الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد النمر على الفوائد حديث ابي ثعلب الخشني هو قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى فرض فرائضا فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم اشياء فلا تنتهكوها وسكت عن اشياء رحمة لكم غير صيام فلا تبحثوا عنها هذا الحديث فيه من الفوائد تقسيم وتصنيف ما جاءت به الشريعة وفيه حسن تعليم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حيث قسم ما جاءت به الشريعة يتبين انواعه لتتبين انواعه وتتبين ويتبين حكمه ليتبين انواعه ويتبين حكمه فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر اقسام وذكر ما يترتب على هذه الاقسام من احكام متصلة بها وفيه من الفوائد ان الله تعالى فرض على عباده فرائض الزمهم بها وهذه الفرائض هي الواجبات سواء كان ذلك فيما يتعلق بحقه او فيما يتعلق بحق الخلق وفيه من الفوائد ان حق هذه الفرائض ومقتضاها الا تظيع ولذلك قال فلا تضيعوها و النهي عن الاضاعة يشمل النهي عن التقصير في القيام بها سواء كان ذلك تأخيرها بالاخلال بواجباتها يشمل النهي حتى آآ تركها الاخلال القيام بها من حيث آآ واجباتها واركانها وشروطها وما يتصل بها فالنهي عن التضييع اوسع من النهي عن الترك لان الطبيعي يشمل الترك وزيادة يشمل الترك غير الترك منصور الاتيان بالعمل على وجه ناقص قوله فلا تضيعوها ندب اه الى العناية بتكميل الفرائض في مستحباتها فان القيام مستحباتها ومسنوناتها مما تحفظ به ويتجنب اضاعتها فان من حافظ على السنن في الواجبات كان مكملا لها للواجبات لما يمكن ان يكون فيها من نقص فيه من الفوائد ان الله تعالى بين الواجبات وبين المحرمات وبين المباحات وبين العقوبات على القول بان الحدود هنا حدود آآ حد حدودنا الى العقوبات الشرعية وفيه من الفوائد ان الواجب في حدود الله عز وجل ان تصانع عن الاعتداء بان يكون الانسان قائما بما حد الله تعالى غير متجاوز لما اذن فان تجاوز مع اذن يوجب العقوبة وفيه من الفوائد ان نتجاوز الحدود اعتداء والاعتداء يبغضه الله عز وجل لقوله فلا تعتدوها وفي من الفوائد بيان المحرمات ووجوب وفيه ايضا من الفوائد وجوب طيانتها بعدم انتهاكها لقول فلا تنتهكوها وفيه من الفوائد ان الشريعة سكتت عن اشياء لم تبينها والمقصود بانه لم تبينها اي لم تمنعها ولم تحرمها ولم تفرضها السكوت هنا عن التحريم وعن الايجاب السكوت عن الايجاب نظير ما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا ايها الناس ان الله فرض عليكم الحج فحجوا قال رجل اكل عام يا رسول الله فسكت حتى كرر ثلاثا فقال لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. هذا سكوت عن ايجاب والسكوت عن تحريم يفيدهما في الصحيحين من حديث ابي هريرة من حديث ابي من حديث سعد ابن ابي وقاص ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اعظم المسلمين جرما في المسلمين من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من اجل مسألته فقوله صلى الله عليه وسلم وسكت عن اشياء يفيد السكوت عن عن الايجاب والسكوت عن التحريم وهذا السكوت من رحمة الله وتوسيعه ورفقه بعباده جل في علاه وليس عن نسيان فالله تعالى لا يضل ولا ينساه وفي ان الواجب فيما سكتت عنه الشريعة ان يسكت عنه السكوت عما سكت عنه الشارع واجب ومعنى فلا تبحثوا عنها تقدم اي لا تسألوا عنها وقت التشريع واما حكمها فحكم المسكوت عنه بين واضح بانه لا طلب فيه ولا لا طلب فعل ولا طلب كف فهو مباح يستوي فيه الفعل والترك يستوي فيه الفعل والترك هذا ابرز ما في هذا الحديث من الفوائد الحديث الحادي والثلاثون عن ابي العباس سهل ابن سعد الساعدي رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني على عمل اذا عملته ابني الله واحبني الناس. قال ازهد في الدنيا يحبك الله. وازهد فيما في ايدي الناس يحبك الناس. حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره باسانيد حسنة. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث هو الحديث الحادي والثلاثون من احاديث الاربعون النبوية للامام النووي رحمه الله حديث رواه اه نقله المصنف رحمه الله عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه وقال عنه حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره باسانيد حسنة هذا الحديث اه من رواية آآ سفيان خالد بن عمرو القرشي عن سفيان الثوري عن ابي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه وقد حسنه المصنف كما هو واضح مع عقب به بعد ذكر الحديث وهو خلاف ما عليه الجماهير العلماء من المحدثين بان من ان هذا الحديث لا يستقيم اسناده فانه من رواية خالد بن عمرو القرشي وهو متكلم فيه فقيل انه وظاع وقيل هو متروك وقيل يروي الاباطيل ضعفه احمد وابن معين والبخاري والائمة الا ان الحديث جاء من طريق محمد ابن كثير كذلك من طريق ابي قتادة عن اه سفيان الثوري ولكن الائمة رأوا ان هذه الطرق لا تستقيم وظعفوها ومن نظر الى تعدد الطرق عن سفيان وعضده بمرسل بمخارج اخرى ذهب الى ان الحديث حسن كما فعل المصنف رحمه الله هنا وكذلك الحاكم آآ الذهبي اه ممن ذهب الى تصحيح الى تحسين الحديث هو تصحيحه وعلى كل حال الحديث من حيث الاسناد ضعيف ولكنه من حيث المدلول سيتبين لنا انه مما جاءت الادلة اه معناه صحة مضمونها يقول المصنف رحمه الله فيما نقل عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث قبل ان نخوض في اه فيما معناه آآ هو اصل فيما يتعلق بالزهد وقد عده جماعة من اهل العلم مما تدور عليه راح الاسلام فجعله بعض اهل العلم من الاحاديث بمنزلة حديث في الدلالة والافادة بمنزلة حديث انما الاعمال بالنيات والحديث الحلال البين والحرام بين وحديث من حسن اسلام المرء تركه ما لا عليه فقالوا هو ربع الدين لان ربع الدين يتحقق بمضمون هذا الحديث من الزهد و الحديث من حيث منزلته منزلته عالية لصحة مضمونه لكن هذا لا صلة له بموضوع ثبوت الحديث من عدمه يقول اه اه رضي الله عنه جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني على عمل اذا عملته احبني الله واحبني الناس دلني اي ارشدني وعرفني بعمل اذا عملته وهذا العمل يشمل عمل القلب وعمل الجوارح اذا عملته احبني الله اي ادركت محبة الله تعالى وحصلت لي واحبني الناس اي وحصل لي محبة الناس و من حصل له هذان فقد جمع الخيرين فان محبة الله تعالى اصل السعادات اصل السعادة ان يحبك الله تعالى. فمن احبه الله سعد في الدنيا والاخرة ومن ابغضه الله تعالى شقي في الدنيا والاخرة هذا الرجل قال يا رسول الله دلني على عمل اذا عملت احبني الله احبني الناس وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ازهد في الدنيا اي اعرب عنها وملئ عنها باحتقارها وعدم الاقبال عليها الزهد هو الاعراض عن الشيء الزهد في اللغة الاعراظ والميل واذا قال زهد في كذا اي اعرض عنه ومال على وجه التقليل له والاحتقار فمن زهد في الدنيا مال عنها واعرض تقليلا لها واحتقارا ازهد في في الدنيا في الدنيا اي فيما يتصل بها من ملذاتها وشهواتها ومحابها اعرض عنها يحبك الله اي تبلغ محبة الله و قوله صلى الله عليه وسلم ازهد في الدنيا ندب الى الزهد وبيان لفظله وانه مما يدرك به حب الله تعالى كما سيأتي في الفوائد فما هو الزهد الذي يبلغ به الانسان هذه المرتبة هل هو الانصراف عن الدنيا بالكلية الجواب ليس الزهد المأمور به هو الاعراض عن الدنيا بالكلية بل الله عز وجل يقول وابتغي فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وقال قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق والايات والادلة تبين ان الزهد الذي هو الاعراب الكلي عن الدنيا بمعنى عدم اخذ ما يحتاجه منها ليس هو المأمور به انما المراد بالزهد في الدنيا نعم آآ في تفسير الزهد بالدنيا سلك العلماء مسلكين منهم من فسر الزهد بالتقلل من قدر الدنيا التي تكون في يد الانسان ومنهم من سلك مسلك بيان ان الزهد معنى قلبي بغض النظر عن ما يكون في يد الانسان من الدنيا والفرق بينهما واضح فالمسلك الاول يرى ان الزهد في الدنيا الا تأخذ منها ما زاد عن حاجتك او ما اعاقك عن عن طريق الله عن طريق عن طريق الوصول الى الله عز وجل واما الملحظة الثاني او المنهج الثاني في تعريف الزهد وهو قول الاكثرين من قال الزهد معنى في القلب بغض النظر عما يكون في اليد فمهما كان في قلب في يد الانسان من شؤون الدنيا فان ذلك لا يؤثر على زهده ما دام ان ذلك لم يسكن قلبه فان الذي ينهى عن فان الزهد الذي يؤمر به هو اخراج الدنيا من القلب ولو كان في يده منها ما كان وهذا المسلك اقرب الى دلالة دلالة النصوص في الكتاب والسنة وبيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وما سار عليه سلف الامة فان داود عليه السلام اتاه الله ملكه وسليمان اتاه الله ملكا لم يؤت احدا مثله ومع هذا لم يخرجهما ذلك عن الزهد الذي بلغهما هذه المنزلة العالية من العبودية لله عز وجل فالزهد في الدنيا الذي امر به هو الا تسكن الدنيا القلب ولو كان في اليد منها ما كان واذا نظرت في العشرة المبشرين بالجنة وجدت ان غالبهم من الاغنياء فابو بكر كان من الاغنياء عثمان كان من الاغنياء عبدالرحمن بن عوف كان من الاغنياء الزبير كان من الاغنياء وهكذا لم يكن فيهم من عرف بالفقر وقلة ذات اليد الفقر قلة ذات يد ليس وصفا لهم وان كان بعظهم حاله متوسطة لكن منهم من ذكرنا من ممن فتح الله تعالى عليهم واغناهم وسخروا ذاك الغنى في تحقيق طاعة الله عز وجل طلب مرضاته فالزهد الذي امر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ازهد في الدنيا اي لا اي مل عنها بقلبك ملعنها بقلبك واعرض عنها بقلبك ولو كان في يدك منها ما كان اما فاستفسر من فسر الزهد لبس الخشن وقلة المال آآ اكل آآ آآ الرديء من الطعام فهذا كله تعلق بالصورة لا بالمعنى الحقيقي للزهد الذي جاءت به النصوص وقوله صلى الله عليه وسلم يحبك الله يحبك جواب الطلب في قوله ازهد في الدنيا ولذلك هو مجزوم واصل الجازم ان يكون مجزوم بالسكون. فما الذي فتحه هنا تضعيف في قوله يحبك واصلها يحببك الله لما ظعفت فتحت يحبك الله ومعنى يحبك الله اي يبلغك هذه المنزلة العظيمة التي هي منزلة الاولياء والاتقياء والاصفياء من عباد الله والحب من الله تعالى لعبده هو اشرف المقامات واعلى المنازل فمن تحقق له فاز بخير الدنيا والاخرة فان من احبه الله كان معه بشأنه كله في قيامه وقعوده وذهابه ومجيئه وفي سمعه وفي بصره وفي رخاءه وشدته يدل لذلك ولا يزال يتقرب ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه ما ثمرة هذه المحبة فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به والشرع الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن استنصرني لانصرنه ولئن استعاذني لاعيذنه وهذه منزلة عالية في معية الله عز وجل وتسديده ونصره وتوفيقه وايصال البر والخير للانسان ثم قال وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ازهد اي مل عنهم زاد فيما عند الناس اي من عما في ايديهم وقولوا ازهد فيما عند الناس ما عند الناس سواء كان اعيان من الاموال او كان معنويا مما يطلب كالنصرة والاعانة والمساندة وما اشبه ذلك من الامور المعنوية التي تطلب من الناس ازهد فيما عند الناس لا تطلب منهم مالا ولا عونا ولا تطلب منهم رفدا فاذا تحقق ذلك يحبك الناس اي تفز بمحبتهم فالناس احب الناس اليهم اغناهم عنهم فكلما زاد غناك عن احد زادت محبته لك وكلما احتجت الى الناس في شيء كان ذلك من دواعي ضعف المحبة هذا ما يسره الله عز وجل تعليق عالحديث في الدرس القادم والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد