هذا الحديث فيه عدة مسائل المسألة الاولى استحباب الفطر على التمر بجميع صوره وانواعه مع كونه متفاوتا بالطيب ومتفاوتا في الرغبة كما قال الله تعالى ونفضل بعضها على بعض في الاكل الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه احمده له الحمد كله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فاننا في هذا المجلس ان شاء الله تعالى نقرأ ما يسر الله تعالى من الاحاديث في اداب الفطر وما يتعلق باحكام الصيام من كتاب بلوغ المرام للحافظ ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى ونجيب على اسئلتكم في نهاية المجلس ان شاء الله فنسأل الله الاعانة والتسديد نعم الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد على اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين تسعتاشر قال الامام الحافظ ابن حجر رحمه الله. وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال. فقال رجل من المسلمين فانك يا رسول الله تواصل وعن سلمان ابن عامر الضبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا افطر احدكم فليفطر على تمر فان لم يجد فليفطر على ماء فانه طهور. رواه الخمسة وصحح او ابن خزيمة وابن حبان والحاكم. هذا الحديث حديث سلمان ابن عامر الظبي رضي الله تعالى عنه فيما يتعلق سنة الفطر او سنة من سنن الفطر وهو على اي شيء يفطر تقدم ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ندب الى تعجيل الفطر فهذا من سنن الفطر ان يعجل الفطر لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سهل ابن سعد لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وفي حديث سلمان ابن عامر الظبي بيان سنة ايضا من سنن الفطر وهو على اي شيء يفطر الانسان ما الذي يسن ان يبتدئ الانسان فيه بالفطر قال سلمان رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا افطر احدكم يعني من صيامه سواء كان صياما مفروضا او كان صياما تطوعا فليفطر على تمر الامر هنا من النبي صلى الله عليه وسلم للندب والتوجيه والاصل في الامر الوجوب الا انه يفهم من السياق ويدرك من مقاصد المتكلم منزلة الامر اهون للوجوب امر الاستحباب ولهذا جمهور العلماء على ان هذا الامر للاستحباب وليس للوجوب قال صلى الله عليه وسلم فليفطر على تمر والتمر هو اسمه جنس بثمر النخيل فكل ثمن النخيل على شتى قنونه وصنوفه وانواعه يسمى تمرا وهو يسمى بهذا الاسم في جميع مراحله فان التمر ليس على مرحلة واحدة بل هو على مراحل يكون بلحا وبشرا في اوله ثم يكون رطبا ثم يكون تمرا يابسا والجميع يسمى تمر فقوله صلى الله عليه وسلم فليفطر على تمر يشمل جميع انواع التمر اي جميع انواع ثمر النخيل في كل مراحله بشرا كان او رطبا او يبيسا ثم قال صلى الله عليه وسلم فان لم يجد اي ان لم يحصل التمر اما لعجزه عن ادراكه لكونه لا يملك ثمنه او لعدم وجوده في مكانه ومحله فليفطر على ماء اي فلينتقل الى الماء والماء متيسر في غالب الاحوال ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة والسبب في التحول الى الماء بعد التمر قال فانه طهور فانه طهور والطهور هو الطيب المطهر لغيره وهذا التوجيه النبوي للمصير الى الماء وتعليل ذلك بانه طهور بيان لميزة الماء على غيره مما يفطر به الناس اذا لم يجد التمر فهو متفاضل فجميعه يتحقق به السنة التي امر بها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فليفطر على تمر والى هذا ذهب جمهور العلماء حيث قالوا يستحب للصائم ان يفطر ان يفطر على تمر ووجه ذلك في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم امر به وندب اليه هذا الحديث لم يفصل في مراتب التمر من حيث الافضلية لكن جاء ذلك فيما رواه ابو داوود والترمذي من حديث انس بن مالك رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر على على رطبات وهو ما لانا من ثمر النخل اول ما يبدأ ثمر النخل يكون بسرا وبلحا ثم يترتب ذلك فيكون رطبا فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطبات قبل ان يصلي فان لم يكن رطبات فعلى تمرات وهي ما يبس من ثمر النخيل الرطب والتمر كلاهما تمر لكن يطلق غالبا التمر على ما يبس من من ثمر النخيل فان لم يكن تمرات اي ان لم يجد تمرا ولو كان يابسا فعلى فليحسوا حسوات من ماء فان لم يكن رطبات فان لم يكن تمرات حسوات من ماء يعني شرب جرعات من ماء صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا يبين ان الافظل في الرطب الافظل في التمر ما كان رطبا ان تيسر واليوم مع ما فتح الله تعالى على الناس من وسائل الحفظ والتبريد يكون الرطب متوفرا متيسرا في كل السنة بخلاف ما كان عليه حال الناس في الزمن السابق فانه لا يتيسر لهم الرطب الا في مواطن ومواضع محدودة وذاك في زمن تمر النخل ثم اذا تباعد العهد تحول الرطب الى تمر اما بيبسه او بتجميده معالجته من قبل اهله ليكون وسيلة من وسائل حفظه هذه هي المسألة الاولى وهي استحباب الفطر على التمر اما المسألة الثانية فاستحباب الفطر على الماء اذا لم يجد تمرا والمقصود بالفطر اي البداءة به البدء به قبل غيره ففي هذا الحديث دليل لما ذهب اليه جمهور العلماء من استحباب ان يفطر الصائم على ما اذا لم يجد التمر ولو كان عنده غيره لو كان عنده شربة لو كان عنده عصير لو كان عنده انواع من المأكولات يستحب ان يبدأ بالماء قبل غيره لقول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه طهور فانه طهور وهذا يشير الى ان هذا هذا الماء له ميزة على غيره خلافا لما ذهب اليه بعض فقهاء الشافعية والحنابلة حيث قالوا اذا لم يجد تمرا فانه يستحب ان يفطر على حلو ثم على ماء فان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انتقل من التمر الى الماء قولا وفعلا قولا في حديث سلمان ابن عامر الظبي حيث قال اذا افطر احدكم فليفطر على تمر فان لم يجد فعلى ماء وفعلا في حديث انس رضي الله تعالى عنه حيث قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على على رطبات قبل ان يصلي فان لم يكن رطبات فعلى تمرات فان لم يكن تمرات حسى حسوات من ماء فدل ذلك على ان الماء مقدم على غيره مما يفطر به وان الدراسات المعاصرة من اهل الاختصاص في الصحة والطب تؤكد هذا المعنى وهو حاجة الانسان الى البداءة التمر والماء قبل غيره من المصنوعات التي يأكلها الناس في فطرهم اما المسألة الثالثة فهي ماذا يصنع الانسان اذا لم يجد تمرا ولا ماء على اي شيء يفطر اذا لم يجد تمرا ولا ماء فانه يفطر على ما شاء من المطعومات والمشروبات على ما يشتهي وكلما كان الشيء اقرب الى ما وجه اليه النبي صلى الله عليه وسلم في المعنى كان اولى وهذا ما جعل بعظ فقهاء الشافعية والحنابلة يقولون اذا لم يجد تمرا يفطر على حلو لانهم نظروا الى المعنى وان البدن يحتاج الى سكريات فكان البداءة بالحلو مقدمة على غيره بالفطر والذي يظهر والله تعالى اعلم ان الامر في ذلك واسع لكن يبحث في البداءة بفطره بما يصلح به حاله ويجتنب ما يظر ومما يضر فيما ذكره الاطباء البداءة بالقهوة فان لها من التأثير غير الحميد ما يكون مضرا بصحة الانسان المقصود انه اذا لم يجد ماء ولا تمرا فانه يصير الى ما تيسر من الطعام ثمة مسألة وهي اذا لم يجد الانسان شيئا لا تمرا ولا ماء ولا غير ذلك مما يفطر عليه فكيف يحقق الفطر وسنة تعجيل الفطر الجواب على هذا انه اذا لم يجد شيئا لا تمرا ولا ماء فانه يتحقق له الفطر ب النية يعني والفطر ولو لم يأكل شيئا وهذا يحصل احيانا في بعض المواقف يكون الانسان في مكان ليس عنده شيء ويؤذن المغرب وهو صائم ففي هذه الحال يقال له طريقة فطرك تتحقق تتحقق بنية الفطر وقد نص على ان نية الفطر مجزئة في حصول الفطر جماعة من الفقهاء من فقهاء الحنابلة حيث وكذلك فقهاء الشافعية حيث قالوا ان من نوى الفطر افطر والسبب في هذا ان الصيام مركب من حقيقتين من نية وامساك الافطار لا يحتاج الى اكثر من ان يفسخ الانسان احد هذين اما بان يفطر وبذلك لا يكون ممسكا فان كان لا شيء عنده يفطر عليه فانه يفسخ النية واذا ترك نية الصيام لم يكن من الصائمين. وبذلك يكون قد حقق الفطر استدل يمكن ان يستدل بهذا الحديث على مسألة ذكرها بعض الفقهاء وهي ان نية الفطر لا يحصل بها الفطر وهذا مذهب الحنفية والمالكية خلافا من تقدم ذكرهم من فقهاء الشافعية والحنابلة حيث قالوا انه لا يحصل الفطر بالنية فلو فسخ نية الصيام لم يكن مفطرا بل النية لا تكفي في حصول الفطر بل لا بد من فعل كيف استدلوا بهذا الحديث؟ قالوا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا افطر احدكم فليفطر على تمر فان لم يجد فعلى ماء فدل ذلك على ان الفطر لا يكفي فيه فقط قصده ونيته بل لابد فيه من فعل يكون به الانسان مفطرا وهذا لا شك انه وجيه فيما اذا كان الانسان عنده ما يفطر به اما اذا لم يكن عنده ما يفطر به فانه يحصل الفطر بالنية و كذلك اذا نوى الفطر في اثناء الصيام افطر اذا نوى الفطر في اثناء الصيام افطر ولكن لابد ان تكون النية جازمة اما اذا كانت نية مترددة فانه لا يفطر بذلك بمعنى انه لابد ان يجزم ترك الصيام حتى يكون مفطرا هذا ما يتصل بهذا الحديث وما فيه من مسائل. مما يتعلق بالفطر من السنن سنة الدعاء عند الفطر وهذا قد ذكره بعض اهل العلم في سنن الفطر والمؤلف لم يذكر ذلك لانه لم يستوعب كل الاحاديث المتعلقة بالصيام انما ما كان منها متصلا بالاحكام فبلوغ المرام في احاديث الاحكام والدعاء ليس مما يتعلق بالاحكام المتعلقة بالصيام وجوبا او كراهية او نحو ذلك. والمقصود انه لم يأتي لذلك بذكر وقد جاء فيه ما رواه احمد واصحاب السنن الترمذي وابن ماجة عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا ترد دعوتهم ثلاثة لا ترد دعوتهم قال صلى الله عليه وسلم الامام العادل يعني الامام وهو من له الولاية العامة اذا عدل والصائم حين يفطر وفي رواية حتى يفطر وهذا يشمل الصائم فرضا والصائم نفلا لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد ذلك بنوع من الصيام بل قال والصائم حتى يفطر واما الثالث ممن لا ترد دعوتهم قال ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها ابواب السماء ويقول الرب وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين وهذا ما اشار اليه حديث عبد الله ابن عباس في الصحيحين في بعث معاذ الى اليمن حيث وصاه النبي صلى الله عليه وسلم بما وصاه وكان اخر ما وصاه قال واتقي دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب واتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب يعني لا ترد ولا تحجب بل تنفذ وتبلغ كما قال في هذا الحديث فان الله تعالى يرفعها فوق الغمام وتفتح لها ابواب السماء وهذا معنى زوال الحجب ويقول الله تعالى وعزتي وجلالي اقسم سبحانه وتعالى بعزته التي لا ترام وعظمته وهي جلاله سبحانه وبحمده الذي لا يقوم له شيء لانصرنك ولو بعد حين الشاهد في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ودعوة المظلوم ودعوة نعم الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم والصائم حين يفطر وقوله صلى الله عليه وسلم حين يفطر اي وقت فطره وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث قال حتى يفطر معناه انه في زمن الصيام كله وقد جاء هذا في حديث عبد الله بن عمر وحديث انس وغيرهم من الصحابة في بيان ان للصائم دعوة مجابة دون تقييد في بعض هذه الاحاديث دون تقييد ذلك بالفطر فمما وهذا يدل على ان ثمة دعوة في كل زمن الصيام مجابة لكن ارجى ما تكون هذه الدعوة عند الفطر واحرى ما تكون هذه الدعوة في الاجابة عند الفطر وهذا يدل على انه يستحب ان يكثر الانسان من الدعاء عند فطره ويدعو بما احب وقوله حين يفطر يشمل حال الفطر وبعده وقبله بقليل فان ذلك كله يدخل في قوله حين يفطر. فالحين يشمل ما قبل الفطر قريبا منه وفي اثنائه وبعده وليتحرى الانسان الدعاء في هذا الموقف المبارك وهذا الموضع الذي يفرح به المؤمن فانه من مواطن اجابة الدعاء وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة احاديث فيما يقول الانسان عند فطره ولا يثبت منه الا ما جاء في السنن من حديث عبد الله بن عمرو من حديث عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا افطر قال ثبت الاجر ذهب الظمأ وابتل وابتلت العروق وثبت الاجر ان شاء الله ابتلت العروق وذهب الظمأ وثبت الاجر ان شاء الله هذا ذكر مظمن دعاء هذا ذكر مظمن دعاء حيث انه يتوسل الى الله عز وجل بما انعم عليه من ابتلاء عروقه بالماء الذي افطر عليه وبذهاب الظمأ ويرجو ثبات الاجر ثبت الاجر ان شاء الله تبركا بذكره ورجاء لفضله واحسانه وبره ويدعو بما شاء مما يحب من امر الدنيا والاخرة واجمع ما يدعو به الانسان في كل مواقف الدعاء ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار