يذكر الشر في جملة خلق الله لا على وجه التفصيل كما قال تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر فيدخل في عموم خلق الله لكن لا يذكر على وجه الانفراد وذلك الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى احمده حق حمده له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان من اصول الايمان التي لا يتم ايمان احد الا بها ان يؤمن بالقدر خيره وشره فقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الايمان فاجاب بقوله الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره فهو الاصل السادس من اصول الايمان التي لا يتم ايمان احد الا بالاقرار بها والايمان بالقدر هو ان تؤمن بان الله تعالى علم كل شيء قبل وقوعه وانه سبحانه قد كتب ذلك فكل في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ما من شيء يقع الا بمشيئة الله كما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ورابع ما يجب بتحقيق الايمان بالقدر ان تؤمن ان الله خالق كل شيء فما من شيء الا وهو خلق الله عز وجل كما قال تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر هذه الاصول الاربعة بها يتحقق الايمان بالقدر قال الله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك جعل الله يسير هذه الاية اشتملت على ذكر هذه الاصول الاربع التي يتحقق بها الايمان بالقدر الايمان بعلم الله السابق للحوادث وانه ما من حادث ولا واقع الا وهو مكتوب قبل ان يكون ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب. اي في مكتوب وهو اللوح المحفوظ من قبل ان نبرأها وهذا فيه اثبات المشيئة والخلق فما شاءك ان وما لم يشأ لم يكن. وكل شيء فهو خلق الله جل في علاه هذه اصول لابد من ان ان يستحضرها المؤمن ليحقق الايمان بالقدر الذي به ينتظم توحيده ويستقيم ايمانه فانه لا يستقيم ايمان احد ولا ينتظم عقده ولا يثبت توحيده الا ان يؤمن بالقدر خيره وشره. فمن انكر القدر او لم يؤمن به او لم يؤمن باحد اصوله التي لا يتم الايمان الا بتكبيرها فانه بذلك يخرج عن دائرة الايمان ولهذا جاء قوم الى عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه يخبرونه عن اناس خرجوا في زمانه في العراق يقولون ان الامر انف يعني انه لم يسبق قدر بما جرى به تقدير الله والوقائع بمعنى انه ليس ثمة ليس ثمة علم ولا كتابة سابقة لما يقع في حوادث الزمان ووقائعه فقال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه اخبروهم اني منهم براء وانهم براء مني ثم اخبرهم بما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في بيان اصول وقد ذكر في الفرق بين القضاء وبين القدر عدة اقوال. فقيل لا فرق بينهما. وقيل القضاء هو الامر الكلي الاجمالي الذي في الازل. اما القدر فهو جزئيات ذلك الكلي. وقيل القضاء هو مشيئته الايمان وانه لا يتم ايمان احد الا ان يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره نقرأ شيئا مما يسر الله تعالى في هذا الاصل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. قال مؤلف وفقه الله في شرح العقيدة الواسطية. من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتؤمن الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره. هذا بيان عقيدة اهل السنة والجماعة في القدر والقدر من حيث اللغة يراد به التقدير. وهو علم الله وكتابه وما طاب ذلك من مشيئته وخلقه. ويمكن ان يقال قدر الله هو حكمه الكوني. ولذلك قال الامام احمد القدر قدرة الله. واستحسن واستحسن ابن عقيل. واستحسن ابن عقيل هذا الكلام جدا وقال هذا يدل على دقة علم احمد وتبحره في معرفة اصول الدين. وهو كما قال ابو الوفاء فان انكار القدر انكار لقدرة الرب على خلق اعمال العباد وكتابتها وتقديرها والايمان بالقدر من اصول الايمان كما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل