم من العلماء العلم الى باطل وظاهر فالعلم الباطن نعم فالباطن ما باشر القلوب فاثمر لها الخشية والخشوع والتعظيم والاجلال والمحبة والانس والشوق والظاهر ما كان على اللسان فبه تقوم حجة الله على عباده. وكتب وهب ابن منبه الى مكحول. انك امرؤ قد ابن منبه وكتب وهب ابن المنبه الى مكحول وهو من الفقهاء المشهورين والائمة الذين ظهر فقههم واشتهر صيتهم ان قد اصبت بما ظهر لك من علم الاسلام شرفا شرفا اي تقدما ومنزلة عند الناس وذلك بما كان على لسان من الفقه في كلام الله وكلام رسوله. فاطلب بما بطن من علم الاسلام محبة وزلفة عند من؟ عند الله تعالى فقد اصبت الشرف عند الناس بعلم الاسلام الذي على لسانك ففز محبة الله تعالى والقربى منه جل وعلى بعلم الاسلام الذي تملأ به قلبك وهذا معنى قوله فاطلب بما بطن من علم الاسلام محبة وزلفا وفي رواية الاخرى انه كتب اليه. وفي رواية اخرى انه كتب اليه انك قد بلغت بظاهر علمك عند الناس منزلة وشرف فاطلب بباطن علمك عند الله منزلة وزلفا. واعلم ان احدى المنزلتين تمنع من الاخرى. المقصود واعلم ان احدى المنزلتين تمنع من الاخرى يعني اذا اشتغل الانسان بطلبها. وليس انه لا يمكن ان تحصل الثنتين فاذا اصبت شرفا فمعنى هذا انك لم تنل محبة وزلفا ولا انك اذا نلت محبة وزلفة لن تنال شرفا عند الناس. بل ان النبي صلى الله عليه وسلم بشر انه اذا صدق العبد مع الله تعالى فان الله تعالى يكتب له القبول في الارض. كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان الله تعالى اذا احب عبدا نادى في السماء يا جبريل انه يحب فلانا فاحبه. في نادي جبريل في اهل السماء ان الله يحب فلانا فاحبوه فيوضع له القبول في الارض وفي البغض ان الله اذا ابغض فلانا نادى يا جبريل اني ابغض فلانا فيبغضه فينادي جبريل في اهل السماء ان الله يبغضه فلانا فابغضوه في كتب له البغض في الارض نعوذ بالله من الخذلان. فقوله رحمه الله واعلم ان احدى المنزلتين تمنع من اخرى يعني الاشتغال في طلب احدى المنزلتين يمنع من الاخرى. فاذا كان اشتغالك بطلب المنزلة عند الناس يمنع حصول عند الله تعالى فايهما تقدم؟ لا شك انك تقدم طلب المنزلة والزلفة عند رب العالمين ومن صدق مع الله صنع وصدقه الله فالله لا يخلف الميعاد. والله سبحانه وتعالى قد وعد من امن وعمل صالحا ببشرى فقال ان الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا اي محبة في قلوب الخلق. لكن ما كن هذا بان تطلب المودة في قلوب الخلق وتسعى ويكون حبك وبغضك وعملك وتركك واقدامك واحجامك هو فيما يحب ويبغضون او ما يرظى به الناس ويسخطون انما كل ذلك في مرظاة الله تعالى. ومن كان مع الله فان الله تعالى لا يخيب ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فنعم المولى ونعم النصير سبحانه وبحمده