بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا ولأهل العلم والمسلمين قال المؤلف رحمه الله تعالى الحديث السادس والثلاثون عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. رواه مسلم بهذا اللفظ الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اه اله واصحابه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد هذا هو الحديث السادس والثلاثون من احاديث الاربعون النووية للامام شرف الدين انه يرحمه الله هذا الحديث حديث ابي هريرة اه اصل جماع ما يجزى به الناس يوم القيامة على اعمالهم وان الجزاء من جنس العمل وان الاحسان جزاؤه الاحسان كما قال الله تعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان وقد رواه مسلم بهذا اللفظ كما ذكر المؤلف رحمه الله من طريق الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة الجملة شرطية فمن اسمه شرط ونفس فعله وجوابه نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة فالفعل تنفيس وجزاؤه تنفيس لكن شتان بين التنفيسين والترفيه وقوله نفس مأخوذ مأخوذ من نفسا وهو التوسيع الفرج ونقل الشيء من ضيق الى سعة نقل الشيء من ضيق الى سعة فقوله من نفس اي من وسع وفرج عن مؤمن اي عن مسلم من المسلمين فالايمان والاسلام اذا اطلق احدهما دخل فيه الاخر وكان بمعنى اخر قوله من نفس عن مؤمن اي عن مسلم من المسلمين ذكر او انثى صغير او كبير حي او ميت لكن لا تكون كربة في الاصل الا على الاحياء. ولكن قد يكون على اموات كرب ان يلحقهم حقوق يعلقون بها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن محبوس بدينه حتى يقضى عنه فهذا نوع من انواع قرب وان كانت لا يبدو اثرها للناس بعد موت الشخص لكنها حقيقة وقائمة اخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم ويشهد لهذا حديث ابي قتادة لما تحمل عن الميت ما عليه من دنانير قال الان بردت عليه جلدته وهذه كربة لكن على كل حال الاصل في في كرب الدنيا هو في وقت المعاش ولكن قد تكون الكربة في الدنيا وقد تكون الكربة في الاخرة ولهذا جاء البيان هنا قال من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فمن هنا بيانية وقول كربة اي شدة وضيق وتطلق في الغالب على ما كان من المصائب العظيمة التي تضيق على الانسان وتثقل الانسان ويلحقه بسببها عنة ومشقة وقوله كربة نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم قرب بسبب المال كربة بسبب الولد كربة بسبب الاهل كربة بسبب النفس فيشمل جميع ما يكرب الانسان يكرثه ويصيبه بالهم والحزن والضيق من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا كما ذكرنا من هنا بيانية اي من شدائد الدنيا ونوائبها ويشمل هذا مكانة فيه الكربة تابعة لكربة في الدنيا ولو كانت بعد الموت كما ذكرت في قضاء الديون عن المدينين الذين آآ ماتوا ولم يوفوا ما عليهم من حقوق وقوله صلى الله عليه وسلم نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة هذا الجزاء هذا جواب الشرط وطابق بين فعل الشرط وجواب الشرط لبيان ان الجواب والجزاء من نفس العمل المشروط الذي جعل شرطا شرطا في الجملة فقوله نفس الله عنه اي فرج عنه ووسع له كربة اي ضيقا وشدة ومشقة من كرب يوم القيامة اي من شدائده يوم القيامة اهواله ومضايقه وذاك ان يوم القيامة يوم شديد وفيه اهوال وتطيش له الالباب يشيب له الولدان كما قال الله تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة اما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها في امر دينه وفي امر دنياه وقوله مسلما يشمل الذكر والانثى و الحاضر والغائب والحي والميت من ستر مسلما بان لا بان غطاه ولم يكشف له سوءه ستره الله في وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد فهذا يدل على انه موقف عظيم وخطب شديد في ذلك اليوم ويجزى بتفريج كربة الدنيا التفريج من كرب ذلك اليوم العظيم الذي ذكر الله جل وعلا وقوله صلى الله عليه وسلم ومن يسر على معسر هذه الجملة الثانية التي التي جاء ذكرها في الحديث من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ايضا هذي جملة شرطية فعل الشرط فيها مطابق لجوابه فالجواب مطابق لفعل الشرط كالجملة السابقة وقوله من يستر التيسير مأخوذ من التيسير من يسر الشيء اذا سهل لم يكن فيه عسر ومشقة فقول من يسر اي من سهل على معسر على ذي اعسار على صاحب اعسار المعسر هو صاحب الاعسار وهو من ضاقت يده عن الوفاء بما عليه من الحقوق اما ضيقا كليا بان لا يستطيع ان يوفي ما عليه واما ضيقا نسبيا بان يكون يجد بعض ما يوفيه لكنه لا يتمكن من وفاء الكل طلع صار درجات وكله داخل في قول من يسر على معسر سواء كان معسرا اعصارا كليا او جزئيا وقوله هنا ومن يسر على معسر لم يذكره لم يذكر الايمان بل قال على معسر فيشمل كل من اتصف بالاعسار مسلما كان ام كافرا ولكن بالتأكيد ان الى هذين العملين العبودية تحقيق العبودية لله تعالى وطلب العون منه وطلب العون لا يخلو من هذه العملين تحقيق العبودية له وطلب العون منه جل في علاه فهو مضطر الى الاجر متفاوت بما يترتب على هذا التفريج من خير ونفع وقوله من يسر على معسر يسر الله عليه اي بلغه الله تعالى ما يؤمل من التسهيل في الدنيا والاخرة وهنا ذكر الجزاء معجلا ومؤجلا بخلاف الاول ذكره مؤجلا من نفس عن مسلم كربة من كرب دنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة اما هنا فقد ذكر جزاء تيسير المرء على غيره من ذوي الاعصاب ان ييسر الله تعالى عليه في الدنيا والاخرة فقوله يسر الله عليه اي سهل الله تعالى عليه المصاعب وسع عليه بالمال وقضى له الحوائج في الدنيا وفي الاخرة اي في الحياة الدنيا معجلا وفي الاخرة قوله من يسر على معسر يشمل التيسير الواجب والتيسير المستحب فالتيسير وجهان منه ما هو واجب وهو انذار من لا يجد وفاء حتى يستطيع الوفاء قال الله تعالى وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة هذا تيسير واجب ولكن هذا لا يعني انه لا ينال الاجر والفظل بل ينال الاجر والفظل ولو كان التيسير واجبا والنوع الثاني من التيسير تيسير مستحب وهو اسقاط الدين هناك التيسير بالصبر والانذار حتى القدرة وهناك تيسير بان ينتظر بان يسقط الحق عن عن من لا يستطيع الوفاء وهذا اعلى ما يكون من صور التيسير على المعسر. ان تسقط الحق عنه وان تبرأ ذمته من الطلب فقوله من يسر على مسلم يشمل التيسير الواجب التيسير المستحب يسر الله عليه اي سهل الله تعالى عليه وادرك في ذلك ما ذكرنا من التيسير والتسهيل في امر الدنيا وفي امر الاخرة و بالنظر الى الجملتين يظهر ان بينهما تقارب فان الدين نوع من الكرب فيكون هذا من باب ذكر الخاص بعد العام فقوله من فرج عن مسلم من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة عام يشمل كما ذكرنا الكربة في المال وفي النفس وفي الاهل وفي الولد وفي الحاضر وفي المستقبل وفي الماظي اما قوله من يسر على معسر فهذا ذكر كربة خاصة وهي المتعلقة بضيق اليد عن ايفاء ما على الانسان من حقوقه ويمكن ان يقال ان ان بينهما فرقا ولذلك فرق في في الثواب بين بين الكربة وبين بين تنفيس الكرب والتيسير على المعسر مما يدل على فضل هذا النوع من التيسير وهذا النوع من التنفيس وهذا النوع من التفريج فيكون من الترقي في ذكر الثواب وعلى كل حال في كلا الحديثين في كلا الجملتين ما يدل على فظل التنفيس والتفريج تنفيس الكرب انظار والتيسير على والتسهيل على ذوي الاعصار قال ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. هذه الجملة الثالثة من ستر مسلما الستر والتغطية وعدم الكشف والمراد بالستر هنا هو تغطية ما يكره الانسان ظهوره سواء كان من النقص في الدين او النقص في الدنيا من ستر مسلما فتفيد الستر عليه تغطية ما يكره كشفه الدنيا والاخرة هذا ثوابه ستره الله تعالى في الدنيا والاخرة اي وقاه الله تعالى الخزي والفظيحة بان يستره ويستر معايبه في الدنيا وفي الاخرة فيسترك كل ما يكره ان يظهر الناس عليه من شأنه ولو لم يكن حراما لان الانسان قد يكره ان يظهر الناس على شيء من شأنه وان كان لا حرام فيه ثم قال والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه والله في عون العبد اي ان الله تعالى يتولى عون العبد بتيسير ما يحصل به مقاصده او ما يحصل به مقاصده فيعينه يساعده ويمده بالقدرة على تحصيل مطالبه والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه ما الفرق بين هذه الجملة وغيرها الجمل السابقة ذكر العمل ثم ذكر الجزاء وفي هذه الجملة ذكر الجزاء ثم ذكر العمل وقال والله في عون العبد هذا الجزاء ما كان العبد ما كان في عون اخيه ما كان العبد في عون اخيه اي ما استمر ودام على اعانة اخيه فالله تعالى في عون العبد يقضي حاجاته ويبلغه مراداته ما استمر على هذه الحال ما دام على هذه الحال وهي ان يكون في عون اخوانه وعون الله به تبلغ الحاجات وتدرك المطلوبات فلا يدرك الانسان شيئا من مصالح الدنيا ولا اجور الاخرة واعمالها الا عون الله تعالى اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده ولذلك كانت الاستعانة مقابلة للعبادة اياك نعبد واياك نستعين فالانسان لا يخلو من الحاجة ربه في تحصيل مطالبه وادراك ما يؤمل ثم قال ومن سلك طريقا هذه الجملة الخامسة ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة من سلك طريقا اي من مشى في سبيل ومسلك من المسالك يلتمس فيه علما اي يطلب فيه علما ويبحث فيه عن علم والمقصود بالعلم هنا العلم الذي تصلح به الاخرة وتستقيم به الدنيا العلم بالله والعلم برسوله والعلم بشرعه وانطلق من من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا للجنة لو قال قائل العلم من هنا نكرة في سياق الشرط فتعم كل علم سواء كان من علوم الدين او من علوم الدنيا يقال ان هذا ليس على اطلاقه وذلك ان العلوم تنقسم الى قسمين من حيث الاجور ما يكون مطلوبا ما يكون طلبه مأجورا عليه الانسان مثابا عليه وهو العلم الشرعي. العلم بالكتاب والعلم بالسنة وما يكون مطلوبة ما يكون مأجورا عليه بالنية لا بذات العلم وهو علوم الدنيا فانه يؤجر عليها بنيته ليس بما يكون من من ذات العلم فذات العلم ليس فيه شرف في ذاته وفضل في ذاته انما هو من العلوم التي ينتفع بها الناس فهو من المباحات المقصود فالعلم الذي يؤجر عليه انسان هو ما كان محلا للثواب في الاصل ولذاته وهو العلم بكلام الله والعلم بكلام النبي صلى الله عليه وسلم اذا قوله من سلك طريقا يلتمس فيه علما المقصود به العلوم الشرعية التي ينال بها معرفة الله تعالى ومعرفة الطريق الموصل اليه سهل الله له طريقا الى الجنة ان يسر الله تعالى له بذلك طريقا الى الجنة وذلك ان العلم يهدي الى البر والفضل والخير ويشهد لما ذكرت من من ان المقصود بالعلم هنا العلوم الشرعية بقية الحديث حيث ذكر فظل طلب العلم الشرعي فقال وما اجتمعا قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الا نزلت عليهم السكينة وحفتهم الملائكة وغشيتهم وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله تعالى فيما في من عنده فذكر فضل الاجتماع على الكتاب وقوله وما اجتمع قوم اي من رجال او نساء صغار او كبار في بيت من بيوت الله اي في مسجد من المساجد التي اذن الله تعالى ان ترفع ويذكر فيها اسمه يتلون كتاب الله ان يقرؤونه فالتلاوة المقصود بها القراءة وتأتي التلاوة بمعنى الاتباع والعمل يتلون كتاب الله اي مكتوبة وهو القرآن ويتدارسونه فيما بينهم اذا يتلونه ويتعلمون ما فيه ويتفهمون اياته ويستذكرونها فالتدارس يشمل كل هذه المعاني سواء كانت تدارس للالفاظ بقرائتها وتجويدها وحسن ادائها او كان التدارس المعاني بتدبرها وفهم معاني وفهمها وادراك مقاصدها واسرارها الا نزلت عليهم الملائكة هذا جواب الشرط الجملة الشرقية ما اجتمع هذا شرط اسم الشرط وفعله وقوله الا نزلت عليه الملائكة هذا جواب الشرط الا نزلت عليهم السكينة السكينة هي وقار في القلب ينافي الاضطراب يزيل القلق فقوله الا نزلت عليهم السكينة اي نزل عليه من الله تعالى ما ما يطمئن قلوبهم ويخشوا عنها الاضطراب والحيرة والقلق. كما قال الله تعالى الا بذكر الله تطمئن القلوب. نستكمل هذا ان شاء الله درس غدا