قال الايمان وان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت بالقدر خيره وشره. وقد تبرأ ابن عمر وغيره من الصحابة من المكذبين بالقدر ويدل عليه ايضا قول الله تعالى ان كل شيء خلقناه بقدر. فهو سبحانه يعلم قبل ان يخلق الاشياء كل ما سيكون. وهو يخلقه بمشيئته فهو يعلمه ويريده والايات والنصوص المثبتة للقدر كثيرة جدا ولا عجبا. فكل دليل في القرآن على التوحيد فهو دليل على القدر وخلق افعال العباد. ولهذا كان اثبات القدر اساس التوحيد. قال ابن عباس رضي الله عنهما الايمان بالقدر نظام التوحيد. فمن كذب بالقدر نقض تكذيبه التوحيد والذي عليه اهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين لهم باحسان وائمة مسلمين وعلماء انه ما شاء الله كان ولم وما لم يشأ لم يكن انه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وان الله خالق كل شيء وربه ومليكه. فكل ما سوى الله مخلوق له محادث بمشيئته وقدرته ولا يكون في ملكه ما لا يشاؤه ويخلقه. فلا يقدر احد ان يمنع الله عما اراد ان يخلقه ويكونه فانه الواحد القهار. ما يفتح الله من رحمة فلا ممسك لها. وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ومن الايمان بالقدر ان يعلم العبد ان ما اصابه لم يكن ليخطئه. وما اخطأه لم الكل مصيبة ولا يلزم من الايمان بالقدر خيره وشره ان يكون في فعله شر محض ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح والخير بيديك والشر ليس اليك فانه لا يخلق شرا محضا. بل كل ما يخلقه ففيه حكمة هو هو باعتبار فيها خير ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس وهو شر جزئي اضافي. فاما شر كلي او شر مطلق فالرب سبحانه وتعالى منزه عنه. وهذا هو الشر الذي ليس واما الشر الجزئي الاضافي فهو خير باعتبار حكمته. ولهذا فان الشر المخلوق ولا يضاف الى الله مجردا عن الخير قط. وانما يذكر على احد وجوه ثلاثة. اما مع اضافة الى المخلوق كقول الله تعالى من شر ما خلق واما مع حذف الفاعل كقول الجن وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا. ومنه في الفاتحة صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فذكر الانعام مضافا اليه وذكر الغضب محذوفا من فاعله وذكر الضلال مضافا الى العبد. وكذلك قول الله تعالى واذا مرضت فهو يشفين واما ان يدخل في العموم كقول الله تعالى واما ان يدخل في العموم كقول الله تعالى خالقوه وكل شيء ومن الجدير بالذكر ان الايمان بالقدر يوجب ان يكون العبد صبا ام اراد بهم ربهم رشد فالشهر لم ينسب اليه جل في علاه بل لم يذكر الفاعل لم يسمى الفاعل لانه الشر ليس اليه وهو شر نسبي في نظري نسبي بالنظر الى المفعولات والمقدرات. وكذلك كن شكورا صبورا على البلاء شكورا على الرخاء. اذا اصابته نعمة علم انها من عند الله فشكره سواء كانت النعمة حسنة فعلها او كانت خيرا حصل بسبب سعيها ان الله هو الذي يسر عمل الحسنات وهو الذي تفضل بالثواب عليها فله الحمد في ذلك كله واذا اصابته مصيبة صبر عليها وان كانت تلك المصيبة قد جرت على يد غيره فالله هو الذي سلط ذلك الشخص وهو الذي خلق افعاله. مسألة والفرق بين القضاء وبين القدر ان القضاء نوعان حكم كوني وحكم شرعي فاما القدر فهو حكم كوني الله واما القدر فهو كتابته. وقيل القضاء ما يحكم الله به عند وقوعه. واما القدر ما كتبه الله في الازل يقول المصنف رحمه الله وتؤمن الفرقة الناجية جعلنا الله واياكم منهم تؤمن الفرقة الناجية اي اهل السنة والجماعة الذين لزموا كتاب الله وساروا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلزموا الكتاب والسنة تؤمن الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة بالقدر اي بما جاء من النصوص في الكتاب والسنة بشأن القدر خيره وشره هذا هو الاصل السادس من اصول الايمان والقدر من حيث اللغة مأخوذ من التقدير واما معناه في الاصطلاح الشرعي اي القدر في الكتاب والسنة معناه علم الله بالحوادث قبل وقوعها وكتابته جل في علاه لذلك ومشيئته لما علمه وكتبه وخلقه له. فعلم الله مع كتابته مع خلقه ومشيئته هذا هو قدر الله عز وجل الذي يجب الايمان به في اصول الايمان. وينكر ان يقال ان القدر هو حكم الله الكوني. القدر هو حكم الله الكوني اي حكم الله تعالى الذي يجري به كل شيء في الكون تمام من حركة ولا سكون الا بقدر الله عز وجل ولذلك عرف الامام احمد رحمه الله القدر بانه قدرة الله وذلك ان كل شيء انما يكون بقدرته جل في علاه فهو على كل شيء قدير. وهذا من تعريف الشيء ببعض دلالاته او ببعض ملزوماته. فالقدر هو قدرة الله المتضمنة لكتابته وعلمه وخلقه سبحانه وبحمده والايمان بالقدر دل عليه قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما جاء في حديث جبريل لما سأله عن الايمان والاسلام والاحسان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره قوله صلى الله عليه وسلم والقدر خيره وشره يثبت انتظام حكم الله لكل ما يكون في الكون مما يجري من خير او شر. لكنه يعلم ان الخير والشر امر نسبي وليس في فعل الله تعالى ما هو شر المحض بل ما من شيء من افعال الله عز وجل الا وهو خير. ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الاستفتاح ان يقول من دعائه في الاستفتاح انه يقول صلى الله عليه وعلى اله وسلم والخير بيديك والشر ليس اليك والخير بيديك فهو الذي يملكه وهو الذي يهبه وهو الذي يصرفه والشر كله ليس من توبا اليه سبحانه وبحمده ولذلك قال والشر ليس اليك فان الله تعالى لا يخلق شرا محضا انما ما يكون في المقدورات والمفعولات مما هو شر بالنسبة للخلق فهو شر نسبي فالمرض على سبيل المثال شر بالنسبة للمريض لكنه بالنظر الى فعل الله هو خير بلا شك فان المرض يجري فيه من المنافع والخيرات ودلائل قدرة الله عز وجل وحكمته ورحمته ما لا يتبين بغير هذا المقدور ولهذا كل ما يكون من فعله فهو خير فلا ينسب الشر الى الله تعالى بالمطلق انما الخير كله في يديه والشر ليس اليه وما يكون من شر فانه شر نسبي في نظر المخلوق وليس ذلك من شر معهم واضرب لذلك مثلا الظالم ما ينزل به من مكروه اليس شرا بالنسبة له شر او لا؟ الظالم اذا نزل به مكروه اليس ذلك شرا بالنسبة له؟ بلى شر بالنسبة له. لكن في نظر المظلوم الذي رأى عقوبة الله النازلة في الظالم اهو خير ام شر سؤال بالنسبة للمظلوم اذا رأى ما يوقعه الله تعالى في الظالم من من العقوبة هو شر او خير هو خير بالنسبة له فليس في فعل الله عز وجل شر مطلق بل الشر ليس اليك وفعله كله خير وانما الخير والشر بالنسبة لتقييم الناس انما هو امر نسبي اضافي ولذلك في الكتاب والسنة لا يضيف الله تعالى الشر اليه محضا بل اذا ذكر الله تعالى الشر اما ان يضيفه الى المخلوق كما في قوله تعالى قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق فاضاف الشر الى المخلوق او مع حذف الفاعل كما قالت الجن وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض اريد بمن في الارض في كل ما هو مكروه فان الله تعالى لا يضاف اليه المكروه على وجه التخصيص وانما هو داخل في عموم خلق الله تعالى وقدرته. واذا امن العبد واذا امن العبد بالقدر منحه الله تعالى الصبر ومن عليه بالثبات واليقين ويسر له جل في علاه شرح الصدر كما قال تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه فالايمان بالقدر مما يعين الانسان على الصبر اذ انه يعلم ان ما قضاه الله تعالى له له فيه حكمة فيصبر ويحتسب ويكون ذلك موجبا الاجر والثواب كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير اصابته ضراء صبر فكان خيرا له وان اصابته سراء شكر فكان خيرا له ولا ذلك الا للمؤمن وليعلم ان القدر يسمى بهذا الاسم ويضاف اليه القضاء فيقال القضاء والقدر وهما شيء واحد اذا اطلق منفردين يعني اذا قيل القدر على وجه الانفراد شمل القضاء واذا قيل القضاء شمل القدر. فكل واحد منهما اذا ذكر منفردا شمل الاخر. لكن اذا اجتمع من اهل العلم ان اجتماعهما يكون بذلك مفرقا لمعناهما فيكون القضاء له معنى والقدر له معنى. واختلفوا في تحديد ذلك على عدة اقوال والامر في هذا قريب فمنهم من قال ان القدر اذا جمع مع القضاء فان القضاء يكون الحكم العام والقدر هو الحكم الخاص التفصيلي. فمثلا القضاء بسعادة شخص الحكم بسعادة شخص هذا قضاء وتفاصيل هذا الحكم بان يوفق للطاعة يوفق للصلاة يوفق لبر الوالدين. وما الى ذلك من التفاصيل هذا قدر. هذا ما قيل الفرق بين القضاء والقدر. وقيل الفرق بين القضاء والقدر ان القضاء هو مشيئة الله. واما القدر فهو كتابته جل في علاه لما شاء. وقيل القضاء ما يحكم به الله تعالى عند وقوعه. واما القدر فهو ما كان في سابق الازل. فالقدر هو السابق والقضاء هو ترجمة ذلك السابق وتأويله في الواقع ومن الفروق بين القضاء والقدر ان القضاء نوعان واما القدر فنوع واحد. القضاء منه ما هو ومنه ما هو كوني من القضاء الكوني قوله تعالى وقظينا الى بني اسرائيل في الكتاب وقظينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارظ مرتين. القظاء هنا قضاء كوني قدري قضى الله كونا يعني هذا سيكون ولا بد ومنه القضاء الشرعي وهذا الذي قد يقع وقد لا يقع ومنه قوله جل وعلا وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه فقظاء الله عز وجل بان لا يعبد الا هو جل في علاه هذا قظاء كوني او شرعي قضاء شرعي وهو قد يقع وقد لا يقع اما القدر فانه لا يكون الا واحدا فلا يقسم قدر شرعي وقدر كوني بل هو قدر يشمل حكم الله تعالى الكوني. الايمان بالقدر راتب درجات يأتي بيانها في كلام المؤلف يقول رحمه الله الايمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين فالدرجة الاولى الايمان بالله تعالى علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به ازلا وابدا. وعلم جميع احوالهم من الطاعات والمعاصي والارزاق والآجال. ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق. فاول ما خلق الله القلم وقال له اكتب. قال ما اكتب؟ قال اكتب ما هو كائن الى يوم القيامة. فما اصاب الانسان لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه جفت الاقلام وطويت الصحف كما قال الله الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب. ان ذلك على الله يسير. وقال ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان على الله يسير. تضمنت هذه الدرجة مرتبتين من مراتب الايمان بالقدر اولى علم الله تبارك وتعالى بالاشياء قبل وقوعها. دل على ذلك الكتاب والسنة وجاءت به دار ما اتفق عليه الرسل من اولهم الى خاتمهم. واتفق عليه جميع الصحابة ومن تبعهم من الامة ففي القرآن والحديث والاثار ما لا يكاد يحصر من دلائل ذلك. فان القرآن قد اخبر بانه سبحانه يعلم ما سيكون في غير موضع. بل ابلغ من ذلك انه قدر مقادير الخلائق كلها وكتب ذلك قبل ان يخلقهن فقد علم ما سيخلقه علما مفصلا. وقد اخبر في القرآن من مستقبلات التي لم تكن بعد بما شاء الله. بل اخبر بذلك نبيه وغير نبيه. ولا يحيط بشيء من علمه الا بما شاء. الثانية كتابة الله تعالى لمقادير الاشياء قبل كونها وقد ثبت ذلك في صريح الكتاب والسنة واثار السلف. فالله سبحانه قدر وكتب مقادير والخلائق قبل ان يخلقهم كما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال قدر الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات الارض بخمسين الف سنة وكان عرشه على الماء. وفي البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن نبيه صلى الله عليه وسلم قال كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والارض وفي رواية ثم خلق السماوات والارض فقد قدر سبحانه ما يريد ان يخلقه من هذا العالم حين كان عرشه على