ولذلك هذا الاسم ليس مقترنا آآ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بل هو اسم متقدم سماه به ابراهيم كما قال الله تعالى هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد يقول المصنف رحمه الله ولا نصدق كاهنا ولا عرافا اه ولا من يدعي شيئا بخلاف الكتاب والسنة واجماع الامة كلمنا عن مطلع هذا المقطع وقوله ولا نصدق كاهنا وقلنا في تعريف الكاهن هو من يدعي علم المغيبات المطلقة وهي الغيب المستقبل اما العراف فهو من يدعي معرفة الامور بمقدمات يستدل بها فهو يدعي اه معرفة اه الغيب النسبي ما كان معروفا بعض الناس او بعض الخلق ومجهولا اه لدى البعض الاخر وذلك آآ مكان المسروق ومكان الضالة وما اشبه ذلك وقيل العراف والكاهن آآ اسمان لمسمى واحد ولا فرق بينهما في اه ادعاء الغيب سواء كان غيبا نسبيا او غيبا مطلقا. والفرق بينهما اه الطريق الذي يتوصل به كل واحد منهم الى آآ الاخبار بذلك الغيب اذا القول الثاني فيما يتعلق بالكاهن والعراف انهما اسمان لمسمى واحد وهو كل من يخبر بالغيب سواء كان غيبا نسبيا او غيبا مطلقا لكن الفرق بينهما في طريق الوصول الى ذلك الغيب وآآ جاء في النصوص ما يحذر من تصديق الكهان والعرافين ففي صحيح الامام مسلم من حديث بعض ازواج النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من اتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة اربعين ليلة وهذا يدل على انه لا اه يجوز تصديقهم ولا يجوز اه سؤالهم. فهنا العقوبة على السؤال واما التصديق فقد جاء في آآ مسند الامام احمد باسناد لا بأس به ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سأل عرافا فصدقه آآ فقد كفر بما انزل على محمد ذاك ان سؤال آآ العرافين آآ كفر برب العالمين اذا ترتب على ذلك التصديق لان الغيب لا يعلمه الا الله جل في علاه كما قال سبحانه وبحمده قل لا يعلم من في السماء السماوات والارض الغيب الا الله وما يشعرون ان يبعثون آآ ثم قال المصنف رحمه الله ولا من يدعي شيئا بخلاف الكتاب والسنة واجماع الامة اي لا نصدق من يدعي ان يزعم وينسب الى نفسه آآ القول بشيء يخالف الكتاب والسنة واجماع الامة لان لان تصديق هذه الدعوة التي تخالف الكتاب والسنة واجماع الامة يفضي الى الخروج عن الشريعة ومضادة ومعارضة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لاحد آآ ان يصدق من يدعي شيئا بخلاف الكتاب والسنة. قال الله تعالى ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون. فكل ما خالف الكتاب والسنة واجماع سلف الامة فانه متبع هواه. وقد نهى الله تعالى عن اتباع اهواء الضالين قال ولا تتبعه الذين لا يعلمون. انهم لا يغنوا عنك من الله شيئا وهذا فيه التحذير من هذا المسلك الخطير بعد ذلك قال رحمه الله وان الجماعة حقا وصوابا والفرقة زيغا وعذابا اي ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ما دلت عليه النصوص من وجوب الاجتماع على الحق ولزوم اهله وان ذلك هو الموافق للهدي الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فاهل السنة والجماعة يرون الجماعة حقا اي انها هي المطلوب الذي يوافق ويطابق ما امر الله تعالى به ورسوله وانها الصواب الذي يجب التزامه. فالله تعالى قد امر بالاجتماع ونهى عن الفرقة والاختلاف. قال الله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وقال سبحانه وتعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وصينا به ابراهيم موسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه وقد قال الله تعالى في محكم كتابه ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم والنصوص في هذا كثيرة من الكتاب ومن السنة من السنة ما في الصحيح من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله يرظى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا يرضى لكم ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وان تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفر ولا ولا تفرقوا ويكره لكم قيل وقال وكثرة وكثرة السؤال واضاعة المال وقد اه جاء في في المسند والسنن من حديث عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم اخلاص العمل لله ومناصحة ائمة المسلمين ولزوم جماعتهم ثم قال فان الدعوة تحيط من ورائهم والجماعة المقصود بها هنا التي قال فيها المصنف نرى الجماعة اي الاجتماع على الحق هذا المعنى الاول والمعنى الثاني الاجتماع مع اهل الحق الاجتماع على الحق يعني موافقة اهل الحق فيما ذهبوا اليه الثاني الاجتماع مع اهل الحق بلزوم جماعتهم وعدم الخروج عليهم الثالث قبول الاجماع هذه ثلاث معاني كلها مندرجة في قوله رحمه الله ونرى الجماعة حقا وصوابا. اي نرى التزام الحق والانظمام الى اهله وعدم الخروج عليهم قبول الاجماع وقبول الاجماع وحجية الاجماع كدليل تثبت به العقائد والاحكام قال رحمه الله والفرقة زيغا وعذابا اي نرى ان الفرقة وهي ضد الجماعة ونقيض الائتلاف زيغا وهلاكا يحصل تحصل الفرقة بمخالفة الحق او بمفارقة اهله او بعدم قبول الاجماع هذه الفرقة التي ذكرها رحمه الله في قوله ونرى والفرقة زيغا وعذابا. ما هي الفرقة؟ هي ضد الجماعة والجماعة قلنا انها تشمل ثلاثة معان فالفرقة هي الخروج عن الحق هي عدم قبول الحق عدم لزوم جماعة اهل الحق عدم قبول الاجماع كل هذه من الفرقة التي جاء النهي عنها في الكتاب والسنة وهي عذاب في الدنيا لما ترتب على الفرقة من الفساد وما ترتب عليها من البلاء. ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعة. لست منهم في شيء انما امرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون. واذا كان التنازع في حد ذاته ولو لم يكن معه فرقة سبب للفشل فكيف بالفرقة التي هي ثمرة التنازع؟ يقول الله تعالى ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم يقول رحمه الله بعد ذلك اه ودين الله تعالى في السماء واحد. ختم المؤلف رحمه الله جملة ما ذكره من عقائد اهل السنة والجماعة فيما تقدم ان دين الله تعالى في السماء واحد وذلك ببيان الاسلام الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يتوهم متوهم ان وصف اهل السنة والجماعة الذي تقدم وبيان عقائدهم التي مضت شيء غير اهل الاسلام او شيء غير دين الاسلام انما هي دين الاسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فاهل السنة والجماعة هم اهل الاسلام الحق الصافي كما قال شيخ الاسلام رحمه الله في وصفهم قال اهل السنة والجماعة هم نقاوة المسلمين هم الصفوة وهم الخيار هم الذين قال الله تعالى فيهم كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. طيب ما السر؟ ما السبب في تسميتهم بهذا الاسم؟ هو لتمييزهم عن بقية طوائف اهل الاسلام اب طوائف اهل القبلة التي تنتسب الاسلام لكنها خرجت عن الصراط الصراط المستقيم. فالمنتسب الاسلامي كثير لكن الذي ميز هؤلاء عن غيرهم ممن ينتسب الى الاسلام انهم قائمون بالسنة معتصمون بها صادرون عنها وانهم ملتزمون بالجماعة قائلون بالحق منضمون الى اهله قابلون للاجماع وهذا عنصر مميز ولذلك سموا بهذا الاسم ليس استبدالا لما سماهم الله تعالى به. وليس خروجا عما كان عما رضيه الله تعالى لهذه الامة من الاسم. انما هو لتمييز هذه الفئة من بين سائر الطوائف التي تنتسب الى الاسلام قال رحمه الله ودين الله تعالى في السماء والارض واحد وهو دين الاسلام فاهل السنة والجماعة هم اهل الاسلام كما قال الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام فما يتعبد به الله تعالى في الظاهر والباطن والاعتقاد والعمل واحد في اصله. هذا معنى دين دين الله. اي ما يتقرب به الى الله من العقائد ومن الاعمال في السماء والارض واحد اي واحد لا اختلاف فيه فكله يحقق العبودية لله تعالى وذلك الدين هو دين الاسلام الذي انزل الله تعالى به الكتب وارسل به الرسل فالاسلام الذي هو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد. والانقياد له بالطاعة هو دين الله الذي ارسل به المرسلين وطلبه من جميع العالمين يقول الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام لا دين غيره ولم يرسل رسولا الا به فجميع المرسلين قم على هذا الدين ليكون الرسول شهيدا عليكم فهذا الدين هو دين جميع الانبياء والمرسلين. فقد قال نوح عليه السلام فان توليتم فما سألتكم من اجل ان اجري الا على الله هاه وامرت ان اكون من