الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد لقد انتهينا في الدروس الماضية من كليات كتاب الجنايات ولله الحمد والمنة وندخل في هذا الدرس في كليات كتاب جديد يقال له كتاب الحدود والحد في اللغة هو المنع والفصل بين الشيئين كما قال ابن منظور في لسان العرب اصل الحد المنع والفصل بين الشيئين واما في الاصطلاح الشرعي فان الحد يأتي على معنيين سوف تأتي فيها كلية توضحها ان شاء الله تعالى لكن الفقهاء يعرفونه باصطلاحهم الخاص باصطلاحهم الخاص بانها عقوبات مقدرة شرعا على بعض الجرائم عقوبات مقدرة شرعا على بعض الجرائم فقولهم عقوبات مقدرة يخرج التعزير فان التعزير وان كان عقوبة الا انها عقوبة غير مقدرة وقوله شرعا يعني ان هذا التقدير توقيفي فلا يجوز الاجتهاد فيه ابدا كما سيأتي في كلية خاصة وقوله على بعض الجرائم دليل على ان هذه الحدود لا تخص كل جريمة وانما تخص جرائم دون دون جرائم وفي باب الكليات وفي باب الحدود كليات وفي باب الحدود كليات الكلية الاولى كل حد في القرآن فيراد به كل حد في القرآن فيراد به فعل المأمور مطلقا وترك المحظور مطلقا كل حد في القرآن فيراد به فعل المأمور مطلقا وترك المنهي مطلقة وهذا يبين لك ان للحدود اطلاقين في الشرع اطلاق في لفظ الكتاب والسنة واطلاق في كلام الفقهاء وفي الاعم الاغلب ان اصطلاح القرآن والسنة اوسع من اصطلاحات الفقهاء فمتى ما مرت عليك حدود الله في القرآن والسنة فانه لا يراد بها الحدود الخاصة التي يتكلم عنها الفقهاء وانما يراد به فعل المأمور او ترك المحظور فاقامة الصلاة من حدود الله وتركها مما حرم الله من محارم الله واداء الزكاة من حدود الله واقامة الحد من حدود الله وصيام شهر رمضان من حدود الله وترك الزنا من حدود الله وترك السرقة وشرب الخمر من حدود الله ولذلك قال الله عز وجل في كتابه كثيرا اذا ذكر جملا من المنهيات فانه يقول بعدها تلك حدود الله او يذكر جملا من المأمورات ويقول بعدها تلك حدود الله فلما ذكر الله عز وجل تقسيم الفرائض في سورة النساء قال تلك حدود الله اي تلك اوامره التي فرض عليكم طاعتها ولما تكلم الله عز وجل عن احكام الطلاق ومتى تبين المرأة ومتى يجوز للزوج مراجعتها؟ قال ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه وقال الله عز وجل في شأن الخلع فان خفتم الا يقيما حدود الله اي الواجبات الزوجية فيما بينهما والتي امر بها الزوج لزوجته او امرت بها الزوجة لزوجها وهي المأمورات الشرعية فلا ينبغي حصروا الحدود المذكورة في القرآن بالحدود التي يتكلم عنها الفقهاء وانما معناها اعم واوسع فيدخل فيها كل مأمورات الشرع فهي حدود الله وكل محظورات الشرع فهي حدود الله القاعدة الثانية او الكلية الثانية كل الحدود جوابر وزواجر كل الحدود زواجر وجوابر او اعكس كل الحدود الزواجر وجوابر فهي زواجر بالنسبة لمن وقع فيها وبالنسبة للمجتمع الذي وقعت فيه ولذلك يقول الله عز وجل في شأن اقامة حد الزنا وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين وليس المقصود به فضيحة الزاني وانما المقصود به اعتبار المجتمع بهذه العقوبة الزاجرة ولذلك متى ما عطلت حدود الله عز وجل في مجتمع من المجتمعات الا وتجد الفواحش تكثر فما صلح مجتمع لا تقام فيه حدود الله عز وجل فاعظم اسباب الصلاح في المجتمع اظهار هذه الحدود واشهارها امام الناس حتى يزدجر المجتمع عن عن مواقعة مثل هذه الجرائم واما قولنا وجوابر اي بمعنى انها كفارات لمن اقيمت عليه فاذا فعل الانسان شيئا من مقتضى او موجبات هذه الحدود فاقيم عليه موجبها فان مجرد اقامتها عليه توجب الكفارة بمعنى ان من زنى واقيم عليه حد الزنا فان ذنب الزنا واثم الزنا يمحى من صحيفته فلا يبعث زانيا يوم القيامة ولا يحاسب على الزنا يوم القيامة والدليل على ذلك ما في الصحيحين من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنهما قال كنا حول النبي صلى الله قال اخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم قال كنا حول النبي صلى الله عليه وسلم فقال بايعوني على الا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا اولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم وارجلكم ولا تعصوا في فمن وفى منكم فاجره على الله ومن اصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له. وهذا الشاهد ومن اصاب من ذلك شيئا فستره الله كان امره الى الله عز وجل ان شاء عاقبه وان شاء عفا عنه. او كما قال صلى الله عليه وسلم وفي الحديث الاخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم لقد تابت توبة لو قسمت بين اهل المدينة لوسعتهم وفي رواية اخرى لو تابها صاحب مكس لقبلت منه وايضا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك من اصاب ذنبا فعوقب به في الدنيا فالله اكرم من ان يثني عليه العقوبة يوم القيامة. حديث حسن ولكنها ولكنها جوابر فيما بين العبد وبين ربه بضوابط وشروط سوف يأتينا في الكليات القادمة شرحها باذن الله عز وجل فان قلت وهل يعاقب عليها العبد يوم القيامة؟ الجواب لا يعاقب عليها ابدا فان قلت وهل تكون كفارة له بمجرد اقامتها او لابد ان تكون مقرونة بتوبته الجواب هي كفارة له بمجرد اقامتها فان ايدها بالتوبة الصادقة النصوح فتكون كفارة من الجهتين جميعا فان قلت وكيف نجمع بين هذه الاحاديث التي ذكرتها من انها جوابر وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الامام الحاكم وصححه الحافظ ابن حجر لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الحدود فقال لا ادري الحدود كفارة لاهلها او لا او كما قال صلى الله عليه وسلم فهنا يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم علمه هل هذه الحدود تعتبر كفارة لاهلها او لا الجواب الجمع بينهما هو تقديم الجازم على المشكوك فيه فاذا ورد عندنا حديثان احدهما خرج بصيغة الجزم والاخر خرج بصيغة التردد او السؤال فلا جرم اننا نحمل المحتمل على الصريح والمتشابه على المحكم فيحمل قوله صلى الله عليه وسلم لا ادري الحدود كفارة لاهلها او لا على انه لم يصله او لم يبلغه وحي في ذلك ويحمل حديث عبادة والاحاديث المذكورة معه على ان الوحي قد جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم مخبرا مخبرا بانها اي كفارات لمن وقع فيها فان قلت وهل تعتبر كفارة حتى وان كان فيها شائبة لحق المخلوق كالسرقة والقذف الجواب المتقرر في القواعد ان الكفارات انما تكون فيما بين العبد وبين ربه من الحقوق فاذا اقيم الحد على السارق سقط الحق فيما بينه وبين الله وكفر ذنبه فيما بينه وبين الله. ولكن يبقى حق المسروق مربوطا في رقبته حتى يؤديه في الدنيا او يؤديه يوم القيامة وكذلك القذف فاذا قذف انسان غيره فان ثم اقيم عليه حد القذف فانه يعتبر كفارة فيما بينه وبين الله. ولكن يبقى حق المقذوف لابد ان يعتذر له ولابد ان يبين كذبه فيما ادعاه عليه او انه سينال حقه يوم القيامة فاذا قلنا بان الحدود جوابر انما نعني بها كفارات فيما بين العبد وبين ربه من الحقوق. واما فيما بين العبد والاخرين من الحقوق فهذه لابد ان يؤدي العبد ما عليه من حقوق المخلوقين الكلية الثالثة كل الحدود على اصل التوقيف اصالة ووصفا كل الحدود على اصل التوقيف اصالة ووصفا فلا يجوز لنا ان ننشئ حدا من قبل انفسنا ولا صفة اقامة لحد من قبل انفسنا لان هذه الحدود انما تتلقى من دليل الشرع فما فلا حق لاحد ان يخترع شيئا مما يتعلق بهذه الحدود الا وعلى ذلك دليل من الشرع وبناء على ذلك فلا يجوز ترتيب حد على عقوبة الا بدليل صحيح صريح ولا يجوز اختراع صفة لاقامة حد من الحدود الا وعلى ذلك دليل صحيح صريح ولا يجوز ابدال هذه الحدود بعقوبات اخرى كما سيأتي ان شاء الله في الكليات القادمة ولا يجوز الانقاص عن صفة اقامتها ولا يجوز الزيادة على صفة اقامتها المقررة في الدليل لماذا؟ لانها توقيفية باعتبار الاصل وباعتبار الصفة فالحدود كلها على اصل التوقيف اصالة وصفة ولعل هذا واضح الكلية الرابعة كل الحدود من شأن السلطان اثباتا واقامة كل الحدود فمن شأن السلطان اثباتا واقامة ودليل هذه الكلية اتفاق العلماء عليها فقد اتفق اهل العلم على ان اقامة الحد امر مختص بالسلطان او نائبه وهكذا دواليك في كل الفروع ولكن كون الشبهة ضعيفة او قوية الذي يقدر ذلك من له حق البت في هذا في هذه القضية وهو القاضي او الحاكم ومن الكليات ايضا كما قال الامام احمد فيه خصائص السلطان قال وقسمة الفيء واقامة الحدود الى الائمة ماض ليس لاحد ان يطعن عليهم فيه ولا ان ينازعهم عليه وقال الامام القرطبي رحمه الله تعالى لا خلاف بين اهل العلم ان القصاص في القتل لا يقيمه الا اولوا الامر الذين لفرض عليهم القيام به والنهوض به. وكذلك اقامة الحدود. لان الله خاطب المؤمنين بالقصاص ثم لا يتهيأ المؤمنين جميعا ان يجتمعوا على القصاص فاقاموا السلطان مقام انفسهم في اقامة القصاص وغيره من الحدود انتهى كلامه رحمه الله وقال الامام ابن رشد الحفيد رحمه الله واما من يقيم هذا الحد يعني حد شرب الخمر فاتفقوا على ان الامام يقيمه وكذلك الامر في سائر الحدود انتهى كلامه فان قلت وكيف تقام الحدود على الجاليات الاسلامية في بلاد الكفر فان بلاد الكفر لا سلطان فيها الجواب لا لا تقام الحدود في بلاد الكفر لعدم وجود السلطان او نائبه وانما يناصح من وقع في شيء من هذه الحدود ويذكر بالله عز وجل ويخوف من مغبة فعله ويؤمر بالتوبة فقط. فان استجاب فالحمد لله والا فيتولاه الله عز وجل يوم القيامة فلا حق لاحد لا رئيس مركز اسلامي ولا عالم من علماء المسلمين اذا كان في البلاد الكافرة ان يتولى اقامة شيء من هذه الحدود على تلك على هذه الجاليات الاسلامية لان اقامتها من خصائص السلطان او نائبه فالبلاد الكافرة التي ليس فيها سلطان من سلطان اسلامي هذه لا تقام فيها الحدود فان قلت وهل يجوز ان يقيمه الوالد على ولده فيما لو ثبت عنده؟ الجواب لا يجوز ذلك فليس للوالد ان يقيم شيئا من هذه الحدود على ولده حتى وان ثبت الحد عنده بطريق قطعي لانها من خصائص السلطان فان قلت وهل يقيمه السيد على من تحت يده من العبيد والارقاء فاقول في هذه الجزئية نعم ولذلك لورود الاستثناء الخاص في هذه الصورة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث قال صلى الله عليه وسلم اذا زنت امة احدكم فتبين زناها فليجلدها الحد وفي رواية ولا يثرب ثم ان زنت فليجلدها الحد ولا يثرب ثم ان زنت فليبعها ولو بظفير او كما قال صلى الله عليه وسلم ويقول صلى الله عليه وسلم اقيموا الحدود على ما ملكت ايمانكم وبناء على ذلك فهذه الاحاديث تعتبر كالاستثناء من هذا الاجماع القطعي المذكور انفا فللسيد ان يقيم هذه حد الزنا على على امته او على رقيقه اذا ثبت عنده. شريطة ان يكون السيد عالما فقيها بكيفية الاقامة والواجب فيه فان كان جاهلا بكيفية الاقامة او بصفتها فانه لا يحل له ان يقيم شيئا من ذلك ابدا حتى لا يتخبط في اقامته فان قلت وهل هذا المستثنى انفا خاص بجريمة الزنا ام عم ام عام في كل الحدود بمعنى هل السيد هل للسيد ان يقيم حد شرب الخمر على رقيقه او حد السرقة على رقيقه الجواب في ذلك خلاف بين اهل العلم والقول الاقرب انه يقيم الحدود كلها اذا كان عالما بكيفية وصفة اقامتها للعموم في قول النبي صلى الله عليه وسلم اقيموا الحدود على ما ملكت ايمانكم فقوله الحدود جمع دخلت عليه الالف واللام الاستغراقية فيدخل في ذلك كل ما يسمى حدا فان قلت وكيف نفعل بالاحاديث التي خصت اقامة الزنا فقط؟ حد الزنا فقط فنقول نجمع بينهما بقاعدة التنصيص يعني بمعنى انه يجوز للسيد اذا كان عالما بكيفية اقامة الحد ان يقيم الحدود على ارقائه ومن تحت يده لا سيما اذا وقعوا في حد الزنا وذلك لان حكم العام يتفق ما حكم الخاص وانتم تعرفون ان المتقرر في القواعد ان ذكر العام ببعض افراده تنصيص وليس بتخصيص فان قلت وهل يجوز للانسان اذا وقع في شيء من الحدود ان يقيمه هو على نفسه الجواب لا يجوز له ذلك لعدم وجود ما يستثني هذه الصورة من الاجماع القطعي المنعقد فيها فلا حق لاحد ان يقيم الحد على نفسه ولا تبرأ ذمته فيما لو اقامه على نفسه لان الحدود اقامة واثباتا من شأن السلطان فلا ينبغي لاحد ان يقيمها على احد ولا ان يقيمها الانسان على نفسه والله اعلم الكلية الخامسة كل شبهة مقبولة شرعا فيدرأ بها الحد كل شبهة مقبولة شرعا فتدرأ الحد او فيدرأ بها الحد ودليل هذه الكلية الاجماع والاحاديث التي تصح بمجموعها لانها وان كانت في احادها ضعيفة الا انها تتقوى بثلاثة امور تتقوى بان الفقهاء تواردوا على العمل بها وتتقوى لوقوع الاجماع مؤيدا لمقتضاها وتتقوى لان الامة تلقتها بالقبول فقد اجمع العلماء رحمهم الله تعالى على انه متى ما طرأت شبهة مقبولة شرعا على شيء من الحدود فانها تسقطه لان الاصل براءة ذمة الانسان من موجبها فلا نقيم الحدود الا في دائرتين في دائرة القطع او في دائرة غلبة الظن الراجح واما في دائرة الشك او ما يوجب الوهم فاننا لا نقيم الحد عليه ولذلك لما جاء ماعز معترفا بالزنا للنبي صلى الله عليه وسلم امر بعضهم ان يستنكهه وقال اتدري ما الزنا وقال دخل ذلك منك في ذاك منها؟ وقال في بعض الروايات انكتها لا يكني كل ذلك من باب درء الشبهات وفي بعض الروايات قال ابك جنون حتى سأل قومه عن عقله فقالوا هو من اعقلنا ولكن ليس كل شبهة ترد على حد تسقطه بل لا بد ان تكون شبهة مقبولة باعتبار اصول الشرع وقواعده واجتهاد الحاكم فيها وبناء على ذلك اختلف العلماء فيما لو حملت امرأة وليست ذات زوج ايقام عليها الحد بمجرد الحبل ام لا الجواب فيه خلاف بين اهل العلم رحمهم الله والقول الصحيح هو ان الحد يقام عليها ما لم تدعي شبهة لقول النبي صلى الله لقول عمر رضي الله تعالى عنه فيما يرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم الا ان الرجم حق حتى الى ان قال او كان الحبل او الاعتراف فالحمل قرينة قوية على وجود البطء فان كانت ليست بذات زوج ولم تدعي شبهة فاننا نقيم عليها الحد بالحبل واما اذا ادعت شبهة فاننا حينئذ ندرأ عنها الحد لان الحد يدرأ بالشبهة كأن تقول تمسحت بمنديل ثم حملت بعده او تمسحت بخلقة ثم حملت بعده وانتم تعرفون قصدي او تدعي بانها مكنت فلانا في ظلمة ظنا منها انها انه زوجها او انها تدعي بانها غصبت او اكرهت على هذا الزنا واقامت البينة فمتى ما ادعت شبهة فاننا ندرأ عنها الحد بهذا الامر ومنها ايضا اختلف العلماء في اقامة الحد على المكره على الزنا فهل يدخل الاكراه في الزنا على اقوال لاهل العلم والقول الصحيح ان الاكراه شبهة قوية تجعلنا ندرأ الحد عن الزاني واما قولهم بان الذكر لا ينتشر مع الاكراه فان هذا ليس بصحيح فقد ينتشر الذكر والانسان مكره وخائف فمن ادعى الاكراه على الزنا رجلا كان او امرأة فاننا نجعلها في حل اذا ظهرت القرائن على صدق هذه الدعوة ومنها ايضا ما رأيكم في رجل جامع زوجته المختلعة منه ظنا منه ان ان عدة الخلع ليست ايش ليست يعني لا تمنع الوطأة كعدة كعدة الطلاق الاول او الثاني الجواب لا جرم ان هذا من الشبه العظيمة فاذا ادعى بانه كان جاهلا وانه كان يظن انه يجوز له مراجعتها وهي في عدة خلعها فاننا نقبل منه ذلك ونزجره او نعزره بما يردعه وامثاله عن عن مواقعة ذلك. ولكن لا نقيم عليه الحد لان الحدود تدرأ بالشبهات ومنها ايضا ما الحكم في رجل جامع زوجته في عدة الطلاق الثالث ظنا منه انها لا تحرم عليه بالبينونة الكبرى الا بعد خروجها من عدته الجواب لا بأس بذلك في درئه للحد لانها شبهة قوية لا سيما اذا صدرت ممن وتصوروا منه ان يجهل مثل هذه المسألة ومنها ايضا ما الحكم فيما لو جامع الاعمى امرأة وجدها على فراشه ثم ادعى انه خدع الجواب لا شك ان هذا من الشبه التي تجعلنا ندرأ الحد عنه هو ومنها ايضا لو سرق الوالد من مال ولده او سرق الولد من مال والده فان وجود شبهة الحق في المالين تجعلنا ندرأ حد السرقة عن الوالد والولد فقول النبي صلى الله عليه وسلم للوالد للولد انت ومالك لابيك هذه شبهة عظيمة وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم خذي من ماله ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف ايضا هذه شبهة ووجود شبهة الاستحقاق في مال الولد لوالده او في مال الوالد لولده تجعلنا ندرأ ندرأ حد السرقة عنهم لوجود الشبهة بل عندنا كلية ستأتي لكن لا بأس ان نأخذ طرفة الفرع منها وهي ان كل نكاح مختلف في صحته فشبهة كل نكاح مختلف في صحته فشبهة. فلا حق لك ان تقيم الحد على رجل تزوج امرأة في نكاح قد اختلف العلماء فيه فمنهم من يصححه ومنهم من يبطله لان وجود الخلاف في نوعية هذا النكاح شبهة تجعلنا ندرأ الحد كل موجبات الحدود كبائر هذي ترى مقدمات في الحدود ها كل موجبات الحدود كبائر واظنها كلية واضحة فاننا معاشر اهل السنة والجماعة نعرف الكبيرة بعدة امور فكل ذنب لعن فاعله فكبيرة وكل ذنب ترتب عليه عقوبة في الاخرة بخصوصه فكبيرة وكل ذنب توعد عفوا رتب عليه حد في الدنيا فهو كبيرة وكل ذنب نفي نفي عن فاعله الايمان فكبيرة وكل ذنب قيل في صاحبه ليس منا فهو كبيرة وغير ذلك مما تعرف به الكبيرة وبما ان هذه الجرائم رتب الشارع عليها حدودا فان الواقع فيها يوصف بانه فاسق لانه مرتكب لكبيرة وكل مرتكب لكبيرة فيوصف بانه وصفوا بانه فاسق ولا اريد الاطالة عندها لوضوحها وان مات صاحبها وهو مصر عليها فاننا نعامله معاملة اصحاب الكبائر فلا نجزم له بالجنة ابتداء ولا بالنار ابتداء وانما هو تحت مشيئة الله عز وجل ان شاء غفر له كبيرته وادخله الجنة ابتداء وان شاء عذباه في النار بقدر كبيرته ثم يخرجه منها الى الجنة انتقالا لكننا نجزم بان اصحاب هذه الحدود ان ماتوا ولم يقم عليهم شيء منها في الدنيا ولم يتوبوا فانهم لا يخلدون في جهنم الخلود الابدي المطلق لان المتقرر في قواعد اهل السنة والجماعة انه لا يخلد في النار الخلود الابدي ممن احد معه اصل الاسلام والايمان كما قال صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا لا اله الا الله وفي قلبه وزن برة من خير ويخرج من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه وزنوا ذرة من خير بل لا يخلد في النار من في قلبه ادنى ادنى ادنى ذرة من خير فالموت على شيء من هذه الحدود او الجرائم لا يوجب الخلود الابدي في النار خلافا خلافا للوعيدية من الخوارج والمعتزلة الذين يجعلون صاحب الكبيرة في الاخرة ها كالكافر الكفر الاكبر والمشرك الشرك الاكبر وصاحب الكبيرة عند الوعيدية يوم القيامة خالد في النار الخلود الابدي دهر الدهارير وابد الاباد لا يخرج منها ابدا واذا قلنا بانها كبيرة فانها توجب الموالاة والمعاداة بقدرها لان المتقرظ في قواعد اهل السنة والجماعة ان فاعل المعصية ينقص من ايمانه بقدر معصيته فبقدر معصيته نبغضه ونصارمه ونعاديه ونبغضه وبقدر ما بقي معه من الايمان والاسلام نحبه ونواليه فهذه الحدود بما انها كبائر فهي لا توجب الخلود الابدي في النار وتدخل العبد تحت دائرة المشيئة ان مات مصرا عليها وتوجب المطلق البغضاء لا البغضاء المطلقة ومطلقا المصارمة لا المصارمة المطلقة لان صاحبها لا يخرج من دائرة الاسلام بالكلية خلافا للوعيدية من الخوارج والمعتزلة الذين يخرجونه من دائرة الاسلام بالكلية والكلام واضح الكلية السابعة كل من تكرر منه جرم من جنس واحد كل من تكرر منه جرم من جنس واحد كفاه موجب عن الجميع ما لم يقم عليه موجب الاول كل من تكرر منه جرم من جنس واحد كفاه عن الجميع موجب واحد ما لم يقم عليه موجب الاول وهذا الشأن فيمن كرر محظورا من جنس واحد وموجبه واحد فمن حلف مرارا على محلوف واحد كفاه عن الجميع كفارة واحدة ومن نذر المعصية مرارا كفاه كفارة واحدة ومن زنا