الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين. وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين هذا الدرس يعتبر خاتمة لكتاب الجنايات ولله الحمد والمنة وسوف اشرح فيه كلية واحدة تتكلم عن باب من اواخر ابواب الجنايات وهو باب القسامة وباب القسامة فيه كلية واحدة تقول هذه الكلية كل قتل مقرون باللوث كل قتل مقرون باللوث مجهول مجهول عين فاعله فتشرع فيه القسامة على صفتها الشرعية اعيدها مرة اخرى. كل قتل مقرون باللوث مجهول عين فاعله فتشرع فيه القسامة على صفتها الشرعية فتشرع فيه القسامة على صفتها الشرعية والكلام على هذه الكلية في جمل من المسائل منها ان قلت وما القسامة اصلا فاقول القسامة مأخوذة من القسم او القسم واما في اصطلاح الفقهاء فهي ايمان مكررة في دعوى قتل معصوم ايمان مكررة في دعوى قتل معصوم ومنها ان قلت وما الاصل فيها اقول الاصل فيها اتفاق الفقهاء على مشروعيتها فقد اجمع فقهاء الاسلام على القول بها وقد كانت من جملة عادات الجاهلية قبل الاسلام وجاء الاسلام واقرها على ما هي عليه في الجاهلية وقد روى الشيخان في صحيحيهما من حديث سهل ابن ابي حثمة ورافع ابن خديج رضي الله عنهما ان محيصة ابن مسعود وعبدالله ابن سهل انطلقا الى خيبر اي الى يهود وتفرقا في النخل بمعنى ان هذا ذهب الى جهة والاخر ذهب الى جهة اخرى قال فوجد فوجد عبد الله بن سهل يتخبط في دمائه ميتا فاتهموا به اليهود فجاء اخوه عبدالرحمن ابن سهل وابن عمه حويصة ومحيصة الى النبي صلى الله عليه وسلم يتهمون بقتله يهودا فانطلق عبدالرحمن اخوه يتكلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كبر كبر وفي رواية ليبدأ اكبر منكم فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة. فقال فاخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما جرى. فقال اتحلفون يمينا وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا يا رسول الله وكيف نحلف ونحن لم نرى ولم نشهد فقال فتبرأكم يهود بخمسين يمينا قالوا يا رسول الله وكيف نقبل ايمان قوم كفار قال فوداه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده اي من قبله فهذا هو الاصل في باب القسامة ومن المسائل ايضا ان قلت وما الحكمة من مشروعيتها ما الحكمة من مشروعيتها فاقول من باب حفظ الدماء وصيانتها عن الهدر فان كل جناية في الشرع لابد وان تكون مضمونة اما بقود او بدية فليس ثمة جناية على معصوم تكون هدرا وحتى يأخذ الجاني جزاءه. وحتى لا يتخوض الناس في دماء بعض بحجة ان احدا لم يره وقت القتل فجاءت القسامة لتسد تلك الثغرة وهي وان كانت من باب غلبة الظن. لان الذين سيحلفون فيها لم يروا ولم يشهدوا. ولكن هم بنوا حكمهم واتهامهم هذا على القرائن الظاهرة والشواهد المرئية فهو قتل بغلبة الظن. ومن المعلوم عند اهل العلم انه متى ما تعذر اليقين فاننا نصير الى غلبة الى غلبة الظن فلا بد من حفظ الدماء باي طريق. ولابد من سد الابواب على المجرمين الذين يحرصون على الا يعرف امرهم وقت القتل جاءت تلك القسامة لتسد تلك الثغرة لان من مقاصد الدين الضرورية حفظ الدماء ومن المسائل ايضا ان قلت ما صورتها ما صورتها ما صورتها فاقول صورتها ان يوجد قتيل بين ظهراني قوم ولا يعرف عين قاتله وتشهد الدلائل والقرائن الظاهرة ان فلانا هو الذي قتله فيأتي اولياء الدم للحاكم. ويحلفون خمسين يمينا بان فلانا هو من قتل موليهم فحين اذ يستحقون دمه فان ابوا ان يحلفوا مع وجود التهمة فتنتقل الايمان الى اولياء المدعى عليه ليحلفوا خمسين يمينا بانه لم يفعل فان ابت الطرف الاول عن اليمين بالفعل وابى الطرف الثاني عن اليمين بعدمه فان ولي الامر حينئذ هو الذي يتولى ديته من عنده هذه صورتها ومن المسائل ايضا كيف ان ان قلت كيف يحلفون على شيء لم يروه ولم يشهدوه ان قلت كيف يحلفون على شيء لم يروه ولم يشهدوه فاقول القسامة مفرعة على قاعدتنا المعروفة لدينا وهي ان غلبة الظن كافية في التعبد والعمل فهو وان فات اليقين الا انه يبقى ما يفيد غلبة الظن فبما ان هؤلاء اتهموا هذا الشخص بقتل هذا الرجل من باب غلبة الظن فلا بأس عليهم ان يحلفوا على غلبة الظن فكما انه يجوز ان يحلف الانسان على الامر المتيقن فكذلك يجوز له ايضا ان يحلف على الامر المغلوب على الظن فيه ولان المتقرر في القواعد انه متى ما تعذر الاصل فانه يصار الى البدن وعندنا رجل مقتول بجناية ولا يمكن ان يكون هو الذي فعل ذلك بنفسه. فلابد من قاتل قام بهذه الجناية فاذا لم نجد القاتلة عين القاتل فاذا لم نحدد عين القاتل يقينا فلا اقل من ان ننتقل الى بدل اليقين وهو غلبة الظن فلا بأس باليمين اذا بناها صاحبها على غلبة على غلبة الظن ومن المسائل ايضا ان قلت وهل تجري القسامة في غير جناية القتل ان قلت وهل تجري القسامة في غير جناية القتل الجواب لا قسامة الا في قتل وبناء على ذلك فالجنايات فيما دون النفس كالشجاج في الرأس او الجروح في البدن لا تجري فيها القسامة فان القسامة على خلاف الاصل فنقتصر على الموضع الذي استثناه الشارع وهو القتل فقط ومن المسائل ايضا ان قلت ما معنى قولك في الكلية اللوث ما معنى قولك في الكلية اللوث الجواب المقصود به العداوة الظاهرة بين المجني عليه والجاني فلا يحل لاولياء الدم ان يتهموا رجلا لم تظهر بينه وبين المقتول عداوة فلا بد ان يكون المتهم بهذا القتل ان يكون بينه فلابد لابد ان يكون بينه وبين المقتول عداوة فهذه العداوة هي التي يسميها الفقهاء باللوث. ولذلك قلت في الكلية كل قتل مقرون باللوث اي مقرون بالعداوة الظاهرة ويفهم من تقييد الكلية باللوث انه لا تسمع دعوى القسامة على شخص ليس بينه وبين المقتول الاكل خير فلا بد من اللوث في صحة دعوا القسامة ومن المسائل ايضا ان قلت اظرب لنا امثلة على هذا اللوث ان قلت اضرب لنا امثلة على هذا اللوث فنقول الامثلة كثيرة منها ما هو قديم ومنها ما هو حديث فمن الامثلة القديمة ما كان بين الانصار ويهود خيبر فقد كانت بينهم عداوات ظاهرة يعرفها القريب والبعيد فلو وجد يهودي مقتول في بين ظهراني الاوس والخزرج لاتهم به الخزرج عفوا لاتهم به الاوس والخزرج. ولو وجد رجل من الانصار مقتولا بارض يهود لاتهم به اليهود لوجود العداوة الظاهرة. التي يشهد بها الجميع وكالعداوات التي تكون بين القبائل المتناحرة. والتي اشتهر تناحرها بين فئام القبائل الاخرى. فاذا او وجد فرد من افراد هذه القبيلة مقتولا في ارض القبيلة الثانية. فان اول من يتهم بقتله تلك القبيلة بوجود اللبث الظاهر اي العداوة الظاهرة ومن الامثلة ايضا ما يكون بين البغاة واهل العدل من اهل السنة والجماعة والذي يكون ايضا بين اهل السنة واهل البدع الذين يرون السيف على اهل السنة كالخوارج فلو وجد رجل من اهل السنة مقتولا في ارض الخوارج لاتهم الخوارج بقتله مباشرة لوجود العداوة الظاهرة ويمثل له ايضا بالعداوات بين الشرطة واللصوص فلو وجد شرطي مقتولا في ارض يعمرها اللصوص لاتهم هؤلاء اللصوص بقتله لوجود العداوة الظاهرة والامثلة على اللوث كثيرة ولكن لا بد ان يسمعها الحاكم وان يشهد على وجود هذا اللوث حتى يتأكد من وجود عداوة ظاهرة او لوث بين الجاني والمجني عليه ومن المسائل ايضا ان قلت ومن الذي يحلف هذه الايمان ومن الذي يحلف هذه الايمان الجواب يحلفها اولياء المقتول فان قلت ومن اولياؤه؟ الجواب اولياؤه في هذه الجزئية بخصوصها هم كل من يرثه تعصيبا استقلالا فايمان القسامة تخص عصبة القاتل استقلالا كابيه لانه يرث بالعصبة استقلالا واخوانه الاشقاء ولاب وابناءهم لانهم يرثونه بالعصبة استقلالا. وكأعمامه وابنائهم. لان هم يرثونه بالعصبة استقلالا فان قلت اولم تقرر لنا سابقا بان اولياء الدم هم كل وارث بالعصبة او بالفرق. فلماذا قصرتها هنا على عصبتي فقط الجواب ذلك لان ايمان القتل لا يقبل فيها شهادة النساء ايمان القتل لا يقبل فيها شهادة النساء فلا بد ان تكون متمخضة في الذكور وخصها اهل العلم رحمهم الله تعالى بالذكور الوارثين ها تعصيبا لانهم اولياؤه ومن المسائل ايضا ان قلت وكيف تقسم تلك الايمان بينهم وماشيين في التسلسل ان قلت وكيف تقسم هذه الايمان بينهم الجواب تقسم بينهم بالسوية فان كانوا خمسين فيحلف كل واحد منهم يمينا وان كانوا عشرة فيحلف كل واحد منهم خمسة ايمان وان كانوا عشرين فتقسم بينهم ويجبر الكسر فان قلت وما الحكم لو زادوا على الخمسين الجواب في هذه الحالة يختار القاضي منهم خمسين فقط فان قلت وما معيار هذا الاختيار؟ اذ كل واحد منهم يريد ان يثبت حقا موليه الجواب معيار الاختيار هو الصلاح والتقوى والصدق لانها ايمان سيراق بها دم. فكلما كان الاختيار واقعا على اهل الدين من اولياء المقتول واهل الصلاح والتقى والصدق كلما كان الحكم ادخل في باب العدل ادخل في باب العدل وبناء على ذلك فان قل اولياؤه عن الخمسين كررناها على الفرد بقدره وان زادوا على الخمسين اختار اختار القاضي منهم خمسين فقط ومن المسائل ايضا ان قلت لقد درسنا سابقا بان البينة على المدعي واليمين على من انكر. وفي باب القسامة اختلف الحال فصارت اليمين في حق المدعي فان اول ما تتوجه الايمان لاولياء المقتولين وفي الحقيقة انهم هم المدعون فكيف تكون فكيف تكون اليمين في جانبهم مع انهم المدعون وقد درسنا بان البينة بان المدعي عليه البينة الجواب المتقرر في القواعد ان اليمين في اقوى جانب المتداعيين المتقرر في القواعد ان اليمين في اقوى جانب المتداعيين. فان قوي جانب المدعي على المدعى عليه صارت اليمين في جانب المدعي وان قوي جانب المدعى عليه على الطرف الاخر صارت اليمين في جانبه. فليست اليمين في جانب المدعي مطلقا ولا في جانب المدعى عليه مطلقا. وانما هي في جانب اقوى المتداعيين واقوى المتداعيين في باب القسامة ها اولياء المقتول. وذلك لان المقتول وجد في ارض العدو فوجوده مقتولا في ارض العدو هذا اول ما يقوي جانبه الثاني ان بينه وبين من قتل بين ظهرانيهم. عداوة ظاهرة فاذا وجوده مقتولا في ارض العدو مع وجود هذه العداوة الظاهرة قرينة اضعفت جانب الطرف الاخر وقوت جانبا المدعين. فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بايمان ها بايمان المدعي جانبهم وبناء على ذلك فالقاعدة التي تقول بان البينة على المدعي واليمين على من انكر ليست قاعدة مطلقة بل قاعدة مقيدة في فيما لو كان جانب المدعى عليه اقوى. ولذلك لو ان المدعي لم يأت ببينته وطلبت اليمين من المدعى عليه فنكل فنقوله يضعف جانبه فتنتقل اليمين الى جانب المدعي لقوة جانبه بنقول المدعى عليه فهمتم هذا طيب ومن المسائل ايضا ان قلت وهل في القسامة قصاص ام الدية فقط ان قلت وهل في القسامة قصاص ام يقتصر في القسامة على الدية فقط الجواب هذه المسألة محط رحال خلاف اهل العلم رحمهم الله تعالى فذهب جمع من اهل العلم ان القصاص يدخل في باب القسامة. بمعنى انه متى ما حلف اولياء خمسين يمينا ان فلانا هو القاتل فانه يسلم لهم ليقتلوه. طبعا بامر الحاكم ففي القسامة قصاص على قول بعض اهل العلم وذهب جمع من اهل العلم الى انه لا قصاص في القسامة وانما يكتفى فيها بدفع الدية فقط لان القتل لابد وان يكون على بينة اوضح من شمس النهار فان الاصل في الدماء العصمة يقينا. واليقين لا ينقض الا بيقين. فلا يجوز ان نستبيح دم انسان بمجرد غلبة ظن فهما قولان قيلا في هذه المسألة فان قلت ومن الراجح عندك فيها؟ فاقول كلاهما على حسب اجتهاد الحاكم فالحاكم امرأة القرينة ووضوح اللوث وامكان صدق التهمة ويتأيد ذلك بالايمان فحين اذ لا جرم ان حكمه بالقصاص له ممدوحة ولذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في باب القسامة قال انه قال لهم اتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم اي بالقصاص وفي رواية في الصحيحين اتحلفون خمسين يمينا في دفع لكم برمته برمته يعني بكل بكله. اي للقصاص فمتى ما قويت عند الحاكم القرينة. وصار اللوت ظاهرا وتأيد هذا بخمسين يمينا من اهل الصدق والعدل من اولياء فلا جرم ان حكمه بالقصاص له ممدوحة وله دليله واما اذا رأى الحاكم تلكؤا الاولياء في الايمان او ضعف القرائن او ان اللوث غير ظاهر. ولا يوجب القتل. فحينئذ يسقط القصاص لوجود الشبهة ويكتفي بالدية. ولذلك ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم دفع الدية في عبد الله ابن سهل. قال وذاه النبي صلى الله عليه وسلم بل قال اما ان يدوا صاحبكم واما ان يؤذنوا بحرب فانت ترى ان الامرين قد ثبتا عن النبي صلى الله عليه وسلم والمتقرر في القواعد ان اعمال الدليلين اولى من اهمال احدهما ما امكن والمتقرر في القواعد ان الجمع بين الادلة واجب ما امكن واعمال الكلام او لا من اهماله. فنقول كلا الامرين يحتمل في القسامة. ولكن يختلف على حسب اختلاف في نظر الحاكم في القضية على ما يراه من قوة القرينة واللوث فنكون بذلك قد جمعنا بين الادلة ولله الحمد ومن المسائل ايضا ان قلت وما الحكم اذا تعذرت الايمان من كلا الطرفين ان قلت وما الحكم فيما لو تعذرت الايمان من كلا الطرفين الجواب تسقط الدعوة ويتولى ولي الامر دفع الدية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما تعذرت الايمان من اولياء الدم بحجة انهم لم يروا ولم يشهدوا وتعذرت الايمان من يهود بحجة انهم قوم كفار تولى النبي صلى الله عليه وسلم دفعا دية عبد الله ابن سهل من بيت مال المسلمين. اخر مسألة في القسامة ان قلت ان قلت وهل من شرط صحة سماع الدعوى تعيين القاتل ام يقال قتله رجل من هذه القبيلة هل لا بد من التعيين ام يقبل فيها الاجمال الجواب لا يقبل الاجمال والجهالة في دعوى القسامة ابدا بل لا بد من تعيينه سواء اكان القاتل فردا او جماعة حتى لو قال اولياء المقتول نحلف بالله العظيم بان فلانا قتله هؤلاء الثلاثة. زيد وخالد وعمرو. فيقتلون به لكن لا بد من التعيين سواء اوقع التعيين على فرد بعينه او جماعة واما الاجمال والابهام فان هذا غير مقبول في باب القسامة وبذلك نكون قد انتهينا ولله الحمد والمنة من كتاب الجنايات ولعل هذه المسائل توضحت لكم ان شاء الله شيئا من مسائل كتاب الجنايات نسأل الله ان ينفعنا واياكم بما نقول ونسمع وان يجعلنا واياكم من العلماء العاملين