فقولوا من احدث في امرنا هذا اي من اوجد شيئا يخالف ما كان عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم او ما كان عليه قوله او ما كان عليه عقده فيما هو من مظان الاجتهاد اذا قوله صلى الله عليه وسلم وكل بدعة ضلالة هنا الحكم على البدعة في ذاتها بغض النظر عن فاعلها وعن قصده فان الحكم على الفعل الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث هو الحديث الثامن العشرون الاحاديث الاربعون النووية وهو حديث العرب ابن سارية رضي الله عنه وفي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه والامة لما استوصاه الصحابة فقالوا يا رسول الله آآ كانها موعدة موعظة مودع فاوصله قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة. وان تأمر عليكم عبد حبشي ثم قال فان من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليك بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ فامر بالتمسك بها وثم ذكر صفة التمسك فقولوا عضوا عليها بالنواجذ هذا ببيان الصفة التي يكون عليها التمسك وانه تمسك على هذه الصورة وعضوا عليها بالنواجذ وقلنا في وعظوا عليها بالنواجذ اما ان يكون طفل التمسك واما ان يكون امرا بالصبر على الم ذلك التمسك واضح واضح يا اخوان؟ هذا بيناه امس طيب ثم قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. قول واياكم هذي كلمة تحذير تفيد التنفير والزجر اما بعدها فقوله واياكم ايحذروا محدثات الامور ومحدثات الامور الامور هنا جمع امر والمقصود به الشأن قول ومحدثات للامور محدثات جمع محدثة والمحدثة المقصود بها الامر الذي خالف ما كان عليه امر النبي صلى الله عليه وسلم فهو مندرج في الامور التي اختلفت عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم لكن اختلاف يخرج به الشيء عن هديه وعن عمله يخالف هديه وعمله المحدثات ليس المقصود ما جد فقد جدت امور كثيرة في زمن الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا ينكرونها ولم يكونوا يرفضونها بل اخذوها وعملوا بها وانتفعوا منها انما المقصود المحدثات بالمحدثات فيقول واياكم ومحدثات الامور هو ما خالف ما كان عليه من هدي وما كان مخالفا لاتي النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان ذلك في العقائد او كان ذلك في الاقوال او كان ذلك في الاعمال فالاحداث وهو مخالفة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم يتطرق الى العقائد والى الاقوال والى الاعمال يقول صلى الله عليه وسلم واياكم ومحدثات الامور وقد جاء ذكر الاحداث وبيان حكمه في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث ابراهيم ابن سعد عن ابيه عن محمد ابن قاسم ابن القاسم عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد وهذا اول حديث او هذا من احاديث القول التي ذكرها المصنف رحمه الله في الاربعين النووية اقول واياكم ومحدثات الامور اي اجتنبوا الشؤون والاحوال والاقوال والعقائد والاعمال التي تخالف ما كان عليه حاله وشأنه وعمله وقوله واعتقاده ولبيان علة التحذير من هذا قال فان كل محدثة بدعة وهذا بيان الحكم حكم هذه المحدثات فكل محدثة بدعة اي ان كل ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه الراشدين المهديين في الاعتقاد او في القول او في العمل فانه بدعة ويشهد لهذا ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل المحدث مقابل الهدي مقابل السنة جعل المحدثة مقابل السنة وحكم على الاحداث بالضلال وذلك فيما جاء في صحيح الامام مسلم من حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله ثم يقول وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول وشر الامور محدثاتها مقابل ما كان من هديه صلى الله عليه وسلم. ثم قال وكل بدعة ضلالة وفي قوله صلى الله عليه وسلم فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة حكم على جميع المحدثات سواء كانت في الاقوال او في الاعمال او في العقائد اي ان كل ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي خلفائه الراشدين مما يقصد به التقرب لرب العالمين فانه ضلالة ولهذا يقال في تعريف البدعة انها ما خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه بالقول او في العمل او في الاعتقاد مما يقصد به التقرب الى الله مما يقصد به التقرب الى الله لاجل ان يخرج ما يتعلق بامر الدنيا مما خالف ما كان عليه العمل في عهده فانه لم يكن في عهده على سبيل المثال ديوان يجمع المقاتلين المجاهدين في سبيل الله وقد وقد كان هذا في عهد عمر رضي الله عنه ولم يكن في عهده جمع الناس على حرف واحد وقد كان هذا في عهد عمر رضي الله عنه. وفي عهد ابي بكر وفي عهد آآ عمر جمع وفي عهد عثمان تقرر ذلك على حرف واحد كانوا جمعوا المصحف واستقر امرهم على مصحف واحد في عهد عثمان رضي الله عنه وما من خليفة من الخلفاء الراشدين الا حدث في عهده من القول والعمل ما لم يكن عليه العمل فيما تقدم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لكن ذلك كله لتحقيق مصلحة الشريعة وليس فيه ما يخالف هديه صلى الله عليه وسلم انما هو مقرر لمقاصد ما جاء به صلى الله عليه وسلم وقول كل بدعة ضلالة هذا حكم على جميع المحدثات المخالفة لهدي بانها ظلالة طبعا الضلالة ليست على درجة واحدة الضلالات درجات فيشترك في هذا جميع سور الضلال في الوصف لكنه ليس على درجة واحدة بل هو متفاوت مختلف. فمن الضلال ما يكون جرمه عظيم كبير ومنه ما هو دون ذلك فمعلوم ان البدعة في قول او في العمل ليست كالبدعة في الاعتقاد فبينهما بون شاسع بالتأثير والخلل المتطرق للشريعة وقوله صلى الله عليه وسلم ضلالة اي ذاهبة عن الحق ضائع عن طريق الهدى فالظلال هو الخروج عن الطريق هو الضياع عن طريق الحق والذهاب عن سبيله ويشمل الظلال ما كان فيه الخروج عن عن الصراط المستقيم بعلم او بغير علم الظلال يشمل كل خروج عن الطريق المستقيم عن الصراط المستقيم سواء كان بعلم من صاحبه او بغير علم فانه يصدق عليه انه ضلال ومعلوم انه فرق بينما كان بعلم وما كان بغير علم بينما كان بعلم اثمه اعظم اه وزره اكبر مما كان مما يكون بغير علم وقد يكون الانسان معذورا في الضلال اذا كان عن غير قصد وان كان يوصف قوله بالضلال لكنه آآ يكون آآ معذورا فيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عمرو في الصحيحين اذا اجتهد الحاكم فاخطأ فله اجر واذا اجتهد فاصاب فله اجران. ومعلوم انه اذا اخطأ فانه قد ضل الحق خرج عن الحق هذا نوع من الضلال لكنه يترتب عليه اجر من حيث قصده للحق وان كان لم يصبه وان كان لم يصبه لا على الفاعل وهذا ما ينبغي ان يعلم ان احكام الشريعة في الغالب تذكر الحكم على الافعال لا على الفاعلين لان الحكم على الفاعل يحتاج الى توافر الشروط وانتفاع الموانع هذا ما يتصل بما تضمنته هذه الوصية العظيمة الوصية النبوية العظيمة التي بها طلحوا الدنيا وصلحوا الاخرة في الحديث جملة من الفوائد يمكن ان نستعرضها على عجل من فوائد هذا الحديث حرص النبي صلى الله عليه وسلم على امته فانه وعظهم موظع موعظة بليغة فلما استزادوه زادهم وفيه بلاغته صلى الله عليه وسلم وجازة وعظه وعظيم تأثير كلماته وفيه ايضا انه ينبغي لمن يعظ ان ان يتحرى البلاغة في وعظه لان التأثير يكون ابلغ وقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في ما امره بخصوص المنافقين قال وعظهم وقل لهم في انفسهم قولا بليغا والبليغ هو ما كان مليئا بالرحمة والشفقة على من يتكلم معه مع الوجازة والوضوح والبيان وفيه من الفوائد حرص الصحابة رضي الله عنهم على الاستزادة وعظيم فقههم فيما يسمعون فانهم لما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمعوا ارادوا مزيدا واجمالا مزيدا واجمالا فقد شعروا من موعظته انه مودع قالوا يا رسول الله كأنها موعظة مودع ولم يقول لها ليست موعظة مودع بل موعظة آآ تذكير وتنبيه فاوصنا يعني اجمل لنا ما نحتاجه ويحاد الينا بما يكون زادا لنا في حال مغيبك لان الوصية لا تكون من حاضر انما تكون من غائب وقد ذكره له بوصف موعظته بانها موعظة مودع فطلبوا منه ما يتمسكون به في حال مغيبه ولهذا هذا الحديث يمثل طريق النجاة للافراد والجماعات ليه احاد الامة ومجموعها وفيه ان اعظم ما يوصى به كل احد فردا او جماعة زوروه زرافات ووحدانا التقوى فان النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بها فقال اوصيكم بتقوى الله وهذه الوصية لعظيم قدرها وكبير مكانتها. اوصى الله تعالى بها الاولين والاخرين. يقول الله تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ان اتقوا الله وهي عنوان الصلاح فيما بين العبد وربه وفيما بين العبد والخلق فانه من اتقى الله اصلح ما بينه وبينه ومن اتقى الله ادى حقوق الخلق كما امره تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها ثم قال والسمع والطاعة كما تقدم هذا فيه اهمية الوصية بالسمع والطاعة بايام في في حال مغيب النبي صلى الله عليه وسلم والسمع والطاعة كما تقدم لولاة الامر وهذا يبين انه لا نجاة للامة الا بالاخذ بهذه الوصية السمع والطاعة لمن والله لمن ولاه الله تعالى الامر واذا اردت ان تعرف قدر هذا فانظر الى وصل الى الذين بايعهم النبي صلى الله عليه وسلم من اصحابه على هذا الامر تجد انه بايع على ذلك كثيرين صلى الله عليه وسلم فقد بايع على ذلك الانصار في بيعة اخرى غير البيعة التي كانت في مكة. يقول عبادة بن الصامت بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والا ننازع الامر اهله وان نقول او نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم وهذا بيعة متقدمة وكذلك جاء في بيعة جرير وهي من البيعات الاخيرة قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فلقنني فيما استطعت والنصحة لكل مسلم وهذا فيه الوصية ان السمع والطاعة هي كسائر ما امر الله تعالى به المؤمنين من كونها منوطة بالاستطاعة فاتقوا الله ما استطعتم وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه انه قال السمع والطاعة حق ما لم يؤم حق لولاة الامر ما لم يؤمر بمعصية فاذا امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة والاحاديث في هذا كثيرة ومنها حديث انس في الصحيح انه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اسمعوا واطيعوا وان تأمر عليكم عبد حبشي رأسه كالزبيبة اي في القبح والدمامة والنفرة عنه خلقة ثم من فوائد هذا الحديث ان السمع والطاعة حق لكل من تولى مهما كانت حاله وصفته ما دام مقيما للصلاة وهي الطاعة في المعروف ولذلك قال وان تأمر عليكم عبد حبشي وقد اخذ بعض اهل العلم من هذا الحديث فائدة جواز الولاية وجوب السمع والطاعة لمن تولى على المسلمين بالغلبة لقوله وان تأمر عليكم عبد حبشي وقد تقدم طرق حصول الولاية بالشرح واخذ بعض الفقهاء من هذا انه اذا تأمر عبد حبشي اذا تغلب على المسلمين احد فكسر قوة السلطان وزال به سلطان المتقدم فانهم يذحنون للمتأخر صيانة للدماء و حفظا لجماعة المسلمين من التفرق والتنازع وهذا ما جرى عليه الصحابة رضي الله عنهم وهذا فيه التنفير الشديد من الخروج على الائمة بل انه لما تولى عبد الملك بن مروان كتب اليه رضي الله عنه قال من عبد الله بن عمر الى عبد الله عبد الملك ابن مروان امير المؤمنين فاني ابايعك على سنة الله وسنة رسوله وهكذا جميع ابنائي او قال انا وجميع ابنائي وهذا كله لتحقيق ما اوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من السمع والطاعة لولاة الامر في غير المعصية من فوائد هذا الحديث آآ سرعة اختلاف الامر وتغير الحال فانه قد اخبر بذلك صلى الله عليه وسلم في قوله فانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا مع قرب العهد بالنبوة والرسالة وما كانوا عليه من كمال الحال الا ان سرعة التغير حصلت وفي هذا الحديث التحذير من البدع والتنفير منها سواء ويستوي في ذلك الدقيق والجليل فان البدع شر وفساد هذه جملة من الفوائد اه والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا