تمام الوضوح لا يتطرق اليه اشتباه في الفهم ولا اختلال وانه محكم بمعنى انه لا تختلف فيه الفهوم وهو اصول الديانة والشرائع وما استقرت عليه الملل كتحريم المحرمات القواطع وايجاب الواجبات الكليات والمحكم المتضح المعنى والمتشابه ما استأثر الله تعالى بعلمه. وقد يطلع عليه بعض اصفيائه. طيب نختم الليلة بهذه المسألة ايجازا او مع تتمة اللفظ الذي بعدها في قول الامام قال رحمه الله المحكم المتضح المعنى والمتشابه ما استأثر الله وتعالى بعلمه الكلام في المحكم والمتشابه يرد في كتب الاصول ايضا استطرادا فيما يتعلق بمباحث اللغة ووصولا الى قظية اخرى هل في القرآن محكم ومتشابه الفصل في هذا مرده الى النصوص. الله سبحانه وتعالى يقول كتاب احكمت اياته. فوصف القرآن كله بانه محكم. وقال سبحانه الله نزل احسن الحديث كتابا متشابه فوصفه كله بالتشابه. وقال في سورة ال عمران هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. فانتهى الخلاف في القرآن محكم ومتشابه. كله محكم؟ نعم بمعنى كله متشابه نعم بمعنى بعظه محكم وبعظه متشابه نعم بمعنى فكله محكم بمعنى متقن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. في غاية الاحكام والاتقان يجل عن الوصف لانه تنزيل من حكيم ومتشابه بمعنى يشبه بعضه بعضا فلا يتأتى فيه تناقض او اختلاف او اضطراب وهذا يرادف معنى الاحكام لانه لو لم يكن يشبه بعضه بعضا ويتفق ولا يختلف ما كان محكما فمن مقتضيات الاحكام في القرآن ان يكون متشابها. ومعنى التشابه كما فهمت الان هو عدم الاختلاف. وعدم تناقض والاضطراب وما معنى ان نفصل القرآن؟ فيقال بعضه محكم وبعضه متشابه. يراد ها هنا معنى اخر ان بعضه محكم يعني كايجاب توحيد الله وربوبيته والوهيته وتعظيمه وتنزيهه والايمان بالرسل وتصديقهم والاستجابة لما جاءوا به من الله وتحريم الفواحش والاثام هذا كله من المحكمات في الشريعة ويمثله في القرآن بجملة مواضع جاءت فيها تلك المواضع المحكمة. يعني ابن عباس رضي الله عنهما لما فسر منه ايات محكمات ذكر مثالا له الانعام قل تعالوا ادوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا. الى اخر الثلاث الايات العشر المذكورات في الاية. هذه امثلة فهذا يسمونها محكمات والمتشابهات هي النصوص او المسائل او الالفاظ في القرآن التي تتفاوت فيها الافهام ويتطرق اليها اكثر من احتمال وهي المسائل التي نسميها مجال الاجتهاد بين الفقهاء. فيتطرق اليها اختلاف الافهام. اختلاف الاستنباط. فهذا المعنى من ان بعض الكتاب محكم وبعض بعضه متشابه. الاصوليون يأتون الى معنى محكم ومتشابه بهذا الايراد فيأتون به في كتب الاصول. قال المحكم المتضح المعنى اذا اذا اراد ان اللغة وما معنى محكم ومتشابه؟ فتبين لنا ان القرآن كله محكم بهذا المعنى وكن له متشابه ايضا بهذا المعنى. واذا اراد المعنى في الاحكام والتشابه القوة في الدلالة على المعنى والوضوح وعدم الاختلاف فالقرآن بعضه محكم وبعضه تشابه كما جاء في سورة ال عمران قال رحمه الله والمحكم المتضح المعنى والمتشابه ما استأثر الله تعالى بعلمه قال وقد يطلع عليه بعض اصفيائه في سورة ال عمران يسوق المفسرون والفقهاء والاصوليون هذا الخلاف. هذا المتشابه الذي سمى الله تعالى في ال عمران واخر متشابهات هذا القسم الاخر من الايات في القرآن قال منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. ثم بين الله سبحانه وتعالى الموقف الواجب تجاه هذين القسمين قال فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. وما يعلم تأويله والضمير يعود الى ماذا المتشابه وما يعلم تأويله الا الله وبهذا يتضح لك ان المتشابه بهذا المعنى هو ما استأثر الله بعلمه هذا على اعتبار ان الوقفة ها هنا لازم وما يعلم تأويله الا الله. فتكون الواو بعدها استئنافية والراسخون في العلم يقولون امنا به فيكون الموقف الواجب تجاه ما استأثر الله بعلمه هو الايمان وايكال المعنى الى الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا هذا هو المذكور هنا هذا على اعتبار ان الوقف هنا لازم وعلى هذا جمهور المفسرين والفقهاء والاصوليين ان المتشابه ما استأثر الله تعالى بعلمه ومن يرى ان الواو هنا عاطفة فالوقف ليس لازما والمعنى وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يعني ايضا يعلمون تأويله وهذا مستقيم لغة ومستقيم حتى مع السياق. ولا تناقض فيه والراسخون في العلم ايضا يعلمون. لكن لاحظ الراسخون فقط وليس غيرهم والراسخون من رسخ في الشريعة واستضاء بانوارها وتفتق ذهنه ايضا باحكامها واسرارها ومعانيها حتى تشبع منها وارتوى. هذا الذي يرزق فهم معاني المتشابه على هذا المعنى والتفسير. والراسخون في العلم فيكون ومشمولا فالمذهب فالمذاهب في الحكم المتشابه او معناه مذهبان. الاول ان تقول ما استأثر الله بعلمه ها ما يعلمه ما لا يعلمه الا الله والراسخون في العلم المصنف ماذا رجح الاول او الثاني عبارة المصنف ليست اه ليست واضحة لما قال ما استأثر الله بعلمه فان هذا يوهم انه يرجح المذهب الاول انه لا يعلم تأويل المتشابه الا الله لكن لما قال وقد يطلع عليه بعض اصفيائه فيكون الثاني فلو كان يرجح المعنى الاول ما يتأتى له هذا التذليل وقد يطلع. واذا رجح المذهب الثاني لقال ابتداء ما يعلمه الله ويطلع عليه بعض اصفيائه ويكون المقصود هنا الراسخون في العلم. لكن على كل الذي ذكره الشراح عن المصنف رحمه الله انه يرجح المذهب الاول وهو مذهب الجمهور اما هو قد يلقوا عليه بعض اصفيائه يؤذن بخلافه كما مر معك آآ قبل ان نتجاوز هذه المسألة نشير الى مسألة مهمة مثال متشابه على القول بانه مما لا يعلم تأويله الا الله فهي المواضع من القرآن التي لا يعلم معناها. وان اجتهد بعض الناس في تأويلها فانها ليست مما يسار فيه لا الظن ولا الى حتى الجزم بمعناه. ولعل من اوضح الامثلة على ذلك الحروف المقطعات في اوائل السور فانها ترد حتى على السنة متقدمي سلف الامة من كبار الصحابة والتابعين تفسير لها في الف لام ميم وحاء ميم وطه وكافها يا عين صاد ونحوها ومع ذلك فان مذهب كثير من المحققين منهم هو التوقف عن معناها وايكال علمها الى الله سبحانه وتعالى فهذا يصلح فتماما ان يكون مثالا للمتشابه في القرآن الذي استأثر الله تعالى بعلمه الذي انبه اليه ان كثيرا من الاصوليين يضرب مثالا للمتشابه في القرآن بايات الصفات الالهية وهذا ايضا ملحظ يستحق النظر والتنبيه عليه وهو ان الاشاعرة دأبوا في مسائل الاصول اذا اتوا الى مثال المتشابه ان يضربوا المثال له بايات الصفات وخصوصا ايات الصفات الاختيارية او الفعلية او غير الصفات السبع التي يثبتونها كصفة الوجه وصفة اليدين وصفة النزول وصفة المجيء ونحوها. فانهم على مذهبهم في العقيدة بتأويل هذه المعاني وينظرون الى ان هذه النصوص من المتشابه ليكون مدخلا يبنى عليه مذهب قرروه في الاعتقاد وهو الصيرورة الى تأويلها بان لو كانت مما يسلم بوضوح معناه ما وقع فيه الاختلاف. فهذا كله مما لا يستقيم ايضا ان يكون مدخلا بهذه طريقة بل يقال ايات الصفات من الواضحات في المعنى والا ما خوطب به العرب على مقتضى لسانهم وان نسبة الى السلف رحمهم الله في ابواب الصفات الالهية التفويض مطلقا فهذا ايضا ليس دقيقا. والصواب عنهم كما تعلمون انهم يفوضون الكيفية وليس المعنى. فاما المعنى فمعلوم. فكل لفظ في اللغة له معنى. نسبة هذا المعنى الى الذات بمقتضى اللسان العربي غير محال لكن تصوره عقلا يتوقف على الكيفية وهي التي لا سبيل اليها عقلا والتفويض السلفي ان صحة التسمية يأتي هنا في تنزيل هذه الصفة وتخيلها او تكييفها فيما ينسب الى الذات الالهية فهنا يقف العقل ولا مجال له ويكف عن الاستمرار في النظر. فهذا التفويض لا يعني ان اللفظ ها هنا اصبح من المتشابه الذي لا يوصل الى معناه بل المعنى حاصل. واما تصوره تكيفه تخيله فهذا الذي لا سبيل اليه ولا يصح اطلاقا المثالي بايات الصفات في الكتاب لانه من قبيل المتشابه