وتقول لا قول لاحد مع قول الله ورسوله الا ان تكون قد فهمت قول الله وقول رسوله على وجه صحيح على وجه تام والا فان منى الناس من يحتج بالقرآن على الباطل الحمد لله حمد الشاكرين احمده لا احصي ثناء عليه وكما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد نقرأ ما يسر الله تعالى من الاثار التي ذكرها الشيخ محمد بن الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد نسأل الله ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح سم الله يا اخي ونجيب على الاسئلة ان شاء الله تعالى في اخر المجلس. من عنده سؤال يكتب حتى نجيب عليه في نهاية المجلس ان شاء الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله باب من اطاع العلماء والامراء في تحريم ما احل الله وتحليل ما حرمه فقد اتخذه هم اربابان. وقال ابن عباس رضي الله عنهما يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء اقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال ابو ابو بكر وعمر وقال احمد بن حنبل رحمه الله عجبت لقوم عرفوا الاسناد وصحته يذهبون الى رأي سفيان والله تعالى يقول فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة اتدري ما الفتنة الفتنة الشرك لعله اذا رد بعض قوله ان يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك عن عدي بن حاتم رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله فقلت له انا لسنا نعبدهم قال اليس يحرمون ما احل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه فقلت بلى. قال فتلك عبادتهم. رواه احمد والترمذي وحسنه هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان سبب من الاسباب التي يخرج بها الناس عن عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وهو طاعة المخلوق في تحريم ما احل الله او تحليل ما حرم الله فان طاعة المخلوق في هذا مما يخرج به الانسان عن توحيد رب العالمين ويقع في ويقع به في الشرك الذي جاءت الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم للتحذير منه والنهي عنه فقوله رحمه الله من اطاع العلماء والامراء في تحريم ما احل الله او تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم اربابا ذكر العلماء والامراء لانهم المطاعون فالعلماء يطاعون لانهم حفظة الشريعة ويبلغون دين الله والامراء يطاعون لانهم اصحاب السلطة ولهم الامر وسياسة الدنيا فذكر هذين وليس الحكم مقصورا عليهما بل هم وغيرهم سواء في ان كل من اطاع احدا عالما او غير عالم اميرا او غير امير في تحليل ما حرم الله او تحريم ما احل الله فقد اتخذه ربا من دون الله وقد ساق المؤلف رحمه الله في ذلك جملة من الاثار. وينبغي ان يعلم ان طاعة العلماء والامراء مما امر الله تعالى به في قوله يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان اولي الامر هم من يصدر الناس عن امرهم في امر الدين وفي امر الدنيا وهم الامراء والعلماء في قول جماهير المفسرين ولذلك كانت طاعتهم عبادة لكن عندما تكون طاعتهم في نقيض ما امر الله تعالى به ورسوله مما يقع فيه الانسان تحليل ما حرم الله او تحريم ما احل الله فانه بذلك يكون خارجا عما امر الله تعالى به ورسوله وواقعا في مضادة امر الله ورسوله ولهذا جاء النص على هذين الصنفين في الترجمة لاجل بيان خطورة تجاوز الحد والغلو في الطاعة فان الغلو في الطاعة التي تحمل على طاعة المخلوق في تحليل ما ما حرم الله او تحريم ما ما احل الله فان ذلك يناقض التوحيد وقوله فقد اتخذهم اربابا اي صيرهم اربابا من دون الله يعبدون ويتوجه اليهم قد قال الله تعالى في اهل الكتاب في محكم اياته اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله اتخذوا احبارهم اي علماءهم ورهبانهم اي عبادهم اربابا من دون الله اي اطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما احل الله وليعلم ان تحليل ما حرم الله تحريم ما احل الله هو تبديل للشريعة فطاعة اي احد في تبديل الشريعة بتحليل الحرام او تحريم الحلال يصيره ربا ويصيره قد اتخذ الفاعل يكون قد اتخذ من دون الله اربابا كما قال الله عز وجل اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله ولهذا ينبغي للمؤمن ان يعلم ان الطاعة في المعروف وان الطاعة لا تقود الى تبديل شرع الله عز وجل بل الطاعة التي امر الله تعالى بها لاولي الامر من العلماء والامراء هي فيما لا معصية فيه ويحتج بالقرآن في غير موضعه وهم الذين قال الله تعالى فيهم يحرفون الكلمة عن مواضعه يعني ينزلون القرآن في غير مواضعه كما قال عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه في الخوارج عمدوا الى ايات نزلت في المشركين واما الطاعة في المعصية فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وليعلم ان الطاعة للعلماء والامراء اما ان تكون في تبديل الشريعة فهذا شرك وكفر بالله العظيم ام لهم كما قال الله تعالى ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله اي ما لم يشرعه الله عز وجل سماهم الله عز وجل شركاء يعبدون من دون الله واما النوع الثاني فهو طاعتهم في مخالفة امر الله وهذا لا يجوز وهو الذي يتنزل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق انما الطاعة في المعروف واما القسم الثالث من طاعة العلماء والامراء هي فيما يتعلق باصلاح امر الدين وامر الدنيا مما لا مخالفة فيه للشرع فهذا هو الذي امر الله تعالى به في قوله يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ولاحظ ان الله امر بالطاعة بطاعته استقلالا وعاد الامر بطاعة رسوله ثم قال واولي الامر منكم بطاعة اولي الامر تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله ولذلك يجب على المؤمن ان يتعبد الله تعالى بطاعة من ولاه الله تعالى الامر من ولاة الامر الامراء او الرؤساء او غير ذلك من ممن لهم الولاية وطاعة العلماء في المعروف لا في غيره. ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنه شيئا من التحذير في معارضة امر الله ورسوله بقول احد من الخلق. فقال رضي الله تعالى عنه يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء ان يقرب ان تنزل عليكم حجارة حجارة من السماء اي عذابا فتمطرون بحجارة من السماء اقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال ابو بكر وعمر وهذا المقال من عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه له سبب وهو ان عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه كان يأمر بالمتعة في الحج ان يأمروا بان يتمتع الانسان بالعمرة ثم يتحلل منها ثم يحرم بالحج في ايامه. ويرى ذلك واجبا. فكان الناس بان ابا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما لم يكونا يأمران بهذا بل كانا يأمران الناس بالافراد لانهما رجحا فضيلة الافراد على التمتع حتى لا يبقى البيت مهجورا من الحج الى الحج فاجتهدا رضي الله تعالى عنهما واخذ الناس باجتهادهما فلما مات عمر رضي الله تعالى عنه اظهر جماعة من الصحابة الامر متعة بناء على ما علموه من اذن النبي صلى الله عليه وسلم وامره بها صلى الله عليه وسلم. فكان الناس يعارضون ابن عباس فيما ذهب اليه من استحباب العمرة ووجوب في مذابر من مشروعة العمرة ووجوبها بان ابا بكر وعمر كانا ينهيان عنها فكان يقول لهم يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء. اقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال ابو بكر وعمر والشاهد من هذا انه لا يسوغ لاحد ان يعارض قول الله او قول رسوله صلى الله عليه وسلم بقول احد كائنا من كان بل يجب تقديم قول الله وقول رسوله على قول كل احد لكن ينبغي ان يعلم ان هذا فيما اذا كان الفهم صحيحا. ولهذا قال عروة ابن الزبير عبد لابن عمر لابن عباس قال عروة ابن الزبير لابن عباس لما قال له لما قال هذه المقالة يوشك ان تهلكوا. اقول قال رسول الله وتقولون قال ابو بكر وعمر فاجابه عروة ابن الزبير رضي الله تعالى عنه قال هما اعلم برسول الله منك يعني اعلم بمقصود النبي صلى الله عليه وسلم وفهم كلامه منك. ولا ريب ان ابا بكر وعمر اعلم مقصود رسول الله صلى الله وسلم وقوله من ابن عباس ومن غيره فهما اعلم الصحابة رضي الله تعالى عنهما وافضل الصحابة علما ودينا قربا من النبي صلى الله عليه وسلم وادراكا لمقاصد كلامه وفهم معاني قوله الله عليه وعلى اله وسلم وبه يتبين ان معارضة قول الله وقول رسوله بقول احد لابد ان يتفهم الانسان هل هناك معارضة حقيقية او لا والا لا يجوز لاحد ان يأخذ بقول احد كائنا من كان اذا كان مخالفا لقول لقول الله وقول رسوله لكن هذا لمن فهم وادرك معنى قول الله وقول رسوله ولذلك كان قول ابن قول ابن عباس رضي الله تعالى عنه في موضوع العمرة مخالفا لقول جماهير علماء الامة كان يرى وجوب العمرة رضي الله تعالى عنه خلافا لما عفوا كان يرى وجوب التمتع وهو ان يأتي بعمرة ثم منها ثم يحرم بالحجم العام فكان مخالفا في هذا لجماهير الصحابة رضي الله تعالى عنهم وعامة اهل العلم فالمقصود ان الشاهد من هذا انه لا يقابل قول الله وقول رسوله بقول احد لكن لا تتسرع فانزلوها على اهل الاسلام وهذا من تحريف الكلمة عن مواضعه ولا يمكن لاحد ان يأتي ويقول تقدمون قول فلان وفلان على قول الله ورسوله لا يجب ان يفهم قول الله وقول رسوله ثم اذا تبين ذلك على وجه لا التباس فيه وهو معنى صحيح وهو معنى صحيح ظاهر فعند ذلك لا يقدم على قول الله وقول رسوله قول كائن من كان بل الواجب تقديم قول الله وقول رسوله قال الامام احمد رحمه الله في نفس سياق كلام ابن عباس عجبت لقوم عرفوا الاسناد اي ادركوا صحيحة ومن ظعيفة والاسناد هو الطريق هي السلسلة التي يصل بها الينا قول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يقول عجبت لقوم عرفوا الاسناد وصحته يعني ما يكون من من صحيحه من ضعيفه يذهبون الى رأي سفيان اي يتركون ما صح من الاحاديث ويأخذون باقوال الرجال هذا مقصود الامام احمد رحمه الله ولهذا ينبغي للمؤمن الا يقدم على قول الله وقول رسوله قول احد لا عالم قديم ولا حديث بل لا يقدم الا قول الله وقول رسوله لكن قف هنا لان هذه اشكالية كبرى عند بعض الناس وهو ان يتصلب لرأيه وفهمه ويكون فهمه مغلوطا. لا يدل عليه كتاب ولا يدل عليه سنة ولا يفهم ولا فهمه سلف الامة ولا تساعده اللغة العربية ثم يقول لا اقدم على قول الله وقول رسوله احد نعم يا اخي هذا نتفق عليه. يجب الا يقدم على قول الله وقول الرسول احد. لكن قبل ان تأتي بهذه المقدمة وتستعمل هذه الطريقة في تصحيح قولك ورد قول غيرك نقول هل قولك صحيح هل رأيك صحيح هل ما ذهبت اليه من رأي واختيار؟ مطابق لما دل عليه قول الله وقول رسوله ينبغي ان يفهم ان اعلى العلم واكمله هو الفهم عن الله ورسوله ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله ان اعلى ما تميز به الصحابة او انما تميز به قرن الصحابة عن بقية قرون الامة انهم اعظم طبقات الامة فهما لكلام الله معرفة بمقاصد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو سر الفقه وهو مفتاحه وهو الذي ينال به الانسان العلم ويترقى في درجات المعرفة والفهم عن الله وعن رسوله ولهذا قال الامام احمد رحمه الله لقوم عرفوا الاسناد وصحته ويستطيعون ان يثبتوا ان يصلوا الى قول النبي صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله في تحذير هؤلاء الذين يعرضون عن