الماء الى يوم القيامة كما جاء في حديث امر القلم بالكتابة واحاديث تقديره سبحانه وكتابته لما يريد وان يخلقه كثيرة جدا. هذا البيان من كلام المؤلف رحمه الله بما يتصل بمراتب الايمان بالقدر جعل الايمان بالقدر يرجع الى درجتين تضم المراتب الاربعة التي ذكرنا الايمان بالقدر يتضمن درجتين كل درجة تتضمن شيئين وبه يعلم انه لا يتحقق الايمان بالقدر لاحد الا ان يؤمن باربعة امور. الامر الاول ان يؤمن بعلم الله تعالى السابق للحوادث. فالله تعالى علم ما الخلق عاملون قبل ان يخلقهم علم ذلك علما تاما لا يختل ولا ينخرم فيه شيء. علما اجماليا وتفصيليا علم الله تعالى ما سيكون من شأن الخلق قبل خلقهم دل على هذا كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتواطأت على ذلك كلمات الرسل صلوات الله وسلامه عليهم والقرآن اخبر بانه سبحانه يعلم ما سيكون في مواضع كثيرة بل ابلغ من ذلك انه جل في علاه قدر مقادير الخلائق كلها كلها. وكتب ذلك وقد اخبر القرآن عما سيكون في مستقبل الزمان وهذا يدل على العلم السابق ولو لم يكن عالما بما سيكون في المستقبل فكيف يخبر به وهو غير عالم به؟ اذا المرتبة الاولى من مراتب الايمان بالقدر ان تعلم ان الله علم كل شيء قبل خلقه كل شيء دقيق او جليل صغير او كبير لا ليس ثمة شيء يقع في الكون الا والله تعالى قد علمه قبل ان يكون المرتبة الثانية انه جل وعلا كتب ذلك العلم فما علمه سبحانه مكتوب ولذلك قال المصنف رحمه الله في ذلك ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق كتب في اللوح المحفوظ وهو الذي جعله الله تعالى محلا لكتابة الحوادث والوقائع وما يكون منه جل في علاه وما يكون من خلقه كل ذلك في كتاب مكنون كتاب محفوظ وقد جاء الخبر بذلك فيما رواه احمد وابو داوود وغيرهما من حديث الوليد بن عبادة عن عبادة ابن الصامت رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال ما اكتب قال اكتب ما هو كائن الى يوم القيامة فكل شيء في الكون فانه مكتوب وقد جاء الخبر بكتابة الله للاقدار في غير ما حديث كما دل عليه القرآن فمن ذلك ما في صحيح الامام مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر الله مقادير الخلق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة قدر مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وهذا يدل على ان التقدير سابق. وفي البخاري من حديث عمران ابن حصين ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال في بيان ما يتعلق بالخلق والكون قال كان الله ولم يكن شيء قبله. تعالى ان يسبقه شيء فهو الاول الذي ليس قبله شيء كان الله ولم يكن شيء قبله فهو الاول الذي ليس قبله شيء سبحانه وبحمده وكان عرشه على الماء ثم قال وكتب في الذكر كل شيء. الذكر هو الكتاب. الذي كتب الله تعالى فيه مقادير الخلائق وهو اللوح المحفوظ. وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والارض. وفي رواية ثم خلق السماوات والارض فالله عز وجل قد كذب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض قد بين ذلك بيانا جليا ولا يمكن ان يتحقق لمؤمن الايمان الا بان يعلم ان الله تعالى علم الاشياء قبل وقوعها وانه كتبها فما اصاب انسان لم يكن ليخطئه يعني ما نزل بك لا يمكن ان يذهب عنك. لا يمكن ان يتحول عنك الا بمشيئة الله عز وجل وما اخطأك يعني ما لم يصبك من اقضية الله واقداره لم يكن ليصيبك جفت الاقلام وطويت الصحف هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيانه وايظاحه قال الله تعالى الم تعلم ان الله يعلم ما في السماوات والارض ان ذلك في كتاب يعني كل هذا العلم الذي علمه الله تعالى من شأن الخلق في السماوات والارض كل ذلك في كتاب ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير فليس عسيرا ولا صعبا. وقد قال الله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير