الحمد لله رب العالمين نحمده سبحانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد فما زلنا في الحديث السادس والثلاثين من احاديث الاربعة النووية وفي اخره قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ما اجتمع اي من ضم الاجتماع مأخوذ من الجمع وهو ظم الشيء بعضه ضم الشيء بعضه الى بعض فقوله ما اجتمع اي ما انظم جماعة من الناس في بيت من بيوت الله اجتمعوا وانظم بعضهم الى بعض في بيت من بيوت الله والمقصود به المساجد التي رفعها الله تعالى ليذكر فيها اسمه في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه. يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله اي وعن الصلاة ها رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله اقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يتلون كتاب الله اه قلنا التلاوة تشمل التلاوة اللفظية والتلاوة العملية التلاوة اللفظية قراءته تعلم حسن ادائه وكذلك بالتلاوة العملية التي هي العمل به وفهم معانيه وادراك مقاصده واسراره والمقصود بكتاب الله القرآن الذي انزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم قوله ويتدارسون فيما بينهم ويتدارسونه فيما بينهم اي يجعلونه موضع درس والدرس هو التدبر والتفهم والتعلم للشيء فدرس الشيء قراءته وفهمه وتعلمه وادراك معانيه فقوله ويتدارسونه فيما بينهم اي يتعلمونه و يفهمون ما فيه فجمع بين التلاوة والتدارس فقوله يتدارسونه وهذا عطف اما ان يكون عطف خاص على عام اذا قلنا التلاوة تشمل النوعين تلاوة اللفظ وتلاوة المعنى و يكون النص على تدارسه هنا امر زائد على التأمل في المعنى وهو مذاكرته مع غيره لان يتلون هذا فعل يفعله كل واحد منهم واما التدارس فهو تفاعل يكون من مجموعهم فيبحث بعضهم مع بعض في معانيه ومدلوله وما تضمنه من احكام وحكم قال الا نزلت عليهم الملائكة هذا جواب الشرط يعني ما ما حصل هذا الفعل من قوم الا ادركوا هذه الامور نزلت عليه عفوا الا نزلت عليهم السكينة نزلت عليهم السكينة اي ان الله تعالى ينزل على قلوبهم السكينة والسكينة هي وقار في القلب يزيل عنه الاضطراب واكشف عنه القلق واحليه بالوقار ويرزقه الاطمئنان هذه السكينة سكينة وقار في القلب ينفي عنه الاضطراب ويكشف عنه القلق ويحليه بالوقار و السكينة لا تكون الا فيما يطمئن اليه ولذلك لا توصف السكينة الا والطمأنينة قرينة لها فلا يكون احد مطمئنا الا ان يكون ساكنا ولا يكون ساكنا الا اذا كان مطمئنا وهي نعمة من الله تعالى يتفضل بها على عباده قال الله تعالى هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين. ثم ذكر ثمرة ذلك فقال ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم زاد السكينة يترتب عليه خير عظيم ومن اعظم ذلك زيادة الايمان ورسوخه في القلب وانشراح القلب به وهذه نعمة عظيمة وهي من ثمرات مجالس الذكر من ثمرات الاجتماع على كتاب الله عز وجل من ثمرات تدارس هذا القرآن ومذاكرته فانها تثمر هذه الثمار الزاكية ولو لم يكن من ثمار مجالس الذكر والاجتماع على كتاب الله تلاوة وفهما الا هذه الثمرة لك انت كافية في ان تطلب وان تبذل لها المهج في ادراكها لان زيادة الايمان اعظم ما يمن الله تعالى به على العبد فان زيادة الايمان بها ترتفع الدرجات وبها تعلو المقامات وبها تسعد القلوب وبها تصلح الدنيا والاخرة يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات وتلاوة القرآن وتدارسه يجمع الخيرين الايمان زيادة والعلم فهما وزيادة وبالتالي هي مفتاح كل خير قال وغشيتهم الرحمة اي احاطت بهم فالغشياء غشيان الشيء الاحاطة به والرحمة هنا هي احسان الله تعالى وفضله على عباده بايصال الخير اليهم والرحمة التي تغشى العباد فظل من الله وعطاء وهي جزء من الرحمة التي اعدها لعباده والرحمة يدرك بها الانسان من الخير في الدنيا والاخرة ما لا يدرك بغيره الراحمون يرحمهم الله والرحمة قرينة العلم فكل علم خلا من الرحمة نبأ عن المقصود وكل رحمة خلت من العلم اوقعت في الزلل وانما تكمل الرحمة باقترانها مع العلم ولذلك قال الله تعالى فيما قصه عن نبيه عن نبي من انبيائه قال واتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما هذا في حق من ها قذر في في رجل صالح من من الصالحين وليس في نبي من الانبياء لذلك قال الله تعالى في حق نبي في حق الخضر وهو من الصالحين على الراجح من قوله العلماء واتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما. وانظر الى التفاوت بين من عندنا ومن لدنا. ايهما اعلى مرتبة من لدنا اعلى مرتبة فهي تدل على العناية والقرب والحفاوة والاختصاص اكثر من دلالة من عندنا لكن انظر ايضا الى تقديم الرحمة على العلم فجعل الرحمة مقدمة لان بالرحمة تنجذب القلوب وبالعلم تزكو الرحمة تنجذب القلوب وبالعلم تزكو ولذلك لو كان الانسان فضل فمهما كان عنده من العلم فانه لا ينفع الناس بخلاف صاحب الرحمة فانه تجتمع على القلوب ولو كان جاهلا لان الناس تناسبهم الرحمة والله تعالى يقول لرسوله فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك المقصود ان من اسباب حصول الرحمة ولين القلب واذهاب الجفوة والقسوة ان يحذر الانسان مجالس الذكر وان يتلوك كتاب الله تعالى وان يتدارس وان يتفهم فان هذا من اسباب ان تحيط به الرحمة من كل من كل جانب. الرحمة في وصول الخير له وفي ما يصدر عنه فيما يتعلق به في وصول الخير له وفيما يتعلق وصولها الى غيره فانها تصل اليه بالرحمة يقول الله تعالى ايقول النبي صلى الله عليه وسلم وحفتهم الملائكة هذا ثالث ما وعد به المجتمعون على كتاب الله عز وجل تدارسا وتلاوة عفتهم الملائكة احاطت بهم واذا حفتهم الملائكة اي احاطت بهم من كل جانب كان هذا دليلا على المعية الالهية التي تقتضي النصرة والتأييد والحفظ وجمال وحسن العمل فان وجود الملائكة وقربهم واحاطتهم بالانسان مما يكون دافعا للشيطان عنه وصائنا له من الزلل والخطأ فالملائكة جند من جند الله عز وجل يسبحونه و يحققون العبودية له ففي احاطتهم وقربهم للانسان من الخير ما لا يكون بعدمه احتفاف الملائكة بالناس وقربهم منهم هو من الخير الذي يدركون به مصالح كثيرة قالوا ذكرهم الله فيمن عنده ذكرهم الله فيمن عنده اي اثنى عليهم جل وعلا في الملأ الاعلى الذكر هنا المقصود الثناء عليهم والاعلام بفظلهم والاخبار بكبير ما اعد لهم من الاحسان والجزاء فان الله يذكرهم في الملأ الاعلى جماعة وفرادى اما جماعة كما جاء في الصحيح من ان الملائكة تطلب بان لله ملائكة تزيح في الارض فاذا وجدت قوما يذكرون الله تعالى حطت عندهم فاذا قضوا ارتفعوا الى الله عز وجل فيقول الله تعالى ما اراد هؤلاء قالوا يسبحونك ويحمدونك ويمجدونك قال هل رأوني قال لا. قال فكيف لو رأوني قال ما يسألون؟ قال يسألون الجنة ويستعيذون بالله من النار. قال هل رأوها؟ قال لا فيقول آآ لهم قد غفرت هم القوم لا لا يشقى بهم جليسهم. هذا من ذكر الله لهم وهو الذي يتضمن الاشادة بعملهم الثناء عليهم الذكر حسن مآلهم ومنقلبهم وجميل عملهم كل هذا يندرج في قوله وذكرهم الله فيمن عنده وقد جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة ما يدل على ان الذكر يكون منفردا وجماعة في قوله صلى الله عليه وسلم فان ذكرني في نفسه انا عند ظن عبدي بي فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن ابطأ به عمله وفي رواية من بطأ به عمله اي اخره عمله فلم يتقدم بالعمل والعمل هنا يشمل الواجب والمستحب وهو ما يتقرب الى الله تعالى بالطاعات فان هي التي يسرع بها الناس يوم القيامة كما قال الله تعالى والسابقون السابقون ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه اي لم يحصل له به تقدم بسبب من اسباب الدنيا وانما ذكر النسب على وجه الخصوص لان النسب لا ينقطع بل يبقى مع الانسان في قبره وفي نشوره فانه يذكر باسمه وباسم ابيه فانه يعرف بذلك بخلاف المال فانه يزول والجاه فانه لا يبقى انما الذي يبقى مع الانسان من امر الدنيا النسب قال الله تعالى ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ومجيء وهذا يدل على ان كل ما منحه الانسان وملكه من النعم والعطايا والهبات ينقشع ويزول موته الا ما يتعلق الاموال الا ما يتعلق بالانساب فانها تبقى لكن لا نفع فيها لا ينتفع بها ولذلك قال الله تعالى فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون لا عنساب اي تنفع كما قال تعالى يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه. فقوله صلى الله عليه وسلم لم يسيء به نسبه لان النسب يبقى مع الانسان ويرد به القيامة بخلاف باقي ما يكون من امور الدنيا فانها تزول وتضمحل وتنقشع ولا يبقى منها شيء بعد ذلك اه نقف مع الفوائد على وجه اجمال هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من ابرز فوائده ان الجزاء من جنس العمل فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر جملة من الاعمال وجعل بجزائها واجرها ما يكون من جنس ما وقع من اصحابها من نفس عن مؤمن كربة من كرب يوم القيامة نفس الله عنه كربة من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة آآ من ثالثة ومن ستر مسلما ستره الله تعالى في الدنيا والاخرة آآ ثم قال وما او كان العبد والله في عون العبد ما كان العبد بعون اخيه ومن سلك طريقا كل هذا الجزاء فيه من جنس العمل ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة فالجزاء من جنس العمل ثم من فوائد هذا الحديث فضل هذه الاعمال التي جاء النص عليها وانها من الاعمال الصالحة التي يتقرب بها الى الله عز وجل وتعلو بها الدرجات. وترتفع بها المنازل ومنها ان من اعظم الكرب على الانسان الديون ان من اعظم الكرب على الانسان الديون ولذلك نص عليها مع انها مندرجة في قول من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن فوائد الحديث فضيلة السعي في التفريج عن اصحاب طوائق والهموم بكل ما يزيل عنهم او يخفف فالتنفيس يشمل الازالة الكلية للكرب ويشمل التخفيف فان تخفيف الكرب من تنفيسه وفي من فوائد وفيه من الفوائد ان التيسير على المعسر عظيم الاجر كان يدرك خيره في الدنيا وفي الاخرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم يسر الله عليه في الدنيا والاخرة وفيها ان الاجزاء على العمل الصالح لا يقتصر على الاخرة بل منه ما يكون في الدنيا وهذا من عاجل بشرى المؤمن ان يجد جزاء عمله في الدنيا ولا ينقصه من جزاء الاخرة شيء قال الله تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة فجعل من جزاء الايمان والعمل الصالح ان يدرك الانسان حياة هنيئة كما ان المعصية توجب الكدر والضيق في الدنيا قال الله تعالى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى والايات في هذا كثيرة التي فيها بيان جزاء الاعمال الحسنة في الدنيا وجزاء الاعمال السيئة في الدنيا قبل الاخرة وفيه من الفوائد فضيلة التيسير بانواعه سواء التيسير بالاسقاط او التيسير بالانذار كما تقدم باسقاط الدين او بانظار من لا يستطيع الوفاء وفيه من الفوائد فضيلة الستر على المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم ستره الله في الدنيا والاخرة وفيه من الفوائد فضيلة الاعانة على البر والتقوى وعلى المباح من العمل لقوله والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه ولم يذكر موضوع العون فيشمل كل ما ما يحتاج فيه الى اعانة من مصالح الدنيا ومن مصالح الاخرة من البر والتقوى ومن المباحات فان الاعانة على المباح مما مما يدرك به الانسان اجرا فانها نوع من الاحسان. والله يحب المحسنين وفيه من الفوائد فضيلة الاجتهاد في طلب العلم وطرق السبل والطرق الموصلة اليه حيث قال ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به سهل الله له به طريقا الى الجنة وفي ان العلم لا ينال براحة الجسد بل لابد فيه من عمل وظرب في الطرق التي يصل بها اليه فالعلم لا يأتي فالعلم لا يأتي الى الانسان وهو جالس في مكانه بل العلم يؤتى ويسار اليه ولذلك قال ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما فينبغي لطالب العلم ان يحتسب الجهد الذي يبذله الجهد الذي يبذله في تحصيل العلم وانه على خير وانه في طريق الى الجنة ما دام قد صلحت نيته صلح مقصوده واجتهد في نيل العلوم التي تقربه الى الله عز وجل وفيه ان الجنة لا يوصل اليها بالجهل بل لا يوصل اليها الا بالعلم فاذا كان سلوك الطريق لالتماس العلم يسهل الله تعالى به طريقا الى الجنة فكيف بادراكه وتحصيله لا شك ان ادراك العلم وتحصيله من الموجبات الكبرى للفوز في الدنيا والاخرة يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات ان الله يرفع بهذا القوم ان الله يرفع بهذا القرآن اقواما ويضع اخرين كما جاء في الصحيح وفيه من الفوائد فضيلة التعلم في المساجد حيث قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله وان التعلم في المساجد له من المزايا ما ليس لغيره لكن هذا لا يقصر الفضل على التعلم في المساجد بل جاء في حديث ابي هريرة ان ذلك الفظل ثابت لكل من اجتمع على كتاب الله تعالى لتلاوته ومدارسته ولو لم يكن في المساجد فدل ذلك على ان هذه الفظيلة افضل ما تكون في المساجد لكن ان حصل ان اجتهد الانسان في التعلم في غير المساجد فانه يدرك بذلك خيرا وفيه من الفوائد ان الاجتماع على كتاب الله تلاوة وفهما وتعلما ومدارسة يفتح للانسان ابواب خير كثيرة فبه يدرك السكينة وبه يدرك الرحمة وبه يدرك صحبة الملائكة وبه يفوز بذكر رب العالمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وذكرهم الله فيمن عنده هذي جملة من الفوائد التي تضمن هذا الحديث وكلها يدل على عظيم الاجر المرتب على هذا العمل والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد