الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون اما بعد الصلاة من اجل الاعمال واشرفها وليس في اعمال بني ادم من القربات والطاعات العملية والبدنية اشرف من الصلوات التي فرضها الله تعالى على اهل الاسلام ولهذا ميز الله تعالى الصلاة في فرضها عن سائر الشرائع ففرضها الله تعالى مباشرة بنفسه دون واسطة ليلة المعراج وهي اشرف الليالي للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا يدل على عظيم مكانتها وكبير منزلتها. حيث ان الله تعالى تولى فرض بنفسه والاخبار بتشريعها بنفسه للنبي صلى الله عليه وسلم دون واسطة. بخلاف سائر الشرائع فان فرضها جاء بواسطة الخبر من جبريل عليه السلام ومما تميز به فرض الصلاة عن سائر الشرائع والمفروضات ان الله تعالى افترضه ليلة المعراج والاسراء وهي ليلة شريفة عظيمة هي اشرف الليالي بالنسبة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لان الله تعالى خاصه وميز بما جعله يبلغ منزلة لم يبلغها احد من الخلق حيث انه صلى الله عليه وسلم رفع الله منزلته الى مقام سمع فيه صريف الاقلام اي صوت جريانها بكتابة الاقدار وكلمه كفاحا في ذلك المقام دون واسطة ومما ميز الله تعالى به فضل الصلاة ان الله لما فرض الصلاة فرضها على عباده خمسين خمسين صلاة في اليوم والليلة وهذا يدل على عظيم ضرورة الناس لهذه العبادة فان الله تعالى لا يكرر عبادة ويفرضها على وجه مكرر الا وهي مما في الناس ظرورة وحاجة الى فرضها. ولهذا تكرار الصلاة في اليوم والليلة خمس مرات ليس فقط لاظهار العبودية لله عز وجل انما لضرورة الناس الى هذه العبادة التي يحتاجونها مرات وكرات في يومهم لصلاح قلوبهم واستقامة دينهم صلاح احوالهم ولهذا فرضها الله خمسين الا ان هذه الشريعة بهذا العدد قد تشق على الناس مع حاجتهم اليها فلهذا لما اخبر موسى عليه السلام اخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فرض الله تعالى عليه من الصلوات اشار عليه بان يرجع الى ربه وان يسأله التخفيف لمشقة الصلاة وعظيم ثقلها على هذا الوجه على الناس فرجع نبينا صلى الله عليه وسلم الى ربه فسأله التخفيف حتى تكرر ذلك الى ان بلغ خمس صلوات في اليوم والليلة وهي خمس في العدد خمسون في الميزان بفظل الله ورحمته وعظيم احسانه وجليل كرمه فهي خمسون في الاجر والمثوبة. وهي خمس في العدد. كل هذا يدل على عظيم قدر الصلاة وكبير منزلتها وهي في الاسلام في الذروة من الشرائع. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم رأس امن الاسلام المقصود بالامر اي ما يتقرب به الى الله تعالى ويتعبد به له فقوله رأس الامر الاسلام اي رأسه الذي يصلح به ويستقيم الاخلاص لله هذا معنى الاسلام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة. ثم قال وعموده الصلاة. وهذا يدل على منزلة هذه العبادة في سائر اركان الاسلام وشرائعه. وانها كالعمود للبناء. والبناء لا يقوم الا بعمود فاذا ضعف العامود او هوى ضعف البناء او تهاوى. بهذا ينبغي ان يعرف المؤمن قدر هذه العبادة وان يحرص على اتقانها وادائها على الوجه الذي يرضى الله تعالى عنه به. ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا الامر الاول ان تكون صلاتك خالصة لله. فاخلص في صلاتك لله لا تبتغي اجرا ولا ثوابا الا منه سبحانه وبحمده. هذا هو الشرط الاول الذي يدرك به الانسان نفع الصلاة وبركتها واثرها في الدنيا والاخرة. اما الشرط الثاني الذي يتحقق به هذا الامر فهو ان تكون صلاتك على نحو صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. اي ان تتحرى ايها المسلم في صلاتك صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان النبي صلى الله عليه وسلم حرص على تعليم امته كيف يصلون؟ فبين لهم ذلك بالقول ببيان احكام الصلاة و واجباتها واركانها وشروطها وسننها وادابها وبين ذلك. بالفعل وحرص على ان تتلقى الامة عنه ذلك فقال صلوا كما رأيتموني اصلي. صلوا كما رأيتموني اصلي. وهذا تأكيد على وجوب العناية بصفة الصلاة التي كان يصليها صلى الله عليه وسلم. بعض الناس ليس له عناية بصفة الصلاة تجده يصلي كيفما اتفق لا يتحرى في ذلك معرفة كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وانا اقول لكل مصل يقف بين يدي ربه عظيم اجرك وكبير ثوابك يتحقق قدر اخلاصك وبقدر متابعتك للنبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاتك فاحرص ان تكون صلاتك كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يسير فان النبي صلى الله عليه وسلم بين صفة صلاته وقد نقل الصحابة الكرام كيف كان يصلي صلى الله عليه وسلم حتى اشارة اصبعه واضطراب لحيته وتقدمه وتأخره وقيامه وقعوده بل وقراءته في السر وفي العلن كانوا يتحرون التلقي عنه صلى الله عليه وسلم وفعل ما كان يفعل صلى الله عليه وسلم في صفة الصلاة فجدير بك ايها المؤمن ان تعتني بالصلاة فان ما معك من الدين بقدر ما يكون معك من اقامة هذه الشعيرة. نقرأ ما يسر الله تعالى من الاحاديث في بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ونجيب على ما يسر الله تعالى من الاسئلة في هذا اليوم وفي يوم غد فجرا ومغربا نسأل الله تعالى ان يرزقنا واياكم العلم النافع عمل الصالح نعم هذه الاوراق بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد مجموع على اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله. في كتابه بلوغ المرام من ادلة الاحكام قال رحمه الله تعالى في باب صفة الصلاة وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سجد احدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه. اخرجه الثلاثة وهو اقوى من حديث وائل رضي الله عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سجد وضع كبنتيه قبل يديه. اخرجه الاربع فان للاول شاهدا من حديث ابن عمر صححه ابن خزيمة وذكره البخاري معلقا موقوفا هذان الحديثان في صفة هوي النبي صلى الله عليه وسلم ونزوله للسجود كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوي وينزل بعد رفعه من الركوع للسجود والسجود من اشرف هيئات المصلي ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. وقد تقدم شيء مما يتعلق باحكام السجود وما يسجد عليه. لكن البحث في هذين الحديثين في بيان صفة نزول المصلي كيف ينزل المصلي للسجود؟ اعلم بارك الله تعالى فيك انه كيف ما نزل المصلي في سجوده فانه يجوز نزوله سواء كان قد نزل على ركبتيه او على يديه. فالخلاف بين اهل العلم في هل ينزل الانسان الى السجود على ركبتيه ام على يديه خلاف في الافضل واما ما يتعلق الصحة فانه يصح هذا وذاك على الراجح من قوله العلماء بل قد حكى بعضهم الاجماع على انه يجوز هذا وذاك وعلى كل حال جمهور العلماء ذهبوا الى ان المشروع للمصلي اذا اراد السجود ان يكون اول ما يصيب الارض منه ركبتاه ان يكون اول ما يصيب الارض منه ركبتاه. يعني ان ينزل على ركبتيه هذا الذي ذهب اليه جمهور العلماء وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية في مذهب الامام احمد استندوا في هذا الى حديث وائل بن حجر الذي ذكره المؤلف رحمه الله حيث قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سجد وظع ركبتيه قبل يديه اي اذا سجد في الصلاة وضع ركبتيه اول نزوله قبل يديه اي قبل ان تمس يداه الارظ وهذا الحديث اخرجه الاربعة وهم اصحاب السنن الترمذي وابو داوود والنسائي وابن ماجة من طريق يزيد بن هارون عن عاصم بن كليب عن ابيه عن وائل ابن حجر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان اذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه واذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه هذا الحديث قال عنه الترمذي حديث حسن غريب وقد رجحه جماعة من اهل العلم على حديث ابي هريرة المتقدم فقد قال الخطابي رحمه الله هو اثبت من حديث تقديم اليدين ورجحوا هذا بانه الارفق بالمصلي فان الارفق بالمصلي ان ينزل على ركبتيه قبل يديه فهو الموافق للطبيعة والعادة في تدرج النزول واما تقديم اليدين فهو مخالف الارفق وهو مخالف للطبيعة في النزول واستدلوا ايضا بالحديث المتقدم حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا سجد احدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وقالوا ان تقديم اليدين على الركبتين في السجود هو الصورة التي جاء نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها في قوله اذا سجد احدكم فلا كما يبرك البعير وقالوا بمجموع هذه المعاني السنة للمصلي اذا سجد ان يقدم ركبتيه على يديه الا ان يحتاج الى تقديم يديه لثقل او لمرض او لتوقي شيء او لغير ذلك من العوارض فان ذلك لا بأس به حينئذ وهو عارض وهذا القول هو الارجح من قوله العلماء فيما يتعلق بتقديم اليدين والركبتين هل يقدم اليدين ام يقدم الركبتين في السجود واما حديث ابي هريرة وهو الذي قدمه المؤلف وقال انه اوثق وهو قوله رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سجد احدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه فقد قال المصنف رحمه الله اخرجه الثلاثة وهم الترمذي وابو داوود والنسائي وقد رجحه رحمه الله في هذا السياق والذكر على حديث وائل بن حجر حيث قال هو اثبت وقوله هو اثبت لا يدل على انه صحيح بل هو دال على انه من حيث المقارنة بين الحديثين هذا الحديث اثبت عنده من الحديث الاخر وقد تكلم في هذا الحديث الامام البخاري رحمه الله اذ ان هذا الحديث رواه عبد العزيز بن محمد الداروردي عن محمد ابن عبد الله ابن الحسن عن ابي الزناد عن ابي الاعرج عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه وقد قال البخاري محمد بن عبدالله بن الحسن لا يتابع عليه وقال لا ادري استمع من ابي الزناد ام لا وهذا اشارة الى عدم ثبوته عند البخاري وقد قال عنه الترمذي رحمه الله حديث غريب لا نعرفه من حديث ابي الزناد الا من هذا الوجه وقد حسنه بعض اهل العلم وجود النووي اسناده وعلى كل حال هذا الحديث فيه ضعف في اسناده واضطراب في متنه فان بعض الرواة قال لا اذا سجد احدكم لا يبرك كما يبرك البعير ولم يذكر زيادة وليضع يديه قبل ركبتيه. وفي بعض الروايات وليضع يديه قبل ركبتيه والرواية التي ساقها المصنف وليضع يديه قبل ركبتيه. ولاجل هذا الاضطراب ضعف هذا جماعة من اهل العلم اضافة الى ما تقدم من من علة رواية محمد بن عبدالله بن الحسن وقد قال بهذا القول الامام مالك رحمه الله حيث رأى ان السنة للمصلي اذا اراد السجود ان يقدم يديه قبل ركبتيه في السجود. هذا مذهب الامام مالك رحمه الله وهو رواية في مذهب الامام احمد والصحيح هو ما عليه الجمهور من ان السنة في السجود تقديم اليدي الركبتين على اليدين تقديم الركبة على اليدين وفي هذا الحديث من الفوائد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن مشابهة الحيوان وهذا النهي جاء ثابتا عنه صلى الله عليه وسلم في احاديث عديدة حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بالحيوان في الصلاة في عدة مواضع. فنهى عن افتراش كافتراش السبع افتراش كافتراش السبع وهو ان يضع يديه حال سجوده الى مرفقيه على الارض. ونهى عن التفات كالتفات الثعلب وهو الالتفات الذي يختلس الانسان فيه النظر في صلاته وذلك انه من الشيطان كما قال صلى الله عليه وسلم لعائشة لما سألته عن الالتفات في الصلاة قال ذاك اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة احدكم وهو الالتفات الذي لا حاجة اليه ونهى صلى الله عليه وسلم عن كاقعاء الكلب وهو ان ينصب قدميه واجلس عليهما قال ذلك بعض اهل العلم وقال اخرون وهو الاصوب ان يباعد بين قدميه وينصبهما ويجلس في على الارض كذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقر كنقر الغراب. وهي الصلاة المنافق التي عابها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في صفة صلاة المنافق يرقب الشمس حتى اذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها اربعا لا يذكر الله لا يذكر الله فيها الا قليلا ونهى عن تحريك الايدي على صفة اذناب الخيل الشمس في الصلاة. اذ ان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا في الصلاة اذا سلموا اول الامر او ما باحد او ما احد بيده عند السلام. فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال كما لارى اراكم تومئون بايديكم كأنها اذناب خير شمس. فانتهوا عن تحريك ايديهم في الصلاة عند وكل هذا مما نهى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالحيوان في الصلاة. وليعلم ايها الاخوة ان النهي عن التشبه بالحيوان ليس مقصورا على الصلاة فحسب بل هو نهي عن التشبه التشبه بالحيوان في في كل الاحوال. في الصلاة وفي غيرها. في الصلاة وفي غيرها. فهو نهو نهي عام عن كل تشبه في كل حال والسبب في هذا ان الشريعة تنهى المؤمن عن ان يتشبه بالناقص لان المؤمن مطلوب منه الكمال فنهته الشريعة عن حال النقص من التشبه بالحيوان او التشبه الكافر او التشبه الفاسق العاصي او التشبه بالجاهل الجافي الجاهل الجافي. كل هذا مما جاء في الشريعة بالنهي عن التشبه فيه وسبب ذلك ان الشريعة جاءت بتكميل حال الانسان ورفعه. وسم والسمو به كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انما بعثت لاتمم صالح الاخلاق فكلما ينزل بالانسان عن السمو كل ما يهوي بالانسان عن الفضائل والمكرمات فان الشريعة نهت عنه اذ الشريعة جاءت برفع الانسان وتكريمه تطييب خصاله وابعاده عن كل من قصة وعيب هذا الحديث النهي فيه عن بروك كبروك البعير لان التشبه بالحيوان منقصة ويتأكد النهي عن ذلك حال الصلاة. يتأكد النهي عن ذلك حال الصلاة فانها حال تتطلب من الكمال والخشوع والزينة وحسن الهيئة ما يجافي ان يتشبه الانسان بالحيوان في شيء من صلاته سواء كان ذلك اقعام الكلب او التفات كالتفات الثعلب او نقر كنقر الغراب او تحريك اليد على نحو اذناب الخير الشمس او غير ذلك مما جاء النهي عنه