النصوص الى اراء الرجال قال والله تعالى يقول فليحذر الذين يخالفون عن امره ان طيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم. هذه الاية او هذا الاستدلال هو جزء من اية ذكرها الله تعالى في سورة الانفال حيث قال جل وعلا حيث وقال جل وعلا لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. الا تجعلوا نداءكم الدعاء هنا بمعنى النداء. لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم يعني عندما تنادوا رسول الله لا تنادوه كما تنادوا بعضكم بالاسماء او بالالقاب المشتبهة او الاوصاف المشتبهة. لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. ثم قال قد يعلم الله قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لماذا؟ اي يحاولون ان يتخلصوا من امر الله ورسوله وينفذوا الى النيل من الله ورسوله ثم قال فليحذر الذين يخالفون عن امره هذا تهديد الله عز وجل للذين يعرضون عن امره عن امر الله وعن امر رسوله للذين يصدون عن امر الله وعن امر رسوله للذين يعطون امر الله وامر رسوله ظهورهم ولا يرفعون به رأسا ولا يعتنون به فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة الفتنة هي الاختبار والابتلاء في الاصل. وتطلق على العذاب كما قال الله تعالى الا في الفتنة سقطوا فالفتنة تطلق على الاختبار وتطلق على نتيجته. وهو ما يكون من العذاب. ولذلك فسر العلماء الفتنة هنا اي بالنازلة بشتى صورها من المصائب المتعلقة بالاموال والمصائب المتعلقة بالانفس والمصائب المتعلقة بالعقول والاراء والبلدان وسائر ما يكون من المصائب والنوازل. وقيل في تفسير الفتنة بانها الكفر فليحذر الذين يخالفون عن الامر ان تصيبهم فتنة اي ان ينزل بهم الكفر فيكونوا كفارا او مشركين وكل هذا يسوء ان تفسر به الاية فان الكفر بالله قد ينتج عن معارضة شرعه والاعراض عن امره وعدم رفع الرأس بما جاء به صلى الله عليه وعلى اله وسلم. واما العذاب الاليم فهو العذاب المؤلم. فليحذر الذين يخالفون عن امره ان يصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم عذاب مؤلم يؤلمهم في الدنيا والاخرة. وقيل الفتنة في القلوب والعذاب الاليم للابدان وعلى كل حال هذا وعيد شديد عظيم على مخالفة امر الله عز وجل ولذلك يجب على المؤمن ان يكون على غاية الحذر في ان يقع في شيء من مخالفة امر الله ورسوله. الامام احمد رحمه الله فسر الاية قال اتدري ما الفتنة هل تعلم ما هي الفتنة التي قال الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة اتدري ما الفتنة؟ قال رحمه الله الفتنة الشرك وهذا احد الاقوال في تفسير الفتنة لعله ان يرد بعض قوله اي قول الله او قول رسوله ان يقع في قلبه شيء من الزيغ كما قال الله تعالى فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم فجدير بالمؤمن ان يعتني بهذا الامر وهو الا يقدم على قول الله وقول رسوله شيء الا يقدم على قول الله وقول رسوله شيئا من الاقوال والاراء بل قول الله فصل لا يقدم عليه غيره. كذلك قول لان الله امرنا بطاعته صلى الله عليه وعلى اله وسلم فالمؤمن لا يقدم على قول الله ولا قول رسوله قول احد من الخلق واذا اخذ بقول عالم فانه ممتثل بذلك امر الله تعالى. الذي قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. وسماهم اهل الذكر انهم عاملون به عالمون به فاهمون له فلذلك كانوا اهل الذكر اي اهل القرآن علما وفهما وعملا صدورا وبيانا وتوضيحا فانهم لارتباطهم بالقرآن واستدلالهم به وتمسكهم به على نحو ما جاء عن سلف الامة سلموا من الانحرافات والزيغ والضلال وهؤلاء هم الذين امر الله تعالى بالرجوع اليهم والصدور عن قولهم كما قال تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. ثم ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب ذكر حديث عدي بن حاتم في بيان معنى ان من اطاع العلماء والامراء في تحليل ما حرم الله او تحريم ما احل الله. فقد اتخذهم اربابا يقول رضي الله تعالى عنه وعن وعن عدي ابن حاتم وهذا حاتم الطائي الشهير بالكرم في الجاهلية ولم يدرك الاسلام لكن هذا ابنه من الله عليه بالاسلام فكان من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن علي ابن حاتم انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الاية اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم. وهي في سورة التوبة. يخبر الله تعالى عما وقع فيه اهل الكتاب الاوائل من اليهود والنصارى. من تسيير العلماء والاحبار العباد اربابا من دون الله فكانوا يأخذون بما يقولونه من احكام الدين في التحليل والتحريم دون ان يكون عندهم بصيرة ولا علم ولا معرفة فيقول الله جل وعلا اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله لما سمع عدي بن حاتم وكان نصرانيا قبل ان يسلم. لما سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قال فقلت له اي للنبي صلى الله عليه وسلم انا لسنا نعبدهم. يعني لا نصلي لهم ولا نصوم لهم ولا نتقرب اليهم بالعبادات التي نتقرب بها الى الله عز وجل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم مبينا قال اليس يحرمون ما احل الله فتحرمونه الا يقع ذلك منكم انكم توافقونه وتطيعونهم على تحويل الحلال حراما اليسوا اليس يحرمون ما احل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه قال عدي؟ بلى يعني هذا هو الواقع انهم يطيعونهم في تحريم ما احل الله وفي تحليل ما حرم الله فيطيعونهم في التحليل والتحريم. فقلت قلت بلى قال فتلك عبادتهم. اي هذا الذي صنعتموه من طاعتهم في التحليل والتحريم في تحليل ما احل الله وتحريم ما احل الله هو العبادة لهم لان العبادة مبناها على الاستسلام ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله واسلام الوجه لله هو الانقياد له بالطاعة في تحليل ما في تحليل ما حل وتحريم ما حرم بل فيحل الحلال ويحرم الحرام طاعة لله ولو خالفه قد يقع الانسان في المخالفة المخالفة معصية لكن الطاعة في تحريم ما احل الله او تحليل ما حرم الله هذا كفر وشتان بين المعصية وبين الكفر ولذلك طاعة احد من الخلق بالتحليل والتحريم تعتبر كفرا بنص الاية اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. وهي عبادة لذلك الذي احل وحرم من دون الله احل الحرام وحرم الحلال من قبل نفسه دون ان يرجع الى شرع فهذه عبادة لهم لانها لانك جعلتهم اندادا لله في طاعتهم فاطعتهم فيما حرم عليك ان تطيعهم فيه. اما طاعتهم في المعصية اما طاعتهم في المعصية بمعنى ان يقول لك شخص افعل كذا اسرغ ازني احلق لحياتك افعل كذا اغتب اقتل فتطيعه في ذلك لكن مع تقريرك ان هذا الامر حرام انت تعتقد ان السرقة والزنا والقتل وسائر المحرمات هي على حكم الله حرام لكنك اطعته اتباعا لهواك او تحصيلا لمصلحة فهذه معصية من المعاصي وليست شركا ولا كفرا لكن يخشى على صاحبها ان يكون كما قال الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة اي ان ينزل بهم ما يفتنهم عن الحق والهدى ويصرفهم عن طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم الى الكفر بالله ورسوله هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله من الاثار وخلاصة الامر ان الطاعة المحرمة للعلماء والامراء هي نوعان الطاعة الاولى الطاعة في التحليل والتحريم وهذه طاعة تبديل التشريع وهي كفر بالاتفاق لا خلاف بين العلماء فيها النوع الثاني الطاعة في المعصية الطاعة في المعصية وهذه لا تجوز وهي التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم فيها انما الطاعة في المعروف والتي قال فيها لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. القسم الثالث طاعتهم فيما امر الله تعالى به او فيما يتعلق من مصالح الدنيا فهنا تجب طاعتهم بقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وبه يتبين وسطية هذا الدين كما قال رب العالمين وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس فليس في دين الله عز وجل ما هو غلو وخروج عن طاعة الله عز وجل بمخالفة بمخالفة بتطرف بغلو او جفاء تفريق فليس ثمة تفريط ولا افراط بل الطاعة ثابتة فيما امر الله تعالى به مما تتحقق به المصالح الدينية والمصالح الدنيوية. هذا الذي امر الله تعالى به وهو الذي يتحقق به للامة السعادة. هذا الحديث فيه ان من اشكل عليه شيء من فهم معاني كلام الله فليراجع العلماء وليبحث عن جواب ما وقع فيه اشكال فان ذلك سيتبين له من اهل العلم والبصيرة فعدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه لما استشكل معنى قوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله وان ذلك ليس واقعا من عمل اورده على النبي صلى الله عليه وسلم مستفسرا فقال يا رسول الله انا لسنا نعبدهم يعني لن تقوى تقع منا عبادة لهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم مبينا معنى الاية اليس يحرمون ما احل الله فتحرمون ويحلون ما الله فتحلونه؟ فقلت بلى. قال فتلك عبادتهم. فتبين له معنى الاية واتضح له وانكشف عنه ما اشتبه عليه والتبع بس ولهذا لا تترك شيئا مما يشتبه عليك وهو حقيقة اي مما هو شبهة في الواقع والحقيقة لا تتركه دون سؤال واستبصار وطلب بيان وفهم فان شفاء العي السؤال ودواء الجهل العلم والله تعالى يقول فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وليست شيء وليس ثمة شيء في كتاب الله ولا في قول رسوله صلى الله عليه وسلم الا وهو بين واضح جلي وقد قال الله جل في علاه في محكم كتابه تبيانا لكل شيء لكن هذا التبيان يحتاج احيانا الى من يوضحه والى من يبينه وقد اوكل الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بيان ذلك وايضاحه فقال جل في علاه وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم اي ما انزله الله تعالى اليهم فبيانه الى النبي صلى الله عليه وسلم وليعلم ايها الاخوة ان العلماء لهم قدر ومكانة فمن الناس من لا يقيم للعالم مكانة ولا قدرا ويقول نحن رجال وهم رجال لكن ليس عندك الالة ولا عندك الفقه ولا المعرفة التي تستطيع ان تصل بها الى ما يصل اولئك بالنظر الفهم اثنان ينظران في شيء واحد واضرب لكم مثلا في تمييز الذهب الصحيح من الذهب المغشوش يأتي رجل بقطعتين الى اثنين احدهما صائغ قبير بالذهب عارف فيميز له المزيف من الاصيل. الصحيح من المغشوش وتجد ان ذلك الذي ميز له يقبل قوله بلا منازعة لماذا؟ لانه جاء الى مختص عارف يثق به ويذهب بهاتين القطعتين الى من لا علم له معادن وصحيح الذهبي من زيفه فلا يستطيع التمييز فلا يمكن لهذا الذي لا يعرف يقول نحن رجال وهم رجال. اعطني القطعتين وانا اميز. لن يستطع التمييز لماذا؟ لانه ليس عنده المعرفة ولا الخبرة العلم بخواص المواد التي يستطيع من خلالها التمييز بين الذهب والفضة تذهب الى طبيب وتسأله عن علاج عارض صحي اصابك فيقول لك انت فيك كذا والتحليل يبين كذا وعلاجك كذا فتصدر عن قوله وتقبل ما قال مع احتمال ان يكون قد اخطأ اليس كذلك قد يكون قد اخطأ في التشخيص لكن انت تثق بانه سيبذل جهده في معرفة الداء وتشخيصه وصرف الدواء المناسب اسد وتصدر عن قوله لا هذا لا يناقش فيه احد ولا يماري فيه احد في امور الدنيا من الصحة او او الخبرات في المواد ونحو ذلك لا يناقش فيها احد. لما يأتي مسائل الشريعة كل احد يقول انا لها نحن رجال وهم رجال اعطنا القرآن طيب يا اخي انت فقير في اللغة العربية فقير في استحضار النصوص التي بينت ما في القرآن فقير في فهم معاني كلام النبي صلى الله عليه وسلم ومعاني كلام الله عز وجل. فقير في فهم الجهود التي امضاها العلماء عبر القرون المتطاولة في دراسة معاني كلام الله وكلام رسوله واستنباط الاحكام والحكم والاسرار منها. ثم تهدر هذا كله وتقول انا افهم كما يفهمون لو كنت قد بلغت مبلغا تدرك به معاني كلام الله ورسوله وتعرف ما كيف تستنبط الاحكام وعندك لكان ذلك مقبولا. لكن ان يأتي شخص يلبس لباس الاطباء ويريد ان يعالج الناس ما رأيكم في شخص لم يدرس الطب؟ ليس له من الطب الا البدلة التي تلبس ويأتي الى العيادة ويعالج الناس سيكون هذا مقبولا في صحة الابدان لا ليس مقبولا ولا يمكن هذا اعتداء على المهنة يعاقب عليه وهذا فيما يتعلق بصحة الابدان. العلوم الشرعية صحة القلوب وهي اخطر واعظم. هي صحة الدنيا والاخرة فينبغي ان يعرف للعلماء قدرهم ويعرف للعلماء مكانتهم وما وقعت الامة فيما وقعت فيه من خلاف ونزاع وشقاق غلو وتكفير وتفجير والحاد وانحراف وتحلل الا بسبب الاعراض عن العلم مع وجود اسباب اخرى لكن السبب الرئيس الذي تصدر عنه كل هذه الشرور هو الجهل فبقدر ما يشيع الجهل في الناس وينتشر بقدر ما تكثر الشرور. ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بعلامات الاخرة وعلامات قرب القيامة بانه يرفع العلم ويكثر الجهل ويظهر الزنا ويظهر الربا ويكثر الهرج وهذه كلها سيئات الهرج يعني القتل وهذه كلها سيئات ناشئة عن قلة العلم الذي يرافقه شيوع الجهل فلذلك ينبغي ان يعرف ان العلماء وهم الذين يخبرون عن معاني كلام الله وكلام رسوله ويستنبطون الاحكام من الادلة وليس العالم يأتي بالحكم من قبل نفسه. ليس لاحد ان يقول هذا حلال وهذا حرام. من قبل نفسه بل هذا المشركين ولا تقولوا لي ما تصف السنتكم الكذبة هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب فهو افتراء اذا كان الانسان يقول ذلك من قبل نفسه. ليس لاحد ان يقول في شيء حلال او في شيء حرام الا وان يكون له مستند يخبر فيه عن الله من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فلذلك ينبغي الحذر من تقليل منزلة العلماء الركض وراء اولئك الذين يدعون انهم محيطون بكل شيء وانهم فاهمون لكل شيء وليس من وليس عندهم من العلم الا ليس عندهم من العلم الا التشكيك وزرع الشبهات والقاء الريب على اهل الاسلام هذا هو الضلال المبين الذي ينبغي ان يحذر. سواء كان ذلك باي وسيلة من وسائل النشر واليوم وسائل نشر الكلام والاقاويل كثيرة فليحذر الانسان وليستمسك ما دل عليه الكتاب والسنة وكان عليه سلف الامة قال الامام مالك رحمه الله امام دار الهجرة لن يصلح اخر هذه الامة الا ما اصلح اولها. والذي اصلح اولها هو الكتاب والسنة على فهم ائمة الامة من الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان اهل القرون المفضلة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم نسأل الله ان يتبعنا واياكم اثار الصالحين وان يسلك بنا سبيل اوليائه المتقين وان يحفظنا من بين ومن خلفنا وان يصرف عنا السوء والفحشاء وان يجعلنا من اهل التقى في السر والعلن اللهم اعنا على الصيام والقيام ايمانا واحتسابا. وفقنا الى ما تحب وترضى وافتح لنا ابواب العلم الصحيح والعمل الصالح وفقنا الى ما تحب وترظى سرا وعلنا يا ذا الجلال والاكرام اللهم احفظ بلادنا من كل سوء وشر احفظ بلاد الحرمين من كل سوء وشر رد عنها كيد الكائدين وذب عنها يا رب العالمين ووفق ولاة امرنا الى ما تحب وسددهم في الاقوال والاعمال يا حي يا قيوم واكتب مثل ذلك لسائر ولاة المسلمين واحفظ المسلمين اينما كانوا ولي عليهم خيارهم وسددهم في الاقوال والاعمال واصرف عنهم الفتن والحروب والبلاء والشر. واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين