الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد فان الايمان في قلوب الناس يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ولا ريب ان تصديق الناس واقرارهم ليس على درجة واحدة وتصديق النبيين ليس كتصديق الصديقين وكذلك الصديقون تصديقهم ليس كتصديق من دونهم وهذا يدركه الانسان بالمثال فاذا كان الانسان يعلم ان من اسماء الله عز وجل انه الصمد فهو يؤمن بان الله هو الصمد لكن لا يعرف معنى الصمد ففي هذه الحال ايمانه بالصمد هو ايمان مجمل بنسر دون ادراك معناه. فاذا علم ان الصمد هو الذي تصمد اليه الخلائق تقصده جميع الخلائق في حوائجها كان ايمانه اعلى من ايمان من امن فقط بانه الصمد ولم يعلم معنى ذلك فالايمان في القلوب يزيد وينقص دل على ذلك الكتاب والسنة كما دل دا على ذلك العقل والواقع فالايمان ليس على مرتبة واحدة في قلوب المؤمنين بل هو متفاوت في درجات ومراتب وهذا يبين ما قاله المؤلف رحمه الله من من ان الايمان يزيد وينقص ولما ظل في هذه المسألة طوائف وقعوا في انواع من الانحرافات فالخوارج قالوا الامام لا لا يزيد ولا ينقص اما ان يكون مؤمنا واما ان يكون كافرا فلا يزيد الايمان ولا ينقص بل الايمان شيء واحد اما ان يثبت جميعه او يزول جميعهم ومثلهم المعتزلة الذين قالوا ان الايمان لا يزيد ولا ينقص في قلوب المؤمنين. بل اما ان يثبت جميعهم او او يزول جميعهم واختلفوا في زواله ما الذي يترتب عليه فقال الخوارج بالتكفير وقال المعتزلة باثبات منزلة بين المنزلتين يقول المؤلف رحمه الله بعد ان قرر هذا الاصل اصل ان الامام يزيد وينقص يزيد بالطاعة بالمعصية قال رحمه الله وهم مع ذلك لا يكفرون اهلا قبلة سبب ذكره لهذا بعد زيادة الايمان والاقصاء له ان ما يتعلق بزيادة الايمان ونقصانه يؤثر في قضية التكفير كما ذكرت قبل قليل في اثر من قال ان الايمان لا يزيد ولا ينقص فيما يتعلق بثبوت الايمان وزواله. نعم وهم مع ذلك نعم قال رحمه الله وهم مع ذلك لا يكفرون اهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخواطر وبيان هذا ان ائمة المسلمين اهل المذاهب الاربعة وغيرهم. مع وبيان هذا ان ائمة المسلمين اهل المذاهب الارب اهل المذاهب الاربعة وغيرهم مع جميع الصحابة والتابعين لهم باحسان متفقون على ان المؤمن لا يكفر بمجرد الذنب كما تقول الخوارج. فانه ثبت بالكتاب والسنة واجماع السلف ان الزاني غير المحصن يجلد ولا يقتل. والشارب يجلد والقاذف يجلد والسارق ولو كانوا كفارا لكانوا مرتدين ووجب قتلهم. وهذا خلاف الكتاب والسنة واجماع السلف فهذه النصوص صريحة بان الزاني والشارب والسارق والكاذب والقاذف ليسوا كفارا مرتدين يستحقون القتل. فمن جعلهم كفارا فقد خالف نص القرآن والسنة المتواترة وهؤلاء الخوارج لهم اسماء يقال لهم الحرورية. يقال لهم الحرورية لانهم خرجوا بمكان يقال له حرورا. ويقال لهم اهل النهروان لان علي رضي الله عنه قاتلهم هنا وهم اول من كفر اهل القبلة بالذنوب. بل بما يرونه هم من الذنوب. واستحلوا دماء اهل القبلة بذلك. فكانوا كما نعتهم النبي صلى الله عليه وسلم. يقتلون اهل الاسلام يدعون اهل الاوثان وبدعتهم اول البدع ظهورا في الاسلام واظهرها ذما في السنة اثار والمراد باهل القبلة اهل الاسلام. وذلك لان وذلك لان شعار المسلمين الصلاة ولهذا يعبر عنهم بها فيقال اختلف اهل الصلاة واختلف اهل القبلة. والمصنفون هنا لمقالات المسلمين يقولون مقالات الاسلاميين واختلاف المصلين. وفي الصحيح من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ما علينا وعليه ما علينا فذلك المسلم له ما لنا وعليه ما علينا. ويدخل فيما ذكرنا اهل البدع والاهواء فانهم لا يكفرون اذ لا يلزم اذا كان القول كفرا ان يكفر كل من قال كل من قاله مع الجهل والتأويل فان ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الاخرة. وذلك له شروط موانع ومما ينبغي التنبه له اننا اذا قلنا اهل السنة متفقون على انه لا يكفر ذنبك فانما نريد به العاصي فانما نريد به المعاصي كالزنا والشرب. اما مباني اسلامي كالصلاة والزكاة والصوم ففي تكفير تاركها نساء مشهور يقول رحمه الله بعد ان قرر حقيقة الايمان وبين انه يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. قال وهم يعني اهل السنة والجماعة مع ذلك. يعني مع اقرارهم بما الدم لا يكفرون اهل القبلة اي لا يحكمون بكفر اهل الاسلام ممن خالفهم فاهل القبلة اسم لاهل الاسلام وسموا بذلك لان القبلة تجمعهم. فهم يستقبلون قبلة واحدة. وان اختلفوا وان اختلفوا فيما اختلفوا فيه يسمون ايضا اهل الصلاة او المصلين والاستناد في ذلك الى ما رواه البخاري في صحيحه من حديث انس بن مالك رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم فكل من صلى صلاة المسلمين واستقبل قبلتهم واكل ذبيحتهم فهو المسلم فهذه شعائر علائم تدل على اسلام الشخص وايمانه ما لم يأتي بناقد ظاهر بين من نواقض الاسلام فعند ذلك يحكم له بما يقتضيه. بعد استيفاء ما يكون من شروط ونظر في الموانع فذلك المسلم له ما لنا وعليه ما علينا. هذا وجه تسمية الطوائف وان كانت مخالفة في الاعتقاد باهل القبلة فالجامع لها استقبال القبلة في الصلاة فاهل السنة والجماعة لا يكفرون اهل القبلة اي لا يحكمون بكفر من استقبل القبلة الا ان يأتي بموجب ذلك اي بموجب الحكم بالكفر على وفق ما ذكر الائمة من استيفاء النظر في الشروط واندفاع الموانع يقول رحمه الله لا يكفرون اهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر اي بمجرد المعاصي اي بكل ذنب وبكل معصية كما يفعله الخوارج فالخوارج يكفرون اهل السنة اهل الاسلام بما يكون من سيء الاعمال من المعاصي والسيئات. وقوله رحمه الله بمطلق المعاصي هو بيان انهم لا يكفرون بذلك. لكن قد يحكمون بالكفر على من اتى ناقضا من نواقض الاسلام اذا توافرت في ذلك الشروط وانتفت الموانع لان بعض الناس قد يقول اهل السنة لا يكفرون اهل القبلة واذكر ذلك في عقائد اهل السنة لكن لابد من بيان انهم لا يكفرون اهل القبلة بمطلق بمطلق الكبائر كما تفعله لكن قد يكفرون من قام فيه مكفر من المكفرات وناقض من النواقض وان كان يصلي وان كان يستقبل القبلة لوجود ناقض من نواقض الاسلام ولهذا اشار المؤلف رحمه الله في بعض كلامه انه عندما يقال لا يكفرون بمطلق المعاصي فالمقصود بالمعاصي الزنا والسرقة وشرب الخمر والكبائر من الذنوب وليس المقصود مباني الاسلام وغيرها مما يكون تركه كفرا في قول بعض اهل العلم فعلى سبيل المثال ترك الصلاة اختلف فيها اهل العلم ترك الصلاة كسلا وتهاونا اختلف العلماء فيه هل هو كفر او لا فقال بعض اهل العلم انه كفر وقال اخرون ليس بكفر والقائل بانه كفر هو من اهل السنة والجماعة يستند في ذلك الى ادلة والقائل بانه ليس كفر من اهل السنة والجماعة وليس مرجئا انما قال الادلة تدل على انه لا يكفر بذلك. وساق من شواهد قولهم اخساق. المسألة مدارها على الاختلاف في الادلة فهي من مسائل الفقه وليست من مسائل الاعتقاد وقوله رحمه الله كما يفعله الخوارج ذكروا الخوارج لانهم ابرز الفرق في التكفير بالمعاصي والذنوب والكبائر والا يوافقهم جماعات لكن لا يسمون من وقع في كبيرة بانه كافر لكنه لا لكنهم لا يسمونه مؤمنا كالمعتزلة فانهم فانهم يقولون هو في منزلة بين المنزلتين هو في منزلة بين الكفر والايمان فلا يحكمون له بالكفر لكنهم لا يثبتون له وصف الاسلام والايمان نعم بل الاخوة الايمانية ثابتة مع المعاصي. كما قال سبحانه في اية القصاص فمن عفي له من اخيه شيء فاتباعهم بالمعروف. وقال تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله. فان فائت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين. انما المؤمنون اخوة. فاصلحوا بين خويكم فالله جل وعلا وصف الطائفتين المقتتلتين بالايمان مع الاقتتال والبغي. واخبر انهم اخوة وان الاخوة لا تكون الا بين المؤمنين لا بين مؤمن وكافر الاخوة الايمانية ثابتة حتى مع المعاصي اي مع من وقع في شيء من الكبائر كالسرقة والزنا وشرب الخمر بل ما هو اعظم من ذلك القتل فقد اثبت الله الاخوة بين القاتل والمقتول. قال تعالى فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف من عفي له من اخيه اي من اسقط له اسقط عنه الحق الذي ثبت في ذمته من اخيه. فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف فاثبت اخوة بين القاتل والمقتول ولم يجعل القتل موجبا للخروج عن الاسلام ومثله ايضا قوله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ثم قال جل في علاه انما المؤمنون اخوة فاثبت الاخوة بين هاتين الطائفتين المقتتلتين ولم يجعل ذلك مخرجا لهما عن الاسلام مع ان الاقتتال من كبائر الذنوب وعظائم الاثم التي تكون بين اهل الاسلام فالاخوة الايمانية ثابتة مع قيام المعصية في اهل الكبائر خلافا لمذهب الخوارج والمعتزلة يقول رحمه الله ولا يسلبون الفاسق الملي الايمان بالكلية. ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة بيان هذا ان الفاسق من اهل السنة مثل الزاني والسارق والشارب ونحوهم ممن له طاعات ومعاص وحسن وسيئات ومعه من الايمان ما لا يخلد معه في النار وله من الكبائر ما يستوجب دخول النار القول الوسط فيه هو قول اهل السنة والجماعة. فانهم لا يسلبونه الاسم على الاطلاق ولا يعطونه وعلى الاطلاق بل يقولون هو مؤمن ناقص الايمان او مؤمن عاص او مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته ويقال ليس بمؤمن حقا او ليس بصادق حقا. فاهل السنة متفقون على انه قد سلب كمال الايمان الواجب فزال بعض ايمانه الواجب لكنه من اهل الوعيد والخلاف في هذه المسألة مسألة بالاسماء والاحكام هو اول خلاف حدث في مسائل الاصول. حيث كفرت الخوارج بالذنب فجعلوا الكبيرة كافرا. وقالت المعتزلة بل ينزل منزلة بين المنزلتين فنسميه فاسقا لا مسلما ولا كافران فهو ليس بمؤمن بوجه من الوجوه ولا يدخل في عموم الاحكام المتعلقة باسم الايمان فالمعتزلة ينفون عنه اسم الايمان بالكلية. واسم الاسلام ايضا. ويقولون ليس معه شيء من الايمان اسلام حيث هذا من حيث الاسم. اما بالنسبة للحكم فاهل السنة والحديث وائمة الاسلام المتبعون للصحابة لا يقولون بتخليد احد من اهل القبلة في النار كما تقوله الخوارج والمعتزلة. لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة انه يخرج انه يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان واخراجه من النار من يخرج بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في من يشفع له من اهل الكبائر من امته وهذه احاديث كثيرة مستفيضة متواترة عند اهل العلم بالحديث. وفي الصحيحين من اذ انس في ذكر الشفاعة العظمى. قال بعد قول الله له اشفع تشفع في المرة الثالثة انطلق فاخرج من كان في قلبه مثقال ادنى ادنى ادنى مثقال حبة خردل من ايمان فاخرجوه والمعتزلة يقولون صاحب الكبائر الذي لم يتب منها مخلد في النار ليس معه شيء من الايمان ثم الخوارج تقول هو كافر والمعتزلة توافقهم على الحكم لا على الاسم فانهم نازعوا غيرهم في الاسم يقول رحمه الله ولا يسلبون الفاسق الملي الايمان بالكلية. اهل السنة والجماعة لا يسلبون الفاسق وهو الزاني او السارق او شارب الخمر ونحو ذلك لا يسلبونه الايمان بالكلية يعني لا يقولون خرج من قلبه الايمان كما تقوله المعتزلة وكما تقوله الخوارج بل يثبتون في قلبه ايمان مع شربه للخمر ومع زنا ومع سرقته فلا يسلبونه الايمان بالكلية انما يقولون هو مؤمن بايمانه عاص بكبيرته هذا من جهة الاسم فلا ينفى عنه وصف الاسلام لكن لا يثبت له الايمان المطلق الكامل فلا يثبت له مطلق الايمان لا يثبت له الايمان المطلق لا يثبت له الايمان المطلق يعني الكامل انما يثبت له مطلق الايمان. فهو مؤمن في الجملة. مؤمن على وجه العموم لكن ليس كامل الايمان بل ناقص الايمان بقدر ما قارف من العصيان. هذا بالنسبة للاسم. اما بالنسبة للحكم قال ولا يخلدونه في النار كما تقول المعتزلة اي لا يحكمون بخلوده في النار كما تقوله المعتزلة والخوارج بل يعاقبه الله تعالى ان لم يتب ولم يجري تمحيص ما كان من سيء الذنب والكبائر قد يعاقبه الله تعالى بها فاذا دخل النار بسببها قد يخرج بالشفاعة او بعد تطهيره من الذنوب والمعاصي والدليل على خروج هؤلاء من النار ما جاء في احاديث الشفاعة التي بها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين في اهل النار من اهل الايمان ان يخرجوا منها وهم على وهم في خروجهم على مراتب منهم من يخرج باكرا ومنهم من يخرج بعد امد ومنهم من يخرج بعد استيفاء الحق منه بتطهيره من الذنوب والمعاصي فلا يسلب اهل السنة والجماعة الفاسق الملي الايمان بالكلية هذا بالنظر الى الاسماء واما بالنظر الى الاحكام فهم لا يخلدونه في النار كما تفعل الخوارج والمعتزلة. طيب اذا كانوا لا يسلبونه الوصف بالكلية فماذا يثبت له من الوصف؟ قال رحمه الله بل الفاسق يدخل في اسم الايمان المطلق اسم الايمان المطلق يعني العام. كما في قوله فتحي رقبة مؤمنة ولو كان سارقا ولو كان زانيا ولو كان شاربا خمر فيثبت له مطلق فيثبت له الايمان يثبت له مطلق الايمان لا الايمان المطلق نعم بل الفاسق يدخل في اسم الايمان المطلق كما في قول الله تعالى فتحرير رقبة مؤمنة. وبيان ذلك ان المراد في الايات من اظهر الاسلام فان الايمان الذي علقت به احكام الدنيا هو الايمان الظاهر وهو الاسلام فالمسمى واحد في الاحكام الظاهرة. ولهذا لما ذكر الاثرم لاحمد احتجاج المرجئة بقول النبي صلى الله عليه وسلم اعتقها فانها مؤمنة اجابه بان المراد حكمها في الدنيا حكم المؤمن امينة اجابه بان المراد حكمها في الدنيا حكم المؤمنة. لم يرد انها مؤمنة عند الله تستحق دخول الجنة بلا نار اذا لقيته بمجرد هذا الاقرار والفاسق يتناوله اسم الايمان فيما امر الله به ورسوله. لان ذلك ايجاب عليه وتحريم عليه وهو لازم له كما يلزمه غيره. والفاسق يدخل في الخطاب بالايمان. لان الخطاب بذلك هو لمن دخل في الايمان وان لم يستكمل فانه انما خوطب ليفعل تمام الايمان فالفاسق يدخل في اسم الايمان المطلق الذي لا يتم الذي ليس كاملا لان عندنا ايمان مطلق وهو الكامل وعند مطلق ايمان وهو ما يكون من الايمان في قلب العبد ولو لم يكن كاملا فالايمان المطلق هو الايمان الكامل. ومطلق الايمان هو ايمان ناقص فالذي يثبت للفاسق شارب الخمر او السارق او الزاني المغترب للكبائر هو مطلق الايمان لا الايمان المطلق نعم. وقد لا يدخل في اسم الايمان المطلق كما في قول الله تعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون. وقوله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس اليه فيها ابصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن. ونقول هو مؤمن ناقص الايمان او مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم بكبيرته. وبيان هذا ان صاحب الكبيرة كالزاني والسارق وشارب الخمر ونحوهم لا يدخلون في اسم الايمان المطلق. وذلك لان الايمان المطلق هو الذي تستحق صاحبه الثواب ودخول الجنة. وهؤلاء ليسوا من اهله. ولان حكم اسم الايمان اذا اطلق وفي كلام الله ورسوله فانه يتناول فعل الواجبات وترك المحرمات. فالايمان المطلق طمنوا فعل ما امر الله به عبده كله وترك المحرمات كلها وقد دل القرآن على ان الايمان المطلق مستلزم للاعمال. فالمؤمن المطلق في باب الوعد والوعيد هو المستحق لدخول الجنة بلا عقاب وهو المؤدي للفرائض المجتنب للمحارم. وهؤلاء هم عند الاطلاق. ولهذا لا يقع ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة او ترك فريضة. لان اسم الشيء الكامل يقع على الكامل منه. ولا يستعمل في الناقص ظاهرا الا بقيد ولذلك جاز اطلاق نفيه عنه في قوله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزان حين يزني وهو مؤمن من والزاني والسارق والشارب والمنتهب لم يعدم الايمان الذي به يستحق الا يدخل في النار ولم يعدم الايمان الذي به يستحق ان لا يخلد في النار. وبه ترجى له الشفاعة والمغفرة وبه يستحق المناكحة والموارثة. لكن عدم الايمان الذي به يستحق النجاة من عذابي ويستحق به تكفير السيئات وقبول الطاعات وقبول الطاعات وكرامة وكرامة الله عثوبته وبه يستحق ان يكون محمودا مرضيا. روى ابو داوود والترمذي والحاكم من طريق سعيد المقبوري عن ابي ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا اذا زنا الرجل خرج منه الايمان فكان عليه كالظلة فاذا اقلع رجع اليه الايمان واخرج الحاكم عن ابي هريرة رضي الله عنه من زنا او شرب الخمر نزع الله منه الايمان كما يخلع الانسان القميص من رأسه هذا التفصيل في اطلاق اسم الايمان على الفاسق هو الصحيح. فاذا سئل عن احكام الدنيا كعتقه في طارة قيل هو مؤمن وكذلك اذا سئل عن دخوله في خطاب المؤمنين. واما اذا سئل عن حكمه في الاخرة قيل ليس هذا النوع من المؤمنين الموعودين بالجنة. بل معه ايمان يمنعه الخلود في النار ويدخل به الجنة بعد ان يعذب في النار. بعد ان يعذب في النار ان لم يغفر الله له ذنوبه ولهذا قال من قال هو مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته او مؤمن ناقص الايمان ومن معلوم ان نفي الايمان المطلق لا يستلزم ان يكونوا منافقين. كما في قول الله تعالى يسألونك عن الانفاق قال اولي الانفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم. واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين ثم قال انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. اولئك هم المؤمنون حقا ومعلوم انه ليس من لم يكن كذلك يكون منافقا من اهل الدرك الاسفل من النار بل لا يكون قد اتى بالايمان الواجب فان المنفي عن الفاسق انما هو المجموع لا كل جزء من اجزائهم كما اذا ذهب واحد من العشرة لم تبقى العشرة عشرة لكن بقي اكثر اجزائها. واما اعطاء الفاسق اسم الايمان المطلق فهي طريقة مرجئة والجهمية. فصاحب الكبيرة عندهم مؤمن تام الايمان واصل نزاع هذه الفرق في الايمان من الخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية وغيرهم ان انهم جعلوا الايمان شيئا واحدا اذا زال بعضه زال جميعه. واذا ثبت بعضه ثبت جميعه. فلم يقولوا بذهاب بعضه وبقاء بعضه وخالفوا بذلك ما دلت عليه النصوص. فان نصوص الرسول واصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعض كقوله صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان فاهل السنة وائمتها متفقون على ان الفساق الذين ليسوا منافقين معهم شيء من الايمان يخرجون من النار هو الفارق بينهم وبين الكفار والمنافقين. وبهذا تجتمع النصوص ولله الحمد نعم هذا الذي تجتمع به النصوص ويتبين به تمال طريق اهل السنة والجماعة وانهم سالمون من العور الذي اصاب اولئك الذين ينظرون الى نص ويغفلون اخر كالوعيدية والمرجية فان هؤلاء اخذوا ببعض النص وتركوا بعضا. اما اهل السنة فمن الله عليهم بالجمع بين النصوص فشارب الخمر والسارق والزاني. ومن كان نحوهم من اهل الكبائر لهم ايمان يصدق عليهم به وصف الايمان في الدنيا بالخطاب فهم داخلون في قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون ونحو ذلك من النداءات التي نادى الله تعالى فيها اهل الايمان فان يخاطب بها الزاني والسارق وما الى ذلك واما ما يتعلق بحكم الاخرة فان الزاني والسارق ونحوهم نقص من ايمانهم ما اوجب عقوبتهم وذلك ان لم يتوبوا فانهم يعاقبون وكذلك ان لم يعفو الله تعالى عنهم او يجري عليهم من اسباب تمحيص الذنوب ما يكون سببا لمجازاتهم على اعمالهم قبل ان يبلغوا الاخرة ولا يدخل بذلك النار فان لم يكن معهم ما يمحص فقد يعاقبهم الله تعالى بادخالهم النار وحينئذ اذا دخلوا النار فانهم قد يخرجون بالشفاعة وقد يخرجون بعد تطهيرهم بما يكون من العقاب على ذنوبهم التي اوجبت دخولهم النار لكنهم لا يدخلون في اسم الايمان المطلق الذي يعني الايمان الكامل المطلق في الاخرة وبهذا تجتمع النصوص ولهذا قال المصنف رحمه الله فلا يعطى الاسم المطلق ويسلب مطلق الاسم بكبيرته ولا يسلب مطلق الاسم بكبيرته لا يعطى الاسم المطلق يعني لا يعطى الايمان وصف الايمان الكامل الزاني والسارق وصاحب الكبيرة ليس كمن سلمه الله تعالى من تلك الموبقات في ايمانه لكنه لا يسلب مطلق الاسم بكبيرته بل يقال هو مؤمن بايمانه عاص بكبيرته وبهذا تجتمع النصوص فان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بارتفاع الايمان عن الزاني فقال لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن. ولا ينتهب نهبة ذات شرفا يرفع اليه فيها الناس ابصارهم وهو مؤمن فدل ذلك على انتفائك الوصف الكامل وليس انه يكون بذلك كافرا فان النبي صلى الله عليه وسلم جاءه ماعز وجاءته المرأة التي اقرت بالزنا وحدهما واخبر عن المرأة انها تابت توبة لو وزعت على سبعين من اهل المدينة لوسعتهم وكذلك ما اجراه صلى الله عليه وسلم من الحدود على اصحاب الكبائر لم يكفروا بذلك فالشاهد ان اهل السنة والجماعة يجمعون بين النصوص فيثبتون مطلق الاسم مطلق اسم الايمان لاصحاب الكبائر لكنهم لا يثبتون الايمان المطلق