المسلمين وقال في ما قصه عن موسى عليه السلام في خطابه لبني اسرائيل وقال موسى يا قومي ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه بل انبياء اخوة لعلات هاي اخوة لامهات متفرقة اخوة لعلى الضرائب امهاتهم شتى ودينهم واحد امهاتهم شتى اي متفرقة ودينهم واحد فقوله رحمه الله ودين الله تعالى في السماء والارض واحد وهو دين الاسلام بيان ان هذا الدين دين الاسلام هو الدين الذي ينتظم كل من جاءت اه كل كل من حقق العبودية لله عز وجل من الاولين والاخرين وقد قال الله تعالى في إبراهيم وما كان إبراهيم يهودي ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما فهذا هو الدين الذي كلف الله تعالى به الرسل وارسل به آآ وانزل به الكتب فمن خرج عنه وحاد فقد خرج عن الصراط المستقيم ثم بعد ذلك بين احوال الناس في هذا الدين وانهم منقسمون الى ثلاثة اقسام. قسم يلزم الصراط المستقيم وهم الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا. وقوم خرجوا عنه اما بغلو واما بتقصير. ولذلك قال وهو اي دين الاسلام بين الغلو والتقصير. فدين الاسلام وسط بين هاتين الضلالتين بين غلو وهو زيادة والتشديد وبين التقصير وهو التفريط والنقص عما يجب الله تعالى وصف هذا الدين فقال وكذلك جعلناكم امة وسطا اي بين طرفين وهم عدول خيار كما قال جل وعلا وكذلك جعلناكم امة وسطا اي عدلا خيارا فدين الاسلام وسط في كل شؤونه فيما يتعلق بصلة العبد بربه فيما يتعلق بصلة الانسان مع نفسه فيما يتعلق بصفة الانسان مع غيره فهو وسط في جميع الامور. ولما كان اهل السنة والجماعة هم اهل الدين الصافي الحق الخالص من كل الشوائب كانوا اهل وسط في اعتقاداتهم واهل وسط في اعمالهم فطريق اهل السنة والجماعة طريق وسط لا غلو فيه ولا تقصير والغلو كما ذكرت في التعريف ومجاوزة الحد بزيادة وقد ذمه الله تعالى في كتابه فقال يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم يا ايها الناس اياكم والغلو فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين وقال صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون كررها ثلاثا صلى الله عليه وسلم ولما رأى من بعض اصحابه اه اه زيادة في العمل امر بان يقصروا عن ذلك فقد جاء في الصحيح من حديث انس انه واصل صلى الله عليه وسلم اخر الشهر وواصل اناس من اه الناس معه صلى الله عليه وسلم مع انه ها هم فقال لو مد بي لو مد بالشهر لو اوصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم عقوبة لهم على ما كلفوا انفسهم بامر لم يكلفهم الله تعالى به ولم يشرعهم له. وهم ليسوا كالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الامر حيث قال صلى الله عليه وسلم اني لست مثلكم اني اظل اطعم واسقى او في رواية يطعمني ربي ويسقيني وفي صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم ان الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه فكل غلو انما ينقص صاحبه لا يزيده والغلاة يظنون انهم يزيدون وانهم يتقربون الى الله تعالى وانه احب الى الله في هذا المسلك وهم لا يزيدون من الله الا بعدا كما قال ابن القيم رحمه الله البدعة لا تزيد صاحبها من الله الا بعدا وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه اياكم والتبدع واياكم والتنطع واياكم والتعمق وعليكم بالدين العتيق يا للذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وكان عليه اصحابه اما التقصير في الدين فهو التواني في امتثال امر رب العالمين التقصير في اخذ الشرع الحكيم وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال تلك حدود الله فلا تقربوها. وقال وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن لله فالنصوص في النهي عن التقصير كثيرة فان كل معصية في عقيدة او في قول او في عمل هي من التقصير الذي نهى الله تعالى عنه. اذا الان المصنف رحمه الله بعد ان بين ان اهل السنة والجماعة هم اهل الاسلام الحق هم اهل الدين العتيق وانه وانهم بين غلو وتقصير شرع في ذكر جملة من اوجه توسط اهل السنة والجماعة. فاولا انهم بين غلو وتقصير. ثانيا انهم يقول رحمه الله قال وبين التشبيه والتعطيل اظن الوقت انتهى نقف على هذا