مرارا. كفاه حد واحد ومن سرق مرارا كفاه حد واحد ومن شرب الخمر مرارا كفاه حد واحد ومن قطع الطريق مرارا كفاه حد واحد الا اذا اقيم عليه شيء من الحدود السابقة فان ارتكابه للحدود اللاحقة يوجب عليه موجب اخر يوجب عليه يوجب عليه موجب موجبا اخر والكلام في ذلك واضح الكلية الثامنة كل من تاب من حد فيسقط عنه ما لم تبلغ السلطان او تعلق به حق ادم كل من تاب من حد سقط عنه ما لم تبلغ سلطانا ولا او او ولم يتعلق بها حق ادم وهذه الكلية تتكلم عما اذا تاب من وجب عليه الحد فاذا ارتكب الانسان شيئا من موجبات الحدود ثم تاب التوبة الصادقة النصوحة المستجمعة لشروطها فهل توبته تسقط حده الجواب لا يخلو الحال من ثلاثة اقسام القسم الاول ان تكون جريمته الموجبة للحد مما يتعلق بشيء من حقوق الادميين فان توبته من الحد لا تسقط ما وجب للادمي عليه الثاني ان تتأخر توبته بعد القدرة عليه اي بعد القبض عليه فحين اذ لا تنفعه توبته فيما بيننا وبينه كما سيأتي بيانه ان شاء الله في كليات لاحقة الثالثة ان تكون توبته لا عفوا من حد لا شأن لادمي فيه وقبل بلوغها للسلطان فهذه التوبة هي التي تسقط عنه موجب الحد فاذا زنا ثم تاب الى الله عز وجل من الزنا فيما بينه وبين الله قبل القدرة عليه فان توبته الصادقة تسقط عنه موجب الحد الا اذا شاء هو بنفسه ان يطهره السلطان من هذا الحد فله ذلك واذا شرب الانسان الخمر ثم تاب من شربه التوبة الصادقة النصوحة المستجمعة لشروطها فان توبته صحيحة مليحة والدليل على هذه الكلية عموم الادلة الواردة في شأن التوبة وان الله اذا قبلها كفر بها ما اسرف به العبد على نفسه كما قال الله عز وجل قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا وهذه الاية من من الايات التي يعمل بها في الدنيا اجماعا وقال الله عز وجل والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من الا من تاب ولمفهوم المخالفة من قول الله عز وجل بعد ذكره حد قطاع الطريق قال الا الذين تابوا من قبلي ان اقدروا عليهم فيفهم من ذلك انهم ان تابوا بعد القدرة عليهم فلا ينفعهم توبتهم. فاذا كانت التوبة انتبه لا تنفع في الحالين فيكون ذكر القيد كعدمه واذا كانت نافعة في الحالين فيكون ذكره كعدمه فهذا القيد يبين ان التوبة التي تنفع صاحبها في سقوط الحد عنه انما هي التوبة قبل القبض فان قلت وهل هناك فرقان في هذه التوبة قبل وبعد؟ فاقول فرقان عظيم وذلك لان التوبة قبل القدرة عليه فيما بينه وبين نفسه هي توبة يغلب على الظن من قرينتها تمخضها لوجه الله عز وجل والندم على ما فعله في حق الله اذ ليس ثمة من يكرهه وليس ثمة من ينافقه او يتوسل اليه ليعفو عنه بهذه التوبة لكن بعد القبض عليه وقرب وقربه من العقوبة فان توبته تكون تكون تكون مشكوكا فيها فلا جرم ان التوبة قبل الضيق تختلف عن التوبة بعد التظييق فتوبته قبل القدرة عليه توبة توسع واختيار واما توبته بعد القبض عليه فغالبها ها توبة اضطرار توبة اضطرار ولان المتقرر في القواعد ان التوبة تجب ما قبلها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ولان المتقرر في القواعد ان التوبة لا يتعاظمها ذنب فاذا كانت التوبة تسقط الشرك الذي هو اعظم من هذه الحدود او من هذه الجرائم فاسقاطها لما دونها في الرتبة من باب اولى ولان المتقرر في القواعد ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له ولان النبي صلى الله عليه وسلم لما رجم ماعز باختياره وطلبه واذلقته الحجارة فر هاربا فتبعهم بعضهم بحجر فثرغ به رأسه. فقال صلى الله عليه وسلم وهذا هو الشاهد هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه فيتوب الله عليه وهذا في شأن من اقر فان من شرط اقامة الحد ثباته ها فان من شرط اقامة الحج ثباته على اقراره حتى يتم الحد وكذلك ايضا قال النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة الغامدية كما ذكرت لكم في كلية سابقة الكلية التاسعة كل حد بلغ للسلطان فلا يسقط منه شيء انا قلت لكم بتجينا في كليات المستثنىيات من الكلية السابقة ستأتينا في كليتين نختم بها الدرس كل حد بلغ للسلطان فلا يسقط منه شيء فاذا تأخرت توبته بعد بلوغ الحد السلطان فان توبته لا تنفعه فيما بيننا وبينه فلا تسقطوا فلا تسقط توبة فلا تسقط فلا يسقط بتوبته شيء من هذا الحد فلا تسقط الحدود بتوبة بعد القبض على صاحبها ولا يحل ان يسقطها الانسان بشفاعة فان الشفاعة في الحدود بعد بلوغ السلطان جريمة من الجرائم وسبب من اسباب هلاك الامم كما سيأتينا في كلية خاصة الدرس القادم ان شاء الله وللمفهوم من قول الله عز وجل الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليه فيفهم من هذا انه اذا قدرنا عليهم وتابوا فان توبتهم لا تعتبر مسقطة لما لشيء من حدودهم الواجبة عليهم وقد اجمع العلماء على ان الحدود لا تسقط بالتوبة بعد بلوغها للسلطان. فهي كلية اجماعية عند اهل العلم رحمهم الله تعالى فان قلت وهل نائب السلطان كالسلطان الجواب المتقرر في القواعد ان نواب كالسلطان وبناء على ذلك فالمحكمة سلطان منزلة منزلة السلطان بل والشرطة والنيابة؟ ايضا منزلة منزلة السلطان فاذا قبض على صاحب الحد بشيء من هذه الدوائر او الجهات الامنية فحينئذ تحرم الشفاعة في الاصح فان قلت قولك في الكلية لا تنفعه توبته هل هي على اطلاقها ام مقيدة؟ الجواب ليست على اطلاقها بل هي مقيدة فيما بيننا وبينه فقط واما فيما بينه وبين الله فالله ابصر بقلبه في توبته فنحن لا نمنعه من التوبة ولكن لا نسقط بتوبته بعد القبض عليه شيئا مما وجب عليه من اقامة الحد فالكلام في هذه الكلية ليس فيما يتعلق بين العبد وربه ليس في متعلقات التوبة بين العبد وربه وانما في متعلقات التوبة في ما بيننا وبينه فقط القاعدة الكلية الاخيرة كل حد يتعلق به حق الادمي فلا يسقط بالتوبة كل حد يتعلق به حق الادمي فلا يسقط بالتوبة. وهي من الكليات الاجماعية ايضا فقد اجمع العلماء على ان حقوق الادميين لا تسقط بمجرد توبة صاحب الحد ولان المتقرر في القواعد ان حقوق الادميين مبنية على المشاحة. ولان المتقرر في القواعد ان حقوق الادميين لا تدخل تحيز للمغفرة يوم القيامة بل لا بد ان يتقاص الخلق متعلقات حقوقهم في الدنيا او بين يدي الله عز وجل يوم القيامة. فحقوق المخلوقين من جملة الدواوين التي لا يغفرها الله بوعزة وجل واظننا بهذه الكليات قد استوفينا الواجب علينا في هذا الدرس واسأل الله عز وجل ان يوفقنا واياكم للعلم النافع والعمل الصالح. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين